يسري نصر الله
المخرج رشيد مشهراوي في المهرجان
* السينما التونسية في أزمة لاريب في ذلك. الفيلمان اللذن عرضا في المسابقة الرسمية حتى الآن متواضعا المستوى لدرجة كبيرة. ما الذي جرى لكي تصبح الأفلام التونسية ضعيفة وخاوية بهذا الشكل (دون الدخول في تفاصيل نقدية علمية لأن لكل مقام مقال). كان يجلس بجواري وأنا أشاهد فيلم "شطر محبة" للمخرجة كلثوم بورناز المخرج التونسي المخضرم محمود بن محمود الذي صنع عددا من أفضل الأفلام التونسية مثل "عبور" و"شيشخان". وقد أخذ طيلة الوقت يتنهد بألم وتحسر بل ويصيح أحيانا صيحات استنكار ولم يتمكن من اخفاء رفضه للفيلم وضعفه وتهافت مستواه الفني. كان محمود يشاهد الفيلم بعين مخرج، لكنه مخرج يعرف أيضا الواقع التونسي الذي تدور فيه الأحداث، على العكس مني، فقد كنت حريصا كالعادة، على اخفاء المشاعر والانفعالات السلبية تجاه الفيلم لأن المسألة بالنسبة لي ليست "تصحيح" الفيلم بل التأمل في تفاصيله ثم التعامل معه نقديا إذا استطعت أو إذا وجدت مدخلا يضيف جديدا في تناول الموضوع. أما إذا كانت الكتابة لمجرد أن يثبت المرء أنه شاهد هذا وذاك من الأفلام، فليس له محل في قاموسي الشخصي. وأحيانا يصبح تجاهل الكتابة عن عمل ما موقفا مقصودا مرادفا للتجاهل السلبي بالطبع، وهو ما يمكن أن يكون أكثر إيلاما لدى المخرج الحساس من النقد السلبي التفصيلي.
* في مهرجان قرطاج تحدث أشياء غريبة بمقاييس المهرجانات الدولية التي أحضرها، وقد حضرت منها هذا العام 4 مهرجانات هذا العام. إلا أنها ليست غريبة أو لم تعد كذلك في عرف المهرجانات العربية أو التي تقام في العالم العربي (الذي يعيش بلاشك أزهى عصوره لكننا لانريد الاعتراف بهذا لأغراض "شخصية" شريرة بالطبع!).
أنت مثلا يمكن أن تتوجه هنا كما حدث بالفعل، في الموعد المحدد تماما لمشاهدة فيلم ما حسب البرنامج لكنك تفاجأ بأن عرض الفيلم بدأ بالفعل قبل موعد عرضه الأصلي، وأن القاعة ممتلئة عن آخرها. وقد تذهب لمشاهدة فيلم آخر كما حدث معي اليوم، قبل الموعد بنصف ساعة كاملة حتى تضمن مقعدا وسط الجمهور الغفير الذي يتجمع أمام دار السينما بحماس شديد لمشاهدة كل الأفلام، بما فيها الأفلام الوثائقية التي تناول موضوعات غريبة وهو أمر يجعلك أحيانا تتساءل: هل هذا الاقبال اختبار حقيقي لشعبية هذا النوع من الأفلام؟ أم أنه زحام المحتفلين بالعيد.. عيد السينما الذي يحل كل سنتين في تونس، أي أنه مجرد تعبير عن الحرمان، وأن هذه الأفلام نفسها في حالة توزيعها لن تجد جمهورا يدفع ثمن استيرادها وتكاليف عرضها!
أعود إلى لب الموضوع وهو ذهابك قبل نصف ساعة من العرض وانتظارك طويلا طويلا، لكي تفاجأ بأنه لا يمكنك الدخول حتى قبل عشر دقائق من الموعد ولا قبل خمس دقائق، ويحل موعد عرض الفيلم دون أن يسمح لك بالدخول لأن هناك جمهورا مازال داخل السينما.. إلى أن تضج من الزحام والتدافع والحرارة والعرق والتصاق الأجساد والثرثرة وعمال السينما والمهرجان كله والذين أتوا بك إلى هنا، فتحاول أن تشق طريقك بصعوبة وسط الكتلة البشرية لكي تهرب إلى حيث الهواء النقي وتتنفس الحرية.. بعيدا عن أي فيلم، فرأيي أن "الكفاح والنضال" من أجل مشاهدة فيلم، أي فيلم، أصبح أمرا منتهيا، فلا يوجد ما يستوجب التوتر والصداع والارهاق الجسماني، وإلا لأصبح الاستمتاع بالفن والجمال والإبداع والفكر مرادفا للأشغال الشاقة مثلا والعياذ بالله.. أليس كذلك؟
* الممثل الفلسطيني محمد بكري بطل فيلم "عيد ميلاد ليلى" لرشيد مشهراوي وصل إلى تونس لحضور عرض فيلمه في المهرجان.
* يسري نصر الله غائب عن المهرجان، وآخر ما سمعته أنه يستعد لاخراج فيلم عن سيناريو لوحيد حامد.. وضع مائة علامة تعجب أمام هذا الخبر وبدون تعليق.
* أخبرني ابراهيم البطوط اليوم أن الأخ علي أبو شادي المسؤول عن جهاز الرقابة على السينما والفنون والفكر في مصر (وهذا هو الإسم الصحيح للجهاز كما ينبغي أن يكون) توصل أخيرا وبعد الكثير من الإحراج، إلى تسوية نهائية بشأن فيلم "عين شمس" وقرر معاملته كفيلم مصري.. ما الذي حدث بالضبط لكي تغير الرقابة رأيها؟ ربما رفض المغرب اعتبار الفيلم منتجا مصريا!
* صورة لا تنسى ولا يمكن أن تنسى بل ولا يجب أن تنسى: لفتت نظري ونظر الناقد الليبي رمضان سليم والمخرج المصري ابراهيم البطوط، ولابد أنها لفتت نظر كل الناس، فالمقصود أن تلفت أنظار كل الناس على وجه التحديد. هي صورة "الزعيم" موضوعة في أعلى منصة عرض الأفلام والمنصة المسرحية في قاعة المسرح البلدي في تونس حيث نشاهد بعض العروض وحيث تم الافتتاح. الصورة موضوعة في مكان واضح تماما يفرض نفسه عليك، والأكثر إثارة ومتعة للعين والنظر أن العبقري، مدير المسرح، أمر بتسليط إضاءة خاصة عليها مصدرها مصباحان من أعلى اليمين الخلفي واليسار الخلفي، وهما مصدران مخفيان يصعب رصدهما، فهي تبدو وقد أضيئت بقبس من النور، تشد أنظار الجميع وهم يتابعون أي عرض، سينمائيا كان أم مسرحيا، وتجعل الزعيم يبدو رسولا وأميرا للمؤمنين.. إذا آمنوا بالطبع!
* في مهرجان قرطاج تحدث أشياء غريبة بمقاييس المهرجانات الدولية التي أحضرها، وقد حضرت منها هذا العام 4 مهرجانات هذا العام. إلا أنها ليست غريبة أو لم تعد كذلك في عرف المهرجانات العربية أو التي تقام في العالم العربي (الذي يعيش بلاشك أزهى عصوره لكننا لانريد الاعتراف بهذا لأغراض "شخصية" شريرة بالطبع!).
أنت مثلا يمكن أن تتوجه هنا كما حدث بالفعل، في الموعد المحدد تماما لمشاهدة فيلم ما حسب البرنامج لكنك تفاجأ بأن عرض الفيلم بدأ بالفعل قبل موعد عرضه الأصلي، وأن القاعة ممتلئة عن آخرها. وقد تذهب لمشاهدة فيلم آخر كما حدث معي اليوم، قبل الموعد بنصف ساعة كاملة حتى تضمن مقعدا وسط الجمهور الغفير الذي يتجمع أمام دار السينما بحماس شديد لمشاهدة كل الأفلام، بما فيها الأفلام الوثائقية التي تناول موضوعات غريبة وهو أمر يجعلك أحيانا تتساءل: هل هذا الاقبال اختبار حقيقي لشعبية هذا النوع من الأفلام؟ أم أنه زحام المحتفلين بالعيد.. عيد السينما الذي يحل كل سنتين في تونس، أي أنه مجرد تعبير عن الحرمان، وأن هذه الأفلام نفسها في حالة توزيعها لن تجد جمهورا يدفع ثمن استيرادها وتكاليف عرضها!
أعود إلى لب الموضوع وهو ذهابك قبل نصف ساعة من العرض وانتظارك طويلا طويلا، لكي تفاجأ بأنه لا يمكنك الدخول حتى قبل عشر دقائق من الموعد ولا قبل خمس دقائق، ويحل موعد عرض الفيلم دون أن يسمح لك بالدخول لأن هناك جمهورا مازال داخل السينما.. إلى أن تضج من الزحام والتدافع والحرارة والعرق والتصاق الأجساد والثرثرة وعمال السينما والمهرجان كله والذين أتوا بك إلى هنا، فتحاول أن تشق طريقك بصعوبة وسط الكتلة البشرية لكي تهرب إلى حيث الهواء النقي وتتنفس الحرية.. بعيدا عن أي فيلم، فرأيي أن "الكفاح والنضال" من أجل مشاهدة فيلم، أي فيلم، أصبح أمرا منتهيا، فلا يوجد ما يستوجب التوتر والصداع والارهاق الجسماني، وإلا لأصبح الاستمتاع بالفن والجمال والإبداع والفكر مرادفا للأشغال الشاقة مثلا والعياذ بالله.. أليس كذلك؟
* الممثل الفلسطيني محمد بكري بطل فيلم "عيد ميلاد ليلى" لرشيد مشهراوي وصل إلى تونس لحضور عرض فيلمه في المهرجان.
* يسري نصر الله غائب عن المهرجان، وآخر ما سمعته أنه يستعد لاخراج فيلم عن سيناريو لوحيد حامد.. وضع مائة علامة تعجب أمام هذا الخبر وبدون تعليق.
* أخبرني ابراهيم البطوط اليوم أن الأخ علي أبو شادي المسؤول عن جهاز الرقابة على السينما والفنون والفكر في مصر (وهذا هو الإسم الصحيح للجهاز كما ينبغي أن يكون) توصل أخيرا وبعد الكثير من الإحراج، إلى تسوية نهائية بشأن فيلم "عين شمس" وقرر معاملته كفيلم مصري.. ما الذي حدث بالضبط لكي تغير الرقابة رأيها؟ ربما رفض المغرب اعتبار الفيلم منتجا مصريا!
* صورة لا تنسى ولا يمكن أن تنسى بل ولا يجب أن تنسى: لفتت نظري ونظر الناقد الليبي رمضان سليم والمخرج المصري ابراهيم البطوط، ولابد أنها لفتت نظر كل الناس، فالمقصود أن تلفت أنظار كل الناس على وجه التحديد. هي صورة "الزعيم" موضوعة في أعلى منصة عرض الأفلام والمنصة المسرحية في قاعة المسرح البلدي في تونس حيث نشاهد بعض العروض وحيث تم الافتتاح. الصورة موضوعة في مكان واضح تماما يفرض نفسه عليك، والأكثر إثارة ومتعة للعين والنظر أن العبقري، مدير المسرح، أمر بتسليط إضاءة خاصة عليها مصدرها مصباحان من أعلى اليمين الخلفي واليسار الخلفي، وهما مصدران مخفيان يصعب رصدهما، فهي تبدو وقد أضيئت بقبس من النور، تشد أنظار الجميع وهم يتابعون أي عرض، سينمائيا كان أم مسرحيا، وتجعل الزعيم يبدو رسولا وأميرا للمؤمنين.. إذا آمنوا بالطبع!
0 comments:
إرسال تعليق