من أهم ما عرض داخل مسابقة مهرجان كان السينمائي الفيلم الجديد للمخرج بيدرو ألمودوفار، طفل السينما الإسبانية المدلل، وصاحب الأفلام الجريئة والمثيرة للذهن والخيال، التي تحقق التوازن المستحيل بين الفن والرواج، بين الحصول على إعجاب النخبة، واقتناص إعجاب الجمهور في مستوياته العريضة.
هذا العام يعود "الساحر" الإسباني بفيلمه الجديد "عناقات مهشمة" Broken Embraces لكي يتحفنا بعمل يشع أصالة ورونقا وسحرا، ويعيدنا إلى "جوهر" السينما، أي القدرة على رواية قصة آسرة بطريقة بليغة وجذابة معا.
سيناريو الفيلم الذي كتبه كالعادة ألمودوفار، يدخلنا في دروب كثيرة متشعبة، ويتجه بنا إلى أعلى ذروة من ذرى الميلودراما السينمائية، لكن دون أن يجعلنا ننفر مما نشاهده، لأنه ينجح بكل بساطة، في جعلنا نصدقه، نتعاطف مع شخصياته، نفهمها ونقترب منها، ونشعر بأزمتها.
الماضي يتداخل مع الحاضر، الخيال مع الواقع، عالم السينما، مع عالم الفنان، ويشكلان معا نسيج هذا العمل السينمائي الذي يتجول داخل تضاريس الإبداع الفني ويقدم زوايا وشخصيات جديدة غير مألوفة في أفلام المودوفار.
المرأة ليست محور الفيلم هنا رغم أنها محور الأحداث، بمعنى أن الدراما تتفجر في الفيلم من خلال الصراع على قلب المرأة بين رجلين: رجل ثري (ماتيو بلانكو) يرغب في امتلاك قلب وجسد الحسناء "لينا" (التي تقوم بدورها بنيلوبي كروز) وهي ممثلة مبتدئة وعشيقة له اضطرت للعيش معه من أجل المال، ثم سرعان ما تقع في الحب بالفعل مع رجل آخر هو بطلنا ارنستو مارتل المخرج السينمائي.
بلانكو ينتج الفيلم الذي يخرجه مارتل من أجل عيون لينا، لكنه يغضب عليها بعد أن ترفض الانصياع لرغباته وتريد أن تقطع علاقتها به والعيش مع حبيبها الحقيقي، فيقوم بتدمير الفيلم عن طريق اعادة تكليف مونتير سينمائي باختيار أسوأ اللقطات والمشاهد ووضعها في الفيلم وحذف اخيتارات المخرج الأصلية. والنتيجة كارثة فنية وتجارية عند الافتتاح.
هذا العام يعود "الساحر" الإسباني بفيلمه الجديد "عناقات مهشمة" Broken Embraces لكي يتحفنا بعمل يشع أصالة ورونقا وسحرا، ويعيدنا إلى "جوهر" السينما، أي القدرة على رواية قصة آسرة بطريقة بليغة وجذابة معا.
سيناريو الفيلم الذي كتبه كالعادة ألمودوفار، يدخلنا في دروب كثيرة متشعبة، ويتجه بنا إلى أعلى ذروة من ذرى الميلودراما السينمائية، لكن دون أن يجعلنا ننفر مما نشاهده، لأنه ينجح بكل بساطة، في جعلنا نصدقه، نتعاطف مع شخصياته، نفهمها ونقترب منها، ونشعر بأزمتها.
الماضي يتداخل مع الحاضر، الخيال مع الواقع، عالم السينما، مع عالم الفنان، ويشكلان معا نسيج هذا العمل السينمائي الذي يتجول داخل تضاريس الإبداع الفني ويقدم زوايا وشخصيات جديدة غير مألوفة في أفلام المودوفار.
المرأة ليست محور الفيلم هنا رغم أنها محور الأحداث، بمعنى أن الدراما تتفجر في الفيلم من خلال الصراع على قلب المرأة بين رجلين: رجل ثري (ماتيو بلانكو) يرغب في امتلاك قلب وجسد الحسناء "لينا" (التي تقوم بدورها بنيلوبي كروز) وهي ممثلة مبتدئة وعشيقة له اضطرت للعيش معه من أجل المال، ثم سرعان ما تقع في الحب بالفعل مع رجل آخر هو بطلنا ارنستو مارتل المخرج السينمائي.
بلانكو ينتج الفيلم الذي يخرجه مارتل من أجل عيون لينا، لكنه يغضب عليها بعد أن ترفض الانصياع لرغباته وتريد أن تقطع علاقتها به والعيش مع حبيبها الحقيقي، فيقوم بتدمير الفيلم عن طريق اعادة تكليف مونتير سينمائي باختيار أسوأ اللقطات والمشاهد ووضعها في الفيلم وحذف اخيتارات المخرج الأصلية. والنتيجة كارثة فنية وتجارية عند الافتتاح.
عودة إلى الماضي
هذه الأحداث لا يبدأ بها الفيلم بل يبدأ من خبر موت بلانكو وتردد شخص يشك في أنه ابن الثري الراحل، على المخرج السينمائي مارتل الذي أصيب بالعمى الآن وأصبح يكتفي بالعمل ككاتب للسيناريو ويتخذ له اسم "هاري كين"، يريد هذا الشاب أن يخرج فيلما يكتبه له "كين" ينتقم فيه من والده وأفعاله!
وفي "فلاش باك" طويل أو ارتداد إلى الماضي، نعود لنشهد أحداث الصراع الذي وقع في 1992، ونرى كيف حقق بلانكو انتقامه من الحبيبين، بل وكيف أنه قد يكون أيضا وراء حادث السيارة الذي راحت ضحيته "لينا" الجميلة، وفقد مارتل نظره!
لكن الفيلم ينتصر في نهايته للمبدع السينمائي ويجعله يحقق انتقامه الشخصي من الشر ممثلا في بلانكو، بعد أن ينجح في انقاذ فيلمه وإعادة عمل المونتاج له بحيث يخرج كما كان يريده في الأصل!
السرد الخافت
أحداث وشخصيات عديدة أخرى في هذا العمل، الذي يهمس أكثر مما يصرخ، وينتقل من حكاية إلى أخرى، كعادة ألمودوفار في السرد، وبطريقة مشوقة، وأسلوب فيه طعم الكوميديا التي تنتج من المفارقات المضحكة.
الحوارات هنا قد تكون طويلة، ولكن الشخصيات تتكلم كما لو كانت تهمس لنفسها. ولقطات الكلوز أب القريبة تساعد على الإحساس بالشخصية بشكل مباشر، والكشف عن مشاعرها عن قرب.
والاستخدام الرصين الحذر للموسقى يساعد على التأمل دون أن يعيق الاندماج. هذا فيلم يصل إلى عمق المأساة الميلودرامية لكنه يتجاوزها، ليصبح أيضا احتفالا بالحياة.
في أفلام ألمودوفار الميلودرامية يمكنك أن تتوقع في أي لحظة أن يعثر البطل على ابن له مثلا في النهاية، كما يحدث هنا، فنحن نكتشف أن ابن مساعدة مارتل الشاب الذي أصبح متداخلا في الموضوع، والذي يستمع لأحداث الماضي كما يقصها عليه مارتل، ليس سوى ابن مارتل من مساعدته، التي لم تخبر مارتل بالحقيقة، بل ولم تخبر ابنها إلى حين تفجر المفاجأة في النهاية، وينتهي الفيلم بالخاتمة السعيدة.
الحوارات هنا قد تكون طويلة، ولكن الشخصيات تتكلم كما لو كانت تهمس لنفسها. ولقطات الكلوز أب القريبة تساعد على الإحساس بالشخصية بشكل مباشر، والكشف عن مشاعرها عن قرب.
والاستخدام الرصين الحذر للموسقى يساعد على التأمل دون أن يعيق الاندماج. هذا فيلم يصل إلى عمق المأساة الميلودرامية لكنه يتجاوزها، ليصبح أيضا احتفالا بالحياة.
في أفلام ألمودوفار الميلودرامية يمكنك أن تتوقع في أي لحظة أن يعثر البطل على ابن له مثلا في النهاية، كما يحدث هنا، فنحن نكتشف أن ابن مساعدة مارتل الشاب الذي أصبح متداخلا في الموضوع، والذي يستمع لأحداث الماضي كما يقصها عليه مارتل، ليس سوى ابن مارتل من مساعدته، التي لم تخبر مارتل بالحقيقة، بل ولم تخبر ابنها إلى حين تفجر المفاجأة في النهاية، وينتهي الفيلم بالخاتمة السعيدة.
فيلم واحد
ويمكن القول إن ألمودوفار يصنع فيلما واحد طيلة الوقت، رغم أنه لا يكرر الفيلم نفسه، بمعنى أن له طابعه وأسلوبه ولغته الخاصة بل وعالمه السينمائي المعروف بمفرداته الثابتة، لكنه يصوغ كل هذا من خلال "حبكة" جديدة، وحكاية مختلفة تماما عما سبق أن شاهدناه، دون أن يفقد قدرته على شد الانتباه وإثارة الفكر والخيال.
في "عناقات مهشمة" تبرز قدرة ألمودوفار على تجسد خياله من خلال السيطرة المدهشة على الأدء التمثيلي الذي يصل إلى أرقى مستوياته.
ولن يكون مدهشا إذا ما فازت بنيلوبي كروز بجائزة التمثيل في كان عن دورها في هذا الفيلم.
ويمكن القول أخيرا أن "عناقات مهشمة" تحية كبيرة إلى عمل المخرج السينمائي وإلى عالم السينما عموما.
ويعد الفيلم بأسره احتفالا بقدرة المبدع السينمائي على الابتكار والخيال حتى وهو أعمى.
وفي الفيلم إحالات سينمائية عديدة إلى أفلام من الخمسينيات ومن العصر الذهبي للسينما في هوليوود، وهي الأفلام التي يغرم بها ألمودوفار نفسه.
وفي الوقت نفسه هناك الفيلم داخل الفيلم الذي نتابع أيضا أحداثه، وهو الفيلم الذي يخرجه مارتل وتمثله لينا، وهو بعنوان "فتيات وحقائب"، ولعله يحيل في أكثر من زاوية، إلى نوع من كوميديا الأخطاء التي تتناقض بالتالي مع نسيج "عناقات مهشمة". ألمودوفار أحد الفائزين من قبل بالسعفة الذهبية، لكنه يبقى أيضا أحد المرشحين للفوز مجددا بها هنا في كان.
0 comments:
إرسال تعليق