الجمعة، 2 مارس 2012

حول قرار منع عرض فيلم "الخروج" في الأقصر




أمير العمري



بغض النظر عن أي ملاحظات على "ظاهرة" مهرجان سياحي باسم السينما أقيم بشكل مغامر في مدينة الأقصر بصعيد مصر، وبغض النظر عما يكتبه ناقد يعمل مستشارا لمهرجان مقابل أجر معلوم، من دعاية فجة للمهرجان (الذي يعترف بأنه لم يحضره!!)، واصفا القائمين عليه بأنهم من رواد الحركة الفنية المستقلة في مصر (وهي أوصاف عمومية فارغة من المعنى يمكن ن تقال عن أي شخص يراد امتداحه) نقول يغض النظر عن كل هذه الترهات التي تنتشر انتشار الوباء في الصحافة المصرية هذه الأيام بما فيها تلك التي تسمى نفسها مستقلة (والأجدر أن نطلق عليها "مستغلة"!) يجب أن نؤكد أن قيام الرقابة على المصنفات الفنية (وهو جهاز إداري سيء السمعة والصيت يخضع للدولة البوليسية التي تحكم مصر من عام 1954) بمنع فيلم "الخروج من القاهرة" للمخرج هشام العيسوي (وهو مصري يقيم في الولايات المتحدة ويعتبر في عرف المباديء الدستورية التي أصدرها العسكر بالاشتراك مع العصبة الفاشية التي تسمى نفسها الاخوان المسلمين، من المشكوك في ولائهم الوطني بحكم أنه يحمل الجنسيتين، ألأمريكية والمصرية)..
هذا المنع من العرض في مهرجان الأقصر يعد أكبر اعتداء على الحريات الفنية والفكرية في مصر منذ ثورة 25 يناير التي أطتحت برأس النظام دون الاطاحة حتى الآن بالنظام نفسه بدليل بقاء مثل هذا الجهاز البوليسي يتحكم فيما نراه وما لا نراه، وكأن الأخ سيد خطاب مدير الرقابة يفهم أكثر منا أو أنه أكثر حرصا منا على سلامة الأمن القومي المصري الذي تهدده في الواقع تصرفات عصابات المتأسلمين والسلفجيين الملتحين الذين خالفوا الدستور أو المباديء الدستورية التي أصدروها مع العسكر عندما أقسموا اليمين تحت قبة البرلمان للولاء لمبادئهم وليس للمباديء الدستورية التي اعتبروها قمة الانتصار لأنها أبقت على المادة الثانية في الدستور القديم الساقط، التي تنص على ن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام، في حين أن الدولة كيان اعتباري يضم الجميع مسلمين ومسيحيين ويهود بل وملحدين، ومن حق الجميع في ظل الدولة الحديثة، أن يعتنقوا من العقائد والتفاسير ما يشاءون شريطة ألا يسعى أحد لفرضها على الآخرين.

لقد سبق أن كتبنا عن فيلم "الخروج" في هذه المدونة عندما عرض في ديسمبر 2010 في مهرجان دبي السينمائي، واعتبرناه عملا واقعيا صادقا وأصيلا في تعبيره عما يجري في الواقع بل ويمكن القول الآن، إنه كان من تلك الأفلام التي تعد إرهاصات للثورة نفسها. فكيف يأتي الرقيب اليوم ويمنع عرضه في الأقصر بدعوى أنه لم يحصل على تصريح بالتصوير من البداية!

والغريب أيضا ان قرار المنع امتد ليشمل العرض الخاص المحدود على لجنة التحكيم الدولية في المهرجان المشار إليه!

ان منع "الخروج" هو أكبر اعتداء على الثورة المصرية الشعبية التي أطاحت بالديكتاتور التافه حسني مبارك ولاتزال تعمل على استئصال أتباع مبارك وزبانيته.

وهو ما يقتضي الاحتجاج من طرف كل السينمائيين والمدافعين عن حرية الرأي والفكر في مصر والعالم.


0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger