كما كان متوقعا حصد الفيلم البريطاني "مليونير العشوائيات" أكبر عدد من الجوائز يحصل عليها فيلم بريطاني منذ "المريض الانجليزي" (1997) بعد فوزه بثماني جوائز رئيسية منها أحسن فيلم وأحسن مخرج وأحسن سيناريو معد عن أصل أدبي وأحسن تصوير.
وكما كان متوقعا أيضا حصلت الممثلة البريطانية كيت ونسليت (33 عاما) على جائزة أحسن ممثلة عن فيلم "القاريء" The Reader رغم ما تعرض له الفيلم من هجوم شديد من جانب المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة وعلى رأسها مركز سيمون فيزنثال وعصبة الدفاع اليهودية، متهمين الفيلم بتجميل النازية، والتماس العذر لبطلته (التي عملت حارسة في معتقل نازي في الماضي) لكونها أمية لم تكن تعرف القراءة والكتابة، وبالتالي- حسب تفسيرات تلك المنظمات اليهودية- لم تكن تستطيع أن توقع على أمر اعتقال 300 يهودي وترحيلهم إلى مصيرهم، وهو ما رأوا فيه نوعا من تخليص الألمان من الخطيئة التي ارتكبوها في حق اليهود!
معظم الجوائز الأخرى بعد ذلك جاءت متوقعة بما فيها جائزة الممثل الثانوي (هيث ليدجر) والممثلة الثانوية (بنيلوب كروز).
أما المفاجأة فربما تتمثل في حصول شون بن على جائزة أحسن ممثل، لا لأن أداءه أقل من غيره، بل لأن أداء ميكي رورك في "المصارع" كان بارزا بدرجة كبيرة وسيطر على أذهان جميع من شاهدوا الفيلم، وكانت عودته إلى الأضواء بعد ابتعاد طويل جديرة من وجهة نظر الأوساط السينمائية الأمريكية بالترحيب خاصة وأن دوره في الفيلم يتماهى مع مسار حياته الشخصية خلال العقدين الأخيرين. وإن كان رأيي الشخصي أن الممثل الجدير حقا بالجائزة (في مسابقة أخرى تحكم المعايير الفنية وحدها، وتأخذ في الاعتبار القيمة الفكرية والفنية للفيلم وليس أي اعتبارات أخرى) هو العملاق الكبير فرانك لانجيلا الذي قام بدور ريتشارد نيكسون في فيلم "فروست/ نيكسون". لكن مؤسسة الأوسكار عادة ما تميل إلى تكريم الصناعة السائدة وليس الأعمال الفنية التي تتجاوز السائد. وربما كان الفيلم نفسه جديرا بجائزة السيناريو المعد عن أصل أدبي وجائزة الإخراج أيضا إن لم يكن أيضا أحسن فيلم، فهو في رأي كاتب هذه السطور أحسن الأفلام الخمسة المتنافسة على الجائزة.
داني بويل مخرج "مليونير العشوائيات"
والواضح أيضا أن "هوليوود" أرادت على ما يبدو توجيه رسالة سياسية واضحة تؤكد على "ليبراليتها" في المرحلة السياسية الجديدة تحت إدارة أوباما، وهي أنها تؤيد حقوق المثليين، وهو الموضوع الذي ناضل ومات من أجله هارفي ميلك الذي يدور حول شخصيته فيلم "ميلك" Milk ولذا ذهبت الجائزة إلى شون بن الذي فوجيء هو نفسه بها، لأنه يعرف أن أمامه عملاقين: ميكي رورك وفرانك لانجيلا.
ومن المفاجآت المحدودة أيضا خروج فيلم "الحالة الغريبة لبنيامين بوتون" من المسابقة بثلاث جوائز فقط (فرعية تقنية) وهو الذي كان مرشحا لأكبر عدد من الجوائز (13 ترشيحا).
ولعل المفاجأة الأخيرة في إعلان الجوائز أيضا تتمثل في حصول الفيلم الياباني "رحيل" Departures على جائزة أحسن فيلم أجنبي في حين أنه كان من المتوقع أن تذهب الجائزة إلى الفيلم الإسرائيلي "الرقص مع بشير"، وقد يكون تجاهل الفيلم الإسرائيلي قد خضع أيضا لتوازنات معينة، فهذا الفيلم اعتبر في نظر المنظمات اليهودية الأمريكية المتشددة فيلما يكشف "الضعف الإسرائيلي" وبالتالي لم يكن هناك ترحيب به. وفي مقابل منح كيت ونسليت جائزة التمثيل، تم اسقاط الفيلم الإسرائيلي، تجنبا لأن يقال أيضا أن هوليوود تكرم إسرائيل بعد كل ما وقع في غزة.. وكلها اجتهادات شخصية بالطبع. وكل أوسكار وأنتم بخير!
1 comments:
تسجيل حضور.. متابع لهذه المدونة المميزة قرابة الشهر لكن بصمت.
اتمنى الاستمرار فأنت بجد "رائع"
إرسال تعليق