راؤول رويز
في انتظار العرض
افتتحت اليوم (الأحد) السوق الدولية للأفلام في مهرجان روتردام، وهذا حدث شديد الأهمية لكل أصحاب الأفلام التي يرونها جديرة بالتسويق. والسوق هنا ليست على غرار كان بل أقل استعراضا وأكثر عملية.
والأفلام المتنافسة في مسابقة جوائز النمر بدأت تتبين ملامحها.. منها أعمال أقرب إلى التجريبية مثل الفيلم البريطاني الجرئ جدا "دوجي.. قصة حب" وهو عن الهاجس الجنسي عندما يستبد بصاحبه الشاب فيدفعه إلى القيام ببحث خاص في طريقة المضاجعة من الخلف وهو ما يطلق عليه الإنجليز Doggy نسبة إلى الكلاب التي تمارس الجنس من هذا الوضع فقط (هل يقتصر الأمر على الكلاب أم أن أنواعا كثيرة من الحيوانات لا تعرف غير هذا الوضع!).. ويتوصل خلال بحثه إلى اكتشافات صادمة ثم يقع في الحب.
وهناك أفلام أكثر رصانة بالطبع منها الفيلم الإيراني الذي شاهدته اليوم "كن هادئا وعد إلى سبعة" وهو حزين حزن المجتمع الإيراني نفسه الذي لايزال ينتظر.. الخلاص.. والمخلص، وأظن أن انتظاره سيطول!
مجنون السينما
لاشك أن أهم شخصية سينمائية في روتردام هو المخرج التشيلي الأصل راؤول رويز Ruiz الذي أعتبره ممسوسا بجنون العبقرية، وهو موجود مع فيلمه الأحدث ذي العنوان الغريب Nucingen Haus الذي صوره هذه المرة في بلده تشيلي وليس في فرنسا التي يخرج معظم أفلامه بها.
رويز (63 عاما) مهووس باخراج الأفلام، وقد أخرج خمسة أفلام في العام الماضي فقط ويستعد لاخراج ثلاثة أفلام في العام الجاري.
ورويز يرى أن السبب ربما يعود أولا إلى أنه لا يعير الأمر اهتماما شديدا، ويشبه الأفلام بالنساء، فهو يرى، وهذا رأي ورثه عن أبيه، أن الفيلم مثل المرأة لا يجب أن تجري وراءها كثيرا فإذا شعرت أنك مهتم بها كثيرا فسوف تهرب منك، وكذلك مشروع الفيلم، لا يجب أن يهتم به المخرج كثيرا بل يجب أن يتركه ويهمله وسوف يأتي وحده!
هذا ليس رأيي بالطبع بل رأيه الذي عبر عنه في روتردام.
والسبب الثاني كما يقول، يعود إلى تحجيم طموحه ومواءمته بحيث لا يتطلع إلى ميزانيات ضخمة بل يضع في اعتباره أن الفيلم يجب أن يستعيد ما أنفق على انتاجه بسهولة وبدون مجازفة حتى يتشجع المنتجون.
وجبة الأفلام
في روتردام يمكنك مشاهدة 6 أفلام يوميا إذا لم يكن لديك عمل يتعين عليك أن تقوم به مثل الكتابة اليومية لأكثر من جهة .. فماذا لو كان مطلوبا منك عمل للراديو أيضا أو للتليفزيون.. سيصبح الاستغراق حتى ما بعد منتصف الليل في مشاهدة الأفلام نوعا من الجنون المطلق وإن كنت أفعل ذلك أحيانا بشرط ألا أعمل أي شئ آخر طوال اليوم، أي من التاسعة صباحا إلى الثانية عشرة مساء.. ربما وجدت ما يمكنني تناوله من طعام سريع بين الأفلام.
عموما عروض النقاد تبدو هذا العام أكثر ازدحاما، فقد شاهدت أربعة أفلام اليوم في العروض الصحفية وكل القاعات كانت ممتلئة عن آخرها.. فما هو السبب؟
هل يعود إلى تدفق مزيد من الصحفيين والنقاد على روتردام في عز الأزمة المالية التي تمسك بخناق العالم؟
أم يعود إلى أن الأفلام المعروضة أكثر جاذبية، أو ربما يكون النشاط قد دب فجأة في نقاد تجاوز معظمهم سن الشباب على أي حال.
ناقد من اسرائيل
ومن هؤلاء على سبيل المثال الناقد الإسرائيلي دان فينارو وزوجته إدنا (وهي من أصل يمني وتجيد اللغة العربية).
هذا الناقد (يكتب لصحيفة جيروزاليم بوست) منتشر كالوباء في كل مكان، وطبعا هو يلقى معاملة خاصة من المهرجانات الأوروبية، ويهتمون به أيما اهتمام ليس بسبب أنه يكتب بالإنجليزية (في حين أنه في الواقع يتكلم انجليزية خشنة منفرة كما سمعته بنفسي أكثر من مرة) بل لأنه ينتمي إلى "العالم الحر جدا" أي إلى إسرائيل التي يعتبرونها جزءا من الثقافة الاوروبية رغم لغة سكانها المهجورة التي تنتمي للقرون الوسطى. ولعل أسهم اسرائيل قد انخفضت كثيرا خلال الفترة الأخيرة دون أن تنخفض أسهم دان فينارو وزوجته، فمن مهرجان إلى آخر طوال العام.. ولا أعرف ماذا يفعل عندما لا يكون في المهرجانات؟!
فينارو الذي لم أتبادل معه ولا كلمة واحدة حتى الآن، رغم أنني أشاهده في المهرجانات منذ عام 1986 أي منذ أكثر من عشرين عاما، يبدو وقد أصبح كهلا، ولكنه لا يهدأ، ويظل يلف ويدور على كل النقاد القادمين من أمريكا وبريطانيا واستراليا بوجه خاص، وأصدقائه "الطبيعيين" طبعا من مجلة "فاريتي" المتخصصة في الصناعة والتي يصدرها أقرانه المخلصون جدا لإسرائيل.
وكان من أوائل الذين حضروا العرض الصحفي اليوم للفيلم الفلسطيني "المر والرمان" لنجوى نجار، (ولا أدري ما سيقوله فينارو لأصدقائه الأوروبيين عما ارتكبه ويرتكبه يوميا اخوانه من جنود جيش الدفاع النازي الصهيوني) الذين تمتلئ قلوبهم بكل أحقاد الدنيا ضد البشر، بل ضد الحياة نفسها. ومتى يستيقظ الضمير الغربي ضد مذابح أبناء صهيون!
ولا أريد أن أثقل عليكم أكثر بسيرة تلك الدولة الفاشية التي غالبا ستنتهي ذات يوم، إلى الصدام مع العالم بأسره، ثم ربما تنفجر من داخلها!
والأفلام المتنافسة في مسابقة جوائز النمر بدأت تتبين ملامحها.. منها أعمال أقرب إلى التجريبية مثل الفيلم البريطاني الجرئ جدا "دوجي.. قصة حب" وهو عن الهاجس الجنسي عندما يستبد بصاحبه الشاب فيدفعه إلى القيام ببحث خاص في طريقة المضاجعة من الخلف وهو ما يطلق عليه الإنجليز Doggy نسبة إلى الكلاب التي تمارس الجنس من هذا الوضع فقط (هل يقتصر الأمر على الكلاب أم أن أنواعا كثيرة من الحيوانات لا تعرف غير هذا الوضع!).. ويتوصل خلال بحثه إلى اكتشافات صادمة ثم يقع في الحب.
وهناك أفلام أكثر رصانة بالطبع منها الفيلم الإيراني الذي شاهدته اليوم "كن هادئا وعد إلى سبعة" وهو حزين حزن المجتمع الإيراني نفسه الذي لايزال ينتظر.. الخلاص.. والمخلص، وأظن أن انتظاره سيطول!
مجنون السينما
لاشك أن أهم شخصية سينمائية في روتردام هو المخرج التشيلي الأصل راؤول رويز Ruiz الذي أعتبره ممسوسا بجنون العبقرية، وهو موجود مع فيلمه الأحدث ذي العنوان الغريب Nucingen Haus الذي صوره هذه المرة في بلده تشيلي وليس في فرنسا التي يخرج معظم أفلامه بها.
رويز (63 عاما) مهووس باخراج الأفلام، وقد أخرج خمسة أفلام في العام الماضي فقط ويستعد لاخراج ثلاثة أفلام في العام الجاري.
ورويز يرى أن السبب ربما يعود أولا إلى أنه لا يعير الأمر اهتماما شديدا، ويشبه الأفلام بالنساء، فهو يرى، وهذا رأي ورثه عن أبيه، أن الفيلم مثل المرأة لا يجب أن تجري وراءها كثيرا فإذا شعرت أنك مهتم بها كثيرا فسوف تهرب منك، وكذلك مشروع الفيلم، لا يجب أن يهتم به المخرج كثيرا بل يجب أن يتركه ويهمله وسوف يأتي وحده!
