الخميس، 4 سبتمبر 2008

يوميات فينيسيا 9


لولا التكنولوجيا الجديدة ما كانت هذه المدونة، ولا كنت أستطيع ان أكتب فتصل كلمتي فورا إلى القارئ المفترض (ليتني أعرف أين هو، ومن هو بالضبط، وحتى الذين يعلقون على ما أنشره من حين إلى آخر، يفضلون إخفاء هوياتهم رغم أنها أساسية إذا كنا نسعى حقا للتواصل الحقيقي معا.. أليس كذلك؟).
التكنولوجيا الجديدة هي التي جعلتنا نفكر بسرعة وننفذ بسرعة أكبر، نحصل على المعلومة بشكل أسهل كثيرا عما كان في المضي.
كنا في الماضي مثلا (في العصر الكربوني.. نسبة إلى ورق الكربون الذي كنا نستخدمه في كتابة أكثر من نسخة من المقال الواحد.. واحدة للنشر وأخرى للحفظ في الأرشيف الشخصي) نعاني كثيرا من أجل الحصول على معلومات عن المخرجين والأفلام. وكنا نتزاحم على المكاتب الصحفية في مهرجانات مثل فينيسيا وغيره، للحصول على المطبوعات والصور. أما اليوم فأجد أمامي يوميا أطنانا مما يوجد في صناديق الصحفيين هنا في فينيسيا وقد ألقي بها الصحفيون مباشرة في سلال القمامة، أي أخرجت من الصناديق إلى القمامة مباشرة. وأنا أيضا أفعل مثلهم، أكتفي بإلقاء نظرة عابرة لاستطلاع ما هو منشور في الملف الصحفي أو النشرات الصحفية ثم ألقي معظم ما يقع بين يدي في القمامة.
السبب؟ يعود في تصوري إلى أن شبكة الانترنت توفر كل هذه المعلومات لكل من يستطيع استخدام جهاز الكومبيوتر (عفوا لا أحب كلمات سخيفة مفتعلة مثل الحاسوب أو الشريط لوصف الفيلم أو الخيالة لوصف السينما مع الاعتذار لمن يصرون على تعريب كلمات دخلت كل اللغات الحية وأصبحت جزءا من نسيجها). فما الداعي إذن لحمل أطنان من الورق في حقائبنا طالما أن من الممكن الحصول على ما نريد بكل بساطة. وخصوصا بعد أن وضعت المكاتب الصحفية للمهرجانات كل المعلومات على مواقعها على الانتلرنت؟ هذا أمر لم يكن متخيلا في الماضي.
الشئ الآخر أن بوسعك اليوم تنزيل الصور مباشرة من الموقع المخصصة لذلك ونشرها في ثوان معدودة دون حاجة إلى التقاتل والتزاحم للحصول على الشرائح الملونة ثم استخدام نظام فصل الألوان وغير ذلك من الطرق القديمة في النشر الصحفي.
والحصول
على الفيلم نفسه أو تسجيل صوتي للمخرج أو مقابلة بالفيديو لأي سينمائي أصبح أيضا ممكنا ومن الممكن نشره على مواقع الانترنت (يفضل أيضا بعض الإخوة أنصار تعريب ما لا يعرب أن يطلقوا عليها الشبكة العنكبوتية، وهي تسمية تجعل بدني يقشعر لأنني لا أحب العناكب أو العنكبوتيات خاصة من ينتمي منهم للبشر)!
تكنولوجيا الصورة أيضا أصبحت اليوم جزءا لا يتجزأ من الفيلم السينمائي. فلولا ما قطعته البشرية في هذا المجال (آسف أقصد البشرية مطروحا منها العالم العربي) لما أمكن تحقيق الكثير من الأفلام الحديثة وإلا لكانت ميزانية بعض الأفلام تتجاوز المليار دولار؟.
طبعا في بلادنا العزيزة لايزال هناك مخرجون لا يمكنهم شراء سيارة جديدة لتحطيمها أو نسفها مثلا في فيلم سينمائي، فالمنتج لا يمكنه أن يتحمل هذا، بل وقد عرفت منتجا سينمائيا يرفض شراء صالون من الكراسي والكنبات لحرقه وأصر على استخدام صالون مستعمل من بيته.
أين نحن من التكنولوجيا؟ سؤال يتردد كثيرا جدا في الصحف العربية، والمؤتمرات العربية، ومحطات التليفزيون العربية، دون أن يملك أحد إجابة حقيقية عنه.
أين نحن من التكنولوجيا سؤال يقتضي العودة لفحص منظومة التعليم بأكملها، ومعرفة ماذا ندرس للطلاب، وما هو المطلوب منهم أكثر من النجاح في الامتحان (والحصول على الشهادة)، وهل المجتمع نفسه يرحب أصلا بفكرة العمل والابتكار والعلم، أم يميل أكثر إلى الخرافة والقيم التواكلية و"مشي حالك ياعم الحاج"؟
وسيدفعنا التفكير أيضا إلى تأمل حالة الانحطاط التي وصلت إليها النخبة التي يفترض أن تقود أي مجتمع نحو التنوير. ماذا يكتب عباقرة الصحف الرسمية من أساتذة الجامعات، وماذا يقول أئمة المعارضة التي لا تريد أكثر من مكان لها على هامش السلطة.. في المعارضة أيضا.. فهل هناك من يجرؤ على اعتبار نفسه بديلا للسلطة.
حتى فكرة النقد في حد ذاتها مازالت غير مرغوب فيها تماما، فهناك من يعتبر النقد خروجا على الإجماع أو ما يطلقون عليه- وهو تعبير هزلي في رأيي يقصد به عادة إرهاب الآخرين - (ضمير الأمة). وهناك من يعتبرون أن كل من ينقد هو حاقد، أو غيور، أو يسعى للفتنة والتخريب، أو في أفضل الأحال "يريد شيئا".
أعتذر فقد سرحت بعيدا عن فينيسيا التي أوجد فيها الآن لكن الأوجاع كثيرة، بل وتصبح أكبر عندما تجد نفسك في بيئة مختلفة، تسير الأمور فيها بشكل طبيعي بعيدا عن المساخر التي نعرفها وخبرناها جيدا في المهرجانات العربية. فأنت تذهب عادة لتكتشف أن "تكنولوجيا" مهرجانات العرب لم تخترع المقص بعد. فقد حدث أنني اكتشفت عندما ذهبت في أحد المهرجانات لاستلام البطاقة الصحفية أنها ليست جاهزة لأن الصورة التي كنت قد أرسلتها لهم كبيرة بعض الشئ وفي حاجة إلى مقص لتصغير أجزاء منها قبل لصقها على البطاقة.
وفي وقت آخر كانوا يفرضون على كل صحفي يزور المهرجان أن يتوجه بنفسه إلى مقر المهرجان البعيد تماما عن الحدث نفسه، لكي يدخل في غرفة مظلمة ليصورونه ثم يعرضون بطاقته على سعادة رئيس المهرجان شخصيا
لتوقيعها بنفسه (لابد من التوقيع والختم!!).
الصديق الرائع مهندس الديكور صلاح مرعي أضحكني وأبكاني كثيرا عندما كنا نتعاون معا في اقامة مهرجان الاسماعيلية السينمائي عام 2001 فقد أراد عمل بطاقات لكل الصحفيين والضيوف تحمل ألوانا معينة حسب نوعيتهم (صحافة، سينمائي، ضيف..). واقترحت اسناد الأمر إلى شركة متخصصة بحيث تكتب الأسماء بالعربية والافرنجية وتغلف بالبلاستيك. لكنه أصر على أن يتولى بنفسه عملها على الكومبيوتر الشخصي في منزله ويصممها بنفسه (لا أدري لماذا). وقد تأخر بالطبع كثيرا بسبب انشغاله في عشرات الأشياء الأخرى. وكنت قلقا لأن الناحية الأمنية تستدعي التدقيق فيمن يدخل وفيمن يخرج خاصة وأن المهرجان اقيم بعد 11 سبتمبر بشهر ونصف فقط. وكان الأمن قلقا للغاية. وعندما أتى صلاح مرعي بالبطاقات في النهاية، لم تكن هناك حاجة إليها، فقد اكتشفنا أن المهرجان نفسه أصبح مفتوحا لكل من هب ودب، بل وكانت هناك حملات لتشجيع أهل المدينة للنزول من منازلهم والتوجه إلى قاعات العرض مجانا لكي لا تقتصر العروض على الضيوف والصحفيين ومحبي السينما الذين أتوا من القاهرة بحافلات خاصة وفرناها لهم. ووقف الأمن يتفرج مع المتفرجين القلائل، ودفع أحدهم بابا للخول كان مغلقا في قصر ثقافة الاسماعيلية فانكسر الباب.. ووقف الأمن يتفرج.. بالله عليكم: لماذا يعكر الأمن صفو حياتنا ليلا ونهارا ثم لا يفعل ما يتعين عليه أن يفعله وهو توفير الحماية للضيوف الأجانب على الأقل!
صباح الخير. وسلم لي على التكنولوجيا ياريس!

الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

يوميات فينيسيا 8





هناك مجلة واحدة يومية هي مجلة "تشياك" Ciak تصدر (في معظمها باللغة الإيطالية) تصاحب عروض المهرجان. طبعا في مهرجان كان هناك حوالي 8 مجلات يومية، لكن السبب ليس في أن هذا المهرجان أغنى من ذاك، فالمهرجانان لا ينفقان مليما واحدا على هذه المطبوعات، على عكس بلادنا العزيزة التي لاتزال "ماما الدولة" – التي أصبحت فاسدة الآن حتى النخاع بكل أسف- هي المسؤولة عن كل شئ، بما في ذلك المطبوعات الموازية رغم الكلام الكثير المكرر والمعاد عن دو البيزنس وأصحاب السعادة رجال الأعمال.
أما السبب في أننا في "كان" نحصل على 8 أو 9 مطبوعات وواحدة فقط في فينيسيا فيعود إلى وجود سوق هائل في كان، بينما هناك سوق محدود للغاية في فينيسيا وهو ما أرجعه ماركو موللر مدير مهرجان فينيسيا في حديثه معي إلى أن موعد اقامة المهرجان لا يناسب الأفلام التجارية الأمريكية.
المهم أن "تشياك" تستطلع يوميا آراء 20 ناقدا من نقاد السنما في الصحف والمجلات الرئيسية في إيطاليا مثل لاريبوبليكا واليونيتا وكورسيرا ولاستامبا والتومبو والمانيفستو وغيرها.
الطريف أن الفيلم الذي يتصدر الترشيحات حاليا بعد عرض ثلاثة أرباع أفلام المسابقة، هو فيلم الرسوم الياباني الطويل "فوق ربوة على شاطئ" لمخرج هاياو ميازاكي. فهل تفعلها لجنة التحكيم وتمنح فيلما من أفلام الرسوم الأسد الذهبي؟
شخصيا أستبعد هذا، ليس لأنني لا أحبذ فوز هذا الفيلم الذي لم أشاهده على أي حال، بل لأن فيم فيندرز رئيس لجنة التحكيم ليس من السينمائيين الذين يرحبون كثيرا- في اعتقادي- بمنح الجائزة الكبرى لفيلم من أفلام الرسوم. وأظن، وبعض الظن إثم، أنه قد يتحمس أكثر لفيلم مثل الأمريكي The Burning Plain فهذا الفيلم الذي كتبه جيلرمو أرياجا Arriaga كاتب سيناريو أفلام اليخاندرو جونزاليس (أموروس بيروس، 21 جراما، بابل) هو أولا واحد من أفضل ما عرض في هذه الدورة، وثانيا هو أقرب إلى عالم فيندرز نفسه كما يتبدى في أفلامه الشهيرة "باريس- تكساس"، و"الملائكة تحلق فوق برلين".
والطريف أن المقال المكتوب بالانجليزية في "تشياك" يشن هجوما لاذعا على أفلام المسابقة ويتهكم بوضوح على لجنة اختيار الأفلام بل وعلى مدير المهرجان بسبب ما تعتبره كاتبة المقال ماريروسا مانوسو (ناقدة جريدة الفوجليو Il Foglio ) فشلا في العثور على أفلام جيدة تخلتف عن الأفلام "الزبالة"- حرفيا- التي تضمها المسابقة!
وتدعو الكاتبة إلى التقليل من "أنطونيوني" والإكثار من "دينو ريزي" بمعنى التقليل من الأفلام ذات التطلعات الفنية التي تريد أن تحاكي أسلوب أنطونيوني، والاعتماد أكثر على الأفلام الأكثر شعبية المصنوعة جيدا مثل أفلام ريزي.
لا أتفق معها تماما فيما وصت إليه، فهناك، خارج المسابقة، في قسم مثل "أيام فينيسيا" المخصص لسينما المؤلف، أفلام أفضل كثيرا من أفلام المسابقة.

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2008

يوميات فينيسيا 7


يوم آخر من الأفلام الضعيفة في المسابقة. نقاد كثيرون مستاءون منهم الناقدة المخضرمة الألمانية المقيمة في باريس منذ ربع قرن هايكي هيرست، والأكاديمية الألمانية أيضا بريحيت بومرز التي تدرس السينما في جامعة بريستول، والناقد البريطاني ديريك إيلي. وأصبح من الطبيعي تماما أن تستمع في الردهات إلى التساؤلات حول سبب ردءاة الأفلام، حتى أن الناقد والمؤرخ الإنجليزي رونالد برجان الذي اشتركت معه في لجنة تحكيم النقاد في مهرجان كان قبل 6 سنوات قابلني صباح اليوم منزعجا، ليس من المهرجان، بل مما أطلق عليه "أزمة في السينما العالمية". فهو يرى أن المهرجان ربما يكون قد أساء الاختيار، لكن هناك إفلاس سينمائي في العالم حاليا.
الواضح أن السينما الفرنسية في حالة إفلاس شبه تام بعد ما رأيناه حتى الآن. فقد أشرت في رسالة سابقة إلى الفيلم الفرنسي الضعيف "الشيطان في الظلال"، ومساء أمس شاهدنا فيلما فرنسيا آخر هو "الآخرى" يستوحي من الأفلام التي يصنعها مايكل هانيكه وخاصة فيلمه "مدرسة البيانو" الذي تفوقت فيه الممثلة السويسرية القديرة إيزابيل أوبير. فيلم "الأخرى" هو تقليد ممسوخ لهذا الفيلم ولكن بلا معنى ولا رؤية ولا فلسفة بل مجموعة من المشاهد المتواترة لإمرأة تتحول تدريجيا إلى الجنون التام.. دون أن ندري لماذا. الممثلة دومنيك بلان بذلت كل ما تستطيع ولكن بدون إقناع أساسا بسبب رداءة السيناريو.
والفيلم الأمريكي "فيجاس" الذي أخرجه المخرج الايراني الذي ذاع صيته في الثمانينيات أمير ناديري (مخرج فيلم العداء) جاء أيضا ساذجا في موضوعه ومعالجته. هو فيلم يتسق مع الرؤية الأخلاقية أو بالأحرى، الرسالة الأخلاقية المبسطة التي تمتلئ بها الأفلام الإيرانية التقليدية. وهي هنا تتلخص في أن الجشع يؤدي بصاحبه إلى الهلاك.. هلاك النفس.. وياله من اكتشاف
عظيم!
لكننا شاهدنا فيلما رفيعا من البرازيل وإن كان موضوعه ليس جديدا عن العلاقة المتوترة بين السكان الأصليين والرأسمالية الزراعية التي تريد الاستيلاء على أراضيهم وطردهم منها. الفيلم بعنوان "مراقبو الطيور" لماركو بخيس.
مازال هناك ما ننتظر ونترقب مشاهدته على أحر من الجمر مثل فيلم المخرج الاثيوبي الكبير هايلي جيريما، والفيلم الروسي "جندي من ورق". ولننتظر ونرى!

الاثنين، 1 سبتمبر 2008

يوميات فينيسيا 6



أنا وماركو وماريان والسينما العربية

صباح اليوم كان موعدي مع مدير المهرجان ماركو موللر الذي بدأ دورته الثانية كمدير لهذا الحدث السينمائي السنوي المتجدد، والتي ستستغرق 4 سنوات أخرى. وكان ماركو من قبل مديرا لمهرجان لوكارنو، كما كان مديرا لمهرجان روتردام عند تأسيسه. وهو إيطالي الأب، وأظن سويسري الأم، يجيد عدة لغات منها اللغة الصينية أو الكورية على ما أذكر، بالاضافة إلى الايطالية والألمانية والفرنسية والانجليزية. غير أن معرفة اللغات ليست جواز مروره لعالم المهرجانات بل أساسا، معرفته العريضة بالسينما.
كنت قد تلقيت رسالة اليكترونية من المكتب الصحفي للمهرجان قبل بدء المهرجان بحوالي 10 أيام أي بعد الإعلان الرسمي عن برنامج المهرجان، تقول إنهم يمكن أن يرتبوا لي مقابلة صحفية مع موللر إذا كان الأمر يهمني. وكان ردي أنني "مهتم" بالأمر وسيسعدني إجراء مقابلة معه.
ملحوظة: يمكنني القول بثقة إنني بعد أكثر من 30 عاما في ممارسة النقد، وإنشاء وتنشيط نواد للسينما، واصدار مجلة سينمائية ورئاسة أكبر تجمع لنقاد السينما في الشرق الأوسط، وإصدار عدد من الكتب، وترجمة
مئات الآلاف من الكلمات عن السينما، والحديث في عشرات المحطات والقنوات التليفزيونية حول قضايا السينما، والتردد على عشرات المهرجانات الدولية وعضوية لجان التحكيم هنا وهناك، أقول أشك كثيرا في إمكانية حصولي على مقابلة خاصة بشروطي، مع مدير أي مهرجان في العالم العربي. وأتذكر كيف "لطعني" مدير مهرجان في المشرق العربي أنتظر مقابلته قبل نحو 17 عاما لمدة ساعتين، قبل أن يبدأوا في النداء علي من خلال ميكروفون لكي أصعد لمقابلة حضرة المدير العظيم. فأخذت أستمتع بالاستماع إلى إسمي يتردد في الميكروفون عشر مرات أو أكثر، ثم وأنا أغادر باب الفندق لكي أحتفل بالحياة مع بعض الأصدقاء بعيدا عن بيروقراطية المكاتب!

اجانب وعرب
أعود إلى قصتي مع موللر. مسؤولة الصحافة الأجنبية في مهرجان فينيسيا كلير ليش، هي إنجليزية تعيش وتعمل في ايطاليا (موللر نفسه عمل مديرا لمهرجان برلين من قبل، ومدير برلين الأسبق جاء مديرا في البندقية وهو ألماني، وعمل إنجليزي مديرا لمهرجان روتردام في الماضي، وهكذا.. فهل يمكن لمدير من تونس مثلا أن يعمل مديرا لمهرجان في سورية، أو مصر او العكس.. ستقوم حرب أهلية على صفحات الصحف!!).
وقد عادت كلير إلي لتقول إنه يمكنهم تدبير مقابلة عبر الهاتف مع موللر خلال الأيام الثلاثة المقبلة (قبل المهرجان بمدة كافية).
وكان ردي أنني غير مهتم باجراء مكالمات عبر الهاتف، بل أرغب في إجراء مقابلة مباشرة معه وجها لوجه لمدة من 15 إلى 20 دقيقة، تسجل وتبث عبر راديو بي بي سي العربي، وعلى موقعنا على الانترنت (بي بي سي أرابيك دوت كوم).
لم أتلق أي رد حتى مساء أمس عندما فوجئت برسالة على الموبيل من كلير تطلب مني أن أؤكد أنه يمكنني إجراء المقابلة مع موللر في العاشرة من صباح الغد (الأحد). أبلغتها بموافقتي، وأجريت تعديلات في برنامجي لكي أشاهد الفيلم الإيطالي الثاني في المسابقة وهو فيلم "والد جيوفانا" لبوبي أفاتي في الواحدة ظهرا بدلا من التاسعة صباحا ضمن العروض المخصصة للصحافة اليومية.

ماريان هنا
وصلت إلى الطابق الأول (الأعلى) في قصر المهرجان ووجدت كلير في انتظاري، وقدمتني لمساعدة موللر التي أخبرتني أن "ابنة أخت يوسف شاهين" ستحضر الآن لرؤية ماركو موللر لعدة دقائق إذا لم يكن لدي مانع. قلت "ماريان خوري".. طبعا يسعدني جدا أن ألتقي بها. وكان آخر لقاء لي مع ماريان في مكتب يوسف شاهين قبل وفاته بنحو شهرين.
وجاءت ماريان، وتحدثت بحماسة عن هذه المدونة وما قرأته فيها، وأبدت إعجابها بمما كتبته عن ذكرياتي مع يوسف شاهين، وتبادلنا الرأي في تقصير المهرجان مع السينما العربية في حين أن الكثيرين يعتبرون موللر صديقا لهذه السينما. وافقتني على أن أطرح هذه النقطة معه بمنتهى القوة.
فيلم شاهين الكلاسيكي "باب الحديد" سيعرض اليوم في منتصف الليل تكريما لهذا المخرج الكبير الذي رحل عن دنيانا بعد أن ملأها صخبا طيلة أكثر من 50 عاما.

الحوار
حواري مع ماركو كان جيدا، وكان الرجل يجيب بهدوء عن كل الأسئلة بدون أي توتر، بل على العكس، فقد
قبل الكثير من انتقاداتي وتلميحاتي واعترف بأن هناك بعض القصور أو التقصير تجاه ما أطلق هو عليه سينما "المشرق" وقد استخدم الكلمة العربية في حديثه. وقال إنه كان يسعده أن يحصل على فيلم "عين شمس" لكن لا أحد تقدم به، ولم يعرف شيئا عنه إلى أن عرض في مهرجان تاورمينا. وقال أيضا إنه أعجب بفيلم مجدي أحمد علي "خلطة فوزية" وكان يريد ضمه إلا أن نسخة المشاهدة لم تصل إلا يوم 20 يوليو أي قبل إعلان البرنامج بساعات، وإن مساعديه في لجنة المشاهدة والاختيار لم يفهموا الفيلم ولم تكن هناك فرصة لإقناعهم واعادة عرض الفيلم ومناقشته مع ضيق الوقت.
المقابلة فيها الكثير من النقاط المثيرة. وستنشر كاملة في موقع بي بي سي وتبث في الراديو ثم ننشرها في هذه المدونة.
ماريان خوري ظلت جالسة طوال تسجيل المقابلة بدعوة من ماركو وترحيب مني (داعبتها بقولي: لكي تكوني شاهدة).
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger