الاثنين، 21 سبتمبر 2009

فاروق حسني شهيد الأمة!


بدأ القومجيون العرب واتباعهم وأشباههم في حملة من النباح والصياح الغوغائي الفظ عن "المؤامرة" التي اطاحت بأحلامهم في وصول "عربي، مسلم" إلى رئاسة اليونسكو.
وأخذ المرتزقة في صحف الحكومة المصرية يغذون كل النزعات الشوفينية المتخلفة التي لا تظهر عند الأمم إلا في حقب ما بعد الهزائم المريرة والتراجع الحضاري المخيف نتيجة زحف القيم المتخلفة الماضوية، واستسلام النخبة لأوهام "التفوق" المزعوم، وأحلام البحث عن دور كان موجودا في الماضي، أضاعوه بعد ان ارتضوا بتسليم قيادهم لمجموعة من العسكر الذين لا يجيدون حتى ممارسة مهنتهم الأصلية (قبل أن يتحولوا إلى ممارسة هواياتهم في السياسة على أمتنا لأكثر من نصف قرن بكل ما أدت إليه تلك الهوايات من كوارث اقتصادية واجتماعية).
الآن أصبح فاروق حسني شهيد الأمة، وضحية المؤامرة الغربية والصهيونية باعتباره أحد أبطال"رفض التطبيع" والذي ظل طوال 22 عاما يرفض التطبيع مع إسرائيل، كما وصفه أحد رؤساء تحرير جريدة حزب قومجي معارض، ضاحكا بذلك على السذج والبسطاء الذين أدمنوا تعاطي نظرية المؤامرة، وكأن فاروق حسني حكومة مستقلة داخل الحكومة المصرية الخاضعة خضوع الإبل للمستبد غير العادل، الذي توقف فسيولوجيا حتى عن التفكير، وأصبح يكتفي بالخلود للنوم تاركا كل شؤون الثقافة والتعليم والصحة وأي شيء بخلاف الأمن والجيش والخارجية لامرأة الفرعون وولدها الباحث عن دور يحقق له أوهامه.
فاروق حسني ينتمي إلى حكومة استبدادية ونظام يحتقر الثقافة والفكر، ويتعامل مع أصحاب الفكر إما بالرشوة والشراء، أو بالتهديد والوعيد (كما فعل فاروق حسني نفسه عندما هدد صنع الله ابراهيم ملوحا له بما تعرض له من سجن في الماضي- وحديث الوزير منشور في هذه المدونة).
وليت الذين ينبحون يتوقفون لحظة لسؤال أنفسهم: ما الذي قدمه فاروق حسني للعالم وما الذي يمكنه تقديمه له، وهو الذي كرس عبوديته طوال 22 عاما في خدمة نظام قمعي متخلف، يحتقر الثقافة والمثقفين، ويسبح بحمد رجل واحد، تنتشر صوره في كل مكان، وتبدأ كل أحاديث الوزراء وتنتهي بالتأكيد على أن ما يقومون به يتم طبقا لتوجيهاته السامية!
وهل يمكن المقارنة بين فاروق حسني وبين أي مثقف حقيقي في الغرب أو في الشرق بمن في ذلك البلغارية التي فازت برئاسة اليونسكو التي لعبت دورا بارزا من اجل اعلاء صورة بلادها في أوروبا!
نعم الغرب منحاز لمصالحه، وهناك شبهة عقاب لفاروق حسني على تصريحاته الجوفاء بشأن "حرق الكتب العبرية"، ولكن هذا لا يستدعي على الفور، كما يفعل قطيع من القومجيين والمتثاقفين، المسارعة إلى الاندماج في حلقة البكاء على ضياع فرصة أن يرأس اليونسكو "عربي، مسلم"، وكأن المطلوب من رئيس اليونسكو أن يغلب المصلحة القومية العربية الضيقة على الأفق الإنساني المفتوح على كل الثقافات والابداعات في العالم مهما اختلفنا معها.
وماذا أضاف العرب ثقافيا إلى التراث الإنساني طوال القرن الأخير على الأقل، لكي يطالبوا الآن بدور بارز لهم في إدارة ثقافة العالم؟
ألم يحولوا الثقافة العربية إلى "مسخرة" جعلت العالم بأسره يضحك علينا يوما بعد يوم، من أول تهجير المثقف خارج بلاده ومصادرة رأيه، إلى سعي الحاكم لنصب خيمة يحيطها بقطيع من الإبل في كل مكان يحل به في العالم غير البدوي!
ألا يقدم العرب نموذجا باليا في الاستبداد الاقطاعي وسيطرة القبيلة الحاكمة على مجريات الأمور، ومصادرة الفكر، وحظر المرأة من دخول التاريخ، والدعوة إلى تصنيف الناس على أساس طائفي أو ديني أو عنصري طوال الوقت بدعوى أننا الأمة "الأرقى" والأنقى" فيما تمارس كل اشكال القمع والإرهاب والتخويف والانتهاك لحقوق الرجل والمرأة، في الشارع والجامعة والمدرسة وحقل عمل السياسي والثقافي عموما!
إن سقوط فاروق حسني يجب أن يصبح يوم احتفال للمثقفين الأحرار في مصر وفي العالم العربي وفي العالم، وليس يوم ندب ونحيب لا يليق سوى بالعبيد والخانعين والذين يرغبون في استمرار ثقافة الاستبداد إلى الأبد!

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

فيلم "المسافر": مغامرة إنتاجية وكارثة فنية




هنا رابط إلى مقالي عن فيلم "المسافر" كما نشر في موقع "الجزيرة الوثائقية" أرجو أن أتلقى تعليقاتكم على المقال أسفل هذه الرسالة (البوست).
"المسافر" عرض في مسابقة مهرجان فينيسيا السينمائي الأخير (2- 12 سبتمبر) وأثار ولايزال، الكثير من المناقشات والجدل، كونه أول فيلم مصري تنتجه الدولة ممثلة في وزارة الثقافة بميزانية بدأت بثمانية ملايين جنيه ثم بلغت 20 مليونا من الجنيهات، غير أن النتيجة النهائية للفيلم أغضبت الكثيرين ومنهم بطله الممثل النجم عمر الشريف.
(أمير العمري)

السبت، 12 سبتمبر 2009

جوائز مهرجان فينيسيا السينمائي 2009

جوائز المسابقة الرسمية:
* الأسد الذهبي (أحسن فيلم): "لبنان" إخراج شاموئيل ماعوز (إسرائيل)
* الأسد الفضي (أحسن إخراج): "نساء بدون رجال" إخراج شيرين نشأت (ألمانيا)
* جائزة لجنة التحكيم الخاصة: "مطبخ الروح" لفاتح أكين (ألمانيا)
* أفضل ممثل: كولن فيرث عن دوره في فيلم "رجل أعزب" (أمريكي)
* أفضل ممثلة: كسينيا رابوبورت عن دورها في الفيلم الإيطالي "الساعة المزدوجة"
* أفضل ممثلة شابة أو ممثل شاب: جاسمين ترينكا عن دورها في فيلم "الحلم الكبير" (إيطاليا)
* أفضل تصميم فني production designer: سيلفي أوليفييه عن فيلم "السيد بدون اسم" (فرنسا)
* أفضل سيناريو: "الحياة في زمن الحرب" لتود سولوندز (أمريكا)
* جائزة قسم "آفاق" (100 ألف دولار) لأحسن فيلم أول: "صدام" إخراج بيبي ديوكنو (الفلبين).

من سيفوز بالأسد الذهبي ومن الذي سيلتهمه الأسد؟


اليوم تعلن الجوائز. والسؤال الأبدي الذي يشغل الجميع: من الذي سيفوز بالأسد الذهبي؟ في ذهني وخيالي وذاكرتي من واقع علاقتي بهذا المهرجان تحديدا أن الجوائز عادة ما تأتي مخالفة تماما لكل ما يتوقعه النقاد والمتخصصون. في دورة من الدورات فاز بالأسد الذهبي فيلم المفاجأة الذي لم يكن قد أعلن عنه مسبقا وهو فيلم صيني هزيل تماما بعنوان "طبيعة صامتة" عن مشكلة التلوث البيئي بسبب المصانع القريبة من الأحياء السكنية (وهو موضوع يصلح لمعالجته فيلم تسجيلي).
إذن قد تكون هناك مفاجأة أبعد من خيال الجميع، فقد يفوز بالأسد الذهبي الفيلم الأمريكي الذي فشلت في العثور على أي شيء مثير لاهتمامي الشخصي فيه وهو فيلم "الحياة في زمن الحرب" بجائزة المهرجان الكبرى. وقد يفوز بها الفيلم الإسرائيلي بسبب هوس البعض (ربما في لجنة التحكيم أيضا) بالتجربة الجديدة في التصوير من داخل ديكور دبابة ميركافا وبسبب فكرة معاداة الحرب التي يتضمنها الفيلم).
ومن المحتمل أيضا أن يحصل الفيلم التافه السخيف "مطبخ الروح" للمخرج التركي – الألماني فاتح أكين، على إحدى الجوائز الرئيسية. لكن المؤكد أنه ستكون هناك بعض التوازنات كالعادة (بين أعضاء لجنة التحكيم) ولا ننسى أن هناك اثنين من المخرجين الايطاليين في اللجنة ولابد أن تخرج السينما الإيطالية بجائزة ما قد تكون مثلا جائزة التمثيل لبطلة الفيلم الميلودرامي "الفضاء الأبيض" الذي يروي قصة امرأة تعاني من الوحدة فيما بعد سن الأربعين وترغب في العثور على الحب والانجاب وتنجح بالفعل في انجاب طفلة غير مكتملة، لكنها تمر بمرحلة الخطر. والفيلم يصلح للعرض كدراما تليفزيونية محلية تماما وموضوعه أصلا ليس جديدا، رغم وجود بعض التفاصيل الفنية في سياق الاخراج. وقد يكون الفيلم الايطالي "الحلم الكبير" لميشيل بلاسيدو هو الفيلم الذي سيحصل على جائزة رئيسية هنا فهو بلاشك أفضل الأفلام الايطالية في المسابقة بل وفي المهرجان كله رغم انحرافه في الدقائق العشر الأخيرة في اتجاه المبالغات العاطفية الميلودرامية. ولست من المعجبين بالفيلم الايراني "نساء بدون رجال" بل أجده مفككا ومليئا بالثغرات الفنية والافتعال في الأداء والبطء المخل بالإيقاع بشكل لا يصدق. لكن ربما لأنه يطرح موضوعا سياسيا مناهضا للدكيتاتورية، ويوجه تحية إلى الذين يكافحون ضد النظام القائم حاليا، فربما منحوه جائزة أساسية أيضا (قد تكون جائزة لجنة التحكيم). وربما يحصل فيلم "أمير الدموع" أيضا على جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
أما الفيلم الأفضل في المسابقة من وجهة نظري وبعيدا عن أي ميول سياسية أو غير سياسية فلاشك أنه الفيلم الأمريكي الكبير "الرأسمالية: قصة حب" لمايكل مور الذي يعد أهم من قراءة مائة كتاب في الموضوع، بالاضافة بالطبع إلى البناء والقدرة الفذة على شد المتفرج لمدة ساعتين رغم قسوة الموضوع واحتوائه على الكثير من المعلومات والمقابلات. إنه "تحفة" فنية ووثيقة دامغة لعصر بأكمله.
بعيدا عن حكاية الجوائز. كان من المثير للدهشة بالنسبة لي شخصيا أن يظهر عمر الشريف في المؤتمر الصحفي لفيلم "المسافر" لا لكي يحدثنا عن تجربة العمل في هذا الفيلم وعن مفهومه للدور بل لكي يتحدث عن تجربته في هوليوود وكيف أنه ظلم في البداية و.. إلى آخر الحكايات الشخصية التي يروها في سلسلة من الحلقات على قناة فضائية مصرية من أول رمضان ولاتزال مستمرة على حد علمي. ما السبب في ابتعاد عمر الشريف عن الخوض تفصيلا في موضوع فيلمه الموجود داخل المسابقة؟ وما السبب أيضا في إحجام الكثيرين عن توجيه أسئلة لمخرجه في صميم الموضوع بل كلها تدور حول ظروف عمل الفيلم والامكانيات التي اتيحت له، وهو أمر يؤسف له حقا. والمؤكد أيضا أن "المسافر" لن يحصل على أي جائزة، لا في التمثيل، ولا في غير التمثيل، ورأيي هذا قائم على التأمل الفني في الفيلم الذي سأوضحه بالتفصيل في مقال قادم.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger