السينما لم تمت بعد بل لاتزال حية بل وتحيا بشكل جيد. العروض السينمائية التي نشاهدها هنا في كان تؤكد ذلك. فيلم مثل "رحلات الريح" لسيرو جيرا من كولومبيا، بروعته وجمال منظره وسحر قصته التي تجمع بين صبي ورجل: الرجل صامت حزين فقد لتوه زوجته، والصبي يريد أن يساعد الرجل في بلوغ غايته، تشده إليه آلة الأكورديون التي يجيد الرجل العزف عليها لكنه لا يريد أن يعزف بل أن يعود إلى البلدة البعيدة عبر الجبال لكي يعيد الأكورديون إلى معلمه الأصلي كما وعده.
فيلم جميل من أفلام الطريق، يخوض خلالها الرجل والطفل بعض المغامرات: يشارك الرجل في مسابقة للعزف على آلة الأكورديون التي لها خصوصيتها، ولكنه يفشل، فلم يكن لديه عازف ايقاع ويتطوع الصبي للقيام بالدور لكن لا يستطيع، تستولي عصابة من الأشقياء على الاكورديون بعد أن يرفض الرجل العزف أمام كبيرها. وهو رجل يضع نظارات سوداء على عينيه. حزين على زوجته التي فقدها أخيرا، يبدو عازفا عن الحياة بينما يشده الصبي إليها.
الصبي يسعى بشتى الطرق لاستعادة الآلة الجميلة الأثرية، ويتعرض للموت من أجل ذلك، وعندما يدرك زعيم تلك الجماعة مدى اخلاصه لصديقه واستعداده للتضحية بحياته، يمنحه الأكورديون.
الإثنان يختلفان ويتشاجران، وينفصلان خلال الرحلة التي تمر في أرض وعرة وعندما يصلان إلى مبتغاهما يجدان أن "المعلم" قد مات، وأنه ترك وصيته بألا يدفن حتى يعود صديقه لأنه كان يعلم أنه حتما سيعود.
هذه سينما تتنفس شعرا ورقة وجمالا، تحتفي بالموسيقى، كما تحتفي بالصورة في شتى تجلياتها.
* المؤتمرات الصحفية التي تقام هنا في كان يوميا للمخرجين الذين يعرضون أفلامهم في المسابقة وفي قسم "نظرة خاصة" أصبحت القاعة التي تستضيفها تضيق بها. لم يتمكن الكثيرون من حضور مؤتمر المخرج الشهير كوينتين تارانتيو، الذي جاء ومعه كل أعضاء فريقه من الممثلين والممثلات، وأخذ تارانتينو يطلق ضحكات عصبية صاخبة بسبب وبدون سبب في معظم الأحوال. وكانت تجلس بجواره الممثلة الألمانية ديان كوجر الي قامت بدور بريدجيت دير هامرسمارك، الأستقراطية التي تتعاون مع الحلفاء ضد النازية. وأثناء المؤتمر نهض فجأة الممثل النمساوي الفذ كريستوف فالتز وطبع قبلة على خد تارانتينو!
أما براد بيت فقال كلاما مستهلكا مكررا كله مجاملات عن التجربة التي جمعت بين عدد من الممثلين من بلدان مختلفة معتبرا أن هذا شيء يحسب لتارانتينو، وأيضا احتفاظه باللغات الأصلية في الفيلم. الفيلم بالمناسبة معظمه ناطق بلغات غير الانجليزية ويمكن للجمهور الأمريكي متابعته عن طريق الترجمة المطبوعة وهو ما سيقلل كثيرا في رأيي من الاقبال التجاري عليه في السوق الامريكية.
0 comments:
إرسال تعليق