الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

في مهرجان أبو ظبي السينمائي (2)

من فيلم "الليل الطويل"


الآن بدأت معالم المسابقات تتضح بل وتشتد المنافسة بعد عرض حوالي نصف الأفلام المتسابقة.
النظام دقيق للغاية، وحركة الانتقال بين الفنادق وأماكن العروض متصلة ومنتظمة، وعدد المتطوعين وغيرهم من العاملين في المهرجان كبير بدرجة ملفتة، وبمجرد أن تطا قدماك أرض قصر الإمارات مثلا تجد الجميع في خدمة الضيوف والصحفيين بدون أدنى تفرقة.
مشكلة العرض في مهرجان أبو ظبي هي نفسها في كل مهرجانات السينما التي تقام من المحيط إلى الخليج كما سبق أن كتبت قبل عام بالضبط وأنا في صدد رصد سلبيات مهرجان قرطاج السينمائي ،وأقصد بالطبع أن المهرجان لا يخصص قاعة للعروض الصحفية أو للعروض التي يقتصر حضورها على الضيوف من السينمائيين والصحفيين شأن كل المهرجانات الكبيرة المعروفة في العالم. وهو ما يجعل النقاد مضطرين إلى حجز بطاقات المشاهدة للعروض مسبقا، فالبطاقة الصحفية حتى لا تكفي لدخولهم إلى قاعات العروض، وهو أمر أجد استمراره غريبا في ظل إدارة بيتر سكارليت الذي يمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال. لكني أضيف أيضا للموضوعية، أن الحصول على بطاقات للمشاهدة سهل وميسور بل ومن الممكن أن يحجز الصحفي بطاقات كل العروض حتى نهاية المهرجان من اليوم الأول.
* لاشك على الإطلاق، وهذا أمر يجب تكراره والتذكير به دائما، على أن من أهم ما توفره المهرجانات العربية لنا نحن النقاد فرصة الالتقاء وتجديد الصلات والاتصالات بيننا وبعضنا البعض، وبيننا وبين السينمائيين أيضا.
* التقيت هنا بالصديق القديم الناقد السينمائي المصري كمال رمزي الذي تربطني به علاقة قديمة تاريخية من أيام بداياتي الأولى، من الزمن الذي ذهب ولن يعود، أيام نادي سينما القاهرة في السبعينيات. وميزة كمال أنه إنسان طيب ومتسامح وأيضا لا ينسى الأيام الجميلة والصحبة وما يعرف بالعيش والملح، وبالتالي هو على استعداد لأن يغلب الجانب الإنساني الجميل على أي شيء آخر. وكمال هو الناقد الرسمي لمسابقة أفلام من الإمارات هذا العام.
والتقيت أيضا بالناقد اللبناني والمخرج حاليا محمد سويد الذي لم أره منذ أن التقينا في مهرجان كان في منتصف التسعينيات تقريبا، كما قابلت الصديق الناقد المغربي الكبير مصطفى المسناوي، والمخرج التونسي الصديق محمد زرن (وسويد وزرن لهما فيلمان في المهرجان) وبالمناسبة صديقنا الناقد التونسي الكبير خميس الخياطي اعتذر لأسباب صحية عن عدم حضور هذا المهرجان شفاه الله وعافاه.
وهنا أيضا الناقد المصري المقيم في الكويت عماد النويري الذي لم أعد أراه كثيرا في المهرجانات العربية التي أحضرها، أقصد المهرجانات غير الخليجية، والناقد السوري الشاعر فجر يعقوب، وطبعا الناقد الأردني الكبير عدنان مدانات الذي لم أره منذ أن قابلته آخر مرة في أحد مهرجانات المغرب قبل نحو 17 عاما!
وقابلت الناقد الأردني الصديق ناجح حسن، وهو يدوم على المهرجانات العربية، وقد بادرني عندما رآني بضرورة حضور هذه المهرجانات، فلما أبديت بعض التحفظ استطرد قائلا "لكي نراك أساسا"!
هنا أيضا الصديق أحمد الحسني مدير مهرجان تطوان السينمائي، والصحفي طارق الشناوي، والصحفي وائل عبد الفتاح ومن السينمائيين الذين أرتبط بصداقات والموجودين هنا أيضا معهم محمد خان عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية، ويسري نصر الله الذي يرأس لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، وأسامة فوزي (الذي سيعرض فيلمه "بالألوان الطبيعية" بعد يومين، في عرضه العالمي الأول بعد أن انتهى من استكماله أخيرا)، والمخرج الفلسطيني الصديق رشيد مشهراوي (عضو لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية). وهنا أيضا الممثل البارز محمود حميدة، وطبعا كل أو معظم المثلين والممثلات في فيلم "هليوبوليس" (حنان مطاوع وهي ممثل رائعة لم تحصل بعد على فرصتها للوصول للنجومية)، وخالد أبو النجا، والممثلة الناشئة يسرى اللوزي (التي تحتاج بالتأكيد إلى تدريبات على الأداء الصوتي)، وغيرهم وغيرهن.
* وبمناسبة لجان التحكيم من ضمن ما يؤخذ على هذا المهرجان، وما أجده شخصيا أمرا شاذا ومثيرا للاستنكار أن تخلو لجان التحكيم الثلاث في المهرجان (الروائية الطويلة، والوثائقية الطويلة، والأفلام القصيرة) من النقاد السينمائيين تماما، كما لو كان نقاد السينما قد أصبحوا أعداء للسينما، في حين أن النقاد هم الأكثر قدرة في الحكم على الأفلام من الممثلين والممثلات بل وإحداث نوع من التوازن داخل لجان التحكيم لأنهم لا ينحازون إلى أسلوب سينمائي معين (أو هذا ما يفترض أساسا) بل ينحازون للأفلام الجيدة بغض النظر عن أسلوب الإخراج.
والأمر الآخر الأشد غرابة أن تضم لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية الممثلة هند صبري التي لا يعرف لها أي اهتمام أو ساق خبرة، لا بممارسة نقد وتحليل الأفلام الوثائقية أو صنعها، فكيف يمكن أن تحكم ممثلة على أفلام وثائقية أو تسجيلية. إنها المرة الأولى على حد علمي الشخصي، التي أرى فيها شيئا شاذا كهذا، بل وأضيف أيضا أن هند صبري قد لا تكون قادرة على الحكم على الإخراج في فيلم سينمائي بحكم النظرة الضيقة التي تنظر بها أي ممثلة عادة إلى الفيلم فهي عادة تقف أمام الكاميرا للقيام بدورها في سياق ربما سيقوم المخرج يتغييره وتعديله وإعادة توليفه على طاولة المونتاج.
أحمد عبد الله وخالد أبو النجا أثناء تصوير فيلم "هليوبوليس"

ومن ناحية أخرى تضم لجنة تحكيم الأفلام القصيرة الممثلة منة شلبي التي لا أعرف أيضا كيف يمكنها أن تحكم على هذه الأفلام بخبرتها المحدودة في العمل السينمائي عموما. ورأيي أنه إذا كان ولابد أن تضم لجان التحكيم ممثلين أو ممثلات للحكم على مستوى التمثيل في الأفلام المتنافسة فيجب أن تكون تلك الأسماء من الممثلين أصحاب الخبرة الطويلة في التمثيل، وليس من ممثلات شابات ناشئات مهما كان اعجابنا الشخصي بهن!
* شاهدت فيلم "الليل الطويل" السوري لحاتم علي، وهو دراما ثقيلة عن الاعتقال السياسي في سورية ولاشك في جرأته الفكرية، وشاهدت فيلم "هليوبوليس" المصري للمخرج الشاب أحمد عبد الله، وهو تجربة جديدة من تجارب "السينما المستقلة"، وطبعا يجمع بين الفيلمين أنهما صورا بكاميرا الديجيتال ثم جرى تحويلهما إلى شريطين سينمائيين. وقد توجهت بسؤال خلال المؤتمر الصحفي لفيلم "هليوبوليس" بعد ظهر اليوم إلى مخرج ومنتج الفيلم حول ما اذا كانت هناك أصلا "ضرورة" فنية وإنتاجية لتصوير الفيلم بكاميرا الديجيتال (الرقمية) فكان رأي المخرج أن طبيعة الموضوع الذي صور في حي مصر الجديدة بالقاهرة، في شوارع تمتليء بالرحكة والبشر، كانت تفرض الاستعانة بكاميرا صغيرة من نوع الديجيتال، وأضاف أن التكلفة الكلية للفيلم قلت بشكل واضح أي أن استخدام هذه الكاميرا أدى إلى تقليل التكلفة، في حين قال المنتج شريف مندور (صاحب تجربة انتاج فيلم "عين شمس") إن التصوير بكاميرا الديجيتال لم يقلل كثيرا من التكلفة إذا أخذنا في الاعتبار التكاليف الكبيرة التي تنفق لتحويل الفيلم إلى شريط سينما. ولكنه أوضح أنه والمخرج، ناقشا الأمر في البداية وكان القرار أن تستخدم كاميرا الديجيتال لأسباب فنية تماما وأساسا.
* وقد شاهدنا أيضا فيلم "كاريوكا" التسجيلي المنتظر للمخرجة نبيهة لطفي التي لم تقدم أفلاما منذ أكثر من عقد من الزمان، وفيلم "ما هتفت لغيرها" لمحمد سويد، وسنعود فيما بعد لتناول كل هذه الأفلام بالنقد والتحليل.
أخيرا، وعلى العكس من تقارير صحفية كثيرة في الماضي، تحدثت عن عدم وجود جمهور للأفلام في مهرجان أبو ظبي، أشهد أن الجمهور موجود، ويقبل على معظم العروض بل إن الأفلام الوثائقية أيضا لها جمهورها، وقد شاهدت أفلاما خارج قصر الإمارات (المقر الرسمي للعروض) في المجمع السينمائي بسيني ستار مثلا ووجدت إقبالا، بل وقابلت اثنين من الأصدقاء اللذين يأتيان يوميا خصيصا من دبي لمشاهد الأفلام والعودة في آخر الليل.. غير الطويل!
وللحديث بقية بالطبع.

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger