كتابات نقدية حرة عن السينما في الحياة، والحياة في السينما............. يحررها أمير العمري
السبت، 31 أكتوبر 2009
ثقافة التوريث وثورة الرعاع
الجمعة، 30 أكتوبر 2009
رسائل الأصدقاء 7
"الراقصون": أفضل فيلم روائي في مهرجان أبو ظبي
الخميس، 22 أكتوبر 2009
فيلم "كاريوكا" لنبيهة لطفي: قوة الشخصية تطغى على ضعف الفيلم!
شهد مهرجان أبو ظبي السينمائي العرض العالمي الأول للفيلم الوثائقي الطويل "كاريوكا" (60 دقيقة) للمخرجة اللبنانية المقيمة في مصر نبيهة لطفي، وقد عرض الفيلم داخل المسابقة المخصصة لهذه الأفلام إلا أنه لم يحصل على أي جائزة.
والمقصود أن كاريزما كاريوكا: الراقصة والممثلة والمغنية والمناضلة السياسية والنقابية والإنسانة ذات القلب الكبير، هي ما يشد المتفرج إلى الشاشة بحثا عن أية ثغرة يمكنه النفاذ منها للاطلاع على حقيقة تلك الشخصية الفذة التي عاشت عصرها، وامتزجت معه بكل عنفوانه، وشقت مسيرة حياة حافلة بالشهرة والمجد، ووصلت إلى قمة ذلك السلم، دون أن تتخلى قط عن اهتماماتها الإنسانية الكبيرة، مفضلة دوما، الدور الإنساني والاجتماعي بل والسياسي على دور "البرنسيسة" الجميلة التي أثارت بقدرتها الخاصة على تحويل الرقص الشرقي إلى فن تعبيري رفيع، مشاعر ملايين الرجال في العالم وليس فقط في العالم العربي.
بعد المدخل الجيد المثير الذي تستخدم فيه المخرجة مقاطع من ذكريات شخصيات عديدة من الذين عاصروا تحية كاريوكا، ستعود إليهم تفصيلا عبر الفيلم، سرعان ما يهبط الإيقاع ويتحول الفيلم إلى مجرد "درس" مدرسي في الإنشاء كما في فن الفيلم الوثائقي، يصلح للتدريس على طلاب في إحدى مدارس الفيلم في أوائل الخمسنيات!
هذا الفيلم نموذج مجسد لكل ما يجب تجاوزه في السينما الحديثة، وثائقية كانت أم خيالية: التعليق الصوتي الإنشائي الطويل، تتابع عدد من الصور الفوتوغرافية واللقطات المنتزعة من عدد من الأفلام التي ظهرت فيها تحية كاريوكا، مقابلات إذاعية مسجلة مع كاريوكا تروي خلالها قصة حياتها، ثم، وهذا هو الجهد المحدد الذي قامت به المخرجة، مقابلات مصورة مع عدد من الشخصيات التي عاصرت الفنانة بدا أن كثيرا منها اختير على نحو عشوائي او حسبما تيسر وتوفر. فلا أظن على سبيل المثال، أن المخرج يسري نصر الله هو الأقدر على تقديم شهادة مهمة عن كاريوكا، ولا صنع الله ابراهيم الذي لا يقول شيئا ذا قيمة عنها على أي حال، مع كل التقدير والاحترام الواجب لهذين المبدعين، لكن ظهورهما في الفيلم ربما كان يسيء إليهما أكثر مما يضيء بقعة في حياة كاريوكا!
إلا أنها أيضا تجاهلت الكثير من الشخصيات المهمة التي ارتبطت بها كاريوكا في حياتها مثل سمير صبري مثلا الذي وردت اشارة غامضة إليه في الفيلم دون أن نفهم لماذا لم تجر المخرجة معه مقابلة، وكذلك الراقصة فيفي عبده التي يتردد اسمها الأول على لسان رجاء الجداوي ايضا بشكل يستعصي على فهم المتفرج الذي لا يعرف علاقتها بكاريوكا.
لقد حاولت نبيهة لطفي إعادة رسم "بورتريه" للراحلة الكبيرة تحية كاريوكا التي تركت بصمة لا تمحى على عصر بأكمله، ولكن دون نجاح يذكر، فقد اعتمدت فقط على توليف خليط من الصور واللقطات والمقابلات المصورة، واستنفذت جانبا كبيرا من الفيلم في الوقوف بدهشة أمام تفاصيل كثيرة دون إشباع مثل موضوع "الجبهة الوطنية" ودور تحية كاريوكا فيها، وشهادات شريف حتاتة وصلاح عيسى ومحمود امين العالم وصنع الله وغيرهم، وهو موضوع ربما يمكن أن يكون جزءا من فيلم مستقل عن العلاقة بين الفن والسياسة بنوع من التعمق أكثر من ذلك المرور العابر الذي يعاني رغم سطحيته، من التضخم في الزمن، والذي يشير إلى شخصيات وأحداث، قد لا يعرف أكثر مشاهدي اليوم شيئا عنها مثل مصطفى كمال صدقي وحركة السلام وحدتو ولماذا كان يقبض على شخص مثل حلمي رفلة في تلك الفترة من أوائل الخمسينيات، لكن المخرجة رغم اهتمامها الكبير بالجانب السياسي، تهمل تحول كاريوكا فيما بعد إلى مناهضة للناصرية والالتحاق بركب الثورة المضادة في عصر السادات، والتصدي مع فايز حلاوة (زوجها الأخير) لإنتاج والقيام ببطولة مسرحية "يحيا الوفد" التي اعتبرها صلاح عيسى في ذلك الوقت (عام 1974) "مانيفستو المرحلة"، والتدشين الفكري لسياسة الانفتاح الاقتصادي.
تقسيم الفيلم نفسه إلى أجزاء يتم بطريقة مدرسية مثل الكراسات و الملفات البدائية كما لو كانت الشخصية تتكون من ملفات مصنفة على طريقة: في عالم الرقص، في السينما، العالم الخارجي وحضور الاحتفالات الدولية والمهرجانات، دورها في عالم السياسة، زيجاتها وأزواجها (13 زوجا) قدمت بشكل مضحك وبدا كما لو كان يحمل سخرية منها، ثم بالطبع موضوع مشاكلها المتراكمة مع زوجها الأخير فايز حلاوة الذي لا يوضح لنا الفيلم لماذا كانت تحية تريد بكل هذه الضراوة التخلص منه وكيف تدهورت العلاقة بينهما إلى هذا الحد، وما انعكاس ذلك على حياتها عموما بل وكيف كان ممكنا أن تعيش معه 17 سنة من الزواج!
إن مشكلة نبيهة لطفي أنها لاتزال تتعامل مع أسلوب ولغة الفيلم الوثائقي بتلك النظرة التقليدية الرتيبة "الدعائية" التي تضفي نوعا من التقديس على الشخصية التي تتناولها، وهو ما يجعلها تتجنب التوقف أمام الكثير من النقاط المثيرة للجدل في حياة تحية كاريوكا، لطر ح تساؤلات جريئة تسعى إلى الكشف والاكتشاف بدلا من فكرة "التكريس" و"التأكيد" و"التبني"، فالفيلم لا يتيح للجمهور المشاهد أدنى فرصة لطرح التساؤلات أو التوقف أمام حدث ما في حياة الفنانة للولوج إلى عالمها من زاوية أخرى غير مألوفة، في نسيج مركب يتسم بالحيوية والانتقال بين الخيوط المختلفة لرواية "دراما" وثائقية عن تحية كاريوكا، والتحقيق أيضا فيما تقوله الشخصيات عنها، فلماذا لم تكلف نبيهة نفسها مثلا توجيه سؤال واحد إلى رجاء الجداوي عن تقاعسها عن تقديم المساعدة الحقيقية إلى خالتها تحية كاريوكا في أواخر حياتها، دون التذرع بأنها كانت ترفض المساعدة في حين أنها قبلتها من سيدة كويتية أهدتها مسكنا!
إن فيلم "كاريوكا" مشروع فيلم بدا أنه صنع على عجل، أساسه هو تركيب مجموعة من الصور على صوت التعليق المدرسي الذي استغنت عنه السينما الوثائقية الحديثة منذ عقود، مع عدد من الشهادات التي يتم مزجها كيفما اتفق، وتذبذب في الإيقاع بطريقة تفقدنا القدرة على المتابعة، واستخدام الكثير من اللقطات غير الصالحة من الناحية البصرية للاستخدام في السينما، فقط لما تظن المخرجة أن لها قيمة تاريخية، ونميل إلى أن هذه الصور تتوفر بصورة أفضل، ولكن ربما تكون أكثر تكلفة من الناحية المادية.
لهذه الأسباب فإن فيلم "كاريوكا" هو مشروع فيلم قد يثير استفزاز سينمائيين آخرين وتحفيزهم لصنع الفيلم الأكثر اكتمالا، الذي يليق بمكانة "كاريوكا"!
الأربعاء، 21 أكتوبر 2009
مرة أخرى: المهرجانات ودعم الأفلام
الأحد، 18 أكتوبر 2009
في ضوء الجدل الدائر حول مهرجان أبو ظبي ومسألة "خطف" الأفلام بالمال
هذا الطرح صحيح تماما ولكن ليس صحيحا ما قاله من أنه لم يجد حتى الآن زميلا يؤيده في ذلك، فقد كتبت بالحرف الواحد وأنا مازلت في مهرجان أبو ظبي نفسه في هذا الموقع بتاريخ 11 أكتوبر في اطار اليوميات التي تمكنت من نشرها وسط كل المشاغل، فقلت:
((مؤكد أنني لا أوافق على أن يصبح سلاح المال هو السلاح الحاسم في المنافسة بين مهرجان ابو ظبي وغيره من مهرجانات المنطقة سواء المهرجانات التي تقام في الدول النفطية مثل دبي والدوحة، أو في الدول المائية مثل القاهرة ودمشق وقرطاج وتطوان (.....)
((سمعت بالطبع ما تردد عن دفع الكثير من الأموال لبعض المخرجين للحصول على حق العروض الأولى لأفلامهم، وهو سلوك مرفوض أساسا لأنه يفسد السينمائيين ويجعل المال هو القيمة الأساسية في مشاركتهم بالمهرجانات، كما أنه سلاح لا يأخذ في الاعتبار أن الذين يستخدمونه يسيؤون إلى أنفسهم ايضا وإلى مهرجاناتهم، لأنه يظهرهم باعتبارهم أناسا من فصيلة "محدثي النعمة" الذين يستسلهون كثيرا اخراج دفاتر شيكاتهم وشراء كل من يمكن شراؤه بالمال)).
انتهى الاقتباس. وقد كررت نفس رأيي هذا خلال رسالة لإذاعة بي بي سي العربية أثناء تغطية المهرجان. غير أنني اكتشفت بعد ذلك أن الموضوع له شقان في الحقيقة ولا يجب النظر إليه من زاوية واحدة.
أما الزاوية الأخرى فهي أن القائمين على أمر مهرجان أبو ظبي أعلنوا أنهم قدموا دعما ماليا بالفعل لثلاثة "مشاريع سينمائية" (من المنطقة العربية) أو لمخرجين عرب، "التي توقفت في مراحلها النهائية بسبب نقص التمويل اللازم لاكمالها" حسب البيان الصادر عن المهرجان. هذه المشاريع أو الأفلام هي تحديدا "ابن بابل" لمحمد الدراجي العراقي، و"ميناء الذاكرة" لكمال جعفري الفلسطيني، و"شيوعيين كنا" لماهر أبي سمرا اللبناني".
وقد عرض الفيلم الأول في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، والثاني في مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، والثالث خارج المسابقات كعمل غير مكتمل أي لم ينته التوصل إلى صيغته النهائية بعد.
وأعلن المهرجان بالحرف- حسب بيانه- أن تمويل هذه الأفلام جاء من "القيمة المالية الاجمالية لجوائز المهرجان البالغة مليون دولار كجزء من جهد أكبر يهدف إلى اعادة تخصيص بعض من هذه الجوائز المالية السخية بما يتفق مع غايات المهرجان من رعاية التطوير اللازم لصناعة سينمائية في المنقطة باتت أقوى من أي وقت مضى".
هنا أتوقف قليلا لأنني كنت أحد الذين تصدوا منذ سنوات لقيادة حملة لم تتوقف أبدا، تنادي بضرورة ألا تصبح المهرجانات السينمائية العربية مجرد جهات تستهلك الأفلام دون أن تدعمها، وتعرضها لكنها لا تساهم في إنتاجها في حين أننا في منطقة يصعب كثيرا فيها العثور على تمويل للمشاريع الجادة، كما أن الميزانيات الضخمة المخصصة لجوائز بعض هذه المهرجانات من الأفضل أن يذهب جزء منها لدعم واكتشاف المشاريع الجديدة الطموح وليس فقط تكريم ومكافأة ما أنتج فعلا.
هذا على سبيل المثال، جزء من مقال نشرته بتاريخ 19 أغسطس 2008 في هذا الموقع تحتعنوان "ماذا تقدم المهرجانات السينمائية العربية للسينما":
((أما الملفت أكثر للنظر، فهو أن الأغلبية العظمى من مهرجاناتنا العربية (في العالم العربي عموما) قد تولي اهتماما للأفلام، أي تهتم باستهلاك الأفلام، إلا أنها تهمل تماما دعم الأفلام.نعم هناك كثير من الندوات والمؤتمرات والموائد المستديرة والمستطيلة التي تخصص لمناقشة "أزمة الإنتاج" "وطرق دعم الإنتاج" و"الإنتاج المشترك" والتنسيق بين "الشمال والجنوب". لكن لا أحد يكلف نفسه الاهتمام بوضع "آلية" محددة لدعم الإنتاج السينمائي الذي يتميز بجرأة تتجاوز السائد في السوق السينمائي، حتى لو جنح العمل إلى أقصى حدود التجريب، فبدون هذا التجريب لا تتطور السينما بل تظل تدور حول نفسها دون أن تجاوز الأساليب القديمة، في السرد أو في الإخراج.
((مهرجاناتنا السينمائية لا تهتم بدعم مشاريع لأفلام جديدة تمتلئ بالطموح وتكشف عن موهبة أصحابها، من خلال ورش الإنتاج ومسابقات السيناريو ومؤسسات راسخة تستطيع الحصول على التمويل من جهات متعددة، وتتمكن من الاستمرار في تمويل المشاريع السينمائية الجريئة (شريطة الاعتماد في الحكم على هذه المشاريع على لجان متخصصة من السينمائيين والخبراء من العالم الخارجي وليس على "شلل" المرتزقة والمنتفعين سيئة السمعة. فهذه المهرجانات يهمها أساسا الجانب الاحتفالي الاستعراضي الدعائي، والتفاخر الكاذب بأننا أصبحنا لا نقل عن مهرجان "كان" بعد أن نجحنا في فرش البساط الأحمر، وبعد أن ظهر السيد الوزير لكي يؤكد لنا أن "السينما فن يعمل من أجل بناء الإنسان" و"تطوير الذوق العام في المجتمع"، وهي بالطبع مقولات متكررة ومضحكة)).
انتهى الاقتباس ما كتبته هنا منذ أكثر من عام، والآن أليس من واجب النقاد العرب الوقوف إلى جانب دعم السينمائين العرب والسينما العربية.. أليس هذا أفضل من حصول أفلام أمريكية وأوروبية على الدعم كما كان يحدث في مهرجان أبو ظبي في الماضي وتعرض لانتقادات شديدة عن حق؟
ألم نكن دائما نكتب لنضرب المثل بما يقدمه مهرجان روتردام من خلال مؤسسة "هيوبرت بالس" لدعم المشاريع الفنية السينمائية بما فيها أفلام تنتمي إلى منطقتنا وثقافتنا؟ وألا يكون في الهجوم على هذا الدعم واتهامه بأنه يسعى إلى تقويض مهرجانات أخرى، تناقضا بين مواقف الناقد نفسه، وأنا أقصد مواقفي الشخصية!
النقطة الاخرى المهمة هنا أنه إذا كان المهرجان يعتبر نفسه طرفا إنتاجيا في الفيلم (وهو ما أرى أنه من حقه تماما في هذه الحالة) فهل يصبح من حقه أيضا أن يشترط ضرورة عرضه لديه قبل غيره؟ وهل هذا ما يفرضه أيضا مهرجان روتردام السينمائي؟
المؤكد أن "الاحتكار" مرفوض ومدان لأنه يتناقض مع مبدأ المنافسة الحرة أساسا، وأن "سلاح المال" يمكن أن يساء استخدامه أيضا مما قد يؤدي إلى كوارث على أصحابه وعلى الآخرين.
غير أن من الواضح أن هناك نقاطا عدة يمكن أن يدور حولها الجدل منها:
* هل المهرجان" لعرض الأفلام فقط بغرض الترويج للثقافة السينمائية، أو يتعين عليه أن يلعب دوره في دعم الإنتاج (المحلي والاقليمي أساسا) خاصة وأننا نعيش في نطاق "سينما نامية أو تحت التكوين" وبالتالي لا تصلح المقارنة هنا مع مهرحان كان أو برلين وغيرهما؟
* هل يمكن اعتبار دعم انتاج المشاريع الفنية الطموح من الأفلام العربية نوعا من الإرهاب للمهرجانات العربية الأخرى التي لا تستطيع تقديم دعم مماثل؟ أم أن الدعم مسألة مبدأ بغض النظر عن قدرة مؤسسة ما دون غيرها على تقديمه؟
* هل يجب ان تكتفي المهرجانات السينمائية "الفقيرة" بدورها في "عرض" الافلام إلى حين يمكن أن تدعم الانتاج بطرق أخرى؟
* في حالة وجود أموال يلوح بها لشراء العروض الأولى للأفلام في مهرجان ما، ألا تنعكس المسؤولية أيضا على السينمائيين الذين يستجيبون لهذا ويجرون وراءه أم أن المسؤولية تنحصر فقط في المهرجانات؟
* هل تعد المنافسة المفتوحة بين المهرجانات أمرا إيجابيا يؤدي إلى تطوير هذه المهرجانات، أم أن من الضروري "ضبط" تلك المنافسة، والتضرع للمهرجانات الغنية بأن تقلل مما تنفقه من ميزانيات على مهرجاناتها لكي لا تظلم المهرجانات الفقيرة، أم من الأفضل دفع المهرجانات الفقيرة إلى أن تصبح أقوى وأكثر من ناحية القدرة المالية خاصة وأن "الدول المائية" التي تقام فيها هذه المهرجانات تنفق أضعاف ما تنفقه على مهرجان السينما الدولي لديها (القاهرة مثلا) على مهرجانات أخرى مثل مهرجان المسرح التجريبي في مصر لأن (الوزير الفنان عاوز كده!).. بل وهناك أيضا مهرجان دولي آخر كبير (في دولة مائية أخرى أي غير نفطية) هي المغرب ينفق عليه كما ينفق على مهرجانات الخليج وربما أكثر وهو مهرجان مراكش الدولي الذي يهتم أكثر، بالحصول على أفلام أمريكية واوروبية حديثة!
* هل المنافسة بين المهرجانات والانحياز لمهرجان دون آخر، أو لمدير مهرجان دون غيره بحكم الصداقة أو التعاون المشترك أو غير ذلك، من الممكن أن تلعب دورا في إشعال ساحة الخلاف، وألا يستدعي الأمر النظر إلى الأمور من زاوية الموقف المحايد النزيه الذي يقيس الأشياء من مقياس المبدأ وليس الأشخاص؟
* هل وجود المهرجان السينمائي الدولي الخليجي يمكن أن يكون في الفراغ، أم لابد من وجوده ضمن مشروع ثقافي متكامل يعكس رغبة حقيقية في التأسيس لوجود سينمائي حقيقي في بلدان الخليج تصبح منتجاته السينمائية بمضي الوقت متوفرة ومتاحة في الأسواق الخليجية وغيرها كما يمكن عرضها من خلال شاشات التليفزيون؟
هذه الأسئلة ربما تصلح مدخلا لمناقشة الأمر بنوع من التعمق أكثر مستقبلا. وربما عدت إلى مناقشته مرة أخرى، وفي انتظار تعليقات الزملاء والأصدقاء والقراء.. على البريد التالي amarcord222@gmail.com
السبت، 17 أكتوبر 2009
جوائز الدورة الثالثة من مهرجان أبوظبي (الشرق الأوسط) السينمائي
وجاء الإعلان عن الأفلام الفائزة بعد عشرة أيام من الاحتفاء بالسينما شهدتها أبوظبي من خلال عرض 128 فيلماً، وتنافس 17 فيلماً روائياً و14 فيلماً وثائقياً و25 فيلماً قصيراً و10 أفلام قصيرة من إخراج طلبة الفن السينمائي على جوائز "اللؤلؤة السوداء" التي شارك ضيوف المهرجان من كبار النجوم العالميين، بمن فيهم نعومي واتس وإيفا مينديس، بتقديمها إلى الفائزين.
وكان المهرجان قد منح جائزة "اللؤلؤة السوداء" الخاصة للفنانة فانيسا ريدغريف عن مجمل أعمالها وإنجازاتها الفنية أثناء حفل الافتتاح يوم 8 أكتوبر الجاري.
الجوائز والفائزون
مسابقة الأفلام الروائية الطويلة
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي (100 ألف دولار) - فيلم "عشاق الصرعات" للمخرج فاليري تودوروفسكي (روسيا).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل مخرج أفلام روائية جديد (50 ألف دولار) - غليندن آيفن عن فيلم "الجولة الأخيرة" (أستراليا).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي من الشرق الأوسط (100 ألف دولار) - فيلم "الزمن الباقي" للمخرج إيليا سليمان (فلسطين).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل مخرج أفلام روائية جديد من الشرق الأوسط (50 ألف دولار) - بيلين إسمر عن فيلم "10 حتى 11" (تركيا).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل ممثل (25 ألف دولار) - حامد بهداد في فيلم "لا أحد يعرف بأمر القطط الفارسية" للمخرج بهمن قبادي (إيران).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل ممثلة (25 ألف دولار) - أليشيا لاغونا وسونيا كووه عن فيلم "بلا شمال" للمخرج ريغوبيرتو بيريزكانو (المكسيك).
* تنويه خاص من لجنة التحكيم - فيلم "بلا شمال" للمخرج ريغوبيرتو بيريزكانو (المكسيك).
مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم وثائقي (100 ألف دولار) - فيلم "غاندي الحدود: بادشاه خان، شعلة من أجل السلام" للمخرجة تي. سي. مكلوهان (أفغانستان، الهند، باكستان، الولايات المتحدة).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل مخرج أفلام وثائقية جديد (50 ألف دولار) - يوهان غريمونبريز عن فيلم "اللقطة المزدوجة" (هولندا، بلجيكا).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم وثائقي من الشرق الأوسط (100 ألف دولار) - عن فيلم "في الطريق الى المدرسة" للمخرجين أورهان إسكيكوي وأوزغان ألبير (تركيا).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل مخرج أفلام وثائقية جديد من الشرق الأوسط (50 ألف دولار) - محمد زرن عن فيلم "زرزيس" (تونس).
* تنويه خاص من لجنة التحكيم - فيلم "عصر الحمقى" للمخرجة فراني آرمسترونغ (المملكة المتحدة).
مسابقة الأفلام القصيرة
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم روائي قصير (25 ألف دولار) - فيلم "رجل بـ 6.50 دولار" للمخرجين مارك البستون ولوي سذرلاند (نيوزيلندا).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم وثائقي قصير (25 ألف دولار) - فيلم "واجاه" للمخرجين سوبريو سن ونجف بيلغرامي (باكستان، الهند، ألمانيا).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم قصير من الشرق الأوسط (25 ألف دولار) - فيلم "طرابلس علهَدا" من إخراج رانيا عطية ودانييل غارسيا (لبنان).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم قصير من إخراج الطلبة - الجائزة الأولى (15 ألف دولار) - فيلم "آنا" للمخرج رونار رونارسون (الدنمارك).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم قصير من إخراج الطلبة - الجائزة الثانية (10 ألاف دولار) - فيلم "كاسيا" للمخرجة إليزابيث ليادو (بلجيكا).
* جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم قصير من إخراج الطلبة - الجائزة الثالثة (5 آلاف دولار) - فيلم "شوتاغ" للمخرج مارفن كرين (ألمانيا).
* جائزة اختيار الجمهور (25 ألف دولار)- "لا أحد يعرف بأمر القطط الفارسية" للمخرج بهمن قبادي (إيران).
* تنويه خاص من لجنة التحكيم (الأفلام الروائية القصيرة) - فيلم "التوظيف" للمخرج سانتياغو "بو" غراسو (الأرجنتين).
* تنويه خاص من لجنة التحكيم (الأفلام الوثائقية القصيرة) - فيلم "القطيع" للمخرج كين ووردروب (إيرلندا).
* تنويه خاص من لجنة التحكيم (الأفلام الروائية القصيرة من الشرق الأوسط) - فيلم "فاتنة" للمخرج أحمد حبش (فلسطين).
* تنويه خاص من لجنة التحكيم (الأفلام الوثائقية القصيرة من الشرق الأوسط) - فيلم "ربيع 89" للمخرجة أيتن أمين (مصر).
* تنويه خاص من لجنة التحكيم (الأفلام القصيرة من إخراج الطلبة) - فيلم "حارتنا" للمخرج روب كونولي (الولايات المتحدة).
لجان التحكيم
مسابقة الأفلام الطويلة
عباس كياروستامي - رئيس اللجنة
جوان تشين
سونيل دوشي
مايكل فتزجيرالد
نايلة الخاجة
محمد خان
مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة
جيمس لونغلي - رئيس اللجنة
غونزالو أريهون
جوسلين بارنز
رشيد مشهراوي
هند صبري
مسابقة الأفلام القصيرة
يسري نصرالله - رئيس اللجنة
ديبا ميهتا
غاري ماير
منة شلبي
شادي زين الدين
توضيح بشأن فيلم "المسافر"
الجمعة، 16 أكتوبر 2009
من مهرجان أبو ظبي السينمائي (5)
التكهنات هنا ليست كبيرة: الأفلام العربية لابد أن تحصل على قسم لا بأس به من الجوائز (ذات القيمة المالية الكبيرة) بحكم النظام الجديد الذي ابتكره المهرجان وهو نظم عادل يرمي إلى تشجيع السينما العربية.
من بين افلام المسابقة التي عرضت عرضها الثاني مساء أمس الفيلم الكندي الإنتاج "الطهي مع ستيلا" وهو من اخراج المخرج الهندي ديليب ميهتا ومن تأليفه مع شقيقته المخرجة الشهيرة ديبا ميهتا.
وهو نوع من الكوميديا الاجمتماعية الساخرة يجسد مخرجه من خلال تداخل العلاقات فكرة العلاقة بين السادة والخدم، وتناقض المفهوم الغربي للموضوع مع المفهوم الشرقي، ومن خلال مآزق ومفارقات صغيرة متفرق. وستيلا هي الطاهية العجوز التي تنتهز كل فرصة لاستغلال مخدوميها ولا تقبل أبدا التعامل معهم على قدم المساواة كما يطالبونها. ورأيي الخاص أن الممثلة الرائعة التي قامت بالدور الرئيسي (أي دور الطاهية المتلاعبة) تستحق جائزة التمثيل.
الجمهور تجاوب كثيرا مع الفيلم وأحداثه وشخصياته، ولكن علمت من مخرجه أن السفير الهندي الذي حضر أمس عرضه الثاني في المهرجان أبدى استياءه الشديد بل واحتج لدى المهرجان على عرض الفيلم بدعوى أنه يسيء إلى الهند كشعب وثقافة (رغم اظهاره الوجه الايجابي من خلال شخصيات أخرى وبحثه عن مبررات لتصرفات الشخصية الرئيسية ورغم كونه من اخراج مخرج هندي).
هذا الأمر يذكرني بما ينتاب بعض المسؤولين المصريين في الكثير من الأحيان، تحت ضغط قوى الظلام التي يترك لها العنان لممارسة ابتزازها للشعب حتى يمكن استخدام هذ ا الابتزاز وسيلة لكي تبتز الحكومة دولا أخرى تدعمها، بدعوى "الخطر الأصولي" بينما يمكن مكافحة التطرف بكل أشكاله إذا تركنا الحرية تحلق.. لكن هذا موضوع آخر يرتبط بكل تأكيد، بنمو الحركة الشعبية وثقافة الناس. هؤلاء المسؤولين يهبون بين وقت وآخر لاتهام صانعي الأفلام وغيرها، بأبشع الاتهامات بدعوى الحفاظ على القيم ما يطلقون عليه "ثوابت الأمة" بينما يخالفون هم يوميا كل القيم والثوابت بما هو ثابت في سجلات البنوك والرقابة الادارية وملفات الأمن، بل ويوجد أحد رموزهم حاليا في السجن بعد الحكم عليه بالاعدام لتقل عشيقته التي طارت من قفصه!
وقد أذهلتني المفاجأة، فما أكتبه في موقع بي بي سي أو غيره منشور ومعلن ويقرأه المهتمون، والعلاقات بين نقاد السينما وأصحاب المواقع تتيح لهم التواصل والاتصال مهما بلغت المسافات فيما بينهم، ويمكن كشف الأمر بسهولة لأننا لا نعيش في قرية معزولة عن الدنيا، بل في قرية الكترونية متصلة. والمقال المسروق من أكثر مقالاتي انتشارا وشيوعا بين القراء فقد تردد عليه عند نشره في موقع بي بي سي العربي أكثر من من مائة ألف قاريء، وعاد وقرأه كثيرون بعد ذلك عند نشره في هذا الموقع، كما أن أسلوب كاتبه معروف أيضا للقراء، ولم يسبق أن كتب نقاد عرب عن الفيلم غيري باستثناء بعض التعليقات العابرة المترجمة.
((بعث لي الزميل والصديق أمير العمري برسالة تلفت النظر الى أن الموضوع الذي نٌشر هنا بتاريخ الرابع عشر من هذا الشهر تحت عنوان »جنس وفلسفة« (عنوان فيلم محسن مخملباف الأخير) بقلم الناقد خالد ربيع السيّد، هو منقول عن مقالته المنشورة عن الفيلم نفسه في موقع البي بي سي كما في موقعه الخاص "الحياة في السينما". وقد قارنت بالفعل بين المقالتين ووجدت أن مقالة خالد ربيع السيد مبنية بالكامل، مع تغييرات معيّنة، على مقالة الزميل أمير العمري٠بناءاً على ذلك، قمت على الفور بحذف مقالة الأخ خالد ربيع السيد وبعثت للأخ أمير بإعتذار خالص وأكرر هذا الإعتذار بمطلق اختياري وحرّيتي ورغبتي٠أضيف الى ذلك، أنني في خندق واحد ضد كل عملية سطو او لطش او نقل او سرقة أي مقال من أي كاتب لأن في هذا السطو، على أشكاله، إهانة لجهد الكاتب الأصلي لا تبرير لها على الإطلاق إلى جانب إنها بالدرجة الأولى إهانة للكاتب الناقل تسيء إليه قبل سواه، ويجب أن لا يرضى بها أساساً عبر الإمتناع عن السطو على جهد الآخرين جملة وتفصيلاً٠))
شكرا للزميل محمد رضا على موقفه الحاسم والحازم (وإن كان قد نسى حذف التنويه الموجود في فهرس العدد عن المقال باسم الكاتب- اللص)، وقد وعدته بأنني سأزوده بالمزيد من كتابات الناقد- المزعوم- السارق التي تمتليء بسرقات أخرى من مقالاتي ومقالات غيري والتي اطلعت على قسم منها.
الخميس، 15 أكتوبر 2009
في مهرجان أبو ظبي السينمائي (4)
لكني أود أن أسوق ملاحظة تتعلق بمقدمة (أو مقدم) الأفلام قبل عرضها أو قبل مناقشتها وبعد عرضها، وهي ملحوظة أساسها أن مقدم الفيلم لا ينبغي أن يقف لكي يقول شعرا في الفيلم وفي مخرجه ويتكلم (كما حدث مرارا وتكرارا) باستطراد وتفصيل لكي يمتدح الفيلم بل ويحلل أيضا بعض لقطاته واجزائه في حين أن الفيلم نفسه قد تختلف الآراء بشدة حوله بل وقد يكون كارثة كبرى أيضا (وهو رأيي المؤكد في فيلم من الأفلام التي حصلت على دعم مالي من المهرجان وسأكتب عنه فيما بعد تفصيلا وقد تم تقديمه بمديح مبالغ فيه لدرجة مقرفة).. ليس من حق موظفة في المهرجان أن تفرض أو تنحاز لأفلام تشارك في المسابقات الرسمية وتتنافس على جوائز مالية لما في ذلك من تأثير مؤكد، على الجمهور أو على لجنة التحكيم، أو حشد للرأي العام، أو بما يتنافى تماما مع قواعد اللياقة والأدب!
لم يحدث في تاريخ أي مهرجان سينمائي كبير ينظم مسابقة أن جاء مدير المهرجان مثلا لكي يمتدح بشكل خاص فيلما يتنافس على جوائز المهرجان بشكل مبالغ فيه يعكس أيضا نوعا من النرجسية أي الاشادة باختيار الفيلم والاعراب عن سعادة خاصة بالحصول عليه.. وهو ما يفعله مثلا مدير المهرجان بيتر سكارليت، وغيره من مساعديه!!
* النقطة الأخرى التي لاشك أن سكارليت يتحمل مسؤوليته عنها وكذلك المخرج المصري أسامة فوزي، تتعلق بأنه بعد أن تم ادراج فيلم أسامة الجديد المنتظر "بالألوان الطبيعية" في المسابقة قبل أن يتأكد المهرجان من وصول النسخة، وبعد أن وصلت متأخرة اكتشف المهرجان أن بها عيوبا في الصورة مدمرة تماما، فقاموا بتأجيل عرض الفيلم مما أصاب البرنامج بالاضطراب والفوضى وأصابنا نحن أيضا، الذين حجزنا بطاقات لمشاهدته، بالاحباط والاضطراب وأصبح علينا الحصول على بطاقات بديلة لمشاهدة أفلام بديلة.. إلخ
وبعد ذلك وفي اللحظة الأخيرة أي قبل ساعات من عرض الفيلم اليوم الخميس، أعلن المهرجان الغاء عرض الفيلم واستبعاده تماما من المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة في حادث قد يكون الأول من نوعه في هذا المهرجان.. وأراه عيبا خطيرا.. فكيف لم يكلف أحدا نفسه بمراجعة النسخة قبل شحنها أو تسفيرها؟ وكيف يكتشف المهرجان عيوبها متأخرا إلى هذه الدرجة؟!
خسارة كبيرة بالتأكيد لنا ولعشاق أفلام هذا المخرج.
وقد علمت أن النسخة كانت قد حولت نسخة من مقاس 35 مم إلى نسخة رقمية (ديجيتال) ثم إلى نسخة سينمائية مرة أخرى .. وهي النسخة غير الصالحة للاستهلاك التي وصلت للمهرجان من لندن قبل أن يشاهدها المخرج على الأرجح!
وكنت قد كتبت من قبل أقول إنه كان يتعين على المهرجان أن يفتتح بهذا الفيلم بدلا من فيلم "المسافر" الذي سبق أن عرض في فينيسيا واحترق بسبب ما أثير حوله من خلافات بلغت مستوى الاتهامات من جانب بطله عمر الشريف لمخرجه أحمد ماهر. وقد اخطأت في تقديري فلم أكن أعلم أن المهرجان لم يكن قد أمن أصلا وصول نسخة صالحة من الفيلم، وربما كان سيضعه في الافتتاح إذا كان الفيلم قد أصبح وصوله مضمونا قبل الافتتاح.
* الفيلم الإيراني "عن إيلي"- خارج المسابقة- مفاجأة مدهشة بمستواه الفني ولغته السينمائية العالية وبساطة الفكرة التي تحمل الكثير من العمق رغم ذلك. وهو أيضا درس للكثير من مخرجي الأفلام الحديثة في الاقتصاد في السرد وفي الزمن، فبكل أسف أرى أن الكثير من هذه الأفلام، سواء في هذا المهرجان أو غيره، أطول كثيرا مما كان الأمر يقتضي، أي أنها "منفوخة" كثيرا، كما أرى أنها أيضا تخلو من رؤية فكرية أو فلسفية، وتمتليء بالكثير من الادعاءات الفنية والافتعال والتصنع والفلسفة الكاذبة، لضمان الحصول على إعجاب بعض الدوائر في فرنسا (أقصد الدوائر التي تقدم الدعم المالي). أفضل فيلم ايراني شاهته منذ سنوات بعد أن فقدت السينما الايرانية بريقها.
* المخرج الكبير محمد خان عضو لجنة التحكيم (الأفلام الروائية الطويلة) موجود هنا مع زوجته كاتبة السيناريو وسام سليمان، لكنه يجد أيضا وقتا لمشاهدة الكثير من الأفلام الأخرى خارج المسابقة باعتباره عاشقا حقيقيا للسينما وليس فقط أحد محترفيها. قضينا معه، أحمد الحسني مدير مهرجان تطوان، وأنا، وقتا ممتعا بعد ظهر اليوم، تكلمنا وضحكنا وسخرنا من كل شيء واسترجعنا الماضي، وتفلسفنا أيضا، ولكن بدون الحصول على أي دعم من أحد!
الأربعاء، 14 أكتوبر 2009
في مهرجان أبو ظبي السينمائي (3)
* الفيلم الأول التحفة الذي أشاهده في المهرجان حتى الآن هو فيلم "مبدأ الصدمة" The Shock Doctorine للمخرج البريطاني مايكل وينتربوتوم الذي يوازي في قدرته التحليلية بالصوت والصورة فيلم مايكل مور الأخير "الرأسمالية: قصة حب".
* الإعلان مساء أمس عن إلغاء العرضين اللذين كانا مخصصين للفيلم المصري "بالألوان الطبيعية" للمخرج أسامة فوزي (جنة الشياطين، عفاريت الأسفلت، بحب السيما) أحدث ارتباكا ولازلت غير متأكد ماما من الأسباب. وقد أعلن عن عرض وحيد للفيلم بعد ظهر الجمعة. وقد سمعت أن مشادة بالصوت العالي وقعت أمس بين أسامة ومدير المهرجان بيتر سكارليت ربما ترجع لعدم تخصيص استعراض للعاملين بالفيلم على البساط الأحمر (موضة وصرعة اصابت كل المهرجانات العربية حاليا حيث يدعون المصورين ومحطات التليفزيون لالتقاط الصور فيما الممثلون يرتدون ملابس السهرة – أحيانا في عز الظهر- ويتمايلون على البساط الأحمر على غرار ما يحدث في مهرجان كان). وسمعت أيضا أن سكارليت عقد جلسة فيما بعد مع أسامة وقام بتهدئة الأمر.
* قابلت مصادفة الممثلة العملاقة كما تبدت في دورها في فيلم يسري نصر الله "احكي ياشهرزاد" رحاب الجمل. ودار حوار رائع بحضور الممثلة والمغنية اللبنانية مايا نصري التي اكتشفت أنها تتمتع بروح عالية وبقرة على "التأمل" الفلسفي أيضا في مغزى الحياة، وتطرح الكثير من التساؤلات الجريئة. وقد علمت من الصحفي وائل عبد الفتاح أنها خطبت للمخرج المصري ايهاب لمعلي مخرج فيلم "الدكتاتور". وقد انضم الينا في المناقشة الممثل الكبير محمود حميدة.
* فيلم محمد زرن "زرزيس" غير الروائي مثير للتأمل والاهتمام، وسأعود إلى مشاهدته في نسخة رقمية للاستمتاع به. بالمناسبة قاعة سيتي ستار التي عرضته كانت ممتلئة، كما امتلأت عن آخرها أيضا بالجمهور لمشاهدة فيلم "مبدأ الصدمة" وهو ما يؤكد نظريتي الخاصة بوجود جمهور عريض على استعداد لشراء تذاكر لمشاهدة أفلام تسجيلية.
* الفيلم الهندي "أزرق" يحمل نفس عنوان الفيلم الشهير من بطولة جوليت بينوش للمخرج البولندي الراحل كيشلوفسكي، نال الكثير جدا من الدعاية هنا.. لا أظن أنه سيتاح لي الوقت لمشاهدته. ومنتجو الفيلم أقاموا حفلا ساهرا كبيرا وجهوا فيه الدعوة إلى كل ضيوف المهرجان.
* من أكثر ما سمعت إثارة من تعليقات في الأفلام ما قاله رجل لمجموعة من الصبية في فيلم "زرزيس" التونسي "دعونا نفجر أنفسنا حتى يرانا الناس في قناة الجزيرة"!
الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009
في مهرجان أبو ظبي السينمائي (2)
النظام دقيق للغاية، وحركة الانتقال بين الفنادق وأماكن العروض متصلة ومنتظمة، وعدد المتطوعين وغيرهم من العاملين في المهرجان كبير بدرجة ملفتة، وبمجرد أن تطا قدماك أرض قصر الإمارات مثلا تجد الجميع في خدمة الضيوف والصحفيين بدون أدنى تفرقة.
مشكلة العرض في مهرجان أبو ظبي هي نفسها في كل مهرجانات السينما التي تقام من المحيط إلى الخليج كما سبق أن كتبت قبل عام بالضبط وأنا في صدد رصد سلبيات مهرجان قرطاج السينمائي ،وأقصد بالطبع أن المهرجان لا يخصص قاعة للعروض الصحفية أو للعروض التي يقتصر حضورها على الضيوف من السينمائيين والصحفيين شأن كل المهرجانات الكبيرة المعروفة في العالم. وهو ما يجعل النقاد مضطرين إلى حجز بطاقات المشاهدة للعروض مسبقا، فالبطاقة الصحفية حتى لا تكفي لدخولهم إلى قاعات العروض، وهو أمر أجد استمراره غريبا في ظل إدارة بيتر سكارليت الذي يمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال. لكني أضيف أيضا للموضوعية، أن الحصول على بطاقات للمشاهدة سهل وميسور بل ومن الممكن أن يحجز الصحفي بطاقات كل العروض حتى نهاية المهرجان من اليوم الأول.
* لاشك على الإطلاق، وهذا أمر يجب تكراره والتذكير به دائما، على أن من أهم ما توفره المهرجانات العربية لنا نحن النقاد فرصة الالتقاء وتجديد الصلات والاتصالات بيننا وبعضنا البعض، وبيننا وبين السينمائيين أيضا.
* التقيت هنا بالصديق القديم الناقد السينمائي المصري كمال رمزي الذي تربطني به علاقة قديمة تاريخية من أيام بداياتي الأولى، من الزمن الذي ذهب ولن يعود، أيام نادي سينما القاهرة في السبعينيات. وميزة كمال أنه إنسان طيب ومتسامح وأيضا لا ينسى الأيام الجميلة والصحبة وما يعرف بالعيش والملح، وبالتالي هو على استعداد لأن يغلب الجانب الإنساني الجميل على أي شيء آخر. وكمال هو الناقد الرسمي لمسابقة أفلام من الإمارات هذا العام.
وهنا أيضا الناقد المصري المقيم في الكويت عماد النويري الذي لم أعد أراه كثيرا في المهرجانات العربية التي أحضرها، أقصد المهرجانات غير الخليجية، والناقد السوري الشاعر فجر يعقوب، وطبعا الناقد الأردني الكبير عدنان مدانات الذي لم أره منذ أن قابلته آخر مرة في أحد مهرجانات المغرب قبل نحو 17 عاما!
هنا أيضا الصديق أحمد الحسني مدير مهرجان تطوان السينمائي، والصحفي طارق الشناوي، والصحفي وائل عبد الفتاح ومن السينمائيين الذين أرتبط بصداقات والموجودين هنا أيضا معهم محمد خان عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية، ويسري نصر الله الذي يرأس لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، وأسامة فوزي (الذي سيعرض فيلمه "بالألوان الطبيعية" بعد يومين، في عرضه العالمي الأول بعد أن انتهى من استكماله أخيرا)، والمخرج الفلسطيني الصديق رشيد مشهراوي (عضو لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية). وهنا أيضا الممثل البارز محمود حميدة، وطبعا كل أو معظم المثلين والممثلات في فيلم "هليوبوليس" (حنان مطاوع وهي ممثل رائعة لم تحصل بعد على فرصتها للوصول للنجومية)، وخالد أبو النجا، والممثلة الناشئة يسرى اللوزي (التي تحتاج بالتأكيد إلى تدريبات على الأداء الصوتي)، وغيرهم وغيرهن.
* وبمناسبة لجان التحكيم من ضمن ما يؤخذ على هذا المهرجان، وما أجده شخصيا أمرا شاذا ومثيرا للاستنكار أن تخلو لجان التحكيم الثلاث في المهرجان (الروائية الطويلة، والوثائقية الطويلة، والأفلام القصيرة) من النقاد السينمائيين تماما، كما لو كان نقاد السينما قد أصبحوا أعداء للسينما، في حين أن النقاد هم الأكثر قدرة في الحكم على الأفلام من الممثلين والممثلات بل وإحداث نوع من التوازن داخل لجان التحكيم لأنهم لا ينحازون إلى أسلوب سينمائي معين (أو هذا ما يفترض أساسا) بل ينحازون للأفلام الجيدة بغض النظر عن أسلوب الإخراج.
ومن ناحية أخرى تضم لجنة تحكيم الأفلام القصيرة الممثلة منة شلبي التي لا أعرف أيضا كيف يمكنها أن تحكم على هذه الأفلام بخبرتها المحدودة في العمل السينمائي عموما. ورأيي أنه إذا كان ولابد أن تضم لجان التحكيم ممثلين أو ممثلات للحكم على مستوى التمثيل في الأفلام المتنافسة فيجب أن تكون تلك الأسماء من الممثلين أصحاب الخبرة الطويلة في التمثيل، وليس من ممثلات شابات ناشئات مهما كان اعجابنا الشخصي بهن!
* شاهدت فيلم "الليل الطويل" السوري لحاتم علي، وهو دراما ثقيلة عن الاعتقال السياسي في سورية ولاشك في جرأته الفكرية، وشاهدت فيلم "هليوبوليس" المصري للمخرج الشاب أحمد عبد الله، وهو تجربة جديدة من تجارب "السينما المستقلة"، وطبعا يجمع بين الفيلمين أنهما صورا بكاميرا الديجيتال ثم جرى تحويلهما إلى شريطين سينمائيين. وقد توجهت بسؤال خلال المؤتمر الصحفي لفيلم "هليوبوليس" بعد ظهر اليوم إلى مخرج ومنتج الفيلم حول ما اذا كانت هناك أصلا "ضرورة" فنية وإنتاجية لتصوير الفيلم بكاميرا الديجيتال (الرقمية) فكان رأي المخرج أن طبيعة الموضوع الذي صور في حي مصر الجديدة بالقاهرة، في شوارع تمتليء بالرحكة والبشر، كانت تفرض الاستعانة بكاميرا صغيرة من نوع الديجيتال، وأضاف أن التكلفة الكلية للفيلم قلت بشكل واضح أي أن استخدام هذه الكاميرا أدى إلى تقليل التكلفة، في حين قال المنتج شريف مندور (صاحب تجربة انتاج فيلم "عين شمس") إن التصوير بكاميرا الديجيتال لم يقلل كثيرا من التكلفة إذا أخذنا في الاعتبار التكاليف الكبيرة التي تنفق لتحويل الفيلم إلى شريط سينما. ولكنه أوضح أنه والمخرج، ناقشا الأمر في البداية وكان القرار أن تستخدم كاميرا الديجيتال لأسباب فنية تماما وأساسا.
* وقد شاهدنا أيضا فيلم "كاريوكا" التسجيلي المنتظر للمخرجة نبيهة لطفي التي لم تقدم أفلاما منذ أكثر من عقد من الزمان، وفيلم "ما هتفت لغيرها" لمحمد سويد، وسنعود فيما بعد لتناول كل هذه الأفلام بالنقد والتحليل.
وللحديث بقية بالطبع.
الأحد، 11 أكتوبر 2009
في مهرجان أبو ظبي السينمائي (1)
التسمية إذن لا تستحق كل ما يثار حولها من ضجيج بدليل أننا نتعامل مع "كيانات" أخرى تحمل اسم "الشرق الأوسط" دون أن نتحفظ عليها.
أما المهرجان نفسه بعيدا عن التسمية، فهو حقا يقام في بلد غير معروف بنشاطه السينمائي، ربما تكون هناك أفلام مصورة بكاميرا الفيديو الرقمية طويلة أو قصيرة، قد ظهرت خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها لاتزال تواجه المشكلة الأخطر من الإنتاج أي العرض والتوزيع والقدرة على الوصول لجمهورها الطبيعي ولو من خلال التليفزيون.. فهل يحدث هذا قريبا؟
الإجابة ليست عندي، والطريق لايزال طويلا وشاقا، ليس فقط أمام صناع الأفلام في الإمارات، بل في منطقة الخليج العربي بأسرها بما فيها السعودية بالطبع التي لا يجب أبدا استثنائها تحت أي مبرر.
وربما يكون من المهم كثيرا التذكير بأن مخرجي الأفلام المصورة بكاميرا الديجيتال، أحيانا على نفقتهم الخاصة، يتحملون الكثير من المشاق، ويعجزون عن الوصول بأفلامهم إلى الجمهور وهذا يحدث في مصر أيضا، الدولة التي يحسدها الكثيرون على وجود "صناعة" سينمائية عريقة فيها وحر كة سينمائية وإنتاج سينمائي متنوع!
المعاناة إذن ليست قاصرة على فئة دون أخرى، بل يشمل الجميع، والتواصل والتعاون بين هذا القطاع "المستقل" الذي نشأ حديثا، مهم أيضا لفتح طرق جديدة للعرض وللإنتاج أيضا.
أعود إلى مهرجان أبو ظبي الذي لم أحضره من قبل. وربما اكون أيضا قد أبديت الكثير من التحفظات عليه وعلى غيره من المهرجانات التي تقام في الخليج، وكانت تحفظاتي أساسا، وربما ستظل، تتركز في نقطة واحد هي المبالغة الشديدة في الاعتماد على المال وحده: في الجذب.. أي جذب الأفلام والمخرجين والصحفيين والنجوم من العرب والأجانب، والاهتمام الشديد بالسينما الأمريكية على حساب سينما المنطقة (سمها العالم العربي، أو الوطن العربي، أو الشرق الأوسط). وهنا لا فرق لدي بين أي من هذه المهرجانات: دبي (أقدمها وربما أكثرها طموحا .. لا أدري)، وأبو ظبي، والدوحة ترابيكا الوليد الذي يبدو أنه سيبدأ في أواخر الشهر الجاري من حيث بدأ مهرجان أبو ظبي أي بالاهتمام بالسينما الأمريكية والناطقة بالانجليزية عموما (هناك 23 فيلما من أمريكا وبريطانيا من بين 33 فيلما هي كل ما سيعرض المهرجان).
وهذه أسباب أظن (وبعض الظن إثم) أنها أسباب موضوعية تماما وتستحق الانتباه والاهتمام، من النقاد ومن غير النقاد، وأساسا من القائمين على أمر تلك المهرجانات. ويبدو لي أن مهرجان أبو ظبي هذا العام تحديدا في عهد مديره الجديد بيتر سكارليت الذي تولى مسؤوليته بعد دورتين ترددت أصداء فشلهما في الصحافة العربية، اللتين لم أحضرهما ولا رأي لي فيهما غير أنني اطلعت على برنامج العروض واتفقت مع المنتقدين على أنه كان شديد الاهتمام بالأفلام الأوروبية والأمريكية التي كانت تخرج ايضا من المهرجان بحصة الأسد من الجوائز المالية الضخمة في حين كانت السينما العربية بأفلامها تمنح هامشا ضيقا وتبدو كاليتيم!
عن دورة هذا العام سبق أن كتبت وقلت إن البرنامج جيد ومتوازن، بل وإن الأفلام الجديدة التي تعرض من آسيا وأوروبا وأمريكا يبدو الكثير منها مهموما بالكثير من المشاكل التي تهمنا في هذه المنطقة من العالم، وبالتالي يمكن أن يصبح المهرجان فرصة للحوار حول القضايا المشتركة.
ومما أعجبني أيضا قبل أن أتوجه إلى المهرجان "التقسيمة" الجديدة للجوائز، أي جعلها أقل جنونا بكثير عما كانت فأكبر جائزة لا تزيد عن 100 ألف دولار بعد ان كان ربع مليون (وهو يظل بالتأكيد مبلغا ممتازا) ويمنح لأفضل فيلم في مسابقة الأفلام الروائية ويمنح مثيله للأحسن في مسابقة الأفلام الوثائقية كما تمنح جائزتان لأفضل الأفلام من الشرق الأوسط بنفس القيمة المالية وهو ما يحقق توازنا جيدا. وهناك 50 ألف دولار تمنح لأفضل مخرج روائي جديد وأفضل مخرج وثائقي جديد، وهي مبادرة جيدة لتشجيع السينمائيين الناشئين.
مؤكد أنني لا أوافق على أن يصبح سلاح المال هو السلاح الحاسم في المنافسة بين مهرجان ابو ظبي وغيره من مهرجانات المنطقة سواء المهرجانات التي تقام في الدول النفطية مثل دبي والدوحة، أو في الدول المائية مثل القاهرة ودمشق وقرطاج وتطوان (لا أذكر مهرجان مراكش أبدا ولم يسبق لي أن أشرت إليه لا من قريب ولا من بعيد، وهذا اختيار مقصود لأنني ببساطة لا أعتبره مهرجانا عربيا بل أمريكي يقام في المغرب (العربي) لأسباب "شخصية".. ولن أزيد على ذلك، ومن لا يفهم هذه العبارة عليه أن يعيد القراءة أو يتصل بصديق!
سمعت بالطبع ما تردد عن دفع الكثير من الأموال لبعض المخرجين للحصول على حق العروض الأولى لأفلامهم، وهو سلوك مرفوض أساسا لأنه يفسد السينمائيين ويجعل المال هو القيمة الأساسية في مشاركتهم بالمهرجانات، كما أنه سلاح لا يأخذ في الاعتبار أن الذين يستخدمونه يسيؤون إلى أنفسهم ايضا وإلى مهرجاناتهم، لأنه يظهرهم باعتبارهم أناسا من فصيلة "محدثي النعمة" الذين يستسلهون كثيرا اخراج دفاتر شيكاتهم وشراء كل من يمكن شراؤه بالمال.
الجانب الآخر الذي أود التأكيد عليه أن مهرجانات السينما التي تتكاثر في العالم العربي (ولا أظن أبدا أن أحدا ضد وجودها من ناحية المبدأ) تفتقر كثيرا إلى القيام بدور "ثقافي" واضح وبارز أو يغيب عنها التواجد ضم مشروع ثقافي متكامل وشامل يسعى للتنوير واشاعة الوعي بأهمية السينما والفنون البصرية عموما، ويعلي من شأن ثقافة الصورة، ويهتم بالمطبوعات السينمائية وبنقاد السينما وما يساهمون به من "فكر"- وأضع هذه الكلمة بين أقواس لأن من المهم أن تستوعب هذه المهرجانات أن هناك نقادا للسينما، وهناك صحفيون للمنوعات. وفاروق كبير بين النوعين، فالنوع الأول ينتج "فكرا" تحليليا ناتجا عن ثقافة وتعمق في الفهم والرؤية والمعرفة، بينما يقدم النوع الثاني "معلومات وأخبارا وتحقيقات سريعة. ولا ينبغي أن ينفي النوع الثاني النوع الأول أو العكس. بل يجب الاهتمام بالنوعين على قدم المساواة. وليس معنى أن هناك ندوة دولية أو عربية للنقد قد قشلت أن نوقف الاهتمام بالنقد بل علينا أن نبحث عن وسائل لتطويرها وتخليصها من الشللية والمحسوبية والوساطة ومن الاعتماد على "نقاد وزرات الثقافة" و"المؤسسات الرسمية"، والتوقف عن الاعتماد على "التقارير" التي تصب في مكاتب المسؤولين عن السينما في الدول "المائية" قبل أن نقرر من يحضر ومن لا يحضر، من يأتي ومن لا يأتي، كما يجب التوقف عن محاربة المهرجانات بعضها البعض، بخطف هذا الفيلم من هنا أو من هناك، واطلاق الشائعات ضد هذا المهرجان، أو تشكيل فرق من الميليشيات التي تسبح بحمد هذا المسؤول المهرجاني أو ذاك، بدعوى أنه الأفضل والأنقى والأقدر حتى لو قضى عمره "الافتراضي" كله جاثما على صدر المهرجان كنموذج يتحدى الطبيعة، وعلى مقاومة التغيير ووقف مبدأ التطور، وقبل هذا كله، يجب التوقف عن سياسة معاقبة النقاد والمفكرين السينمائيين على آرائهم ومواقفهم ورؤاهم السينمائية وتجاهلهم أو وضعهم في قوائم سوداء، فهذا يجعل المهرجان، أي مهرجان، مهرجانا لقارعي الطبول وعشاق الأكل على كل الموائد والكتابة حسب مستوى الطعام وكميته.. وأشياء أخرى ونوعيات أخرى أربأ بنفسي عن ذكرها!
وقد كان من دواعي سروري الشخصي أن أسمع من الصديق انتشال التميمي، مستشار مهرجان الشرق الأوسط، أن المهرجان اقتنع هذا العام بضرورة حضور النقاد الكبار الذين أدوا واجبهم وتقاعدوا عن ممارسة النقد وإن استمروا في عطائهم في مجالات أخرى، على سبيل التكريم والتحية، ومنهم الصديق الأستاذ خميس الخياطي (من تونس) مثلا، فهذا موقف متقدم لابد من تحيته وتشجيعه.
وللحديث بقية.
الجمعة، 9 أكتوبر 2009
مهرجان لندن السينمائي الـ53
الأربعاء، 7 أكتوبر 2009
"موت البديل": معنى السينما المستقلة
بقلم: عماد إرنست
تستضيف مدونة "حياة في السينما" الكاتب والمخرج الصديق عماد إرنست أحد السينمائيين البارزين في مجال الفيلم التجريبي والفيلم الفني الذي يمزج بين الروائي والتسجيلي وغير الخيالي ويستخدم مفردات السينما في أفلامه ويصوغها بطريقته وطبقا لأسلوبه الخاص. في هذا المقال الذي يمكن اعتباره شهادة شخصية لكاتبه على علافته بالسينما وبالتعبير بالصورة، يناقش عماد العلاقة بين الفيديو والسينما ونظرته الخاصة لما يسمى بالسينما المستقلة في مصر. ولعل هذا المقال بحميميته يفتح الباب للمناقشة واتعليقات من جانب السينمائيين الشباب والمتطلعين لأن يصبحوا مخرجين في المستقبل.
بعد عرض فيلمي التسجيلي القصير، المصور والموَّلف بتقنيات الڤيديو الرقمية، وذلك ضمن أسبوع لأعمال الڤيديو بمصر، جلست بإحدى قاعات المجلس الأعلى للثقافة مع مخرجين زملاء لنتلقى ردود الفعل على أعمالنا المختلفة. وعلى مشارف انتهاء النقاش توجه أحد الحضور بسؤال لم يتم الإجابة عليه، لا أتذكر لماذا !كان السؤال مثيراً ، على الأقل بالنسبة لي ، هذا هو السؤال ..هل الڤيديو بديل للسينما ؟
السينما التجارية: هذه السينما غير معنية إلا بالجاهز من تفسيرات السلوك البشري، وبما يخدم صراعها التقليدي الأرسطي ذي الثلاث فصول، والتي لا تريد المغامرة بتغييره ، لأنه مستقر التواصل ومربح . وهنا يكمن خطأها ؛ فالقلق المتزايد التجزئة في الاتصال بين البشر لن يجد التهدئة بشاشتها ( لاحظ قلة البطولة الخارقة بعد ١١ سبتمبر، ولجوء السينما التجارية الأمريكية لأبطال ذوي بشرة غير بيضاء للتخفيف من القلق تجاه نسيج المجتمع. ومن قبل نجاح جماهيري لفيلم تلاعب فقط بسرد الصراع التقليدي وبأبطاله ـ ليس بطلاً واحداً ـ مثل فيلم Pulp Fiction ).
الاثنين، 5 أكتوبر 2009
رحيل الفارس الثالث: محمد علي يغادر عالمنا
الخميس، 1 أكتوبر 2009
فيلم "حراقة" لمرزاق علواش
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com