هذا ليس رأيي بالطبع بل رأيه الذي عبر عنه في روتردام.
والسبب الثاني كما يقول، يعود إلى تحجيم طموحه ومواءمته بحيث لا يتطلع إلى ميزانيات ضخمة بل يضع في اعتباره أن الفيلم يجب أن يستعيد ما أنفق على انتاجه بسهولة وبدون مجازفة حتى يتشجع المنتجون.
وجبة الأفلام
في روتردام يمكنك مشاهدة 6 أفلام يوميا إذا لم يكن لديك عمل يتعين عليك أن تقوم به مثل الكتابة اليومية لأكثر من جهة .. فماذا لو كان مطلوبا منك عمل للراديو أيضا أو للتليفزيون.. سيصبح الاستغراق حتى ما بعد منتصف الليل في مشاهدة الأفلام نوعا من الجنون المطلق وإن كنت أفعل ذلك أحيانا بشرط ألا أعمل أي شئ آخر طوال اليوم، أي من التاسعة صباحا إلى الثانية عشرة مساء.. ربما وجدت ما يمكنني تناوله من طعام سريع بين الأفلام.
عموما عروض النقاد تبدو هذا العام أكثر ازدحاما، فقد شاهدت أربعة أفلام اليوم في العروض الصحفية وكل القاعات كانت ممتلئة عن آخرها.. فما هو السبب؟
هل يعود إلى تدفق مزيد من الصحفيين والنقاد على روتردام في عز الأزمة المالية التي تمسك بخناق العالم؟
أم يعود إلى أن الأفلام المعروضة أكثر جاذبية، أو ربما يكون النشاط قد دب فجأة في نقاد تجاوز معظمهم سن الشباب على أي حال.
ناقد من اسرائيل
ومن هؤلاء على سبيل المثال الناقد الإسرائيلي دان فينارو وزوجته إدنا (وهي من أصل يمني وتجيد اللغة العربية).
هذا الناقد (يكتب لصحيفة جيروزاليم بوست) منتشر كالوباء في كل مكان، وطبعا هو يلقى معاملة خاصة من المهرجانات الأوروبية، ويهتمون به أيما اهتمام ليس بسبب أنه يكتب بالإنجليزية (في حين أنه في الواقع يتكلم انجليزية خشنة منفرة كما سمعته بنفسي أكثر من مرة) بل لأنه ينتمي إلى "العالم الحر جدا" أي إلى إسرائيل التي يعتبرونها جزءا من الثقافة الاوروبية رغم لغة سكانها المهجورة التي تنتمي للقرون الوسطى. ولعل أسهم اسرائيل قد انخفضت كثيرا خلال الفترة الأخيرة دون أن تنخفض أسهم دان فينارو وزوجته، فمن مهرجان إلى آخر طوال العام.. ولا أعرف ماذا يفعل عندما لا يكون في المهرجانات؟!
فينارو الذي لم أتبادل معه ولا كلمة واحدة حتى الآن، رغم أنني أشاهده في المهرجانات منذ عام 1986 أي منذ أكثر من عشرين عاما، يبدو وقد أصبح كهلا، ولكنه لا يهدأ، ويظل يلف ويدور على كل النقاد القادمين من أمريكا وبريطانيا واستراليا بوجه خاص، وأصدقائه "الطبيعيين" طبعا من مجلة "فاريتي" المتخصصة في الصناعة والتي يصدرها أقرانه المخلصون جدا لإسرائيل.
وكان من أوائل الذين حضروا العرض الصحفي اليوم للفيلم الفلسطيني "المر والرمان" لنجوى نجار، (ولا أدري ما سيقوله فينارو لأصدقائه الأوروبيين عما ارتكبه ويرتكبه يوميا اخوانه من جنود جيش الدفاع النازي الصهيوني) الذين تمتلئ قلوبهم بكل أحقاد الدنيا ضد البشر، بل ضد الحياة نفسها. ومتى يستيقظ الضمير الغربي ضد مذابح أبناء صهيون!
ولا أريد أن أثقل عليكم أكثر بسيرة تلك الدولة الفاشية التي غالبا ستنتهي ذات يوم، إلى الصدام مع العالم بأسره، ثم ربما تنفجر من داخلها!
0 comments:
إرسال تعليق