هناك مثلا فيلم معين ظهر وسرعان ما سود الكثيرون الصفحات في الاشادة بعبقرية مخرجته المبتدئة المرتبكة لأن منتج الفيلم "صاحبنا" و"ومنا وعلينا"، وأحيانا أخرى لأن صاحبة الفيلم "صاحبتنا وفتاة رقيقة وهذا الفيلم اولى تجاربها ولابد من تشجيعها"، وأحيانا ثالثة لأن الفيلم "نسائي بامتياز" ويعبر عن فكر جديد.. وطبعا يجب أن نلاحظ هنا ان "الكلام اصبح ببلاش" كما يقال، فكلمة فكر هي في حد ذاتها اهانة للفكر عندما تتوقف أمام هذا الفيلم البسيط الذي يمكن لأي ناقد متمرس من خارج منظومة نقاد مقاهي وسط القاهرة من الشباب وغيرهم، أو من خارج العالم العربي كله، أن يدرك أنه فيلم مفكك ضعيف مترهل يعاني من سوء الاختيار سواء في الفكرة أو الممثلين أو من حيث لغة الاخراج.. وليس المهم هنا اسم الفيلم، ولكننا نضرب مثالا بهذا النوع من "الاتفاق التآمري" بين عدد من الكاتبين، يعتقدون أن الاسراع الى كتابة كلمات المديح المجاني واعتبار كل ما يجده النقد العلمي ضعيفا في الفيلم عنصر قوة يشاد به، الأمر الذي يشير حقا الى "محنة النقد"...
حرام أيضا أن يتورط نقاد راسخون في ممارسة هذا العبث حتى يقال عنهم فقط أنهم من "النقاد الذين يشجعون المبتدئين" ومن "النقاد الحلوين" أصحاب "الدم الخفيف" ..إلخ فهم بمثل هذا السلوك يسقطون في المستنقع ويساهمون في انحطاط السينما نفسها!
قد يمكن لمهرجانات لا تعرف ماذا تفعل بالفلوس أن توزع جوائزها المالية الضخمة على كل ما تراه من أفلام بالتساوي حتى ترضي الجميع من كل الجنسيات العربية ولكي لا يغضب أحد او يقول ان هناك تحيزا لبلد ما، وهذا شأن هذه المهرجانات، ولا تعني الجوائز في هذه الحالة أي شيء عند الناقد الحقيقي الجاد الذي يتعامل مع الأفلام بمنطق محدد له معاييره العلمية، لا بمنطق أن الجائزة تؤكد قيمة الفيلم.. وكثيرا ما منحت الجوائز لأفلام لا تستحق أن تنتج أصلا..
وأخيرا لا شك أن هناك فرقا كبيرا بين الاحتفال وبين النقد.. ومن يريد ان يحتفل بفيلم ما وصاحبه أوصاحبته يستطيع ان يقيم له حفلا في بيته.. أما كتابة مقالات النقد فموضوع آخر.. أليس كذلك!
0 comments:
إرسال تعليق