الإخوان المتسعودون
قادمون، لا ريب في ذلك، قادمون الى برلمان مصر، هم ومعهم مجموعة ممن يطلقون على
أنفسهم السلفيين (والأحق أن يقال السفليين!)، ومجموعة أخرى ممن يمكن أن نطلق عليهم
"نواب الإرهاب"، أي الذين يمثلون ما يسمى بتنظيم الجهاد وجماعة التكفير
والهجرة والجماعة الإسلامية.
هذه الجماعات التي تنتمي
للعمل السياسي، ومنها ما اكتشف قيمة وأهمية العمل في الساحة السياسية بعد أن كان
يحرم ويجرم هذا النشاط (السفليون على وجه التحديد وهم حوالي 5 ملايين شخص) بل
وكانوا يحرمون الثورة والخروج على الحاكم وتعاونوا طويلا مع أجهزة أمن الدولة
وتعذيب المواطنين، أقول إن هذه الجماعات تتفق جميعها في عدة أشياء أساسية منها
الانطلاق من فكر تكفير الآخر، أي كل من لا ينتمي لها الفصيل، وكل من لا يعتبر من
وجهة نظرهم متدينا على طريقتهم، ومن لا يرتدي ملابس مثلما يرتدون، ولا يطلق لحية
شيطانية مثل لحاهم المقيتة البشعة التي تخيف الأطفال الأبرياء، وكل من لا يتفق مع
شعارهم "الإسلام هو الحل" الذي يرهبون به غيرهم من المسلمين، ويخيفون
المسيحيين من "شركاء الوطن والمصير"، لدفعهم دفعا إلى الهجرة من مصر.
ومن ضمن الأشياء التي يتفق
فيها هؤلاء من أصحاب الفكر التكفيري (وعلى رأسهم تنظيم الإخوان المتأسلمين مهما
ادعوا عكس ذلك والذين خرج من معطفهم كل دعاة الارهاب وجماعات التطرف) كراهية
السينما، والميل إلى تحريمها، ومصادرة الأفلام التي لا تحمل فكرا موجها يتبنى
دعوتهم وأفكارهم السياسية وتفسيراتهم العقيمة المتشددة للدين، ولذلك فوصول هذه
القوى السياسية التي تنتمي للعصور الوسطى الى الحكم في مصر معناه ببساطة أن أيام
السينما المصرية باتت معدودة، فليس من المتصور أن يسمحوا باستمرار أفلام تنتقد
وتصور الواقع والعلاقات الاجتماعية القائمة بما فيها من فساد وتدهور وتفسخ جاء
نتيجة ستين عاما من التسلط والديكتاتورية وحكم مجموعة من العسكر الجهلاء الذين لا
يتميزون بأي ميزة بل يستندون أساسا، إلى قوة المدرعات والطائرات المدمرة التي يمكن
أن تحاصر وتقصف وتقتل (أبناء الشعب العزل طبعا وليس جنود الأعداء).
إن السينما المصرية ذات
التاريخ العريق ستواجه أصعب مراحلها التاريخية في العصر القادم أي يبشرنا كثير من
أصحاب الفكر اليوم بأنه سيكون عصر الحريات والديمقراطية، فيما نرى ان فئة معينة
تنتمي في فكرها الى العصر الحجري، تستعد لالتهام كعكة الثورة المصرية التي رفضت هذه
القوى في البداية المشاركة فيها بل وأصدرت بيانات تعاديها وتناهضها وتعلن فيها
تمكسها بما كان يسمى بـ"الشرعية" أي بشرعية نظام مبارك الذي يتشدقون
الآن بأنهم كاوا من أشد معارضيه!
إن نهاية السينما في مصر
معناه نهاية الحداثة والفنون البصرية وفن الصورة إلا تلك التي تحمل دعاية مباشرة
للعقيدة السياسية لجماعات التأسلم السياسي على شاكلة الدعاية الفاشية والنازية،
لذلك لا أرى أي شكل آخر من مناهضة هذه القوى الزاحفة بقوة اليقين الشيطاني الى
الاستيلاء على السلطة في غيبة الوعي العام، سوى الاستعداد التصدي لها بالقوة.
ولعل الدرس الألماني
لايزال أمامنا واضحا، فلو كان القطاع الديمقراطي الوطني في ألمانيا قد تصدى للتيار النازي بالقوة وأنزلوا بأنصاره الهزيمة، لما أوصلوا ألمانيا الى ما وصلت اليه من عار وهزيمة
لاتزال تدفع ثمنها حتى يومنا هذا رغم الفارق الكبير بالطبع بين أيديولوجية علمانية
من صنع البشر أيا كانت شموليتها، وأيديولوجية دينية تزعم أنها تستند الى ما أنزله
الله عز وجل!
فكيف سنواجه تلك القوى
وهي تشهر في وجوهنا السيوف متخذة من الإسلام رهينة بين يديها، وكيف سنتمكن من
قهرها؟ في صندوق الانتخابات؟
أشك أن هذا الصندوق
سيكون متاحا بعد أربع سنوات من وصول تلك الشراذم الى السلطة في مصر، فستصبح عملية
الاقتراع نفسها في خبر كان، وسيتم تدمير المؤسسات العصرية والاعتماد على ما يصدر
من فتاوى موجبة من "المرشد العام"!
السينمائيون اليوم في
حاجة الى أن يتحولوا من فنانين انعزاليين الى مقاتلين ليس فقط من أجل انقاذ
السينما، بل وانقاذ الوطن نفسه.