أمير العمري
لاشك أن أفلام الجيل الجديد من المخرجين المصريين مثل إبراهيم البطوط وأحمد
عبد الله وهالة لطفي ونادين خان، نجح في فرض الفيلم المصري الجديد على مهرجانات
السينما العالمية، ليس فقط لأنها أفلام "مختلفة" عن أفلام التيار العريض
السائد في السينما المصرية، ولكن أساسا، لأن هؤلاء السينمائيين يحاولون قطع أي صلة
لهم مع أسلوب التعبير الدرامي المعروف في الأفلام المصرية التي يعرفها نقاد الغرب
المهتمين بدراسة السينما غيرالناطقة بالإنجليزية، وخصوصا افلام ما يسمى
بـ"العالم الثالث".
كانت مهرجانات الغرب ترفض – على سبيل المثال- ما كنا نعتقد أنه أفضل ما
لدينا، مثل "الكيت كات" و"البحث عن سيد مروزق"
و"الحريف" و"زوجة رجل مهم" و"فارس المدينة"، وكلها
أفلام حديثة، تصور الواقع المصري الحديث في المدينة المصرية المعاصرة "الكوزموبوليتانية".
لكنها أصبحت الآن ترحب بهذا النوع الآخر من الأفلام التي تدور على مستوى الشريحة
السفلى في المجتمع، مجتمع الهامش لا المتن، الحرمان والفقر والفاقه والغربة
الاجتماعية والنفي من الحياة ومن المجتمع. فما الذي حدث؟
لاشك أيضا أن هذا الجيل الجديد من المخرجين، الذي أشرنا إليه، قد استفاد من
ذلك الاهتمام "الغربي" الإعلامي والسياسي غير المسبوق بما يحدث في مصر
خلال الفترة الأخيرة منذ أحداث يناير 2011 وما أعقبها من تقلبات سياسية ساخنة
لاتزال مستمرة حتى اليوم، وهو إهتمام إمتد بلاشك، إلى السينما وتحديدا إلى تلك
"الموجة" من الأفلام التي تتخذ من الأحداث السياسية الأخيرة إطارا عاما لها،
أو تبحث فيما قبلها أو بعدها، وتحاول خلال ذلك، الابتعاد عن صورة
"المدينة" الكوزموبوليتانية التي كان يهتم بها – على سبيل المثال-
كثيرا، جيل الثمانينيات في السينما المصرية وعلى رأسهم محمد خان وداود عبد السيد
ورأفت الميهي، والخروج منها إلى الأطراف او الهوامش التي تبدو حياة المصريين فيها
أقرب إلى "اللامعقول" حتى بالنسبة للكثير من المصريين أنفسهم ممن هم
بعيدون عن تلك الأحياء التي لم يعد يصح أن يقال لها "الشعبية" بعد أن
تدنت سبل العيش فيها وأصبحت أقرب إلى الخرائب والأطلال رغم احتفاظها بآثار القدم
والتاريخ فيما بقى من عمارتها، وهو جانب آخر يشد الغربيون من مدمني "المدن
العتقية" حتى لو كانت قد أصبحت مكانا يتجاور فيه الأحياء مع الأموات بشكل
عضوي واضح!
إلكترو شعبي
في الدورة الـ57 من مهرجان لندن السينمائي (9- 20 أكتوبر) شاهدنا أولا فيلم
"إلكترو شعبي" وهو فيلم تسجيلي من إخراج التونسية هند مضب التي تبحث فيه
عن نشأة وانتشار الغناء الشعبي الجديد في مصر (الذي يشبه الراب الغربي في بعض
الجوانب) وبدأته مجموعة من الشباب في أحياء القاهرة الفقيرة التي تنعدم فيها
الخدمات وتنتشرالبطالة ويتراكم البؤس.
0 comments:
إرسال تعليق