الخميس، 23 أبريل 2009

فيلم "واحد صفر": رؤية اجتماعية ساخرة معاصرة

من أفضل الأفلام المصرية التي ظهرت في الفترة الأخيرة فيلم "واحد صفر" للمخرجة كاملة أبو ذكري (ملك وكتابة، عن العشق والهوى). والسبب يعود إلى الأسباب التالية:
أولا: سيناريو الكاتبة الشابة مريم ناعوم المتماسك الذي يفضح ويكشف ويعري فساد الواقع بل وفساد البسطاء من الناس وأفراد الطبقة الوسطى الذين يحتالون جميعا بشكل أو بآخر من أجل الاستمرار في الحياة، ولكن لا يتعامل الفيلم معهم بقسوة بل بحب وتفهم، ويكشف السيناريو ولغة الإخراج والتحكم في أداء الممثلين، عن الجوانب "الإنسانية" في الشخصيات، بل إن طريقة المعالجة الساخرة الخفيفة تجعلهم يبدون وكأنهم يشتركون جميعا في لعبة واحدة لها قواعدها المشتركة التي يحترمها الجميع ويرتضون بها من أجل التحايل على جوانب الحياة الشاقة.
ثانيا: مازلنا في السيناريو أيضا، الهيكل العظمي للدراما أو العمود الفقري للفيلم، وهو هنا لا يعتمد البناء التقليدي الذي يروي قصة لها بطل أساسي وشخصيات فرعية، بل يقدم نماذج لشرائح اجتماعية متباينة ومتعددة تصل إلى نحو عشر شخصيات، تتداخل علاقاتها معا على نحو أو آخر، وتتشابك، لكي تصل إلى الذروة. وتدور الأحداث كلها في يوم واحد، هو يوم مباراة كرة القدم بين منتخب مصر ومنتخب الكاميرون في بطولة الأمم الإفريقية. ويتخذ الفيلم من هذا الحدث (الذي انتهى كما نعرف مسبقا بفوز مصر واحد صفر وحصولها على البطولة) "موتيفة" أو اللحن المتكرر الذي يجمع كل الشخصيات من كل الطبقات وعلى كل المستويات، ويجعلها تضل وتتوه وتتصاعد وتيرة رغبتها الهستيرية في الحصول على التعويض النفسي الجماعي عن طريق الانتشاء بتسجيل هدف أو الحصول على "النصر" في الملعب بينما يحصد الجميع كل الهزائم في الواقع. وعندما يأتي النصر في المباراة في نهاية اليوم، يكون الغطاء قد انكشف عن كل إفرازات الهزيمة الاجتماعية على بساط الحياة.

مسخرة
وبدلا من جعل هذا اليوم يوم فرح وانتصارات وتفاؤل وأمل يجعل منه السيناريو وأسلوب معالجة السيناريو سينمائيا من خلال الإخراج والأداء التمثيلي، نوعا من "المسخرة" فالجميع، الذين تبدو مصالحهم ومشاربهم متناقضة أو متفاوتة يتفقون على الاهتمام بالمباراة القادمة، ويتحسبون ويستعدون لها: ضابط الشرطة لا يهتم باجراء التحقيق المطلوب مع المذيع التليفزيوني الذي يتصور أنه يصدم بسيارته طفلا صغيرا هو حفيد سايس موقف السيارات بينما الحفيد يمثل تمثلية يتحايل من خلالها للحصول على تعويض مالي، ونيللي كريم الممرضة المحجبة وحبيبها العامل في محل الأطعمة الشعبية ينتقم منهما أمين الشرطة الفاسد بعد أن ترفض الفتاة الاستجابة له والذهاب معه متخلية عن موعدها مع الحبيب أو الخطيب المنتظر.
والمستشفى التي يتوجه إليها المذيع بالطفل الجريح (ولو تمثيلا وتحايلا) يتوقف تماما عن العمل وعن الاهتمام بتقديم الاسعافات اللازمة للطفل المصاب ولغيره من المرضى، فالكل في انتظار المباراة الكبرى.
وهناك العارضة "زينة"- شقيقة نيللي كريم - التي تحولت، على النقيض من شقيقتها، إلى مغنية للأغاني الشائعة التافهة وهي القادمة من بيئة شعبية (تقطن أحد الأحياء العشوائية) وتقبل بإقامة علاقة جسدية مع "حسين الإمام" منتج الأغاني المصورة (المعروفة بالفيديو كليب) رغم حبها بمساعد الكوافير (أحمد الفيشاوي). وهي تستغل الفرصة اليوم وتقدم أغنية من تلك الأغاني الهابطة التي تتغنى فيها بالمنتخب الوطني وبالحلم الوطني الكاذب، بالنعرة الوطنية الشوفينية التي يسخر منها الفيلم في هذا المشهد بشكل واضح وغير مسبوق في السينما عموما، مما يجعله يقول الكثير عن تدني شخصية الإنسان الفرد وتدني طموحاته.
يستغل الفيلم فكرة المباراة النهائية في البطولة الافريقية لكشف عورات المجتمع وما حدث له من تشوه، ليس من خلال شعارات أو كلمات كبيرة، بل من خلال نسيج العلاقات والتفاصيل الصغيرة بين الشخصيات.
المرأة "البلانة"- أي تلك التي تعمل على تجميل النساء في البيوت (تؤدي الدور انتصار في أفضل أداء على الإطلاق في الفيلم كله)- تحتال وتوهم زبوناتها من النساء بأنها تقدم لهم إحدى مواد التجميل "المستوردة" بينما هي تقوم بتركيب "الاختراع" بنفسها بخلط مواد بدائية تنتج عنها التهابات شديدة في الجلد كما نرى.
ابنها "أحمد الفيشاوي" مساعد الكوافير، يغش ويسرق معلمه صاحب المحل، ثم يسعى أيضا لسرقة الزبائن منه إلى المحل الذي يعتزم هو افتتاحه لحسابه.
المذيع التليفزيوني خالد أبو النجا (المسيحي) الذي أدمن الخمر ربما هربا من شعوره بالتوتر بسبب مشكلة إلهام شاهين التي تكبره في السن والتي أقام معها علاقة جسدية، والتي تحمل منه دون أن تنجح أبدا في الحصول على الطلاق من زوجها بسبب تعنت الكنيسة ورفضها الطلاق حسب قوانينها الخاصة العتيقة.
وهكذا تدور الأحداث وتتشابك وصولا إلى حالة النشوة التي تشبه الغيبوبة الكاملة بفوز منتخب كرة القدم، وكأن لا شيء يحدث سوى الاستغراق في مزيد من الأوهام.. أوهام المجد والنصر بينما الجميع يواصلون الاحتيال على بعضهم البعض.

روح الفيلم
ولاشك أن كاملة أبو ذكري نجحت في تجسيد السيناريو، ونجحت في إضفاء طابع الكوميديا الاجتماعية على فيلمها. وهذا النوع عادة ما يرتبط بالمبالغات وبالتصوير الكاريكاتوري للشخصيات، لكنها نجحت في تجنب المبالغات رغم بعض المغالاة أحيانا كما نرى في المشهد الذي يسخر فيه المذيع من المغنية ويهينها، أو كما في مشهد الحافلة عند تصوير رد فعل الناس بعد محاولة رجل اغتصاب "انتصار" أمام الجميع بعد تلامس جسدي مثير. وإن كانت المخرجة نجحت في تركيب المشهد منذ البداية بحيث تجعل انتصار أيضا تكاد تستجيب، كامرأة وحيدة وهبت نفسها سنوات طويلة لتربية ابنها الوحيد، لنداء الرغبة، أو على الأقل تسرح بفكرها في ثنايا الشوق إلى لحظة لقاء جسدي من خلال لقطات "الفلاش باك" قبل أن تستفيق على الفعل الخشن من جانب الرجل الجالس إلى جوارها وتعود إلى التمسك بل والمغالاة في التمسك بالمفهوم الاجتماعي السائد لفكرة "الفضيلة".
هذا المشهد الجريء الذي يقتحم المسكوت عنه، جنبا إلى جنب مع تصوير العلاقة بين "إلهام شاهين" المنفصلة دون طلاق عن زوج لا تريده، والتي تصارع الكنيسة للحصول على حقها في الزواج ممن تحب، وترفض اللجوء إلى الإجهاض للتخلص من الجنين، كما ترفض تغيير دينها واعتناق الإسلام كما يقترح محاميها، ضمانا للحصول على الطلاق، وهو ما يجسد التناقض الكائن داخل الكنيسة كرمز من رموز المؤسسة الاجتماعية القائمة، التي تدعي ظاهريا، المحافظة على القيم، فيما تحول بتمسكها بالقوانين العتيقة بين المرأة والحصول على حقها الطبيعي في إقامة علاقة شرعية مع من تحب.
هذا الجانب في الفيلم، الذي لا يحتل سوى مساحة صغيرة، هو الذي أقام الدنيا ولم يقعدها، بعد أن رفع البعض دعاوى قضائية ضد الشركة المنتجة والمخرجة والممثلة، علما بأن كاتبة السيناريو مريم ناعوم تنتمي لأسرة مسيحية وتعرف عما تتكلم. وما المانع إذا كانت تدعو في فيلمها إلى تغيير التقاليد والقوانين العتيقة البالية لصالح الإنسان.. وهل جاء الدين لمعاقبة الإنسان أم لوضع أسس لسعادته في الدنيا والآخرة!

الفيلم كله مصور باستخدام الكاميرا الحرة المحمولة على الكتف بغرض إضفاء الواقعية على الشخصيات والأحداث، لكن هناك إفراطا، في مشهد أو اثنين، في استخدام الحركة الأفقية السريعة pan من اليسار لليمين وبالعكس، للانتقال بين شخصيتين تتحاوران بطريقة تعكس قدرا كبيرا من التوتر الذي لا يخدم هدفا، ولا يجسد فكرة بل يشتت المتفرج ويجعله يشعر بالاصطناع الواضح في تحريك الكاميرا. ولا أدري ما الذي يدفع كاملة أبو ذكري إلى هذا النوع من المراهقة التقنية في استخدام الكاميرا!
ولعل من المآخذ التي يمكن رصدها على الفيلم أيضا جنوحه إلى المغالاة في الشرح وإلى إضفاء منطق على الأشياء، بينما في هذا النوع من الأفلام تحديدا (الكوميديا الاجتماعية) لا تكون هناك حاجة إلى الشرح والتفسير والتبيان. ولعل مشهد المواجهة بين الهام شاهين ومحاميها مثال على ذلك، فهو كله مبني على اللقطات المتوسطة المتبادلة عن طريق القطع، والحوار الذي تردده الشخصيتان هو حوار مصطنع يذكرنا بالحوار في المسلسلات التليفزيونية، أي حوار يبدو مقتبسا من الكتب والمقالات، لكي ينقل للمشاهد أكبر قدر من المعلومات. وهو بالتالي نموذج للحوار غير السينمائي الذي يجب أن يتميز بالتلقائية والبساطة والتناسب مع طبيعة الشخصية التي تنطق به.
ويتميز الفيلم بإيقاعه السريع المتدفق، وبانتقالاته السلسة بين الشخصيات، وبمنحها جميعا مساحات جيدة، رغم أن شخصية الممرضة (نيللي كريم) تختفي لبعض الوقت قبل أن تعاود الظهور. ولا يهبط الإيقاع سوى في المشهد الذي يتوقف أبو النجا فيه على بوابة المستشفى في انتظار أن يفتحه له الحارس ليدخل بسيارته وهو مشهد لا حاجة ليه في السياق.
الأداء حماسي من جانب الجميع باستثناء أداء خالد أبو النجا في دور المذيع. والحقيقة أن خالد يؤدي الدور كما يؤدي كل أدواره في سائر الأفلام التي يمثلها، أي بنوع من التكاسل والآلية والتهام مخارج الحروف والكلمات. وأظن أنه في حاجة إلى تدريب شاق على النطق وعلى الأداء التمثيلي باستخدام صوته، حتى يمكنه الابتعاد عن النمطية. فالملاحظ أنه لا يتعلم شيئا من كثرة ظهوره في الأفلام وهي آفة لا علاج لها إلا بالخضوع للتدريب إذا كان حقا يريد أن يواصل ويصبح ممثلا حقيقيا.
لا يبتعد الفيلم بالتأكيد تماما عن السينما السائدة، لكنه يسعى بجدية إلى تجاوز قوالبها وحبكتها وأبنيتها الفنية، ويعكس بروحه الساخرة "رؤية" حارة وصادقة لأصحابه، ستنجح، إذا أتيح لها أن تمتد على استقامتها، في تجاوز السمات التقليدية للفيلم المصري.
ويبقى أهم ما في الفيلم روحه المعاصرة التي تتكلم عن أناس وأشياء يعرفها المشاهد جيدا حقا، لكنه يراها في سياق العمل الفني كما لو كان يراها للمرة الأولى.. وهذا هو سحر السينما.

9 comments:

مجنون سينما يقول...

أتفق معك على المشكل في مشهد إلهما شاهين مع المحامي الذي كان أطول من اللازم..ولكني شخصياً أعجبت بأداء خالد أبو النجا خاصةً في مشهد البداية..حتى بلاهة زينة عرفت كاملة أبو ذكري تستخدامها داخل سياق الفيلم..

أمير العمري يقول...

الأخ مجنون سينما.. أنا سعيد بعودنك إلى التعليق حول ما أكتب ولو اختلفنا فالكتابات وجدت لكي يختلف حوالها القراءوخصوصا عندما يتعلق الأمر بالذائقة الفنية.. التمثيل تحديدا موضوع يخضع كثيرا لذوق الناقد الشخصي أكثر من تعامله مع منقاييس علمية ومنهجية باردة.. أنا أجد خالد أبو النجا ممثلا من النوع النمطي، صوته سطحي تماما مثل حسين فهمي، فهو أيضا ممثل سطحي مفتعل.. وأجد أن أبو النجا ربما يكون قيمته الوحيدةعند كثير من المخرجين الذين يستخدمونه في افلامهم (ومنهم محمد خان في فيلم "شقة مصر الجديدة"- وكان في رأيي أيضا أضعف حلقة في الفيلم، انه يعكس شريحة من شباب الطبقة الوسطى في مصر الحالية يتكلمون وكأنهم يلوكون الطعام في أفواههم، وبسرعة وبطريقة ذات نغمة واحدة.. سطحية خالية من التعبير، وهذا رأيي المخلص والمتجرد من أي هوى!

كريم علي يقول...

انا يمكن متابع جيد للمدونة ،، كقراءة يمكن ده اول تعليق ليا

يمكن اللي شدني المرادي كلامك عن خالد ابو النجا ،، انا شايف انه ممثل كويس في الادوار اللي بتنسبله ،، محصور في دور معين مع اختلاف الوظيفة ،، الشاب الشيك ، الامور ، الهادي ، الفلوس بالنسباله مش مشكلة ، ابن ناس ، ولا مانع من العلاقات الجسدية ،، في شقة مصر الجديدة ، حرب اطاليا ، ملك و كتابة ، حب البنات ، مواطن و مخبر و حرامي ،،،

يمكن ظهر في سهر الليالي مختلف الي حد ما عن باقي ادواره ،، شوفته مختلف لان الدور المكتوب ليه مختلف ،، مش لانه قدمه بشكل مختلف

قصدت اقول اني موافقك جدا انه محتاج يغير في ادائه و ينوع علشان يقدم ادوار مختلفه و ميتحبسش في دور واحد ،، بس ده ميقللش منه ولا من حقيقة ان ه كان مميز و مناسب جدا في الادوار اللي قدمها في يمكن اغلب افلامه قبل كدا و السبب يمكن ان كل الادوار السابقة اللي بتكلم عليها كانت تقريبا قريبة اوي من بعضها ،، و يمكن هيا شخصيته


بشكرك

Galila يقول...

أتفق معك تماما في مشهد ألهام شاهين و المحامي..فقد جاء static جدا و طويل و شرح المشكلة كما تفضلت حضرتك و أشرت كأننا نقرأها في جريدة .. مع إنها مشكلها كان من الضروري أن تقدم بنعومة لأهميتها. كذلك هناك شيء لم أكن أفهمه و هو إن إلهام شاهين تحدثت عن موضوع حملها أمام نيللي كريم و الخادمة و كأنه شيء عادي أن تكون حامل دون زواج. بالإضافة لمشهد عايدة رياض مع إلهام شاهين .. أري إنه لم يضف شيء. و أضم صوتي لحضرتك إن إنتصار قدمت أفضل دور في الفيلم و وأفضل أدوارها في الأطلاق.. و أتذكر المشهد عقب خروج إبنها و هي تبكي و تصرخ ثم يرن هاتفها فترد عليه .. بجد مشهد رائع.

Omar Manjouneh يقول...

واحد-صفر فى رأيى هو أفضل ما قدمته كاملة أبو ذكرى حتى الان (يقال أنها قد شاركت فى كتابة السيناريو أيضا) , الاداء التمثيلى بشكل عام هو على مستوى عال هنا وبالنسبة لخالد أبو النجا فهو يقدم أفضل اداء له هنا وان كان لم يصل بعد للمستوى المطلوب كما تفضلت وذكرت ,مشهد مطاردة الشرطة لتجّار المخدرات يذكرنى من حيث التنفيذ بمشهد مطاردة الدجاجة من الفيلم البرازيلى (مدينة الله),أيضا أتفق مع حضرتك فى طريقة توظيف أغنية زينة بالفيلم , قدمتها كاملة بشكل مميز فعلا , لكنى أرى أن الجانب الخاص بمشكلة السيدة المسيحية كان أسوأ ما بالفيلم شعرت كأنه دخيل تماما على الأحداث , مجرد صياح وانفعال فحسب, الا أن الفيلم يبشر بمخرجة واعدة جدا فى المستقبل ويؤكد نظرتى لمديرة التصوير نانسى عبد الفتاح. تحياتى أستاذ أمير
عمر منجونة

غير معرف يقول...

أتفق معك يا أستاد أميرعلى جودة سيناريو فيلم (واحد صفر) ..فهو رغم بساطته يعرض شخصيات حية تنبض بالمشاعر حتى و ان كانت غير قادرة على التعبير عنها ، هو يطرح الواقع بقسوته و ألمه برقة لا أعرف لها مصدرا سوى موهبة حقيقية و قدرة اشترك فيها معها كل عناصر الفيلم لخلق سينما ممتعة خلقت بدورها فى نفوسنا بعد المشاهدة حالة من الشجن و التساؤل الساخر عن سر الشخصية المصرية التى لم تفقدها "مرارة العيشة" و قسوة المجتمع و السلطة و القانون رغبتها فى الحياة و الحلم و الانتصار و الفرحة..
"انتصار" رائعة ،ممثلة بجد قدمت دورها بصدق شديد ، و كأنها واحدة من الاف السيدات المصريات اللاتى يحملن أعباء الدنيا فوق أكتافهن ، بينما تنضح وجوههن بما تعانيه كل واحدة من كبت و ضعف و شهوات مخنوقة ،"أحمد الفيشاوى" و "نيللى كريم "أيضا تميزا جدا فى دورين تأخر تقديمهما على الشاشة رغم أنهما ممثلان فى المجتمع بنسبة كبيرة..
أما فيما يخص "الهام شاهين" فأنا أحترم فيها أولا قبولها للدور رغم صغر المساحة ،و أحترم فيها أيضا تجاعيد وجهها الأنيقة التى لم تتخلى عنها الى الان ، و التى تضيف الى حرفيتها أداة مهمة، و لكنى أعتقد أنه لولا الضغوط التى يواجهها صناع السينما من المؤسسات الدينية لظهر دور "الهام" أو بمعنى أصح قصتها بصورة أجمل، فمثلا مشاهدها مع المحامى كانت للتأكيد على كونها مسيحية مخلصة ترفض مقاضاة الكنيسة أو اعتناق الاسلام.و الحقيقة أنا لا أعرف الى متى يظل رجال الدين و المثقفون يتعاملون معنا-نحن المشاهدين-على أننا سدٌج أو مغيبين عن واقعنا و مشكلاتنا ، أو أن فيلم أو كتاب..الخ لديه القدرة على زعزعة معتقداتنا الدينية ،فطلاق الأقباط مشكلة حقيقية تواجه الكثير من المصريات، على السينما فقط أن تقدمها دون حلول أو مواعظ..

Amir Emary يقول...

تحية خاصة إلى الأستاذ عمر منجونة الذي يواصل تواصله مع هذه المدونة بكثير من الاهتمام والود والآراء الثمينة التي أقدرها كثيرا لأنها تساهم في إحياء الحوار حوا القضايا السينمائية التي تهمنا جميعا بدون ادعاء أو تحذلق.
وتحية كبيرة إلى القاريء الرائع (غير معرف)- ولا أعرف لماذا لم يكتب لنا اسمه- الذي كتب تعليقا بديعا على فيلم "واحد صفر" بلغة مكثفة ومعبرةتحمل هما واضحا يتعلق بالتغيرات الكارثية التي يشهدها المجتمع في مصر، وتحية له على تشاركنا من خلال كلماته، في الهموم المتعلقة بالوطن. وأرجو أن نتعرف أكثر عليك لو كتبت حتى رسالة مباشرة عبر البريد الالكتروني الخاص بي وهو amarcord222@g,ail.com

ياسمين أسامة يقول...

تحياتى يا أستاذ أمير ..أنا مبسوطة جدا ان تعليقى على مقال حضرتك عن فيلم واحد صفر عجبك..بس حكاية "غير معرف" دى كانت غير مقصودة

مجنون سينما يقول...

بعد إذنكم سأعود إلى نقطة خالد أبو النجا وموضوع كونه محصور في أدوار من نمط واحد..في النهاية المخرجون والمنتجون هما اللى بيعرضوا عليه الأدوار دي..وللأسف صار هناك استسهال في الكاستنج في الأفلام لأن أساساً أغلب سيناريوهاتنا مبنية على شخصيات نمطية فبالتالي الكاستنج للممثلين بيتعمل بالشكل دا...وأنا شخصياً أعمل مساعد مخرج وألاحظ أن المخرجين لا يحبوا أن يجربوا شىء جديد مع ممثل بل في أغلب الأحيان يستدعونه للقيام بشخصية نمطية أثبت من قبل بأنه يجيدها. مثلا عايزين واحد بلطجي نجيب باسم سمرة، عايزين واحد رجل أعمال طب هاتوا عزت أبو عوف، عايزين واحد شاب روش طب هاتوا فيشاوي فبالتالي الممثل بيتحصر في دور معين..نقطة أخرى ألا وإنه طبيعي في مجتمع تختلف فيه ثقافة الشخص ومظهره الخارجي حسب الطبقة التي ينتمي إليها أن يحدث هذا..فبالرغم من براعة أي ممثل إلا إن هناك خصائص (طريقة النطق والحركة والكلام) لا يمكن أن يتجاوزها ممثل بسهولة بل ولا يحاول معه المخرج المصري أن يفعل ذلك أصلاً..

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger