السبت، 11 يناير 2014

رسائل وردود






وصلتني أخيرا مجموعة من الرسائل من قراء هذه المدونة أعرض هنا لبعضها خاصة من يطرح تساؤلات محددة بعيدا عن المديح الشخصي والثناء على ما أقوم به من جهد متواضع لا أراه يستحق الشكر..

·      أولا رسالة من القارئة عبير من القاهرة ترحب بعودة المدونة الى النشاط السابق ونشر المواضيع "الساخنة" – حسب وصفها- وتتساءل لماذا انقطعت فترة عن الكتابة للمدونة، ولماذا أمتنع أحيانا عن ذكر أسماء من أقصدهم بالانتقادات.
إجابتي أنني لم أنقطع بل قلت مساهماتي فيها بقدر انشغالي كثيرا في الكتابة لمواقع أخرى أراها أيضا مهمة، كما أن الكثير مما أرشه من مواضيع أو بالأحرى، آراء "ساخنة" تتسبب أحيانا في اساءة الفهم أو في قيام بعض من يستمتعون بتصيد أي شيء والاسراع بالوشاية بغرض احداث الوقيعة بين الأصدقاء وتفسير أي طلمة أككتبها على اعتبار أنها موجهة لفلان أو علان، علما بأنني لست معنيا بأشخاص معينين لا اجدهم يمثلون لي أي خطورة أو تهديد بل الحياة كما هو معروف (اختيارات).. وأضيف أنني لا أمتنع عن ذكر الأسماء بوضوح عندما أقصد التصدي لشخص معين يمثل حالة خاصة، أما المواضيع التي لا نذكر فيها أسماء محددة فيكون الهدف منها عادة التعامل مع ظاهرة ما أو حالة معينة لا ترتبط بشخص واحد بل بالكثيرين.

·      رسالة من القاريء فاضل من العراق يسأل عن كتب جديدة تطون قد صدرت لي.. والحقيقة أن آخر أو احدث كتاب صدر لي كان في أوائل العام الماضي 2012 وهو كتاب "سينما الخوف والقلق" ولم تصدر بعده كتب لي غير أن لدي حاليا كتابا جاهزا أعده للنشر قريبا.  فدعونا نتفاءل بعام 2014.
·      رسالة من الصديق "س" من فلسطين: يقول إنه يتابع ما أكتبه باستمرار ويتساءل عن سر انقطاعي عن مهرجانات سينمائية كعينة في العالم العربي. والاحابة: ليس هناك اي موقف من أي مهرجان.. لكنها الظروف التي تفرض على المرء أحيانا أن يقلل من السفر خاصة مع طول المسافات وخاصة أيضا وانا من النوع الذي يكره الرحلات الطويلة بالجو، وربما يكون هذا تحديدا السبب في أنني لم أسافر في حياتي حتى وقتنا هذا الى الغرب الأمريكي حيث عاصمة السينما العالمية هوليوود مثلا!
·      من مصر يكتب صلاح السيوي: "أعتقد ننا في حاجة كاسة لمراجعة موضوع النقد السينمائي بعد أن أصبحت كتابة النقد مسألة يستسلها الكثيرون الذين يكتبون يوميا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مثل توتير وفيسبوك وغيرها.. ويدلون بآراء خطيرة عن كثير من الافلام التي تستحق بيانات وافية اكثر تعمقا من الاحكام السريعة المبتسرة التي نقرأها". ويتساءل الصديق في نهاية رسالته: ماذا يمكن عمله بالنسبة لهذه الحالة المنتشرة؟
رأيي الشخصي أن هذه الكتابات ليست "مؤثرة" كثيرا على عكس ما يعتقد الكثيرون، بل هي تدور عادة في اطار مجموعات محددة من الاصدقاء الموجودين في هذا العالم الافتراضي، ولا أحد ممن يهتمون حقا بالسينما يأخذ هذه التعليقات والآراء السطحية الانطباعية مأخذ الجد خصوصا وأنها تكتب عادة باللغة العامية المبتذلة، وتنضح بالكثير من المجاملات. اتركها تموت بالسكتة القلبية أفضل.

الاثنين، 6 يناير 2014

السينما العربية.. أزمة المصطلح

لقطة من فيلم "وجدة"

بقلم" أمير العمري


"أزمة السينما العربية" موضوع مطروح للمناقشة يتردد منذ أن وعينا على الدنيا، تردده وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث والدراسات باستمرار، وتقام بشأنه -بين حين وآخر- الكثير من المؤتمرات والندوات والموائد المستطيلة والمستديرة دون أن يتطرق أحد المشاركين في تلك المناقشات إلى طرح معنى السينما العربية أصلا.
 
يجدر التساؤل بشأن ماهية السينما العربية قبل أن نحدد ما إذا كانت في أزمة، أم أن سؤال الأزمة بأكمله سؤال "مفتعل" لإشغال البعض بالبحث والجد والاجتهاد في ما لا يوصلنا قط إلى فهم عميق للموضوع بل إننا نخرج منه كما دخلنا عادة!
عندما نقول "السينما العربية" يجب أن يكون هناك أولا -وقبل كل شيء- اتفاق على معنى المصطلح، فهل نحن متفقون فعلا؟

الأحد، 5 يناير 2014

حكايات وطرائف من كواليس السينما




من فيلم "الطيب والشرس والقبيح"


يروي الممثل الأمريكي الراحل إيلي والاش عن تجربته في العمل مع المخرج الإيطالي سيرجيو ليوني في فيلم "الطيب والشرس والقبيح" The Good, the Bad and the Ugly الذي قام فيه بدور القبيح، فيقول إن ليوني لم يكن يعير اهتماما كبيرا لما يمكن أن يتعرض له الممثلون منمخاطر بل كان يستغرقي في التفكير في فيلمه بحيث ينسى كل ما حوله من البديهيات، ومنها ضرورة توفير السلامة للممثلين. ويقول والاش إنه كان أن يسقط من فوق ظهر الحصان عندما كان يصور مشهدا يقتضي أن تقيد يداه خلفه ثم يتم لف حبل المشنقة حول عنقه.. وهو المشهد الذي تكرر في الفيلم وكان ينتهي كل مرة بتدخل البطل الغامض الذي قام بدوره كلينت إيستوود باطلاق النار حتى يقطع الحبل ويفلت صاحبنا من الموت. وذات مرة تم بالفعل قطع الحبل بطريقة ما كما كانوا يفعلون، لكن الحصان أخذ يجري بعيدا وإيلي مقيد اليدين لا يمكنه عمل أي شيء وابتعد الحصان بسرعة كبيرة لمسافة ألفي متر وكان صاحبنا أن يقع من على ظهر الحصان ويصاب إصابات خطيرة.
ويقول إنه تعرض أيضا للموت عندما كانوا يقومون بتصوير المشهد الذي يفلت ويداه مقيدتان بالقيود الحديدية ويلجأ لوضعها على شريط الشكة الحديدية لكي يقطعها القطار القادم.. ويأتي القطات فعلا وهو رابض بجوار القضبان ينتظر أن يمر القطار فوق قيوده الحديدية فيقطعها، ولكنهم لم يعرفوا أن القطار يتحرك الى الخارج بنحو قدم كامل وكاد بالتالي أن يصطدم برأس إيلي والاش فيقضي عليه لولا أنه أبعد رأسه في اللحظة الأخيرة لينجو بمعزة من الموت!
ويروي كلينت إيستوود عن تجربته في العمل مع ليوني في ثلاثة من أفلامه (ثلاثية الدولارات كما تعرف) فيقول إن ليوني لم يكن يعرف كلمة واحدة من اللغة الإنجليزية وأن الحوار معه كان عبر مترجم، وكان يستعين بالكثير من الممثلين الإسبان (كان التصوير يجري في اسبانيا) والايطاليين ومن هولندا وغيرها.. وكان كل منهم يمثل بلغته أمام الآخر، ولم يكن الممثل الي أمامه يفهم بالتالي ماذا يقوله له كلينت كما لم يكن كلينت يفهم لكنهم كانوا يتعاملون حسب الحوار المطلوب مع بعض الارتجال بالطبع. ويضحك غيستوود عندما يتذكر أن المساعدين وبعض الممثلين الثانويين (الكومبارس) كانوا يتركون جهاز الراديو مسموعا يستمعون إلى الأغاني وهم يضحكون ويلعبون الورق قرب مكان التقاط المشهد، دون أن يكلف ليوني نفسه بأن ينهرهم. وكان المخرج الإيطالي الكبير الراحال يعتمد بالطبع فيما بعد، على الدوبلاج، باستخدام أصوات أخرى لممثلين تخصصوا في القيام بأدوار أبطال معينين فقد كان هناك من تخصص من الإيطاليين في القيام بدور كلينت ايستوود، وهكذا. ومعروف أن الأفلام الأمريكية تتم دبلجة حواراتها إلى الإيطالية والأمر نفسه في ألمانيا وفرنسا.  
وهناك الكثير الذي يروى عن تطرف المخرج الأمريكي الراحل سام بكنباه وتصراته المجنونة أثناء التصوير، فقد كان معروفا بادمانه الخمر، وكان عادة يذهب الى مواقع التصوير مخمورا، ولم يكن من شدة استغراقه في التعايش مع الفيلم كأنه في حالة حلم، يدرك أنه أعاد تصوير المشهد بما فيه الكفاية، أي عشرات المرات.. ويروي مساعده أنه كان ينبهه إلى ضرورة التوقف هنا. وذات مرة أعادة تصوير مشهد ما في فيلم "أعد إلي رأس ألفريدو جارثيا" مرات عدة ثم اقتنع أخيرا بأن الاعادة الأخيرة هي الأفضل وأنه سيتوقف الآن.. ويروي الرجل كيف أنه انتهى من تصوير الفيلم تماما وحمل جميع التقنيين معداتهم ووضعوها في السيارات والشاحنات وبدأوا في تشغيل محركاتها، وكان باكنباه لايزال جالسا يفكر في اللقطة الأخيرة التي انتهى تصويرها. وعندما  سار مبتعدا عن موقع التصوير مع مساعده أخذ يقول له إن أول ما سيفعله صباح اليوم التالي أن يصور هذه اللقطة مع الممثل نفسه، ناسيا أن تصوير الفيلم انتهى ولم يعد هناك المزيد!

من فيلم "كلاب القش"

وروى كثيرون ممن عملوا مع سام باكنباه أنه كان شديد العصبية وكان يتشاجر أحيانا بشكل مكشوف مع الممثلين، ويصيح في وجوههم ويهدد بوقف العمل في الفيلم. وقد اكتسب سمعة لدى شركات الانتاج (الاستديوهات) بأنه مخرج مثير للمشاكل، كما لم يكن يعرف قيمة الوقت أبدا، فقد كان من النوع الذي ينشد الكمال دون أن يصل إليه أبدا بالطبع.
وعندما بدأ العمل في مونتاج فيلمه الشهير "كلاب القش" Straw Dogs  (1972) وكان يقوم بالمونتاج مونتير انجليزي (الفيلم كله صور في اسكتلندا) أخذ يطالب المونتير بأشياء لا يمكنه القيام بها باتصل المونتير بشركة الانتاج في هوليوود يشكو باكنباه ويقول لهم إنه مخرج جاهل لا يعرف ماذا يريد وإنه سيدمر الفيلم. وقد قام المنتج المنفذ للفيلم الذي كان موجودا في لندن، عندما علم بذلك، باستبعاد المونتير على الفور لأنه لم يكن ممكنا أن يستمر التعاون بينه وبين باكنباه.
وروى الناقد الأمريكي الراحل روجر إيبرت أن السؤال الأول الذي وجه إلى باكنباه في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد العرض الخاص للفيلم لنحو 350 ناقدا وصحفيا لفيلم "العصبة المتوحشة" The Wild Bunch جاء من سيدة قالت بكل بساطة وبشكل يعبر عن الاستنكار: لماذا صنع هذا الفيلم أصلا؟

وقد أصبح الفيلم بعد سنوات طويلة من ظهوره عام 1969 من أهم أعمال السينما الأمريكية وواحدا من أفضل أفلام الويسترن.

السبت، 28 ديسمبر 2013

عن الحرامي والعبيط والضحك على الذقون!




حرام أن يتورط إثنان من أهم وأفضل الممثلين في السينما المصرية هما خالد الصاوي وخالد صالح، ويقبلان القيام بهذين الدورين في فيلم ساذج وبدائي مثل "الحرامي والعبيط" لمخرج يدعى محمد مصطفى (أوقات فراغ والماجيك). هذا فيلم من تلك الأفلام التجارية الشائعة التي ينتجها السبكي. وفكرة أن تكون هناك أفلام تجارية فكرة مقبولة بالطبع بل ولابد ان توجد الأفلام التجارية لكي تستمر الصناعة وتسير إلى الأمام. لكن فيلم "الحرامي والعبيط" عودة إلى الوراء، إلى ما يمكن وصفه بـ"أفلام الاستهبال" أي الأفلام التي تفترض في المتفرج البلاهة والتخلف العقلي، فمطلوب منك أن تجلس لنحو ساعتين تشاهد كيف يستغل "بلطجي" هو (خالد الصاوي) ضعف الحالة العقلية لرجل يصور لنا الفيلم كيف أن صدمته في خيانة زوجته له قد أدت به إلى حالة من الجنون، لكنه ليس مجنونا بل يفهم ويستوعب كما هو واضح بل أصبح اقرب إلى البلاهة، بحيث يضحك عليه البلطجي ويستغله لكي ينقل له قرنية عينه فيصبح هو سليما العينين، يمكنه الرؤية بهما، في حين يفقد الىخر عينا، ويتمادى صاحبنا في غيه أمام إغراء الحصول على المال السهل من عصابات نقل الأعضاء لكي يبيع لهم العبيط يحصلون من ا‘ضائه على ما يشاءون.. ولن أستطرد كثيرا في رواية تفاصيل القصة فليس للقصة أي مغزى، ولا لذلك السيناريو المتهافت الذي لم أصدق أن كاتبا مثل أحمد عبد الله صاحب الفيلم الممتاز "ساعة ونص" يمكن ان "يتورط" في كتابته!
المهم أن "الحرامي والعبيط" الذي يبدأ بداية جيدة تذكرنا بفيلم "الفي" Alfie البريطاني من عام 1966 (إخراج لويس جيلبرت)، وأيضا بالفيلم الجزائري الأول للمخرج مرزاق علواش "عمر قتلاتو" (1973) حينما نرى بطله خالد الصاوي ينتقل في الحي العشوائي الذي يقيم فيه يواجه الكاميرا من حين إلى آخر، لكي يصف لنا الشخصيات التي يقابلها ويعلق على ما يجري من أحداث في الحي يوميا.. سرعان ما يتحول إلى مجرد هزلية ميلودرامية تتخفى وتتقنع بقناع النقد الاجتماعي بدعوى معالجة مشكلة تجارة الأعضاء، من خلال تلك الأنماط التي كانت دائما لصيقة بالفيلم المصري الكوميدي التجاري المتدني منذ الأربعينيات حتى اليوم. وللأسف أن مثل هذه الأفلام (نطلق عليها أفلاما تجاوزا) لاتزال تجد لها مشاهدين في تلك الأوقات التي نعيشها في زمن الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، والتدهور الثقافي بالتالي.
ليس هناك أي سلوك أو حدث يمكنه إقناعك في هذا الفيلم بأن ما تشاهده له علاقة بالعالم الذي نعيش فيه رغم أنه يتدثر بثياب "الواقعية" بالطبع، فلا الحرامي أو البلطجي يبدو أن له ملامحا إنسانية من أي نوع، ولا العبيط الذي يستسلم كالنعجة لذلك الحرامي، يمكن أن يكون من عالمنا. الإثنان ليسا مثلا ضحية أي نوع من القهر الاجتماعي بل ضحية صناع هذا الفيلم المتهافت. أما الآنسة روبي في دور الممرضة فلا علاقة لها أصلا بعالم السينما، وظني أنها لا تصلح للوقوف أمام الكاميرا، لا من حيث الشكل ولا من حيث الأداء.

لقد ظلم خالد الصاوي نفسه كثيرا بقبوله مثل هذا الدور الذي يهبط فيه مستوى أدائه (المركب عادة) إلى أسفل مستوى، بل ويفشل حتى في إضحاك المتفرج بنكاته السخيفة وتعليقاته اللفظية السميكة، وهو اللهدف الأول من وراء صنع هذا الفيلم. أما خالد صالح، فقد اهان نفسه بقبوله هذا الدور الأحادث الذي لا يفعل فيه سوى تكرار ما يقوله اي ممثل أمامه بطريقة بلهاء! 
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger