السبت، 31 أكتوبر 2009

ثقافة التوريث وثورة الرعاع



((بعيدا عن السينما وقضاياها أنشر هنا هذا المقال الذي كتبه الدكتور عادل العمري (وهو شقيقي) حول الموضوع الأكثر اثارة للاهتمام في مصر حاليا لعله يحرك بعض المياه الراكدة ويرد الأمور إلى نصابها الصحيح)).

بقلم: د. عادل العمري

مبدئيا لا يملك رئيس الجمهورية أبدا حق توريث السلطة لابنه لأن رئاسة الجمهورية تتم - رسميا - بالانتخاب ولكن لأن مصر فى الواقع مجرد عزبة تملكها عصابة مسلحة هى الطبقة الحاكمة، قرر الرئيس أن يجعل ابنه رئيسا بعده .
ورغم أن هذا شيء معيب جدا ولا يليق ببلد تزعم نخبته أنه متحضر إلا أن الرجل مع ذلك معذور جدا. فالنخب المختلفة تفكر بنفس الطريقة، أى توريث أبنائهم مناصبهم، أو أعمالهم، فرجل الأعمال ينجب رجال أعمال، والفنانون "عينوا" أبناءهم فنانين، ورجال القضاء يناضلون من أجل حق تعيين أبنائهم فى سلك القضاء، وكانت هذه المسألة أحد أسباب صدامهم مع وزير العدل الحالى وقد حققوا نصرا فى هذه المعركة، وأساتذة الجامعات يعينون أبناءهم فى الجامعات ويجعلونهم - بالتزوير- متفوقين على بقية زملائهم، أو يتحايلون لتعيينهم بدلا من المتفوقين فعلا، وكذلك يفعل كبار رجال الدولة عموما.
ويبدو أن الظاهرة عميقة الجذور منذ بداية تحديث مصر. وتفجرت أكثر مع الثورة المضادة فى 1952: الناصرية، حيث أصبح شعار أهل الثقة لا أهل الخبرة سائدا ومعتمد رسميا على كل الأصعدة. ونظرا لتنامى عدم الشعور بالأمان فى مجتمع يزداد توحشا تميل النخب إلى ضمان مستقبل أبنائها بدلا من تركهم يختبرون قدراتهم الحقيقية ويختارون ما يناسبهم فعلا، فلا وقت للاختبارات والتجارب، فالفرص فى هذا المجتمع ضيقة والنخب ضخمة العدد والكفاءة لا تضمن لصاحبها المكانة المناسبة. فالنفوذ أهم من الكفاءة فى مصر الحديثة ولذلك يسعى الجميع لتوريث أبنائهم فى أماكنهم.
بل وفى مسألة الديموقراطية تتصرف المعارضة والنخب عموما مثلما تتصرف السلطة، فتزوير انتخابات الأحزاب واستخدام النفوذ وحتى العنف وارد جدا داخلها، وكذلك الاستعانة بالبلطجية وأمن الدولة من جانب الشلل المختلفة ضد بعضها البعض.. إلخ.
فإذا كانت هذه هى ثقافة النخب المختلفة، أو حتى ثقافة المجتمع عموما، فلماذا يطالب الجميع الرئيس بمغادرة منصبه بروح رياضية بدون أن يضمن مستقبل ابنه؟
أنا لا أدعو طبعا لتوريث الرئاسة، ولكن أقصد الإشارة إلى أن فكرة التوريث ليست مجرد فكرة شريرة، بل هى إفراز لثقافة المجتمع ككل، وهى ثقافة لا تحترم الأكفأ بل الأقرب لمراكز صنع القرارفى كافة المجالات.
ومن الناحية الأخلاقية يجب أن تتخلى النخب عن فكرة توريث أبنائها مناصبهم، ويجب عليها أن تتحلى بالديموقراطية فى كافة ممارساتها، حتى تطالب الرئيس بنفس الشيء . فهل تستطيع. لا أظن.
وما لم تتحرك القوى الاجتماعية المطحونة والمحرومة من كل شيء لمواجهة السلطة والطبقة المسيطرة والنخب كلها بما فيها "المعارضة"، شاملة الأحزاب الديكورية، لن يحدث أى تغير يذكر.
إن ثورة الرعاع هى وحدها التى يمكن أن تهز مفاهيم هذا المجتمع المتزايد الانحطاط وهى وحدها القادرة على سحق النظام (حكومة و"معارضة") وهى طبعا ستؤدى - إن حدثت - إلى فوضى وانهيار اجتماعى واقتصادى شامل، ولكن هل هناك بديل آخر؟ فهذه هى الثورات.

الجمعة، 30 أكتوبر 2009

رسائل الأصدقاء 7

* الصديق السينمائي الشاب إسلام أمين أرسل إلى مشروع تخرجه وهو عبارة عن فيلم 5 دقائق بعنوان "أجرة القاهرة" يجسد فيه احدى قصص كتاب "مشاوير التاكسي" لخالد الخميسي عن الفتاة المنقبة التي تعمل عاهرة (في الفيلم جعلها المخرج عاملة بكافتيريا) وتتنقب لكي لا يعرفها أحد.. لكنها تذهب للعمل بعد أن تكشف وجهها وترتدي ثيابا مغايرة في التاكسي.. وهو يقول في رسالته "أستاذ أمير ، مقالاتك و نضالك عشان تحقق سينما مختلفة و مغايرة إللي بتحلم بيها ، مصدر من مصادر الإلهام و التشجيع الكبيرة بالنسبة ليا (....) بجد يهمني إنني أشارك أحلامك عن السينما وأفرجك نموذج على فيلم انا كتبته عن النقاب.. أنا عارف إن فيه مشاكل في الإخراج (والسيناريو إللي إتغير في حاجات غصب عني للأسف) بس دي تجربة و أنا حبيت إنني أفرجك عليها عشان أتعلم من حضرتك و أقولك إنك مش لوحدك بتحلم الحلم ده"..

* عزيزي إسلام: أعجبني كثيرا جدا الفيلم من ناحية زوايا التصوير واستخدام الظلال في الصورة، وشريط الصوت المكثف الذي يعلق على الحدث، كما أعجبني احساسك القوي بالإيقاع الذي تستخدم فيه اللقطات القصيرة وتنويع زوايا الصورة والتكوين. فيلم خفيف الظل يشرح حالة بكثير من البلاغة.. أنا على ثقة من أنه سيكون لك شأن في عالم السينما اذا اتيحت الفرصة لأن تقدم السينما الأخرى.. تقبل تحياتي.

===========================

* كيف حالك مبدعنا الجميل .. وددت أن تكلمني أكثر عن رؤيتك لفيلم نقيض المسيح أو عدو المسيحأنا شاهدت الفلم وقرأت مقالتك ..الفلم حقا أعجبني لأني كما أرى إن ويليام دافوي مثل مرة أخرى دور المسيح وكما نعلم أنه سبق أن جسد الدور في فيلمسكورسيزي عام 1988 .. وجدت في الفيلم في النهاية أن المرأة هى عدو المسيح حين اكتشفنا أنها قتلت طفلها وكانت تعذبه من خلال تشويه قدمه .المرأة بسبب اطروحتها الخطيرة والإعتقادات الخاطئة التي أخذتها استحوذ عليها الشيطان وتمكن منها ولم يكن هناك من مفر لقتلها في النهاية. أما دافوي فقد تلقى التعذيب السادي ولا أدري كيف يكون ساديا كما ذكرت في مقالتك . بل بالعكس أظهره المخرج رحيما جدا بزوجته!!فأرجو منك مزيدا من التحليل لهذا الفلم وشكرا لك جزيل الشكر .

* عزيزي محمد: أنت قدمت قراءتك الخاصة لفيلم "نقيض المسيح" ورأيت فيه المسيح والشيطان.. ولكن هل الشيطان امرأة.. ولماذا؟ والتعذيب السادي أنزلته الزوجة بزوجها بينما أنت تخلط فتقول إن الرجل كان رحيما جدا بزوجته، أنا ذكرت السادية في إطار وصف ما أنزلته الزوجة بزوجها وليس العكس لذلك فهو تعذيب سادي أي تتلذذ به المراة وتبتكر في وسائله.. وقد قدمت رؤيتي للفيلم في أكثر من 2000 كلمة ولا أستطيع تقديم المزيد، وقد أبديت تحفظاتي على تلك الرؤية المغرقة في التشاؤم والعنف بدون جمال كما رأيت، وانت أعجبت بالفيلم كما تقول، وهذا من حقك ولا داع لأن نتفق فمن الممكن أن نختلف ونقر آراء بعضنا البعض.. أليس كذلك؟

============================

* الاستاذ الناقد الكبير أمير العمرى المحترم:انا مصرى مقيم فى ايطاليا ولقد اسعدنى وافادنى كثيرا موقعك الجميل وليس هذا الامر بغريب على سيادتكم حيث اننى من عشاق السينما وتابعت مقالاتكم عبر نشرات نادى السينما فى مصر منذ سنوات بعيدة وعبر ما تنشرونة فى الصحف السيارة.لذا يشرفنى وضع بانر موقعكم بعد اذنكم فى موقعى المتواضع التالى ويشرفنى تلقى ملاحظاتكم القيمة كما يسعدنى تقديم نفسى اليكم.اسمى احمد انور مقيم فى ايطاليا منذ عشر سنوات.. لى الكثير من المقالات والقصص القصيرة المنشورة فى العديد الصحف العربية.

لى اكثر من كتاب قيد النشر ورواية وسيناريو فيلم بين مصر وايطاليا. أتمنى ان يرى النور قريبا كما اشتركت فى العديد من مهرجانات السينما سواء فى ايطاليا او خارجها بمجموعة من الافلام القصيرة.

موقعى الثقافى السينمائىwww.cinemarabo-italiano.net

مع كامل تقديرى واحترامى

احمد انور

* عزيزي الأستاذ أحمد أنور..لابد أنك من ابناء جيلي لأنك تذكر نشرات نادي السينما وهذا زمن بعيد بعيد..أعرف موقعك ورأيت أنك وضعت مدونتي المتواضعة فيه منذ مدة طويلة ويسعدني ويشرفني اعجابك بما أقوم به.. وطبعا أتمنى أن نلتقي ونتبادل الأفكار كما يسعدني أن أقرأ لك.. مع أطيب تحياتي.

============================

* الأستاذ صلاح سرميني بعث إلي ما أطلق عليه "آخر سرقات سلامة عبد الحميد" وكان الأصح أن يقول "أحدث سرقات" لأنني لست واثقا انها ستكون السرقة "الأخيرة" للصحفي سيء السمعة سلامة عبد الحميد الذي يعيش ويتعيش على السرقة والسطو على كتابات الآخرين، بدعوى أنه ينتمي لجيل "يريد أن يصل بسرعة" كما قال لصديقنا صلاح هاشم، والغريب أن هذا الصحفي الذي يقوم بأعمال تتنافى مع الأخلاق، يجد من يدعوه إلى مهرجانه المفلس لأن صاحب هذا المهرجان الذي لن أسميه (وقد انكشفت لصوصيته واحتياله أخيرا) يجد فيه شخصا على شاكلته، ويطرب لقيامه، أي المدعو سلامة اللص، بمنافقته ونشر صوره (وهو المتيم بذاته حد الانتفاخ)!المشكلة أن أخونا صلاح سرميني لم يحدد لنا أصل المقال المسروق وهو على أي حال عن المخرج الايراني عباس كياروستامي.

"الراقصون": أفضل فيلم روائي في مهرجان أبو ظبي



كان عرض فيلم "الراقصون" Hipsters في مهرجان أبو ظبي السينمائي الثالث حدثا خاصا كبيرا على كل المستويات، فقد جاء الفيلم أولا ممثلا لسينما عريقة من السينمات "الرائدة" التي يحتفظ تاريخ السينما لها بمئات من الأفلام الكلاسيكية البارزة. وكان البعض يظن أن هذه السينما التي أخرجت للعالم الكثير من المبدعين السينمائيين الكبار، قد توقفت عن الحركة بعد سقوط النظام الشيوعي تحديدا بسبب تفكك المؤسسات الإنتاجية التي كانت تشرف عليها وتمولها الدولة، واحجام المنتج الخاص عن التصدي لإنتاج الأعمال الكبيرة عموما، وسيادة نوع من "الاسترخاء" الفكري أيضا بمعنى غياب القضايا الكبرى التي تثير التحدي أمام السينمائيين وتدفعهم عادة إلى الإضافة والإبداع والتجديد.

الخميس، 22 أكتوبر 2009

فيلم "كاريوكا" لنبيهة لطفي: قوة الشخصية تطغى على ضعف الفيلم!


شهد مهرجان أبو ظبي السينمائي العرض العالمي الأول للفيلم الوثائقي الطويل "كاريوكا" (60 دقيقة) للمخرجة اللبنانية المقيمة في مصر نبيهة لطفي، وقد عرض الفيلم داخل المسابقة المخصصة لهذه الأفلام إلا أنه لم يحصل على أي جائزة.
و لاشك أن أول انطباع يتولد لدى المشاهد للفيلم هو أن "تحية كاريوكا" هي عنصر الجاذبية الأساسي في الفيلم، اي أن الشخصية وما يحيط بها من رونق كبير وسحر أسطوري، تظل هي أساس اهتمام المشاهدين وليس القيمة الفنية للفيلم و شكل المعالجة أو طريقة الإخراج، أي التعامل مع المادة.
والمقصود أن كاريزما كاريوكا: الراقصة والممثلة والمغنية والمناضلة السياسية والنقابية والإنسانة ذات القلب الكبير، هي ما يشد المتفرج إلى الشاشة بحثا عن أية ثغرة يمكنه النفاذ منها للاطلاع على حقيقة تلك الشخصية الفذة التي عاشت عصرها، وامتزجت معه بكل عنفوانه، وشقت مسيرة حياة حافلة بالشهرة والمجد، ووصلت إلى قمة ذلك السلم، دون أن تتخلى قط عن اهتماماتها الإنسانية الكبيرة، مفضلة دوما، الدور الإنساني والاجتماعي بل والسياسي على دور "البرنسيسة" الجميلة التي أثارت بقدرتها الخاصة على تحويل الرقص الشرقي إلى فن تعبيري رفيع، مشاعر ملايين الرجال في العالم وليس فقط في العالم العربي.
بعد المدخل الجيد المثير الذي تستخدم فيه المخرجة مقاطع من ذكريات شخصيات عديدة من الذين عاصروا تحية كاريوكا، ستعود إليهم تفصيلا عبر الفيلم، سرعان ما يهبط الإيقاع ويتحول الفيلم إلى مجرد "درس" مدرسي في الإنشاء كما في فن الفيلم الوثائقي، يصلح للتدريس على طلاب في إحدى مدارس الفيلم في أوائل الخمسنيات!
هذا الفيلم نموذج مجسد لكل ما يجب تجاوزه في السينما الحديثة، وثائقية كانت أم خيالية: التعليق الصوتي الإنشائي الطويل، تتابع عدد من الصور الفوتوغرافية واللقطات المنتزعة من عدد من الأفلام التي ظهرت فيها تحية كاريوكا، مقابلات إذاعية مسجلة مع كاريوكا تروي خلالها قصة حياتها، ثم، وهذا هو الجهد المحدد الذي قامت به المخرجة، مقابلات مصورة مع عدد من الشخصيات التي عاصرت الفنانة بدا أن كثيرا منها اختير على نحو عشوائي او حسبما تيسر وتوفر. فلا أظن على سبيل المثال، أن المخرج يسري نصر الله هو الأقدر على تقديم شهادة مهمة عن كاريوكا، ولا صنع الله ابراهيم الذي لا يقول شيئا ذا قيمة عنها على أي حال، مع كل التقدير والاحترام الواجب لهذين المبدعين، لكن ظهورهما في الفيلم ربما كان يسيء إليهما أكثر مما يضيء بقعة في حياة كاريوكا!
إلا أنها أيضا تجاهلت الكثير من الشخصيات المهمة التي ارتبطت بها كاريوكا في حياتها مثل سمير صبري مثلا الذي وردت اشارة غامضة إليه في الفيلم دون أن نفهم لماذا لم تجر المخرجة معه مقابلة، وكذلك الراقصة فيفي عبده التي يتردد اسمها الأول على لسان رجاء الجداوي ايضا بشكل يستعصي على فهم المتفرج الذي لا يعرف علاقتها بكاريوكا.

نبيهة لطفي

لقد حاولت نبيهة لطفي إعادة رسم "بورتريه" للراحلة الكبيرة تحية كاريوكا التي تركت بصمة لا تمحى على عصر بأكمله، ولكن دون نجاح يذكر، فقد اعتمدت فقط على توليف خليط من الصور واللقطات والمقابلات المصورة، واستنفذت جانبا كبيرا من الفيلم في الوقوف بدهشة أمام تفاصيل كثيرة دون إشباع مثل موضوع "الجبهة الوطنية" ودور تحية كاريوكا فيها، وشهادات شريف حتاتة وصلاح عيسى ومحمود امين العالم وصنع الله وغيرهم، وهو موضوع ربما يمكن أن يكون جزءا من فيلم مستقل عن العلاقة بين الفن والسياسة بنوع من التعمق أكثر من ذلك المرور العابر الذي يعاني رغم سطحيته، من التضخم في الزمن، والذي يشير إلى شخصيات وأحداث، قد لا يعرف أكثر مشاهدي اليوم شيئا عنها مثل مصطفى كمال صدقي وحركة السلام وحدتو ولماذا كان يقبض على شخص مثل حلمي رفلة في تلك الفترة من أوائل الخمسينيات، لكن المخرجة رغم اهتمامها الكبير بالجانب السياسي، تهمل تحول كاريوكا فيما بعد إلى مناهضة للناصرية والالتحاق بركب الثورة المضادة في عصر السادات، والتصدي مع فايز حلاوة (زوجها الأخير) لإنتاج والقيام ببطولة مسرحية "يحيا الوفد" التي اعتبرها صلاح عيسى في ذلك الوقت (عام 1974) "مانيفستو المرحلة"، والتدشين الفكري لسياسة الانفتاح الاقتصادي.
تقسيم الفيلم نفسه إلى أجزاء يتم بطريقة مدرسية مثل الكراسات و الملفات البدائية كما لو كانت الشخصية تتكون من ملفات مصنفة على طريقة: في عالم الرقص، في السينما، العالم الخارجي وحضور الاحتفالات الدولية والمهرجانات، دورها في عالم السياسة، زيجاتها وأزواجها (13 زوجا) قدمت بشكل مضحك وبدا كما لو كان يحمل سخرية منها، ثم بالطبع موضوع مشاكلها المتراكمة مع زوجها الأخير فايز حلاوة الذي لا يوضح لنا الفيلم لماذا كانت تحية تريد بكل هذه الضراوة التخلص منه وكيف تدهورت العلاقة بينهما إلى هذا الحد، وما انعكاس ذلك على حياتها عموما بل وكيف كان ممكنا أن تعيش معه 17 سنة من الزواج!


إن مشكلة نبيهة لطفي أنها لاتزال تتعامل مع أسلوب ولغة الفيلم الوثائقي بتلك النظرة التقليدية الرتيبة "الدعائية" التي تضفي نوعا من التقديس على الشخصية التي تتناولها، وهو ما يجعلها تتجنب التوقف أمام الكثير من النقاط المثيرة للجدل في حياة تحية كاريوكا، لطر ح تساؤلات جريئة تسعى إلى الكشف والاكتشاف بدلا من فكرة "التكريس" و"التأكيد" و"التبني"، فالفيلم لا يتيح للجمهور المشاهد أدنى فرصة لطرح التساؤلات أو التوقف أمام حدث ما في حياة الفنانة للولوج إلى عالمها من زاوية أخرى غير مألوفة، في نسيج مركب يتسم بالحيوية والانتقال بين الخيوط المختلفة لرواية "دراما" وثائقية عن تحية كاريوكا، والتحقيق أيضا فيما تقوله الشخصيات عنها، فلماذا لم تكلف نبيهة نفسها مثلا توجيه سؤال واحد إلى رجاء الجداوي عن تقاعسها عن تقديم المساعدة الحقيقية إلى خالتها تحية كاريوكا في أواخر حياتها، دون التذرع بأنها كانت ترفض المساعدة في حين أنها قبلتها من سيدة كويتية أهدتها مسكنا!
إن فيلم "كاريوكا" مشروع فيلم بدا أنه صنع على عجل، أساسه هو تركيب مجموعة من الصور على صوت التعليق المدرسي الذي استغنت عنه السينما الوثائقية الحديثة منذ عقود، مع عدد من الشهادات التي يتم مزجها كيفما اتفق، وتذبذب في الإيقاع بطريقة تفقدنا القدرة على المتابعة، واستخدام الكثير من اللقطات غير الصالحة من الناحية البصرية للاستخدام في السينما، فقط لما تظن المخرجة أن لها قيمة تاريخية، ونميل إلى أن هذه الصور تتوفر بصورة أفضل، ولكن ربما تكون أكثر تكلفة من الناحية المادية.
لهذه الأسباب فإن فيلم "كاريوكا" هو مشروع فيلم قد يثير استفزاز سينمائيين آخرين وتحفيزهم لصنع الفيلم الأكثر اكتمالا، الذي يليق بمكانة "كاريوكا"!
((تحذير: جميع الحقوق محفوظة للناشر ويحظر إعادة النشر بأي شكل من الأشكال))
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger