الخميس، 19 فبراير 2009

عصر نهاية السينما


نتحدث كثيرا عن "السينما" كما لو كان صنع الأفلام أو إنتاجها هو الهدف المنشود وانتهى الأمر، بينما الحقيقة أن المشكلة تبدأ بعد الانتهاء من تصوير الفيلم، والبحث عن وسيلة لعرضه.إن المنفذ الطبيعي لعرض الأفلام في كل بلدان العالم يكون عن طريق ما يعرف بـ"دور العرض السينمائي"، والذي أصبح الآن يقال له "قاعات العرض" أو "الشاشات" بعد ظهور المجمعات السينمائية المتعددة الشاشات والقاعات.
هذه القاعات أصبحت عملة نادرة في البلدان العربية في حين أن من دونها يصعب الحديث عن "السينما"، ويتضاءل الحديث ليصبح عن "عرض الأفلام السينمائية على شاشة التليفزيون".. وهو مصير لا أتصور أن سينمائيا أو مخرجا للأفلام يسعى إليه أو يطلبه، فالقصد من التصوير بكاميرا السينما أن تعرض الأفلام على الشاشات الكبيرة في القاعات ودور العرض السينمائية، فهي لم تصنع حسب المواصفات الجماعية لشاشة التليفزيون.ولكن كيف ستوجد عروض سينمائية، أي منافذ لتوزيع الأفلام وعرضها على جمهورها الطبيعي بينما أصبح الجمهور نفسه يحجم عن التردد على دور العرض كما كان يفعل في الماضي بعد شيوع ثقافة أخرى ترده بعيدا عن السينما، وتحبسه داخل قناعات منها أن الاختلاط في الظلام يولد الشيطان، أو أن مشاهدة الأشكال المتحركة المجسدة رجز من عمل الشيطان، وأصبح أصحاب دور العرض أنفسهم، أو قطاع كبير منهم، يرى أن السينما "حرام"، وأن من الأفضل له أن يحول قاعة السينما التي يملكها إلى نشاط آخر يحصل على فتوى بمشروعيته من الدعاة الجدد أو القدامى، لا فرق!
الإحصائيات المتوفرة تقول لنا إن قاعات السينما تنقرض، فبعد أن كانت تونس تملك 120 قاعة تضاءل العدد وبلغ حاليا 14 قاعة فقط في تونس العاصمة.
وبعد أن كانت بغداد تحتوي 40 قاعة أصبح عددها الآن 5 قاعات تغامر بعرض الأفلام أحيانا!وكانت الجزائر قد ورثت عن "الاستعمار" الفرنسي 450 قاعة للعرض السينمائي، لكن العدد الكلي للقاعات تضاءل فبلغ حاليا 15 قاعة.. وليحيا الاستقلال!
وأصبح عدد القاعات في المغرب 72 قاعة بعد أن كان 250 قاعة عام 1980.
أما في مصر التي يبلغ عدد سكانها قرابة الثمانين مليون فلا يوجد أكثر من 230 قاعة للعرض السينمائي. وأصبحت هناك مدن مصرية كبيرة، كاملة بل ومحافظات بأسرها، تخلو تماما من دور العرض.
ما تبقى من الدول العربية (المنضوية تحت لواء الجامعة العربية) لا يزيد عدد قاعات العرض فيها عن 30 قاعة!عن ماذا نتكلم إذن.. وهل تشهد السينما نهايتها قريبا قي العالم العربي بينما تتوالد المهرجانات السينمائية وتزداد انتشارا، ربما تحت شعار"مهرجان سينما لكل شيخ قبيلة"!

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger