الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

عودة فيلم "المسافر" وفي انتظار "الرأي الآخر"




بقلم: أمير العمري

 

أخيرا بدأت العروض العامة في دور العرض المصرية لفيلم "المسافر" للمخرج أحمد ماهر، بطولة عمر الشريف وخالد النبوي وسيرين عبد النور.

هذا الفيلم الذي كان قد عرض للمرة الأولى قبل عامين في مهرجان فينيسيا السينمائي داخل المسابقة، وكان رد الفعل ازاءه سلبيا بدرجة كبيرة رغم أن وزير الثقافة المصري وقتها، المعروف بـ"وزير الحظيرة"- كان قد دفع من حسابات حظيرته أو وزارته- لا فرق- تكاليف سفر واقامة عدد من الصحفيين المصريين من صحف الحكومة ومن صحف يقال لها مستقلة أو معارضة، لكي يشاركوا في حملة الطبل والزمر للفيلم الذي أنفقت عليه وزارة الثقافة ما يقرب من 25 مليون جنيه من أموال دافعي الضرائب المساكين، تم نهب جزء كبير منها خلال سلسلة العمليات البيروقراطية الانتاجية وما بعد الانتاجية، يتحمل مسؤوليتها دون شك، مجموعة من "الديناصورات" المعروفين الذين تغلغلوا داخل أروقة الوزارة والدولة خلال عصر "سرطان نظام حسني مبارك" وتابعيه من اللصوص الكبار. وبالمناسبة عندما كنا نكتب مثل هذه المعاني والألفاظ قبل عام واحد فقط، كنا نتهم من جانب شلة خدم الوزير وماسحي أحذيته بالتطرف والجنون والحقد عليهم!

وبالمناسبة أيضا كنا أول من أطلق لقب "وزير الحظيرة" على فاروق حسني الذي ظل كبار المتثاقفين من أحذية الوزير بل وكل المشتغلين بالعمل الثقافي في مصر ينادونه بـ"الوزير الفنان" بتعليمات علوية من مكتبه ومن الادارات الملحقة بوزارته كما لمست بنفسي عند عملي مديرا لمهرجان الاسماعيلية عام 2002، بل ودارت وقتها مناقشة حادة بيني وبين المسؤول عن المركز القومي للسينما في ذلك الوقت حول هذه التسمية التي تحمل سمة النفاق فأثار كلامي غضبه، وطلب أن نكتبها هكذا بالعربية في كتالوج المهرجان ولا نترجمها للانجليزية في القسم الانجليزي، وذلك بعد أن سخرت من التسمية وقلت إننا لو ترجمناها مثلا لأي ضيف أجنبي من ضيوف المهرجان فسيضحك علينا لأنه لا يوجد وزير فنان ووزير آخر مهندس مثلا أو محترف سياسة أو وزير عجلاتي، بل وزير فقط (ربما أيضا من الوزر- كما كان يقول نجيب سرور). أطلقت هذا اللقب على فاروق حسني في السلطة، حاكما بأمره، يأمر وينهى ويمنح ويمنع، وليس بأثر رجعي، أي بعد خروجه من السلطة بعد سقوط نظام راعيته السيدة حرم حسني مبارك، كما فعل كثيرون ممن يتشدقون حاليا باسم حرية التعبير والحرية السياسية وينافقون الثورة والثوار، في حين أن كل ملفاتهم القذرة تحت أيدينا يمكننا نشرها إذا أرادوا لكي يعرفوا ماذا كانوا يكتبون ويقولون طيلة عشرين سنة، وماذا أصبحوا يكتبون اليوم!

أعود الى "المسافر" لأقول إن مقالنا عن الفيلم (في 2500 كلمة) الذي نشر في موقع "الجزيرة الوثائقية" ثم في هذه المدونة في سبتمبر 2009، كان المقال النقدي الأول الشامل عن الفيلم في العالم بأي لغة من اللغات، بعيدا عن الانطباعات الصحفية المباشرة. والموضوع بالطبع ليس موضوع سبق صحفي ولا نقدي ولا شيء من هذا كله، بل أقول ذلك لأنني حتى هذه اللحظة لم أقرأ أي مقال نقدي تحليلي عن الفيلم في الصحافة العربية حتى من جانب أولئك الصحفيين والناقدين الذين استأجرهم الوزير للذهاب الى فينيسيا ومنهم من اكتفى فط بكتابة سطرين أو ثلاثة يقول ان الفيلم "جيد ولكن... أو تجربة جيدة من ناحية الشكل أما المضمون فغامض..." الى آخر مثل هذه التعبيرات التي تصلح لدردشة الصالونات المغلقة!

واليوم ومع عرض الفيلم عروضا عامة، وبعد أن تعرض لإعادة عمل المونتاج له بأوامر من فاروق حسني بعد انتقادات شديدة وجهت له حتى من جانب بطله عمر الشريف الذي استخدم ألفاظا قاسية في وصف الفيلم ومخرجه والممثل خالد النبوي، نحن في انتظار كتابات توازي ما كتبناه عن الفيلم، تتعمق في الفيلم، وتحلله، وتتوقف أمام مشاهده الرئيسية لكي تقول لنا لماذا فشل هذا الفيلم أو لماذا يعتبره عدد من كبار "النقاد السابقين" الذين عملوا في الفيلم (منذ مرحلة السيناريو) تحفة عصره وزمانه وعملا من أعمال الفن الرفيع.

ونحن في الانتظار.. إذا كتبوا!

السبت، 17 سبتمبر 2011

2011 هوامش مهرجان فينيسيا




الفيلم الـ23 في المسابقة
مرة أخرى يقرر ماركو موللر اضافة (الفيلم المفاجأة) الذي عرض قبل يومين دون الاعلان عن اسمه، وهو الفيلم الصيني "الناس تصعد.. الناس ترى" الى مسابقة مهرجان فينيسيا وبذلك يصل عدد الأفلام المتسابقة الى 23 فيلما. ورغم الضعف الشديد للفيلم الذي شاهدت منه 45 دقيقة لم أر فيها ما يلفت النظر لأي براعة في الأسلوب أو حديد في الموضوع، إلا أن البعض هنا، ومنهم ناقد صحيفة لوموند يمنحه 5 نجوم أي أن الفيلم في رأيه يستحق الاسد الذهبي. وتشيد به الصحافة الايطالية مثل لاستامبا التي منحه ناقدها 4 نجوم، ومنحه زميلنا سمير فريد (المصري اليوم) 4 نجوم (1) بينما منحه ناقد سكرين انترناشيونال مثلا نجمتين، ومنحه ناقد الجيونالي الايطالية نجمة واحدة.. كما منحه ناقد الهيرالد تريبيون أيضا نجمة واحدة.. رأيي الشخصي أنه لم يكن يستحق أصلا المشاركة في المسابقة، ولو أخرج شريف عرفة فيلما مثله لرفضته كل مهرجانات العالم.. ربما لأن الصين هي حاليا الموضة السائدة في المهرجانات وخصوصا مهرجان فينيسيا.


ربما يقول قائل: ولكنك لم تشاهد الفيلم بأكمله لكي تحكم عليه؟ والاجابة أن الفيلم الذي لا يقدم أي شيء مثير للاهتمام على مستوى الشكل أو المضمون، لا يستحق أن يؤخذ على محمل الجد، وأنا فقط أقول إنه لا يستحق المشاركة في المسابقة لكني لم أقدم تحليلا نقديا له بالطبع لأنه أمر مستحيل الا بعد مشاهدته.. إنه الانطباع الأولي الذي يحكم بالمناسبة عمل كل لجان اختيار الأفلام في العالم، فلا توجد لجنة تشاهد كل الأفلام بكاملها، خصوصا الأفلام التي ترفض بعد مشاهدة 30 أو 40 دقيقة منها، أما ما يصمد فلابد بالطبع من استكماله حتى النهاية.
أفضل الأفلام
قاربت مسابقة مهرجان فينيسيا على نهايتها، بعد عرض 18 فيلما من 22 فيلما. وأستطيع القول ان افضل الأفلام في رأيي هي التالي:


1- دجاج بالخوخ (فرنسا) 
2- عار Shame (بريطاني) 3- البر الأخير Terrafirma 4- الألب (اليونان) Alps
أفضل ممثلة: اليونانية أجيليكي بوبوليا بطلة الفيلم اليوناني الألب
أفضل ممثل: مايكل فاسبندر عن دوره في فيلم "عار" البريطانيملحوظة: الغالب أن الفيلم الذي سيحصل على الأسد الذهبي لن يكون هو الفيلم الأفضل بل غالبا سيكون فيلم "مذبحة" المسرحي، تعاطفا مع مخرجه بولانسكي الذي لم يتمكن من حضور المهرجان. وكان فيلم بولانسكي السابق "الكاتب الشبح" قد فاز لنفس الأسباب بجائزة أحسن فيلم أروبي التي لم يكن يستحقها بكل تأكيد. والمؤكد أيضا أن أداء الممثلين الأربعة في فيلم مذبحة أداء ممتاز لكن يقلل من شأنه الطابع المسرحي للفيلم وهو ما فرض التمثيل في الصدارة وجعل الحوار الذي يردده الممثلون هو أساس فهم الشخصيات والفيلم، وجعل من كل الجوانب السينمائية (زوايا التصوير، الديكورات، حجم اللقطات..الخ) جوانب تكميلية أو إضافية. وهنا في فينيسيا حالة من الانبهار بالفيلم بسبب براعته في توصيل الفكرة أي فكرة نفاق الطبقة الوسطى وزيف مؤسسة الزواج، وللتعاطف المسبق مع بولانسكي في أزمته الشخصية. ولذا لن ندهش اذا ما فاز بجائزة أحسن فيلم. أما أسوأ أفلام المسابقة فهو دون أدنى شك الفيلم الفرنسي "صيف حارق" لفيليب جارديل.
هوامش جديدة
* أسفر فيلم المفاجأة عن عرض فيلم صيني كما كان متوقعا بسبب ولع ماركو موللر، مدير مهرجات فينيسيا الشخصي، بالسينما الآسيوية عموماـ والسينما الصينية خصوصا. الفيلم اسمه "الناس تصعد.. الناس تشاهد" وهو فيلم رديء على كل المستويات، موضوعا واخراجا وتمثيلا.. مرت 45 دقيقة لم نر فيها سوى شخصا يقتل آخر في منطقة جبلية وشقيق القتيل يبدأ رحلة بحث مملة عن القاتل.. ولا أعرف ماذا تم بعد ذلك بل لا اهتم لأننا بدأنا فجأة نشم رائحة حريق داخل القاعة فغادر مئات الأشخاص وبينهم سيادتي طبعا.. فهذا الفيلم تحديدا لا يستحق أن يموت المرء من أجله!


* فيلم الايطالي العظيم ارمانو أولمي "قرية من الكرتون" فيلم ديني يتسق مع رؤية المخرج الكاثوليكي في ضرورة التساند بين البشر، وهو يطرق أيضا مثل الفيلم الايطالي في المسابقة "البر الأخير" موضوع المهاجرين غير الشرعيين من الأفارقة، والقانون الايطالي الذي يعاقب كل من يأويهم عقوبات مشددة. وواضح أن القضية تشغل الرأي العام الايطالي. وعلى حين يتناول "البر الأخير" الموضوع من زاوية ليبرالية يسارية عموما، مناهضة لسياسة بيرلسكوني، يتناول فيلم ارمانو أولمي الموضوع من الزاوية المسيحية الانسانية. الفيلم أقل من أفلام أولمي السابقة المدهشة مستوي بسبب سطحية السيناريو.
خراب الرأس وخراب السينما
* الفيلم الفلسطيني أو المعتبر كذلك والذي يعرض في مهرجان فينيسيا في قسم "أيام فينيسيا" كارثة فنية بل وسياسية على كل المستويات.. كارثة في الاخراج وفي التمثيل وفي السيناريو بل وفي أبسط ادوات السينما وهو التتابع، فالمخرجة سوزان يوسف (لا اعرف من أين ظهرت ومن الذي علمها صنعة الاخراج السينمائي!) لا تتذكر ما سبق تصويره في مشهد سابق، وهي تستحق المنع من الوقوف وراء الكاميرا (أي كاميرا) لمدة عشر سنوات الى أن تتعلم إذا تعلمت، فخبرتي تقول ان فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، ولكن بعض الذين يصنعون الأفلام بالصدفة في العالم العربي، حظهم ينطبق عليه كما يقال بالمصرية الدارجة "حظ عوالم"، أي أنهم يعملون ويحصدون ما يحصدونه، فقط بسبب خلو المجال أو تعفف من يقدرون على دخول ساحة المنافسة، أو الحاجة الى فيلم يرضى النزعة الليبرالية التقدمية في الغرب. فهذا الفيلم الذي يحمل عنوان"حبيبي راسك خربان" لا يستحق العرض في أي مهرجان على وجه الأرض. ومن الجدير بنا أن نقول لمخرجته "حبيبتي سوزان يوسف: راسك أنت هو الخربان"!


وقد وقع أمر طريف للغاية عند تقديمه، فقد وقف رجل من منظمي قسم أيام فينيسيا يقدم الفيلم لكنه اعتذر عدة مرات بأنه ليس الشخص المناسب الذي يمكنه تقديم هذا الفيلم لأن الشخص أو الزميل الذي وقع في غرامه وكان أول من شاهده، غير موجود اليوم لتقديم اكتشافه. وقد شعرت بأن الرجل بأنه يكاد يعتذر عن تقديم عمل لا يروق، وكانما شعر هو ايضا بذلك فعاد وأكد أن الجميع بالطبع أعجدبهم الفيلم لكن الرجل الغائب كان هو صاحب الاكتشاف، ولاشك أنه شعر بفداحة ما ارتكبه من جرم فاختفى ليلة تقديم هذا الفيلم التعيس. سنعود للكتابة عنه تفصيلا بالطريقة التي يفضلها البعض أي الطريقة المنهجية الأكاديمية.. واعذرونا إن سخرنا وضحكنا بدون السخرية يمكن للمرء أن يموت أو ينفجر بسبب بعض ما يشاهده من أفلام رديئة.


هوامش مهرجان فينيسيا
* من أجمل ما شاهدته من أفلام خارج المسابقة الفيلم التسجيلي الطويل أو غير الخيالي "سالومي كما يراها وايلد" أو ببساطة "سالومي وايلد"Wilde Salome الذي أخرجه الممثل العملاق آل باتشينو بروح الهاوي العظيم الباحث عن معنى الفن وجوهره بعيدا عن الأضواء الزائفة.. إنه درس سينمائي لكل من يرغب في التعلم.. تعلم كيف يعبر عن بحثه الشاق عن المنعرفة بكل تلك البلاغة وذلك السحر.


* حتى الآن ومع مضي نصف المهرجان تقريبا يمكن القول ان افضل الأفلام في المسابقة من وجهة نظر كاتب هذه السطور هي بالترتيب: 1- الفيلم الفرنسي "دجاج بالخوخ" 2- الفيلم الايطالي "البر الأخير"Laterraferma 3- الفيلم اليوناني "الآلب" Alpis

جاء الفيلم الايطالي مفاجأة مدهشة لعشاق السينما واتقبل استقبالا يليق بعمل بيلغ يروي بشكل انساني مؤثر كيف تواجه ارملة شابة وابنها المراهق الحياة بعد وفاة الأب- الزوج، ثم كيف ينعكس مسار مياتها بعد أن تصبح الجزيرة السياحية الصغيرة في جنوب ايطاليا التي تعيش على السياح، مقصدا لقوارب المهاجرين غير الشرعيين. تصوري مؤثر ورقيق للعلاقة بين الثقافات، في سياق سينمائي مصنوع بدقة، وسيناريو يكشف عن المشاعر بطريقة شاعرية.

وجاء الفيلم اليوناني رغم كل ما يحتويه من صدمات بصرية، أيضا مدهشا في بنائه الما بعد حداثي، وقدرته على السخرية من عبث الواقع بلغة سينمائية رفيعة، وأسلوب لا يقلد ولا يفتعل، بل يملك من الأصالة ما يثير الاعجاب..أما "دجاج بالخوخ" فهو درس في الابداع السينمائي لكل من يريد أن يتعلم كيف يروي قصة بطريقة فنية مبتكرة وممتعة.  فيلم بولانسكي جيد جدا من حيث الصنعة لكنه يظل أقل من هذه الأفلام بسبب مسرحيته الشديدة وكأننا نشاهد مسرحية يخرجها مخرج متمرس للتليفزيون. ويظل التمثيل أهم العناصر فيه رغم جودة الاخراج وحرفيته العالية. لكنه بولانسكي فماذا تتوقع!

والأمر نفسه يمكن أن يقال دون تزيد عن فيلم "منهج خطر" لكروننبرج. * الفيلم الإسرائيلي "شهادة" من اخراج المخرج شلومي القباص عرض في اليوم الأول للمهرجان وقوبل بانسخاب أعداد غفيرة من النقاد والصحفيين بمن فيهم المعروفين بجديتهم، ليس بسبب موضوعه الذي يفضخ- دون شك- الكثير من الممارسات الصهيونية ضد الفلسطينيين من خلال حكايات يستعيدها عدد من الفلسطنيين والاسرائيليين (يؤدي أدوارهم ممثلون)، ولكن أساسا، بسبب أسلوبه البعيد الذي يحصر الشخصية في الكادر لعدة دقائق ويجعلها تقص علينا في مونوج طويل قصة وقعت لها. إنه أحد أفلام ما يمكن أن نطلق عليه "تعذيب الضمير" التي تنتاب بعض الاسرائيليين، ويصبح صنع فيلم بالتالي وسيلة علاجية لهم أيضا إلى جانب أنها وسيلة قد تجلب لهم وجودا على الساحة السينمائية العالمية كما حدث بالفعل مع كثيرين منهم.
الطريف أن الكتيب الدعائي الذي وزع مع الفيلم كتب فيه اسم الفيلم واسم مخرجه باللغات الثلاث العربية والعبرية والانجليزية. وقد كتب المخرج اسمه هكذا شلومي "القباص" وهو يكتب بالانجليزية الكابيتز Elkabetz وهو يهودي من أصل مغربي شأنه في هذا شأن شقيقته الممثلة الإسرائيلية المعروفة رونيت التي تفوقت في أدء دور المرأة الإسرائيلية صاحبة المطعم، التي تغوي أعضاء الفرقة الموسيقية من المصريين في فيلم "زيارة الفرقة الموسيقية"، ورونيت تظهر أيضا في فيلم "شهادة". 

* من النجوم الحاضرين في فينيسيا الممثل الكبير آل باتشينو الذي سيمنحه المهرجان جائزة الجدارة الثقافية له أيضا فيلم من اخراجه هو "سالومي وايلد" أي سالومي كما كتبها أوسكار وايلد (منعت من التدوال والنشر في بريطانيا في العصر الفيكتوري وظلت لمدة ثلاثين عاما ممنوعة، حتى عام 1923. وهنا يوجد أيضا المخرج الأمريكي ستيفن سودربرج، والمخرج دارين أرونوفسكي (رئيس لجنة تحكيم افلام المسابقة)، والمخرج الفرنسي أندريه تشينيه، والنجمة مادونا (مخرجة فيلم دبليو إي)، والمخرج الايراني أمير ناديري، والنجمة الايطالية الحسناء مونيكا بيلوتشي (زادت في الوزن بدرجة ملحوظة مما قلل كثيرا من جمالها الكامل المعروف، لكنها لاتزال تتمتع بالجاذبية الطاغية وهي في السابعة والأربعين من عمرها).
وهنا أيضا الممثل الألماني كريستوف فالتز (نجم فيلم تارانتينو "أوغاد مجهولون")، وزميلته في نفس الفيلم الألمانية ديان كروجر، والممثلة الأمريكية ماريزا تومي، والنجمة الممثلة المخرجة جودي فوستر، والممثلة الانجليزية كيت ونسليت، والممثل الأمريكي فنسنت كاسل والممثل الأمريكي فيليب سيمور هوفمان، وطبعا عدد كبير من مشاهير اسينما الايطالية تمثيلا واخراجا على رأسهم المخرج كارلو ليزاني (89 سنة) والمخرج إيرمانو أولمي (80 سنة).

الجمعة، 16 سبتمبر 2011

فيلم مغربي جديد في دور العرض المغربية





أحمد سجلماسي



تزامن خروج الفيلم المغربي الجديد "نهار تزاد طفا الضو" للعرض في القاعات السينمائية الوطنية، ابتداء من السابع من سبتمبر الجاري، مع تراجع عدد القاعات الى رقم 38 فقط موزعة على الشكل التالي : 10 قاعات بالدار البيضاء، 6 قاعات بمراكش، 5 قاعات بوجدة، 4 قاعات بالرباط، 4 قاعات بطنجة، 3 قاعات بمكناس، قاعتان بسلا، قاعة واحدة بتطوان: أبينيدا، وقاعة واحدة بأغادير، قاعة واحدة بأصيلا وقاعة واحدة بفاس.
فهل بهده القاعات الثماني والثلاثون وشاشاتها الاثنتان والستون يمكن لهدا الفيلم المغربي الجديد أن يسترجع مصاريف منتجيه الفنانين المغامرين المخرج محمد الكراط والممثل رشيد الوالي التي تجاوزت، حسب ما جاء في ندوتهما الصحافية بقاعة الفن السابع بالرباط سبعمائة مليون سنتيم؟
صحيح أن المنتجين الذدكورين لم يصرفا وحدهما كل هدا المبلغ وذلك لأنهما استفادا من دعم القناة الثانية المغربية والعديد من المعلنين والأصدقاء كما سيستفيدان من الدعم العمومي عبر المركز السينمائي المغربي عندما سيضعان فيلمهما أمام لجنة صندوق دعم الانتاج السينمائي الوطني بعد الانتاج.
ومما يلاحظ على عنوان هدا الفيلم الفانتازي الكوميدي، الذي يعتمد على المؤثرات الخاصة، كونه يتضمن مفارقة يتميز بها واقع القطاع السينمائي الحالي بالمغرب فـ "نهار تزاد" الانتاج السينمائي بفضل زيادة حجم الدعم العمومي "طفا الضو" على العديد من القاعات السينمائية، وأصبح قطاع التوزيع والاستغلال السينمائيين في وضعية كارثية بسسب ندرة رواد القاعات، الشيء الذي لا يسمح لأي فيلم مغربي باسترجاع مصاريفه محليا.
وتجدر الاشارة الى أن مدينة فاس، التي تقلص عدد قاعاتها من 13 الى قاعة واحدة يتيمة، سيعرض بها فيلم " نهار تزاد طفا الضو" ليس بقاعة "امبير" ولكن بقاعة "ريكس" التي عاشت في السنوات الأخيرة مسلسلا من الاغلاق وعدم الاغلاق رافعة على بابها لافتة "محل للبيع أو الكراء" عوض ملصقات الأفلام.
فنزولا عند الحاح النجم رشيد الوالي ارتأى السيد عبد الحميد المراكشي، مالك هده القاعة الجميلة، أن يفتحها استثناء في وجه هدا الفيلم الجديد لعله يحقق ما حققه فيلم عبد الرحمان التازي "البحث عن زوج امرأتي" من مداخيل في التسعينيات من القرن الماض.
على أية حال نتمنى لرشيد الوالي المنتج والمخرج والممثل والمنشط التلفزيوني ولصديقه المخرج والمنتج محمد الكراط، المتخصص في تقنيات المؤثرات الخاصة، النجاح في هده المغامرة الابداعية رغم ما يحيط بهما من مثبطات. لنا عودة للفيلم بعد مشاهدته أكثر من مرة .

السبت، 10 سبتمبر 2011

جوائز مهرجان فينيسيا السينمائي: مفاجآت وتوازنات محسوبة



كالعادة جاءت نتائج الدورة الثامنة والستين من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي مفاجأة كبيرة بالنسبة لمعظم الحاضرين من النقاد والصحفيين والسينمائيين والمتابعين عن كثب لفاعليات المهرجان، خصوصا وأن التكهنات انحصرت بين عدد محدود من الأفلام كان على رأسها فيلم "مذبحة" Carnageلرومان بولانسكي الذي خرج خالي الوفاض تماما من المسابقة بعد أن ظل حتى النهاية متربعا قائمة ترشيحات نقاد "فاريتي" متفوقا على سائر الأفلام، لا أعرف لماذا في حين أنه فيلم مسرحي في المقام الأول مهما قيل عن براعة التمثيل واخراج المشاهد المسرحية المصورة فيه.
كما خرج أيضا الفيلم- التحفة "دجاج بالخوخ" الفرنسي من مولد الجوائز دون أي إشارة ولو الى السيناريو أو التصوير، وكان في رأيي يستحق الأسد الذهبي عن جدارة، لكن اللجنة التي رأسها المخرج الأمريكي دارين أرونوفسكي منحت الجائزة الكبرى للفيلم الروسي "فاوست" اخراج ألكسندر سوكوروف الذي يقدم فيه معالجة جديدة لأسطورة فاوست (جوته) بأسلوبه المعروف الذي يميل الى التعامل مع الصورة السينمائية كما لو كانت لوحة من الكانفاه المشغولة، مع المحافظة على اضاءة غامضة شبه معتمة تضفي جوا خاص من القدم على الصور والمشاهد لدرجة أنك قد تشعر، كما أشعر أنا أمام أفلامه، بأن مستوى الصورة السينمائية ضعيف، وأن الشحوب المقصود المصنوع بواسطة المرشحات التي توضع أمام العدسات، يقلل كثيرا من مستوى الرؤية بحيث تشعر العين بالارهاق، خصوصا وأن أفلامه عادة مليئة بالحركة والحوار الذي لا يتوقف أبدا، فإذا كنت تتابع أيضا ترجمة الحوار عن طريق متابعة ما يظهر من ترجمة على الشريط نفسه أو أسفله، تصبح عملية المشاهدة شاقة لغاية.
وكان هذا الأسلوب قد أتبع في فيلمه عن هتلر فيلمه الآخر عن لينين، والامبراطور هيروهيتو الياباني، وهو هنا يختتم رباعيته عن هذه الشخصيات بهذا الفيلم الذي فيه الكثير من الطرافة في رسم الشخصيات والابتكار في تصميم المشاهد لكنه أيضا فيه الكثير جدا من الافتعال!
وحصل على جائزة الأسد الفضي لأحسن مخرج، المخرج الصيني كاي تشانجشون صاحب فيلم "الناس تصعد الناس ترى" وهو الفيلم المفاجأة الذي توقعنا فوزه بجائزة أساسية، وهو حسب ما نشر، يحتوي على نصف ساعة بديعة في نهايته لكنه يتعثر في البداية ويستمر دون أي اثارة للاهتمام مدة طويلة قبل أن يتمكن المخرج من خلق عالم له خصوصيته سينمائيا. لكن الفيلم الصيني كان لابد أن يفوز في فينيسيا كما هي العادة!

وحصل على جائزة التمثيل لأحسن ممثل- كما توقع كاتب هذه السطور- الممثل مايكل فاسبندر عن دوره الهائل في الفيلم الكبير "العار" Shame البريطاني الذي كان يستحق هو نفسه جائزة الاخراج على الأقل.
وحصلت ديني اب وون من هونج كونج على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "حياة بسيطة" (الذؤي لم اشاهده).
وحصل فيلم "البر الأخير" Terraferma على الجائزة الخاصة للجنة التحكيم، وهو فيلم ممتاز لاشك في هذا، ويتناول موضوع الهجرة غير الشرعية الى ايطاليا بطريقة جديدة ومن خلال سيناريو منسوج ببراعة.

وفاز بجائزة أحسن سيناريو الفيلم اليوناني "الألب"، كما فاز بجائزة التصوير السينمائي الفيلم البريطاني "مرتفعات ويذرنج".
وظلم الفيلم الايطالي الجيد جدا "آخر إنسان على الأرض" الذي خرج دون اشارة، ولاشك أن الجوائز قسمت بحيث ترضي كالعادة، أكبر عدد من الأفلام المشاركة، ولعل الدهشة الوحيدة هنا لا تأتي فقط من ذهاب الأسد الذهبي لفيلم "فاوست" (وهو بالتأكيد ليس أفضل ولا أهم أفلام الرباعية الأخيرة للمخرج سوكوروف)، بل ومن غياب الأفلام الأمريكية الخمسة عن قائمة الجوائز تماما بما فيها "منتصف مارس" الذي رشحه البعض للجائزة الكبرى، ثم فيلم "جو القاتل" الذي حصل أيضا على عدد كبير من ترشيحات النقاد.
وعموما هذا شأن جوائز المهرجانات دائما التي عادة ما تعبر عن محصلة التوازنات بين سبعة أشخاص أو أكثر، هم مجموع لجنة التحكيم، وليس بالضرورة عن تقدير موضوعي حقيقي لأحسن الأفلام.
والفيلم الجيد يدخل تاريخ السينما ويحفر لنفسه مكانا فيه، أما الفيلم محدود القيمة، فسرعان ما يطويه النسيان.
إلى اللقاء في دورة قادمة.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger