بقلم: أمير العمري
أخيرا بدأت العروض العامة في دور العرض المصرية لفيلم "المسافر" للمخرج أحمد ماهر، بطولة عمر الشريف وخالد النبوي وسيرين عبد النور.
هذا الفيلم الذي كان قد عرض للمرة الأولى قبل عامين في مهرجان فينيسيا السينمائي داخل المسابقة، وكان رد الفعل ازاءه سلبيا بدرجة كبيرة رغم أن وزير الثقافة المصري وقتها، المعروف بـ"وزير الحظيرة"- كان قد دفع من حسابات حظيرته أو وزارته- لا فرق- تكاليف سفر واقامة عدد من الصحفيين المصريين من صحف الحكومة ومن صحف يقال لها مستقلة أو معارضة، لكي يشاركوا في حملة الطبل والزمر للفيلم الذي أنفقت عليه وزارة الثقافة ما يقرب من 25 مليون جنيه من أموال دافعي الضرائب المساكين، تم نهب جزء كبير منها خلال سلسلة العمليات البيروقراطية الانتاجية وما بعد الانتاجية، يتحمل مسؤوليتها دون شك، مجموعة من "الديناصورات" المعروفين الذين تغلغلوا داخل أروقة الوزارة والدولة خلال عصر "سرطان نظام حسني مبارك" وتابعيه من اللصوص الكبار. وبالمناسبة عندما كنا نكتب مثل هذه المعاني والألفاظ قبل عام واحد فقط، كنا نتهم من جانب شلة خدم الوزير وماسحي أحذيته بالتطرف والجنون والحقد عليهم!
وبالمناسبة أيضا كنا أول من أطلق لقب "وزير الحظيرة" على فاروق حسني الذي ظل كبار المتثاقفين من أحذية الوزير بل وكل المشتغلين بالعمل الثقافي في مصر ينادونه بـ"الوزير الفنان" بتعليمات علوية من مكتبه ومن الادارات الملحقة بوزارته كما لمست بنفسي عند عملي مديرا لمهرجان الاسماعيلية عام 2002، بل ودارت وقتها مناقشة حادة بيني وبين المسؤول عن المركز القومي للسينما في ذلك الوقت حول هذه التسمية التي تحمل سمة النفاق فأثار كلامي غضبه، وطلب أن نكتبها هكذا بالعربية في كتالوج المهرجان ولا نترجمها للانجليزية في القسم الانجليزي، وذلك بعد أن سخرت من التسمية وقلت إننا لو ترجمناها مثلا لأي ضيف أجنبي من ضيوف المهرجان فسيضحك علينا لأنه لا يوجد وزير فنان ووزير آخر مهندس مثلا أو محترف سياسة أو وزير عجلاتي، بل وزير فقط (ربما أيضا من الوزر- كما كان يقول نجيب سرور). أطلقت هذا اللقب على فاروق حسني في السلطة، حاكما بأمره، يأمر وينهى ويمنح ويمنع، وليس بأثر رجعي، أي بعد خروجه من السلطة بعد سقوط نظام راعيته السيدة حرم حسني مبارك، كما فعل كثيرون ممن يتشدقون حاليا باسم حرية التعبير والحرية السياسية وينافقون الثورة والثوار، في حين أن كل ملفاتهم القذرة تحت أيدينا يمكننا نشرها إذا أرادوا لكي يعرفوا ماذا كانوا يكتبون ويقولون طيلة عشرين سنة، وماذا أصبحوا يكتبون اليوم!
أعود الى "المسافر" لأقول إن مقالنا عن الفيلم (في 2500 كلمة) الذي نشر في موقع "الجزيرة الوثائقية" ثم في هذه المدونة في سبتمبر 2009، كان المقال النقدي الأول الشامل عن الفيلم في العالم بأي لغة من اللغات، بعيدا عن الانطباعات الصحفية المباشرة. والموضوع بالطبع ليس موضوع سبق صحفي ولا نقدي ولا شيء من هذا كله، بل أقول ذلك لأنني حتى هذه اللحظة لم أقرأ أي مقال نقدي تحليلي عن الفيلم في الصحافة العربية حتى من جانب أولئك الصحفيين والناقدين الذين استأجرهم الوزير للذهاب الى فينيسيا ومنهم من اكتفى فط بكتابة سطرين أو ثلاثة يقول ان الفيلم "جيد ولكن... أو تجربة جيدة من ناحية الشكل أما المضمون فغامض..." الى آخر مثل هذه التعبيرات التي تصلح لدردشة الصالونات المغلقة!
واليوم ومع عرض الفيلم عروضا عامة، وبعد أن تعرض لإعادة عمل المونتاج له بأوامر من فاروق حسني بعد انتقادات شديدة وجهت له حتى من جانب بطله عمر الشريف الذي استخدم ألفاظا قاسية في وصف الفيلم ومخرجه والممثل خالد النبوي، نحن في انتظار كتابات توازي ما كتبناه عن الفيلم، تتعمق في الفيلم، وتحلله، وتتوقف أمام مشاهده الرئيسية لكي تقول لنا لماذا فشل هذا الفيلم أو لماذا يعتبره عدد من كبار "النقاد السابقين" الذين عملوا في الفيلم (منذ مرحلة السيناريو) تحفة عصره وزمانه وعملا من أعمال الفن الرفيع.
ونحن في الانتظار.. إذا كتبوا!
0 comments:
إرسال تعليق