حرام أن يتورط
إثنان من أهم وأفضل الممثلين في السينما المصرية هما خالد الصاوي وخالد صالح،
ويقبلان القيام بهذين الدورين في فيلم ساذج وبدائي مثل "الحرامي
والعبيط" لمخرج يدعى محمد مصطفى (أوقات فراغ والماجيك). هذا فيلم من تلك
الأفلام التجارية الشائعة التي ينتجها السبكي. وفكرة أن تكون هناك أفلام تجارية
فكرة مقبولة بالطبع بل ولابد ان توجد الأفلام التجارية لكي تستمر الصناعة وتسير
إلى الأمام. لكن فيلم "الحرامي والعبيط" عودة إلى الوراء، إلى ما يمكن
وصفه بـ"أفلام الاستهبال" أي الأفلام التي تفترض في المتفرج البلاهة
والتخلف العقلي، فمطلوب منك أن تجلس لنحو ساعتين تشاهد كيف يستغل
"بلطجي" هو (خالد الصاوي) ضعف الحالة العقلية لرجل يصور لنا الفيلم كيف
أن صدمته في خيانة زوجته له قد أدت به إلى حالة من الجنون، لكنه ليس مجنونا بل
يفهم ويستوعب كما هو واضح بل أصبح اقرب إلى البلاهة، بحيث يضحك عليه البلطجي
ويستغله لكي ينقل له قرنية عينه فيصبح هو سليما العينين، يمكنه الرؤية بهما، في
حين يفقد الىخر عينا، ويتمادى صاحبنا في غيه أمام إغراء الحصول على المال السهل من
عصابات نقل الأعضاء لكي يبيع لهم العبيط يحصلون من ا‘ضائه على ما يشاءون.. ولن
أستطرد كثيرا في رواية تفاصيل القصة فليس للقصة أي مغزى، ولا لذلك السيناريو
المتهافت الذي لم أصدق أن كاتبا مثل أحمد عبد الله صاحب الفيلم الممتاز "ساعة
ونص" يمكن ان "يتورط" في كتابته!
المهم أن
"الحرامي والعبيط" الذي يبدأ بداية جيدة تذكرنا بفيلم "الفي" Alfie البريطاني
من عام 1966 (إخراج لويس جيلبرت)، وأيضا بالفيلم الجزائري الأول للمخرج مرزاق
علواش "عمر قتلاتو" (1973) حينما نرى بطله خالد الصاوي ينتقل في الحي
العشوائي الذي يقيم فيه يواجه الكاميرا من حين إلى آخر، لكي يصف لنا الشخصيات التي
يقابلها ويعلق على ما يجري من أحداث في الحي يوميا.. سرعان ما يتحول إلى مجرد
هزلية ميلودرامية تتخفى وتتقنع بقناع النقد الاجتماعي بدعوى معالجة مشكلة تجارة
الأعضاء، من خلال تلك الأنماط التي كانت دائما لصيقة بالفيلم المصري الكوميدي
التجاري المتدني منذ الأربعينيات حتى اليوم. وللأسف أن مثل هذه الأفلام (نطلق
عليها أفلاما تجاوزا) لاتزال تجد لها مشاهدين في تلك الأوقات التي نعيشها في زمن
الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، والتدهور الثقافي بالتالي.
ليس هناك أي سلوك
أو حدث يمكنه إقناعك في هذا الفيلم بأن ما تشاهده له علاقة بالعالم الذي نعيش فيه
رغم أنه يتدثر بثياب "الواقعية" بالطبع، فلا الحرامي أو البلطجي يبدو أن
له ملامحا إنسانية من أي نوع، ولا العبيط الذي يستسلم كالنعجة لذلك الحرامي، يمكن
أن يكون من عالمنا. الإثنان ليسا مثلا ضحية أي نوع من القهر الاجتماعي بل ضحية
صناع هذا الفيلم المتهافت. أما الآنسة روبي في دور الممرضة فلا علاقة لها أصلا
بعالم السينما، وظني أنها لا تصلح للوقوف أمام الكاميرا، لا من حيث الشكل ولا من
حيث الأداء.
لقد ظلم خالد
الصاوي نفسه كثيرا بقبوله مثل هذا الدور الذي يهبط فيه مستوى أدائه (المركب عادة)
إلى أسفل مستوى، بل ويفشل حتى في إضحاك المتفرج بنكاته السخيفة وتعليقاته اللفظية
السميكة، وهو اللهدف الأول من وراء صنع هذا الفيلم. أما خالد صالح، فقد اهان نفسه
بقبوله هذا الدور الأحادث الذي لا يفعل فيه سوى تكرار ما يقوله اي ممثل أمامه
بطريقة بلهاء!
0 comments:
إرسال تعليق