الاثنين، 28 فبراير 2011

"خطاب الملك" يحصل على 4 جوائز اوسكار

دخلت قصة الملك البريطاني، الذي تغلب على مشكلة النطق لديه، التاريخ بحصول فيلم "خطاب الملك" على أربع جوائز أوسكار في فئة أفضل فيلم، وأفضل نص سينمائي، وأفضل مخرج، وأفضل ممثل.
الفيلم من إخراج توم هوبر، الفائز بجائزة أفضل مخرج، ويلعب دور البطولة فيه النجم البريطاني كولين فيرث، الفائز بجائزة أفضل ممثل.
من جهة ثانية، لم يتمكن فيلم "الشبكة الاجتماعية" من إضافة جائزة أوسكار أفضل فيلم إلى رصيد الجوائز التي حصل عليها مؤخرا، غير أنه حقق عددا من الألقاب، من بينها أفضل موسيقى تصويرية، وأفضل مونتاج، وأفضل نص مقتبس.
جائزة أفضل ممثلة في الدورة الثالثة والثمانين من حفل الأكاديمية الأمريكية للفنون كانت من نصيب نتالي بورتمان، عن فيلم Black Swan، والذي لعبت فيه دور راقصة باليه.
وكانت بورتمان قد فازت سابقا بجائزتي الغولدن غلوب ونقابة الممثلين كأفضل ممثلة عن دورها في نفس الفيلم.
وذهبت جائزة أفضل ممثل في دور مساند لكريستيان بايل، عن فيلم "المقاتل"، بينما ذهبت جائزة أفضل ممثلة في دور مساند لمليسا ليو، عن دورها في نفس الفيلم.
أما فيلم Inception، الذي يغوص في عمق النفس البشرية وأحلامها، فقد حاز على أربع جوائز أوسكار هي أفضل تصوير، وأفضل مكساج صوتي، وأفضل مونتاج صوتي، وأفضل مؤثرات خاصة.
وكان فيلم Inception، الذي يلعب دور البطولة فيه النجم ليوناردو ديكابريو، قد رشح لجائزة أفضل فيلم، بين عشرة أفلام أخرى.
وكانت جائزة أفضل فيلم كارتوني متحرك من نصيب الجزء الثالث من "حكاية لعبة"، الذي حصد أيضا جائزة أفضل أغنية سينمائية.
أما جائزة أفضل فيلم أجنبي فكانت من نصيب الفيلم الدنماركي "في عالم أفضل".
وقد قدم حفل توزيع الجوائز هذا العام النجمان الشابان آن هاذاواي، وجيمس فرانكو، الذي كان مرشحا لنيل جائزة الأوسكار كأفضل ممثل عن دوره في فيلم "127 ساعة".
عن موقع سي ان ان الاخباري

الأربعاء، 23 فبراير 2011

"خطبة الملك": السينما والتاريخ وأسرار النجاح

لعل السؤال الذي يخطر مباشرة على البال بعد مشاهدة فيلم "خطبة الملك" The King’s Speech هو: ما الذي يجعل لهذا الفيلم كل هذا الرونق والسحر، ويحقق له القدرة على الامتاع ودفع المشاهدين للبقاء في مقاعدهم لنحو ساعتين، كما لو كانوا مسحورين أمام الشاشة؟
هذا السؤال الذي شغلني بشكل شخصي، بعد أن شاهدت الفيلم الذي يثير الكثير من الاهتمام والتقدير (14 ترشيحا لجوائز بافتا السنوية البريطانية) مرجعه الأساسي أننا أمام فيلم إنجليزي تقليدي، كلاسيكي، يدور في الماضي، يخلو تماما من مشاهد العري والجنس والعنف والمغامرات والغرائبيات عموما كما أنه ليس مأخوذا عن أحد الأعمال الأدبية الرفيعة الشهيرة، يتحرك أبطاله في إطار قد يكون، على نحو ما، إطارا مسرحيا، ويعتمد في الكثير من مشاهده، على الحوار، ويكاد يخلو، إن لم يكن يخلو بالفعل، من الحبكة التقليدية الدرامية التي تشغل اهتمام المتفرجين عادة، بل إن أي إثارة هنا هي إثارة ذهنية، تنبع مما يكمن في ثنايا الموضوع نفسه، رغم أن ما كان متصورا لدى الجمهور (الانجليزي بوجه خاص الذي شاهدت الفيلم معه في إحدى قاعات السينما في لندن) أن بطله، وهو شخصية تاريخية (الملك جورج السادس والد الملكة الحالية اليزابيث الثانية) لم يعد يثير الاهتمام كثيرا رغم أن الفترة التاريخية التي تربع فيها على قمة العرش البريطاني، كانت من أكثر الفترات حسما في تاريخ الامبراطورية البريطانية، ولكن من الذي لايزال يتذكر ايام تلك الإمبراطورية الغابرة الآن من أبناء الأجيال التي تتردد على دور السينما!
كان هذا هو المتصور على الأقل قبل ظهور "خطبة الملك" عن سيناريو ديفيد سيدلر، وإخراج توم هوبر Tom Hooper.
إن العثور على الفكرة نفسها والقدرة على التقاطها وتطويرها وإكسابها كل هذه الملامح "المعاصرة"، أي جعلها قريبة من متفرج اليوم، هو أول عوامل النجاح الذي يحققه هذا الفيلم في عروضه العالمية. فما هي الفكرة الأساسية التي يستند عليها الفيلم؟
الملك والمعلم

كان الملك جورج الخامس هو الذي حكم بريطانيا العظمى أو الامبراطورية البريطانية من 1910 إلى حين وفاته في 1936. وكان لديه ولدان هما إدوارد، وشقيقه الأصغر ألبرت (إلى جانب ولدين آخرين هما هنري وجورج). وعندما توفي جورج الخامس كان طبيعيا أن يتولى العرش من بعده إدوارد الكبير، لكن إدوارد وقع في غرام سيدة أمريكية تكبره في العمر، سبق أن طلقت مرتين (هي مسز سمبسون)، ولكنه رغم ذلك، أراد الزواج منها، وهو ما كان يتنافى مع تقاليد العائلة الملكية البريطانية، ولكنه أصر على موقفه مما دفعه إلى التنازل عن العرش في العام التالي أي في 1937، وصعود شقيقه ألبرت لكي يصبح "الملك جورج السادس".
غير أن جورج السادس، الذي لم يكن ينتظر أبدا أن يصبح ملكا، بل ولم يكن أصلا مؤهلا للقيام بهذا الدور في تلك الفترة التاريخية التي ستصبح من أصعب فترات التاريخ البريطاني (الحرب العالمية الثانية، استقلال أيرلندا، ثم انسلاخ الهند عن التاج، وانهيار الامبراطورية نفسها بعد ذلك وتفككها، وظهور الحرب الباردة وبروز الاتحاد السوفيتي والقوة الامريكية) كان يعاني من مشكلة شخصية مزمنة هي عدم قدرته على النطق بشكل صحيح، بل بصعوبة بالغة تصل الى حد ابتلاع الكلمات، والعجز التام عن نطق الحروف، خصوصا حرف الكاف.
هذه المشكلة التي نشأت مع "ألبرت" منذ وقت مبكر في الطفولة، كبرت معه وأصبحت تمثل معضلة له ولزوجته اليزابيث التي سبق أن رفضت عرضه بالزواج منها مرتين(وهو ما يتردد في الفيلم أيضا) وهي والدة الملكة الحالية إليزابيث وشقيقتها الأميرة مرجريت.
إن طرافة الفكرة ووجود هذه المشكلة المرضية كان يمكن أن تجعل من "خطبة الملك" فيلما من "أفلام العاهات"، أي عملا شبيها بأفلام المعجزات مثل Children of a Lesser God غير أن كاتب السيناريو ديفيد سيدلر، تمكن ببراعة، من تحويلها إلى بؤرة للاهتمام، وجعلها الأساس الذي يطرق من خلاله أبواب الكثير من القضايا والأفكار مثل فكرة تغلغل الإحساس الطبقي وتعمقه في الشخصية البريطانية عموما، فكرة العلاقة الثنائية المعقدة بين الصانع والصنيعة، وهو ثنائي تدور من حوله الكثير من الأعمال الأدبية والسينمائية في الخيال الانجليزي تحديدا مثل (فرانكنشتاين، بيجماليون..إلخ) أو السيد الذي يتحول إلى تابع (كما في فيلم "الخادم" The Servant لجوزيف لوزي، وهو فيلم انجليزي عظيم آخر يتناول مشاكل المجتمع البريطاني بتعقيداته الناتجة عن الطبقية الشديدة المتغلغلة وما تولده من عقد).
الملك يخطب

وكما تغوي هذه الفكرة الكثير من صناع الخيال (في الأدب والمسرح والسينما)، هنا أيضا نرى كيف يمكن أن ترقى أيضا فكرة الصداقة بين الرجال، إلى مستوى يتجاوز، بل ويحطم كل الفروق الطبقية والاجتماعية، ويجعل الصداقة تستمر وتسمو فوق كل الاعتبارات، تماما مثل الحب (في حالة إدوارد الذي وصل الىالتضحية بالتاج من أجل الارتباط بالمرأة التي يحبها).
تتجسد هذه الأفكار المعاصرة التي تلمس قلوبنا وعقولنا كمشاهدين لهذا العمل العظيم، من خلال إبراز شخصية "ليونيل لوج Lionel Logue ذلك الاسترالي الذي يصل إلى لندن بعد الحرب العالمية الثانية ويتخذ من شقة في هارلي ستريت في وسط لندن، مقرا له، يمارس منه، وهو الذي فشل في أن يصبح ممثلا، علاج الذين يعانون من مشاكل في النطق بدعوى انه أخصائي أو معالج متخصص في هذا النوع من الاضطراب، يمتلك أيضا أسلوبه الخاص، الحديث، الذي يختلف تماما عما كان سائدا من أساليب.
إليزابيث زوجة الأمير ألبرت (أي قبل أن يصبح ملكا) هي التي تتوق وتسعى للعثور على حل لهذه المشكلة التي تعذبه خاصة بعد الخطبة الكارثية التي يفتتح بها الفيلم، في مدرجات ملعب ويمبلي علم 1925 بمناسبة افتتاح معرض الامبراطورية أمام جمهور كبير من صفوة المجتمع ورجالات الدولة. هنا يعجز بطلنا تماما عن نطق كلمة واحدة ويتلعثم ويتردد ثم يتوقف عاجزا، يبدأ حرفا ثم يتعطل لسانه تماما عن استكمال كلمة واحدة، وتخرج من الميكروفون مجرد حشرجات منفرة تسيء الاستياء بقدر ما تثير من التساؤلات. وهكذا يصبح مطلوبا العثور على حل لهذا الفتى الذي سيواجه مثل هذه المواقف كثيرا بحكم وضعه في سلم العائلة العريقة.

تعثر اليزابيث على الاسترالي "ليونيل" الذي يصر على فرض شروطه، أي على أن تأتي له هي بالشخص المطلوب علاجه إلى مكتبه بل ويصر على موقفه حتى بعد أن يعلم أنه مطلوبا منه مساعدة الأمير نفسه. ورغم ما تشعر به اليزابيث من غضب من التجاوز في التعنت، وضربه عرض الحائط بالقيم المستقرة التي تنظم العلاقات بين الطبقات، لا تملك في النهاية سوى الاستجابة لهذا الاسترالي القادم من الخارج.
لقد جرب الأمير كل أطباء القصر الذين كادوا أن يتسببوا بطرقهم العقيمة في اختناقه، فقد نصحوه بوضع قطع صغيرة من الرخام في فمه على أن يحاول الحديث وفمه ممتليء بها، حتى كاد أن يبتلع أحدها ويلقى حتفه، كما نرى في أحد المشاهد.
أما "ليونيل" فهو يعتمد أولا على منهج خاص يقوم على إلغاء الفاصل الطبقي تماما بينه وبين "المريض المفترض"، ويصر على أن يناديه بـ"بيرتي" وهو اسم التدليل الذي كان ينادى به داخل القصر. ثم يستاذنه في تسجيل تدريباته علىالنطق على اسطوانة، يستعين بها لمعرفة مواطن الخلل، ويشجعه على استدعاء الماضي باللجوء إلى منهج التحليل النفسي (الفرويدي) إلى أن يكشف الأمير في مشاهد شديدة القوة والتأثير، عن عقده الشخصية التي ترسبت من سنوات القمع الذي كان يمارسه عليه والده (الملك جورج الخامس). فقد كان فظا، قاسيا، يسيء معاملته، ويضعه تحت الضغط بقوله إن مستقبل العائلة الملكية أصبح يتوقف على القدرة على استغلال الراديو، أي الخطب الإذاعية (وكان الراديو وقتها اختراعا حديثا).

يقطع المعالج الاسترالي مسافة أبعد عندما يبدأ في استفزاز "المريض" لكي يستخرج منه انفعالات تصل الى حد الشتائم وصب اللعنات، بل ويشجعه على إخراج كل ما في جعبته من شتائم، ويقوم بتسجيلها له ليكتشف أنه يمكنه في هذه الحالة التعبير دون تلعثم أو اضطراب.
وهكذا تسير الأمور بين الرجلين، تتوتر حينا، وتتعقد حينا آخر، وتصل لدرجة المراهنة على "شلن" بينهما أنه في حالة التمكن من تحقيق تقدم سيدفع ألبرت الشلن الى ليونيل. لكنه لا يفي بالوعد أبدا رغم إصرار ليونيل علىالحصول على ذلك الشلن الرمزي، يرده إليه فقط بعد أن يصبح ملكا. وهو أحد الحيل الذكية التي تضفي طابعا إنسانيا طريفا على تلك العلاقة بين الرجلين في الفيلم.
ويصور الفيلم العلاقة بين إدوارد وألبرت، وكيف يخشى ألبرت من تطور علاقة شقيقه بالأمريكية بعد أن تولى العرش وأصبح الملك إدوارد الثامن، وكيف ينتهى الأمر الى تنازله عن العرش ليجد ألبرت نفسه وقد أصبح الملك جورج السادس، فتتوطد علاقته أكثر بليونيل الذي يصبح مثل ظله، يصاحبه إلى كل المناسبات الرسمية التي تتطلب إلقائه كلمات، يدربه ويجعله يحفظ الكلمات، ويقف في الظل يقوده ويساعده.
وكما يبدأ الفيلم بخطبة الأمير، ينتهي بخطبة الملك، وهي تلك الخطبة التاريخية التي يعلن فيها للشعب وللامبراطورية بأسرها، دخول بلاده الحرب العالمية الثانية ضد المانيا. هذا الخطاب الذي أصبح مرتبطا بالشجاعة والوضوح والقوة، كان وراءه "ليونيل" الذي يراجع المخطوطة، ويستبعد منها كل الكلمات الصعبة التي قد تربك "صديقه"، ويدربه على استخدامها، إلى أن ينجح الملك نجاحا مشهودا يتلقى عليه التقدير. وهذه هي الذروة الدرامية التي ينتهي اليها وعندها الفيلم.

الصداقة، والإخلاص للصداقة حتى النهاية، هما محور هذا العمل وسر تأثيره الكبير على الجمهور. فالملك يظل متمسكا بصديقه حتى بعد أن يجد أسقف كانتربري الذي يستنكر ان يأمره الملك بالسماح لليونيل بالتواجد معه في المقصورة الملكية يوم التنصيب الرسمي داخل كاتدرائية ويستمنستر آبي العريقة، فيأمر رجاله بالتنقيب في تاريخه ليكتشفوا أنه مجرد محتال، اكتسب الخبرة في العلاج عن طريق الممارسة، وأنه لم يدرس الطب دراسة أكاديمية ولم يحصل بالتالي على شهادات.
العنصر الأول في نجاح الفيلم، أي العثور على فكرة لم يتناولها أحد في السينما من قبل، والقدرة على تقديم معالجة مؤثرة، إنسانية تقرب الشخصية الملكية من الجمهور، يأتي بعدها مباشرة ذلك العنصر الأكثر بروزا في فيلمنا هذا، أي قدرة المخرج توم هوبر،على تطويع الحدث الذي يدور داخل ديكورات مغلقة في معظم المشاهد، إلى لغة السينما. إنه يستخدم التلاعب بالزمن داخل المشهد، سواء في استخدام الفوتومونتاج مثلا، أو العودة للوراء في "لقطات سريعة" (فلاشات)، كما يستخدم تقنية تعاقب الزمن، والكاميرا المحمولة المهتزة في المشاهد التي تدور بين بطلنا وشقيقه إدوارد الذي يتركه ويهبط الى القبو لإحضار زجاجة من زجاجات النبيذ المعتق الخاص. وعندما يسأله البرت: ماذا تفعل؟ تأتي إجابته ساخرة ومباشرة: أمارس المُلك ولكن في كلمة واحدة هي kinging وهو تعبير جديد ينحته كاتب الحوار في اللغة الانجليزية، يعقبه مباشرة سخرية إدوارد من طريقة شقيقه المتلعثمة في الحديث ومحاكاته وهو يردد: بببببببير....تي! .
ويستخدم توم هوبر أيضا المزج بين موسيقى بيتهوفن وبين تصاعد تعبيرات البطل وهو يسجل الخطبة الأولى اثناء التدريب على يدي ليونيل، دون أن يستطيع الاستماع إلى ما يلقيه من كلمات بسبب طغيان الموسقى على صوته، ويسخدم حركة الكاميرا داخل الردهات الطويلة من الخلف لمتابعة الشخصية وهي تنفذ إلى داخل القاعة الكبرى مثلا في قصر باكنجهام، للإيحاء بما حققه الملك من ثقة في نفسه أمام رجال القصر، بعد أن نجح في التدرب على القاء الخطبة، كما يستفيد من عمق المجال (في مشهد القاء الخطبة نفسها من شرفة القصر الملكي وهي مصورة من داخل القصر في حين تظهر الجماهير في الخلفية من الخارج)، ويستغل الديكورات استغلالا دراميا جيدا، كما في المشهد الذي يتدرب فيه الملك على خطبة عرش داخل الكاتدرائية عندما يتلاعب المخرج بالميزانسين، فيجعل ليونيل يحتل كرسي الملك بينما يقف الملك متهدجا أمامه مثل التلميذ الضعيف وهو يلومه على كذبه عليه واخفائه حقيقة نفسه، أي كونه ليس طبيبا حقيقيا، وكيف أنه بهذا أحرجه أمام حاشيته. لكن ليونيل يواجه الموقف بصلابة بل ويقول أيضا أنه لا يمانع من الحصول على لقب الفروسية مقابل نجاحه وهو ما ينعم به عليه الملك بالفعل، ونعلم من العناوين النهائية التي تنزل على الشاشة انه ظل وفيا الى جانب الملك حتى وفاته.
وينتقل الفيلم من مشهد إلى آخر، بحيث يتصاعد البناء في الفيلم، كاشفا عن تطورالعلاقة بين الرجلين، وتطور علاقة جورج بنفسه، وبمن حوله، باكتسابه الثقة، وبتحوله من الغضب الشديد على نفسه وعلى الآخرين في البداية، وكراهيته لأساليب ليونيل، إلى الاستماع اليه والانصات له مثل تلميذ مطيع. والظهور في الوقت نفسه أمام رجال القصر بمظهر الملك الجسور الذي يملك قراره.
هذا التلون والتنويع والتطور الذي يتجسد في الشخصية الرئيسية، ينقلنا الى العنصر الثالث البارز في الفيلم أي إلى عنصر الأداء التمثيلي. هنا يبرز دور الممثل الفذ كولن فيرث Colin Firth بخبرته الطويلة في المسرح والتليفزيون والسينما في الكثير من الأدوار المعقدة وأحدثها في فيلم "رجل عازب A Single Man الذي حصل عن دوره فيه على جائزة التمثيل في مهرجان فينيسيا السينمائي 2009.
إن كولن فيرث من نوع الممثلين البريطانيين الذين ينتمون إلى مدرسة التقمص المطلق، ليس عن طريق المحاكاة الخارجية للشخصية، بل بالعيش في داخلها، باستخدام تعبيرات الوجه دون مغالاة أو إفراط، للتعبير عما يصطرع في الداخل، والتحرك في الفضاء السينمائي، في ديكور المشهد، بطريقة الإظهار والاخفاء، أي اظهار المشاعر ولكن إخفاء النوايا، فأنت لا تستطيع أن تتنبأ بما سيتجه إليه في الخطوة القادمة، وبذلك يصبح أداؤه مشوقا ومثيرا للإعجاب. ولاشك أن دور جورج السادس هو أفضل أدوار فيرث في السينما حتى الآن، وأحد أبرز أدوار الممثلين الرجال في السينما البريطانية المعاصرة عموما.
ويكمن فيه ذلك الأداء الأرستقراطي الذي يتمثل في طريقة الحركة والمشي واستخدام إشارات اليد بحرص، وإيماءات الوجه باقتصاد شديد، والأهم أيضا، استخدامه للغة المنطوقة، التحكم في التعلثم مثلما يتحكم في التدفق المندفع، والتوقف ثم التعبير عن الإحباط والغضب والتوتر واليأس، ثم الاندفاع في توجيه السباب، ثم الارتماء على مقعد قريب في انهيار واضح. هذا التقلب المستمر هو الذي يجعل أداء كولن فيرث يصل هنا إلى أعلى مستويات الأداء. إنه يصبح شبيها في استخداماته للكلمة وللحركة، بأداء كبار الممثلين المرموقين في السينما البريطانية مثل لورنس أوليفييه وبيتر أوتول وأنطوني هوبنكنز.
وأمامه في هذه المبارزة الاستثنائية التي تجعلنا كمشاهدين لا نستطيع تحويل أنظارنا لحظة واحدة عن الشاشة، ممثل عملاق آخر هو الاسترالي جيوفري رش Geoffrey Rush في دور ليونيل لوج، الذي يعرف تماما متى يستخدم الإشارة أو الايماءة أو تلك الغمزة المميزة من عينه، كما يستخدم نبرات صوته للإقناع الذي يصل إلى حد القدرة على الإيحاء بالتنويم أحيانا. هذا العملاق الذي سبق أن بهرنا بأدائه في فيلم "شاين" Shine ٍقبل أربعة عشرعاما، يعود مجددا لكي يحتل بقوة مقعدا في الصف الأول على مستوى التمثيل السينمائي في العالم.
أخيرا.. "خطبة الملك" درس سينمائي بليغ، ونموذج على قدرة السينما على التعبير البليغ عن القدرة الإنسانية على تجاوز مأزق الإعاقة، وعلى كيف تصنع "الثقة" بين الرجال، وبين البشر عموما، المعجزات، كما يصنع التاريخ ملكا، وكما يصنع فنان كبير فيلما كبيرا.

الأحد، 20 فبراير 2011

متوفر في المكتبات حاليا: شخصيات وأفلام من عصر السينما


السبت، 12 فبراير 2011

انتصار الثورة

هذا يوم للاحتفال فقط. هذا يوم للنصر.. لكي يفرح الثوار ويتأهبون لاستكمال ثورتهم إلى أن تحقق مشروع الدولة العصرية القائمة على النظام الجمهوري البرلماني وليس الجمهورية الرئاسية التي وضع أسسها جمال عبد الناصر في ظروف أخرى شديدة الاختلاف عن يومنا هذا.
إن كل أسس الاستبداد والحكم الفردي وتركيز كل السلطات في يد (الفرعون) الحاكم يجب أن تتلاشى ويجب أن نبدأ فترة ثقافة سياسية جديدة حيث يتم تدريس منهج متقدم في احترام حقوق الانسان على طلاب المدارس الثانوية، وتعليم مبدأ تبادل السلطة واحترام الرأي الآخر، وحرية الاعلام في كليات الاعلام. ونحن أيضا سننتظر حل جهاز أمن الدولة ومحاسبة الضباط الذين تورطوا في تعذيب الشعب، وإعادة بناء جهاز الأمن بحيث يصبح خادما للشعب، يحميه ويحترم القانون ويقوم بتطبيقه كما في كل بلدان العالم المتقدم.
وأما أزلام الاعلام الرسمي فيجب أن يخجلوا من أنفسهم، وأن يتوقفوا لمدة 5 سنوات على الأقل، عن الظهور في أجهزة الاعلام. إن هؤلاء الذين نطلق عليهم أحذية نظام مبارك الاستبدادي، آن الأوان أن يختفوا، وأن يبحثوا عن وسيلة للتكفير عن ذنوبهم وما ارتكبوه من جرائم "فكرية" في حق شعبهم، ومنهم عبد المنعم سعيد والسيد ياسين وصلاح عيسى ومجدي الدقاق وجهاد عودة وعبد اللطيف المناوي واسامة سرايا وعبد الله كمال وممتاز القط وعماد أديب ومصطفى الفقي وعمر عبد السميع وغيرهم.
إنه ليس وقت الانتقام. ولكنه وقت البناء والمستقبل. وسوف نترك هؤلاء الأحذية لحكم التاريخ لكي يضعهم في المكان المناسب.. أي في مزبلته!

الجمعة، 11 فبراير 2011

ثورة الشعب المصري تنتصر على الطغيان


انتصرت ثورة الشعب المصري التي استمرت لمدة 18 يوما على نظام الطاغية حسني مبارك الذي حكم البلاد لمدة ثلاثين سنة بشكل غير شرعي كرئيس مغتصب للسلطة وهو ما كنا نكشفه ونفضحه ونعارضه طيلة السنوات السابقة.
وبقى الآن أن تستمر الثورة لكي تضمن تنفيذ برنامج التغيير الديمقراطي الوطني واقامة مجتمع مفتوح يسمح بالحريات ويحتضن التعددية ويلغي الشعارات ويسقط كل الرموز البشعة التي ارتبطت بأنظمة المخابرات والبوليس والتعذيب والقهر. واليوم ونحن جميعا نحتفل بانتصار الثورة المصرية علينا ايضا ان ننظر الى هؤلاء الذين ربطوا انفسهم من المثقفين واشباه المثقفين بالنظام السابق البالي الذي سقط اليوم مع رحيل رأسه حيث سيذهب الى مزبلة التاريخ.. هؤلاء الذين اخذوا يجملون النظام وينافقون ويدبجون المقالات في مديح الفساد والترويج له علينا ألا نترك هؤلاء يعيدون تشكيل انفسهم مرة اخرى والبحث عمن ينافقونه.
وأنا شديد التفاؤل بيقظة الشباب .. شباب الثورة.. والوعي الكبير الذي يحكم الثوار.
وسنعود لنكتب في هذا بالتفصيل فيما بعد..

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

البارك على عرش مصر: قال ثم فعل


انظر ماذا قال :
* لن أرحم أحدا يمد يده إلى المال العام حتى لو كان أقرب الأقرباء ، إننى لا أحب المناصب ولا أقبل الشللية وأكره الظلم ولا أقبل أن يظلم أحد وأكره استغلال علاقات النسب ( 18 أكتوبر 1981 جريدة مايو ) ..
* الكل سواء عندي أمام القانون ونحن لا نريد قانون الطوارئ ( 20 أكتوبر 1981 جريدة نيويورك تايمز ) ..
* لن أقبل الوساطة وسأعاقب لصوص المال العام ( 26 أكتوبر 1981 مجلة أكتوبر ) ..
* مصر ليست ضيعة لحاكمها ( المصور 30 أكتوبر 1981 ) ..
* الكفن مالوش جيوب ، سنعلى من شأن الأيادى الطاهرة ( خطاب له فى فبراير 1982 ) ..
ثم انظر ماذا فعل:
نهب أراضى مصر ( 1- 9 ) :
فى 12 نوفمبر 2007 وقف جمال زهران - نائب مجلس الشعب عن كتلة الإخوان المسلمين - فى البرلمان واتهم الحكومة بإهدار 800 مليار جنيه ، شرح زهران المبلغ بأنه عبارة عن مساحات كثيرة وكبيرة من أراضى مصر وزعت على كبار المسئولين بالدولة ورجال أعمال يدورون فى فلكهم ..
دلل النائب المذكور على كلامه بما أعلنه اللواء مهندس عمر الشوادفى – رئيس جهاز المركز الوطنى لاستخدامات الأراضى – حين قال أن نحو 16 مليون فدان قد تم الاستيلاء عليها من مافيا الأراضى وتقدر قيمتها بنحو 800 مليار جنيه ..
( تمثل المساحة المنهوبة – أى الـ 16 مليون فدان – ما قيمته 67.2 ألف كم مربع وهو ما يزيد عن مساحة الدول الخمس التالية مجتمعة : فلسطين التاريخية 26.6 ألف كم مربع ، الكويت 17.8 ألف كم مربع ، قطر 11.4 ألف كم مربع ، لبنان 10.4 ألف كم مربع ، البحرين 5.67 ألف كم مربع ) ..
يقع ضمن المبلغ المذكور – أى الـ 800 مليار - مبلغ يقدر بحدود 80 مليار جنيها ، وهو عبارة عن الأسعار السوقية للأراضي التى باعتها الدولة بثمن بخس إلى ست جهات فقط وهؤلاء هم : أحمد عز - مجدى راسخ - هشام طلعت مصطفى - محمد فريد خميس - محمد أبو العينين - الشركات الخليجية ( الفطيم كابيتال الإماراتية – إعمار الإماراتية – داماك الإماراتية – QEC القطرية ) ..

إننا نضع بين أيدى القراء فى هذه الحلقة الأرقام التالية والتى تدل بوضوح لا لبس فيه على نهب منظم لأراضى مصر ، وهو بهذه المناسبة قليل من كثير نتيجة سياسة الكتمان التى تفرضها أجهزة مبارك الأمنية :
1- خصصت الحكومة 100 كيلو متر ( 100 مليون متر مربع ) شمال غرب خليج السويس وقسمتها بين خمس جهات دون الإعلان عن مناقصات أو مزايدات وذلك بواقع خمسة جنيهات عن كل متر مربع ، إلا أن هذه الجهات دفعت جنيهاً واحدا عن كل متر وخصصت المنطقة المذكورة تحت ذريعة تنميتها ..
( أكد المهندس العالمى د. ممدوح حمزة والحاصل على 15 جائزة دولية أن المنطقة المذكورة لم تشهد أى تنمية وما يحدث ما هو إلا تسقيع للأراضى .. قدم د. حمزة إلى رئاسة الجمهورية فى عام 2004 ملفا كاملا عن الفساد فى وزارة الإسكان ، قام نظام مبارك بتلفيق تهمة اغتيال أربع شخصيات سياسية - فتحى سرور وكمال الشاذلى وإبراهيم سليمان وزكريا عزمى – إلى د. حمزة أثناء دخوله قصر برمنجهام فى لندن حيث كان يلبى دعوة للغداء على شرف الملكة فى قصر برمنجهام ، أحتجز د. حمزة لمدة عامين فى أحد سجون لندن حتى ثبتت براءته من بلاغ مبارك الكيدى .. يذكر أن الطاغية الفاسد كان أول المهنئين لحمزة عند خروجه من محبسه فى لندن !! ) ..
وهذه الجهات الخمس التى نهبت المنطقة المذكورة والتى دفع رجال الفرقة 19 بالجيش الثالث الدم الغالى فى استردادها هى كما يلى
- أحمد عز : تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية بمبلغ 2.4 مليار جنيه ) وهو عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطنى وأمين التنظيم الحالى .. أنشأ مصنعا للصاج بمساحة 150 ألف متر مربع وباع 150 ألف متر مربع إلى الملياردير الكويتى ناصر الخرافى بمبلغ 1500 جنها للمتر المربع ومازال يحتفظ بالمساحة المتبقية .

- محمد فريد خميس : تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 3.5 مليار جنيه ) وهو أحد كبار رجال الأعمال وعضو مجلس الشورى ورئيس لجنة الصناعة والطاقة ويملك شركة النساجون الشرقيون .. أنشا مصنعا للكيماويات بمساحة 20 ألف متر مربع وباع باقى المساحة فى صفقة ضخمة حققت عدة مليارات ، كما تذكر الأنباء أن الوزير سليمان قد خصص أيضا لخميس 1500 فدانا أخرى .

- محمد أبو العينين : تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 1.3 مليار جنيه ) وهو عضو الحزب الوطنى ورجل الأعمال المعروف وصاحب شركة كليوباترا للسيراميك .. أنشأ مصنعا للبورسلين على قطعته بمساحة 150 ألف متر مربع وممرا لهبوط طائراته الخاصة ( يملك ثلاث من نوع جولف ستريم ويقودها بنفسه ) بمساحة 50 ألف متر مربع وباع كل المساحة الباقية فى صفقة بعدة مليارات ..
- نجيب سايروس : تسلم 20 مليون متر مربع ( تقدر قيمتها السوقية بمبلغ 1.3 مليار جنيه ) ...أنشأ مصنعا للأسمنت على قطعته بمساحة 200 ألف متر مربع وباع كل المساحة الباقية فى صفقات بعدة مليارات .
- الشركة الصينية : وكان نصيبها أيضا مثل السابقين 20 مليون متر مربع ولم يتم استغلالها حتى الآن .
2- بجانب ما حصل عليه النائب محمد أبو العينين فى منطقة شمال غرب خليج السويس ، حصل أيضا على القطع التالية

- تخصيص 5000 فدان فى منطقة شرق العوينات غير معلوم تفاصيلها .
- تخصيص 1520 فدان فى منطقة مرسى علم وقد اشتراها بسعر دولار للمتر وسدد 20 % من المبلغ ثم أعاد بيعها بأسعار فلكية للملياردير الكويتى ناصر الخرافى وقدرت القيمة السوقية لهذه الأرض بمبلغ مليار و 260 ألف جنيه .
- وضع يده على 500 فدان على طريق مصر الإسماعيلية ، وهى أرض ملكا للدولة ممثلة فى شركة مصر للإسكان والتعمير .
- تم تخصيص له 1500 فدان ( 6.3 مليون متر مربع ) بمنطقة الحزام الأخضر بمدينة العاشر من رمضان .
3- خصصت الحكومة للمدعو مجدى راسخ - والد زوجة علاء مبارك هايدى راسخ – مساحة 2200 فدان ( 9.2 مليون متر مربع ) وذلك فى أفضل أماكن مدينة الشيخ زايد بسعر 30 جنيها للمتر ، لكن راسخ دفع مقدما بسيطا ولم يسدد المبلغ المتبقى .. تردد فى بداية عام 2006 عن وجود عرض من شخصية خليجية كبيرة بشراء تلك المساحة بمبلغ 10 مليار جنيها ( أى بسعر يزيد عن 1000 جنيها للمتر المربع ) ، ويذكر أن مجدى راسخ هو صاحب مشروع بيفرلى هيلز بمدينة الشيخ زايد والذى حقق من ورائه المليارات الكثيرة ، وله مساحات أخرى لم نتمكن من الحصول عليها منتشرة فى عدة أماكن إستراتيجية بمصر ..
4- خصصت الحكومة 9 آلاف فدان ( 37.8 مليون متر مربع ) لهشام طلعت – أحد أركان لجنة السياسات بالحزب الوطنى والموجود الآن فى السجن بتهمة قتل سوازان تميم بعد أن هددت الإمارات بسحب مدخراتها إذا أطلق سراحه – فى منطقة شرق القاهرة لإنشاء منطقة سكنية باسم مدينتى بسعر يبلغ 5 جنيهات للمتر ، تقدر القيمة السوقية للمتر المربع بها بمبلغ 3500 جنيه مما أهدر على الدولة مبلغا قدره 28 مليار جنيه ..
5- خصصت الحكومة وبطريقة البلطجة ووضع اليد جزيرة نيلية بالأقصر إلى المدعو حسين سالم تسمى جزيرة التمساح وذلك بمبلغ 9 مليون جنيها ، وأنشأ علها شركة التمساح للمشروعات السياحية .. تضم الجزيرة عشرات الأفدنة وسعرها الحقيقى لا يقدر بمال ، وإن كان قد قدر من قبل المختصين بأكثر من مئة ضعف ليقترب من مليار جنيه .. جزيرة التمساح تعتبر جوهرة لا تقدر بثمن بسبب موقعها الإستراتيجي المطل على مدينة الأقصر والتى تضم وحدها ثلثى آثار العالم ويتقاطر عليها السياح من أرجاء المعمورة ..
كما حصل وبنفس الأسلوب على أراضى شاسعة ومميزة فى شرم الشيخ وسدر ، ويذكر أنه يمتلك خليج نعمة حيث يقيم به حسنى مبارك بصفة شبه دائمة .. كما خصص لحسين سالم قصر ضخم أسطوانى الشكل مقام على مساحة 6000 متر مربع فى التجمع الخامس ، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من المساحات تنتشر فى مختلف الأماكن فى مصر ..
يذكر أن مبارك نزع فى منتصف التسعينات ملكية أحد الأراضى فى سيناء من ماليكيْها خالد فودة ووجيه سياج – صاحب فندق سياج بالهرم – وأعطاهما بأسلوب البلطجة إلى حسين سالم بثمن بخس بناء .. أمضى سياج عشر سنوات فى المحاكم المصرية وحصل على أحكام منها كثيرة لتمكينه من أرضه ، رفض مبارك تنفيذها جميعا ولجأ إلى أسلوبه الكيدى الذى أشتهر به فقطع الخدمات عن فندق سياج بالهرم حتى ينهار وجيه سياج .. لجأ سياج والحاصل على الجنسية الإيطالية فى 2005 إلى المحاكم الدولية وفى يوليو 2009 حكمت لصالحه بتغريم مصر بمبلغ 134 مليون دولار ( حوالى 750 مليون جنيه ) ، وأذعن مبارك صاغرا إلى تنفيذ الحكم ، لكنه دفع هذه المبالغ سيكون – كما هو الحال دائما – من دماء شعب مصر !..
يمثل حسين سالم الرقم اللغز فى حياة حسنى مبارك ، هو شريكه فى شركة السلاح التى أنشأها فى باريس باسم " الأجنحة البيضاء " وقد وردت تفاصيل تلك القصة فى كتاب " الحجاب " للصحفى الأكثر شهرة فى العالم بوب وودوارد والذى صدر فى عام 1985 .. كما استولى حسين سالم على مبالغ كبيرة من البنك الأهلى فى ثمانينات القرن الماضى وأخرجه مبارك من القضية ومن الأضواء حتى ينسى الناس القضية بعد أن أثارها المرحوم النائب علوى حافظ فى البرلمان فى عام 1986، وعاد سالم فى التسعينات بأقدام ثابتة ليعمل فى السياحة فى سيناء من خلال تخصيص الأراضي له بثمن بخس ، وأخيرا يدير بعضا من المال الذى نهبه آل مبارك من خلال شركة شرق المتوسط حيث يقوم بتصدير الغاز إلى إسرائيل ، وهى قضية أصبحت معروفة لكل المصريين ..
6- خصصت الحكومة 1500 فدان لشركة أرتوك بثمن بخس على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى والتى يمتلكها كل من إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام وحسن حمدى عضو مجلس إدارة الجريدة ورئيس النادى الأهلى ، وقد تمت الصفقة على أن يترك حسن حمدى أرض النادى الأهلى فى مدينة 6 أكتوبر فى مقابل إتمام تلك الصفقة .. دفعت الشركة جنيهات قليلة فى ثمن الفدان الواحد ثم قسمت المساحة الكلية إلى قطع متساوية بمساحة 30 فدان مع فيللا لكل قطعة .. تم البيع بسعر 2 مليون جنيها للقطعة وكان من ضمن العملاء المليونير السعودى عبد الرحمن الشربتلى وكذلك السفير أحمد القطان مندوب السعودية فى الجامعة

الأحد، 6 فبراير 2011

10 حقائق و7 مقترحات


بقلم: محمد حسنين هيكل


الحقائق العشرة:

١- شعب فى طليعته شبابه الذى فتح أفق المستقبل أمامه.

٢- وجيش يملك ميزان القوة، وهو نفسه جيش الشعب وابنه.

٣- وأزمة حكم سقط ولا يريد أن يرحل، وفى سبيل البقاء، فهو يريد - بغريزة وحش جريح - أن يتمسك بموقفه، وأن ينتقم، ولا يبالى فى سبيل ذلك بأن تحدث فتنة كبرى.

٤- وفى وسط الأزمة زحام من ساسة بغير سياسة، تحركهم أوهام قديمة أو أحلام مستجدة.

٥- وهناك فى خضم هذا الزحام صفوة من الرجال والنساء لا يعرفون كيف يمكن أن يتحركوا فى الأزمة، وكثيرون منهم يتحركون بقوة العاصفة ولكن دون بوصلة!!

٦- لا يوجد من يستطيع بثقة أن يقول إنه يفهم، أو حتى يعرف ما هو المطلوب الآن، فليست هناك جهة أو هيئة سياسية تحظى بقدر من الشرعية أو المرجعية أو المصداقية - وأولها البرلمان المصنوع أخيراً بمجلسيه - بما يساعد هذه الجهة أو الهيئة على الإسهام فى صنع المستقبل.

٧- وهناك عالم مهتم، ومن الصعب رد اهتمامه، لأنه موجود بالواقع وسط الأزمة، وهو يرى جيل الشباب ويستشعر إرادة الشعب، ويرى سلامة الجيش ويلمس مسؤوليته، ويرى - أيضاً - وبجلاء أن هذا النظام لم يعد يقدر على أن يتعامل مع العالم، ولا عاد العالم قادراً على أن يتعامل معه، فضلاً عن ذلك فهناك أمة من المحيط للخليج تتابع ومازالت، وأيديها على قلوبها داعية وراجية.


٨- ومن سوء الحظ أن بعض عناصر هذا النظام تجرب عزل ثورة الشعب عن العالم، بمحاولة إضفاء طابع عليها ينسب ما وقع فى مصر إلى عنصر أو تيار أو جماعة معينة، وذلك خطأ وخطر، لكن بقايا النظام تحاول جاهدة - بمزيج من ضيق الأفق ومخزون الخبث - أن تدفع بهذا الانطباع إلى المواجهة.
كما أن بقايا النظام - بالتوازى مع ذلك - تتصور المراوغة بالحيلة المعروفة فى الإلهاء السياسى، فتقطع بنفسها بعض ذيولها «ثلاثة أو أربعة من الوزراء السابقين، وثلاثة أو أربعة من الأنصار القدامى»، وتلقى بهم على الطريق، لعل مطارديها يتلهون بها، وهذا خطأ فى عالم السياسة والأخلاق، مما قد يجوز فى العالم المظلم للجريمة وعصابات المافيا، لكن عالم السياسة والأخلاق يستدعى العدل قبل أن يفرض العقاب!!

٩- وعنصر الوقت ليس مع أحد، ولكنه ضد الكل، من الأمن والاقتصاد إلى السياسة والقرار، إلى الأمن القومى، إلى ضرورة العودة إلى الأمة والعالم بعد أسبوعين من الفوران حتى درجة الغليان!!

١٠- وعليه فإن أصحاب الحل هذه اللحظة.. شباب وجماهير شعب يعرفون ما لا يريدون، وأوله رحيل رجل واستقامة نظام، لكن هؤلاء الذين يعرفون ما لا يريدون لابد أن تتاح لهم الفرصة، لكى يقرروا ماذا يريدون، وهم يقفون فى ذلك صفاً موازياً وليس معارضاً، لجيش وطنى موجود بقيمته ومسؤوليته، وهو بفكرة الدساتير بأسرها - ومنذ ظهورها وكتابتها - حامى الشرعية الوطنية، وحامى الأمن القومى، ولابد بين الشعب والجيش الآن من لقاء.
ولا يمكن لهذا اللقاء أن يتم إلا بضمانة من الثقة، لابد أن تتوفر، لكى يتنفس الشعب بحرية، ويلتقط أنفاسه بهدوء، ويتكلم بأمان، ويقدر مسار خطاه بوعى واقتدار.
■ ■ ■

وهنا وقبل الوصول إلى الحلول الخمسة، تثور نقطة لابد أن تواجه بأمانة وجد واحترام للنفس وللعصر ولحقائق الأشياء، وهى الكلام عن إجراءات دستورية لترتيب الانتقال.
ذلك أن تطورات أحوال متلاحقة أصبحت تقتضى تحولات سياسية كبرى فى الفكر والفعل، وليس صيغاً وعبارات تتزى برداء القانون، وذلك لأسباب بدهية - بداهة طلوع الشمس وغروبها بينها:

■ أن الدستور المعمول به الآن، والذى جرى ترقيعه عدة مرات ليتسع لكل ما عاشته مصر من تضليل طوال سنوات بالعشرات - لم يعد يصلح قاعدة أو سنداً لأية ترتيبات لبداية جديدة، فلا أحد يستطيع تحويل الخرق البالية إلى ثوب جديد، إلا إذا كنا نريد البحث عن نافذة من سجن يهرب منها المستقبل عبر الأسوار، لأن المستقبل لا يهرب من نافذة سجن، وإنما ينطلق بإزاحة كل الأسوار.

■ أن الشعب وهو مصدر الشرعية قال كلمته، وأظهر إرادته، ووضع الأساس لشرعية جديدة يمكن التعبير عنها بدستور جديد يصدر عن جمعية تأسيسية منتخبة بعد فترة انتقالية، تفتح الباب لعودة السياسة إلى الوطن مرة أخرى، وتسمح لأجيال جديدة من الشباب بأن تشارك فى حوار المستقبل الذى يقيمه ويحصنه الدستور الجديد، ولقد كان الخطأ المتكرر فى تاريخنا باستمرار هو أن مشروعات الدساتير كتبها قانونيون بطلب من سلطة، ثم جرى عرضها على الشعب، وهذا استهتار بالسياق التاريخى فى وضع الدساتير، فالدستور يختلف عن القانون، لأن الدستور عقد وطنى سياسى واجتماعى، يعبر عن مشيئة الأمة، وأما القانون فعملية تنظيم لاحتياجات الشعب وأمنه، وعلاقات الجماعات والأفراد ببعضهم، بما فى ذلك خياراتهم فى مجالات حياتهم المتنوعة، وضمان مستقبلهم المشترك.
■ والقول بتعديل الدستور فى عدة مواد ثار حولها اللغط، والترتيب للمستقبل على أساسها يتطلب مراجعة، لأنه ليس فى مقدور أحد أن يسد ثغرة ما جرى بأى عملية «ترقيع».

- فرئيس الدولة حامى ذلك الدستور انتهى سياسياً وعملياً.
- والدستور نفسه مهلهل.
- والمجلس المكلف بإعادة ترميم بعض مواده المتهالكة - هو نفسه مجلس مزور.
وأن يكون لهذا المجلس الذى يُراد فتح باب الطعون فى صحة عضوية من احتلوه بالتزوير، مسؤولية سد الفراغ وهم لسوء الحظ أغلبية فيه - نوع من التلفيق بعد الترقيع وبعد التزوير، وفى مطلق الأحوال فكيف يمكن أن يؤتمن على الدستور مجلس قام على التزوير؟! - وأقسم أعضاؤه اليمين على باطل؟! - وصفقوا جماعة بخطاب عرش تهاوت قوائمه؟!!

■ وربما يقول قائل - وهو على حق - إن المرحلة الانتقالية نفسها لابد أن تكون لها ضمانات دستورية، وهنا فإنه يمكن للدستور الحالى أن يستمر حتى يحل بدله دستور من إملاء الشعب، ولكن بعد إخلاء ما يكمن فى مواده من أثقال على الحريات العامة، والقيود التى تعوق العمل السياسى، ومطالب التفكير الحر والتعبير النزيه - وبدلاً من «الترقيع» فإنه يمكن بجانب ذلك إعلان مبادئ ركيزتها إعلان حقوق الإنسان المؤكدة للحريات العامة، وفيها حرية التفكير والتعبير والتنظيم والكرامة المكفولة لكل إنسان، وأن يكون ذلك فى وجود «مجلس قانون» مكون من المحكمة الدستورية العليا، والمحكمة الإدارية العليا لمجلس الدولة، وبمشاركة مجلس «أمناء على الوطن» يتم اختيارهم بعيداً عن ذلك التسابق المهين لركوب الموج، وتلك ظاهرة عرفتها وعانت منها كل الثورات فى التاريخ.
أقول بذلك وأنا أعرف وأقدر وأحترم فكرة القانون، وأظنها - وقد قلت ذلك مراراً وتكراراً فى كل الظروف - أفضل ما أنتجه الفكر الإنسانى على طول العصور، فلولا فكرة القانون ما استقر مجتمع، ولا تقدم بشر، ولا تحرك زمان، لكن الدساتير وهى القانون الأعلى فى المجتمعات ليست مسألة صياغة، وإنما هى مسألة إرادة - وليست مسألة نصوص وإنما مسألة قيم، وهنا فإن إرادة الشعب وقيمه هى الأصل، وليست الصياغة والنص.
ولنتذكر أنه بمنطق الصياغة والنص فى الدستور فإن كل الملايين التى خرجت لتسقط شرعية الحكم الشخصى يعتبرون متمردين وعصاة - يصح تأديبهم أكثر مما تصح الاستجابة لطلباتهم.
- النص حق إذا كان تعبيراً عن حقيقة وإرادة خالصة لشعب.
- والنص باطل إذا جاء ليحقق شهوة فى سلطة لا أحد يعرف من أين وإلى أين!!
والنص عاجز إذا كان مجرد كلمات وجمل ومواد يكتبها المبتدئون أو الراسخون فى فن الصياغات.
■ ■ ■
■ أنتقل الآن إلى سبع خطوات إلى المستقبل «وكفانا ما مضى من عذاب الانتظار، وتكاليفه المادية والمعنوية».
١- خروج الرئيس «حسنى مبارك» من رئاسة الدولة، وابتعاده عن الساحة، دون إضاعة فرصة أو مداورة، وتعلل بالفوضى، وذلك حتى يرتفع ثقل وجوده عن المشهد كله، فاستمرار هذا الوجود تعقيد لا مبرر له، وتعطيل لما ينبغى بعده، فالشعب كله حاضر، والكنيسة مضاءة، والمسجد عامر، والشباب هناك، وأكثر من ذلك فإن ذلك الرئيس لم يعد قادراً على مواجهة طرف داخلى أو خارجى، ولا قادراً على أن يقدم أوراق اعتماده لطرف عربى أو دولى يسمع له أو يقبل منه، كما أن القول بالانتظار والصبر لم يبق له مجال يحتمل الاستمرار، ولا داعى لهذا الوقوف، لأن هذا الوضع ستة شهور من القلق والشك والتربص.
٢- إعلان من القوات المسلحة مسؤوليتها والتزامها بحماية الشعب والتعهد بكامل مطالبه.
٣- إعلان قيام مجلس قانون يمسك فى يده بالشرائع والقواعد، ومعه ما يصلح من الدستور القائم، ومعه أيضاً ما هو مقبول ومعمول به فى عالم النور والحضارة.
٤- إعلان قيام مجلس لأمناء الشعب بتمثيل محقق للشباب.
٥- إعلان فترة انتقالية كافية لحوار جاد لا يضغط عليه دستور تهاوت أسسه بتهاوى شرعية من أصدروه.
٦ - تشكيل حكومة قوية تجمع بين الأفضل ممن يمكن الوثوق بهم ممن يعرفون الحقائق، إلى جانب من يمكن الاطمئنان إليهم ممن يحملون نبض الأمل، فلا يمكن لصالح هذا البلد «ولا هو وقع فى كل الثورات من قبل» أن يكون هناك حائط من الفولاذ بين ما كان فى وطن، وما ينبغى أن يكون فيه.
٧- وأضيف هنا أننى أحترم العسكريين الأربعة الذين وضعتهم الأقدار الآن فى موقع القرار: «عمر سليمان» - و«أحمد شفيق» - و«محمد حسين طنطاوى» - و«سامى عنان».
أحترمهم باعتبارهم من رجال هذا الجيش الذى لم يعد هناك الآن - بجانب أجيال الشباب وقوى الشعب العارف والواثق بنفسه - قوة مؤثرة وفاعلة فى المستقبل غيره.
وأحترمهم وأنا أعرف أن مسيرة التاريخ المصرى والمستقبل هذه الساعة فى أيديهم، وفيها حياة الشعب ودمه، وفيها الوطن ومستقبله.
أقول ذلك وأنا رجل يدرك المحاذير، ويقدر المسؤوليات، ويتفهم - بقدر ما هو إنسانى - مشاق الاختيار ومزالقه فى هذا الظرف من الزمان!!
وتحت درع القوات المسلحة تستطيع جموع هذا الوطن أن تهدأ، ويستطيع العقل أن يؤدى دوره، ويستطيع الأمل أن يجد أفقه بعيداً عن ضياع الساسة وتخبطهم، وصخب الإعلام وألوانه وأضوائه.
فلابد أن تتاح للشعب فرصة أن يتكلم ويُسمع ويطاع ولابد أن ينفتح الطريق للتاريخ.
■ ■ ■
■ أقول ذلك كرجل لا يملك غير فكره.. ولا يطلب دوراً من أى نوع ودرجة، فهو بالطبيعة قرب الغروب وعلى حافته.. ولا يطلب أكثر من أن يطمئن على وطنه ويستريح - قبل أن يغمض عينيه وينام.

الجمعة، 4 فبراير 2011

فوضى ما قبل السقوط


* لواء استخبارات سابق: طلبوا من مبارك الرحيل منذ ليلة الجمعة.. وكان يمكنه تجنيب مصر كل هذه الخسائر


* 1500 جريح و5 شهداء.. ضحايا مذبحة ميدان التحرير


* تسريبات عن صراعات في "هرم السلطة الذي يُعاد تشكيله" وعن استقالة شفيق


* اتهام وزير الداخلية الجديد وأحمد عز وصفوت الشريف وماجد الشربيني بحشد البلطجية

* نقيب جيش يحاول الانتحار بعد هجوم البلطجية على المعتصمين


* دعوات لمظاهرات غاضبة في "جمعة الرحيل"

لم يفهم اللانظام المتخشب مشهد الغضب، شباب غير مُسيس. ملايين منه محبطة، غاضبة وتبحث عن مستقبل لها، بعد أن عايشت رؤوس أجيال طائرة، أهدر اللانظام الحاكم فرص تحققها. بينهم عشرات الآلاف، لا مشكلة مادية لديهم، وآفاق العمل أمامهم مفتوحة.. لكن المستقبل والوطن ليس فقط فرصة عمل وحياة مادية مريحة.
في المشهد، شباب يقف متحدياً أمام مصفحة، أو يلقي بنفسه وسط حشود الأمن المركزي كأنه يفجر نفسه، أو يتمدد على شريط المترو ليوقفه.. ولا يتحرك حتى حين حاول ضابط قيادته ودهسهم، لولا أن عمال المترو والأهالي انتزعوه من مكانه وأوسعوه ضرباً. هل يختلف الحال هنا عن الأفق الذي ينتظره لو استمر هذا اللانظام.. الموت غرقاً في مركب بائس يحاول الهجرة للغرب، أو الانتحار، أو الموت التدريجي.. عاطلاً وعاجزاً.اشتعل مخزون الغضب الجوفي، وتلاقت روافد أنذرتنا لست سنوات بأن نهرا جارفا يبحث عن مجرى.. "يفحته".
"الشعب.. يريد إسقاط النظام"، تاريخياً لم يعتد المصريون على الهتاف سياسياً بالفصحى. الهتاف الذي سيطر على "ثورة اللوتس"، كما أسماها نشطاء قبل انطلاقها، ليس مجرد تحية لثورة شباب "الياسمين" في تونس، والتي سبق نجاحها بأقل من أسبوعين احتشاد أكثر من مليون مصري بميدان التحرير. الهتاف كان تحديداً منذ البداية لسقف المطالب.. التغيير الشامل. وأمامهم "بيان تونسي على المُعلم"، يؤكد أن الشعب.. هو المعلم، ويستطيع التغيير دون انتظار الخارج.. أو "كتل الداخل الصلبة".

لم يفهم اللانظام الحاكم.

****

بعفوية وبعد ساعات من خطابه الأخير منتصف ليلة الثلاثاء/ الأربعاء، أثبت حسني مبارك كذب كل وعوده. صحيح أن مبارك اكتسب قطاعا من الشعب بعد وعوده بعدم ترشيح نفسه، لكنه أعاد معظمهم للأغلبية التي تطالب برحيله.. الآن.

بعد دقائق من خطابه بدأ عشرات البلطجية في التحرش بالمتظاهرين في الميدان التحرير، وفي الثالثة عصر الأربعاء تدفق عدة مئات على الميدان، محملين بالشوم والعصي وبالأسلحة البيضاء.. وعشرات منهم يركبون جمالاً وخيولاً.

****

لـ"بي. بي. سي" عربي وصف أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام ما كانت تنقله الفضائية الإنجليزية على الهواء من هجوم للبلطجية على الميدان: "هذه مظاهرات عفوية، الحزب الوطني لم ينظمها ولو كان يستطيع لفعلها منذ أيام".. "فيه علاقة أبوية بين الرئيس المبارك والأغلبية الساحقة من الشعب، هؤلاء نزلوا للدفاع عن أبيهم".

قبل وأثناء حديث سرايا، ومن بعده مجدي الدقاق، كان المشهد يصف نفسه.. حشود الهمج من أبناء مبارك تتدفق على الميدان والشوارع المحيطة به، كر وفر بينهم وبين المعتصمين. حتى كتابة هذه السطور تركت المذبحة أكثر من 1500 جريح و5 شهداء من المعتصمين العُزل وقتيل من عناصر الشرطة. وفي الخلفية.. ضرب وخطف مراسلين أجانب.

طوال يوم الأربعاء، وفي مواجهة متظاهرين مطالبين بنقل السلطة لنائب الرئيس فورا، قدرتهم وكالات الأنباء مابين 8 و11 ملايين متظاهر، واصل التليفزيون الرسمي دعوة "المصريين الشرفاء" للخروج تعبيراً عن تأييدهم للشرعية والاستقرار، وضد ما رأته نماذج مثل مجدي الدقاق "دعاة الفرقة والأجندات الأجنبية"، ولم يتجمع سوى عشرات أمام ماسبيرو ومثلهم أمام مسجد مصطفى.

الموقف اختلف ظهر الأربعاء. آلاف البلطجية وعناصر الشرطة تهاجم المتظاهرين العُزل، وخلفهم منظومة الداخلية التي يقودها الآن محمود وجدي وزير الداخلية الآتى من سلم الجنائي، وخلفهم دور نُسب لصفوت الشريف وماجد الشربيني أمين تنظيم الحزب الجديد.. وسلفه أحمد عز، ونفس منظومة البلطجة التي استخدموها في الانتخابات الأخيرة، وموظفي شركات البترول.. وموظفين قطاع عام اتصلوا بالفضائيات ليقولوا إنهم أجبروا على النزول لضرب المعتصمين.

اتهم بعض المعتصمين الجيش بخذلانهم، ودافع بعضهم، مثل الناشط محمد عادل، عن موقفه.. مبررا لـ"بي.بي.سي" ما يحدث بالعدد الكبير من المهاجمين.

الجيش هو من شجع المتظاهرين، ضمنياً، على النزول للشوارع في بيانه المُطمئن ليلة الاثنين/ الثلاثاء، مقراً بـ"مشروعية مطالبهم".. ومتعهداً بأنه "لم ولن يستخدم القوة ضد الناس".. ومشدداً على أن دور "جيشكم هو الحماية". كانت المرة الوحيدة في البيانات العسكرية المتتالية التي استعملت صيغة ملكية الشعب للجيش.. "جيشكم.. قواتكم المسلحة". قبل هجوم البلطجية الذين ثبت أن بينهم رجال شرطة برتب متفاوتة.. من مندوبين إلى ضباط مرورا بأمناء، أصدر الجيش بياناً بدا أنه إشارة إلى أن "ورقة" ملايين المتظاهرين قد أدت دورها، وأن "على المتظاهرين العودة لمنازلهم.. لكن ليس جبرا".

في ميدان التحرير وقفت مدرعات الجيش على الحياد، واتهمها المعتصمون بأنها فتحت الطريق للمهاجمين، ووقفت تتفرج على المذبحة التي يتعرضون لها مكتفية، كما أكد مراسل بي بي سي، بحماية منطقة سفارتي بريطانيا وأمريكا. لكن المشهد شديد الدلالة هو محاولة نقيب جيش الانتحار، روى الطبيب (نبيل علي) لبي بي سي: شاهدت بعيني نقيب جيش حاول إطلاق رصاص طبنجته على رأسه، لكن زملاءه سيطروا عليه، كان منهاراً ويبكي.

****

الواضح أن النقيب كان يتمزق بين أمرين.. الأول صدر قبل نزولهم للشارع: حتى لو ضربوك.. ما تردش عليه، وبين الأمر الجديد صباح الأربعاء: كن محايداً وادخل مدرعتك. المؤكد أنه وأغلبية زملائه لا يرون هذا حياداً.
تمزق النقيب بين ضميره ودوره الوطني وبين "توازنات اللعبة السياسية"، يعكس خلافات تسربت حول الموقف من تنحية مبارك، بين الرحيل الآن.. كما تمسك الملايين دافعين أكثر من 300 شهيد خلال أيام الغضب العظيم، وبين من يريدون.. أولاً: إجبار مبارك على قبول مبدأ التنحي، وثانياً: نقلاً متدرجا للسلطة.. ربما لإعادة ترتيب الأوراق.
كل منهم استغل الأوراق المتاحة أمامه.. من الورقة الأمريكية إلى ملايين المتظاهرين. أياً كان ما تسرب، فلن نستطيع توثيق أو قول أغلبه، سنكتفي بما يمكن نسبته لآخرين. للجزيرة تحدث اللواء محمود زاهر عصر ومساء وليلة الاثنين عدة مرات. قدم نفسه على أنه رفيق (عمر سليمان) نائب الرئيس أثناء خدمته في المخابرات العسكرية، طارحاً عدة رسائل أو تقديرات للموقف: رأس المؤسسة العسكرية الآن هو نائب الرئيس والمؤسسة خندقها مع الشعب. حين راجعه المذيع.. كرر ذات التعبير. زاهر تحدث عن "فترة انتقالية ينتخب بعدها الشعب من يراه رئيساً لدولته المدنية"، كاشفاً عن الرئيس مبارك "يُقال له في الغرف المغلقة منذ أربعة أيام إن الموقف هذه المرة مختلف تماماً".. وأن "الرئيس مبارك كان يمكنه تجنيب مصر ما خسرته طوال هذه الأيام".

لكن تسريبات/ تقديرات زاهر قد تكون مجرد أوراق لجذب المتفاوضين، وهي لا تنفي تسريبات مقابلة عن تفاوت في موقف من يمسكون بمفاتيح القوة، آخرها ما قيل عصر الأربعاء عن صدام وقع بين أحمد شفيق رئيس الوزراء وبين الرئيس ونائبه، وأن الخلاف وصل إلى حد إصرار شفيق على الاستقالة من منصبه في أعقاب هجوم البلطجية على المتظاهرين، متحدثاً عن حرقه سياسيا ووطنيا.. خاصة بعد تعهده علنا بحماية المتظاهرين.

****
المتظاهرون هم الورقة المركزية في صراعي الإصلاح.. والسلطة، وحولها "تلعب" باقي الأوراق. اشترط أسامة سرايا ومجدي الدقاق لسحب البلطجية: "واجب كل القوى السياسية أن تحترم نفسها وأن تجلس للحوار وأن تطلب من الناس العودة لمنازلها".
حذرني الزميل الصحفي من بقائنا في الميدان ليلة الثلاثاء/ الأربعاء. أعرف أنه في هذه اللحظة يجلس بجوار أنس الفقي وزير الإعلام. كان يسألني عن موقف المتظاهرين بعد خطاب مبارك بأنه لن يترشح ثانية. وحين قلت له إن آلافًا جُددًا تدفقوا على التحرير بعد صدمة تمسك مبارك بأسلوب التلاعب الذي يحكم به. علق: "ده.. لو استمريتو للصبح".
منذ صباح الثلاثاء، ردا على اتصالاته المتكررة، أحاول إفهامه أن هذه المظاهرات مختلفة، وأنه لا قوى سياسية تقف خلفها.. وهو مُصر على أن للسياسيين، خاصة إفرازات "كفاية"، دورًا مُحركًا لها. الزميل يقود، تحريريا، أهم برامج ماسبيرو، ويشغل منصباً هاما في ترتيبة جريدة الأخبار.
نفي سيطرة أحد على المتظاهرين كرره د.السيد البدوي رئيس حزب الوفد عصر الأربعاء، كان يتحدث باسم تحالف ضم مع حزبه الناصري والتجمع. والأحزاب الثلاثة كانت قد رفضت الحوار مع نائب الرئيس ما لم يتم تفويض مبارك صلاحياته كاملة له.
فهم كثير من المراقبين أن هذا الرفض كان في حقيقته ورقة للضغط على الرئيس ليتراجع عن تمسكه بموقفه، في سياق الصراع على سلطة جديدة تتشكل. بعد خطابه الأخير وافقت الأحزاب الثلاثة على التفاوض، لأنه "كان إيجابيا ويفتح باب مرحلة جديدة لمصر"، وفق تعبير البدوي. الوفد بدأ فعلاً التفاوض مع النائب منذ صباح الأربعاء، لكن البدوي أعلن عصراً عن وقف التفاوض حتى يتم وقف هجوم البلطجية.. "لن نتفاوض ودماء الشباب تسيل".

في مقابل الأحزاب الثلاثة تقف أحزاب الكرامة والجبهة والغد والإخوان وقطاع واسع من الشخصيات العامة رافضين التفاوض قبل نقل صلاحيات الرئيس للنائب.
انقسام سياسي يماثله انقسام في هرم السلطة التي يُعاد تشكيلها، بين فريق يريد حملة تطهير للفساد ومحاكمة القيادات الأمنية التي تعاملت بقسوة مع المتظاهرين ثم فرت متعمدة توريط الجيش، مستنداً على أن حملة الأيادي البيضاء يجب أن تمهد أو تواكب دعوة التفاوض مع المعارضة.. لامتصاص غضب الشارع. الفريق الثاني يُقدم التفاوض مع "المعارضة الرسمية" لاحتواء الغضب الداخلي.. والخارجي بدعم سعودي، بالتوازي مع حملة تشويه إعلامية للمتظاهرين.. تتزامن مع نزول بلطجية الحزب وبقايا الشرطة لمواجهتهم.
انقسام ثالث بين طوائف المجتمع كله: هل حققنا نصراً سياسياً نبني عليه.. ويجب أن نعود لأعمالنا، أم لم يكتمل النصر وأن ما يحدث هو إجهاض لثورة الشباب.
****
سبقتنا ثورة تونس وكأنها بيان على المعلم.. ولم نتعلم منها، الرئيس الذي لم يفهم إلا بعد فوات الوقت.. والقوى السياسية المتصارعة والتي تخاطر بإهدار دماء الشهداء الذين سقطوا في ثورتهم الشعبية.
ورغم كل ما يُقال يظل للجيش المصري مكانة خاصة لدى شعبه، هو ليس فقط "مدرسة الوطنية".. و"حامي حمى الوطن"، بل أيضا "صاحب حلول" على أكثر من صعيد، يقفز اسمه مع تفاقم أي مشكلة.
في تونس، ومع قرار نزوله الشارع رفض الجيش قمع المتظاهرين ولو كان ثمن الرفض إقالة قياداته، وحين نزل.. اقتصر دوره على حماية المنشآت العامة، مع ورود وقبلات انهالت على رجاله من المتظاهرين، مشاهد رأيناها تتكرر في مصر.
في مصر، خلافاً لتونس، يشغل الجيش حيزًا أوسع سياسياً، وهناك شبه إجماع على أنه وحده من يستطيع وقف سيناريو التوريث. حضر الجيش المصري في قلب الجدل السياسي، لكن الاستنجاد لم يعد قاصرا على وقف التوريث، فمنذ اليوم الثاني لغضب أهل السويس تعالت الهتافات التي تستنجد به لإنقاذها من وحشية الشرطة، وانتظرنا حتى الثانية من عصر الجمعة الماضي ليهتف عشرات الآلاف في وسط القاهرة "واحد اتنين.. الجيش المصري فين". فمنذ تجلي زخم موجة الغضب السؤال هو عن "توقيت" نزول الجيش، وبدا أن الأمر مسألة "توقيت" فقط.
التوقيت كان الخامسة مساء الجمعة الماضي، ليحمي المنشآت العامة بعد أن طردت موجة الغضب قوات الشرطة من المدن الأهم في مصر.. القاهرة والسويس والإسكندرية.
يقول مراقبون إن تجربة إدارة الجيش لتداعيات ثورة الياسمين في تونس كانت ملهمة للمنطقة كلها، ويقول تاريخنا المعاصر إن الشعب انحاز لثورة الجيش عام 1952، وأن الشعار القديم الجيش للشعب.. والشعب للجيش، قد تردد ثانية بعد 59 عاماً. شعار اهتز عصر الأربعاء.
الآن لدينا ثلاثة سيناريوهات: 1 ـ فوضى "محكومة".. تمهد لإخلاء الشارع من الثائرين والبلطجية معاً واستعادة دولاب عمل الدولة في وجود رئيس مهزوز ومؤسسة عسكرية قوية. سيناريو مُرجح.. لكنه مهدد بتجدد الثورة ما لم تحدث إصلاحات ملموسة. 2 ـ فوضى "محكومة".. تنتهي بعزل الجيش للرئيس "حقناً للدماء". سيناريو غير مستبعد، لكنه يتطلب توافق أطياف الكتلة الصلبة. 3 ـ فوضى شاملة وحرب أهلية، تنتهي بتدخل حاد لـقطاعات من الجيش، لينقل لانظام مبارك مصر من الدولة الرخوة إلى الدولة الفاشلة، وهو أضعف السيناريوهات.
لننتظر موقف الجيش من تداعيات بلطجة الأربعاء الأسود ومن مظاهرات غضب "جمعة الرحيل"، إن قُدر لها أن تخرج للنور.

الجمعة 4 فبراير 2011

بقلم: محمد طعيمة


مذبحة المتظاهرين بميدان التحرير: شهادة مثقف ثائر

ان ما حدث يوم الاربعاء الثانى من فبراير عام 2011 هو جريمة ضد المصريين المتظاهرين سلميا فى ميدان التحرير وسط القاهرة جريمة و دليلا على اجرام نظام الديكتاتور مبارك.
توقع البعض ان ينخفض عدد المتظاهرين فى الميدان نسبيا بعد مسيرة المليون والتي وصل تعددها الي مايزيد عن الخمسة ملايين تقريبا وبالفعل جاء الاربعاء لينخفض العدد ونفاجأ عند الصباح ببعض المشبوهين يقفون عند بوابات الدخول يهتفون لمبارك ولقد شعرت بالاسي عندما رأيت وجوه مؤيدوه فعلا شعرت بالاسي الذي وصل اليه مبارك وماكان يتحدث عنه ليلة امس من ان التاريح سيفصل بينا لقد سكب الماء علي جبل من الرمل يدعي تاريخه عندما استعان بهولاء المأجورين ليمثلوه ادركنا منذ البداية ان هولاء العشرات حفنه مأجوره مر اليوم وبدأنا نسمع في الثانيه عن انباء تجمع بضع المئات عند ميدان عبد المنعم رياض كنا في البداية نظنهم جاؤا للتظاهر للتشويش و لكنهم بدأو الاحتكاك بنا و تلا ذلك في تمام الثانية والنصف تقريبا جلبة واصوات سياط وفوجئنا بالبلطجية فوف الخيول والجمال يحملون السنج والسياط والعصى و كأن الهجانة التي لم نشاهدها الا في الافلام تعود من جديد ليضربوا الناس بالسياط. نالني احد سياطها ولكن بعد فترة وجيزة سيطر الشباب علي احدهم واخذوا منه حصانه فدب الخوف في قلوب رفاقه وتراجعوا هكذا كان المشهد الاول من الاحتكاك المباشر احتمى الشباب بعدها ببعض العربات وصنعوا من الواح الصاج التي كانت تستخدمها المقاولون العرب في موقع الاحداث حائطا متحرك لصد هجوم بلطجية مبارك الذين جاؤنا بالسنج والجنازير والسياط والاسلحة البيضاء.
بعدهذه الهجمة تراجعوا و تجمعوا ليوحدوا صفوفهم و كانها الحرب و تشكلت لدينا الخطه سريعا فنحن عزل واوحوا الينا بالسلاح عندما اخذوا يهاجموننا بالحجاره .. انها الحجاره.. ولكن للأسف فرض علينا سلوكنا ننظيف الميدان فلم يكن لنا بد من اسنخدام بلاط الميدان وتكسيره الي قطع صغيره تشكلات مجموعات عمل سريعة لتكسير البلاط واخري لحمله ودفعه للرماه وفريق اسنطلاعي يرصد تحركات مجموعات الديكتاتور واخري توزعت علي المنافذ السبعة للميدان علي مستويين يفصل بين كل منهم قرابة 300 متر كل هذا حدث في اقل من لحظات بدأ الشباب يتراصون في صفوف متتالية يحتضن بعضه البعض بصدور عاريه وكانها قصيدة الكعكة الحجرية تتشكل امامي واقعا بيد الشباب المعتصميين بدا الوقت يمر علينا فكانت الفكرة الاولي استدعاء الناس الي الميدان.. ولكن كيف وحظر التجول قد بدأ الان. النظام الفاشي فرضة من الثالثة عصر وحتي الثامنة صباحا لم يكن خيارا الا الدعم المعنوي فأشاع ان مظاهرات مؤيدة تزحف الينا وبالفعل تناقلتها وسائل الاعلام وحدثت مسيرة داخلية لتقنع المرابطين ان المدد وصل وارتفعت معنويات الناس وبدأنا في وضع المتاريس لحماية انفسنا منهم فقد بدي عليهم احتراف الاجرام لما يحملونه من سنج وسيوف ومطاوي كانت في ايديهم ساعات الهجوم وهتفنا جميعا (حسني اتجنن ) كان الاشباك الاول عندساحة المتحف بدأ فعلا بالاضرار به ذهبنا الي الجيش.
 لم يستجب قائد الكتيبة التي كانت تقف عند المتحف في الوقت ذاته وضع احد الضباط في الكتيبة التي تقف في بداية شارع طلعت حرب المسدس في فمه وقال لمن يعلوه اذا لم تأمرني بحماية المتظاهرين ساقتل نفسي و كان الامر ..فحمي شوارع الجامعة الامريكية وطلعت حرب والقصر العيني بشكل ساعد المتظاهرين على تخفيف الضغط عليهم بدأنا ننتقل من شارع الي اخر.
 شاهدت بسالة لم ار لها نظير كانت الاصوات تعلوبالتكبير كالهدير وكان البعض يطرق علي الحديد ليحدث اصوات كاشارات لتجمع الشباب عند منفذ معين وكأنهم يوقظون الموتي من جديد ينفخون فيهم الروح، يقولون ها نحن ابناؤك يا مصر جئنا اليك نجدد ملحمة.
 وفي الوقت الذي كنا نعاني تحت الضغط نبتكر الحيل لدفعنا بعد ان انهكنها التعب كان مذياع مقهي قديم يذيع احاديثه البالية عن دعاة الشغب كان الاعلام الرسمي يقول بكل وقاحة ان الموضوع يتلخض في مجموعتين من البلطجية تتصارع علي الميدان وكان بعض المراسلون يضللون الرأي العام ويزعم بعضهم ان بيننا ايرنيين وافغان وباكستانيين لهذا الدرجة نسيوا وجهنا !!!!!
لم يكن بيننا الا بعض مرسلوا وكالات الانباء الاجنبية فمن أين جاؤا بهذا الوجوه قال بعضهم اننا اخوان في الوقت الذي كنت أري بعيني مثقفين وفنانين وأساتذه جامعة اعرف مواقفهم السابقة ضد الاخوان كل هذه الاكاذيب كانت محاولة منهم لتجييش الرأى العام العالمي ضدنا باستخدام الاسلاموفوبيا لتعطيهم امريكا اشارة بسحقنا وللأسف فان برنامج مثل العاشرة مساء ردد مثل هذه الاكاذيب وهوماجعلنا نصدق ما وصل الينا من ان الابناء الهاربين جمال وعلاء للريس المنتهية شرعيته قد هددوا بعض رجال الاعمال بفتح ملفاتهم وهو ما لاحظناه في تغير لهجة المصري اليوم ايضا وجعلني اردد ما قاله هملت اني اشم رائحة العفن.. عفن.. عفن..
لقد وصفنا الاعلام الرسمي بالبلطجة فاذا كان الاعلام الرسمي يري ان عضو المجلس الاعلي للثقافة وعضو اتحاد الكتاب وعضو نقابة المهن التمثلية والاستاذ الجامعي والمسرحي بلطجي والطبيب الذي كان بجواري بلطجي والشاعر الذي لم اره منذ سنوات وتقابلنا سويا لحظة كان كل منا يلتقط حجر بلطجي ومدير احدي اهم شبكات المعلومات بلطجي واعضاء هيئة التدريس بلطجية والمهندسون والازاهرة والقساوسة والمحامون والاطباءالذي جهزوا مراكز لاسعافنا بشكل سريع بلطجيه وشباب الجامعات بلطجيه وغيرهم وغيرهم لقد ظل مبارك لا بارك الله له يحكمنا من خلال الاعلام مدة حكمه يلعب به و معه لغسل عقولنا لا يظهر الا من وراء حجاب ومن يسعي لكسر هذا الحجاب حتي وان كان في سياق ما ألفناه في حواديتنا الشعبية بأن يعطي المظلوم شكواه للحاكم يكن مصيره كما حدث في بورسعيد .
لقد استخدم بلطجية مبارك ضدنا امس قنابل المولوتوف والقنابل المسيله للدموع .. وفريقا من الهجانة واخيرا الرصاص الحي ... يالهم من متظاهرين حقا !! كان بلطجية مبارك فد كسروا أبواب العمارات المغلفة المواجهة للمتحف المصرى و استخدموها لامطارنا بقنابل الولوتوف و الحجاره و لكننا كنا مصرون على الصمود و الدفاع عن انفسنا. و بعد فترة تمكنا من التفدم و الفبض على البلطجية المتمركزين فوق العمارات و تم احتجازهم دون ايذائهم و سيطر المتظاهرون علي كل المواقع التي استولي عليها بلطجية مبارك من اسطح المنازل و احتجزنا منهم علي ما يقارب من15 فردا وكان مثبت في هوايات بعضهم انهم رجال امن واما الاخرون فكانوا من البلطجبة معتادى الاجرام حتى انه كان واضحا جدا انهم قد تناولوا مواد مخدرة اثرت علي وعيهم بشهادة بعض الاطباء الذين توتجدوا بالميدان .
لقد اعاد مبارك واعوانه تموضع رجال امنه من مزورا الانتخابات الي مزورين لضمير وهتافات الامة خرج رجاله ليهتفوا باسمه ومعهم من تم شرائه من قبل نواب مجلس الشعب واعضاء حزبه الذي سيكون محظورا قريبا ان شا الله اشتروهم بوجبة و50 جنية وزعم بعضهم علي حسب روايتهم ان من دفع لهم كان فتحي سرور كهذا قالوا واخذ نا دراجاتهم البخاريه واعلن البعض عن سيطرتهم علي احدي الدرجات البخارية التي تنتمي للحرس الجمهوري وعربة شرطه اشتدت المواجهات واستطاع المتظاهرون تطهير ميدان التحرير من اعوان مبارك من امناء الشرطة والمرتزقة والسيطرة عليهم وكنا اذا سيطرنا علي احدهم تعلو الصيحات (محدش يضربه ثورتنا ثوره سلمية سلمية حتي بعد ان سقط منا البعض بالرصاص الحي كان بعضنا يلتف حوله من يقبض عليه منهم كسياج لحمايتهم من الغاضبين)
و نتيجة لهذه المواجهات و قع الاف الجرحى من المتظاهرين و لم يعد المستشفى الميدانى الذى اقيم فى أحد المساجد القريبة كافيا لاحتواء المرضى و عشرات الاطباء المتطوعين فقام الاطباء باقامة مستشفى ميدانى فى قلب مكان المواجهات بجوار المتحف المصرى .
و بعد12 ساعة من المواجهات فر الهاربون منهم فوقفوا كوبري اكتوبر بمواجهة عبد المنعم رياض و حوالى الساعة الثالثة صباحا دوت اصوات ست طلقات تخرج لتصيب العزل فهرول المتظاهرون يحملون المصابون بالاعيره النارية فى الراس و البطن و الافدام وبعدها سمعنا طلقات نارية علي اوقات متفرقة احدها طلقات متتالية ربما يكون مصدرها رشاش آلى ورأينا مايشبه القناص فوق فندق رمسيس هلتون.
 وفي تلك اللحظة توجه المتظاهرون لكتيبةالجيش التي كانت تتمركز عند المتحف ولم تبدي اي استعداد للتدخل عدي اطفاء بعض الحرائق التي كانت تشعلها قنابل المولوتوف التي كان يلقيها أنصار مبارك من أسطح الابنية.
ومن كوبري اكتوبراتجه بعضنا الي هذه الكتيبة بدوا بالتفاوض معهم ليطلقوا ولو طلقة واحدة في في الهواء وصرخ فيهم البعض اعطونا اسلاحتكم نحميكم ونحمي انفسنا هنا تدخل الجيش بعدها سيطر نسبيا علي الموقف بعد ان اصابت طلقات مؤيدوا مبارك حوالي 22 فرد سقط منهم قرابة 6 شهداء وظلت فلول منهم تحاول انهاكنا بالاشارات البذيئة تار او بقذف الحجاره وكنا نعلم انها محاولة لانهاكنا.. فهم كما تاكدنا رجال امنه الذين اخفاهم فجأة وعادوا الينا في زي مؤيديه.
 لقد سطر الشباب بدمائهم أمس يوما بطوليا من بطولات هذا الشعب الذي حاول مبارك واعاونه طمس ملامحه علي مدار 30 عام كان الشاب يجرح فيذهب الي احدي نقاط الاسعافات الاولية يدواي نفسه ويستريح دقائق يجفف دمائه ويعود بعدها للمواجهات لم يخرج احد منا دون جرح وكنا نسخر ونقول (من غرزه لعشره متعتبرهوش مجروح) لم يؤثر في نفسنا الا قتل بعض المتظاهرين بدم بارد عندما أطلقوا الرصاص الحي علي صدورهم ورؤسهم.
استقبلنا الفجر وكانه زائر عزيز وجاء نور الصباح ليملأنا امل بان المتظاهرين سيأتون الينا وقد وفينا لهم ولمصر بوعدنا ان مبارك لن يأخذ الميدان الا علي أجسدنا.
بدأنا نراهم وكانهم نبضات امل تاتي الينا يحملون معهم طعاما ودواء وكل مانحتاجه جاؤا ليستلموا مواقعنا وقد وفينا لهم بما وعدنا ونشير الي جروحنا في سخرية ويردد بعضنا (هذا هو مفهوم مبارك للانتقال الآمن للسلطة) لقد كنا ننادي باسقاط النظام ورحيل مبارك و أعوانه من شفيق وعمر سليمان وغيرهم(للملاحظة فقط فان سليمان هو حامل الحقائب الي تل ابيب وهونفس الدور الذي لعبه مبارك في سبعينات القرن الماضي لا نريد حملة حقائب امن اسرائيل يحكموننا مرة ثانية ) اننا اليوم ننادي بمحاكمة هذا النظام وكل رموزه لقد جاء الصباح ومعه نداء واحد.. حاكموا السفاح مبارك و اعوانه.

د/ نبيل بهجت
استاذ المسرح بجامعة حلوان
عضو المجلس الاعلى للثقافة
عضو اتخاد الكتاب
عضونقابة المهن التمثلية
مؤسس ومدير فرقة ومضة
كاتب ومخرج مسرحي
احد شرائح المتظاهرين

الأربعاء، 2 فبراير 2011

مبارك يهدد شعبه


الرئيس غير الشرعي حسني مبارك، ألقى كلمة الى الشعب المصري، لم يترحم فيها على أرواح الشهداء الذين سقطوا ضحايا الثورة الشعبية الكاسحة المستمرة منذ 9 أيام، ولم يعتذر عن قيام قواته المدججة بكل أنواع الأسلحة الفتاكة القذرة، بقتل المتظاهرين والثوار في قلب أكبر عاصمة عربية أمام كاميرات التليفزيون.
لا.. ليس من الممكن أن يعتذر رجل اعتاد ان يأمر فينحني أمامه بعض الأحذية المسماة مستشارين ومساعدين من أمثال زكريا عزمي وأسامة الباز ومصطفى الفقي وغيرهم. لم يعترف مبارك الضابط المحدود الذكاء، الضخم الجثة، العنيد بطبعه كالثور إلا أمام أسياده الأمريكيين، بأنه يواجه رفضا شعبيا، ولم يشأ أن يخضع لإرادة الأمة المصرية بكل طبقاتها، بل كابر كعادته واخذ يهدد شعبه ويتوعده، واصفا ثورته بأنها أعمال نهب وسلب وتخريب للمممتلكات، في حين أنه منذ اختفاء أجهزة أمنه وأمن نظامه السرية والعلنية الجبانة من الشارع،تزايدات أعداد الجماهير المشاركة في الثورة دون أن يقع حادث واحد يهدد صفو الأمن، وهذه وحدها نقطة ينبغي أن يوقف التاريخ أمامها طويلا، فهي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الثورات في العالم كله. وهي تعكس نضجا ووعيا كبيرين فاجآ العالم، على الرغم من سياسة التجويع والارهاب والحرمان التي مارستها الطبقة الفاجرة التي استأثرت بالسلطة والثروة ونهبت كل خيرات البلاد في عهد الضابط المتعجرف حسني مبارك.
لقد أخذ مبارك يخير شعبه بمنتهى الفجر والوقاحة، بين الابقاء عليه لكي لما يحقق الأمن (عن طريق حملة هائلة متوقع أن يشنها ضد الثوار)، وبين الفوضى الشاملة.. أي أنه يهدد بكل وضوح سافر، بأنه إذا لم يتم الابقاء عليه رئيسا فقد شرعيته، فسوف يحول البلد الى ساحة للحرب الأهلية وليكن ما يكون طبقا لمبدأ "وبعدي الطوفان"، ولذا أصبح مبارك الآن مجرما في حق شعبه وأمته واستحق بالتالي أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى.

الثلاثاء، 1 فبراير 2011


ميدان الحرية


بقلم: ظبية خميس


 

هذه ليلة تنشق فيها أنفاس الكون وهى تتنفس هتاف ملايين المصرين لتسقط الطاغية.
ملايين أكثر فى الكرة الأرضية يرقبون,يرصدون معجزة البشر فى بلاد تزخر بالمعجزات القديمة,والجميع يدرك أن ثورة المصريين اليوم تفوق أهرامات أجدادهم فى روعتها.
هتاف الحرية والغضب يغلب الخوف والرعب والتعذيب والبلطجة والترويع بإسم الإستقرار والمسكنة والخوف من الغد والخضوع لأبوية سلطوية قاسية فقدت صلاحيتها وتتشبث بالبقاء حول أعناق الدولة والأمة العربية لتخدم الصهاينة ومصالح امريكا وتشارك فى قمع جميع الشعوب العربية وتشرف على خنق الفلسطينين إرضاء لإسرائيل بطاقتها الإئتمانية لشرعية السلطة والمؤسسة التى سقطت ولم يبقى منها الليلة سوى خيالها.
فى أسبوع واحد سقطت معالم زمن ساقط وولد زمن جديد لا نعرف منه سوى أنه زمن سقوط الخوف والإفراج عن الحرية المخطوفة التى تقول لا لكل ذلك الغث الكاذب الذى كان يحيط بالعقول وحواس البشر.
وكم هى بعيدة المسافة اليوم بين عيد الشرطة يوم 25 يناير وجمعة الغضب ومظاهرة المليون التى تسعى إلى جمعة الرحيل اليوم 1 فبراير 2011.
يتتابع الزلزال فى هذا العالم ليقذف بمكننونات الصدور إلى الفضاء الرحب .زلزال ضرب تونس والسودان واليمن ولبنان والجزائر وفلسطين وغيرها وصولا لمصر وسوف يستمر يضرب حتى تخرج المكنونات فى صعد الأرض أجمعين من قلب أمة العرب وحتى حدود لا نعرف لها ترسيما على خارطة الغد.إن زمنا جديدا يعلن عن نفسه وتاريخ جديد ينبثق للإنسانية أجمعين.ومصر كعادتها تقود الطريق من جديد رغم كل عهود الظلام الكثيف الذى كمنت فيه صابرة ولكن ليست غافلة.
راقبت المشهد طويلا وعشته قرابة الربع قرن على أرض مصر.كانت القصور تزحف وكبار اللصوص يتحولون إلى الفئة الحاكمة عازلين دنياهم عن دنيا الشعب فى مناطق يسيجونها وهم يشرفون على ملاعب الجولف وحمامات السباحة ويرتدون الماركات ويصنعون قصورا لإجازاتهم على سواحل مصر فى قرى سياحية وأمكنة يظنونها بمنأى عن الشعب-الرعاع-البيئة- كما ينعتونهم.
يحكمون من يخوتهم وملاعبهم ويتحدثون باللغات الأجنبية ترفعا على لغة العوام,يغرقون فى الفخامة والبذخ ووهم أرستقراطية لا يملكون لها جذورا.
يشربون أنخاب سطوتهم وثروتهم وسلطتهم ويمنون على الشعب ببقايا المائدة العامرة التى يلتهمونها من دم وقوت ذلك الشعب المنهك والكل يبادلهم الأنخاب فى مقابل الأدوار التى يلعبونها بإسم الإستثمار والسياسة والسلام والعولمة ويضربون بهم نموذجا لما يجب أن تكون عليه الدول العربية كدولة صديقة لإسرائيل تدافع عن أمانها وحليفة لأمريكا لا مانع لديها من إغتيال شعب كالعراق وفلسطين ولبنان وغيرها مقابل إرضاء النظام الدولى وعلى الرعاع من شعوبهم أن تفهم أن هذا ثمن الإستقرار والنمو الإقتصادى والمكانة الدولية لكى تكون مصر دولة المؤسسات كما يدعون.
أداروا جامعة الدول العربية بنفس المفاهيم ونفس الوهم المعادى للوطنية والعروبة الحقة والإنتصار لفلسطين بإدارة تأخذ العرب من فشل إلى فشل وحفنة من المرتزقة من قطاع الخارجية المصرية والبيروقراطين ورجال الأمن ونجحوا فى أن يجعلوا منها شاهد ما شافش حاجة وخصوصا فى العشر سنوات الأخيرة حيث تساقطت دول وغزيت أخرى وإشتعلت الحرائق دون رد سوى كلمتى نشجب وندين ونسوا أن يدينوا أنفسهم أولا وأخيرا وهم المشاركين فى كل جريمة وقعت على أراضى العرب ومنذ عقود طالت حتى جعلت منا بقايا بشر وأرواح مطعونة ومهزومة ومشوهة فى مرآة ذاتها ومرايا العالم الذى يرانا ضعافا ومنتهكين.يتفرجون غير عابئين وكل منهم يظن أنه بمعزل عن مصير ذلك الذى كان يشرب معه كأس السلطة منذ قليل قبل أن يسقط من مقصلة أو طائرة فرت به أو سم دس له فى دمه.
وبالغفلة نفسها لم يلاحظوا إمتداد أحياء البؤس والفقر والإهمال والمرض والبطالة التى تفرش صفيحها وطوبها وعشوائياتها من حولهم.لقد إعتبروها غرفة الخدم الخلفية وهى تحوى الملايين من شعوبهم وظنوا أنهم نجحوا فى إذلالهم وتغيبهم بالمخدرات والجريمة والفنون الساقطة وجعلهم يلهثون وراء رغيف العيش والإنشغال بالعراك والمطاوى وغرز المخدرات والبحث عن الدواء والعلاج- وقد غزت أمراض الكبد والبلهارسيا والسرطان أجسادهم.
بفتحون لهم القبور والسجون والشوارع لينام أطفالهم المشردون تحت الجسور والأرصفة.جرفوا القرى والريف وأغلقوا وباعوا المصانع وتفرغوا لإعلانات الشيبسى وشاليهات القرى السياحية.حولوا التعليم إلى مشاريع إستثمار تجارى للخاصة ومدارس جهل وضرب ووجبات مسممة ودروس خاصة وقتل تلاميذ أحيانا للعامة حيث تسقط المدارس المكتظة والمهدمة بإنقاضها على رؤوس أطفال الشعب.
أخرسوا الأصوات الحرة والمفكرين العضوين والفن الحقيقى وخلقوا مؤسسات لرجالهم ونساءهم المتنطعين فى الثقافة والسياسة ليتبوءوا واجهة السلطة ويبرروا ما لا يبرر ويصنعو للسلطان وجاهته وكذبته بدون حياء أو خجل ويصدرونهم للدول المجاورة كى يكرروا سقف تلك الثقافة الكاذبة والديكور اللزم لإثبات وجاهة تحضرهم فى تسطيح أخذ مداه الأجوف لتفريغ العقول والأرواح من المعانى الحقة للثقافة والفكر والفن والأدب.
نعم إن الخدمة التى يسدونها لأسيادهم وللصهاينة تتجاوز بلدا فى حد ذاتها إلى المنطقة كاملة حيث لا بد للعرب من البقاء خرفانا منصاعين يوحدهم الخوف والرعب والطاعة والإنصياع وأى نموذج يخرج من ذلك لا بد من تشويهه ومحاربته.وهم الطمأنينة الكاذبة لمنجز الوهم.
فى جمعة الغضب التى قتلوا فيها الجموع وأطلقوا الرصاص وجاءوو بحظر التجوال والجيش وأطلقوا الشرطة السرية واللصوص والقتلة على المحلات والبيوت والأحياء والمدن والقرى والنجوع ليسلبوا ويحرقوا ويروعوا فى حفلة مجون إمتدت قبل أن ينطق صوت الرئيس المسجل بعد منتصف الليل أنه لا أمان بدونه وأنه باقى على عرشه بعد أن قطع عنهم الإتصال والتواصل مع العالم وحاصرهم وأنه كفيل بمزيد من الترويع والدمار لهم ظن أنه أنجز مهمته وأن أطفال الشوارع هؤلاء الذين يدعون أنهم شعبه سيذهبون للنوم ويشكرون الفرعون ويحمدون الله أنه لا يزال فوق رؤوسهم لزمن يجىء.
لكن الشعب لم يذهب للنوم ولم يختبىء وراء الجدران بل خرج كمارد يكبر ويكبر ويغطى الساحات والميادين وكل شبر من أرض مصر ويمتد ليصل إلى آذان ووجدان العالم وتهز صرخته الكون تلك الصرخة التى ينتهى قبلها تاريخ وحقبة ويبدأ زمن لن يرمم ولكن سيخلق من بطن الظلام شموسا من الحرية يتلقفها العالم فى كل مكان.
هذه ليلة يتعلم فيها البشر العطشى معنى الحرية وكيف الطريق إلى بابها.إنها ليست ثورة الغضب بل ثورة الإنسانية لإحترام آدميتها ولسوف يسمعها الجميع الملوك والخدم والشعوب والسجناء والمصارف والبيت الأبيض وسور الصين العظيم.

السيد الرئيس آوان الرحيل قد أزف.
1 فبراير-2011

** ظبية خميس: شاعرة من الامارات مقيمة في القاهرة




ماذا بعد السقوط

بقلم: أمير العمري

سقوط النظام المصري بات مسألة وقت، حتى لو طالت الايام ولا أظن انها ستطول، فقد تهاوت مؤسساته السياسية العقيمة اصلان ومؤسساته الأمنية وثبت انها كانت نمورا من ورق، وشلت كل مؤسساته الاعلامية والدعائية وانفضح أمرالقائمين عليها وخرست أصوات كهنة النظام التقليديين باستثناء قلة ممن لا يجيدون سوى التمرغ في وحل أسيادهم مثل الكاتب اليساري السابق المنتحر تحت أحذية سادته وأولياء نعمته صلاح عيسى، والذي اصبح يطل علينا عبر كل المحطات التليفزيونية المصرية الارضية والفضائية، وكأنه يريد بذلك أن يضمن له مكانا في مزبلة التاريخ، مع أقرانه من أدنى وأحط الأبواق.
وبات لزاما على تجمع القوى الوطنية الديمقراطية وحركة التغيير ان تستعد ببرنامج عمل واضح، وخطة انتقالية واضحة تفرضها فرضا على الرمز المؤقت الذي سيبقى لضمان "الشكل" الدستوري وعدم حدوث فراغ وهو السيد عمر سليمان الذي يجب أن يختفي من الحياة السياسية تماما خلال ستة أشهر اي بعد إجراء انتخابات ديمقراطية حرة متعددة، وتحويل النظام المصري الى نظام برلماني يصبح فيه الرئيس مجرد رمز للدولة.
ولكن قبل هذا كله يجب السعي من الآن، من أجل تكوين جمعية تأسيسية من خبراء قانونيين وصفوة رجال السياسة من خارج النظام العفن القديم، لوضع دستور جديد للبلاد، يضمن عملية التحول الديمقراطي الحقيقي ويحدد صلاحيات المؤسسات وشكل العلاقات فيما بينها، وقبل هذا كله، يضمن للمواطن حقوقه الأساسية المتعارف عليها في دول العالم الحر.
إن الخلافات التي بدأت في الظهور بين أجنحة معينة داخل الأحزاب التقليدية التي سقط معظمها في وحل النظام وارتضى لسنوات طويلة القيام بدور الاحتياطي له، أو بين أجنحة داخل حركة التغيير الجديدة نفسها، يجب أن تتوقف من اجلالاتفاق على برنامج واضح ومحدد للتغييرات الجذرية التشريعية والاقتصادية التي يجب أن تتبناها الحكومة الانتقالية. وعلى هذه القوى أن تستعد بتشكيل قوى متفق عليه يتسلم سلطة تحت رئاسة السيد عمر سلميان على أن يفهم سليمان بوضوح انه مستمر لستة أشهر فقط بارادة الشعب، وأنه سيرحل بعد اجراء الانتخابات البرلمانية، التي سيتشكل منها مجلس تشريعي ينتخب هو رئيسا رمزيا للبلاد.
أما الشخصية التي يمكن الاتفاق عليها لقيادة الحكومة الانتقالية في الفترة القادمة فلا أجد شخصيا أفضل من الدكتور محمد البرادعي الذي يتمتع بثقة واحترام معظم شباب حركة التغيير (حركة 6 ابريل، الحركةالديمقراطية للتغيير، والجمعية الوطنية للتغيير، وجماعة كلنا خالد سعيد، وحركة 25 يناير وحركة كفاية). على أن يفهم البرادعي أيضا أنه يراس حكومة انتقالية لحين اجراء الانتخابات فقط، واذا شاء فليدخل الانتخابات النيابية سواء كمستقل أو يشكل حزبه السياسي.
وسوف يتعين على الحكومة الانتقالية القادمة أن تقوم على الفور بالغاء قانون الطوارئ والافراج عن كل المعتقلين السياسيين، واتاحة قيام الأحزاب واصدار الصحف دون قيد او شرط سوى الابلاغ فقط، والغاء الحرس الجامعي وعسكرة المجتمع وتحديد دور عصابات مباحث أمن الدولة، والغاء كل القضاء الاستثنائي مثل محاكم أمن الدولة ونظر القضايا المدنية بكل أشكالها أمام القضاء العسكري، ومحاكمة كلالمسؤولين عما جرى من مذابح ضد المعارضة خلال الثلاثين عاما الماضية وكل من تورطوا في نهب الأرضاي والاموال العامة وعلى رأسهم حسني مبارك وولديه جمال وعلاء ومع هروبهم من البلاد. فلا يوجد شيء اسمه الخروج الىمن في الثورات الشعبية.
أما الأمر الذي أجده شديد الأهمية أيضا فهو أنه بات يتعين على اقطاب حركة التغيير أن يكونوا جاهزين أيضا بخطة واضحة لتحويل اجهاز الاعلام المصري المترهل الى إعلام حر، يديره العاملون فيه، وأن تتاح حرية اصدار الصحف بدون قيد أو شرط لكل من يريد، وأن ترفع الرقابة نهائيا على المطبوعات والأفلام وتتكون لجنة لتصنيف الأفلام على أساس الشرائح العمرية المختلفة، وأن يتم حل وزارة الثقافة تماما وتحويل أجهزتها المختلفة بما فيها قصور الثقافة الى مؤسسات المجتمع المدني لكي تديرها، وتشرف عليها، وتستفيد منها الاستفادة الحقيقية التي تخدم الجماهير، بعد أن ظلت منذ نشأتها تسعى الى خدمة النظام القمعي القائم في مصر منذ 58 سنة. 
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger