السبت، 12 يناير 2019

المهرجانات بين المدفع والعامة




حضرت الكثير من المهرجانات السينمائية التي تقام في الشرق والغرب، في العالم العربي وخارجه، وشاهدت كيف تُفتتح المهرجانات السينمائية الكبرى في العالم، مثل مهرجانات كان وفينيسيا وبرلين وسان سباستيان وغيرها، ولاحظت أن مقدم (أو مقدمة) الحفل، يكون عادة هو نجم حفل الافتتاح، شخصية إعلامية لامعة محبوبة من طرف الجمهور في البلد المضيف. وقد يقدم هذا "النجم الإعلامي" المحترف رئيس المهرجان الذي يقدم بدوره لجان التحكيم، وربما يلقي كلمة مقتضبة يرحب فيها بالضيوف ويعلن افتتاح الدورة قبل أن يبدأ عرض فيلم الافتتاح.
وفي حالة حضور وزير الثقافة إلى حفل الافتتاح، لا يصعد على خشبة المسرح، ولا يلقي خطبة إنشائية حول "دور السينما في إعادة بناء الإنسان".. وكل هذا اللغو الذي يتكرر في البلاد التي مازال يسيطر على عقول المسؤولين فيها هاجس توجيه الفنون للدعاية لمنجزات السلطة السياسية.
من بين الكثير الذي شهدته شرقا وغربا، هناك حالتان استثنائيتان تختلفان عما يحدث في العالم كله، الحالة الإيرانية والحالة المصرية.  ففي إيران التي تخضع فيها جميع مؤسسات الثقافة وغير الثقافة للمؤسسة الدينية، تُفتتح مهرجانات السينما بتلاوة القرآن الكريم حيث يجلس مقرئ فوق مقعد منصة المسرح، ويقرأ أمام الجمهور لعدة دقائق. وفي مصر التي تخضع مجريات الأحوال فيها للمؤسستين الأمنية- العسكرية، تفتتح المهرجانات بالنشيد الوطني، هنا يهب جميع الحاضرين بمن فيهم الضيوف الأجانب، واقفين تحية للوطن أي للدولة المضيفة.
في الحالة الأولى، يعلو المفهوم الديني فوق الفن بل وفوق كل شيء، وفي الحالة الثانية،  يعلو مفهوم الوطن بمعناه الضيق الذي يتمثل في الجيش، خاصة وأن السلطة المصرية تتدخل في جميع المهرجانات الدولية التي تقام في مصر، فتخضع أفلامها للرقابة، وتعتبرها ملكا لها، سواء حصلت على دعم منها أو لم تحصل، ولذلك يحرص وزير الثقافة على افتتاح كل ما يقام من مهرجانات سينمائية بما في ذلك التي لا تنظمها وزارته، ولابد أن يصعد الوزير إلى المنصة، لكي يلقي خطبة طويلة حول دور السينما في "إعادة بناء الإنسان".
لا يوجد اختلاف كبير بين ما يحدث في إيران وما يحدث في مصر، ففي إيران في خضم حالة "الهستيريا الدينية" المهيمنة، يصعد ممثلو السلطة الدينية إلى المنصة بأزيائهم التقليدية وعماماتهم يتناوبون على إلقاء خطابات تمتليء بالعبارات الدينية، وكلما وردت في سياق خطاب المسؤولين ذكر رسول الله (ًص) إلا ونهض الحاضرون جميعا ليرددوا في نفس واحد "الله صلي على محمد وعلى آل محمد"، وهو سلوك يرغم الحاضرين من الضيوف الأجانب، على الوقوف وهم يتطلعون حولهم في خوف ووجل دون أن يفهموا بالطبع، هل هم في حفل افتتاح مهرجان سينمائي أم في مسجد وسط حشد يستعد للصلاة.
أذكر أنه في حفل افتتاح أحد مهرجانات السينما (الدولية) التي تقام في مصر، احتفل المنظمون وقتها بمرور خمسين عاما على "ثورة" 23 يوليو 1952، فأعدوا احتفالية خاصة بنجوم السينما الذين كانوا في الأصل ضباطا في الجيش، ثم عرضوا فيلما وثائقيا حربيا من حرب أكتوبر 1973 في إطار تحية الضباط والجنرالات السابقين الذين تراصوا فوق خشبة المسرح، ووسطهم وقف "السيد اللواء المحافظ"، وفوجئ ضيوف المهرجان من الأوروبيين والآسيويين بما يحدث، وخصوصا بالفيلم الذي يمتليء بقصف الطائرات الحربية، وهدير الدبابات، والقذائف المدفعية والصاروخية، وكأنهم أصبحوا فجأة وسط تظاهرة عسكرية: فعلى المسرح ضباط أو ممثلون كانوا ضباطا، وعلى الشاشة فيلم حربي تصحبه موسيقى عسكرية صاخبة.
لم يدرك المسؤولون عن المهرجان والاحتفالية أن هذا الاستعراض فيه إساءة كبيرة للمهرجان فمعروف أن المهرجانات تقام عادة في أجواء مدنية من السلام والاسترخاء والأمن، لا في أجواء الحرب والعسكرة!
وطرائف المهرجانات العربية كثيرة على أي حال، نكتفي بهذا القدر منها.

مفارقات في التاريخ






لم أفهم أبدا مواقف بعض أصدقائي المثقفين من الأحداث السياسية ولم أستوعب أبدا أن يكون للمرء موقفان، واحد معلن والثاني سري أو جاهز للإعلان عندما يقتضي الأمر أو عندما تقتضي الظروف وتسمح.

كان هذا على سبيل المثال موقف الكثير من "المثقفين" من ثورة يناير 2011 في مصر التي بدأها شباب لا ينتمي لكتل أو تنظيمات سياسية، وكانت شعاراتهم بسيطة للغاية، فقد كانوا يطالبون بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. ولم يكن هؤلاء الشباب سوى تعبير عن الغالبية العظمى من أبناء الشعب المصري، بل ربما كانوا في مطالبتهم بـ "الخبز" تحديدا يطالبون به لغيرهم من سواد الشعب، فهم من أبناء الطبقة الميسورة الذين تلقوا تعليما عاليا وكانوا في معظمهم يشغلون مناصب ومواقع مرموقة أي لم يكونوا يعانون أساسا من ضيق ذات اليد، لذلك كانت مطالبهم الأخرى استكمالا لمطلب العيش أو الخبز، تتعلق بالحرية والكرامة وهي من أوليات حقوق الإنسان.

وعندما كانت الصورة تعكس انتصار الثورة وتشير إلى أن التغيير قادم لا محالة، اتخذ عدد من المثقفين مواقف مؤيدة للثورة ومنحازة لمن قاموا بها بعد أن كانوا يشككون ويتشككون فيها، بل وهناك البعض منهم أدانوا أنفسهم وعبروا عن شعورهم بالخزي والعار أمام هؤلاء الشباب الذين كشفت مواجهتهم البطولية مبادرتهم بإعلان الغضب، عن تخاذل وضعف الكثير من المثقفين الذين رضخوا وروجوا طويلا للخضوع للسلطة.

وعندما بدا أن جماعة الإخوان المسلمين توشك أن تقفز على السلطة في ظروف مريبة عجيبة أثارت الكثير من التساؤلات، كتبت وقتها مرارا وتكرارا على مدونتي الخاصة، أحذر من احتمال أن تنتهي الثورة لصالح قوة رجعية معادية للتاريخ مثل الاخوان المسلمين. وفي فترة الغموض والاضطراب التي جاءت بعد رحيل مبارك، تحدثت عبر شاشة قناة محسوبة على تيار إسلامي في لندن، وفندت أكاذيب الاخوان ومزاعمهم مما أحرج المذيع الذي استضافني في برنامجه، وكان لعودتي للظهور فيما بعد ونقدي الشديد لفكر الإخوان، سببا في إلغاء البرنامج.

وقد توقفت أمام مشهد "هبوط" يوسف القرضاوي الزعيم الروحي للإخوان، على منصة الخطابة في ميدان التحرير فيما عرف بـ "جمعة النصر" وهو ما شبهته بعودة الخميني من باريس إلى طهران وركوبه الثورة الإيرانية.

وأسعدني أن يتفق معي في هذا الحدث، محمد حسنين هيكل الذي استخدم نفس الوصف في مقابلة أجراها معه محمود سعد في التليفزيون المصري (بتاريخ 20 فبراير 2011)، لكن ما كان صادما بالنسبة لي هو موقف الصديق الناقد الراحل سمير فريد الذي لم أفهمه أبدا، فقد كتب مقالا في "المصري اليوم" بتاريخ 19 فبراير 2011، تحت عنوان "القرضاوي في إحدى أعظم خطب العصر الحديث يؤكد استمرار الثورة" قال فيه:

"خطبة القرضاوي في ميدان التحرير، أمس، أمام ما يقرب من ثلاثة ملايين مصري في احتفال جمعة النصر، من النصوص التي يجب أن تدرس للطلبة والطالبات مع استئناف الدراسة في المدارس والجامعات بعد نجاح الثورة". ثم مضى يقول:

"كم ابتذل تعبير "خطاب تاريخي"، حيث أطلق على أي كلام فارغ يردده أي ديكتاتور يحكم بالقوة المسلحة ضد إرادة الشعب، ولكن ها هو خطاب القرضاوي يعيد المعنى الحقيقي لعبارة "الخطاب التاريخي"، بل إنه من أعظم الخطابات في العصر الحديث، في مصر والعالم، مثل خطاب مارتن لوثر كينج في أمريكا "لدىّ حلم"، ومن قبله خطاب غاندي في الهند، ومن بعده خطاب مانديلا في جنوب أفريقيا".

ولم يكن أمامي سوى أن أتذرع بالصمت، ولم يكن لدى سمير ما يقوله بعدما أسفر القرضاوي وجماعته عن وجوههم القبيحة. وكنت أعلم جيدا أن للتاريخ أكثر من وجه، ومن وجوهه الظالمة أن يصبح أشد أعداء الإخوان، "محسوبا على الإخوان" كما روج بعض المنتفعين والمرتزقة فيما بعد. وهو موضوع يطول فيه الحديث!

السبت، 2 يونيو 2018

الثقافة العربية لا تعترف بالسينما





كان اعتقادي دائما، منذ أن بدأت الكتابة، أن السينما فن "عير معترف به" في العالم العربي. وهو اعتقاد لايزال قائما حتى يومنا هذا. وعندما أقول أنه "غير معترف به" فالمقصود أنه لا يعد جزءا من "الثقافة العربية"، على الرغم من وجود أعداد متزايدة باستمرار من دارسي السينما في عدد محدود من مدارس السينما، وظهور العشرات من ورش العمل السينمائي، بل وإقامة عدد من المهرجانات السينمائية المحلية والدولية.

إن كل هذه "الكيانات" لا تعني أن هناك "إعترافا" بالسينما كفن مستقل قائم بذاته، وكجزء أساسي من الثقافة العربية، ثقافة المجتمع والناس والمؤسسات العلمية والتعليمية بل والدينية أيضا، فوجود "أفلام" تنتج- سواء بالجهود المحلية وتتوجه أساسا للسوق الداخلية، كما في الحالة المصرية، وهي الوحيدة التي يمكن الحديث عن "صناعة سينمائية" لديها، أو من خلال التمويل الأوروبي والإنتاج المشترك كما في حالة المغرب العربي ولبنان وفلسطين وغيرها من التجارب التي لم تؤسس بعد لـ "صناعة"، وتتوجه أفلامها عادة إلى المهرجانات العالمية وبعضها قد يجد طريقه للعرض في قنوات التليفزيون الفرنسية مثلا، لا يعني اعترافا مجتمعيا ومؤسساتيا بالسينما كفن.
المقصود بـ"الثقافة العربية" الأفكار المستقرة الراسخة لدى المؤسسات التعليمية والدينية والسياسية والاجتماعية عن السينما، فهي ما زالت تنظر بتوجس إلى "ثقافة الصورة"، فقد ترسخ في العقل الجمعي أن "ثقافة الكلمة" أعلى مرتبة من ثقافة الصورة، بل إن الصورة أي السينما وأخواتها، عند الكثيرين وقد تفرقت دماؤها، بين أجهزة الإعلام، والتصوير الفوتوغرافي والصحفي والتليفزيوني الإخباري، والرسم الذي يعد فنا للنخبة، والفيديو ميوزيك الذي لا يلقى أصلا أي نظرة جدية في التعامل معه، بسبب شيوعه فيما يطلق عليه "الفيديو كليب" أو الأغاني المصورة الراقصة ذات المناظر المثيرة. بل ويمكنني أيضا القول إن الصورة ربما تنحصر عند كثيرين من أصحاب الميول "العملية" أيضا في تلك الصور التي تقوم بتسجيلها كاميرات المراقبة الليلية، لحساب أجهزة الأمن.
الاعتقاد السائد أن السينما ليست فنا، بل وسيلة من وسائل التسلية، أي أقرب إلى الكباريه، وهي ترتبط في أذهان معظم القائمين على المؤسسات الثقافية من حملة الدكتوراه، بالرقص والغناء والمغامرات والتهريج، ومازالت هناك "فتاوى" تحرم السينما، استنادا الى تصور خاطئ بأن الصورة يمكن أن تكذب،  دون النظر إلى ما تردده "الكلمة" يوميا من أكاذيب!
ومن دلائل غياب الاعتراف بالسينما كفن جاد، عزلة النقد السينمائي، والنظرة المتدنية إليه من قبل المؤسسات الثقافية حتى التقدمية منها في العالم العربي، التي تعترف بكل أنواع الفنون والآداب، باستثناء السينما، فالنقد العلمي لقضايا السينما الفكرية والجمالية والدراسات التي تؤصل لهذا الفن، وتبحث في تاريخ تطوره وتطور نظرياته الجمالية، غائب حتى الآن عن الدراسات الأكاديمية في الجامعات العربية ناهيك عن نظم التدريس في المدارس العامة. ولذلك تغيب تماما عن دراسي الأدب مثلا، كيفية قراءة فيلم، أو فهم جماليات الصورة، ومازال حتى استقبال الأفلام يحدث على مستوى بدائي، أي يقرأ الفيلم كقصة ذات مغزى أخلاقي أو اجتماعي.
وتخصص المؤسسات الثقافية العربية جوائز في كل فروع المعرفة، باستثناء النقد السينمائي، الذي ينظر إليه بتعالٍ، ويُستبعد من دائرة الأدب والفكر، رغم وجود الكثير من الاجتهادات البارزة في هذا المجال، بل إن مهرجانات السينما التي تقام في العالم العربي وتخصص جوائز مالية كبيرة لكل أنواع الأفلام، لا تخصص جائزة واحدة للنقد السينمائي. وتعتبر مؤسسات الفكر ونشر الثقافة العربية نقد القصة القصيرة أهم من نقد الأفلام الطويلة، التي تؤثر في ملايين البشر. ومن دون الصحافة العامة التي يخصص القليل منها مساحات محدودة للنقد السينمائي، وإصرار قلة من النقاد على مواصلة النقد، يموت النقد في العالم العربي ويتلاشى. وهي محنة ما بعدها محنة!

الخميس، 4 يناير 2018

السينما في السعودية.. يامرحبا






السينما ستعود الى المملكة العربية السعودية. هذا خبر رائع، ومناسبة للاحتفال ليس فقط لأهميتها التي تشي بالاهتمام الكبير الذي يوليه الحكم السعودي في نهجه الجديد متمثلا فيما يقوم به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تجاه إعادة الاعتبار للفنون بأنواعها المختلفة: الموسيقى والغناء والفن التشكيلي والمسرح والسينما، بل لأنها خطوة واسعة في طريق تحرير السعودية من هيمنة الأفكار التقليدية الجامدة التي تعادي العصر وترفض الحداثة وتعتبرها رجزا من عمل الشيطان، في حين أن العالم كله يسير إلى الأمام متشحا بالحداثة منذ قرون!
قنوات المرتزقة من أتباع جماعة الإخوان المسلمين وأشباههم، تشن حملة ضارية على المملكة العربية السعودية وعلى الأمير محمد بن سلمان شخصيا، وينعق هؤلاء جميعا بالقول إن السماح بدخول السينما الى المملكة هو اهدار وتفريط في القيم الاسلامية، وهم بهذا يكشفون عن وجههم القبيح المعادي للفنون في حين أن زعماءهم الذين كانوا قد وصلوا في غفوة من الزمن والتاريخ الى السلطة في مصر، كانوا يزعمون أنهم ليسوا ضد السينما، ولا ضد الفن بشكل عام، ولكن فقط ضد الابتذال الفني أو استخدام الفن في الترويج للإثارة والعري. ولا يخالجنا أي شك في أن هذه لم تكن أكثر من مجرد مزاعم لحين الوصول إلى الى السلطة والتمكن منها، ثم بعدها يأتي المنع والحجب والشطب والاستبعاد والعقاب بدعوى مخالفة الفنون - خاصة فنون الصورة- للشريعة الإسلامية.
إن ما يتقول به مرتزقة قنوات الإخوان وأعوانهم من جماعات التكفير والإرهاب، الذين يصرخون صرخة كاذبة اليوم "واسلاماه"، لا يعرفون أن الإسلام ظل قائما في بلاد العرب منذ مئات السنين، لم يهتز ولم يتراجع ولم يشهد أي تهديد، إلا بعد أن سيطرت تلك الطغمة على الشارع وفرضت مفاهيمها الجامدة المتخلفة على الجميع قسرا وتخويفا وإرهابا، الأمر الذي دفع أعدادا كبيرة من الشباب إلى التشكك بعد انتشار تلك الدعاوى التي تتستر بالدين لمحاربة الفنون العصرية التي يعشقها الشباب في العالم الإسلامي وغير الإسلامي. ولم يعد ممكنا اليوم تجاهل الشباب وإغلاق الأبواب في وجهه، لا في السعودية ولا في غيرها، بعد أن أصبحت السماوات مفتوحة على بعضها البعض، ولم يعد في الامكان إبقاء الأبواب موصدة أكثر من ذلك وإلا لأصبح الأمر مهددا بالانفجار.
يزعم أعوان وأزلام الاخوان أن السينما لم يكن لها وجود يوما في السعودية، وأن القرار الجديد القاضي بالسماح بانشاء وافتتاح دور عرض سينمائي في السعودية هو قرار جديد جاء من الصفر، ويصورون الأمر على أنه سيقضي على قيم الإسلام، ونشر الفسق والفجور، في حين أن السعودية كانت تعرف دور السينما حتى سبعينات القرن الماضي، دون أن يتنقص وجودها بأي حال من حرمة الأماكن المقدسة، فدار السينما ليست من المحرمات، والعبرة بما تعرضه من أفلام، ونوعية هذه الأفلام ورسالتها وطريقتها في التصوير.
ومن الملفت أيضا أن مرتزقة قنوات الاخوان، وكثير منهم من أشباه الممثلين الفاشلين الذين لم تعرف لهم اهتمامات دينية من قبل وكانوا من المترددين كل ليلة على حانات وأوكار وسط القاهرة، تحولوا اليوم الى مسوخ "دعاة"، يحدثوننا عن الفضيلة والشرف والدين، ويهاجمون ويتهجمون في وقاحة، على دعاة الحرية والانفتاح على العالم بدعوى أنهم بهذا الانفتاح يهدرون قيم الإسلام. فهل تركيا التي يعيشون في رحابها ويستمتعون بحاناتها ومطاعمها ومواخيرها، تحظر دور السينما أو تفرض عليها رقابة "إسلامية شرعية"!

إن الترخيص لدور السينما في السعودية إلحاقا بقرار السماح للمرأة بقيادة السيارات، لاشك أنه جاء في سياق خطة ترمي الى إخراج السعودية من عباءة الماضي المغلق والالتحاق بالعصر، وهو ما عبر عنه بوضوح ولي العهد محمد بن سلمان عندما قال إنه سيقود "مملكة معتدلة ومتحررة من الأفكار المتشددة، والعودة إلى ما كنا عليه، أي إلى الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم".

 


جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger