يعيد
الفيلم السينمائي البولندي "إيدا" Ida للمخرج بافل باولكوفسكي المقيم في
بريطانيا، مجددا- تصوير موضوع درامي إنساني يرتبط بما يعرف بـ"الهولوكوست"،
أي إضطهاد النازيين لليهود، وما يقال عن إرسالهم إلى "غرف الغاز" بغرض
"الإبادة الجماعية" خلال الحرب العالمية الثانية. هذا الموضوع الذي أنتجت
عنه مئات الأفلام الدرامية والتسجيلية والمسلسلات التلفزيونية. وتتفق معظم
هذه الأعمال على أن "الهولوكوست" صناعة ألمانية، وأنه مرتبط بالعنصرية
النازية تحديدا، التي كانت موجهة - بشكل إستثنائي- ضد اليهود واليهود
وحدهم، وهي نظرة تلقى أيضا من يشكك في صحتها وينقدها بل وينفيها بأبحاث
وكتابات مضادة في الغرب.
أما فيلم "إيدا" فهو يرد الموضوع إلى طرف آخر،
فهو يتهم البولنديين الكاثوليك باستغلال الخطاب النازي الدعائي المعادي
لليهود خلال الحرب العالمية الثانية، والمشاركة في قتل اليهود البولنديين،
بغرض الاستيلاء على منازلهم وممتلكاتهم. لكن أهمية الفيلم ونقاط تميزه لا
تعود فقط إلى هذا الجانب الذي يجعله مختلفا عن كثير من الأفلام التي سبقته،
بل إلى شكل تناوله للموضوع وأسلوبه الفني الخاص والمتميز كثيرا.
يبدو هذا الفيلم للوهلة الأولى، تقليديا في بنائه، إلا أن نظرة متعمقة
في أبعاده وتضاريسه الفنية تكشف أننا أمام فيلم "طليعي" بدرجة كبيرة، يتمرد
على الجماليات السائدة في مثل هذا النوع من الأفلام، بل ويتلاعب بالشكل
تماما، كما يغير من مسار الموضوع ليبعده تماما عما يمكن ان يتوقعه وينتظره
المشاهد.
الفيلم يبدو أولا، مخلصا لمنطق الدراما التقليدية (الأرسطية)
في حفاظه على وحدتي الزمان والمكان، فالأحداث تدورفي عام 1960 أي بعد خمسة
عشر عاما من نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945. وثانيا يخلص
سيناريو الفيلم للنصيحة الأولية التي توجه عادة لكتاب السيناريو، مما يجعله
يركز على شخصيتين رئيسيتين فقط هما: الفتاة (إيدا) وخالتها "فاندا".
0 comments:
إرسال تعليق