أعتبر الممثل أحمد حلمي ممثلا موهوبا، خصوصا في أدوار الكوميديا التي تقف على حافة التهريج، أي أنها ليست تهريجا مطلقا كما يفعل مثلا ممثل "اللنبي" محمد سعد، أو كوميديا محترمة كما يجسدها أي ممثل محترم ولا يشترط بالمناسبة أن يقول عن نفسه إنه ممثل كوميدي فقد كان رشدي أباظة مثلا ممثلا يقدم الكوميديا الى جانب كل الأدوار الأخرى، وينجح فيها، تماما كما كان شكري سرحان مثلا أو عمر الشريف وغيرهم.
أما أن يكون أحمد حلمي المتحدث باسم شباب السينمائيين الثوريين أو بمناسبة ثورة يناير وتكريمها في مهرجان كان بعرض فيلم "18 يوم"، فهو آخر ما كان متصورا.
لقد صعد أحمد حلمي ليلقي كلمة باللغة العربية جاءت اهانة للثورة المصرية العظيمة عندما أخذ يستخدم تشبيهات سوقية من الدرجة السفلى كأن يشبه الشعب المصري بأنه كالخيط لا يوحي بأنهه سينقطع ثم ينقطع فجأة، وليس مثل "الأستيك" الذي ... لا اعرف ماذا ولا اريد أن اعرف فقد شعرت بالخجل من هذه اللغة السوقية والتشبيهات التي تأتي انطلاقا من فرط تأثر صاحبها بكلمات الحوار الهابط في معظم الأفلام التي يمثلها والتي كما قلت، تقف على حافة التهريج!
وعندما أخذته الحماسة وكان يسري نصر الله يترجم له كلماته للغة الفرنسية، اخذ يردد أنه يلقي الكلمة بالعربية لأنه أولا لا يعرف أي لغة أخر سواها، وهو اعتراف بالجهل يحمد عليه، لكنه انبرى بلسان شوفيني وأفق ضيق يتصور أنه يلقي كلمته في حانة من حانات باب اللوق امام حشد من الحشاشين والسكارى من المستوى المتدني لعله يدغدغ مشاعرهم المحدودة، قال إنه حتى لو كان يعرف عشر لغات لما تكلم سوى بالعربية لأنها لغة مصر.. وكأن العربية أفضل من كل اللغات، وكأن مصر ولدت في التاريخ وهي تتكلم العربية، وكأن الجهل أخيرا، قد أصبح "قيمة" تدعو للتفاخر!
شعرت بالخجل ليس فقط من اطلاق مثل هذه التعبيرات غير الموفقة بل الغليظة، بل ولأن كلمات أحمد حلمي عادت لتردد التبرة الاستعلائية الممجوجة حول التفوق المصري العنصري، وتحسيس الآخرين، من غير المصريين الجالسين في المقاعد والذين جاءوا احتفالا بمصر في كان، بأنه ينتمون الى شعوب أدنى، لأن "العبقري" اعتبر أن ما تحقق في مصر يجب أن يركع له الجميع، وهذه النغمات الاستعلائية من الموروث الاعلامي لنظام مبارك، وكانت دائما محاولة من جانب النظام لستر الانكسارات والهزائم والتراجعات المتتالية.
والغريب أن أحمد حلمي الذي طرد من ميدان التحرير بسبب مواقفه امؤيدة لنظام مبارك، جاء يركب مثل آخرين، موجة الثورة، تماما كما فعلت الممثلة التي لا تخجل من نفسها المدعوة يسرا. وهنا اللوم يقع على عاتق المخرد الصديق يسري نصر الله الذي اسند اليها دورا في فيلمه الذي يعد أحد الأجزاء العشرة من هذا الفيلم عن ثورة يناير. وإحقاقا للحق أقول إن الفيلم الذي أخرجه يسري من أضعف أجزاء الفيلم وأكثرها برودة وافتعالا بل وفراغا فنيا، فليس هناك موضوع أصلا وأنت لا تفهم عم يحكي بالضبط، ومن هذه الشخصيات الغريبة التي تتحرك مثل الروبوت.. وما هذا الشاب الأشعث الشعر الذي يبدو وقد ولد في جبلاية قرود لكنه يتصرف كأرستقراطي ويتصل بمن يدعوه "عم عبده لكي يحضر ليكوي له ملابسه داخل الشقة لأنه يخشى الخروج للشارع بسبب انتشار البلطجية واللصوص.. وما هذا الفيلم الذي يتوسع في الحديث عن اللصوص فيما الحديث عن الثورة ضئيل جدا في سياقه. وما الذي جاء بمنى زكي في هذا الفيلم لكي يجعل منها بطلة جماهيرية تصر رغم أنف زوجها الأشعث، على النزول للتحرير!
0 comments:
إرسال تعليق