الخميس، 30 أكتوبر 2008

يوميات مهرجان قرطاج السينمائي 4

محمد بكري مع المخرجين العراقيين محمد توفيق وقاسم عبد


* كل النقاد والصحفيين والسينمائيين يختلفون عادة حول الأفلام، أيها أفضل وأيها أسوا، ولكل رأيه الخاص فيما يتعلق بتنظيم المهرجان ومستوى المسابقة ومصداقية لجان التحكيم، غير أن الجميع يتفقون على أن الميزة الأساسية للمهرجانات السينمائية العربية أنها تجمع الناس، وتقرب بين السينمائيين والنقاد، وتعيد تجديد الصداقات القديمة، وقد تساهم في تصفية "العداوات" القديمة أيضا.
كان الشاعر العراقي السيريالي عبد القادر الجنابي يصدر مجلة جريئة في باريس في أوائل التسعينيات بعنوان "الرغبة الإباحية" أو النقطة الممنوعة، كانت مجلة جادة تماما بالمناسبة وليست من نوع مجلات الاثارة الرخيصة. وكان يتخذ لها شعارا يبدو أيضا سيرياليا لكنه يعكس "موقفا" تشاؤميا قليلا من الحياة وإن لم يكن بعيدا تماما عن الواقع. وكان الشعار يقول ببساطة وبحسم "نحن لا نريد أصدقاء، فلدينا من الأعداء ما يكفي"!
أستخدم أنا هذا القول أحيانا في سياق التعبير عن المرارة بسبب الصدمات واللطمات الكثيرة التي تعرضت لها صداقات كانت فيما مضى تبشر ببعض الأمل في ظروف عالم مختلف. لكن الصداقات القديمة الحقيقية بين البشر الأسوياء الذين لا تربطهم مصالح مؤقتة أو منافع عابرة، تبقى عادة وتقوى وتتواصل رغم الغياب والبعد.
ورغم أنني لم ألتق بالصديق العزيز القديم (ربع قرن من الصداقة) المخرج العراقي قاسم عبد منذ 7 سنوات إلا أنه في الذهن والخاطر، وعندما التقينا مجددا في تونس حيث يشارك فيلمه التسجيلي الطويل "الحياة بعد السقوط" في مسابقة أفلام الفيديو، بدا أن الحوار بيننا كان متصلا، وكنا ببساطة نكمل ما بدأناه من حوارات وتبادل آراء منذ أن بدأت علاقتنا في لندن عام 1984.
قاسم يقضي معظم وقته حاليا في العراق حيث أسس مدرسة لتعليم السينما والتليفزيون، وهو مشروع طموح وإن كنت أشفق عليه كثيرا من "خطورة" التجربة. وقد فقد شقيقا وتعرضت أسرته لأزمات عديدة إلا أنه صامد ويواصل مهمته ببسالة حقيقية. وفيلمه يروي قصة معاناة أسرته فيما بعد سقوط نظام كان ينظر إليه على أنه أس البلاء وسبب الاضطهاد والمعاناة، فماذا جلب النظام التالي الذي خلفه!
* تجولت مع قاسم والمخرج العراقي الصديق محمد توفيق الذي يقيم في كوبنهاجن منذ سنوات طويلة في الشتات مثلنا، وقابلنا في طريقنا الممثل الفلسطيني الكبير محمد بكري بشحمه ولحمه وسط جموع الناس في شارع الحبيب بورقيبة. شئ جميل بالمناسبة، أن يحافظ النظام التونسي الحالي، الذي جاء بعد نوع من الانقلاب على بورقيبة، على اسمه مرفوعا على أهم شارع في العاصمة التونسية أو "شانزليزيه" تونس.
* سألت المخرج التونسي رضا الباهي عن سبب غيابه عن الساحة فقال إنه أخرج 12 فيلما كل منها 26 دقيقة عن الشخصيات السينمائية العربية، وإنه بصدد الاستعداد لتصوير فيلم سينمائي جديد بطولة عمر الشريف.
* راودتني فكرة تأسيس معهد للسينما في جزيرة مالطا وأنا في تونس، على أن يستقبل المعهد طلابا من بلدان المغرب العربي الثلاثة ومن دول أخرى إذا أمكن مثل "الجماهيرية- بعد التغيير".. ولكن رغم براءة الفكرة واعتمادها على فكرة الحرية وإدخال أفلام العالم بعيدا عن سيوف الرقابة وسيوف قطع الرقاب وتأديب العباد، إلا أنها بدت لي مثل الذي قرر أن يذهب لكي يؤذن في مالطة!

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger