جاءت كل جوائز مسابقة مهرجان فينيسيا السينمائي تقريبا في محلها، أي انه لا يوجد فيلم لا يستحق أن يفوز من بين الأفلام الفائزة، ولكن يوجد فيلم واحد كان يستحق الفوز بجائزة ما لكن قائمة الجوائز خلت منه تماما وهو الفيلم التشيلي "تشريح الجثث بعد الموت" Post Mortum. وربما كان هناك من الأفلام ما يستحق الفوز بجائزة أكبر أو أقل مما حصد بالفعل. مثلا الفيلم الفائز بالجائزة الذهبية (الأسد الذهبي)، وهو الفيلم الأمريكي "في مكان ما" ربما تكون الجائزة أكبر منه، فهو فيلم جيد لكن يوجد بالتأكيد ما هو أفضل منه كثيرا مثل الفيلم التشيلي الذي أشرت إليه أو الفيلم الروسي "أرواح ساكنة" (الذي أفلت من لجنة التحكيم أيضا ولم يحصل سوى على جائزة النقاد!).
وكانت الممثلة الفرنسية الجديدة إلينا لونسون، التي قامت بدور البطولة في فيلم "فينوس السوداء" لعبد اللطيف كشيش تستحق الحصول على جائزة أحسن ممثلة، فقد أدت الدور ببراعة، وتعرضت للكثير من التعريض بأعضاء جسدها، وتعلمت الرقص، وبذلت جهدا هائلا في مشاهد مؤذية نفسية لأي ممثلة، لكن اللجنة رأت منحها إلى ممثلة يونانية لم تبرع بشكل مميز بأس مستوى في فيلم "اتنبرو".
جائزة أحسن ممثل حصل عليها، الممثل الأمريكي فنست جاللو، وقد سبق ان قلت إنه يستحقها (قبل إعلان الجوائز بأيام) عن أدائه في الفيلم البولندي "القتل الضروري"، فهو الأداء الصعب، لأنه يعتمد على التعبير الصامت (من دون حوار) بتعبيرات الوجه والجسد، والنظرات والإيماءات.
وهناك جائزة لم أستوعبها أبدا ولا يبدو أنني سأقتنع بها وهي جائزة رمزية (أسد ذهبي خاص) لمخرج غير معروف خارج بلاده(بل وربما لا يعرفه أحد في بلده أيضا!) وهو الأمريكي مونتي هيلمان صاحب فيلم "الطريق إلى لاشيء" الذي لم أحبه على الإطلاق بل وجدته عملا مملا وساذجا ويخلو من اي شيء مثير للاهتمام.
في فوز صوفيا كوبولا (ابنة المخرج المخضرم) بالأسد الذهبي يرى البعض أن رئيس لجنة التحكيم تارانتينو قد جامل "صديقته" السابقة. وربما يكون هذا صحيحا. ولكن هل جامل أيضا المخرج الأمريكي المجهول بمنحه جائزة عن مسيرته السينمائية من خلال كل أعماله، بينما لم نعرف له أي إسهام فني بارز في تاريخ السينما، وقد أخرج 14 فيلما رغم أنه بدأ الاخراج عام 1959، ليس من بينها فيلم واحد من الأفلام التي استقرت في الذاكرة!
أما الفيلم الاسباني "أغنية البوق الحزينة" فهو يستحق ما حصل عليه بالفعل (جائزة السيناريو وجائزة الإخراج).
وعموما الجوائز ليست مقياسا للتفوق الفني كما عودتنا مسابقات المهرجانات دوما، والعبرة بما يبقى في ذاكرة التاريخ.
0 comments:
إرسال تعليق