الثلاثاء، 26 أبريل 2011

محمد خان ينتقد تقديم شريف عرفة ومروان حامد فيلمين من أفلام الثورة

انتقد المخرج الكبير محمد خان تواجد المخرجين شريف عرفة ومروان حامد ضمن قائمة العشر مخرجين الذين قدموا الأفلام القصيرة التي سيتضمنها فيلم "18 يوم" ، والذي يتناول في مجمله رؤى مختلفة اتجاه ثورة يناير ، وتقرر عرضه في مهرجان كان السينمائي الدولي هذا العام .
وكتب خان على موقع الدستور الأصلي تعليقاً على خبر اختيار الفيلم في كان قائلاً : "من حملة الحزب الملغى 2005والإشراف على مقابلة تليفزيونية للرئيس المخلوع وإعلانهم ان مجهوداتهم تطوعية وبدون أجر إلى تقديمهم الإثنان فيلمان عن الثورة من أجل عيون مهرجان كان... عجبي" .
مشيراً إلى قيام مروان حامد بتقديم حملة الحزب الوطني المنحل عام 2005 ، وقيام شريف عرفة بإخراج اللقاء التلفزيوني المطول الذي قام به الرئيس المخلوع حسني مبارك مع الإعلامي عماد الدين أديب قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة .
قبل أن يضيف خان في تعليق آخر بأنه ليس ضد أن يقدم أي شخص أي شيء ، ولكنه فقط ضد النفاق وضد السكوت عليه ، لأن السكوت ليس دائماً من ذهب .
إلا ان المخرج رفض المخرج شريف عرفة الهجوم الذي يشنه عليه البعض حالياً بسبب اشتراكه في إخراج اللقاء التلفزيوني الشهير "كلمة للتاريخ" بين الرئيس المخلوع حسني مبارك والإعلامي عمرو أديب ، حيث أكد عرفة أن هذا كان جزء من واجبه ولا شك أن اللقاء كان يتناول ويوثق فترة مهمة من تاريخ مصر ، وهو أمر يحسب له بلا شك .
ورفض عرفة في حواره مع جريدة الشروق فكرة "القوائم السوداء" للفنانين الذين وقفوا في صف النظام ضد ثورة الشعب ، ووصفها بأنها "كلام فارغ" لأن لكل منا أخطاء لا يصح أن تظل ملتصقة به إلى الأبد ، وأضاف : "من منا لم يقم بدفع مال لموظف ما حتى ينهى مصلحته سريعا أو استغل واسطة ما ليسهل ما يريده وأقول «من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر»".

وعن فيلمه القصير الجديد الذي سيعرض في مهرجان كان ضمن فيلم "18 يوم" ، قال عرفة أن الفيلم يعبر عن مشاعره وما يريد قوله اتجاه تلك الثورة ، ويقع في خط فاصل بين الروائي والتسجيلي وهو عبارة عن مشاهد من الواقع لأبطال ووجوه جديدة ، وأضاف عرفة أنه انتهى من تصوير عدة أفلام قصيرة عن الثورة بخلاف الفيلم الذي سيعرض في كان ، وسيقوم بعرضها قريباً على قناة خاصة به على موقع اليوتيوب .
وعن احتمالية تقديمه لفيلم روائي طويل عن الثورة ، قال عرفة أن هذا ليس مطروحاً حالياً لأن الثورة لم تنتهِ بعد ، ولكنه يستعد فعلياً لتصوير فيلم "إكس لارج" مع النجم أحمد حلمي .

الخميس، 21 أبريل 2011

مهرجان كان السينمائي 2011- ملف خاص


كريستن دانسيت في فيلم "خبل" للارس فون ترايير

لجنة تحكيم المسابقة الرئيسية:
رئيس اللجنة: الممثل الأمريكي روبرت دي نيرو

أعضاء اللجنة:
* مارتينا جوزمان- ممثلة من الأرجنتين
* انسون شي- منتجة من هونج كونج
* أوما ثيرمان- ممثلة أمريكية
* لينا أولمان- كاتبة وناقدة أدبية من النرويج
* أوليفييه أسايس- مخرج من فرنسا
* جود لو- ممثل من بريطانيا
* محمد صالح هارون- مخرج من تشاد
* جوني تو- مخرج من هونج كونج


البرنامج الرسمي:
* فيلم الافتتاح: منتصف الليل في باريس- وودي ألين- الولايات المتحدة

* فيلم الختام: الأحباب الطيبون- كريستوف أونوريه (فرنسا)


أفلام المسابقة (20 فيلما):
* الجلد الذي أسكنه- بيدرو ألمودوفار (اسبانيا)
* أبولونيد: هدايا بيت التسامح- برتران بونيلو (فرنسا)
* باتر Patar- آلان كافالييه (فرنسا)
* طفل على دراجة- جان بيير ولوك داردان (بلجيكا)
* قيادة Drive- نيكولاس ويندنج ريفن (أمريكا)
* هاراكيري: موت الساموراي- تاكاشي ميكي (اليابان)
* حدث ذات مرة في الأناضول- نوري سيلان بيلج (تركيا)
* الهافر Le Havre- أكي كوريسماكي (فنلندا)
* اكتئاب Melancholia- لارس فون ترايير (الدنمارك)
* مايكل- ماركوس شلنزر (النمسا)
* بوليس Polisse- مايوين (فرنسا)
* الجمال النائم- جوليا لي (استراليا)
* أصل النساء- رادو ميهالينو (بلجيكا، ايطاليا، فرنسا)
* لابد ان يكون هذا هو المكان- باولو سورنتينو (ايطاليا)
* شجرة الحياة- تيرنس ماليك (أمريكا)
* لدينا بابا جديد Habemus Papam - ناني موريتي (ايطاليا)
* يجب أن نتكلم عن كيفن- لين رامزي- (بريطانيا- أمريكا)
* ملحوظة- جوزيف سيدار (إسرائيل)
* هانيزو نو تسوكي Hanezu No Tsuki- نعومي كاواسي (اليابان)
* الفنان- ميشيل هانافسيو (فرنسا)


الملصق الرسمي للدورة 64
 نظرة خاصة (19 فيلما)
* أريانج- كيم كي-دوك (كوريا الجنوبية)
* بونساي- كريستيان جيمينز (شيلي)
* يوم وصوله- هونج سانج-سو (كوريا الجنوبية)
* توقف بين المحطات- أرندرياس درسن (ألمانيا)
* من الشيطان- برونو ديمون (فرنسا)
* الصياد- باكور باكورادزه (روسيا)
* ثلوج كليمنجارو- روبرت جديجويان (فرنسا)
* ممارسة الدولة- بيير شوللر (فرنسا)
* طفل الحب- كاتلين ميتوليسكو (رومانيا، صربيا، فرنسا، السويد)
* مارتا مارسي ماي مادلين- شون ديركن (أمريكا)
* الآنسة بالا- جيراردو نارانجو (المكسيك)
* بدون راحة- جاس فان سانت أمريكا)
* أوسلو 31 أغسطس- جواكيم تريير (النرويج)
* حليق الرأس- أوليفر هيرمانوي (جنوب افريقيا، فرنسا ألمانيا)
* تاتسومي- إريك خو (سنغافورة)
* ترابالار كانسا Trabalhar cansa – جوليانا روخاس وماركو دوترا (البرازيل)
* توميلا Toomelah- ايفان سن (استراليا)
* إلى أين نذهب الآن؟- نادين لبكي (لبنان)
* البحر الأصفر- نا هونج- جن (كوريا الجنوبية)

خارج المسابقة (4 أفلام):
* الفنان- ميشيل هازانافيسيوس (فرنسا)
* الفتح- زافيير ديرنجيه (فرنسا)
* القندس The Beaver- جودي فوستر (أمريكا).
* قراصنة الكاريبي: في مياه غريبة- روب مارشال (أمريكا).

عروض منتصف الليل (فيلمان):
* ويو زيا Wu Xia- بيتر شان هو-صن (الصين).
* أيام المجد- ايفرادو جاوت (المكسيك).

من فيلم "موت الساموراي"
عروض خاصة (4 أفلام):
* لابرادور- فريدريك اسبوك (الدنمارك)
* معلم تزوير الجحيم- ريثي بانا (كمبوديا)
* ميشيل برتوشياني- مايكل ردفورد (ايطاليا، فرنسا، المانيا)
* كل شيء في لارزاك- كريستيان رواو (فرنسا).

مسابقة الأفلام القصيرة
* شبح- ما داسي (كوريا الجنوبية)
* ملابس السباحة- فانيس دستوب (بلجيكا)
* أنا سعيدة جدا- فلاديمير دوران _(الأرجنتين)
* دب- ناش ادجيرتون (استراليا)
* جرح الجسد- ليسا ماري جاملم (النرويج)
* رأس ميت- سام هوست (نيوزيلندا)
* هذا ليس شيئا- نيكولاس روي (كندا)
* رحم الأبوة- ميجوم يتازاكي (اليابان)
* صليب- مارينا فرودا (فرنسا)
=================================
نصف شهر المخرجين
 21 فيلما طويلا بالاضافة الى 14 فيلما قصيرا و4 أفلام روائية التي ستعرض عروضا خاصة.

قائمة الأفلام الطويلة:
 * بعد الجنوب- جان جاك جوفريه (فرنسا)
* تنفس- كارل ماركوفيتش (استراليا)
* طائر أزرق- جاس فان دن برج (بلجيكا)
* بوسونج- بالاوان دستان (الفليبين)
* شاتراك- فيمولكتي جافاسوندارا (الهند)
* الكود الأزرق- أورسولا أنطونياك (الدنمارك)
* كورنو سيلستي- أليس روهرفاشر (ايطاليا، سويسرا، فرنسا)
* ايلدفجال- رونار رونارسون (الدنمارك، أيسلندا)
* في المدينة- برتران شيفر (فرنسا)
* ما لا يغتفر- أندريه تشينيه (فرنسا)
* جين أسيرة- فيليب راموس( فرنسا)
* الرسوم- فيونا جوردون، دومنيك أبيل، برونو رومي (فرنسا، بلجيكا)
* نهاية الصمت- رونالد ادزارد (فرنسا)
*
لعمالقة- رولي لانرز (بلجيكا، فرنسا، لوكسمبرج)
* المنحدر الفضي أو أبيسمو براتيدو – كريم عينوز (البرازيل)
* لعب- روبين أستولوند (السويد)
* بوتوفوليو- اليخاندرو لاندز (كولومبيا، أوروجواي، الأرجنتين، فرنسا)
* العودة- ليزا جونسون (أمريكا)
* على متن السفينة- ليلى كيلاني (المغرب، فرنسا، ألمانيا)
* الجزيرة- كامن كاليف (بلغاريا)
* الجانب الآخر من النوم- ربيكا دالي (نيوزيلندا، المجر، أيرلندا)
من فيلم "بوليس" الفرنسي في المسابقة

أسبوع النقاد
يقام هذا الاسبوع على هامش مهرجان كان بالتعاون بين اتحاد نقاد السينما الفرنسيين واتحاد النقاد والصحافة السينمائية الدولي (فيبريسي). وتحتفل التظاهرة هذا العام بمرور خمسين عاما على تأسيسها (تأسست عام 1961).

فيلم الافتتاح: 
( إعلان الحرب- فاليري دونزيلي (فرنسا)
  فيلم الختام:  أيام العزوبية ولت- كاتيا لوكوفيتش
عرض خاص:  ابتعد يارينيه- جوناثان كاويت (أمريكا، فرنسا، بلجيك)
 فيلم الاحتفال باليوبيل الذهبي:  أميرتي الصغيرة- إيفا إيونيسكو (فرنسا)

 أفلام الأسبوع:
 1- زهور الأكاسيا- بابليو جيورجيلي (الأرجنتين)
2- أفيه Ave – كونستانتين بوجانوف (بلغاريا)
3- 17 ملفا- دلفين كولان وميوريل كولان (فرنسا)
4- ساونا في القمر- زو بنج (الصين)
5- العاهرة- هاجر بن عاشر (إسرائيل)
6- جرائم بلدة الثلج- جوستين كيرزيل (استراليا)
7- اتخذ لنفسك ملجآ- جيف نيكولس (أمريكا)
وبالإضافة إلى أفلام الأسبوع السبعة يعرض خلال التظاهرة عشرة أفلام قصيرة ومتوسطة الطول من البرازيل وكوريا الجنوبية ونيوزلندا وفرنسا وأمريكا وبلجيكا وأوروجواي.
======================================
مصر ضيف شرف مهرجان كان
أعلن جيل جاكوب رئيس مهرجان "كان" السينمائى الدولى وتيرى فريموه المفوض العام للمهرجان اختيار مصر ضيف شرف الدورة 64 للمهرجان، وذلك تحية لثورة 25 يناير التى كان لها صداها فى العالم وتغيير رؤيته للشعوب العربية، واختيار مصر كضيف الشرف هذه الدورة يعد تقليداًَ جديدا وللمرة الأولى فى تاريخ مهرجان "كان"، وسيستمر هذا التقليد فى الأعوام القادمة بأن تختار كل عام دولة ما لتكون ضيف شرف المهرجان.
وفي هذه المناسبة يعرض يوم 19 مايو بالمهرجان "كيوم مصري خالص" يعرض فيه فيلم (18 يوما) وهو عبارة عن عشرة أفلام قصيرة أخرجها عشرة من المخرجين البارزين والشباب حول "ثورة 25 يناير".
والأفلام العشرة هي (احتباس) لشريف عرفة و(داخلي / خارجي) ليسرى نصر الله، و"تحرير 2 - 2" لمريم أبو عوف و(19- 19) لمروان حامد و(لما يجيك الطوفان) لمحمد علي و(خلقة ربنا) لكاملة أبو ذكري و(حظر تجول) لشريف البنداري و(كعك التحرير) لخالد مرعي و(شباك) لأحمد عبد الله و(حلاق الثورة) لأحمد علاء.
كما يعرض أيضا الفيلم المصري (البوسطجي) الذي أخرجه عام 1968 حسين كمال عن قصة للكاتب يحيى حقي ويعد الفيلم من كلاسيكيات السينما المصرية في قسم كلاسيكيات كان.
ومن المقرر ان تشارك مصر بوفد يراسه وزير الثقافة عماد أبو غازي. ومن المنتظر أن يشارك في المهرجان مجموعة من نجوم السينماالمصرية منهم عمر الشريف ويسرا وإيناس الدغيدي ومحمود عبدالعزيز وإلهام شاهين وعزت أبو عوف وخالد النبوي ومني زكي وهند صبري وخالد أبو النجا. كما يشارك مخرجو الأفلام القصيرة العشرة. وستتكفل وزارة الثقافة بتكاليف سفر الوفد.
=====================================
السعفة الذهبية الفخرية لبرتولوتشي
ابتداء من دورة 2011، سيقوم منظمو مهرجان كان السينمائي بتسليم جائزة السعفة الذهبية الفخرية الى المخرج الإيطالي الكبير برناردو برتولوتشي خلال حفل الافتتاح.
برتولوتشي مخرج بارز صاحب إنجازات متميزة ولكن لم يسبق أن حصل أي من افلامه الحصول على السعفة الذهبية. وكان رئيس المهرجان جيل جاكوب قد سلم في الماضي القريب كلا من وودي ألين سنة 2002 وكلينت إيستوود سنة 2009 هذه الجائزة الفخرية بالنيابة عن إدارة مهرجان كان السينمائي. وقد أصبح ذلك تقليدا حيت ستسلم الجائزة سنويا في افتتاح المهرجان.
قدم برناردو، ابن الشاعر أتيليو برتولوتشي، للسينما الإيطالية أفلاما حميمية مميزة كجداريات عملاقة: ابتداء بفيلم Prima Delle Revoluzione "قبل الثورة" (1964) وانتهاء ب Novecento أو (1900) سنة 1976، مرورا بفيلم Conformiste "الممتثل" سنة (1970) و Dernier Empereur"الامبراطور الأخير" (1987). وقد جعلت كل من مشاركته السياسية والاجتماعية ، من خلال عمق غنائي و إخراجه الدقيق والمتميز، أعماله تحضى بمكانة فريدة في تاريخ السينما العالمية.
وقد صرح كل من رئيس المهرجان جيل جاكوب والمندوب العام تييري فريمو بأن:"جودة اعماله الفريدة والمتألقة تتجلى لنا يوما بعد يوم، كما ان التزامه بالسينما والروابط التي تربطه بكان، جعلت منه أول متلق شرعي للجائزة".
ومن المقرر أن يتم تسليمه السعفة الذهبية الفخرية يوم 11 مايو خلال حفل افتتاح الدورة الرابعة والستين من مهرجان كان بحضور لجنة التحكيم التي يترأسها روبرت دي نيرو الذي قام بدور البطولة في فيلم "1900" Novecento.

الأربعاء، 6 أبريل 2011

تجربة مايك لي في فيلم "تعرية"





بقلم: أمير العمري


بعد ما حققه فيلم "الحياة حلوة" Life is Sweet لمايك لي من نجاح كبير، جاء فيلم "تعرية" Naked إلى مهرجان كان السينمائي عام 1993 لكي يرسخ موهبة مخرجه ومؤلفه.
وأظن أن "تعرية" هي أفضل ترجمة لإسم هذا الفيلم البديع، فالمقصود ليس الإشارة إلى العري بالمعنى الجسدي لكي تصبح الترجمة "عاري" بل الإشارة إلى تعرية الواقع، وكشف الحقيقة، وبالتالي هو يقصد التعرية بالمعنى الاجتماعي الشامل.
وقد جاء الفيلم بمثابة "نقلة" كبيرة في المسيرة الفنية الإبداعية لمخرجه مايك لي، صاحب الرصيد البارز في المسرح الإنجليزي والتليفزيون، بالاضافة إلى أفلامه الروائية الثلاثة التي سبقت هذا الفيلم، وكعمل كبير لا يتوصل إلى تحقيقه سينمائي إلا بعد سنوات طويلة من البحث الشاق، النظري والعملي، في الدراما والشكل السينمائي، حتى يمكنه تحقيق أسلوب خاص مميز هو ما سيطبع كل أفلامه بعد ذلك حتى يومنا هذا.
وكما كان فيلم "يالك من رجل محظوظ" Oh.. Lucky Man للمخرج البريطاني ليندساي أندرسون قمة ما وصل إليه مخرجه في 1973، يمكن القول إن "تعرية" – ليس قمة أفلام مايك لي، فسيصل إلى تلك القمة فيما بعد، في تحفته الكبرى "عام آخر" Another Year بعد 17 عاما، وإنما بداية الطريق الحقيقي نحو القمة. إنه شهادة بصرية هائلة عن الواقع البريطاني، وعمل يكشف عن أسلوب مميز لا يحاكي أسلوبا آخر مما سبقه.
إن "تعرية" فيلم واقعي، ومضاد للواقعية في آن. إن أساسه هو ذلك البطل الفردي، ولكنه البطل- اللابطل، أو البطل النقيض anti-hero الذي يخوض تجربة تنتهي به إلى الهزيمة. وهو فيلم عن لندن: المدينة والبشر، بل أحد أهم ما ظهر من أفلام عن تلك المدينة التي تخفي أكثر مما تظهر، لكنه أيضا فيلم عن الدنيا الواسعة، وعن الإنسان في كل مكان، في أرجاء ذلك العالم الجديد الذي اضطربت أركانه واعتزت أسسه وتضاءلت معالمه.
إنه رحلة داخل رحم مجتمع شديد التعقيد، لكنها رحلة قد تنتهي إلى ولادة الجديد أو إجهاضه، إلى تقدم الإنسان ونجاحه في تجاوز محنته، أو اندثاره ككائن لديه القدرة على ترك ما يشهد على ابداعاته وإضافاته الخلاقة إلى الطبيعة.
والطبيعة في هذا الفيلم حزينة، شاحبة. ورغم أنه مصور بالألوان إلا أن صورة الواقع المعاصر التي نراها هي صورة أقرب إلى الوحات التجريدية المرسومة بالأبيض والأسود. وإذا كان الأداء التمثيلي – كما في كل أفلام مايك لي - أحد العناصر الرئيسية التي تساهم في تكثيف دراما الانهيار الاجتماعي، والسقوط الأخلاقي والسياسي والاقتصادي، والتدهور الثقافي، إلا أن الضوء الذي يحدد لنا معالم الصورة ويتحكم فيما يصل إلينا من خلالها، هو أيضا عنصر أساسي في أفلام هذا المخرج الموهوب.

ومن الممكن رصد مصادر الرؤية في فيلم "تعرية" في المسرح والأدب والفلسفة العدمية والتشككية cynicism جنبا إلى جنب مع أفكار أخرى مثل فكرة الحلم وإجهاض الحلم، وعلى صعيد الشكل، يعلي كايك لي هنا كثيرا من دور الكاميرا المهتزة التي تعكس عبثية المنظور، وهي رؤية سادت السينما الأخرى منذ تجارب المصور الفرنسي راؤول كوتار في أفلام الموجة الجديدة الفرنسية في أواخر الخمسينيات وأشهرها فيلم بلاشك، "على آخر نفس" لجان لوك جودار.

إن "تعرية" في عبارة واحدة، هو امتداد مفتوح على أفق التسعينيات، لكل من "تكبير" Blow Up لأنطونيوني من الستينيات، إلى "يالك من رجل محظوظ" لأندرسون من السبعينيات.

البطل هنا، ويدعى "جوني"، هو شاب في السابعة والعشرين من عمره، ليس ثائرا ولا متمردا على قوانين المجتمع كما كان بطل "البرتقالة الآلية" The clockwork Orange لستانلي كوبريك مثلا، فهو لا يسعى إلى الثورة أو التمرد من أجل التمرد، كما أنه لا يتباكى على فشل ثورة مايو 1968 التي تم تدجين أبطالها واستيعابهم في إطار "النخبة" السائدة، بل هو في الحقيقة ابن التسعينيات، الذي ارتضى السقوط، عن وعي وعن يقين، مدفوعا بموقف كلبي، لا مبالي، يكاد يكون منبت الصلة بعالم السياسة، وهو يندفع نحو مصيره بثبات دون أن يلتفت أبدا خلفه. إنها طاقة التدمير الذاتي المخيفة بعد جفاف الثورة، وسقوط الأيديولوجيا.

"جوني" نتاج لمجتمع البطالة، على العكس من بطل أنطونيوني في "تكبير" الذي كان نتاجا لمجتمع الوفرة في الستينيات. وهو أيضا نتاج للتشرد والحرمان والتهميش وانهيار القيم الطبقية القديمة في حقبة مرجريت تاتشر وما بعدها، حيث انتفى الحلم في الصعود اعتمادا على "الموهبة" أو الجدارة وحدها، وأصبح يتركز في القدرة على التلاعب والغش والاندماج في لعبة الفساد الاجتماعي.

إن جوني شاهد ومشارك في آن. هو إذن يجمع بين المتناقضات: العفونة والانتهازية التي لا يسعى لتبريرها، والرثاء الرقة والعاطفة التي يحاول في معظم الأحيان، إخفاءها. وهو لا يبرر، بل يمنطق الأشياء بمنطق المثقف، فقد كان في الماضي معلما، لكنه هجر التعليم لإحساسه الشخصي بالعبث.. عبث الواقع، لكنه اللامنتمي "الكلبي" وليس اللامنتمي المتفلسف ففلسفته تبرر كل شيء رديء. وقد قرر أن ينحدر طواعية الى الدرك الأسفل عن طريق الإغراق في الجنس والمخدرات وغشيان العالم السفلي حيث يجتمع الهامشيون والمنبوذون من جيل الشباب الذ اختار القطيعة مع الواقع.

يبدأ الفيلم بجوني في إحدى أزقة مدينة مانشستر مع بائعة هوى قبيل انبلاج الفجر، يمارس معها ساديته العنيفة التي تشي بطبيعة تكوينه المضطرب، حتى تكاد المرأة تلفظ أنفاسها الأخيرة، إلا أنها تتمكن من ضربه ثم الإفلات منه والنجاة بنفسها مهددة متوعدة. ويقرر "جوني" أن يغادر المدينة بأسرها فرارا مما قد ينتظره من مشاكل محتملة. إنه يسرق سيارة ويقودها الى لندن، العاصمة الفسيحة التي يتوه فيها النهار في أحشاء الظلمة.

وفي لندن يلتقي جوني بصديقته السابقة ورفيقتها في السكن. وتجذبه هذه الفتاة الأخيرة بضياعها واستعدادها الواضح للانسياق معه في نزواته الغريبة، فهي مثله، تشعر بقسوة الدمار الداخلي وتسعى إلى مده على استقامته.

ترتبط الفتاة به وتلتصق به كظله، ويمارس الاثنان معا التدهور بشتى صوره وأكثرها قسوة وإغراقا في العنف إلى أن يشعر جوني بوطأة الفتاة واثقالها عليه فيهجرها دون أن يهجر المسكن الذي يعود في الواقع إلى ممرضة ذهبت في رحلة طويلة إلى افريقيا.

يترك جوني العنان لنفسه، كبطل تراجيدي يسعى تجاه مصيره، لا تحركه الأقدار العاصفة بل طغيان الإحساس بالدمار. وهو يلتقي بعد ذلك بشاب شبه مختل عقليا جاء من اسكتلندا، وأصبح ضائعا في فراغ لندن، يبحث عن صديقة له تدعى "مرجريت" طيلة الوقت، ثم يلتقي جوني حارسا ليليا يؤدي عملا روتينيا في إحدى الشركات، ويقضي معظم الوقت في القراءة، أو في التلصص على امرأة في خريف العمر، ترقص وحدها وتتعرى في غرفتها ليلا. وينتهي حوار بين جوني والحارس الليلي الى انهيار قناعات الرجل تماما فيسلم قياده إلى جوني، أي أن منطق البطل النقيض anti-hero يفرض هنا نفسه بشكل سحري، على كل من يلتقي بهم "جوني" من الشخصيات اللندنية المهزومة سلفا، باستثناء شخصية واحدة لا يمكنه أن يفرض إرادته عليها هي صديقته السابقة "لويز" التي تشعر بالرثاء له، وتحاول باستمرار رده الى ذاته واستعادته إلى حقيقة نفسه، كما تسعى لاستعادة ما كان بينهما من حب. وفي اللحظة التي تتصور أنها قد نجحت في سعيها تكون الخيوط قد أفلتت بشكل نهائي من بين يديها. تجتمع جماعة من الشباب حليق الرءوس، يوسعون جوني ضربا، فييكسرون ساقه، ويستولي هو على بضعة جنيهات من منزل لويز ويغادر المنزل وهو يسير بصعوبة بالغة، حيث يترك نفسه في شوارع لندن المقفرة الباردة، يتجه صوب لاشيء، نحو المجهول.

يعتمد هذا الفيلم في المقام الأول، على البناء المحكم للشخصيات، وبالتالي على عبقرية الأداء التمثيلي لمجموعة الممثلين وفي مقدمتهم الممثل ديفيد ثيوليس في الدور الرئيسي.

في الفيلم شخصية شديدة الأهمية لشاب ينتمي للطبقة الوسطى الميسورة، يجسد مايك لي من خلاله، ما بلغته هذه الطبقة من تدهور واغراق في الملذات الحسية بشتى الطرق وأكثرها تطرفا وشذوذا، دون أن تبالي بما يحدث حولها. لقد أصبحت جزءا من ذلك التدهور وكأنها تسير نحو نهايتها.

هذا الشاب، الذي يدعى سباستيان، يغشى الحانات والمطاعم الفاخرة، يتمكن بوسامته وبما يملكه ويبعثره من مال، من إغواء أي فتاة جذابة تقع عليها عيناه: من الساقية، إلى أخصائية التدليك، وهو يذهب في تطرفه إلى درجة أن يقرر في النهاية أن يسيطر على مستأجري المنزل الذي يملكه، فيذهب الى المنزل حيث يقيم جوني مع لويز ورفيقتها، ويحاول إغواء الفتاتين، ويعرض على إحداهن مالا، وتقبل هي بسبب عزلتها وانسحاقها وإحساسها الواضح بالانسحاب من الحياة. ومقابل ذلك يمارس معها ما يشاء من شتى أنواع الشذوذ السادي المريض إلى أن توشك على الانهيار. لكنه يتشاجر مع لويز فيقرر البقاء في المنزل والاستيلاء على الشقة التي تقيم فيها الفتاة، ولا تنجح كل محاولات الفتاتين في اخراجه من تلك الشقة إلى أن تعود فجأة صاحبة الشقة من رحلتها الافريقية.

هذه المرأة ممرضة لاتزال تتمسك بتقاليد الطبقة الوسطى، وتتخيل أن المجتمع الذي تركته قبل غيابها لسنوات باق على ما كان عليه، غير مدركة لما وقع من تدهور سريع. إنها تفاجأ بانهيار النسق القديم بفعل ما تلحظه داخل مسكنها نفسه من مفارقات وطبيعة ما أصبح يضمه من شخصيات غريبة، انتهت علاقتها بالحياة الواقعية فأغرقت نفسها في الخيال المريض، يسعون جميعا لستر إحساسهم بالرعب الاجتماعي عن طريق الإغراق في الجنس في أدنى صوره.

ويعبر مايك لي من خلال السيناريو المتميز الذي كتبه، عن صدمة الفتاة بأن يجعلها، ليس فقط عاجزة عن القيام بأي تصرف إيجابي، بل وعاجزة عن نطق الكلمات التي اعتادت عليها على نحو صحيح.. الأمر الذي ينتج عنه اضطراب لغوي مثير للضحك.

ويتحكم مايك لي في الأسلوب الواقعي الصارم الذي يصل في الكثير من المشاهد الخارجية إلى الواقعية التسجيلية، بتركيزه على أدق التفاصيل في الواقع. ولكن الواقعية هنا تخرج بشكل ما، عن نسق الواقعية القديمة، ففي سياق الفيلم، وعلى الرغم من كثرة مشاهد العنف، تظل هناك لمحات شاعرية خاصة من خلال التصوير الذي يضفي غلالة ضبابية خاصة على لقطات الليل والنهار، وهي غلالة تضفي أيضا إحساسا بالاختناق وكأننا نغرق داخل أحشاء مدينة جهنمية لا يعرف من يدخلها أنها ستبتلعه.

ويساهم الطابع التجريدي للصور التي تقترب من الأبيض والأسود، في كسر حدة الواقعية وإضفاء لمسات جمالية خاصة، نشعر بها ونحسها، دون أن تنحرف بأنظارنا عن متابعة الشخصيات. إنها الواقعية الشاعرية التي تتجسد من خلال الكثير من الإشارات الكامنة داخل الصور، والتي تنتج عنها علاقة ذهنية وثيقة بالواقع الاجتماعي والانساني دون أن تكون الصور مباشرة في دلالاتها.

وكما في كل أفلام مايك لي، رغم قتامتها وعنفها وقسوة ما تعيشه الشخصيات، هناك الكثير من اللحظات والمواقف الضاحكة التي تنبع الكوميديا فيها من التناقضات في السلوك، والافراط في التعبير عما يجيش في الصدور، والمبالغة في تصوير الإنسان داخل المأزق الإنساني، ومحاولاته الإفلات من مصيره دون نجاح يذكر.

إنها رحلة "أبوكاليبسية" تجمع في طياتها بين أشياء كثيرة: الفرد والمجتمع والطبقة والقيم الجديدة- القديمة، الضحك والبكاء والمرض والإيذاء البدني والنفسي (ولكن بعيدا عن منطق التحليل النفسي الدرامي).. أو هي تجمع ببساطة، بين البدء والمنتهى، في صيرورة حتمية.

ربما نشعر في النهاية أن العالم ينهار بفعل قوة سحرية خارقة، لكن مايك لي يؤكد أن انهياره ناتج أساسا، عن انهيار الإنسان، وأن الإنسان سيتمكن من بدء مسار جديد إذا ما استيقظ من غيبوبته التي استسلم لها طواعية، وهو ما يجعل من "تعرية" رغم كل تشاؤمه، عملا متفائلا يشعل بالأمل في مستقبل افضل.


جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger