الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

حول موقف الوفد المغربي في مهرجان أبو ظبي السينمائي


لقطة من فيلم "أياد خشنة" لمحمد العسلي


صدم زملاؤنا وأصدقاؤنا من السينمائيين والنقاد الحاضرين في مهرجان أبو ظبي السينمائي بعد إعلان نتاج مسابقات الدورة الخامسة من المهرجان التي اختتمت السبت الماضي.
جاءت السينما المغربية إلى أبو ظبي بخمسة من أفلامها الروائية الطويلة معظمها كما نعلم جميعا، من الإنتاج المشترك (مع فرنسا تحديدا) بل ومنها فيلم مثل "رجال أحرار" من الإنتاج الفرنسي بالكامل دون أي مشاركة مغربية، ولكنه لمخرج مغربي متميز هو اسماعيا فروخي صاحب التحفة السابقة "الرحلة الكبرى" قبل سبع سنوات.
من بين كل من فازوا بالجوائز التي يبلغ عددها 42 جائزة (!) في هذا المهرجان السخي ماليا (يمنح المهرجان مليون دولار بالتمام والكمال للفائزين من صناع الأفلام) أقول من بين الفائزين جميعا لم يحصل سوى اسماعيل فروخي على جائزة أحسن مخرج عربي في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ومقدارها 50 ألف دولار. ولكن فيلمه "رجال أحرار" لم يفز بالجائزة الكبرى بل فاز بها أجمل وأكمل أفلام المسابقة بالفعل وهو الفيلم الفرنسي "دجاج بالخوخ" لمارجان ساترابي وهو الفيلم الذي كان جديرا بالفوز بالأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا من وجهة نظر كاتب هذه السطور، كما ورد خلال تغطيتنا لمهرجان فينيسيا.
المشكلة أن المغرب حضر بمجموعة متميزة من الأفلام دون أدنى شك، ومنها ما كان جديرا بالفعل بالحصول على جائزة أو أكثر مثل الفيلم البديع "أياد خشنة" لمحمد العسلي. وكان من المتوقع أن يحصل هذا الفيلم نحديدا على جائزة أفضل فيلم في مسابقة "آفاق جديدة" التي نعيب عليها أن تعرض فيلما بهذا المستوى لمخرج كبير مثل العسلي في هذا القسم وليس في المسابقة الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة، والسبب يعود الى أن "آفاق جديدة" مخصص لعرض الأفلام الأولى والثانية للمخرجين.
لكن المهرجان ولجانه المتخصصة ارتكبت خطأ كبيرا عند اختيار فيلم "على الحافة" المغربي أيضا للعرض في المسابقة الرئيسية رغم كونه الفيلم الأول لمخرجته ليلى كيلاني!


لقطة من فيلم "رجال أحرار" لاسماعيل فروخي


هذا التناقض يعكس نوعا من الاضطراب الناتج عن فكرة غير مطبقة في أي مهرجان وهي تخصيص مسابقة خاصة للأفلام الأولى والثانية للمخرجين، في حين أن من الأفضل ادماج هذا النوع (إذا جاز التعبير) ضمن قائمة أفلام المسابقة الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة بغض النظر عن كونها الأولى أو الثانية او لمخرج سبق له اخراج أكثر من ثلاثين فيلما.
في هذه الحالة تمنح لجنة التحكيم جائزة لأفضل فيلم أول لمخرجه. ويعامل الفيلم الاول عادة معاملة أي فيلم آخر، وهو ما يحدث في كبرى المهرجانات السينمائية في العالم.
ومن أسباب غضب الوفد المغربي أيضا ليلة الختام، منح جائزة أحسن ممثلة (بالمناصفة) للممثلة التي قامت بدور البطولة في الفيلم الاسباني "دموع الرمال" وهو الفيلم الذي أثار احتجاج الوفد المغربي على عرضه في المهرجان بسبب تبنيه لفكرة أن اقليم الصحراء الغربية يجب أن ينال الاستقلال عن المغرب وانه ليس جزءا من التراب المغربي (كما تعتبره كل الأحزب والكتل السياسية في المغرب من اليمين إلى اليسار).
وقد علمت أن المهرجان استجاب لطلب الوفد المغربي بسحب الفيلم من مسابقة "آفاق جديدة" بعد أن قيل للقائمين على المهرجان هل تقبل دولة الامارات فيلما ايرانيا يدافع عن اعتبار الجزر الثلاث التي استولت عليها ايران في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، جزرا "فارسية" يجب أن تتبع ايران!
غير أن عدم ابلاغ المهرجان للجنة التحكيم بسحب الفيلم أدى على ما يبدو الى حصوله على جائزة أحسن ممثلة. أما اذا كان المهرجان قد اكتفى بتهدئة المغاربة فقط وأبقى على الفيلم في المسابقة فهذا يعد نوعا من الاضطراب المربك حقا، ويصبح من حق المغاربة الاحتجاج على هذا التخبط.
الجوائز عند كاتب هذه السطور، لا قيمة لها ولم تكن أبدا، مقياسيا حقيقيا لقيمة الفيلم الفنية. وبالتالي لا ينبغي البكاء على ضياعها فالفيلم الجيد يبقى شاهدا على نفسه، ويدخل تاريخ السينما في بلاده بقيمته الفنية وليس بما حصل عليه من جوائز في المهرجانات.

الخميس، 20 أكتوبر 2011

نحو مهرجان سينمائي في أبو ظبي أكثر إحكاما وأقل ازدحاما بالأفلام




أكتب هذه الكلمة وأنا من المحبين لمهرجان أبو ظبي. لماذا؟ لأنه نجح في دعم الأفلام العربية ويواصل مشواره مع مهرجان دبي في دعم الأفلام الفنية العربية تحديدا أي تلك الأفلام المستقلة بمعنى استقلاليتها عن شركات الانتاج الكبيرة التي تضع عادة شروطا "تجارية" مسبقة أو وصفة يجب أن تتوفر للفيلم الذي ترحب بتمويله أو انتاجه، وكذلك شركات التوزيع السينمائي في العالم العربي صاحبة السمعة السيئة في الهبوط بالفيلم الذي ينتج في البلدان المنتجة للأفلام والتي تلقى توزيعا في السوق العربية.

مهرجان أبو ظبي يسعى أيضا إلى أن يكون احتفالا بفن السينما بجميع أنواعها، أي أنه ينفتح على كل أنواع الأفلام. وقد أضافوا هذا العام تقسيمات في دليل أفلام المهرجان يقسم الأفلام المشاركة حسب النوع، فهناك الأفلام الميلودرامية والرياضية والكوميدية والاجتماعية والمثيرة بل وهناك أفلام تقع تحت أفلام النساء وأفلام الـ"موكوكوميدي" وأفلام الفكاهة السوداء وأفلام البيئة وأفلام "الانعطافات" حسب تقسيم القائمين على هذا الدليل!

لكننا رأينا أيضا رغبة واضحة في التوسع الكبير في أقسام المهرجان دون أي معنى أو هدف سوى حشد أكبر عدد ممكن من الأفلام وتصنيفها ضمن هذه الأقسام.

ولعل الملحوظة الأولى تكمن في وجود عدد كبير يستعصي على الفهم للمسابقات (5 مسابقات تحديدا) مما يفقد فكرة التنافس معناها في الكثير من الأحيان، فمثلا لماذا تخصص مسابقة مستقلة للأفلام الأأولى والثانية للمخرجين في حين أن من الممكن استيعاب أفضل هذه الأفلام في مسابقة الأفلام الروائية، ولماذا التفرقة بين الروائي والوثائقي في حين أن الفروق بينهما تتضاءل تدريجيا والعالم كله أصبح الآن يضم الوثائقي الى المسابقة المخصصة للروائي!

ثالثا لماذا الاصرار على تنظيم مسابقة لأفلام الامارات في حين أن هذه المسابقة مكانها الحقيقي والطبيعي في المهرجان المستقل الذي يقام سنويا وهو مهرجان أفلام الخليج. هل هي الرغبة في المنافسة من أجل المنافسة، أم أن هناك هدفا محددا من وراء المسابقات هو  محل الاهتمام!

رابعا: ما معنى أن يخصص قسم يطلق عليه أفلام العائلة فهل معنى هذا مثلا أن باقي الأفلام لا تصلح لأن تشاهدها العائلات؟ وما معنى المسابقة المسماة "مسابقة أفلام عالمنا" وهل باقي الأفلام في باقي المسابقات ليست من عالمنا مثلا!

هناك خلط واضح بين أفلام البيئة وأفلام من عالمنا، وبين الأفلام الروائية الطويلة في المسابقة وأفلام قسم آفاق جديدة، وبين الدولة الضيف أي السويد التي يعرض لها عدد من الأفلام، وبين تداخل الكثير من هذه الأفلام في أقسام أخرى، الأمر الذي يعكس نوعا من العشوائية في التسميات والتقسيمات والمسابقات. ومعروف أن كثرة عدد المسابقات والجوائز ولجان التحكيم يفقد أي جائزة مصداقيتها.

ومن الأفضل في رأيي أن تكون هناك مسابقة للأفلام الطويلة (روائية وتسجيلية) ومسابقة للأفلام القصيرة. وأن تمنح جائزة واحدة لأفضل فيلم أول أو ثاني لمخرجه من الأفلام المعروضة داخل المسابقة الرئيسية. على أن تخصص القيمة المالية لباقي الجوائز لدعم السيناريوهات الجديدة، أي للمساهمة في دفع مزيد من السينمائيين للعمل.

ومن الضرروي أيضا أن يبدأ التفكير في جديا في الغاء الكثير من التظاهرات الموازية التي لا تجد في نهاية الأمر جمهورا لها مثل تظاهرة أفلام البيئة وما الى ذلك، فهذا النوع المتخصص من الأفلام يحتاج الى مهرجانات أي مسابقات خاصة تكون تحت اشراف مؤسسات دولية تهتم بهذا النوع من الأفلام تحديدا.

ومرة أخرى لعل المهرجان يعيد النظر في طريقة التنظيم والعلاقة بين أماكن اقامة الضيوف وأماكن العرض السينمائي وتقليص تلك المسافات الطويلة التي يتعين على الصحفيين والنقاد تحديدا قطعها يوميا للوصول الى مقر المهرجان في فندق يقع في أقصى الطرف من المدينة.

الاثنين، 17 أكتوبر 2011

هذه المدن الصغيرة ومهرجاناتها الدولية!






مناقشات كثيرة تدور على هامش مهرجان أبو ظبي السينمائي بين السينمائيين والنقاد، وبين النقاد بعضهم بعضا إذا خلص الود طبعا وتراجع "التنمر" والنهم الى الاغتياب والتشويه وأحيانا أيضا، نفخ الذات باستخدام ما لا ينفع من الادعاءات والتشبث بالصغائر، وهو كثير!
 الناقد المغربي الصديق عبد الإله الجوهري استغرق معي في مناقشة طويلة حول المهرجانات التي تقام في أرجاء كثيرة من العالم العربي وخصوصا في المغرب.

هذه المهرجانات كان رأيي، ولايزال، أنها تتوالد وتتكاثر بشكل عشوائي أي غير منظم، وتظهر إلى النور طبقا لرغبة البعض الذين ربما كانوا يحبون السينما حقا لكنهم مغرمون أيضا بالظهور وحب الاستعراض، ولذلك فهم يسعون وراء عدد من النجوم، يريدونهم أن يأتوا الى تلك المهرجانات الصغيرة، يغرونهم بالتكريم والجوائز وما الى ذلك مما أصبح في الحقيقة بمثابة طقوس شبه اسبوعية.

أبديت تحفظي على تلك المهرجانات الصغيرة التي تقام في بلدات أو حتى مدن صغيرة غير مؤهلة بحكم غياب البنية التحتية الصالحة، لإقامة مهرجانات سينمائية "دولية" وضع مائة خط تحت كلمة "دولية"، تنظم مسابقة، وتستضيف لجان تحكيم وتمنح الجوائز.

وكان رأي صديقي الجوهري أنه من حق سكان تلك المدن الصغيرة مشاهدة الأفلام الحديثة، فالسينما حق لكل المواطنين أو هكذا يجب أن تكون، وأنه ليس من حقي أن أصادر على حقهم في المشاهدة والاستمتاع.

قلت إنني أتفق تماما أن من حق الجميع مشاهدة الأفلام، وإن من الممكن لتحقيق هذا الغرض تنظيم تظاهرات للعروض السينمائية، ولكن أن نخدع الناس بأننا نقيم مهرجانا "دوليا" في حين أننا نجمع فقط عددا من اسطوانات الدي في دي (أي الاسطوانات الرقمية المدمجة) وعددا محدودا من الممثلين والمخرجين والصحفيين، ونوهم الجميع بأنه قد أصبح لدينا مهرجان دولي، فهو نوع من الاحتيال والكذب لأن للمهرجانات شروطها وقواعدها.

وتساءل الجوهري: أي شروط تلك التي تريد فرضها على الراغبين في اقامة مهرجانات صغيرة؟ فقلت إنه كما أن للعرض السينمائي شروطا علمية وموضوعية لا يجب التفريط فيها بدعوى أن شيئا خير من لاشيء، تماما هي المهرجانات السينمائية الدولية التي لها مقاييس ومعايير وشروط محددة ليس من الصواب الالتفاف حولها وتدمير الفكرة نفسها بدعوى أننا بهذا نخدم الجمهور.
ولماذا لا يكتفي الجمهور بمشاهدة الأفلام ومناقشتها من خلال نوادي السينما مثلا، ولماذا نريد تحويل كل تظاهرة محدودة للعرض الى مناسبة لتوزيع الجوائز وتكريم الممثلات والمخرجين (تحديدا) وعمل قشرة "ثقافية" أو غطاء من الثقافة من خلال ندوة لا يحضرها أحد في النهاية لأن الجميع يكونون مشغولون في الحفلات أو في التسوق!

إذا كانت السينما فن ديمقراطي فلا أعتقد أن هذا المبدأ يعني الركون الى العشوائية والارتجال.

من ناحية أخرى لا أعتقد أن وظيفة المهرجانات تتلخص في "التثقيف" السينمائي للجمهور، ومرة أخرى، فإن هذا التثقيف السينمائي كان يتم عادة من خلال العروض المنظمة والمناقشات التي تدور حول الأفلام، والمطبوعات التي تصدر بشكل دوري، من خلال نوادي السينما، وليس من خلال الشكل الاحتفالي الدعائي المظهري الذي يكتفي عادة باللامع من على السطح، بدلا من تعميق ثقافة سينمائية أخرى، خصوصا إذا غاب الاهتمام بدعم السينما المحلية (الوطنية) من خلال برنامج طموح عملي يكفل تطورها والحفاظ عليها.
المهرجان السينمائي لا يجب أن يكون مجرد سلة لعرض الأفلام، بل منظومة كاملة تكفل تطوير الفن السينمائي نفسه في البلد الذي يقام فيه المهرجان، من خلال العروض فقط والبرنامج الثقافي والسوق السينمائية أيضا.

لكن البعض سيظل يغامر باقامة مهرجانات يصر على منها صفة "الدولية" دون أن يكون لديها أصلا شاشات تصلح للعرض السينمائي. وهي مأساة أكثر منها مغامرة.. أليس كذلك!

الخميس، 13 أكتوبر 2011

قراءة في أفلام مسابقة مهرجان أبو ظبي السينمائي

لقطة من فيلم الافتتاح "مسيو لازهر"


تفتتح مساء اليوم الدورة الخامسة من مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي. ويعرض المهرجان من خلال برنامج حافل متعدد الأقسام على مدى تسعة أيام، عددا كبيرا من الأفلام الطويلة والقصيرة، الروائية والوثائقية، وأفلام الديجيتال.

ولعل ما شجع المهرجان على ذلك الانفتاح الكبير هذا العام وضم كل هذا العدد من الأفلام، هو الإقبال الكبير الذي شهدته الدورتان السابقتان من جانب جمهور أبوظبي، سواء من الوافدين أو المقيمين، من شتى الجنسيات والأعمار.

هذا المقال سيركز أساسا، على أفلام المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة التي تتنافس على الجوائز الرئيسية للمهر جان المعروفة بقيمتها المادية الكبيرة التي لا تضاهيها أي جوائز أخرى في أي مهرجان في العالم.

تضم المسابقة 15 فيلما، بينها أربعة أفلام عربية أو من إخراج مخرجين ينتمون للثقافة العربية، حتى لو كانت تلك الأفلام من الإنتاج الأجنبي، الفرنسي تحديدا.

الملاحظ أن هناك فيلمين منها حصلا على دعم مالي من مؤسسة "سند" التابعة لبرنامج مؤسسة أبوظبي للتراث والثقافة (التي تنظم المهرجان) وهو دور أرى أنه من أهم الأدوار التي يقوم بها مهرجانا أبو ظبي ودبي في دعم الانتاج الجديد من الأفلام العربية التي تتناول القضايا العربية، بدلا من الجري وراء المشاركة في انتاج أفلام أمريكية وكأننا نحل أزمة الانتاج السينمائي الأمريكي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في تمويل أفلام تجارية الطابع، من أفلام التسلية الأمريكية الشائعة، إلا لو كان الهدف من التمويل العربي (الخليجي) هو المشاركة في الأرباح المتوقعة، أي بغرض الاستثمار التجاري في صناعة السينما، وهذا موضوع آخر لا علاقة له بالهدف الثقافي ولا يفيد المحيط العربي في شيء

باقي المقال عبر الرابط التالي:
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger