وقد شاركت في لجان تحكيم، محلية ودولية، وأعرف تماما ما أقول، بل وسأروي في مناسبات قادمة تفصيلا تجربتي في أكثر من لجنة تحكيم لعلها تسلط بعض الضوء على ما يحدث عادة.
غير أنني أصبحت حاليا أدرك أن المهرجانات التي لا تنظم مسابقات أفضل من غيرها، فهي أولا تخلق المناخ الملائم للمشاهدة الحقيقية وتترك الحكم على الأفلام للجمهور.
وهي ثانيا: تتحول إلى مهرجانات جماهيرية أساسها هو جمهور المدينة التي تنظم المهرجان، وليس بضعة عشرات أو مئات الاشخاص الذين قدموا من خارج المدينة بدعوات خاصة لإحياء ليالي المهرجان في حين يتم تهميش جمهور المدينة أو يحظر دخولهم العروض من الأساس.
أما المهرجانات التي أرادت الجمع بين تنظيم مسابقات والاهتمام بالجمهور على حد سواء فلم تنجح كثيرا.
ولعل من أكثر المهرجانات التي لا تنظم مسابقات مهرجانات روتردام وتورنتو ولندن.
ومهرجان لندن افتتحت أخيرا دورته الثانية والخمسين. وهو يعرض عددا كبيرا من الأفلام تصل إلى ما يقرب من 300 فيلم من الأفلام الطويلة والقصيرة.
وميزة هذا المهرجان، الذي لا يهتم به العرب رغم اهتمامه، أكثر من غيره، بسينماهم، أنه لا يدعو نجوما على شاكلة شارون ستون أو جين فوندا (بعد أن تقدم بهن العمر وفقدن كل اهتمام في الغرب) أنه يدير مناقشات حقيقية ساخنة حول ما يعرضه من أفلام مع مخرجيها مباشرة بعد عرضها.
ويمكن القول إن مهرجان لندن أيضا مهرجان مخرجين، وليس مهرجان منتجين أو تجار أفلام، فلا يكاد يوجد فيلم من أفلامه، طويلا كان أم قصيرا، إلا ويدعى مخرجه للمشاركة في مناقشته مع الجمهور.
ولعل مما يدعو للسعادة أيضا أن مهرجان لندن يوفر على جمهور مدينته الكثير حينما يعرض أهم الأفلام التي عرضت في كان وفينيسيا وبرلين وموسكو وغيرها من المهرجانات السينمائية الكبيرة في العالم بما في ذلك الأفلام التي لم تجد موزعا يعرضها في بريطانيا بعد لعل أحدا يتحمس لشراء حقوق توزيعها وهو ما يحدث بنسبة أكثر من 45 في المائة.
والسؤال هو: وماذا يستفيد الجمهور العربي أو أصحاب الأفلام العرب من المهرجانات التي تقام في العالم العربي!