الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

مرة أخرى: المهرجانات ودعم الأفلام

مرة أخرى أكتب لأعلق باختصار على موضوع المهرجانات السينمائية العربية ودعم الانتاج السينمائي العربي وموقف الناقد من هذا وذلك في ضوء الجدل الصحي الذي بدأه مشكورا الزميل محمد رضا وشاركت فيه بمقال أو أكثر، وليت نقادا آخرين يشاركوننا فيه أيضا لأن القضية مهمة وليست نوعا من الترف، وهي أهم كثيرا مثلا من مشكلة ما قاله أو لم يقله عمر الشريف لمخرج فيلم "المسافر"، او هل "كتالوج" هذا المهرجان أفضل من ذاك على طريقة.."كتالوجنا أحسن من كتالوجهم"!
أولا: رأيي الثابت أنه يتعين على الناقد في بلدان العالم الثالث أو المهتم بسينماه المحلية والاقليمية أساسا والتي يمكن اعتبارها في منطقتنا "سينما نامية" تواجه الكثير من المشاكل، القيام بدور في دعم وجود السينما عموما (المهددة بالانقراض امام دعاوى التزمت والارهاب) والسينما الجادة خصوصا.. أي السينما التي تطرح فكرا وفنا رفيعا وليست سينما التسالي والتهريج باسم الفن.
ثانيا: كنت دائما أرى، ولازلت، أن دور التليفزيون ومهرجانات السينما في العالم النامي الذي تختنق سينماه ويعاني الإنتاج المتميز فيه معاناة تنذر بالخطر، ألا تكتفي فقط (أي التليفزيون والمهرجانات) باستهلاك الفيلم بل بدعمه وتمويل المشاريع الطموح فيه، خاصة مهرجانات الخليج المتهمة بأنها ظهرت في بلدان يغيب فيها الإنتاج السينمائي، وعليها بالتالي القيام بدور في دعم وإيجاد تلك السينما وإلا تصبح مجرد "أندية سينمائية" تكتفي بعرض الأفلام ومنحها الجوائز فقط. ولا تصلح المقارنة هنا بمهرجان كان أو برلين أو غيرهما فهذه مهرجانات تقام في عالم مختلف له ظروفه المختلفة تماما.
ثالثا: عندما يستجيب مهرجان ما مع مطالبة الناقد بهذا الدعم فإن هذه خطورة يجب الترحيب بها، ولا يصح هنا الاحتجاج بأن المهرجان يأخذ من الناقد أمرا ويهمل أمورا أخرى، فلماذا لا يقال إنها استجابة واحدة سنسعى أن تتلوها استجابات أخرى، فهل يمكننا أن نفرض على المهرجانات "أجندة" معينة لتبنيها دفعة واحدة أم أن العملية أكثر تعقيدا من ذلك، وانها تمر بمراحل وضغوط وتراكمات، في وقت ندرك جيدا أننا نعمل بشكل فردي مفكك في ظل غياب حركة نقدية عربية أصيلة لها تجمعاتها القوية أو وجودها الموحد الذي يفرض على الآخرين احترام النقاد وضرورة التعامل معهم على قدر المساواة مع السينمائيين وهو مطلب مشروع تماما، ولكن علينا أيضا أن "ننظف" صفوفنا من الدخلاء والمرتزقة وأصحاب السمعة السيئة وأنصاف الكتبة والادعياء، بل ولصوص المقالات والمنتحلين، وكل هؤلاء يعرضون بانتظام خدماتهم بأي ثمن على أي مهرجان ويتهافتون على الدعوات ولا ينظرون للأمر على أن المهرجانات في حاجة للنقاد أكثر من حاجة النقاد للمهرجانات. رابعا: لاشك أن من حق أي جهة تساهم في انتاج فيلم أن يكون لها شروطها، ولا أعتقد أن من الواقعية في شيء مطالبتها بالتخلي عن شروطها فهذه سوق مفتوحة لا تصلح معها الأحاديث العاطفية (ارحموا المهرجانات الفقيرة مثلا) بل هذه هي طبيعة المنافسة في النظام الرأسمالي (الذي لم اصنعه أنا أو غيري من النقاد بل صنعته الأنظمة العربية التي ساهمت مع الغرب في اسقاط أنظمة الاقتصاد الموجه في العالم!).. أي أن هذا النظام له قواعده التي من الطبيعي أن يلعب طبقا لها. ويجب محاسبته على الالتزام بها.
أخيرا.. أظن أن الموضوع خرج كثيرا عن نطاق فيلم محمد الدراجي وما حدث فيه وما حصل عليه أم لم يحصل من دعم مالي أو "جائزة" مسبقة وما إلى ذلك، كما تجاوز نطاق مهرجان أبو ظبي تحديدا، وأصبح قضية يمكن تنظيم حوار علمي جاد حولها رغبة في الوصول إلى صورة واضحة وبحيث يبدأ الحوار أولا حول هذا السؤال الواضح والبسيط: هل نحن كنقاد مدافعين عن وجود الفيلم العربي الجاد، مع دعم هذا النوع من السينما، من قبل المهرجانات وغير المهرجانات، أم لا؟ وما هي شروط ومعطيات هذا الدعم، ومن الذي يحددها ويتحكم في تطبيقها وهل هي "سياسة" ممتدة، أي استراتيجية، أم"تكتيك" آني مؤقت للدعاية وتحقيق شهرة إعلامية كاذبة، وهل المنافسة بين المهرجانات تدور حول مشرع ثقافي أم لتجميل وجه الأنظمة التي تقيمها، وما الذي يستفيده الجمهور أساسا من هذه المهرجانات، وما الذي يستفيده السينمائي، وما العلاقة بين الناقد- السينمائي- الجمهور- المهرجانات.

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger