أنا وماركو وماريان والسينما العربية
صباح اليوم كان موعدي مع مدير المهرجان ماركو موللر الذي بدأ دورته الثانية كمدير لهذا الحدث السينمائي السنوي المتجدد، والتي ستستغرق 4 سنوات أخرى. وكان ماركو من قبل مديرا لمهرجان لوكارنو، كما كان مديرا لمهرجان روتردام عند تأسيسه. وهو إيطالي الأب، وأظن سويسري الأم، يجيد عدة لغات منها اللغة الصينية أو الكورية على ما أذكر، بالاضافة إلى الايطالية والألمانية والفرنسية والانجليزية. غير أن معرفة اللغات ليست جواز مروره لعالم المهرجانات بل أساسا، معرفته العريضة بالسينما.
كنت قد تلقيت رسالة اليكترونية من المكتب الصحفي للمهرجان قبل بدء المهرجان بحوالي 10 أيام أي بعد الإعلان الرسمي عن برنامج المهرجان، تقول إنهم يمكن أن يرتبوا لي مقابلة صحفية مع موللر إذا كان الأمر يهمني. وكان ردي أنني "مهتم" بالأمر وسيسعدني إجراء مقابلة معه.
ملحوظة: يمكنني القول بثقة إنني بعد أكثر من 30 عاما في ممارسة النقد، وإنشاء وتنشيط نواد للسينما، واصدار مجلة سينمائية ورئاسة أكبر تجمع لنقاد السينما في الشرق الأوسط، وإصدار عدد من الكتب، وترجمة مئات الآلاف من الكلمات عن السينما، والحديث في عشرات المحطات والقنوات التليفزيونية حول قضايا السينما، والتردد على عشرات المهرجانات الدولية وعضوية لجان التحكيم هنا وهناك، أقول أشك كثيرا في إمكانية حصولي على مقابلة خاصة بشروطي، مع مدير أي مهرجان في العالم العربي. وأتذكر كيف "لطعني" مدير مهرجان في المشرق العربي أنتظر مقابلته قبل نحو 17 عاما لمدة ساعتين، قبل أن يبدأوا في النداء علي من خلال ميكروفون لكي أصعد لمقابلة حضرة المدير العظيم. فأخذت أستمتع بالاستماع إلى إسمي يتردد في الميكروفون عشر مرات أو أكثر، ثم وأنا أغادر باب الفندق لكي أحتفل بالحياة مع بعض الأصدقاء بعيدا عن بيروقراطية المكاتب!
اجانب وعرب
أعود إلى قصتي مع موللر. مسؤولة الصحافة الأجنبية في مهرجان فينيسيا كلير ليش، هي إنجليزية تعيش وتعمل في ايطاليا (موللر نفسه عمل مديرا لمهرجان برلين من قبل، ومدير برلين الأسبق جاء مديرا في البندقية وهو ألماني، وعمل إنجليزي مديرا لمهرجان روتردام في الماضي، وهكذا.. فهل يمكن لمدير من تونس مثلا أن يعمل مديرا لمهرجان في سورية، أو مصر او العكس.. ستقوم حرب أهلية على صفحات الصحف!!).
وقد عادت كلير إلي لتقول إنه يمكنهم تدبير مقابلة عبر الهاتف مع موللر خلال الأيام الثلاثة المقبلة (قبل المهرجان بمدة كافية).
وكان ردي أنني غير مهتم باجراء مكالمات عبر الهاتف، بل أرغب في إجراء مقابلة مباشرة معه وجها لوجه لمدة من 15 إلى 20 دقيقة، تسجل وتبث عبر راديو بي بي سي العربي، وعلى موقعنا على الانترنت (بي بي سي أرابيك دوت كوم).
لم أتلق أي رد حتى مساء أمس عندما فوجئت برسالة على الموبيل من كلير تطلب مني أن أؤكد أنه يمكنني إجراء المقابلة مع موللر في العاشرة من صباح الغد (الأحد). أبلغتها بموافقتي، وأجريت تعديلات في برنامجي لكي أشاهد الفيلم الإيطالي الثاني في المسابقة وهو فيلم "والد جيوفانا" لبوبي أفاتي في الواحدة ظهرا بدلا من التاسعة صباحا ضمن العروض المخصصة للصحافة اليومية.
ماريان هنا
وصلت إلى الطابق الأول (الأعلى) في قصر المهرجان ووجدت كلير في انتظاري، وقدمتني لمساعدة موللر التي أخبرتني أن "ابنة أخت يوسف شاهين" ستحضر الآن لرؤية ماركو موللر لعدة دقائق إذا لم يكن لدي مانع. قلت "ماريان خوري".. طبعا يسعدني جدا أن ألتقي بها. وكان آخر لقاء لي مع ماريان في مكتب يوسف شاهين قبل وفاته بنحو شهرين.
وجاءت ماريان، وتحدثت بحماسة عن هذه المدونة وما قرأته فيها، وأبدت إعجابها بمما كتبته عن ذكرياتي مع يوسف شاهين، وتبادلنا الرأي في تقصير المهرجان مع السينما العربية في حين أن الكثيرين يعتبرون موللر صديقا لهذه السينما. وافقتني على أن أطرح هذه النقطة معه بمنتهى القوة.
فيلم شاهين الكلاسيكي "باب الحديد" سيعرض اليوم في منتصف الليل تكريما لهذا المخرج الكبير الذي رحل عن دنيانا بعد أن ملأها صخبا طيلة أكثر من 50 عاما.
الحوار
حواري مع ماركو كان جيدا، وكان الرجل يجيب بهدوء عن كل الأسئلة بدون أي توتر، بل على العكس، فقد قبل الكثير من انتقاداتي وتلميحاتي واعترف بأن هناك بعض القصور أو التقصير تجاه ما أطلق هو عليه سينما "المشرق" وقد استخدم الكلمة العربية في حديثه. وقال إنه كان يسعده أن يحصل على فيلم "عين شمس" لكن لا أحد تقدم به، ولم يعرف شيئا عنه إلى أن عرض في مهرجان تاورمينا. وقال أيضا إنه أعجب بفيلم مجدي أحمد علي "خلطة فوزية" وكان يريد ضمه إلا أن نسخة المشاهدة لم تصل إلا يوم 20 يوليو أي قبل إعلان البرنامج بساعات، وإن مساعديه في لجنة المشاهدة والاختيار لم يفهموا الفيلم ولم تكن هناك فرصة لإقناعهم واعادة عرض الفيلم ومناقشته مع ضيق الوقت.
المقابلة فيها الكثير من النقاط المثيرة. وستنشر كاملة في موقع بي بي سي وتبث في الراديو ثم ننشرها في هذه المدونة.
ماريان خوري ظلت جالسة طوال تسجيل المقابلة بدعوة من ماركو وترحيب مني (داعبتها بقولي: لكي تكوني شاهدة).
كنت قد تلقيت رسالة اليكترونية من المكتب الصحفي للمهرجان قبل بدء المهرجان بحوالي 10 أيام أي بعد الإعلان الرسمي عن برنامج المهرجان، تقول إنهم يمكن أن يرتبوا لي مقابلة صحفية مع موللر إذا كان الأمر يهمني. وكان ردي أنني "مهتم" بالأمر وسيسعدني إجراء مقابلة معه.
ملحوظة: يمكنني القول بثقة إنني بعد أكثر من 30 عاما في ممارسة النقد، وإنشاء وتنشيط نواد للسينما، واصدار مجلة سينمائية ورئاسة أكبر تجمع لنقاد السينما في الشرق الأوسط، وإصدار عدد من الكتب، وترجمة مئات الآلاف من الكلمات عن السينما، والحديث في عشرات المحطات والقنوات التليفزيونية حول قضايا السينما، والتردد على عشرات المهرجانات الدولية وعضوية لجان التحكيم هنا وهناك، أقول أشك كثيرا في إمكانية حصولي على مقابلة خاصة بشروطي، مع مدير أي مهرجان في العالم العربي. وأتذكر كيف "لطعني" مدير مهرجان في المشرق العربي أنتظر مقابلته قبل نحو 17 عاما لمدة ساعتين، قبل أن يبدأوا في النداء علي من خلال ميكروفون لكي أصعد لمقابلة حضرة المدير العظيم. فأخذت أستمتع بالاستماع إلى إسمي يتردد في الميكروفون عشر مرات أو أكثر، ثم وأنا أغادر باب الفندق لكي أحتفل بالحياة مع بعض الأصدقاء بعيدا عن بيروقراطية المكاتب!
اجانب وعرب
أعود إلى قصتي مع موللر. مسؤولة الصحافة الأجنبية في مهرجان فينيسيا كلير ليش، هي إنجليزية تعيش وتعمل في ايطاليا (موللر نفسه عمل مديرا لمهرجان برلين من قبل، ومدير برلين الأسبق جاء مديرا في البندقية وهو ألماني، وعمل إنجليزي مديرا لمهرجان روتردام في الماضي، وهكذا.. فهل يمكن لمدير من تونس مثلا أن يعمل مديرا لمهرجان في سورية، أو مصر او العكس.. ستقوم حرب أهلية على صفحات الصحف!!).
وقد عادت كلير إلي لتقول إنه يمكنهم تدبير مقابلة عبر الهاتف مع موللر خلال الأيام الثلاثة المقبلة (قبل المهرجان بمدة كافية).
وكان ردي أنني غير مهتم باجراء مكالمات عبر الهاتف، بل أرغب في إجراء مقابلة مباشرة معه وجها لوجه لمدة من 15 إلى 20 دقيقة، تسجل وتبث عبر راديو بي بي سي العربي، وعلى موقعنا على الانترنت (بي بي سي أرابيك دوت كوم).
لم أتلق أي رد حتى مساء أمس عندما فوجئت برسالة على الموبيل من كلير تطلب مني أن أؤكد أنه يمكنني إجراء المقابلة مع موللر في العاشرة من صباح الغد (الأحد). أبلغتها بموافقتي، وأجريت تعديلات في برنامجي لكي أشاهد الفيلم الإيطالي الثاني في المسابقة وهو فيلم "والد جيوفانا" لبوبي أفاتي في الواحدة ظهرا بدلا من التاسعة صباحا ضمن العروض المخصصة للصحافة اليومية.
ماريان هنا
وصلت إلى الطابق الأول (الأعلى) في قصر المهرجان ووجدت كلير في انتظاري، وقدمتني لمساعدة موللر التي أخبرتني أن "ابنة أخت يوسف شاهين" ستحضر الآن لرؤية ماركو موللر لعدة دقائق إذا لم يكن لدي مانع. قلت "ماريان خوري".. طبعا يسعدني جدا أن ألتقي بها. وكان آخر لقاء لي مع ماريان في مكتب يوسف شاهين قبل وفاته بنحو شهرين.
وجاءت ماريان، وتحدثت بحماسة عن هذه المدونة وما قرأته فيها، وأبدت إعجابها بمما كتبته عن ذكرياتي مع يوسف شاهين، وتبادلنا الرأي في تقصير المهرجان مع السينما العربية في حين أن الكثيرين يعتبرون موللر صديقا لهذه السينما. وافقتني على أن أطرح هذه النقطة معه بمنتهى القوة.
فيلم شاهين الكلاسيكي "باب الحديد" سيعرض اليوم في منتصف الليل تكريما لهذا المخرج الكبير الذي رحل عن دنيانا بعد أن ملأها صخبا طيلة أكثر من 50 عاما.
الحوار
حواري مع ماركو كان جيدا، وكان الرجل يجيب بهدوء عن كل الأسئلة بدون أي توتر، بل على العكس، فقد قبل الكثير من انتقاداتي وتلميحاتي واعترف بأن هناك بعض القصور أو التقصير تجاه ما أطلق هو عليه سينما "المشرق" وقد استخدم الكلمة العربية في حديثه. وقال إنه كان يسعده أن يحصل على فيلم "عين شمس" لكن لا أحد تقدم به، ولم يعرف شيئا عنه إلى أن عرض في مهرجان تاورمينا. وقال أيضا إنه أعجب بفيلم مجدي أحمد علي "خلطة فوزية" وكان يريد ضمه إلا أن نسخة المشاهدة لم تصل إلا يوم 20 يوليو أي قبل إعلان البرنامج بساعات، وإن مساعديه في لجنة المشاهدة والاختيار لم يفهموا الفيلم ولم تكن هناك فرصة لإقناعهم واعادة عرض الفيلم ومناقشته مع ضيق الوقت.
المقابلة فيها الكثير من النقاط المثيرة. وستنشر كاملة في موقع بي بي سي وتبث في الراديو ثم ننشرها في هذه المدونة.
ماريان خوري ظلت جالسة طوال تسجيل المقابلة بدعوة من ماركو وترحيب مني (داعبتها بقولي: لكي تكوني شاهدة).
1 comments:
يا أخي أنا أعشق الحميمية التي تكتب بها هذه المدونة...
يومياتك في المدونة لا تقل أهمية وروعة عن كتاباتك النقدية في بي بي سي... أرجو أن أقرأ المزيد من هذه اليوميات.. في فينيسيا وغيرها..!
إرسال تعليق