الأربعاء، 24 سبتمبر 2008

بدون رقابة: خزعبلات صحافة النفط

* بعض الذين يكتبون في السينما، ولا أقول نقاد السينما لأنهم ليسوا نقادا، لا يعرفون من السينما إلا السينما الأمريكية، بل ولا يعرفون من السينما الأمريكية إلا أكثرها تفاهة وأدناها مستوى، أي الأفلام الشائعة الرائجة، ولا يكلفون أنفسهم ولو مرة واحدة، بالكتابة عن الأفلام الأمريكية "المستقلة" مثلا، أو التي تطور شيئا حقيقيا في لغة السينما نفسها مثل أفلام ديفيد لينش مثلا.
الذين يكتبون لجمهور من قراء بعض صحافة النفط، لا يستطيعون ابتلاع أو هضم هذه الأفلام لأنها "ثقيلة" على المعدة التي اعتادت على أفلام "الأكشن" والمغامرات السطحية الفارغة، والتقنيات البهلوانية في تنفيذ المشاهد. فالسنيما عند هؤلاء لا تختلف عن عروض "الأراجوز".. أي مجرد حركات تدغدغ الحواس ثم ينساها المرء، تماما مثل الكتابة عنها، حيث يلوك كاتبها الكلمات، وينتهك الحروف، ويحاول إخفاء الجهل بالتفاصح، وعندما يلجأ إلى التفلسف يبدو مثل "كابوي" يتفلسف!
* كانت هناك في وقت ما صحيفة دولية تصدر في لندن وتعلن عن نفسها باعتبارها جريدة العرب الدولية، وكانت تخصص صفحة سينمائية اسبوعية يكتبها ناقد سينمائي، هو قصي صالح الدرويش، الذي مهما اختلفنا معه، يظل رجلا مثقفا يتعامل مع السينما ليس كصنعة مغلقة كالنجارة أو الحدادة مثلا، بل كفكر انساني مفتوح يمكنه أن يساهم فيه بقدر ما يستطيع. ولذا كان يمكن أن نقرأ ما يكتبه قصي وأن نتجادل ونختلف حوله.
أما ما انتهت إليه هذه الصحيفة فبئس المصير حقا. فهناك "كتابة" عن السينما تظهر أسبوعيا أيضا حتى الآن، لكنها لا تجد ما تكتب عنه إلا ألاعيب السينما التجارية "الأمريكانية" جدا، أي الاستهلاكية الشائعة، وتركز على نجومها، بلوعلى ترجمة بعض المقابلات السريعة من الانترنت، والمضحك أيضا أنها تهتم بما يسمى بـ"التوب تن" أي الأفلام العشرة على قمة الإيرادات في السوق الأمريكية، كما لو كان أهل شبه الجزيرة الذين يكتب لهم هؤلاء قد اصبحوا بقدرة قادر، من مرتادي دور السينما في منهاتن في حين أن شبه الجزيرة تحظر العروض السينمائية، وإذا سمحت بتوزيع بعض اسطوانات الديجيتال فيشترط أن يكون من النوع "المجفف"، أي بعد تجفيفه من المناظر "الطبيعية" التي خلقها الله، لكي يصبح مثل نبات الصبار أي أقرب إلى النبت الشيطاني، والعياذ بالله!

* هؤلاء يذكرونني بما قاله ذات مرة محمد حسنين هيكل في وصفه لتدهور ما يسميه بـ"ألأمة"، حين قال "إننا نتصور أننا نكتب بينما نحن نترجم، ونترجم بينما نعتقد أننا نكتب"!
"جماعة تدمير السينما في العالم العربي" أصبحت تكتفي الآن بترجمة المعلومات والتحقيقات السريعة الاستهلاكية المبتورة من أدنى مواقع الانترنت الأمريكية، بدعوى أن هذا هو النقد السينمائي، والثقافة السينمائية، ويسوقونها لقراء لم يعد يشغلهم في الحياة إلا مطالعة باب الحظ والنجوم، وممارسة ألعاب الكومبيوتر التي تصيب بالتخلف العقلي، ومشاهدة قنوات الفضاء المعلبة بالفضائح المتحركة في صورة مغنيات للفيديو كليب "الثوري جدا" المقصود منه شئ واحد فقط هو "استفزاز أسامة بن لادن"!

جريدة العرب الدولية عموما، أصبحت حاليا تصلح لشئ واحد فقط: مسح زجاج السيارة.

* دائما ما نتكلم فنقول "السينما العربية" في حين أن أربعة أخماس الدول العربية لا تعرف السينما أو بمعنى أصح، إنتاج الأفلام الروائية، التي تعد من وجهة نظري "الدالة" الثقافية الأساسية على وجود فكر وفن سينمائي، فهي مثل الرواية، تعبر أفضل تعبير عن ثقافة مجتمع وخياله وفكره وتاريخه، مع كل الاحترام والتقدير للفيلم التسجيلي أو الوثائقي، لكنه شئ آخر.
من ناحية أخرى: "سينما عربية" بأي معنى؟ فهل هناك مثلا تشابه في الظروف أو آليات الإنتاج أو حتى طرق التعبير باستخدام اللغة السينمائية، بل وهل تحمل هذه الأفلام نفس السمات الفكرية والجمالية التي تجعلها تختلف مثلا عن "السينما التركية" أو "السينما البرازيلية"ّ؟
انا شخصيا أصبحت أحاول تجنب استخدام هذا التعبير، وأفضل بدلا منه وصف "الأفلام الناطقة بالعربية" خصوصا وأن عددا كبيرا من تلك الأفلام ينتج ويمول بالكامل في أوروبا، وتحديدا في فرنسا. فكيف يمكن أن نصف فيلما فرنسيا يدور بالكامل في فرنسا باعتباره فيلما عربيا حتى ولو كان موضوعه وأبطاله من العرب ويتكلمون بعض العربية. وأمامنا الايطاليين الذين لا يطلقون على الأفلام التي يصنعها مخرجون من أصل إيطالي في أمريكا أفلاما إيطالية.

* الطريف أيضا أن الكثير من النقاد العرب الذين تحدثت معهم أخيرا أجمعوا على أن تعبير "السينما العربية" يضر كثيرا بتمثيل أفلام العرب في مهرجانات السينما العالمية، فالقائمين على المهرجانات – كما يقولون- يكتفون عادة بفيلم واحد، من هذه الدولة أو تلك، لاختزال تمثيل "السينما العربية" فيه، في حين أن إيران، وهي دولة واحدة، يمثلها عادة أكثر من فيلم واحد، وكذلك أمريكا اللاتينية، فيقال مثلا هناك فيلم برازيلي وآخر أرجنتيني، وليس فيلما لاتينيا.
وجهة نظر جديرة بالتفكير، لكنها ربما كانت تنسف من الأساس دعوى العروبيين.. فهي على نحو ما، دعوة إلى "تفكيك" العالم العربي إلى دول مختلفة، أي ثقافات تمثل كل منها نفسها.. ولكن هذا طبعا أمام الغرباء أصحاب المهرجانات الكبيرة فقط.. حتى نضحك عليهم.. أليس كذلك!

عيد سعيد ومسلسلات مديدة

كل عام وأنتم بألف خير.. والسينما في العالم، وليس فقط في العالم العربي، بخير. وأتمنى ألا تكون السينما في العام القادم قد "تحجبت"، أو احتجبت في بلادي التي تشهد تغيرات شديدة الوطأة، بفعل الرياح الصحراوية الجافة الغاشمة التي ظلت تهب عليها من الشرق طيلة عقود فأحالت خضرة الروح فيها إلى جفاف مر وواقع مرير.كثير من مسلسلات رمضان ستمتد غالبا خلال العيد وربما إلى ما بعده.
لكن هذا ليس هو الموضوع. فما أردت أن اكتب عنه بشكل مختصر اليوم يتعلق بجانب في المسلسلات التليفزيونية التاريخية التي تتناول حياة شخصيات بارزة مثل "ناصر"، ظل دائما يلفت نظري منذ سنوات طويلة.
ولاشك أن الملايين تابعت هذا المسلسل لكي يتعرفوا على شخصية الرئيس جمال عبد الناصر الذي لاشك أيضا في قيمته التاريخية وزعامته ودوره البارز في تاريخ بلاده والمنطقة.
وتحية خاصة للصديق القديم باسل الخطيب الذي أخرج المسلسل باجتهاد وجهد كبيرين، ونجح في جوانب كثيرة.إلا أن الموضوع له علاقة أكثر بطريقة كتابة السيناريو، فهو شأن كل المسلسلات من هذا النوع (مسلسل "أم كلثوم" مثالا)، ومن خلال ما أتيح لي أن أشاهده من حلقات، يتبع نفس الطريقة المتخلفة التي تتلخص في وضع أحداث التاريخ التي قرأ عنها كاتب السيناريو (في الصحف والكتب والشهادات) على لسان الشخصيات وهي تتحاور.
انت مثلا بدلا من أن ترى حوارا "حقيقيا" يدور بشكل طبيعي بين شخصين لكي يكشف لك عن تأثير ما أو مغزى لحدث أو لقرار أو لموقف، تجد الشخصيات تواجه بعضها بعضا، ولكن ليس لكي تتحاور في "ديالوج"، بل لكي تحاور نفسها في "مونولوج" يقصد من خلاله عادة، رواية جزء من الأحداث التاريخية التي قرأ عنها المؤلف وقام بتجميعها.
ويصبح الحوار بالتالي مضحكا جدا وغير مقنع بالمرة عندما ترى شخصية ما تقول لأخرى: هل تتذكر ما فعلناه سنة كذا وكذا.. عندما كان الانجليز يرفضون كذا وكذا.. وجاء الاخوان وفعلوا كذا وكذا..؟؟
فترد الشخصية الأخرى لكي تستكمل المحاضرة السخيفة المملة والحوار المونولوجي المفتعل على النحو التالي: نعم.. وأتذكر فعلا أنهم فعلوا كذا وكذا.. ثم عندما اتفقوا مع فلان ضد الثورة، وأرسلوا "الحلواني" (مثلا) في مهمة ثبت أنها كانت مؤامرة خطيرة!
مثل هذا الحوار بل وأكثر فداحة منه يسيطر بالكامل على شخصيات مسلسل "ناصر" وغيره من المسلسلات المشابهة.
وليس من الممكن مثلا تصور أن عبد الناصر يمكن أن يتحاور بهذا الشكل الذي رأيناه، مع حسن الهضيبي (المرشد العام للاخوان المسلمين) ورفاقه عندما استقبلهم في بيته.. أو يوجه حديثه بمثل هذه الحدة والخشونة لهم مذكرا إياهم بما فعلوه وما فعله هو في محاضرة طويلة مباشرة، ثم يهددهم بشكل مباشر ثم يتركهم ويدخل إلى داخل البيت.
لقد كان عبد الناصر اكثر قدرة بكثير على المناورة .. ولم يكن ليتحدث بكل ما يفكر فيه أمام الآخرين هكذا، وهو شئ معروف عنه تماما.. ولكن المشكلة الأكبر أن هناك نقصا في الخيال كما يبدو من السيناريو.. وآسف أن أقول هذا لصديق آخر أعتز به هو الكاتب المثقف يسري الجندي. لكن يسري يرتبط ايضا بتقاليد سوق ذي مواصفات محددة.وربما يتساءل البعض: وما المطلوب إذن لكي تكون الدراما حقيقية وليست مفتعلة ومصنوعة على هذا النحو؟
الإجابة ليست سهلة، فليست هناك وصفة محددة، لكن الافضل كثيرا هو أن يلجأ الكاتب إلى خياله الخاص، يستدعي منه ومن خبرته الإنسانية، لكي يتصور كيف يمكن مثلا أن يدور حوار بين عبد الناصر وزوجته على مائدة الطعام، أو كيف يمكن أن يتحاور ناصر وعامر دون أن يوجها حديثهما إلينا في "حكي" مستمد من الأحداث التاريخية التي وقعت وانتهت فعلا، يستدعيها كاتب الدراما استدعاء لكي يسمعها علينا!
إن تحرير الخيال، والابتكار في بناء المشاهد، و"أنسنة" الشخصية المحورية، أي ردها إلى صفاتها الإنسانية، بأخطائها ومشاكلها واشكالياتها والتباسات المواقف عليها أحيانا ايضا، هو ما يجعلها أكثر مصداقية وقربا من الناس ومن الحقيقة ومن التاريخ، بدلا من تبني رؤية أحادية مصمتة لا ترى من الشخصية التاريخية سوى انتصاراتها وقوتها وزعامتها و...
ليست هكذا تكتب الدراما التاريخية، بل وليست هكذا تبني الدراما من الأصل ومن الأساس.

رسائل الأصدقاء

رسائل الأصدقاء هي ما يجعل لما يفعله المرء قيمة ومعنى، وهي التي تدفع إلى الاستمرار في العمل رغم كل المعوقات والعقبات، ولذا أحب دائما أن أحتفي بها وأخصص لها مكانا في هذه المدونة كما يليق بها.وأشير إلى أن أول تلك العقبات التي تواجهني هي ضيق الوقت، علما بأن هذه "المدونة"، وأنا سعيد بأن أصفها باسمها الحقيقي، ولا أزعم أنها "مجلة" كما لا أطلق على نفسي "رئيس التحرير"، لا تنشر إلا كتاباتي الشخصية التزاما بما قطعته على نفسي، وبالعنوان الذي اخترته لها أي "كتابات شخصية حرة...إلخ" حتى لا ألزم أحدا بتحمل "وزر" آرائي وأفكاري، ولا أحرج أحدا إذا ما طلبت منه الكتابة معي، على أنني مع ذلك، أرحب دائما بأي أفكار أو مناقشات لما أنشره فيها من آراء.

لكن هذا الالتزام يرتب علي بذل جهد مضاعف، وكتابة الكثير مما يكتب خصيصا للنشر في هذه المدونة، وليس إعادة نشر ما سبق نشره في الصحف السيارة وغير السيارة.أما تحويل المدونة إلى موقع شامل يتجدد يوميا ولا يعتمد على جمع مقالات لنقاد سبق نشرها، أو الحصول على مقالات الآخرين بموافقتهم أو بدونها، فأمر تتم دراسته حاليا بشكل عملي، على أن يحترم النقد السينمائي ونقاد السينما ويدفع لهم مكافآت مالية جيدة مقابل مساهماتهم، تقديرا لقيمة النقد وليس استغلالا للنقاد واستهتارا بهم.


رسائل الأصدقاء اليوم تشمل التالي:


* الصديق المخرج ابراهيم البطوط بعث رسالة يقول فيها "رجاء أن تعرف أن ما تفعله وتعرضه في مدونتك هو شئ شديد الأهمية. إنها المرة الأولى في التاريخ التي يمكننا أن نقرأ مقالا ثم نشاهد مقطعا من فيلم بشكل سهل للغاية ووقتما نشاء. إذن فالأمر يشبه محاضرة مستمرة نستطيع أن نحضرها في أي وقت نشاء. إن ما تفعله مهم، وأرجو أن تواصله لأطول وقت ممكن، وكن مطمئنا أنه يصل إلى الناس وأنه مهم. مع أطيب تمنياتي".

كل الشكر لابراهيم وأعده أن أستمر طالما أمدني الله بالصحة والقدرة.


*تلقيت رسالة من الصديق القديم الدكتور محمد حسن خليل يقول فيها:"عزيزى أمير: سينما جيلنا هى وعينا ومرآتنا وخلاصنا، وأحس بحميمية شديدة عندما أقرأ نقدك للأفلام التى ساهمت فى صنع وعينا وإضاءة وجداننا وإحساسنا بالجمال وسنين شبابنا التى صارت الآن بعيدة، فهل هو الحنين إلى تلك الأيام أم الإعجاب بتحليلك أم التأمل الفكرى فى قصة تكون وجداننا الفكر- فنى؟ لا يهم، أيا ما كان أو لو كان خليطا من كل ذلك، أردت أن أعبر لك عن الأحاسيس المركبة التى تجتاحنى عند قراءة مقالك عن "الإسكندرية ليه" كما اجتاحتنى عند قراءتى لرثائك ليوسف شاهين".

الدكتور محمد حسن كان زميلا أساسيا في إدارة العمل معي في "نادي السينما" في كلية الطب بجامعة عين شمس في السبعينيات، وظل يتابع كتاباتي.


* الصديق الناقد والصحفي ضياء حسني بعث إلي بما كتبه عن هذه المدونة ونشره في عدد شهر أكتوبر من مجلة "لغة العصر" وجاء فيها ما يلي:"الكتابة عن السينما عبر النقد السينمائي العميق أصبحت نادرة، كما أصبح إصدار مجلة سينمائية جادة ضربا من الجنون حيث تحول اهتمام الجمهور نحو أخبار نجوم الفن سواء كان غناء أو تليفزيون أو سينما، وبالتالي تحولت الكتابة عن السينما إلى نوع من النميمة. وفي ظل هذا الجو من الموت المعلن للنقد الحقيقي، امتنع النقاد السينمائيون عن الكتابة أو انخرطوا فيما هو سائد. أما أمير العمري، أحد أفراد الرعيل الأول من نقاد السينما المصريين فوجد في الانترنت متنفسا لنشر النقد السينمائي الجاد والحقيقي، بل ورأى أن الانترنت هو الحل العبقري لمواجهة هذا الطوفان من الكتابات السينمائية الغثة، فأسس مدونة "حياة في السينما". وأهمية هذه المدونة أن أمير من الذين أسسوا لمفهوم النقد السينمائي في مصر والعالم العربي".

كل الشكر لضياء طبعا على الثناء والتنويه. فقط أود أن أصحح للعزيز ضياء أنني لا أنتمي إلى "الرعيل الأول" من نقاد السينما المصريين فقد بدأ النقد في مصر في العشرينيات، كما أنني لست أيضا من الرعيل الأول الذي أسس لنقد علمي جاد، فربما كان هذا فضل جيل الخمسينيات و الستينيات (أي جيل سعد الدين توفيق وصبحي شفيق وفتحي فرج وسامي السلاموني وسمير فريد)، لكنني أنتمي كما يعرف ضياء، إلى جيل السبعينيات الذي ربما يكون قد حاول أن يطور تجربة الجيل السابق، ويجعل الكتابة عن السينما "أدبا" خاصا قائما بذاته، ولا أعرف ما إذا كنت قد نجحت في هذا.


* لازلت أحتفظ وأفكر برسالة الصديق الناقد حسين بيومي التي يقول فيها:"مقالك عن فيلم "جنينة الاسماك" هو الرد العملى عن السؤال الذى وجهته لك ذات يوم فيما يتعلق بدور الناقد عموما، والناقد المصرى الذى يعيش فى الغرب خصوصا، فالمقال يوجد حالة من الجدل النقدى، وليس الجدال بالطبع، بين الجمالى والاجتماعي والسياسي والتاريخى وبين السينما فى مصر، لا كما يتصورها الجمهور فقط، بل كما يراها أغلب من يكتبون عنها من النقاد بين قوسين، إذ ينظرون اليها من منظور أخلاقى يختلط فيه الدينى بالاجتماعى، ولذا ينبذون الإيروتيكى الذى يشكل جانبا إنسانيا من الجمالى، ويتحدثون عن الفنى بمعزل عن تقدم وتطور الفن فى العالم. انهم باختصار تقليديون ومحافظون ومقالك بالطبع يمكن، إذا أرادوا، أن يتعلموا منه قراءة الأفلام من منظور أكثر رحابة وعمقا".

رسالة حسين بيومي وسام على صدري وربما تكون أكثر مما أستحق، لكنها رسالة تحيرني أيضا، فهل استطعت حقا الإجابة عن السؤال الذي طرحه علي منذ سنوات؟ أم أنني قدمت مجرد محاولة للسباحة عكس التيار عند تناولي لفيلم "جنينة الأسماك" الذي لا يعد عملا كلاسيكيا بأي مقياس، ولذا رأيت أنه لا يصلح معه بالتالي، تناوله من زاوية النقد الكلاسيكي، بل يتعين التحرر من الكتابة عن السينما عموما في تركيبها المنهجي المتسلسل، وجعلتها سباحة حرة تطرح أفكارا. هل نجحت؟ مرة أخرى لا أعرف.

الثلاثاء، 23 سبتمبر 2008

من فيلم "إمبراطورية الحواس"

قبل فترة نشرت هنا مقالا تحليليا نقديا عن فيلم "امبراطورية الحواس" للمخرج الياباني ناجيزا أوشيما الذي اعتبرته واحدا مما يمكن أن نطلق عليه "الكلاسيكيات الحديثة" أو modern classics وهي الأعمال التي ربما لا يكون قد مضى عليها زمن طويل إلا أنها اعتبرت من الناحية الفنية، أعمالا ستدخل تاريخ السينما وتصبح من الكلاسيكيات المشهودة.
يقول الناقد رونالد بيرجان في "قاموس الأفلام الأجنبية" إن الفيلم "كان بالنسبة لكثيرين معالجة للعلاقة بين الإيروتيكية والموت (وهي تيمة سبق أن تناولها برتولوتشي في فيلم "التانجو الأخير في باريس" وفتحا فنيا في مجال تصوير الجنس الصريح على الشاشة"."امبراطورية الحواس" بالتأكيد من الكلاسيكيات الحديثة. وعلى العكس من الانطباع الذي قد يكون قد وصل إلى بعض القراء عن مدى عنف الفيلم وقسوته، هناك بعض المشاهد في هذا الفيلم شديدة الرقة والشفافية والسخرية المحببة أيضا.. منها مشهد أو اثنان عثرت عليهما وأردت أن يشاركني قراء هذه المدونة في تأملهما والاستمتاع بهما، وتأمل العلاقة بين شريط الصوت وشريط الصورة، والتناقض بين الرغبة في التحرر والانطلاق، والقمع الذي يمارسه الأقوى على الأضعف في اليابان الفاشية في الثلاثينيات.
ليس هناك جنس من ذلك الجرئ جدا الذي يصوره الفيلم بوفرة، لكن إيحاءات جنسية واضحة. والأفضل أن يشاهد القارئ بنفسه لنفسه بدون وصاية أو شروح.
اضغط هنا لقراءة مقالي عن "امبراطورية الحواس"
شاهد بالفيديو عبر هذه الوصلة

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger