التليفزيون المصري يقدم منذ أكثر من ثلاثين عاما برنامجا أسبوعيا باسم "نادي السينما" يفترض أن يعرض فيلما متميزا ثم تجري مناقشة مع ناقد أو سينمائي بعد عرض الفيلم.
هذا البرنامج لم يدخل عليه أي تطور منذ السبعينيات. والمذيعة التي تقدمه هي نفسها درية شرف الدين التي تتحدى الزمن والجمهور طبعا، بعد أن كانت قد انتزعته منذ وقت مبكر، من بين يدي معده ومقدمه الأصلي الناقد يوسف شريف رزق الله، الذي هجر القناة الأولى تماما إلى غيرها من القنوات حتى تقاعد.
المشكلة أن درية شرف الدين التي عملت رقيبة على المصنفات الفنية في فترة ما، لا تعرف كيف تبتكر أو تنوع أو تطور في تقديم هذا البرنامج الجامد الجاف الذي لا أظن أنه مازال يجذب أحدا بعد انتشار القنوات الفضائية الأجنبية والعربية التي تعرض الأفلام الأحدث والأفضل، بل والأكثر جرأة طبعا.
فبرنامج الست درية لا يقدم إلا الأفلام الأمريكية التقليدية القديمة التي اشتراها التليفزيون المصري بتراب الفلوس، أو أهديت له من الشركات الأمريكية بقرار أمريكي غير مكتوب، للترويج للثقافة الأمريكية التقليدية في أدنى اشكالها وأكثرها بساطة (السياسيون الأمريكيون يتصورون أن المصريين مجموعة من الفلاحين الذين لا يعرفون من الحداثة شيئا). ومعروف أن 90 في المائة من البرامج والأفلام التسجيلية والوثائقية والدرامية تهدى من الولايات المتحدة مجانا لتليفزيونات "العالم السادس" ومنها التليفزيون المصري، الذي يتلقف هذه الأعمال ويحتفي بها، لا لسبب إلا لأنها أمريكية أولا، و"ببلاش" ثانيا، وأبو بلاش كتر منه!
الست درية التي لم تضبط مرة واحدة وهي تبتسم على الشاشة طوال 32 عاما تواصل استضافة نفس المتحدثين من الذين ترضى عنهم الأجهزة الأمنية التي ترتبط الست درية معها بصلة نسب مباشر!
وبالتالي لا تنتظر أي جديد من أي نوع يقوله لك هؤلاء الضيوف الذين يذكرونني بكائنات كانت تظهر في إعلان تليفزيوني طريف اخرجه المخرج الشهير تيري جيليام مستوحى من فيلم "1984" الذي يروي عن المستقبل ولكن بشكل ماضوي تماما، فكائناته عنكبوتية تتحرك بصعوبة وبطء وترتدي ملابس عتيقة داكنة، وتتكلم بصعوبة بالغة وبصوت متحشرج!
والست درية ليست فقط مذيعة بل هي دائما في السلطة: إما كبيرة مذيعات أو مديرة قناة أو رئيسة قطاع، يكرمونها في كل الاحتفالات الرسمية جدا التي تقام لتكريم الشخصيات النسائية والإعلامية والأكاديمية والملوخية، ولن يكون غريبا إذا ما تولت بعد بلوغها سن التقاعد منصب رئيس مجلس إدارة شؤون عموم المقشة (مع الاعتذار لشكري سرحان في فيلم "عودة الإين الضال" صاحب هذا القول عن والده- في الفيلم العظيم طبعا- محمود المليجي!).
ودرية دكتورة أيضا، منحوها شهادة دكتوراه من معهد النقد الفني، تماما كما سبق أن منحوا الست جيهان السادات شهادة مماثلة من كلية الآداب. وشهادة درية في السينما السياسية في مصر، رغم أن رسالتها التي صدرت في كتاب عن دار الشروق (لأنها سعيدة حظ وصاحبة حظوة) لا علاقة لها بالسينما، بل هي تلخيص رتيب وممل للتطورات السياسية التي وقعت في مصر في الستينيات والسبعينيات مع ربطها بما ظهر في بعض الأفلام دون أدنى محاولة لفهم السياسة أو فهم السينما. ولكن الخطأ ليس خطأ درية، بل خطا من عمل معها وساعدها في إنجاز رسالتها وأقنعها أنه بهذه الطريقة يكتب النقد السينمائي، والكتاب على أي حال، موجود في ملف pdf على شبكة الانترنت لمن يرغب في التأمل في هذه الظاهرة الإعلامية المثيرة، اقصد الست درية طبعا، وليس الكتاب.
برنامج نادي السينما ما زال يقدم لنا بنفس الطريقة والأسلوب بل واللغة، والضيوف، ويعرض نفس نوعية الأفلام، ويحرص على أن تكون هذه الأفلام "مناسبة للأسرة كلها" حسب شعار نقاد التخلف العقلي المنتشرين هذه الأيام بشدة في حياتنا، أي أن هذه الأفلام لا علاقة لها بأي شئ في العالم سوى أنها تريد أن تؤكد لنا على ضرورة أن ندفع الضرائب، ونحترم البوليس، ونقدس الرئيس، ونسمع كلام ماما، ونمشي من جنب الحيط!
ووضع برنامج مثل نادي السينما، شبيه بوضع نظام بأكمله، يعاني من الترهل وتصلب الشرايين المزمن، مما يجعله عاجزا عن النهوض من الفراش حتى إشعار آخر!
هذا البرنامج لم يدخل عليه أي تطور منذ السبعينيات. والمذيعة التي تقدمه هي نفسها درية شرف الدين التي تتحدى الزمن والجمهور طبعا، بعد أن كانت قد انتزعته منذ وقت مبكر، من بين يدي معده ومقدمه الأصلي الناقد يوسف شريف رزق الله، الذي هجر القناة الأولى تماما إلى غيرها من القنوات حتى تقاعد.
المشكلة أن درية شرف الدين التي عملت رقيبة على المصنفات الفنية في فترة ما، لا تعرف كيف تبتكر أو تنوع أو تطور في تقديم هذا البرنامج الجامد الجاف الذي لا أظن أنه مازال يجذب أحدا بعد انتشار القنوات الفضائية الأجنبية والعربية التي تعرض الأفلام الأحدث والأفضل، بل والأكثر جرأة طبعا.
فبرنامج الست درية لا يقدم إلا الأفلام الأمريكية التقليدية القديمة التي اشتراها التليفزيون المصري بتراب الفلوس، أو أهديت له من الشركات الأمريكية بقرار أمريكي غير مكتوب، للترويج للثقافة الأمريكية التقليدية في أدنى اشكالها وأكثرها بساطة (السياسيون الأمريكيون يتصورون أن المصريين مجموعة من الفلاحين الذين لا يعرفون من الحداثة شيئا). ومعروف أن 90 في المائة من البرامج والأفلام التسجيلية والوثائقية والدرامية تهدى من الولايات المتحدة مجانا لتليفزيونات "العالم السادس" ومنها التليفزيون المصري، الذي يتلقف هذه الأعمال ويحتفي بها، لا لسبب إلا لأنها أمريكية أولا، و"ببلاش" ثانيا، وأبو بلاش كتر منه!
الست درية التي لم تضبط مرة واحدة وهي تبتسم على الشاشة طوال 32 عاما تواصل استضافة نفس المتحدثين من الذين ترضى عنهم الأجهزة الأمنية التي ترتبط الست درية معها بصلة نسب مباشر!
وبالتالي لا تنتظر أي جديد من أي نوع يقوله لك هؤلاء الضيوف الذين يذكرونني بكائنات كانت تظهر في إعلان تليفزيوني طريف اخرجه المخرج الشهير تيري جيليام مستوحى من فيلم "1984" الذي يروي عن المستقبل ولكن بشكل ماضوي تماما، فكائناته عنكبوتية تتحرك بصعوبة وبطء وترتدي ملابس عتيقة داكنة، وتتكلم بصعوبة بالغة وبصوت متحشرج!
والست درية ليست فقط مذيعة بل هي دائما في السلطة: إما كبيرة مذيعات أو مديرة قناة أو رئيسة قطاع، يكرمونها في كل الاحتفالات الرسمية جدا التي تقام لتكريم الشخصيات النسائية والإعلامية والأكاديمية والملوخية، ولن يكون غريبا إذا ما تولت بعد بلوغها سن التقاعد منصب رئيس مجلس إدارة شؤون عموم المقشة (مع الاعتذار لشكري سرحان في فيلم "عودة الإين الضال" صاحب هذا القول عن والده- في الفيلم العظيم طبعا- محمود المليجي!).
ودرية دكتورة أيضا، منحوها شهادة دكتوراه من معهد النقد الفني، تماما كما سبق أن منحوا الست جيهان السادات شهادة مماثلة من كلية الآداب. وشهادة درية في السينما السياسية في مصر، رغم أن رسالتها التي صدرت في كتاب عن دار الشروق (لأنها سعيدة حظ وصاحبة حظوة) لا علاقة لها بالسينما، بل هي تلخيص رتيب وممل للتطورات السياسية التي وقعت في مصر في الستينيات والسبعينيات مع ربطها بما ظهر في بعض الأفلام دون أدنى محاولة لفهم السياسة أو فهم السينما. ولكن الخطأ ليس خطأ درية، بل خطا من عمل معها وساعدها في إنجاز رسالتها وأقنعها أنه بهذه الطريقة يكتب النقد السينمائي، والكتاب على أي حال، موجود في ملف pdf على شبكة الانترنت لمن يرغب في التأمل في هذه الظاهرة الإعلامية المثيرة، اقصد الست درية طبعا، وليس الكتاب.
برنامج نادي السينما ما زال يقدم لنا بنفس الطريقة والأسلوب بل واللغة، والضيوف، ويعرض نفس نوعية الأفلام، ويحرص على أن تكون هذه الأفلام "مناسبة للأسرة كلها" حسب شعار نقاد التخلف العقلي المنتشرين هذه الأيام بشدة في حياتنا، أي أن هذه الأفلام لا علاقة لها بأي شئ في العالم سوى أنها تريد أن تؤكد لنا على ضرورة أن ندفع الضرائب، ونحترم البوليس، ونقدس الرئيس، ونسمع كلام ماما، ونمشي من جنب الحيط!
ووضع برنامج مثل نادي السينما، شبيه بوضع نظام بأكمله، يعاني من الترهل وتصلب الشرايين المزمن، مما يجعله عاجزا عن النهوض من الفراش حتى إشعار آخر!
2 comments:
معذرة ياأستاذ أمير ..
أنا مجرد مشاهد عادى جدا متوسط الثقافة والتعليم ومن محبى السينما.. لاأعرف حضرتك معرفة شخصية وبالطبع لاأعرف الدكتورة درية معرفة شخصية كذلك ..
واسمح لى أن أقول لك كقارىء عادى أننى أجد فيما كتبته حضرتك عداوة شخصو أو على الأقل تجنى وعدم حيادية ..
بالطبع لاأعلم سبب هذا لكنك -واسمح لى- تتجنى كثيرا على البرنامج وتهاجم مقدمته بلا أى دليل على ماتقول ..
ماهو العيب فى ضيوف البرنامج مع تنوعهم الشديد ؟
وجميعنا نعلم أن ميزانية التليفزيون بائسة لدرجة تثير الشفقة وأن القدرة على عرض الأفلام الحديثة غير متوافرة إلا لو كنت تقصد أن تشترى الدكتورة الأفلام من مالها الخاص ورغم هذا هناك اجتهاد واضح فى اختيار أفلام مهمة وجيدة وبعضها يمثل علامات فى تاريخ السينما ..
ربما لم يتطور البرنامج شكليا بالفعل لكن حضرتك لم تقل لنا مثلا كيف يمكن أن يتطور ؟
ماتصور حضرتك لهذا التطوير بحيث لايتعارض مع الهدف من البرنامج وقيمته المكتسبة عبر السنين ؟
مع كامل احترامى وتحياتى ..
نشرت تعليقك هذا الذي ارسلته تحت اسم ليوناردو وخشيت أن تكتب اسمك الحقيقي لا أعرف لماذا طالما أنك تقول إنك لا تعرفني ولا تعرف السيدة درية شرف الدين معرفة شخصية.. فما الخوف من أن تجاهر برايك باسمك الحقيقي. لكن لا بأس. لقد عاهدت نفسي أن انشر كل ما يصني من تعليقات حتى لو كانت ضد آرائي تماما طالما أنها لا تخرج عن نطاق الأدب.
أما عن العداوة الشخصية فليس واردا لأنني لم يسبق لي طوال حياتي أن التقيت بالأخت درية ولم اتعامل معها ولكني أكتب كمشاهد ايضا لبرنامج لا أرى أنه يتطور، أما تطوره فمرهون بأشياء كثيرة جدا أساسها واولها الحرية والغاء فكرة الوصاية على الناس. وثانيا ابتكار شكل جديد يقدم من خلاله البرنامج.. ثالثا: اختيار مذيعة اكثر معرفة بالسينما وأكثر حيوية في تقديم البرنامج لا ان يظل حكرا (مثلما هو الحال في كل مجلات الحياة في مصر) هلى أشخاص معينين من اصحاب الحظوة. وليس من مهمتي بعد ذلك أن اصف لدرية أو غيرها كيف يمكن صنع برنامج ناجح جذاب فهذا عمل احترافي يترتب عليه التزامات وتعاقدات، لكني أرفض العمل لحساب تليفزيون حكومي يوجه بتعليمات الأمن!
إرسال تعليق