لقطة من فيلم "أياد خشنة" لمحمد العسلي |
صدم زملاؤنا وأصدقاؤنا من السينمائيين والنقاد الحاضرين في مهرجان أبو ظبي السينمائي بعد إعلان نتاج مسابقات الدورة الخامسة من المهرجان التي اختتمت السبت الماضي.
جاءت السينما المغربية إلى أبو ظبي بخمسة من أفلامها الروائية الطويلة معظمها كما نعلم جميعا، من الإنتاج المشترك (مع فرنسا تحديدا) بل ومنها فيلم مثل "رجال أحرار" من الإنتاج الفرنسي بالكامل دون أي مشاركة مغربية، ولكنه لمخرج مغربي متميز هو اسماعيا فروخي صاحب التحفة السابقة "الرحلة الكبرى" قبل سبع سنوات.
من بين كل من فازوا بالجوائز التي يبلغ عددها 42 جائزة (!) في هذا المهرجان السخي ماليا (يمنح المهرجان مليون دولار بالتمام والكمال للفائزين من صناع الأفلام) أقول من بين الفائزين جميعا لم يحصل سوى اسماعيل فروخي على جائزة أحسن مخرج عربي في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ومقدارها 50 ألف دولار. ولكن فيلمه "رجال أحرار" لم يفز بالجائزة الكبرى بل فاز بها أجمل وأكمل أفلام المسابقة بالفعل وهو الفيلم الفرنسي "دجاج بالخوخ" لمارجان ساترابي وهو الفيلم الذي كان جديرا بالفوز بالأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا من وجهة نظر كاتب هذه السطور، كما ورد خلال تغطيتنا لمهرجان فينيسيا.
المشكلة أن المغرب حضر بمجموعة متميزة من الأفلام دون أدنى شك، ومنها ما كان جديرا بالفعل بالحصول على جائزة أو أكثر مثل الفيلم البديع "أياد خشنة" لمحمد العسلي. وكان من المتوقع أن يحصل هذا الفيلم نحديدا على جائزة أفضل فيلم في مسابقة "آفاق جديدة" التي نعيب عليها أن تعرض فيلما بهذا المستوى لمخرج كبير مثل العسلي في هذا القسم وليس في المسابقة الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة، والسبب يعود الى أن "آفاق جديدة" مخصص لعرض الأفلام الأولى والثانية للمخرجين.
لكن المهرجان ولجانه المتخصصة ارتكبت خطأ كبيرا عند اختيار فيلم "على الحافة" المغربي أيضا للعرض في المسابقة الرئيسية رغم كونه الفيلم الأول لمخرجته ليلى كيلاني!
لقطة من فيلم "رجال أحرار" لاسماعيل فروخي |
هذا التناقض يعكس نوعا من الاضطراب الناتج عن فكرة غير مطبقة في أي مهرجان وهي تخصيص مسابقة خاصة للأفلام الأولى والثانية للمخرجين، في حين أن من الأفضل ادماج هذا النوع (إذا جاز التعبير) ضمن قائمة أفلام المسابقة الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة بغض النظر عن كونها الأولى أو الثانية او لمخرج سبق له اخراج أكثر من ثلاثين فيلما.
في هذه الحالة تمنح لجنة التحكيم جائزة لأفضل فيلم أول لمخرجه. ويعامل الفيلم الاول عادة معاملة أي فيلم آخر، وهو ما يحدث في كبرى المهرجانات السينمائية في العالم.
ومن أسباب غضب الوفد المغربي أيضا ليلة الختام، منح جائزة أحسن ممثلة (بالمناصفة) للممثلة التي قامت بدور البطولة في الفيلم الاسباني "دموع الرمال" وهو الفيلم الذي أثار احتجاج الوفد المغربي على عرضه في المهرجان بسبب تبنيه لفكرة أن اقليم الصحراء الغربية يجب أن ينال الاستقلال عن المغرب وانه ليس جزءا من التراب المغربي (كما تعتبره كل الأحزب والكتل السياسية في المغرب من اليمين إلى اليسار).
وقد علمت أن المهرجان استجاب لطلب الوفد المغربي بسحب الفيلم من مسابقة "آفاق جديدة" بعد أن قيل للقائمين على المهرجان هل تقبل دولة الامارات فيلما ايرانيا يدافع عن اعتبار الجزر الثلاث التي استولت عليها ايران في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، جزرا "فارسية" يجب أن تتبع ايران!
غير أن عدم ابلاغ المهرجان للجنة التحكيم بسحب الفيلم أدى على ما يبدو الى حصوله على جائزة أحسن ممثلة. أما اذا كان المهرجان قد اكتفى بتهدئة المغاربة فقط وأبقى على الفيلم في المسابقة فهذا يعد نوعا من الاضطراب المربك حقا، ويصبح من حق المغاربة الاحتجاج على هذا التخبط.
الجوائز عند كاتب هذه السطور، لا قيمة لها ولم تكن أبدا، مقياسيا حقيقيا لقيمة الفيلم الفنية. وبالتالي لا ينبغي البكاء على ضياعها فالفيلم الجيد يبقى شاهدا على نفسه، ويدخل تاريخ السينما في بلاده بقيمته الفنية وليس بما حصل عليه من جوائز في المهرجانات.
الجوائز عند كاتب هذه السطور، لا قيمة لها ولم تكن أبدا، مقياسيا حقيقيا لقيمة الفيلم الفنية. وبالتالي لا ينبغي البكاء على ضياعها فالفيلم الجيد يبقى شاهدا على نفسه، ويدخل تاريخ السينما في بلاده بقيمته الفنية وليس بما حصل عليه من جوائز في المهرجانات.
0 comments:
إرسال تعليق