الجمعة، 4 فبراير 2011

مذبحة المتظاهرين بميدان التحرير: شهادة مثقف ثائر

ان ما حدث يوم الاربعاء الثانى من فبراير عام 2011 هو جريمة ضد المصريين المتظاهرين سلميا فى ميدان التحرير وسط القاهرة جريمة و دليلا على اجرام نظام الديكتاتور مبارك.
توقع البعض ان ينخفض عدد المتظاهرين فى الميدان نسبيا بعد مسيرة المليون والتي وصل تعددها الي مايزيد عن الخمسة ملايين تقريبا وبالفعل جاء الاربعاء لينخفض العدد ونفاجأ عند الصباح ببعض المشبوهين يقفون عند بوابات الدخول يهتفون لمبارك ولقد شعرت بالاسي عندما رأيت وجوه مؤيدوه فعلا شعرت بالاسي الذي وصل اليه مبارك وماكان يتحدث عنه ليلة امس من ان التاريح سيفصل بينا لقد سكب الماء علي جبل من الرمل يدعي تاريخه عندما استعان بهولاء المأجورين ليمثلوه ادركنا منذ البداية ان هولاء العشرات حفنه مأجوره مر اليوم وبدأنا نسمع في الثانيه عن انباء تجمع بضع المئات عند ميدان عبد المنعم رياض كنا في البداية نظنهم جاؤا للتظاهر للتشويش و لكنهم بدأو الاحتكاك بنا و تلا ذلك في تمام الثانية والنصف تقريبا جلبة واصوات سياط وفوجئنا بالبلطجية فوف الخيول والجمال يحملون السنج والسياط والعصى و كأن الهجانة التي لم نشاهدها الا في الافلام تعود من جديد ليضربوا الناس بالسياط. نالني احد سياطها ولكن بعد فترة وجيزة سيطر الشباب علي احدهم واخذوا منه حصانه فدب الخوف في قلوب رفاقه وتراجعوا هكذا كان المشهد الاول من الاحتكاك المباشر احتمى الشباب بعدها ببعض العربات وصنعوا من الواح الصاج التي كانت تستخدمها المقاولون العرب في موقع الاحداث حائطا متحرك لصد هجوم بلطجية مبارك الذين جاؤنا بالسنج والجنازير والسياط والاسلحة البيضاء.
بعدهذه الهجمة تراجعوا و تجمعوا ليوحدوا صفوفهم و كانها الحرب و تشكلت لدينا الخطه سريعا فنحن عزل واوحوا الينا بالسلاح عندما اخذوا يهاجموننا بالحجاره .. انها الحجاره.. ولكن للأسف فرض علينا سلوكنا ننظيف الميدان فلم يكن لنا بد من اسنخدام بلاط الميدان وتكسيره الي قطع صغيره تشكلات مجموعات عمل سريعة لتكسير البلاط واخري لحمله ودفعه للرماه وفريق اسنطلاعي يرصد تحركات مجموعات الديكتاتور واخري توزعت علي المنافذ السبعة للميدان علي مستويين يفصل بين كل منهم قرابة 300 متر كل هذا حدث في اقل من لحظات بدأ الشباب يتراصون في صفوف متتالية يحتضن بعضه البعض بصدور عاريه وكانها قصيدة الكعكة الحجرية تتشكل امامي واقعا بيد الشباب المعتصميين بدا الوقت يمر علينا فكانت الفكرة الاولي استدعاء الناس الي الميدان.. ولكن كيف وحظر التجول قد بدأ الان. النظام الفاشي فرضة من الثالثة عصر وحتي الثامنة صباحا لم يكن خيارا الا الدعم المعنوي فأشاع ان مظاهرات مؤيدة تزحف الينا وبالفعل تناقلتها وسائل الاعلام وحدثت مسيرة داخلية لتقنع المرابطين ان المدد وصل وارتفعت معنويات الناس وبدأنا في وضع المتاريس لحماية انفسنا منهم فقد بدي عليهم احتراف الاجرام لما يحملونه من سنج وسيوف ومطاوي كانت في ايديهم ساعات الهجوم وهتفنا جميعا (حسني اتجنن ) كان الاشباك الاول عندساحة المتحف بدأ فعلا بالاضرار به ذهبنا الي الجيش.
 لم يستجب قائد الكتيبة التي كانت تقف عند المتحف في الوقت ذاته وضع احد الضباط في الكتيبة التي تقف في بداية شارع طلعت حرب المسدس في فمه وقال لمن يعلوه اذا لم تأمرني بحماية المتظاهرين ساقتل نفسي و كان الامر ..فحمي شوارع الجامعة الامريكية وطلعت حرب والقصر العيني بشكل ساعد المتظاهرين على تخفيف الضغط عليهم بدأنا ننتقل من شارع الي اخر.
 شاهدت بسالة لم ار لها نظير كانت الاصوات تعلوبالتكبير كالهدير وكان البعض يطرق علي الحديد ليحدث اصوات كاشارات لتجمع الشباب عند منفذ معين وكأنهم يوقظون الموتي من جديد ينفخون فيهم الروح، يقولون ها نحن ابناؤك يا مصر جئنا اليك نجدد ملحمة.
 وفي الوقت الذي كنا نعاني تحت الضغط نبتكر الحيل لدفعنا بعد ان انهكنها التعب كان مذياع مقهي قديم يذيع احاديثه البالية عن دعاة الشغب كان الاعلام الرسمي يقول بكل وقاحة ان الموضوع يتلخض في مجموعتين من البلطجية تتصارع علي الميدان وكان بعض المراسلون يضللون الرأي العام ويزعم بعضهم ان بيننا ايرنيين وافغان وباكستانيين لهذا الدرجة نسيوا وجهنا !!!!!
لم يكن بيننا الا بعض مرسلوا وكالات الانباء الاجنبية فمن أين جاؤا بهذا الوجوه قال بعضهم اننا اخوان في الوقت الذي كنت أري بعيني مثقفين وفنانين وأساتذه جامعة اعرف مواقفهم السابقة ضد الاخوان كل هذه الاكاذيب كانت محاولة منهم لتجييش الرأى العام العالمي ضدنا باستخدام الاسلاموفوبيا لتعطيهم امريكا اشارة بسحقنا وللأسف فان برنامج مثل العاشرة مساء ردد مثل هذه الاكاذيب وهوماجعلنا نصدق ما وصل الينا من ان الابناء الهاربين جمال وعلاء للريس المنتهية شرعيته قد هددوا بعض رجال الاعمال بفتح ملفاتهم وهو ما لاحظناه في تغير لهجة المصري اليوم ايضا وجعلني اردد ما قاله هملت اني اشم رائحة العفن.. عفن.. عفن..
لقد وصفنا الاعلام الرسمي بالبلطجة فاذا كان الاعلام الرسمي يري ان عضو المجلس الاعلي للثقافة وعضو اتحاد الكتاب وعضو نقابة المهن التمثلية والاستاذ الجامعي والمسرحي بلطجي والطبيب الذي كان بجواري بلطجي والشاعر الذي لم اره منذ سنوات وتقابلنا سويا لحظة كان كل منا يلتقط حجر بلطجي ومدير احدي اهم شبكات المعلومات بلطجي واعضاء هيئة التدريس بلطجية والمهندسون والازاهرة والقساوسة والمحامون والاطباءالذي جهزوا مراكز لاسعافنا بشكل سريع بلطجيه وشباب الجامعات بلطجيه وغيرهم وغيرهم لقد ظل مبارك لا بارك الله له يحكمنا من خلال الاعلام مدة حكمه يلعب به و معه لغسل عقولنا لا يظهر الا من وراء حجاب ومن يسعي لكسر هذا الحجاب حتي وان كان في سياق ما ألفناه في حواديتنا الشعبية بأن يعطي المظلوم شكواه للحاكم يكن مصيره كما حدث في بورسعيد .
لقد استخدم بلطجية مبارك ضدنا امس قنابل المولوتوف والقنابل المسيله للدموع .. وفريقا من الهجانة واخيرا الرصاص الحي ... يالهم من متظاهرين حقا !! كان بلطجية مبارك فد كسروا أبواب العمارات المغلفة المواجهة للمتحف المصرى و استخدموها لامطارنا بقنابل الولوتوف و الحجاره و لكننا كنا مصرون على الصمود و الدفاع عن انفسنا. و بعد فترة تمكنا من التفدم و الفبض على البلطجية المتمركزين فوق العمارات و تم احتجازهم دون ايذائهم و سيطر المتظاهرون علي كل المواقع التي استولي عليها بلطجية مبارك من اسطح المنازل و احتجزنا منهم علي ما يقارب من15 فردا وكان مثبت في هوايات بعضهم انهم رجال امن واما الاخرون فكانوا من البلطجبة معتادى الاجرام حتى انه كان واضحا جدا انهم قد تناولوا مواد مخدرة اثرت علي وعيهم بشهادة بعض الاطباء الذين توتجدوا بالميدان .
لقد اعاد مبارك واعوانه تموضع رجال امنه من مزورا الانتخابات الي مزورين لضمير وهتافات الامة خرج رجاله ليهتفوا باسمه ومعهم من تم شرائه من قبل نواب مجلس الشعب واعضاء حزبه الذي سيكون محظورا قريبا ان شا الله اشتروهم بوجبة و50 جنية وزعم بعضهم علي حسب روايتهم ان من دفع لهم كان فتحي سرور كهذا قالوا واخذ نا دراجاتهم البخاريه واعلن البعض عن سيطرتهم علي احدي الدرجات البخارية التي تنتمي للحرس الجمهوري وعربة شرطه اشتدت المواجهات واستطاع المتظاهرون تطهير ميدان التحرير من اعوان مبارك من امناء الشرطة والمرتزقة والسيطرة عليهم وكنا اذا سيطرنا علي احدهم تعلو الصيحات (محدش يضربه ثورتنا ثوره سلمية سلمية حتي بعد ان سقط منا البعض بالرصاص الحي كان بعضنا يلتف حوله من يقبض عليه منهم كسياج لحمايتهم من الغاضبين)
و نتيجة لهذه المواجهات و قع الاف الجرحى من المتظاهرين و لم يعد المستشفى الميدانى الذى اقيم فى أحد المساجد القريبة كافيا لاحتواء المرضى و عشرات الاطباء المتطوعين فقام الاطباء باقامة مستشفى ميدانى فى قلب مكان المواجهات بجوار المتحف المصرى .
و بعد12 ساعة من المواجهات فر الهاربون منهم فوقفوا كوبري اكتوبر بمواجهة عبد المنعم رياض و حوالى الساعة الثالثة صباحا دوت اصوات ست طلقات تخرج لتصيب العزل فهرول المتظاهرون يحملون المصابون بالاعيره النارية فى الراس و البطن و الافدام وبعدها سمعنا طلقات نارية علي اوقات متفرقة احدها طلقات متتالية ربما يكون مصدرها رشاش آلى ورأينا مايشبه القناص فوق فندق رمسيس هلتون.
 وفي تلك اللحظة توجه المتظاهرون لكتيبةالجيش التي كانت تتمركز عند المتحف ولم تبدي اي استعداد للتدخل عدي اطفاء بعض الحرائق التي كانت تشعلها قنابل المولوتوف التي كان يلقيها أنصار مبارك من أسطح الابنية.
ومن كوبري اكتوبراتجه بعضنا الي هذه الكتيبة بدوا بالتفاوض معهم ليطلقوا ولو طلقة واحدة في في الهواء وصرخ فيهم البعض اعطونا اسلاحتكم نحميكم ونحمي انفسنا هنا تدخل الجيش بعدها سيطر نسبيا علي الموقف بعد ان اصابت طلقات مؤيدوا مبارك حوالي 22 فرد سقط منهم قرابة 6 شهداء وظلت فلول منهم تحاول انهاكنا بالاشارات البذيئة تار او بقذف الحجاره وكنا نعلم انها محاولة لانهاكنا.. فهم كما تاكدنا رجال امنه الذين اخفاهم فجأة وعادوا الينا في زي مؤيديه.
 لقد سطر الشباب بدمائهم أمس يوما بطوليا من بطولات هذا الشعب الذي حاول مبارك واعاونه طمس ملامحه علي مدار 30 عام كان الشاب يجرح فيذهب الي احدي نقاط الاسعافات الاولية يدواي نفسه ويستريح دقائق يجفف دمائه ويعود بعدها للمواجهات لم يخرج احد منا دون جرح وكنا نسخر ونقول (من غرزه لعشره متعتبرهوش مجروح) لم يؤثر في نفسنا الا قتل بعض المتظاهرين بدم بارد عندما أطلقوا الرصاص الحي علي صدورهم ورؤسهم.
استقبلنا الفجر وكانه زائر عزيز وجاء نور الصباح ليملأنا امل بان المتظاهرين سيأتون الينا وقد وفينا لهم ولمصر بوعدنا ان مبارك لن يأخذ الميدان الا علي أجسدنا.
بدأنا نراهم وكانهم نبضات امل تاتي الينا يحملون معهم طعاما ودواء وكل مانحتاجه جاؤا ليستلموا مواقعنا وقد وفينا لهم بما وعدنا ونشير الي جروحنا في سخرية ويردد بعضنا (هذا هو مفهوم مبارك للانتقال الآمن للسلطة) لقد كنا ننادي باسقاط النظام ورحيل مبارك و أعوانه من شفيق وعمر سليمان وغيرهم(للملاحظة فقط فان سليمان هو حامل الحقائب الي تل ابيب وهونفس الدور الذي لعبه مبارك في سبعينات القرن الماضي لا نريد حملة حقائب امن اسرائيل يحكموننا مرة ثانية ) اننا اليوم ننادي بمحاكمة هذا النظام وكل رموزه لقد جاء الصباح ومعه نداء واحد.. حاكموا السفاح مبارك و اعوانه.

د/ نبيل بهجت
استاذ المسرح بجامعة حلوان
عضو المجلس الاعلى للثقافة
عضو اتخاد الكتاب
عضونقابة المهن التمثلية
مؤسس ومدير فرقة ومضة
كاتب ومخرج مسرحي
احد شرائح المتظاهرين

الأربعاء، 2 فبراير 2011

مبارك يهدد شعبه


الرئيس غير الشرعي حسني مبارك، ألقى كلمة الى الشعب المصري، لم يترحم فيها على أرواح الشهداء الذين سقطوا ضحايا الثورة الشعبية الكاسحة المستمرة منذ 9 أيام، ولم يعتذر عن قيام قواته المدججة بكل أنواع الأسلحة الفتاكة القذرة، بقتل المتظاهرين والثوار في قلب أكبر عاصمة عربية أمام كاميرات التليفزيون.
لا.. ليس من الممكن أن يعتذر رجل اعتاد ان يأمر فينحني أمامه بعض الأحذية المسماة مستشارين ومساعدين من أمثال زكريا عزمي وأسامة الباز ومصطفى الفقي وغيرهم. لم يعترف مبارك الضابط المحدود الذكاء، الضخم الجثة، العنيد بطبعه كالثور إلا أمام أسياده الأمريكيين، بأنه يواجه رفضا شعبيا، ولم يشأ أن يخضع لإرادة الأمة المصرية بكل طبقاتها، بل كابر كعادته واخذ يهدد شعبه ويتوعده، واصفا ثورته بأنها أعمال نهب وسلب وتخريب للمممتلكات، في حين أنه منذ اختفاء أجهزة أمنه وأمن نظامه السرية والعلنية الجبانة من الشارع،تزايدات أعداد الجماهير المشاركة في الثورة دون أن يقع حادث واحد يهدد صفو الأمن، وهذه وحدها نقطة ينبغي أن يوقف التاريخ أمامها طويلا، فهي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الثورات في العالم كله. وهي تعكس نضجا ووعيا كبيرين فاجآ العالم، على الرغم من سياسة التجويع والارهاب والحرمان التي مارستها الطبقة الفاجرة التي استأثرت بالسلطة والثروة ونهبت كل خيرات البلاد في عهد الضابط المتعجرف حسني مبارك.
لقد أخذ مبارك يخير شعبه بمنتهى الفجر والوقاحة، بين الابقاء عليه لكي لما يحقق الأمن (عن طريق حملة هائلة متوقع أن يشنها ضد الثوار)، وبين الفوضى الشاملة.. أي أنه يهدد بكل وضوح سافر، بأنه إذا لم يتم الابقاء عليه رئيسا فقد شرعيته، فسوف يحول البلد الى ساحة للحرب الأهلية وليكن ما يكون طبقا لمبدأ "وبعدي الطوفان"، ولذا أصبح مبارك الآن مجرما في حق شعبه وأمته واستحق بالتالي أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى.

الثلاثاء، 1 فبراير 2011


ميدان الحرية


بقلم: ظبية خميس


 

هذه ليلة تنشق فيها أنفاس الكون وهى تتنفس هتاف ملايين المصرين لتسقط الطاغية.
ملايين أكثر فى الكرة الأرضية يرقبون,يرصدون معجزة البشر فى بلاد تزخر بالمعجزات القديمة,والجميع يدرك أن ثورة المصريين اليوم تفوق أهرامات أجدادهم فى روعتها.
هتاف الحرية والغضب يغلب الخوف والرعب والتعذيب والبلطجة والترويع بإسم الإستقرار والمسكنة والخوف من الغد والخضوع لأبوية سلطوية قاسية فقدت صلاحيتها وتتشبث بالبقاء حول أعناق الدولة والأمة العربية لتخدم الصهاينة ومصالح امريكا وتشارك فى قمع جميع الشعوب العربية وتشرف على خنق الفلسطينين إرضاء لإسرائيل بطاقتها الإئتمانية لشرعية السلطة والمؤسسة التى سقطت ولم يبقى منها الليلة سوى خيالها.
فى أسبوع واحد سقطت معالم زمن ساقط وولد زمن جديد لا نعرف منه سوى أنه زمن سقوط الخوف والإفراج عن الحرية المخطوفة التى تقول لا لكل ذلك الغث الكاذب الذى كان يحيط بالعقول وحواس البشر.
وكم هى بعيدة المسافة اليوم بين عيد الشرطة يوم 25 يناير وجمعة الغضب ومظاهرة المليون التى تسعى إلى جمعة الرحيل اليوم 1 فبراير 2011.
يتتابع الزلزال فى هذا العالم ليقذف بمكننونات الصدور إلى الفضاء الرحب .زلزال ضرب تونس والسودان واليمن ولبنان والجزائر وفلسطين وغيرها وصولا لمصر وسوف يستمر يضرب حتى تخرج المكنونات فى صعد الأرض أجمعين من قلب أمة العرب وحتى حدود لا نعرف لها ترسيما على خارطة الغد.إن زمنا جديدا يعلن عن نفسه وتاريخ جديد ينبثق للإنسانية أجمعين.ومصر كعادتها تقود الطريق من جديد رغم كل عهود الظلام الكثيف الذى كمنت فيه صابرة ولكن ليست غافلة.
راقبت المشهد طويلا وعشته قرابة الربع قرن على أرض مصر.كانت القصور تزحف وكبار اللصوص يتحولون إلى الفئة الحاكمة عازلين دنياهم عن دنيا الشعب فى مناطق يسيجونها وهم يشرفون على ملاعب الجولف وحمامات السباحة ويرتدون الماركات ويصنعون قصورا لإجازاتهم على سواحل مصر فى قرى سياحية وأمكنة يظنونها بمنأى عن الشعب-الرعاع-البيئة- كما ينعتونهم.
يحكمون من يخوتهم وملاعبهم ويتحدثون باللغات الأجنبية ترفعا على لغة العوام,يغرقون فى الفخامة والبذخ ووهم أرستقراطية لا يملكون لها جذورا.
يشربون أنخاب سطوتهم وثروتهم وسلطتهم ويمنون على الشعب ببقايا المائدة العامرة التى يلتهمونها من دم وقوت ذلك الشعب المنهك والكل يبادلهم الأنخاب فى مقابل الأدوار التى يلعبونها بإسم الإستثمار والسياسة والسلام والعولمة ويضربون بهم نموذجا لما يجب أن تكون عليه الدول العربية كدولة صديقة لإسرائيل تدافع عن أمانها وحليفة لأمريكا لا مانع لديها من إغتيال شعب كالعراق وفلسطين ولبنان وغيرها مقابل إرضاء النظام الدولى وعلى الرعاع من شعوبهم أن تفهم أن هذا ثمن الإستقرار والنمو الإقتصادى والمكانة الدولية لكى تكون مصر دولة المؤسسات كما يدعون.
أداروا جامعة الدول العربية بنفس المفاهيم ونفس الوهم المعادى للوطنية والعروبة الحقة والإنتصار لفلسطين بإدارة تأخذ العرب من فشل إلى فشل وحفنة من المرتزقة من قطاع الخارجية المصرية والبيروقراطين ورجال الأمن ونجحوا فى أن يجعلوا منها شاهد ما شافش حاجة وخصوصا فى العشر سنوات الأخيرة حيث تساقطت دول وغزيت أخرى وإشتعلت الحرائق دون رد سوى كلمتى نشجب وندين ونسوا أن يدينوا أنفسهم أولا وأخيرا وهم المشاركين فى كل جريمة وقعت على أراضى العرب ومنذ عقود طالت حتى جعلت منا بقايا بشر وأرواح مطعونة ومهزومة ومشوهة فى مرآة ذاتها ومرايا العالم الذى يرانا ضعافا ومنتهكين.يتفرجون غير عابئين وكل منهم يظن أنه بمعزل عن مصير ذلك الذى كان يشرب معه كأس السلطة منذ قليل قبل أن يسقط من مقصلة أو طائرة فرت به أو سم دس له فى دمه.
وبالغفلة نفسها لم يلاحظوا إمتداد أحياء البؤس والفقر والإهمال والمرض والبطالة التى تفرش صفيحها وطوبها وعشوائياتها من حولهم.لقد إعتبروها غرفة الخدم الخلفية وهى تحوى الملايين من شعوبهم وظنوا أنهم نجحوا فى إذلالهم وتغيبهم بالمخدرات والجريمة والفنون الساقطة وجعلهم يلهثون وراء رغيف العيش والإنشغال بالعراك والمطاوى وغرز المخدرات والبحث عن الدواء والعلاج- وقد غزت أمراض الكبد والبلهارسيا والسرطان أجسادهم.
بفتحون لهم القبور والسجون والشوارع لينام أطفالهم المشردون تحت الجسور والأرصفة.جرفوا القرى والريف وأغلقوا وباعوا المصانع وتفرغوا لإعلانات الشيبسى وشاليهات القرى السياحية.حولوا التعليم إلى مشاريع إستثمار تجارى للخاصة ومدارس جهل وضرب ووجبات مسممة ودروس خاصة وقتل تلاميذ أحيانا للعامة حيث تسقط المدارس المكتظة والمهدمة بإنقاضها على رؤوس أطفال الشعب.
أخرسوا الأصوات الحرة والمفكرين العضوين والفن الحقيقى وخلقوا مؤسسات لرجالهم ونساءهم المتنطعين فى الثقافة والسياسة ليتبوءوا واجهة السلطة ويبرروا ما لا يبرر ويصنعو للسلطان وجاهته وكذبته بدون حياء أو خجل ويصدرونهم للدول المجاورة كى يكرروا سقف تلك الثقافة الكاذبة والديكور اللزم لإثبات وجاهة تحضرهم فى تسطيح أخذ مداه الأجوف لتفريغ العقول والأرواح من المعانى الحقة للثقافة والفكر والفن والأدب.
نعم إن الخدمة التى يسدونها لأسيادهم وللصهاينة تتجاوز بلدا فى حد ذاتها إلى المنطقة كاملة حيث لا بد للعرب من البقاء خرفانا منصاعين يوحدهم الخوف والرعب والطاعة والإنصياع وأى نموذج يخرج من ذلك لا بد من تشويهه ومحاربته.وهم الطمأنينة الكاذبة لمنجز الوهم.
فى جمعة الغضب التى قتلوا فيها الجموع وأطلقوا الرصاص وجاءوو بحظر التجوال والجيش وأطلقوا الشرطة السرية واللصوص والقتلة على المحلات والبيوت والأحياء والمدن والقرى والنجوع ليسلبوا ويحرقوا ويروعوا فى حفلة مجون إمتدت قبل أن ينطق صوت الرئيس المسجل بعد منتصف الليل أنه لا أمان بدونه وأنه باقى على عرشه بعد أن قطع عنهم الإتصال والتواصل مع العالم وحاصرهم وأنه كفيل بمزيد من الترويع والدمار لهم ظن أنه أنجز مهمته وأن أطفال الشوارع هؤلاء الذين يدعون أنهم شعبه سيذهبون للنوم ويشكرون الفرعون ويحمدون الله أنه لا يزال فوق رؤوسهم لزمن يجىء.
لكن الشعب لم يذهب للنوم ولم يختبىء وراء الجدران بل خرج كمارد يكبر ويكبر ويغطى الساحات والميادين وكل شبر من أرض مصر ويمتد ليصل إلى آذان ووجدان العالم وتهز صرخته الكون تلك الصرخة التى ينتهى قبلها تاريخ وحقبة ويبدأ زمن لن يرمم ولكن سيخلق من بطن الظلام شموسا من الحرية يتلقفها العالم فى كل مكان.
هذه ليلة يتعلم فيها البشر العطشى معنى الحرية وكيف الطريق إلى بابها.إنها ليست ثورة الغضب بل ثورة الإنسانية لإحترام آدميتها ولسوف يسمعها الجميع الملوك والخدم والشعوب والسجناء والمصارف والبيت الأبيض وسور الصين العظيم.

السيد الرئيس آوان الرحيل قد أزف.
1 فبراير-2011

** ظبية خميس: شاعرة من الامارات مقيمة في القاهرة




ماذا بعد السقوط

بقلم: أمير العمري

سقوط النظام المصري بات مسألة وقت، حتى لو طالت الايام ولا أظن انها ستطول، فقد تهاوت مؤسساته السياسية العقيمة اصلان ومؤسساته الأمنية وثبت انها كانت نمورا من ورق، وشلت كل مؤسساته الاعلامية والدعائية وانفضح أمرالقائمين عليها وخرست أصوات كهنة النظام التقليديين باستثناء قلة ممن لا يجيدون سوى التمرغ في وحل أسيادهم مثل الكاتب اليساري السابق المنتحر تحت أحذية سادته وأولياء نعمته صلاح عيسى، والذي اصبح يطل علينا عبر كل المحطات التليفزيونية المصرية الارضية والفضائية، وكأنه يريد بذلك أن يضمن له مكانا في مزبلة التاريخ، مع أقرانه من أدنى وأحط الأبواق.
وبات لزاما على تجمع القوى الوطنية الديمقراطية وحركة التغيير ان تستعد ببرنامج عمل واضح، وخطة انتقالية واضحة تفرضها فرضا على الرمز المؤقت الذي سيبقى لضمان "الشكل" الدستوري وعدم حدوث فراغ وهو السيد عمر سليمان الذي يجب أن يختفي من الحياة السياسية تماما خلال ستة أشهر اي بعد إجراء انتخابات ديمقراطية حرة متعددة، وتحويل النظام المصري الى نظام برلماني يصبح فيه الرئيس مجرد رمز للدولة.
ولكن قبل هذا كله يجب السعي من الآن، من أجل تكوين جمعية تأسيسية من خبراء قانونيين وصفوة رجال السياسة من خارج النظام العفن القديم، لوضع دستور جديد للبلاد، يضمن عملية التحول الديمقراطي الحقيقي ويحدد صلاحيات المؤسسات وشكل العلاقات فيما بينها، وقبل هذا كله، يضمن للمواطن حقوقه الأساسية المتعارف عليها في دول العالم الحر.
إن الخلافات التي بدأت في الظهور بين أجنحة معينة داخل الأحزاب التقليدية التي سقط معظمها في وحل النظام وارتضى لسنوات طويلة القيام بدور الاحتياطي له، أو بين أجنحة داخل حركة التغيير الجديدة نفسها، يجب أن تتوقف من اجلالاتفاق على برنامج واضح ومحدد للتغييرات الجذرية التشريعية والاقتصادية التي يجب أن تتبناها الحكومة الانتقالية. وعلى هذه القوى أن تستعد بتشكيل قوى متفق عليه يتسلم سلطة تحت رئاسة السيد عمر سلميان على أن يفهم سليمان بوضوح انه مستمر لستة أشهر فقط بارادة الشعب، وأنه سيرحل بعد اجراء الانتخابات البرلمانية، التي سيتشكل منها مجلس تشريعي ينتخب هو رئيسا رمزيا للبلاد.
أما الشخصية التي يمكن الاتفاق عليها لقيادة الحكومة الانتقالية في الفترة القادمة فلا أجد شخصيا أفضل من الدكتور محمد البرادعي الذي يتمتع بثقة واحترام معظم شباب حركة التغيير (حركة 6 ابريل، الحركةالديمقراطية للتغيير، والجمعية الوطنية للتغيير، وجماعة كلنا خالد سعيد، وحركة 25 يناير وحركة كفاية). على أن يفهم البرادعي أيضا أنه يراس حكومة انتقالية لحين اجراء الانتخابات فقط، واذا شاء فليدخل الانتخابات النيابية سواء كمستقل أو يشكل حزبه السياسي.
وسوف يتعين على الحكومة الانتقالية القادمة أن تقوم على الفور بالغاء قانون الطوارئ والافراج عن كل المعتقلين السياسيين، واتاحة قيام الأحزاب واصدار الصحف دون قيد او شرط سوى الابلاغ فقط، والغاء الحرس الجامعي وعسكرة المجتمع وتحديد دور عصابات مباحث أمن الدولة، والغاء كل القضاء الاستثنائي مثل محاكم أمن الدولة ونظر القضايا المدنية بكل أشكالها أمام القضاء العسكري، ومحاكمة كلالمسؤولين عما جرى من مذابح ضد المعارضة خلال الثلاثين عاما الماضية وكل من تورطوا في نهب الأرضاي والاموال العامة وعلى رأسهم حسني مبارك وولديه جمال وعلاء ومع هروبهم من البلاد. فلا يوجد شيء اسمه الخروج الىمن في الثورات الشعبية.
أما الأمر الذي أجده شديد الأهمية أيضا فهو أنه بات يتعين على اقطاب حركة التغيير أن يكونوا جاهزين أيضا بخطة واضحة لتحويل اجهاز الاعلام المصري المترهل الى إعلام حر، يديره العاملون فيه، وأن تتاح حرية اصدار الصحف بدون قيد أو شرط لكل من يريد، وأن ترفع الرقابة نهائيا على المطبوعات والأفلام وتتكون لجنة لتصنيف الأفلام على أساس الشرائح العمرية المختلفة، وأن يتم حل وزارة الثقافة تماما وتحويل أجهزتها المختلفة بما فيها قصور الثقافة الى مؤسسات المجتمع المدني لكي تديرها، وتشرف عليها، وتستفيد منها الاستفادة الحقيقية التي تخدم الجماهير، بعد أن ظلت منذ نشأتها تسعى الى خدمة النظام القمعي القائم في مصر منذ 58 سنة. 

الأحد، 30 يناير 2011

وقت الثورة.. ويوم الحساب

لم يعد هذا وقت السينما، بل وقت الثورة، والثورة فقط. الثورة التي ستجتاح العالم العربي كله، من تونس إلى مصر إلى اليمن إلى الجزائر ثم إلى سورية وليبيا.. وهي ليس كما قالوا لنا طويلا وكثيرا، ثورة الماضويين الانعزاليين أو الانتهازيين من رموز ما يسمى بالأحزاب السياسية القديمة التي سقطت في عفن النظام الذي صنعها، بل هي ثورة الجماهير التي يقودها المثقفون الشباب، وهي بهذا المعنى ثورة الشباب الحقيقية الأولى التي تشهدها المنطقة العربية.
ستنتصر ثورة الشباب الواعي على الدهماء والبلطجية واللصوص الذين صنتعهم الأنظمة لكي تستخدمهم ضد الحركة الديمقراطية الوطنية. وستنتصر ثورة الشباب والجماهير بلجانها الشعبية التي بدأت تعيد تنظيم الحياة، تحمي السكان، وتنظم حركة الشارع، لأنها من الناس والى الناس، وبعد ان سقطت كل مؤسسات النظام: الأمنية والسياسية وتلاشت وبعد أن فر من البلاد رموز النهب والفساد الذين يطلقون عليهم رجال الأعمال وهم النهابون واللصوص الكبار الذين لم يجدوا أفضل من اللصوص الصغار لحمايتهم فانقلب عليهم هؤلاء اليوم أيضا واقتحموا قصورهم ومنتجعاتهم.
إن السلب والنهب هو من صنع النظام. لكني على ثقة من أن الشباب الواعي العظيم الذي صنع تلك الثورة العظيمة، سينتصر على الجهل، بل وسيقهر الأوليجاركية والطغمة المستبدة التي لا تريد أن تغادر السلطة ولا أن تسلم القرار للشعب بل وتفضل أن تهدم الدولة وتغتال الشعب، كل الشعب على أن تستسلم لارادته، وهو درس لكل شعوب العالم الثالث لكي لا تراهن أبدا على أن أي طغمة استبدادية مدعومة من الغرب (لكونها تلعق أحذية ربيبة الغرب، اسرائيل ليلا ونهارا) يمكن أن تسلم السلطة طواعية، فلا يمكن لطاغية استمرأ الحكم عشرات السنين، أن يستيقظ من النوم فجأة لكي يعترف بأخطائه ويشفق على شعبه ويعترف بأن هؤلاء الناس يستحقون أن يعيشوا حياة ديمقراطية، وأن يتحرروا. فدروس التاريخ كلها تعلمنا أن مثل هؤلاء الطغاة، لا يرحلون عن مقاعد السلطة سوى بالتضحيات وبتقديم الشهداء وعبر أنهار من دماء الأبرياء بكل اسف.
لكن الدرس الآخر الذي يجب أن يترسخ في أذهاننا جميعا أن الطغاة تصنعهم ايضا أقلام أولئك الذين يروجون لهم في الصحف واجهزة الاعلام وهؤلاء يجب أيضا محاسبتهم ومحاكمتهم وجعلهم أمثولة أمام شعوبهم.. كل الذين تواطأوا أو صمتوا أو روجوا ودافعوا عن الظلم والفساد، وكتبوا في مديحه النظريات الفكرية، وكل المثقفين الذين نافقوا وزينوا الشرور لحكام الاستبداد يجب أن يدفعوا الثمن بعد ان جاء "يوم الحساب".
إن مسؤولية ما يحدث الآن في مصر من فوضى وعنف وتخريب وحرائق، هي أساسا واولا مسؤولية حاكم مستبد فرد، لا يريد أن يغادر إلا على أشلاء شعبه، وهي مسؤولية طغمة زينت له الطغيان، ومسؤولية أجهزة عجزت في النهاية حتى عن حماية نفسها، ومسؤولية مجموعة من المثقفين الانتهازيين الذين تصوروا أن وسيلتهم للصعود والحصول على المنافع تعني التخلي الكامل عن النضال وعن مجرد توجيه النقد إلى أنظمة فاسدة، بل والالتحاق للعمل في خدمتها وتلميع صورتها بشتى الطرق، وهؤلاء لا يجب أن يفلتوا من الحساب في يوم الحساب.. يوم حساب الشعوب.
أريد هنا أن أحيي السينمائيين والفنانين المصريين الذين أدركوا أن وجودهم في وسط شعبهم هو الأصل والأساس وأن التاريخ لن يرحم كل من يبيع ضميره الفني لسلطة غاشمة.
تحية صمود الى خالد الصاوي وخالد النبوي ومحمد دياب واحمد ماهر ومنى زكي وجيهان فاضل وخالد أبو النجا وعمرو واكد وعمرو سلامة وبلال فضل ويسري نصر الله وتامر حبيب وكل الذين يشاركون في انتفاضة الشعب المصري.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger