توسيع دائرة التشابك بين مريم ومحمود
بقلم: عوض الله كرار
((هذا المقال بعث به كاتبه إلى هذه المدونة بعد أن منع نشره صلاح عيسى رئيس تحرير مجلة "القاهرة" التي تصدر عن وزارة الثقافة المصرية، وهو مقال يحمل أسلوب كاتبه في الكتابة الساخرة التي يمزج فيها بين الفصحى والعامية. وقد حافظنا عليه كما كتب)).
" أنا شخصيا"ً أكتشفت أن فيلم "واحد صفر" مسروق من ألف فيلم ".. هذا ما قالته كاتبة السيناريو مريم نعوم عن فيلمها فى معرض ردّها على مقال الناقد محمود قاسم الذى أتهمها بالسرقة من فيلم واحد ذكره أسماً وجنسية . وهو معذور، ذلك أن الفساد ومنه السرقة قد شاع أمره فى كافة المجالات ، وعلى كل الاصعدة ، حيث أنه تطور من سرقة الغسيل المنشور على حبال البلكونات ، إلى سرقة ما فى جوف الإنسان من أعضاء حيوية ، ومن سرقة مقال أو قصة أو قصيدة أو رسمة إلى سرقة رسالة دكتوراه ، وهكذا.
على السيناريست مريم أن تعذر الناقد محمود . ألم تسمعى عن التعبير الشائع فى مصر، منذ سنوات طويلة : ( أصبح الواحد يشك فى نفسه ، مش فى غيره وبس) فما بالنا اليوم ؟ وأيضاً ألم تسمع يا محمود المثل الشعبى المصرى القائل "يخلق من الشبه أربعين" .
ومن ناحية أخرى كنت أتمنى أن يكون خطاب مريم موجهاً للقارئ من خلال ردّها على الناقد محمود ، حتى لأ يُساء فهم هذا التعبير الذى قالته ضمن كلامها ، فالقارئ مشغول بمشاغله ، متعجل ، ليس لديه وقت ليفكر فيما يقرأه ، مُقلباً إياه على كافة وجوهه ، خاصة وأنه مقال فى فيلم أو عنه أو حوله ، وقد درج القراء على أن هذا النوع من الكتابة صدره كظهره كأجنابه ، وبالتالى رأيت أن توضيح عبارتها سالفة الذكر هو الأهم فى الموضوع ، والمكسب الذى سأخرج به كقارئ مهتم بالثقافة الشعبية للوجدان ( = السينما ) ، وأيضاً حتى لا تصبح مريم مثل الواثقة من براءتها التى ترد على ضابط المباحث الذى يتهمها بسرقة بنك ، فتجيبه : لا ياسعادة الباشا أنا سرقت ألف بنك ( المبالغة هنا تعنى عدم حدوث سرقة حقيقية أصلاً ) لكن فى حالة الفيلم فهو حقيقة مجازية ، فكل ما يلتهمه المرء ويشربه ويتنفسه ويتعلمه هو وراء كل فتفوتة عمل يقترفها بشكل حسن أو سئ . كما أن هذا الرد فيه استفزاز حتى ولو قيل بشكل ( شيك) ودبلوماسى . إنه مثل رد نبيلة عبيد على ضابط البحث الجنائى فى فيلم ( التخشيبة ) للمخرج عاظف الطيب، فما كان من الضابط سوى أن عاملها كأى متهمة عادية ، وأكمل إجراءاته، ولم يشفع لها كونها طبيبة ذات سمعة مهنية وأخلاقية جيدة .
والآن أدخل إلى ما أراه مهما فى هذا الموضوع :
هناك فيض من أفلام أنتجت خلال 114سنة تقريباً ، يوازيه فيض آخر من القنوات الفضائية ، وبالتالى أصبح المرء ينام إلى جوار أفلام ، ويصحو على أفلام ، ويفطر مع أفلام ، ويتناول غداءه فيما عيناه تلتهم فاتنات الفيلم وأحداثه المسبوكة.
وبالتالى أصبحت العين مشحونة لآخرها بمكتبة فيلمية متعددة الجنسيات والتوجهات والمستويات الفنية . وفيما العين تجرى مع سيل الأفلام التى لاتتوقف يكتشف المتفرج أنها تشبه البطاطس التى تعُدها له زوجته . مرة : تقدمها له على هيئة أصابع محمرة، ومرة : على هيئة حلقات فى صينية بالفرن ، ومرة : مسلوقة ومهروسة بالزبد والبيض ، ومرة : تسلقها وتهرسها وتفرد نصفها فى الصينية ثم تضع فوقها عصاج اللحم ثم تغطيه بالنصف الآخر ، ومرة تقشرها وتحدث فى وسطها حفرة تملأها بعصاج من اللحم ثم ترصها فى صينية توضع بالفرن ، ولاننسى سلاطة البطاطس والشيبسى وعشرات الأكلات الأخرى التى أبتكرتها كل أمة من الأمم ، ولاننسى أن البطاطس ذاتها عدة انواع ،وهكذا مع المواد الغذائية الأخرى.
على السيناريست مريم أن تعذر الناقد محمود . ألم تسمعى عن التعبير الشائع فى مصر، منذ سنوات طويلة : ( أصبح الواحد يشك فى نفسه ، مش فى غيره وبس) فما بالنا اليوم ؟ وأيضاً ألم تسمع يا محمود المثل الشعبى المصرى القائل "يخلق من الشبه أربعين" .
ومن ناحية أخرى كنت أتمنى أن يكون خطاب مريم موجهاً للقارئ من خلال ردّها على الناقد محمود ، حتى لأ يُساء فهم هذا التعبير الذى قالته ضمن كلامها ، فالقارئ مشغول بمشاغله ، متعجل ، ليس لديه وقت ليفكر فيما يقرأه ، مُقلباً إياه على كافة وجوهه ، خاصة وأنه مقال فى فيلم أو عنه أو حوله ، وقد درج القراء على أن هذا النوع من الكتابة صدره كظهره كأجنابه ، وبالتالى رأيت أن توضيح عبارتها سالفة الذكر هو الأهم فى الموضوع ، والمكسب الذى سأخرج به كقارئ مهتم بالثقافة الشعبية للوجدان ( = السينما ) ، وأيضاً حتى لا تصبح مريم مثل الواثقة من براءتها التى ترد على ضابط المباحث الذى يتهمها بسرقة بنك ، فتجيبه : لا ياسعادة الباشا أنا سرقت ألف بنك ( المبالغة هنا تعنى عدم حدوث سرقة حقيقية أصلاً ) لكن فى حالة الفيلم فهو حقيقة مجازية ، فكل ما يلتهمه المرء ويشربه ويتنفسه ويتعلمه هو وراء كل فتفوتة عمل يقترفها بشكل حسن أو سئ . كما أن هذا الرد فيه استفزاز حتى ولو قيل بشكل ( شيك) ودبلوماسى . إنه مثل رد نبيلة عبيد على ضابط البحث الجنائى فى فيلم ( التخشيبة ) للمخرج عاظف الطيب، فما كان من الضابط سوى أن عاملها كأى متهمة عادية ، وأكمل إجراءاته، ولم يشفع لها كونها طبيبة ذات سمعة مهنية وأخلاقية جيدة .
والآن أدخل إلى ما أراه مهما فى هذا الموضوع :
هناك فيض من أفلام أنتجت خلال 114سنة تقريباً ، يوازيه فيض آخر من القنوات الفضائية ، وبالتالى أصبح المرء ينام إلى جوار أفلام ، ويصحو على أفلام ، ويفطر مع أفلام ، ويتناول غداءه فيما عيناه تلتهم فاتنات الفيلم وأحداثه المسبوكة.
وبالتالى أصبحت العين مشحونة لآخرها بمكتبة فيلمية متعددة الجنسيات والتوجهات والمستويات الفنية . وفيما العين تجرى مع سيل الأفلام التى لاتتوقف يكتشف المتفرج أنها تشبه البطاطس التى تعُدها له زوجته . مرة : تقدمها له على هيئة أصابع محمرة، ومرة : على هيئة حلقات فى صينية بالفرن ، ومرة : مسلوقة ومهروسة بالزبد والبيض ، ومرة : تسلقها وتهرسها وتفرد نصفها فى الصينية ثم تضع فوقها عصاج اللحم ثم تغطيه بالنصف الآخر ، ومرة تقشرها وتحدث فى وسطها حفرة تملأها بعصاج من اللحم ثم ترصها فى صينية توضع بالفرن ، ولاننسى سلاطة البطاطس والشيبسى وعشرات الأكلات الأخرى التى أبتكرتها كل أمة من الأمم ، ولاننسى أن البطاطس ذاتها عدة انواع ،وهكذا مع المواد الغذائية الأخرى.
وإذا كنا نقول أن الطبيخ نََفَس ، فإن العمل الإبداعى رو ح،وليس جسداً ، وهذه الروح تطل علينا من خلال عدة أفلام للمخرج الواحد مثل أفلام عاطف وخيرى وخان وداوود . إن وضعت أفلام كل واحد منهم إلى جوار بعضها تستطيع أن تحس بروح واحدة تجمع تلك الأفلام التى قد تتشابه من الظاهر أو تختلف ، وحتى فيلم ( مستر كاراتيه) لمحمد خان، رغم ما يبدو أنه الخروج الكبير على مسيرة أفلامه، إلا أنه بالتعمق فيه لا أرى ذلك. وكذلك ( أيس كريم فى جليم ) لخيرى ، و( مواطن ومخبر وحرامى ) لداوود .
ومن شاهد فيلم (عطر امرأة ) بطولة آل باتشينو، وشاهد فيلم ( الكيت كات ) لداوود، يرى مشهداً متشابهاً : محمود عبد العزيز الضرير يقود موتوسيكلاً ، وآل باتشينو الضرير هو أيضاُ يقود سيارة . فمن سرق الآخر ؟. سؤال ساذج طبعاً . ما المانع فى أن تنتاب أى أعمى ، فى أى مكان، الرغبة فى أن يظهر لآخرين أنه يبصر الدنيا والناس وما يفعلون بأوضح ممن يمتلكون عيون صقر ( 6 على 6 ) ، إنها مثل الرغبة التى تنتاب جائعاً فيرى البصلة خروفاً ، والفول لحماً ، وفيما هو نائم يحلم بسوق العيش ، مثل الرغبة التى تنتاب محروماً فيرى المخدة ليلى علوى ، أو ماشاء من النجمات . إنه إحساس إنسانى ، سوىّ أو مضطرب ، موجود فى كل مكان .
ومرة أخرى هو سؤال ساذج فى هذا المقام الجامع بين فنانين كبار.
ومن ناحية أخرى :
الأفلام تشبه لعبة الميكانو التى تستطيع أن تفكها وتعيد بناءها لتصبح شيئاً مختلفاً ، ثم تعيد الفك والتركيب لخلق أشياء شديدة التباين ، رغم تماثل وتشابه الوحدات المستخدمة . بل أننى أتطرف وأقول أنه يمكن لمخرج مجنون بالسينما ، مخه طاقق بالإبداع ، أن يستولى على فيلم أعجبه ، ويفكه إلى لقطات ، ويُبعد عنه مؤثراته وموسيقاه التصويرية ، بل وديكوراته ، ثم يعيد بنيانه من جديد . فى هذه الحالة هو مخرج عبقرى إذا كان وراء ما فعل فلسفة معينة ، وبالتالى يحُسب له الفيلم ، بالضبط مثلما يذهب الفنان التشكيلى إلى سوق الجمعه بالإسكندرية ، ويشترى أشياء قديمة ( قد يكون بينها رابط أو لايكون ) ومنها يخلق لوحة جديدة ( قد تكون عبقرية ، وقد لا تكون ) .
ومع هذا فإن التشابه هو إشكالية السينما منذ وقت ليس ببعيد ، وقد نجت منها أمريكا لا من خلال نفيها ، بل من خلال تجديد طرائق التعامل معها مستعينة بــ :
* التقدم التكنولوجى فى أدوات السينما ( تصنيع وعرض )
* التعامل مع الأحداث الآنية أولاً بأول ، وقبل أن تصبح تاريخاً ماضياً
* الجرأة التى تزداد عاماً بعد عام فى تناول الموضوعات خاصة فى السياسة والمعتقدات الدينية والجنس بكل أنواعه السويّة وغير السويّة .
وطبعاً لست محامياً للشيطان ، فهناك لصوص ربما يحتمون بكلام مثل الذى قلته ، ولكن سلسلة أفلامهم هى التى ستكشف زيفهم ، حال فقدها للروح الجامعة لها .
ومن شاهد فيلم (عطر امرأة ) بطولة آل باتشينو، وشاهد فيلم ( الكيت كات ) لداوود، يرى مشهداً متشابهاً : محمود عبد العزيز الضرير يقود موتوسيكلاً ، وآل باتشينو الضرير هو أيضاُ يقود سيارة . فمن سرق الآخر ؟. سؤال ساذج طبعاً . ما المانع فى أن تنتاب أى أعمى ، فى أى مكان، الرغبة فى أن يظهر لآخرين أنه يبصر الدنيا والناس وما يفعلون بأوضح ممن يمتلكون عيون صقر ( 6 على 6 ) ، إنها مثل الرغبة التى تنتاب جائعاً فيرى البصلة خروفاً ، والفول لحماً ، وفيما هو نائم يحلم بسوق العيش ، مثل الرغبة التى تنتاب محروماً فيرى المخدة ليلى علوى ، أو ماشاء من النجمات . إنه إحساس إنسانى ، سوىّ أو مضطرب ، موجود فى كل مكان .
ومرة أخرى هو سؤال ساذج فى هذا المقام الجامع بين فنانين كبار.
ومن ناحية أخرى :
الأفلام تشبه لعبة الميكانو التى تستطيع أن تفكها وتعيد بناءها لتصبح شيئاً مختلفاً ، ثم تعيد الفك والتركيب لخلق أشياء شديدة التباين ، رغم تماثل وتشابه الوحدات المستخدمة . بل أننى أتطرف وأقول أنه يمكن لمخرج مجنون بالسينما ، مخه طاقق بالإبداع ، أن يستولى على فيلم أعجبه ، ويفكه إلى لقطات ، ويُبعد عنه مؤثراته وموسيقاه التصويرية ، بل وديكوراته ، ثم يعيد بنيانه من جديد . فى هذه الحالة هو مخرج عبقرى إذا كان وراء ما فعل فلسفة معينة ، وبالتالى يحُسب له الفيلم ، بالضبط مثلما يذهب الفنان التشكيلى إلى سوق الجمعه بالإسكندرية ، ويشترى أشياء قديمة ( قد يكون بينها رابط أو لايكون ) ومنها يخلق لوحة جديدة ( قد تكون عبقرية ، وقد لا تكون ) .
ومع هذا فإن التشابه هو إشكالية السينما منذ وقت ليس ببعيد ، وقد نجت منها أمريكا لا من خلال نفيها ، بل من خلال تجديد طرائق التعامل معها مستعينة بــ :
* التقدم التكنولوجى فى أدوات السينما ( تصنيع وعرض )
* التعامل مع الأحداث الآنية أولاً بأول ، وقبل أن تصبح تاريخاً ماضياً
* الجرأة التى تزداد عاماً بعد عام فى تناول الموضوعات خاصة فى السياسة والمعتقدات الدينية والجنس بكل أنواعه السويّة وغير السويّة .
وطبعاً لست محامياً للشيطان ، فهناك لصوص ربما يحتمون بكلام مثل الذى قلته ، ولكن سلسلة أفلامهم هى التى ستكشف زيفهم ، حال فقدها للروح الجامعة لها .
0 comments:
إرسال تعليق