سنظل تحسب وندقق وننظر للأفلام، مكوناتها وأنواعها ومساراتها، وسنظل نتأمل في السينما كفن: كيف تكون، وماذا يجذبنا فيها، وما الذي ينبغي فعله لكي تصبح السينما أداة ثقافية وفكرية وفنية تقوم بدور في تشكيل وجدان الإنسان العربي. لكننا لن نستطيع أبدا أن نحيط تماما بمكنون السينما، جوهر سحرها وسرها رغم إدراكنا لما يميز فيلما عن غيره، وما يميز مخرجا عن سائر المخرجين.
السينما ماتت! كانت تلك صيحة أطلقها البعض، بعد انتشار وطغيان التليفزيون، ثم بعد انتشار الفيديو وأخيرا في عصر الانتشار الهائل للانترنت، أو ما أطلق عليه "عصر كل إنسان لنفسه".. غير أن السينما أثبتت أنها لاتزال فنا يمكنه أن يجمع البشر معا مجددا في قاعة العرض السينمائي، أو أن هذا ما أثبتته الدورة السابعة لمهرجان دبي السينمائي التي انتهت أخيرا.
* حوارات كثيرة دارت بيني وبين عدد كبير من السينمائيين أخيرا وتركزت حول هذا العصر الذي نعيشه مقارنة بالماضي، كيف أصبح، وما الذي تغير. وكان رأيي اننا بكل أسف، اصبحنا نعيش عصر الفرقة بعد أن كنا نحيا عصر التجمعات، وأن كلا منا يجلس أمام جهاز الكومبيوتر موهما نفسه أنه بمفرده يستطيع تحريك العالم، والحصول على ما يريد. غير أن الحقيقة أننا لا نتحقق سوى بالآخر ومع الآخر، هذه حقيقة ثابتة منذ فجر الإنسانية. هل سيطول زمن الفرقة كثيرا؟ لا أدري!
* ما الذي يفتقده الجيل الجديد الحالي من السينمائيين عن جيلنا؟ سؤال طرحه علي أحد السينمائيين الأصدقاء في جلسة جمعت عددا من أهم السينمائيين في العالم العربي في رأيي. كان رأيي الذي قلته امام الجميع أنه على حين اننا كنا نتاجا لعصر نوادي السينما، فإن الجيل الحالي نتاج لعصر البحث الفردي الشاق عن المعرفة السينمائية، ولكن بشكل فردي وبعيد عن المناقشات والجدل الذي يخلق حوارا ممتدا يصبح رافدا مهما من روافد الوعي السينمائي.
* في الندوة الدولية حول النقد السينمائي التي شاركت فيها ضمن النشاط الثقافي المرموق في مهرجان دبي السينمائي قالت الناقدة الأمريكية ثيلما آدمز إن الناقد السينمائي الحقيقي في الولايات المتحدة أصبح عملة نادرة، وإن عدد نقاد السينما في نيويورك لا يزيد عن 35 ناقدا، وفي الولايات المتحدة كلها لا يتجاوز 200 ناقد، هذا في الدولة الهائلة التي تعرف أكبر انتشار للسينما في العالم. وهذه حقيقة قد تثير الكثير من الدهشة لدينا لأنني استطعت أن أحصي عددا يفوق المائتين من الذين وقعوا على بيان (للنقاد) بشأن السرقات التي يتعرض لها بعض نقاد السينما، صدر قبل عدة أشهر. وبكل أسف تبين لي فيما بعد أن الكثيرين ممن وقعوا على هذا البيان ليسوا من النقاد ولا من أصدقاء النقاد، بل من "لصوص النقاد".. وربما أضافوا توقيعاتهم على البيان إمعانا في النكاية بنا!
0 comments:
إرسال تعليق