السبت، 9 أكتوبر 2010

أضواء على مهرجان أبو ظبي السينمائي الرابع


من فيلم "كارلوس" الفرنسي أحد أفلام المسابقة


يشمل برنامج مهرجان أبوظبي الرابع (14- 23 أكتوبر) خمس مسابقات: مسابقة الأفلام الروائية، ومسابقة الأفلام الوثائقية، ومسابقة تجمع بين الروائي والوثائقي تحت اسم "آفاق جديدة"، ومسابقة للأفلام القصيرة، وأخيرا مسابقة "أفلام من الإمارات".
وإذا كان مفهوما أن تكون هناك مسابقت للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية إلا أنه ليس من المفهوم أن تخصص مسابقة ثانية للأفلام الروائية والوثائقية الطويلة هي مسابقة "آفاق جديدة" فهذه ازدواجية لا معنى لها، بل ولا نظير لها في أي مهرجان نعرفه، وعادة ما تعرض الأفلام التي يرغب المهرجان في تسليط الأضواء عليها، في قسم خاص للتعريف بهذه الأفلام، ولكن ربما يكون اتجاه مهرجان كان منذ عامين إلى تخصيص جائزة لأفضل الافلام في قسم "نظرة ما" هو الدافع وراء هذه المسابقة الجديدة المبتدعة.
المسابقة الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة تشمل عرض 15 فيلما هي "كارلوس" لأوليفييه أسايس (فرنسا)، و"شيكو وريتا" لثلاثة مخرجين (اسبانيا)، و"سيرك كولومبيا" لدانيش تانوفيتش (البوسنه)، و"الخندق" لوونج بنج (الصين- فرنسا)، و"شتي يادنيا" لبهيج حجيج (لبنان)، و"في عالم أفضل" لسوزان بيير (الدنمارك- السويد)، و"المهمة" لدينيس فلينيف (كندا)، و"حياة سمكة" لماتياس بيز (شيلي)، و"رسائل البحر" لداود عبد السيد (مصر)، و"ميرال" لجوليان شنابل (أمريكا)، و"لا تدعني أذهب" لمارك رومانيك (بريطانيا)، و"أرواح ساكنة" لألكسي فيدروشنكو، و"المراة المدللة" لفرنسوا أوزون (فرنسا)، و"روداج" (أو ترويض) لنضال الدبس (سورية)، و"العنزة العذراء" لمورالي ناير (الهند).

ثلاثة أفلام
ويوجد في المسابقة ثلاثة أفلام فقط من العالم العربي، من مصر وسورية ولبنان، أي خمس أفلام المسابقة وهذا ليس كافيا، وواضح أن مهرجان الدوحة تمكن من الحصول على عدد أكبر من الأفلام العربية الجديدة، وربما فضل السينمائيون التوانسة عرض أفلامهم الجديدة (4 افلام) في مهرجان قرطاج، كما يغيب تمثيل المغرب (التي تنتج 15 فيلما سنويا) علما بأن فيلم "الجامع" لداود أولاد السيد سيشارك في مهرجان الدوحة.
ويغيب عن المسابقة أفلام من تركيا وإيران، أي من الفضاء الطبيعي الاقليمي كما كان في العام الماضي، ربما لأنه المهرجان تخلص من فكرة أنه مخصص لأفلام ما يسمى بـ"الشرق الأوسط" حتى تستبعد تماما فكرة أنه يعتزم فتح الباب أيضا أمام الأفلام الإسرائيلية، ولو لتلك التي تعتبر من الأفلام المتوازنة، في حين يبدو أن مهرجان الدوحة يسير في هذا الاتجاه.
لكن لاشك أن المسابقة تتميز بوجود أفلام مهمة مثل الروسي، والبوسني والاسباني والأمريكي (ميرال) الذي يتوقع أن يثير الكثير من المناقشات أينما يعرض (سيعرض في الدوحة أيضا). وتنوع الأفلام واضح كما هو واضح أيضا الابتعاد عن غلبة الأفلام الغربية والأمريكية تحديدا وكما كانت العادة في الدورتين الأولى والثانية من هذا المهرجان.
وليس مفهوما أن يقبل المهرجان عرض نسخة سينمائية مختصرة كثيرا جدا من الفيلم الفرنسي "كارلوس" الذي شاهدناه في مهرجان كان، في نسخة تصل إلى نحو خمس ساعات ونصف الساعة، وكان يجب أن تعرض النسخة المختصرة (159 دقيقة) خارج المسابقة ضمن البرامج الخاصة.
أما مسابقة الأفلام الوثائقية فتضم 13 فيلما طويلا من الولايات المتحدة والصين والمانيا وهولندا ولبنان والأرجنتين وبريطانيا، ويعرض فيلم جديد للمخرج العراقي لعطية الدراجي ومحمد الدراجي خارج المسابقة.
من لبنان يشارك محمد سويد بفيلم جديد بعنوان "بحبك ياوحش"، وهناك فيلمان عن القضية الفلسطينية هما "أطفال الحجارة.. أطفال الجدار" من ألمانيا، و"وطن" من هولندا. وهناك الفيلم البديع للمخرج الأرجنتيني باتريشيو جوزمان "حنين للضوء" الذي شاهدناه في مهرجان كان، ولاشك أنه درس في السينما الوثائقية من معلم كبير.
وتضم مسابقة الأفلام القصيرة 18 فيلما من ايطاليا وفرنسا وبولندا بلغاريا وألمانيا والسويد وبريطانيا وتونس والجزائر والمكسيك وبولندا وإيران والنرويج واستراليا. وهناك مسابقة أخرى للأفلام القصيرة التي صنعها طلاب معاهد السينما وتشمل عرض 15 فيلما.

ماذا فعلنا بعالمنا؟
وتحت عنوان "ماذا فعلنا بعالمنا" يعرض المهرجان ثلاثة أفلام تسجيلية هي "ملكة الشمس" من أمريكا، و"دموع غزة" من النرويج، و"شيوعيين كنا" من لبنان، والأخير عرضه مخرجه ماهر أبي سمرة العام الماضي في نسخة غير مكتملة.
أما مسابقة "آفاق جديدة" فتشمل عرض 17 فيلما طويلا، ما بين روائي ووثائقي من الأرجنتين وأمريكا (3 أفلام) وإيران (فيلمان) ومصر (فيلمان) وفرنسا ولبنان (فيلمان) وسورية والعراق وباكستان والإمارات وكندا وتركيا.
هنا نجد التوازن العالمي والاقليمي والعربي متحقق في اختيارات الأفلام دون أن تطغى السينما الغربية أو الأمريكية تحديدا كما هو معتاد.
من فيلم "اليازرلي" لقيس الزبيدي

الأفلام العربية المشاركة في هذا القسم هي "داخل.. خارج الغرفة" للمخرجة الشابة دينا حمزة من مصر، و"جلد حي" لفوزي صالح من مصر، والفيلمان من النوع الوثائقي، و"طيب.. خلاص، ياللا" لرانيا عطية ودانييل جارثيا من لبنان، و"مرة أخرى" لجود سعيد من سورية، و"كارانتينا" لعدي رشيد من العراق (وهذا هو فيلمه الثاني)، و"ثوب الشمس" لسعيد سلمان من الإمارات، و"مملكة النساء: عين الحلوة" لدهنا أبو رحمة (لبنان) وهو وثائقي.
وتشمل مسابقة "أفلام من الإمارات" 46 فيلما قصيرا صورت بفضل كاميرا الديجيتال التي تطورت كثيرا خلال السنوات الأخيرة.
ومرة أخرى نجد قسما بعنوان "ماذا فعلنا بعالمنا" يشمل 7 أفلام وثائقية طويلة من استراليا وألمانيا والسويد وفرنسا والمكسيك والبرازيل وبريطانيا.
الأفلام التي تعرض خارج المسابقات تحت عنوان "سلة الأفلام" Showcase  سيشاهد جمهور المهرجان عشرة أفلام منها فيلم "نسخة موثقة" لعباس كياروستامي الذي عرض في مسابقة مهرجان كان الأخير، و"لعبة عادلة" (عن حرب العراق)، وعرض في كان أيضا، و"الغرب هو الغرب" لآندي دو إيموني (بريطانيا)، و"القسم" The Oath للورا بوتراس (أمريكا)، والنساء بطلات" (تسجيلي من فرنسا)، و"ملوك المعجنات" من فرنسا (تسجيلي).

كنوز الأرشيف
ومن أهم أقسام المهرجان قسم يشمل عرض عدد من الأفلام الكلاسيكية التي تم ترميمها مثل "السيرك" لشابلن، و"متروبوليس" لفريتز لانج، و"المومياء" لشادي عبد السلام.
وفي قسم خاص للأفلام التي توصف بـ"التجريبية" يعرض فيلم "اليازرلي" لقيس الزبيدي من عام 1967، و"يد إلهية" و"سجل اختفاء" لإيليا سليمان. ولست واثقا من صحة تصنيف هذه الأفلام الثلاثة على اعتبار أنها من الافلام "التجريبية"، كما أنني وجدت بينها فيلما مصريا جديدا من إنتاج 2009 بعنوان "سياحة داخلية" (62 دقيقة) للمخرجة مها مأمون، يعتمد على لقطات من الأفلام المصرية القديمة.
وحتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال لم تعلن أسماء لجان التحكيم كما لم تتضح تماما طبيعة النشاط الثقافي الموازي للعروض باستثناء الإعلان عن مؤتمر يقام لمدة 3 أيام (13- 15 أكتوبر) يستضيف عددا من السينمائيين من بلدان مختلفة، ويمزج بين المحاضرات والورشة، ولا يتضح لي تماما الهدف من هذا المؤتمر ولا من الذي سيستفيد منه حقا، ولا حجم الوجود العربي فيه، فالأسماء لاتزال غائبة، لكن من ينتظر سيعرف بكل تاكيد.
من فيلم "الدمية" لريم البيات من السعودية في
مسابقة "أفلام من الإمارات" وهو أمر غير مفهوم
فهل هي أفلام إماراتية كما يقول اسمها أم خليجية؟

الخميس، 7 أكتوبر 2010

إقالة ابراهيم عيسى وأزمة "الدستور"


أكاد أجزم أن السيد البدوي أحد كبار ملاك جريدة "الدستور" المصرية المستقلة، الذي أصبح في واجهة الأحداث بعد قرار إقالة رئيس تحرير الجريدة المستقلة ليس هو "سيد قراره"، بل واجهة لمجموعة من الممولين الذين لم يكشف هو عن أسمائهم حتى الآن رغم تعهده بأن يفعل ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس الأول ولكن دون أن يفعل!
وحتى الآن لا نعرف من هم هؤلاء الممولين للصحيفة سوى إسم المدعو رضا إدوارد الذي يبدو أنه المعبر الحقيقي عمن يقفون وراء تمويل الجريدة وشرائها في صفقة يقال إنها بلغت 16 مليون جنيه مصري.
قولي هذا يستند أولا إلى أن السيد البدوي بدا في كل المقابلات التليفزيونية التي ظهر فيها حتى الآن، وقد تابعتها كلها، رجلا مسالما ضعيفا مغلوبا على أمره، لدرجة أنه بدأ يثير التعاطف بعد أن كان الاستياء العام قد بلغ مبلغه منه وبعد أن أصبح هو المسؤول أو الذي أريد له من قبل الشركاء القابعين في الخلف، عن إقالة ابراهيم عيسى، رئيس تحرير الصحيفة المعروف بمواقفه المعارضة وانتقاداته اللاذعة للرئيس مبارك وولده جمال.
السيد البدوي يبدو أنه اضطر اضطرارا إلى القيام بدور فرض عليه، هو إقالة ابراهيم عيسى دون حتى أن يواجهه، بل كان من واجهه هو المدعو رضا إدوارد أحد الشركاء في ملكية الجريدة التي أصبحت قضيتها قضية رأي عام في مصر، بعد أن اعتبرت الاطاحة برئيس تحريرها تمهيدا لتدجينها وتحويلها إلى صحيفة موالية أو خافتة الصوت أو معارضة على طريقة جريدة "الوفد" التي لم يعد لها لون ولا طعم، وذلك في إطار تلك الهجمة الضارية التي تشهدها وسائل الإعلام المستقل في مصر أخيرا فيما يبدو أنه تمهيد للقضاء على أي رأي آخر يغرد خارج السرب، قبيل عملية الانتخابات البرلمانية، وتخوفا من لفت الأنظار إلى ما سيجري فيها بكل تأكيد، من تزوير غير مسبوق في مستواه.
وأكاد أيضا أجزم بأن الشخصيات الأخرى للملاك الجدد للصحيفة هم من رجال الأعمال المحسوبين تحديدا على الحزب الوطني الديمقراطي، أي حزب السلطة، ومن المقربين تحديدا إلى جمال مبارك، وأنهم تلقوا بشكل غير مباشر، بعض "التنبيهات" التي تشير إلى ضرورة "لجم" ابراهيم عيسى وإخصاء جريدته. وإن لم يكن الأمر كذلك فما معنى أن ينفي السيد البدوي أن يكون مقال الدكتور البرادعي عن حرب أكتوبر هو سبب الإقالة، ثم ينفي أيضا أن تكون المسائل المالية أو الخلافات المالية مع ابراهيم عيسى هي السبب، ودون أن يقول لنا أبدا السبب الحقيقي اكتفاء بالقول إنه "ليس هو" الذي اعترض على المقال، وليس هو الذي أبلغ ابراهيم بالإقالة، وانه يحب ابراهيم ويحمل له الاحترام والتقدير، ولعل استقالة السيد البدوي من رئاسة مجلس ادارة الجريدة تقول لنا بوضوح إنه يريد أن يخلي مسؤوليته عن التداعيات التي جاءت عقب تلك الإقالة التعسفية المشبوهة بلاشك. ولعله بذلك يريد أن يضع المسؤولية على أكتاف شركائه الغامضين، كما تكشف الاستقالة عن خلافات مؤكدة داخل جبهة الملاك الجدد للجريدة بشأن طريقة التعامل مع ابراهيم عيسى.
وأنا على ثقة من أن الأيام القادمة ستكشف لنا الكثير من الأسرار وتحل الكثير من الألغاز الكامنة وراء هذه الأزمة التي تشهد على وجود أزمة أعمق داخل ذلك النظام القائم على التحالف المقيت بين المال والسياسة.

الاثنين، 4 أكتوبر 2010

أيام قرطاج السينمائية: خبر وتعليق

تقام الدورة الـ23 من أيام قرطاج السينمائية (مهرجان قرطاج السينمائي) في الفترة من 23 حتى 30 أكتوبر الجاري. وقد أعلنت إدارة المهرجان برئاسة درة بوشوشة عن أسماء معظم الأفلام المشاركة باستثناء الأفلام التونسية التي ستشارك في المسابقة.
الأفلام العربية التي أعلن عنها هي "ميكروفون" لأحمد عبد الله من مصر، و"يوم آخر" لجود سعيد من سورية، و"كل يوم عيد" لديما الحر من لبنان، و"رحلة إلى الجزائر" لعبد الكريم بهلول من الجزائر، و"مدن الترانزيت" لمحمد هسكي من الأردن. ولاشيء حتى الآن من المغرب أكبر بلد عربي بعد مصر من ناحية كم الإنتاج السينمائي.

يتوقع عرض فيلمان على الأقل من تونس بالمسابقة الرسمية التي تضم أيضا افلاما افريقية، والفيلمان التونسيان اللذان نتوقع عرضهما هما "النخيل الجريح" لعبد اللطيف بن عمار، و"وقائع احتضار" لعائدة بن علية.
ويحتفي المهرجان بالمخرج الجزائي رشيد بوشارب بعرض كل أفلامه، كما يعرض فيلم "فينوس السوداء" للمخرج التونسي الذي يعمل في نطاق السينما الفرنسية، عبد اللطيف كشيش.
وقد تقرر افتتاح المهرجان بالفيلم الافريقي (من تشاد بتمويل فرنسي) "الرجل الذي يصرخ" للمخرج محمد صالح هارون، وقد سبق عرضه في مسابقة مهرجان كان هذا العام.

ويرأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الموسيقار التونسي أنور براهم، أما أعضاء اللجنة فهم المخرج الاثيوبي الكبير هايلا جيريما (الحاصل على التانيت الذهبي في الدورة الماضية عن فيلمه "تيزا")، والمخرج عبد الرحمن سيساكو من موريتانيا، والكاتب عتيق رحيمي من أفغانستان والممثلة ناتالي باي من فرنسا، والممثلة المصرية الهام شاهين.

مشكلة مهرجان قرطاج السينمائي مثل مشاكل المهرجانات التي تقام في العالم العربي، التي تخلو من قاعة مخصصة للعروض الصحفية للنقاد والمهتمين والدارسين، تتمثل في اهتمامه الشديد بإشراك شخصيات سينمائية ثابتة من مصر تحديدا، يتم تبادلها فيما بين المهرجانات (ثم قذفها بالأحجار في الصحافة المحلية بعد أن ينتهي المهرجان)، ولدينا مثال واضح على ما نقول هنا أي الممثلة الهام شاهين التي يختزلون من خلالها- منذ نحو 20 عاما - السينما المصرية والثقافة السينمائية في مصر، مما اعتبره شخصيا إساءة لهذه الثقافة وللحركة السينمائية الممتدة في هذا البلد منذ أكثر من 80 عاما.

إن الهام شاهين تجسد الصورة النمطية السائدة للتمثيل في السينما والتليفزيون في مصر، وليس التمثيل الحديث، ولا السينما الحديثة. وفكرة الاستغناء عن ضم مخرجين مصريين مشهود لهم إلى لجان التحكيم العربية، والاكتفاء دائما بممثلة- نجمة، هي فكرة تقوم على "التسليع" أي على أن المهرجان سلعة لا يصلح الترويج لها إلا من خلال "نجوم" من مصر مثل حسين فهمي والهام شاهين وهما قاسمان مشتركان في معظم المهرجانات السينمائية العربية حتى الجاد منها مثل مهرجان دبي، في حين أنهما ليسا من أفضل الممثلين في مصر ولا يمثلان الفيلم المصري الحديث الذي تحرص المهرجانات على الحصول عليها مثل "رسائل البحر" و"ميكروفون" و"الحاوي" و"عين شمس" و"جنينة الأسماك" (الفيلمان الأخيران مثلا من الدورة الماضية من قرطاج).
هذا التناقض بين الحرص على اختيار أفلام ذات قيمة فنية، وفي الوقت نفسه، إشراك ممثلات متخصصات في الظهور في أفلام تجارية سائدة، يعكس نوعا من الازدواجية في الفكر والهدف. فما المقصود من وجود الهام شاهين في لجان تحكيم معظم مهرجانات السينما التي تقام في العالم العربي: القاهرة والاسكندرية وأبو ظبي وتطوان ودمشق وسلا ووهران (الذي توفي بالسكتة القلبية!)؟
وما المقصود من غياب السينمائيين المصريين الحقيقيين عن لجان التحكيم؟ لست بالطبع أشير إلى مؤامرة من نوع ما، بل يقينا إلى تدخلات تأتي من سلطات خارج سلطة إدارة المهرجان وتفرض مثل هذه الشخصيات على لجان التحكيم. ولدي في هذا المجال الكثير من القصص التي سمعتها من مديري بعض المهرجانات.. وهي قصص ليس من الممكن روايتها هنا بالطبع!

الأحد، 3 أكتوبر 2010

موسم مهرجانات السينما في العالم العربي

بيتر سكارليت مدير مهرجان أبو ظبي

من أبو ظبي إلى مراكش

الثلث الأخير من العام، كالعادة، تزدحم فيه المهرجانات السينمائية التي تقام في العالم العربي، ويقال إنها "تتنافس"، لا أدري على أي شيء التنافس، فالتنافس عادة ما يكون حول هدف معين تبذل الأطراف المتنافسة جهدها من أجل تحقيق هذا الهدف أو الفوز به. غير أنني لا أدري كنه التنافس المقصود في هذه الحالة؟
هل هو تنافس على الجمهور مثلا؟ لا يمكن، لأن جمهور الخليج غير جمهور المغرب، غير جمهور تونس، غير جمهور سورية.
هل هو تنافس على الأفلام، أي للحصول على أحدثها وأهمها؟
ربما.. لكن الأفلام تتقاطع في معظم هذه المهرجانات بدرجة كبيرة، فهناك قواسم مشتركة عديدة بين مهرجانات أبو ظبي (الذي عاد إلى اسمه الحقيقي وودع تسمية "الشرق الأوسط" التي لا معنى لها)، والدوحة- ترايبيكا الذي لايزال متمسكا باسم يثير من الالتباس والابتسام أكثر مما يحمل من معنى، وقرطاج الذي لايزال مصرا على أن يقام كل سنتين بالتوازي مع مهرجان المسرح الدولي (على الأقل هذه هي المهرجانات التي أعلنت عن برامجها أو عن جزء منها حتى الآن).
أيا كان الأمر، فالملاحظ أن هذا الازدحام الكبير لا يترك فرصة حقيقية أمام المتخصص الراغب في متابعة هذه المهرجانات عن كثب بشكل جاد، سواء بسبب تقاطعها وتداخلها معا من ناحية، أو بسبب ازدحامها بدرجة كبيرة باعتبارها تشترك في سمة واحدة هي الرغبة في الاستحواذ على أكبر عدد من الأفلام التي تتجاوز عادة المائة فيلم مثلا، بينما ينفرد مهرجان فقير الموارد، ضعيف الامكانيات هو مهرجان دمشق السينمائي، بنوع من الحماقة التي لا تتناسب مع ما يفرض عادة من رقابة بوليسية مشددة على اختياراته للأفلام، عندما يعلن عن برنامج يحتوي على أكثر من 325 فيلما سرعان ما سيتضح بالطبع، أن معظمها نسخ من الأسطوانات الرقمية المدمجة DVD التي تباع على أرصفة المدينة العتيقة، والعهدة علىالراوي!
مهرجان الاسماعيلية السينمائي للأفلام القصيرة والتسجيلية، (3- 9 اكتوبر) هو أول المهرجانات التي تأتي في موسم الخريف هذا العام لكنه مهرجان متميز بنوعية عروضه التي لا يقابلها مهرجان آخر في المنطقة، يليه مباشرة مهرجان أبو ظبي وهو مهرجان كبير بكل المقاييس، في برامجه وطموحه ومساندته المرموقة لصناع الأفلام من العرب، سواء مخرجي الأفلام التسجيلية أو الروائية، عن طريق الصندوق الخاص الذي خصصه لدعم المشاريع الطموحة للسينمائيين في عموم العالم العربي بل وبعض السينمائيين المقيمين في أوروبا، وهي خطوة لابد من الترحيب بها، فها نحن نرى ما كنا دائما نطالب به وندعو إليه، ونشرح لمن يريد أن يفهم ويدرك، أن دعم السينما، أي الإنتاج نفسه، يجب أن يكون هدفا أساسيا بالنسبة لمهرجانات السينما التي تقام في منطقتنا التي تعد منطقة "ناشئة، جنينية" في مجال الإنتاج أو الحركة السينمائية، ولا تقتصر المهرجانات فقط على الاستهلاك، أي العرض والتصفيق وتوزيع الجوائز.

من "نسخة طبق الأصل" لكياروستامي الذي سيعرض في الدوحة

ولاشك أن من الإيجابي تماما أن يحصل السينمائيون العرب على دعم مالي ولو مبدئي، لمشاريعهم، من أبو ظبي أسوة بما يأتي من دعم من مهرجانات أوروبية مرموقة مثل روتردام الدولي.
ومن واجب الناقد بكل تأكيد، أن يسعى بكل قوته إلى دعم السينما المحلية والاقليمية في المحيط الثقافي الذي ينتمي إليه، أما موضوع تعامل الناقد مع هذه الافلام بالنقد فيما بعد، فامر آخر. فمن حق السينمائي أن يصنع أفلامه، ومن حق الناقد أن يمارس مهمته في نقدها وتقويمها بل ومن واجبه، دون أن يكون في هذا أي تناقض، فإذا كان من واجب الناقد أن يدعم حق أي سينمائي عربي في الحصول على فرصة لإخراج فيلمه، فمن واجبه أيضا نقد هذا الفيلم بعد أن يكتمل بكل موضوعية وصراحة، وليس في هذا أي تناقض، فهناك فارق كبير بين مدير "البروباجندا"، أي أن يتحول صحفي ما، إلى مندوب دعاية للأفلام، وبين أن يكون مخلصا لقرائه، أي لجمهور المشاهدين الذين يوجه كتاباته إليهم، فيتعامل مع الأفلام بالنقد استنادا إلى رؤيته وثقافته الخاصة. وهذه كلها من الأمور المسلم بها المعروفة في العالم، لكن يبدو أننا في حاجة دائما، إلى التأكيد عليها حتى لا يسيء البعض الفهم، سواء عن سوء قصد أو عن حسن نية.
بعد مهرجان أبو ظبي (14- 23 أكتوبر) الذي يمتلك برنامجا حافلا في أقسامه المختلفة للأفلام الروائية والتسجيلية والقصيرة والتجريبية وأفلام من الإمارات (المسابقة القديمة التي تم ضمها إليه هذا العام)، يأتي مهرجان الدوحة- ترايبيكا (26- 30 أكتوبر)، الذي يمكن أن نطلق عليه "ميني مهرجان" فهو يستغرق أربعة أيام فقط يعرض خلالها 30 فيلما.
 يفتتح مهرجان أبو ظبي (الرابع) بالفيلم الأمريكي الجديد "السكرتارية" للمخرج راندال والاس، ويختتم بفيلم "المفتش دي ولغز لهيب الشبح" للمخرج الصيني تسوي هارك.
أما مهرجان الدوحة (الثاني) فيفتتح بالفيلم الفرنسي "الخارجون عن القانون" للمخرج الجزائري رشيد بوشارب.
وبينما تحتوي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان أبو ظبي على 15 فيلما، تحتوي مسابقة الدوحة للأفلام العربية (وهي مسابقة جديدة لم يكن لها وجود العام الماضي أي في الدورة الأولى) على 10 أفلام فقط منها 4 تعرض عرضا أول. وهذا تقدم كبير يحققه مهرجان الدوحة في مجال الاهتمام بسينما المنطقة التي يقام فيها، بعد ما وجه إليه من نقد العام الماضي بسبب غلبة العنصر الاجنبي الذي لا يتمتع بخبرة ما، على تشكيلة إدارته بقيادة مقدمة برنامج السينما في قناة الجزيرة الدولية الناطقة بالانجليزية الاسترالية أماندا بالمر.
أما مسابقة مهرجان أبو ظبي فهي دولية تماما، أي مفتوحة على أفلام العالم، وفيها من الأفلام العربية ثلاثة أفلام هي "رسائل البحر" لداود عبد السيد من مصر، و"الترويض" أو (روداج) لنضال الدبس من سورية، و"شتي يادنيا" لبهيج حجيج من لبنان.
وجدير بالذكر أن المهرجانان سيعرضان الفيلم الأمريكي "ميرال" الذي يتناول القضية الفلسطينية وتاريخها وكان قد عرض في مسابقة مهرجان فينيسيا السينمائي الأخير. سيعرضه ابو ظبي في مسابقته وهو أمر غريب لأنه سبق أن شارك في مسابقة مهرجان دولي، وسيعرض الفيلم أيضا في مهرجان لندن الذي يفتتح قبل أبو ظبي بيوم واحد (13- 28 أكتوبر) ولاشك أن الكثير من النقاد الانجليز في لندن سيجدون صعوبة في المواءمة بين المهرجانين لكن الإيجابي أن العروض الصحفية لمهرجان لندن بدأت بالفعل في 28 سبتمبر بمعدل ثلاثة أفلام يوميا.
مسابقة أبوظبي فيها أفلام جيدة جدا منها ما سبق أن شاهدناه في فينيسيا مثل "سيرك كولومبيا" للمخرج البوسني دانيش تانوفيتش، والفيلم الصيني – الفرنسي "الخندق" (او الحفرة" The Ditch والفيلم الروسي البديع "أرواح ساكنة". والفيلم الكندي من تأليف كاتب لبناني، هو فيلم "خدمات إنقاذ"، وهناك افلام جديدة مثل الفيلم الدنماركي "في عالم أفضل". ولكن المهرجان أعلن عن عرض الفيلم الفرنسي "كارلوس" في نسخة تقع في 159 دقيقة بينما المعروف أن زمن عرض الفيلم يتجاوز خمس ساعات ونصف الساعة وكان قد عرض في مهرجان كان الماضي. فهل اختصر المخرج فيلمه إلى نسخة تصلح للعرض في دور السينما التجارية هي التي سيعرضها المهرجان؟ ربما!
المخرج المصري ابراهيم البطوط أحد رواد ما يسمى بتيار السينما المستقلة في مصر (التي تصور عادة بكاميرا الديجيتال) سيعرض فيمه الجديد "الحاوي" في الدوحة، في حين سيذهب فيلم داود عبد السيد للعرض في مسابقة مهرجان قرطاج أيضا الذي سيقام في الفترة من 23 إلى 30 أكتوبر أي أن لدينا أربعة مهرجانات في شهر واحد (لا تنسوا الاسماعيلية الذي أطلق عليه الناقد الكبير مصطفى درويش مداعبا (مهرجان اسماعيلية- رايح جاي)!

من فيلم "ميرال" أكثر الأفلام إثارة للنقاش هذا العام

بعد قرطاج لدينا مهرجان القاهرة (غير القابل للتطور بسبب هيمنة امرأة لا تفهم شيئا في السينما على أموره ومقدراته منذ 30 سنة!) وسيقام في الفترة (30 نوفمبر- 9 ديسمبر)، ثم يأتي مهرجان دبي (12- 19 ديسمبر) الذي يعد أحد أبرز وأهم مهرجانات العالم العربي ولاشك أنه سيدخر مفاجآت كثيرة لجمهوره في جعبته، ثم تختتم السنة بمهرجان مراكش في أقصى المغرب العربي (من 3 إلى11 ديسمبر).
الطريف أن القائمين على أمر مهرجان الدوحة جعلوا شعاره "أنا الفيلم". ونسوا أن يضيفوا: "والفيلم أنا". وياله من تواضع!
سنتوقف قريبا أمام برنامج مهرجان أبو ظبي لاكتشاف مناطق القوة والضعف فيه، وخصوصا أمام ما سيقدمه من مفاجآت منها مثلا عرض فيلم "اليازرلي" السوري لقيس الزبيدي الذي لم يعرض قط منذ أكثر من ثلاثين عاما!
وكل عام وانتم بخير......
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger