الخميس، 4 يناير 2018

السينما في السعودية.. يامرحبا






السينما ستعود الى المملكة العربية السعودية. هذا خبر رائع، ومناسبة للاحتفال ليس فقط لأهميتها التي تشي بالاهتمام الكبير الذي يوليه الحكم السعودي في نهجه الجديد متمثلا فيما يقوم به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تجاه إعادة الاعتبار للفنون بأنواعها المختلفة: الموسيقى والغناء والفن التشكيلي والمسرح والسينما، بل لأنها خطوة واسعة في طريق تحرير السعودية من هيمنة الأفكار التقليدية الجامدة التي تعادي العصر وترفض الحداثة وتعتبرها رجزا من عمل الشيطان، في حين أن العالم كله يسير إلى الأمام متشحا بالحداثة منذ قرون!
قنوات المرتزقة من أتباع جماعة الإخوان المسلمين وأشباههم، تشن حملة ضارية على المملكة العربية السعودية وعلى الأمير محمد بن سلمان شخصيا، وينعق هؤلاء جميعا بالقول إن السماح بدخول السينما الى المملكة هو اهدار وتفريط في القيم الاسلامية، وهم بهذا يكشفون عن وجههم القبيح المعادي للفنون في حين أن زعماءهم الذين كانوا قد وصلوا في غفوة من الزمن والتاريخ الى السلطة في مصر، كانوا يزعمون أنهم ليسوا ضد السينما، ولا ضد الفن بشكل عام، ولكن فقط ضد الابتذال الفني أو استخدام الفن في الترويج للإثارة والعري. ولا يخالجنا أي شك في أن هذه لم تكن أكثر من مجرد مزاعم لحين الوصول إلى الى السلطة والتمكن منها، ثم بعدها يأتي المنع والحجب والشطب والاستبعاد والعقاب بدعوى مخالفة الفنون - خاصة فنون الصورة- للشريعة الإسلامية.
إن ما يتقول به مرتزقة قنوات الإخوان وأعوانهم من جماعات التكفير والإرهاب، الذين يصرخون صرخة كاذبة اليوم "واسلاماه"، لا يعرفون أن الإسلام ظل قائما في بلاد العرب منذ مئات السنين، لم يهتز ولم يتراجع ولم يشهد أي تهديد، إلا بعد أن سيطرت تلك الطغمة على الشارع وفرضت مفاهيمها الجامدة المتخلفة على الجميع قسرا وتخويفا وإرهابا، الأمر الذي دفع أعدادا كبيرة من الشباب إلى التشكك بعد انتشار تلك الدعاوى التي تتستر بالدين لمحاربة الفنون العصرية التي يعشقها الشباب في العالم الإسلامي وغير الإسلامي. ولم يعد ممكنا اليوم تجاهل الشباب وإغلاق الأبواب في وجهه، لا في السعودية ولا في غيرها، بعد أن أصبحت السماوات مفتوحة على بعضها البعض، ولم يعد في الامكان إبقاء الأبواب موصدة أكثر من ذلك وإلا لأصبح الأمر مهددا بالانفجار.
يزعم أعوان وأزلام الاخوان أن السينما لم يكن لها وجود يوما في السعودية، وأن القرار الجديد القاضي بالسماح بانشاء وافتتاح دور عرض سينمائي في السعودية هو قرار جديد جاء من الصفر، ويصورون الأمر على أنه سيقضي على قيم الإسلام، ونشر الفسق والفجور، في حين أن السعودية كانت تعرف دور السينما حتى سبعينات القرن الماضي، دون أن يتنقص وجودها بأي حال من حرمة الأماكن المقدسة، فدار السينما ليست من المحرمات، والعبرة بما تعرضه من أفلام، ونوعية هذه الأفلام ورسالتها وطريقتها في التصوير.
ومن الملفت أيضا أن مرتزقة قنوات الاخوان، وكثير منهم من أشباه الممثلين الفاشلين الذين لم تعرف لهم اهتمامات دينية من قبل وكانوا من المترددين كل ليلة على حانات وأوكار وسط القاهرة، تحولوا اليوم الى مسوخ "دعاة"، يحدثوننا عن الفضيلة والشرف والدين، ويهاجمون ويتهجمون في وقاحة، على دعاة الحرية والانفتاح على العالم بدعوى أنهم بهذا الانفتاح يهدرون قيم الإسلام. فهل تركيا التي يعيشون في رحابها ويستمتعون بحاناتها ومطاعمها ومواخيرها، تحظر دور السينما أو تفرض عليها رقابة "إسلامية شرعية"!

إن الترخيص لدور السينما في السعودية إلحاقا بقرار السماح للمرأة بقيادة السيارات، لاشك أنه جاء في سياق خطة ترمي الى إخراج السعودية من عباءة الماضي المغلق والالتحاق بالعصر، وهو ما عبر عنه بوضوح ولي العهد محمد بن سلمان عندما قال إنه سيقود "مملكة معتدلة ومتحررة من الأفكار المتشددة، والعودة إلى ما كنا عليه، أي إلى الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم".

 


0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger