أكتب من مهرجان أبو ظبي السينمائي الذي أطلق عليه منظموه مهرجان الشرق الأوسط وهي تسمية لا غبار عليها من وجهة نظري مثلما نقول صحيفة "الشرق الأوسط" و"إذاعة الشرق الأوسط" وغير ذلك. وليس بالضرورة أن يعني إطلاق هذا الإسم على المهرجان أنه يخفي وراءه دعوة إسرائيل أو أفلام إسرائيلية، وإذا كانت هناك أي نية لـ"ارتكاب" تلك الجريمة لكانت قد ظهرت الآن وأصبحت مكشوفة للجميع. لكن الصحيح أن مهرجان أبو ظبي (الجميع يسمونه هكذا على أي حال) لم يقبل أفلاما إسرائيلية، وربما كانت هناك محاولة من قبل مسؤول معين (سابق) في المهرجان للقيام بذلك في الدورة الأولى عام 2007، غير أن هذه المحاولة انتهت كما هو معروف للجميع، إلى لاشيء.
التسمية إذن لا تستحق كل ما يثار حولها من ضجيج بدليل أننا نتعامل مع "كيانات" أخرى تحمل اسم "الشرق الأوسط" دون أن نتحفظ عليها.
أما المهرجان نفسه بعيدا عن التسمية، فهو حقا يقام في بلد غير معروف بنشاطه السينمائي، ربما تكون هناك أفلام مصورة بكاميرا الفيديو الرقمية طويلة أو قصيرة، قد ظهرت خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها لاتزال تواجه المشكلة الأخطر من الإنتاج أي العرض والتوزيع والقدرة على الوصول لجمهورها الطبيعي ولو من خلال التليفزيون.. فهل يحدث هذا قريبا؟
الإجابة ليست عندي، والطريق لايزال طويلا وشاقا، ليس فقط أمام صناع الأفلام في الإمارات، بل في منطقة الخليج العربي بأسرها بما فيها السعودية بالطبع التي لا يجب أبدا استثنائها تحت أي مبرر.
وربما يكون من المهم كثيرا التذكير بأن مخرجي الأفلام المصورة بكاميرا الديجيتال، أحيانا على نفقتهم الخاصة، يتحملون الكثير من المشاق، ويعجزون عن الوصول بأفلامهم إلى الجمهور وهذا يحدث في مصر أيضا، الدولة التي يحسدها الكثيرون على وجود "صناعة" سينمائية عريقة فيها وحر كة سينمائية وإنتاج سينمائي متنوع!
المعاناة إذن ليست قاصرة على فئة دون أخرى، بل يشمل الجميع، والتواصل والتعاون بين هذا القطاع "المستقل" الذي نشأ حديثا، مهم أيضا لفتح طرق جديدة للعرض وللإنتاج أيضا.
أعود إلى مهرجان أبو ظبي الذي لم أحضره من قبل. وربما اكون أيضا قد أبديت الكثير من التحفظات عليه وعلى غيره من المهرجانات التي تقام في الخليج، وكانت تحفظاتي أساسا، وربما ستظل، تتركز في نقطة واحد هي المبالغة الشديدة في الاعتماد على المال وحده: في الجذب.. أي جذب الأفلام والمخرجين والصحفيين والنجوم من العرب والأجانب، والاهتمام الشديد بالسينما الأمريكية على حساب سينما المنطقة (سمها العالم العربي، أو الوطن العربي، أو الشرق الأوسط). وهنا لا فرق لدي بين أي من هذه المهرجانات: دبي (أقدمها وربما أكثرها طموحا .. لا أدري)، وأبو ظبي، والدوحة ترابيكا الوليد الذي يبدو أنه سيبدأ في أواخر الشهر الجاري من حيث بدأ مهرجان أبو ظبي أي بالاهتمام بالسينما الأمريكية والناطقة بالانجليزية عموما (هناك 23 فيلما من أمريكا وبريطانيا من بين 33 فيلما هي كل ما سيعرض المهرجان).
وهذه أسباب أظن (وبعض الظن إثم) أنها أسباب موضوعية تماما وتستحق الانتباه والاهتمام، من النقاد ومن غير النقاد، وأساسا من القائمين على أمر تلك المهرجانات. ويبدو لي أن مهرجان أبو ظبي هذا العام تحديدا في عهد مديره الجديد بيتر سكارليت الذي تولى مسؤوليته بعد دورتين ترددت أصداء فشلهما في الصحافة العربية، اللتين لم أحضرهما ولا رأي لي فيهما غير أنني اطلعت على برنامج العروض واتفقت مع المنتقدين على أنه كان شديد الاهتمام بالأفلام الأوروبية والأمريكية التي كانت تخرج ايضا من المهرجان بحصة الأسد من الجوائز المالية الضخمة في حين كانت السينما العربية بأفلامها تمنح هامشا ضيقا وتبدو كاليتيم!
عن دورة هذا العام سبق أن كتبت وقلت إن البرنامج جيد ومتوازن، بل وإن الأفلام الجديدة التي تعرض من آسيا وأوروبا وأمريكا يبدو الكثير منها مهموما بالكثير من المشاكل التي تهمنا في هذه المنطقة من العالم، وبالتالي يمكن أن يصبح المهرجان فرصة للحوار حول القضايا المشتركة.
ومما أعجبني أيضا قبل أن أتوجه إلى المهرجان "التقسيمة" الجديدة للجوائز، أي جعلها أقل جنونا بكثير عما كانت فأكبر جائزة لا تزيد عن 100 ألف دولار بعد ان كان ربع مليون (وهو يظل بالتأكيد مبلغا ممتازا) ويمنح لأفضل فيلم في مسابقة الأفلام الروائية ويمنح مثيله للأحسن في مسابقة الأفلام الوثائقية كما تمنح جائزتان لأفضل الأفلام من الشرق الأوسط بنفس القيمة المالية وهو ما يحقق توازنا جيدا. وهناك 50 ألف دولار تمنح لأفضل مخرج روائي جديد وأفضل مخرج وثائقي جديد، وهي مبادرة جيدة لتشجيع السينمائيين الناشئين.
مؤكد أنني لا أوافق على أن يصبح سلاح المال هو السلاح الحاسم في المنافسة بين مهرجان ابو ظبي وغيره من مهرجانات المنطقة سواء المهرجانات التي تقام في الدول النفطية مثل دبي والدوحة، أو في الدول المائية مثل القاهرة ودمشق وقرطاج وتطوان (لا أذكر مهرجان مراكش أبدا ولم يسبق لي أن أشرت إليه لا من قريب ولا من بعيد، وهذا اختيار مقصود لأنني ببساطة لا أعتبره مهرجانا عربيا بل أمريكي يقام في المغرب (العربي) لأسباب "شخصية".. ولن أزيد على ذلك، ومن لا يفهم هذه العبارة عليه أن يعيد القراءة أو يتصل بصديق!
سمعت بالطبع ما تردد عن دفع الكثير من الأموال لبعض المخرجين للحصول على حق العروض الأولى لأفلامهم، وهو سلوك مرفوض أساسا لأنه يفسد السينمائيين ويجعل المال هو القيمة الأساسية في مشاركتهم بالمهرجانات، كما أنه سلاح لا يأخذ في الاعتبار أن الذين يستخدمونه يسيؤون إلى أنفسهم ايضا وإلى مهرجاناتهم، لأنه يظهرهم باعتبارهم أناسا من فصيلة "محدثي النعمة" الذين يستسلهون كثيرا اخراج دفاتر شيكاتهم وشراء كل من يمكن شراؤه بالمال.
الجانب الآخر الذي أود التأكيد عليه أن مهرجانات السينما التي تتكاثر في العالم العربي (ولا أظن أبدا أن أحدا ضد وجودها من ناحية المبدأ) تفتقر كثيرا إلى القيام بدور "ثقافي" واضح وبارز أو يغيب عنها التواجد ضم مشروع ثقافي متكامل وشامل يسعى للتنوير واشاعة الوعي بأهمية السينما والفنون البصرية عموما، ويعلي من شأن ثقافة الصورة، ويهتم بالمطبوعات السينمائية وبنقاد السينما وما يساهمون به من "فكر"- وأضع هذه الكلمة بين أقواس لأن من المهم أن تستوعب هذه المهرجانات أن هناك نقادا للسينما، وهناك صحفيون للمنوعات. وفاروق كبير بين النوعين، فالنوع الأول ينتج "فكرا" تحليليا ناتجا عن ثقافة وتعمق في الفهم والرؤية والمعرفة، بينما يقدم النوع الثاني "معلومات وأخبارا وتحقيقات سريعة. ولا ينبغي أن ينفي النوع الثاني النوع الأول أو العكس. بل يجب الاهتمام بالنوعين على قدم المساواة. وليس معنى أن هناك ندوة دولية أو عربية للنقد قد قشلت أن نوقف الاهتمام بالنقد بل علينا أن نبحث عن وسائل لتطويرها وتخليصها من الشللية والمحسوبية والوساطة ومن الاعتماد على "نقاد وزرات الثقافة" و"المؤسسات الرسمية"، والتوقف عن الاعتماد على "التقارير" التي تصب في مكاتب المسؤولين عن السينما في الدول "المائية" قبل أن نقرر من يحضر ومن لا يحضر، من يأتي ومن لا يأتي، كما يجب التوقف عن محاربة المهرجانات بعضها البعض، بخطف هذا الفيلم من هنا أو من هناك، واطلاق الشائعات ضد هذا المهرجان، أو تشكيل فرق من الميليشيات التي تسبح بحمد هذا المسؤول المهرجاني أو ذاك، بدعوى أنه الأفضل والأنقى والأقدر حتى لو قضى عمره "الافتراضي" كله جاثما على صدر المهرجان كنموذج يتحدى الطبيعة، وعلى مقاومة التغيير ووقف مبدأ التطور، وقبل هذا كله، يجب التوقف عن سياسة معاقبة النقاد والمفكرين السينمائيين على آرائهم ومواقفهم ورؤاهم السينمائية وتجاهلهم أو وضعهم في قوائم سوداء، فهذا يجعل المهرجان، أي مهرجان، مهرجانا لقارعي الطبول وعشاق الأكل على كل الموائد والكتابة حسب مستوى الطعام وكميته.. وأشياء أخرى ونوعيات أخرى أربأ بنفسي عن ذكرها!
وقد كان من دواعي سروري الشخصي أن أسمع من الصديق انتشال التميمي، مستشار مهرجان الشرق الأوسط، أن المهرجان اقتنع هذا العام بضرورة حضور النقاد الكبار الذين أدوا واجبهم وتقاعدوا عن ممارسة النقد وإن استمروا في عطائهم في مجالات أخرى، على سبيل التكريم والتحية، ومنهم الصديق الأستاذ خميس الخياطي (من تونس) مثلا، فهذا موقف متقدم لابد من تحيته وتشجيعه.
وللحديث بقية.
التسمية إذن لا تستحق كل ما يثار حولها من ضجيج بدليل أننا نتعامل مع "كيانات" أخرى تحمل اسم "الشرق الأوسط" دون أن نتحفظ عليها.
أما المهرجان نفسه بعيدا عن التسمية، فهو حقا يقام في بلد غير معروف بنشاطه السينمائي، ربما تكون هناك أفلام مصورة بكاميرا الفيديو الرقمية طويلة أو قصيرة، قد ظهرت خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها لاتزال تواجه المشكلة الأخطر من الإنتاج أي العرض والتوزيع والقدرة على الوصول لجمهورها الطبيعي ولو من خلال التليفزيون.. فهل يحدث هذا قريبا؟
الإجابة ليست عندي، والطريق لايزال طويلا وشاقا، ليس فقط أمام صناع الأفلام في الإمارات، بل في منطقة الخليج العربي بأسرها بما فيها السعودية بالطبع التي لا يجب أبدا استثنائها تحت أي مبرر.
وربما يكون من المهم كثيرا التذكير بأن مخرجي الأفلام المصورة بكاميرا الديجيتال، أحيانا على نفقتهم الخاصة، يتحملون الكثير من المشاق، ويعجزون عن الوصول بأفلامهم إلى الجمهور وهذا يحدث في مصر أيضا، الدولة التي يحسدها الكثيرون على وجود "صناعة" سينمائية عريقة فيها وحر كة سينمائية وإنتاج سينمائي متنوع!
المعاناة إذن ليست قاصرة على فئة دون أخرى، بل يشمل الجميع، والتواصل والتعاون بين هذا القطاع "المستقل" الذي نشأ حديثا، مهم أيضا لفتح طرق جديدة للعرض وللإنتاج أيضا.
أعود إلى مهرجان أبو ظبي الذي لم أحضره من قبل. وربما اكون أيضا قد أبديت الكثير من التحفظات عليه وعلى غيره من المهرجانات التي تقام في الخليج، وكانت تحفظاتي أساسا، وربما ستظل، تتركز في نقطة واحد هي المبالغة الشديدة في الاعتماد على المال وحده: في الجذب.. أي جذب الأفلام والمخرجين والصحفيين والنجوم من العرب والأجانب، والاهتمام الشديد بالسينما الأمريكية على حساب سينما المنطقة (سمها العالم العربي، أو الوطن العربي، أو الشرق الأوسط). وهنا لا فرق لدي بين أي من هذه المهرجانات: دبي (أقدمها وربما أكثرها طموحا .. لا أدري)، وأبو ظبي، والدوحة ترابيكا الوليد الذي يبدو أنه سيبدأ في أواخر الشهر الجاري من حيث بدأ مهرجان أبو ظبي أي بالاهتمام بالسينما الأمريكية والناطقة بالانجليزية عموما (هناك 23 فيلما من أمريكا وبريطانيا من بين 33 فيلما هي كل ما سيعرض المهرجان).
وهذه أسباب أظن (وبعض الظن إثم) أنها أسباب موضوعية تماما وتستحق الانتباه والاهتمام، من النقاد ومن غير النقاد، وأساسا من القائمين على أمر تلك المهرجانات. ويبدو لي أن مهرجان أبو ظبي هذا العام تحديدا في عهد مديره الجديد بيتر سكارليت الذي تولى مسؤوليته بعد دورتين ترددت أصداء فشلهما في الصحافة العربية، اللتين لم أحضرهما ولا رأي لي فيهما غير أنني اطلعت على برنامج العروض واتفقت مع المنتقدين على أنه كان شديد الاهتمام بالأفلام الأوروبية والأمريكية التي كانت تخرج ايضا من المهرجان بحصة الأسد من الجوائز المالية الضخمة في حين كانت السينما العربية بأفلامها تمنح هامشا ضيقا وتبدو كاليتيم!
عن دورة هذا العام سبق أن كتبت وقلت إن البرنامج جيد ومتوازن، بل وإن الأفلام الجديدة التي تعرض من آسيا وأوروبا وأمريكا يبدو الكثير منها مهموما بالكثير من المشاكل التي تهمنا في هذه المنطقة من العالم، وبالتالي يمكن أن يصبح المهرجان فرصة للحوار حول القضايا المشتركة.
ومما أعجبني أيضا قبل أن أتوجه إلى المهرجان "التقسيمة" الجديدة للجوائز، أي جعلها أقل جنونا بكثير عما كانت فأكبر جائزة لا تزيد عن 100 ألف دولار بعد ان كان ربع مليون (وهو يظل بالتأكيد مبلغا ممتازا) ويمنح لأفضل فيلم في مسابقة الأفلام الروائية ويمنح مثيله للأحسن في مسابقة الأفلام الوثائقية كما تمنح جائزتان لأفضل الأفلام من الشرق الأوسط بنفس القيمة المالية وهو ما يحقق توازنا جيدا. وهناك 50 ألف دولار تمنح لأفضل مخرج روائي جديد وأفضل مخرج وثائقي جديد، وهي مبادرة جيدة لتشجيع السينمائيين الناشئين.
مؤكد أنني لا أوافق على أن يصبح سلاح المال هو السلاح الحاسم في المنافسة بين مهرجان ابو ظبي وغيره من مهرجانات المنطقة سواء المهرجانات التي تقام في الدول النفطية مثل دبي والدوحة، أو في الدول المائية مثل القاهرة ودمشق وقرطاج وتطوان (لا أذكر مهرجان مراكش أبدا ولم يسبق لي أن أشرت إليه لا من قريب ولا من بعيد، وهذا اختيار مقصود لأنني ببساطة لا أعتبره مهرجانا عربيا بل أمريكي يقام في المغرب (العربي) لأسباب "شخصية".. ولن أزيد على ذلك، ومن لا يفهم هذه العبارة عليه أن يعيد القراءة أو يتصل بصديق!
سمعت بالطبع ما تردد عن دفع الكثير من الأموال لبعض المخرجين للحصول على حق العروض الأولى لأفلامهم، وهو سلوك مرفوض أساسا لأنه يفسد السينمائيين ويجعل المال هو القيمة الأساسية في مشاركتهم بالمهرجانات، كما أنه سلاح لا يأخذ في الاعتبار أن الذين يستخدمونه يسيؤون إلى أنفسهم ايضا وإلى مهرجاناتهم، لأنه يظهرهم باعتبارهم أناسا من فصيلة "محدثي النعمة" الذين يستسلهون كثيرا اخراج دفاتر شيكاتهم وشراء كل من يمكن شراؤه بالمال.
الجانب الآخر الذي أود التأكيد عليه أن مهرجانات السينما التي تتكاثر في العالم العربي (ولا أظن أبدا أن أحدا ضد وجودها من ناحية المبدأ) تفتقر كثيرا إلى القيام بدور "ثقافي" واضح وبارز أو يغيب عنها التواجد ضم مشروع ثقافي متكامل وشامل يسعى للتنوير واشاعة الوعي بأهمية السينما والفنون البصرية عموما، ويعلي من شأن ثقافة الصورة، ويهتم بالمطبوعات السينمائية وبنقاد السينما وما يساهمون به من "فكر"- وأضع هذه الكلمة بين أقواس لأن من المهم أن تستوعب هذه المهرجانات أن هناك نقادا للسينما، وهناك صحفيون للمنوعات. وفاروق كبير بين النوعين، فالنوع الأول ينتج "فكرا" تحليليا ناتجا عن ثقافة وتعمق في الفهم والرؤية والمعرفة، بينما يقدم النوع الثاني "معلومات وأخبارا وتحقيقات سريعة. ولا ينبغي أن ينفي النوع الثاني النوع الأول أو العكس. بل يجب الاهتمام بالنوعين على قدم المساواة. وليس معنى أن هناك ندوة دولية أو عربية للنقد قد قشلت أن نوقف الاهتمام بالنقد بل علينا أن نبحث عن وسائل لتطويرها وتخليصها من الشللية والمحسوبية والوساطة ومن الاعتماد على "نقاد وزرات الثقافة" و"المؤسسات الرسمية"، والتوقف عن الاعتماد على "التقارير" التي تصب في مكاتب المسؤولين عن السينما في الدول "المائية" قبل أن نقرر من يحضر ومن لا يحضر، من يأتي ومن لا يأتي، كما يجب التوقف عن محاربة المهرجانات بعضها البعض، بخطف هذا الفيلم من هنا أو من هناك، واطلاق الشائعات ضد هذا المهرجان، أو تشكيل فرق من الميليشيات التي تسبح بحمد هذا المسؤول المهرجاني أو ذاك، بدعوى أنه الأفضل والأنقى والأقدر حتى لو قضى عمره "الافتراضي" كله جاثما على صدر المهرجان كنموذج يتحدى الطبيعة، وعلى مقاومة التغيير ووقف مبدأ التطور، وقبل هذا كله، يجب التوقف عن سياسة معاقبة النقاد والمفكرين السينمائيين على آرائهم ومواقفهم ورؤاهم السينمائية وتجاهلهم أو وضعهم في قوائم سوداء، فهذا يجعل المهرجان، أي مهرجان، مهرجانا لقارعي الطبول وعشاق الأكل على كل الموائد والكتابة حسب مستوى الطعام وكميته.. وأشياء أخرى ونوعيات أخرى أربأ بنفسي عن ذكرها!
وقد كان من دواعي سروري الشخصي أن أسمع من الصديق انتشال التميمي، مستشار مهرجان الشرق الأوسط، أن المهرجان اقتنع هذا العام بضرورة حضور النقاد الكبار الذين أدوا واجبهم وتقاعدوا عن ممارسة النقد وإن استمروا في عطائهم في مجالات أخرى، على سبيل التكريم والتحية، ومنهم الصديق الأستاذ خميس الخياطي (من تونس) مثلا، فهذا موقف متقدم لابد من تحيته وتشجيعه.
وللحديث بقية.
0 comments:
إرسال تعليق