الخميس، 7 يونيو 2012

أمير العمري: قبلت التحدي لإدارة مهرجان الإسماعيلية


 
 
 


أستاذ أمير استلمتم مهرجان الإسماعيلية عن الإدارة السابقة التي تم تغييرها بعد الثورة فما الذي سيتبقى من مهرجان الاسماعيلية السابق..

يتبقى أن الادارة السابقة لها فضل المحافظة على استمرار المهرجان وما اكتسبه من سمعة دولية محترمة من خلال شبكة علاقات جيدة. لكننا بكل أسف استلمنا ادارة المهرجان وكان يتعين علينا أن نبدأ من الصفر لأن المسؤولين السابقين عن المهرجان قاموا بإخفاء ومحو كل ما له علاقة بالمعلومات والبيانات التي كانت متوفرة لديهم بل وحتى الاتفاقات الدولية الموقعة مع جهات أخرى تم الاستيلاء عليها لأنهم كانوا يتصورون أننا سنقف عاجزين تماما كما تقوم بقايا وفلول نظام مبارك حاليا بمحاولة عرقلة المد الثوري في البلاد وتكريس فكرة زائفة هي أنه بدون مبارك ونظامه ستتحول مصر الى فوضى. ولكن يمكنني أن اؤكد لك أنه من حسن الطالع أن يصبح البدء من الصفر ميزة لأنه فرض علينا التعامل بمنطق جديد وروح جديدة والبحث عن آفاق جديدة للعمل وتطوير المهرجان بحيث يتحلص من كثير من الجوانب العتيقة الموروثة عاما وراء عام.


*  إذن فهذه الدورة تحمل الكثير من التحدي وتخطي الصعوبات فهل يمكن أن تترجم لنا ذلك بالأرقام ؟؟

لدينا أفلام من 40 دولة عدد هذه الافلام 103 فيلما. من بين هذه الدول بريطانيا والمانيا وفرنسا وايطاليا والبرازيل وكوريا الجنوبية وايرلندا وكرواتيا واستونيا ومقدونيا وصربيا واسبانيا كما أن هناك مشاركة عربية كبيرة ربما تكون الأكبر في تاريخ مهرجان الاسماعيلية فهناك أفلام من تونس والجزائر والمغرب ومصر والبحرين وعمان وفلسطين ولبنان وسوريا والامارات والعراق.

لدينا في المسابقات الرسمية الأربع للمهرجان 56 فيلما، ويعرض في البرامج الموازية خارج المسابقة 47 فيلما. وسيشارك في تغطية فعاليت المهرجان عدد كبير من الاعلاميين والنقاد والصحفيين من مصر والعالم العربي والعالم.


* الثورة حاضرة بامتياز في هذه الدورة فلو تدققون لنا مظاهر هذا الحضور..

الثورة موجودة بقوة في برامج المهرجان سواء من خلال بعض الأفلام المشاركة في المسابقة والتي تعرض للمرة الأولى عالميا أو ضمن برنامج بعنوان "الثورة كما يراها الآخر" الذي يضم خمسة أفلام لمخرجين من بريطانيا والمانيا وفرنسا والدنمارك وتشيكيا. وموجودة أيضا ضمن تظاهرة المرأة في الثورة التي تضم أربعة أفلام تسجيلية من إخراج سينمائيات مصريات.

* ماذا يعني لك كناقد ان تترأس أشهر مهرجان تسجيلي عربي.؟
هو نوع من التحدي. وكان قبولي له المهم في هذه الظروف العسيرة جدا منطلقا من قبول التحدي الذي يفرضه المنصب في هذه الظروف الصعبة تحديدا.. لأن الوضع السياسي الحالي المتقلب هو وضع قد لا يكون في صالح أي مهرجان يقام حاليا. لقد قبلت المهمة والتحدي رغم ما أنفقه من جهد ووقت بل ويتسبب لي هذا الالتزام في خسائر شخصية بعد أن صرفني عن ممارسة عملي في الشركة التي أسستها في مصر حديثا كما يمنعني من الكتابة بانتظام. وكانت الفكرة أيضا أن البعض يمكن أن يقول لك: ها نحن نعرض على ناقد ظل يتحدث كثيرا عن سلبيات المهرجانات العربية والمصرية فلما أتيحت له الفرصة تهرب.. لكني لم أتهرب بل قبلت القيام بالدور رغم أنني سبق لي القيام به قبل أحد عشر عاما ويفترض أن الإنسان يكبر، أي يجب أن يتولى مناصب أكبر عما كان الأمر، هذا اذا كان الأمر يتعلق أصلا بالبحث عن المناصب، خصوصا وأن دور مدير المهرجان لدى الناس في مصر غير واضح تماما فالناس دائما ما يتكلمون عن "الرئيس" أي رئيس المهرجان باعتباره المسؤول عن كل شيء في حين أننا في حالة مهرجان الاسماعيلية اشترطنا من البداية أن يكون المدير الفني والتنفيذي هو الشخصية المسؤولة عن المهرجان بشكل كامل كما في كل المهرجانات الدولية الكبرى في العالم. أما رئيس المهرجان فهو رئيس المركز القومي للسينما بحكم منصبه وقدرته كموظف مسؤول على تسيير الكثير من الأمور الادارية والمالية وهو ما يفعله الصديق المخرج مجدي أحمد علي بكل براعة وحنكة. وأضيف أيضا أن المهرجان لم يكن ليقام لولا حماسه وإصراره على تذليل الكثير من العقبات الادارية.
ولم يكن الأمر متعلقا بالبحث عن مناصب بل بقبول تحدي فرضه الواقع على الناقد. وقد قمت بطرح رؤيتي من خلال خطة المهرجان وتنظيمه في نطاق ما هو متاح من إمكانيات بالطبع وهي ليست كبيرة فنحن نعمل بميزانية تقل 800 ألف جنيه مصري عن ميزانية الدورة السابقة، ولكننا أيضا نسعى الى تقديم دورة أكثر طموحا بكثير من السابقة وهذا هو جوهر التحدي.

* هل نفهم من ذلك أن مرحلة ما بعد الثورة هي مرحلة النقد والتأسيس؟
يمكنك أن تقول إنها مرحلة الانطلاق من النقد الى التأسيس. ولكن أيضا الأمر متعلق في مصر بوجود أشخاص معينين في مواقع المسؤولية في وقت معين، فلست متأكدا من ذلك. ففي حالة انفراد جماعة سياسية معنية على الحكم سنتمكن من ممارسة دورنا كما نريد ونرغب بل ربما تحدث بعض المتغيرات فالمشسكلة أن أصحاب القناعات الثابتة والأيديولوجية الشمولية (مهما كان مصدرها) لا يثقون عادة إلا في أبنائهم وأتباعهم..

* بعد سنوات من التحليق حرا ككاتب تقع في قفص الإدارة فما الصعوبات الادارية التي واجهتها؟
حريتي ملكي وحدي ولا تستطيع أي سلطة أو إدارة أن تنتزعها مني.. فأنا أدير مهرجان الاسماعيلية السينمائي بعقلية المثقف والخبير السينمائي الذي قضى أكثر من ثلاثين عاما في البحث عن المعرفة سواء في عمل المهرجانات السينمائية في العالم أو في مجال السينما كنظرية أو كتقنية أو فن بصري هائل التأثير والقيمة.
الصعوبات الإدارية هائلة. ومصر أكثر من أي دولة في العالم في حاجة الى ثورة إدارية بل وثورة ثقافية فالتغيير في الادارة والتجديد وادخال أشكال جديدة أمر يواجه عراقيل هائلة من جانب من يسمون أنفسهم بـ"النخبة المثقفة" ومن جانب المنظومة الثقافية القائمة عموما.. فأنت لكي تأتي بصحفي شاب جديد يتميز بالنشاط والمعرفة والاجتهاد تريد أن تجعله مثلا جزءا من بيئة المهرجان، تجد نفسك تواجه بأشد الانتقادات.. والبعض مثلا اتهمونا بأننا "أقصيناهم" عن المهرجان لمجرد أننا قمنا بتغيير أعضاء لجنة المشاهدة وترشيح الأفلام واستبعدنا الأسماء القديمة، فهم يتصورون أنها نوع من "التركة" الثابتة التي ورثوها والتي يجب علي أن أحافظ عليها، في حين أن من صميم طبيعة الأشياء التغيير والتبديل والاستعانة بخبرات أخرى.
وعندما تريد أن تستبعد من الدليل الرسمي للمهرجان (الكتالوج) كلمة الوزير والمحافظ وكل هذه التقاليد البالية الموروثة وتكتفي فقط بكلمة رئيس المهرجان والمدير الفني المسؤول الذي يقدم برنامجه للناس، ينظر اليك البعض بدهشة بل وبفزع أيضا. فما هذه الجرأة على "تحطيم" صنم راسخ من أصنام الإدارة المصرية العتيقة.. لكتي لا أهتم.. ولا أخشى شيئا فنحن في ثورة، هذه الثورة أنا شخصيا واحد من الذين بشروا ودعوا اليها من المهجر لسنوات طويلة منذ أن ابتعدت عن المنظومة الثقافية المصرية الرسمية وبدأت في توجيه سهام النقد لنظام مبارك ومنظومة فاروق حسني الاعلامية. وكان البعض أيضا يعتبرنا من المتطرفين و"المجانين" لأنهم كانوا يعتبرون الخروج عن الحظيرة" عملا انتحاريا..!
رئيس المهرجان مجدي أحمد علي

* أنت حاضر دائما في أغلب مهرجانات العالم.. كيف سيستفيد المهرجان من هذه الخبرة الطويلة
 سينعكس هذا على كل شيء في المهرجان من أول الاستعانة ببطاقات محددة لكل الضيوف والصحفيين ولجان التحكيم الى إشراك جهات أخرى في دعم المهرجان من خلال نظام الرعاة والشراكة كما حدث مثلا في اتفاقنا مع قناة الجزيرة الوثائقية والندوة الكبرى التي ستقام باشراف الجزيرة، دون أن نخشى الاتهام بالعمالة لجهات أجنبية وهي تهمة ثابتة في مصر كانت توجه في الماضي الى المعارضين السياسيين عموما واليوم أصبحت سيفا مسلطا على رقاب كل الوطنيين الباحثين عن آفاق جديدة للعمل بعيدا عن الأطر المحدودة لنظام "الدولة الكفيل" التي تحتكر كل شيء، وتسيطر على كل شيء، وتريد أيضا أن تراقب كل شيء..!
سينعكس هذا أيضا على خريطة برنامج المهرجان، وعلى اختيار دور عرض شعبية لعرض أفلامه والخروج من دائرة قصر الثقافة وهو كيان رسمي جامد، وسيتبدى أيضا في اخيتاراتي كمدير للمهرجان للأفلام والدول والمخرجين والندوات بل وجديدنا أيضا أن يحضر في تظاهرة المهرجان ضيف الشرف حيث نستضيف هذا العام مهرجان كليرمون فيرون الفرنسي، أشهر مهرجانات الأفلام القصيرة في العالم. المهرجان سيبصح أكثر تحررا وأكثر ديمقراطية وشبابا.. وأقرب الى المهرجانات الأوروبية في دقة برنامجه ونظامه العام. لقد جعلنا التسجيل مثلا في المهرجان من جانب السينمائيين والصحافيين يتم عبر موقع المهرجان على شبكة الانترنت وهو موقع لم يكن له وجود من قبل، بالعربية والانجليزية.

 * التعاون مع الجزيرة الوثائقية مبادرة جديدة منكم ومن القناة فما دلالة هذا التعاون وآفاقه؟
كما قلت فإن دلالة هذا التعاون يؤسس قيمة جديدة من خلال الشراكة بين أكبر مهرجان عربي للسينما التسجيلية وأكبر قناة عربية متخصصة في السينما التسجيلية، وهو اتفاق سيؤدي على المدى البعيد الى انشاء سوق لتسويق ودعم انتاج الفيلم التسجيلي العربي وهو ما آمل شخصيا للعمل من أجل تأسيسه في الدوة القادمة بالتعاون مع الجزيرة الوثائقية. وأنا على ثقة من أن مثل هذا التعاون سينتج عنه تطور كبير في دور المهرجان السينمائي نفسه من مجرد جهة استهلاكية للأفلام الى كيان يرعى النوع السينمائي ويلعب دورا في تطويره.

السبت، 24 مارس 2012

ديفيد لين يعود من القبر لزيارة مهرجان مسقط!




نشرت صحيفة "القاهرة" التي تصدرها وزارة الثقافة المصرية في القاهرة في عددها الصادر بتاريخ 20 مارس 2012 تقريرا حول الدورة الجديدة لمهرجان سينمائي يقيمه المخرج خالد الزدجالي في مسقط، وقالت إنه "سيفتتح السبت بحضور عدد كبير من نجوم السينما العالمية والعربية".
وأورد الخبر ان مصر ستشارك بفيلمين هما "أسماء" و"الشوق".
أما الأمر الطريف فقد ورد في الفقرة التالية: "وحتى هذه اللحظة لم يتم التأكد من مشاركة النجم العالمي عمر الشريف والمخرج العالمي الكبير السير ديفيد لين صاحب الملاحم السينمائية الكبرى مثل "لورانس العرب" و"دكتور زيفاجو" وغيرها من الأعمال التي سيتم تكريمها في المهرجان حيث يمر النجمان بمتاعب صحية!
ومعروف أن المخرج البريطاني الشهير (صاحب الملاحم السينمائية الكبرى!) قد توفي في 16 أبريل عام 1991 عن عمر يناهز 83 عاما. وكان آخر أفلامه هو فيلم "الطريق الى الهند" عام 1984.
أما صحيفة "القاهرة" فيعتقد محرر التقرير فيها أن ديفيد لين لايزال على قيد الحياة ,انه "يمر بأزمة صحية"، وربما تكون هذه الفبركة منقولة من بيانات أو تصريحات للمسؤولين عن ذلك المهرجان العجيب الذي يقام نتيجة رغبة شخصية لصاحبه في الظهور على ما يبدو!

الجمعة، 2 مارس 2012

حول قرار منع عرض فيلم "الخروج" في الأقصر




أمير العمري



بغض النظر عن أي ملاحظات على "ظاهرة" مهرجان سياحي باسم السينما أقيم بشكل مغامر في مدينة الأقصر بصعيد مصر، وبغض النظر عما يكتبه ناقد يعمل مستشارا لمهرجان مقابل أجر معلوم، من دعاية فجة للمهرجان (الذي يعترف بأنه لم يحضره!!)، واصفا القائمين عليه بأنهم من رواد الحركة الفنية المستقلة في مصر (وهي أوصاف عمومية فارغة من المعنى يمكن ن تقال عن أي شخص يراد امتداحه) نقول يغض النظر عن كل هذه الترهات التي تنتشر انتشار الوباء في الصحافة المصرية هذه الأيام بما فيها تلك التي تسمى نفسها مستقلة (والأجدر أن نطلق عليها "مستغلة"!) يجب أن نؤكد أن قيام الرقابة على المصنفات الفنية (وهو جهاز إداري سيء السمعة والصيت يخضع للدولة البوليسية التي تحكم مصر من عام 1954) بمنع فيلم "الخروج من القاهرة" للمخرج هشام العيسوي (وهو مصري يقيم في الولايات المتحدة ويعتبر في عرف المباديء الدستورية التي أصدرها العسكر بالاشتراك مع العصبة الفاشية التي تسمى نفسها الاخوان المسلمين، من المشكوك في ولائهم الوطني بحكم أنه يحمل الجنسيتين، ألأمريكية والمصرية)..
هذا المنع من العرض في مهرجان الأقصر يعد أكبر اعتداء على الحريات الفنية والفكرية في مصر منذ ثورة 25 يناير التي أطتحت برأس النظام دون الاطاحة حتى الآن بالنظام نفسه بدليل بقاء مثل هذا الجهاز البوليسي يتحكم فيما نراه وما لا نراه، وكأن الأخ سيد خطاب مدير الرقابة يفهم أكثر منا أو أنه أكثر حرصا منا على سلامة الأمن القومي المصري الذي تهدده في الواقع تصرفات عصابات المتأسلمين والسلفجيين الملتحين الذين خالفوا الدستور أو المباديء الدستورية التي أصدروها مع العسكر عندما أقسموا اليمين تحت قبة البرلمان للولاء لمبادئهم وليس للمباديء الدستورية التي اعتبروها قمة الانتصار لأنها أبقت على المادة الثانية في الدستور القديم الساقط، التي تنص على ن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام، في حين أن الدولة كيان اعتباري يضم الجميع مسلمين ومسيحيين ويهود بل وملحدين، ومن حق الجميع في ظل الدولة الحديثة، أن يعتنقوا من العقائد والتفاسير ما يشاءون شريطة ألا يسعى أحد لفرضها على الآخرين.

لقد سبق أن كتبنا عن فيلم "الخروج" في هذه المدونة عندما عرض في ديسمبر 2010 في مهرجان دبي السينمائي، واعتبرناه عملا واقعيا صادقا وأصيلا في تعبيره عما يجري في الواقع بل ويمكن القول الآن، إنه كان من تلك الأفلام التي تعد إرهاصات للثورة نفسها. فكيف يأتي الرقيب اليوم ويمنع عرضه في الأقصر بدعوى أنه لم يحصل على تصريح بالتصوير من البداية!

والغريب أيضا ان قرار المنع امتد ليشمل العرض الخاص المحدود على لجنة التحكيم الدولية في المهرجان المشار إليه!

ان منع "الخروج" هو أكبر اعتداء على الثورة المصرية الشعبية التي أطاحت بالديكتاتور التافه حسني مبارك ولاتزال تعمل على استئصال أتباع مبارك وزبانيته.

وهو ما يقتضي الاحتجاج من طرف كل السينمائيين والمدافعين عن حرية الرأي والفكر في مصر والعالم.


الأربعاء، 29 فبراير 2012

عن أكذوبة المهرجانات واستقلالها عن الدولة




يروج البعض هذه الأيام لمقولة أن المهرجانات الكبرى في العالم لا تقيمها الدولة بل الجمعيات السينمائية، وأن تدخل الدولة بالضرورة يعد أمرا سلبيا.

هذه المقولة ليست صحيحة بل فيها الكثير من لوي عنق الأشياء بغرض تكريس شيء محدد لخدمة مصالح شلل معينة خصوصا عندما يتعلق الأمر بمهرجانات يقيمها حفنة من المغامرين الذين هم أبعد ما يكونوا عن التعامل مع الثقافة السينمائية، ولم يسبق لهم القيام بأي نشاط في هذا المجال من قبل، ومنهم من هبط بالباراشوت فجأة، منتهزا فرصة تلاشي الدولة في مصر، والفوضى العامة القائمة في خضم وصول المتأسملين الى السلطة!

إن القول بأن المهرجانات السينمائية الكبرى في العالم كله لا تقيمها الدول بل جمعيات الأفراد مقوزلة كاذبة تماما، فمهرجان فينيسيا أقدم هذه المهرجانات يقيمه بينالي فينيسيا للفنون، وهي مؤسسة تمولها الحكومة الايطالية وتحصل على الكثير من الدعم من مؤسسات أخرى تهتم بالشأن الثقافي، وهو ما يحدث عموما في البلدان الرأسمالية المتقدمة.

ومهرجان كان تتعاون في اقامته بلدية مدينة كان ووارة الثقافة الفرنسية ووزارة السياحة وجهات ومؤسسات أخرى. وقد تشرف على إدارته مؤسسة أهلية تسمى نفسها جمعية، لكن وجود الدولة بشكل رسمي سواء من خلال المال أو المشاركة المباشرة أمر لا يمكن اغفاله.

ومهرجان برلين هو مهرجان رسمي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أي أنه مؤسسة تابعة للحكومة الألمانية تشرف عليه وزارة الثقافة.

والمهرجانات الكبرى في العالم خارج هذه المهرجانات الثلاثة الشهيرة كلها تقام من طرف الدولة، مثل مهرجان موسكو وكارلو فيفاري وفيينا وروتردام وحتى مهرجان لندن يقيمه مركز السينما البريطاني الذي تموله الدولة وتشرف عليه.
والحقيقة أن المؤسسات الخاصة في مصر والعالم العربي لم ترق بعد الى مستوى تنظيم واقامة المهرجانات السينائية بشكل مشرف. ولدينا في هذا عبرة من مهرجان الاسكندرية سيء الصيت، الذي تقيمه جمعية سينمائية أهلية منذ نشأته وحتى الآن دون أي نجاح يذكر، بل إنه يسير من فشل الى فشل!
والناقد الذي يروج لفكرة استقلالية المهرجانات عن الدولة كان أول من هاجم جميعة نقاد وكتاب السينما التي بدأت في اقامة مهرجان القاهرة السينمائي في 1976، ولعدة سنوات كان يطالب بضرورة أن تقيمه وزارة  الثقافة، لكنه اليوم غير من توجهه الفكري والسياسي.
صحيح أن الدولة التي لا تؤمن بالثقافة لا تستطيع اقامة مهرجانات جيدة، لكن أن تحصل المهرجانات (الأهلية الخاصة) على كل الأموال التي تنفقها من الدولة ثم تتحدث عن الاستقلال عن الدولة هو أمر مضحك بل ومثير للسخرية، فلماذا لا تستقل هذه المهرجانات الى أن تمتلك القدرة على الانفاق على نشاطها بنفسها إذن؟ وكيف يمكنها أن تحقق دخلا ماديا دون أن تلجأ إلى أفلام العري والاثارة الرخيصة والاستعانة بمجموعة من المهرجين ومروجي الدعايات الفارغة المصنوعة سواء في الصحف أو على شاشات التليفزيون!
ان الحديث عن الاستقلالية هو حديث حق يراد به باطل، وملفات مهرجانات القطاع الخاص ومبالغاتها في انفاق الأموال التي حصلت عليها من مؤسسات ووزارات حكومية في مصر، في حاجة إلى أن نفتحها ونكشفها بالأرقام لكي تصبح الحقائق واضحة أمام من يخدعهم البعض بالأحاديث الزائفة عن خدمة الثقافة وخدمة الوعي السينمائي في حين أن مصالح وجيوب البعض هي المحرك الأساسي لكل هذا الحراك أو الهراء الذي يحيط بنا!

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger