الأحد، 6 فبراير 2011

10 حقائق و7 مقترحات


بقلم: محمد حسنين هيكل


الحقائق العشرة:

١- شعب فى طليعته شبابه الذى فتح أفق المستقبل أمامه.

٢- وجيش يملك ميزان القوة، وهو نفسه جيش الشعب وابنه.

٣- وأزمة حكم سقط ولا يريد أن يرحل، وفى سبيل البقاء، فهو يريد - بغريزة وحش جريح - أن يتمسك بموقفه، وأن ينتقم، ولا يبالى فى سبيل ذلك بأن تحدث فتنة كبرى.

٤- وفى وسط الأزمة زحام من ساسة بغير سياسة، تحركهم أوهام قديمة أو أحلام مستجدة.

٥- وهناك فى خضم هذا الزحام صفوة من الرجال والنساء لا يعرفون كيف يمكن أن يتحركوا فى الأزمة، وكثيرون منهم يتحركون بقوة العاصفة ولكن دون بوصلة!!

٦- لا يوجد من يستطيع بثقة أن يقول إنه يفهم، أو حتى يعرف ما هو المطلوب الآن، فليست هناك جهة أو هيئة سياسية تحظى بقدر من الشرعية أو المرجعية أو المصداقية - وأولها البرلمان المصنوع أخيراً بمجلسيه - بما يساعد هذه الجهة أو الهيئة على الإسهام فى صنع المستقبل.

٧- وهناك عالم مهتم، ومن الصعب رد اهتمامه، لأنه موجود بالواقع وسط الأزمة، وهو يرى جيل الشباب ويستشعر إرادة الشعب، ويرى سلامة الجيش ويلمس مسؤوليته، ويرى - أيضاً - وبجلاء أن هذا النظام لم يعد يقدر على أن يتعامل مع العالم، ولا عاد العالم قادراً على أن يتعامل معه، فضلاً عن ذلك فهناك أمة من المحيط للخليج تتابع ومازالت، وأيديها على قلوبها داعية وراجية.


٨- ومن سوء الحظ أن بعض عناصر هذا النظام تجرب عزل ثورة الشعب عن العالم، بمحاولة إضفاء طابع عليها ينسب ما وقع فى مصر إلى عنصر أو تيار أو جماعة معينة، وذلك خطأ وخطر، لكن بقايا النظام تحاول جاهدة - بمزيج من ضيق الأفق ومخزون الخبث - أن تدفع بهذا الانطباع إلى المواجهة.
كما أن بقايا النظام - بالتوازى مع ذلك - تتصور المراوغة بالحيلة المعروفة فى الإلهاء السياسى، فتقطع بنفسها بعض ذيولها «ثلاثة أو أربعة من الوزراء السابقين، وثلاثة أو أربعة من الأنصار القدامى»، وتلقى بهم على الطريق، لعل مطارديها يتلهون بها، وهذا خطأ فى عالم السياسة والأخلاق، مما قد يجوز فى العالم المظلم للجريمة وعصابات المافيا، لكن عالم السياسة والأخلاق يستدعى العدل قبل أن يفرض العقاب!!

٩- وعنصر الوقت ليس مع أحد، ولكنه ضد الكل، من الأمن والاقتصاد إلى السياسة والقرار، إلى الأمن القومى، إلى ضرورة العودة إلى الأمة والعالم بعد أسبوعين من الفوران حتى درجة الغليان!!

١٠- وعليه فإن أصحاب الحل هذه اللحظة.. شباب وجماهير شعب يعرفون ما لا يريدون، وأوله رحيل رجل واستقامة نظام، لكن هؤلاء الذين يعرفون ما لا يريدون لابد أن تتاح لهم الفرصة، لكى يقرروا ماذا يريدون، وهم يقفون فى ذلك صفاً موازياً وليس معارضاً، لجيش وطنى موجود بقيمته ومسؤوليته، وهو بفكرة الدساتير بأسرها - ومنذ ظهورها وكتابتها - حامى الشرعية الوطنية، وحامى الأمن القومى، ولابد بين الشعب والجيش الآن من لقاء.
ولا يمكن لهذا اللقاء أن يتم إلا بضمانة من الثقة، لابد أن تتوفر، لكى يتنفس الشعب بحرية، ويلتقط أنفاسه بهدوء، ويتكلم بأمان، ويقدر مسار خطاه بوعى واقتدار.
■ ■ ■

وهنا وقبل الوصول إلى الحلول الخمسة، تثور نقطة لابد أن تواجه بأمانة وجد واحترام للنفس وللعصر ولحقائق الأشياء، وهى الكلام عن إجراءات دستورية لترتيب الانتقال.
ذلك أن تطورات أحوال متلاحقة أصبحت تقتضى تحولات سياسية كبرى فى الفكر والفعل، وليس صيغاً وعبارات تتزى برداء القانون، وذلك لأسباب بدهية - بداهة طلوع الشمس وغروبها بينها:

■ أن الدستور المعمول به الآن، والذى جرى ترقيعه عدة مرات ليتسع لكل ما عاشته مصر من تضليل طوال سنوات بالعشرات - لم يعد يصلح قاعدة أو سنداً لأية ترتيبات لبداية جديدة، فلا أحد يستطيع تحويل الخرق البالية إلى ثوب جديد، إلا إذا كنا نريد البحث عن نافذة من سجن يهرب منها المستقبل عبر الأسوار، لأن المستقبل لا يهرب من نافذة سجن، وإنما ينطلق بإزاحة كل الأسوار.

■ أن الشعب وهو مصدر الشرعية قال كلمته، وأظهر إرادته، ووضع الأساس لشرعية جديدة يمكن التعبير عنها بدستور جديد يصدر عن جمعية تأسيسية منتخبة بعد فترة انتقالية، تفتح الباب لعودة السياسة إلى الوطن مرة أخرى، وتسمح لأجيال جديدة من الشباب بأن تشارك فى حوار المستقبل الذى يقيمه ويحصنه الدستور الجديد، ولقد كان الخطأ المتكرر فى تاريخنا باستمرار هو أن مشروعات الدساتير كتبها قانونيون بطلب من سلطة، ثم جرى عرضها على الشعب، وهذا استهتار بالسياق التاريخى فى وضع الدساتير، فالدستور يختلف عن القانون، لأن الدستور عقد وطنى سياسى واجتماعى، يعبر عن مشيئة الأمة، وأما القانون فعملية تنظيم لاحتياجات الشعب وأمنه، وعلاقات الجماعات والأفراد ببعضهم، بما فى ذلك خياراتهم فى مجالات حياتهم المتنوعة، وضمان مستقبلهم المشترك.
■ والقول بتعديل الدستور فى عدة مواد ثار حولها اللغط، والترتيب للمستقبل على أساسها يتطلب مراجعة، لأنه ليس فى مقدور أحد أن يسد ثغرة ما جرى بأى عملية «ترقيع».

- فرئيس الدولة حامى ذلك الدستور انتهى سياسياً وعملياً.
- والدستور نفسه مهلهل.
- والمجلس المكلف بإعادة ترميم بعض مواده المتهالكة - هو نفسه مجلس مزور.
وأن يكون لهذا المجلس الذى يُراد فتح باب الطعون فى صحة عضوية من احتلوه بالتزوير، مسؤولية سد الفراغ وهم لسوء الحظ أغلبية فيه - نوع من التلفيق بعد الترقيع وبعد التزوير، وفى مطلق الأحوال فكيف يمكن أن يؤتمن على الدستور مجلس قام على التزوير؟! - وأقسم أعضاؤه اليمين على باطل؟! - وصفقوا جماعة بخطاب عرش تهاوت قوائمه؟!!

■ وربما يقول قائل - وهو على حق - إن المرحلة الانتقالية نفسها لابد أن تكون لها ضمانات دستورية، وهنا فإنه يمكن للدستور الحالى أن يستمر حتى يحل بدله دستور من إملاء الشعب، ولكن بعد إخلاء ما يكمن فى مواده من أثقال على الحريات العامة، والقيود التى تعوق العمل السياسى، ومطالب التفكير الحر والتعبير النزيه - وبدلاً من «الترقيع» فإنه يمكن بجانب ذلك إعلان مبادئ ركيزتها إعلان حقوق الإنسان المؤكدة للحريات العامة، وفيها حرية التفكير والتعبير والتنظيم والكرامة المكفولة لكل إنسان، وأن يكون ذلك فى وجود «مجلس قانون» مكون من المحكمة الدستورية العليا، والمحكمة الإدارية العليا لمجلس الدولة، وبمشاركة مجلس «أمناء على الوطن» يتم اختيارهم بعيداً عن ذلك التسابق المهين لركوب الموج، وتلك ظاهرة عرفتها وعانت منها كل الثورات فى التاريخ.
أقول بذلك وأنا أعرف وأقدر وأحترم فكرة القانون، وأظنها - وقد قلت ذلك مراراً وتكراراً فى كل الظروف - أفضل ما أنتجه الفكر الإنسانى على طول العصور، فلولا فكرة القانون ما استقر مجتمع، ولا تقدم بشر، ولا تحرك زمان، لكن الدساتير وهى القانون الأعلى فى المجتمعات ليست مسألة صياغة، وإنما هى مسألة إرادة - وليست مسألة نصوص وإنما مسألة قيم، وهنا فإن إرادة الشعب وقيمه هى الأصل، وليست الصياغة والنص.
ولنتذكر أنه بمنطق الصياغة والنص فى الدستور فإن كل الملايين التى خرجت لتسقط شرعية الحكم الشخصى يعتبرون متمردين وعصاة - يصح تأديبهم أكثر مما تصح الاستجابة لطلباتهم.
- النص حق إذا كان تعبيراً عن حقيقة وإرادة خالصة لشعب.
- والنص باطل إذا جاء ليحقق شهوة فى سلطة لا أحد يعرف من أين وإلى أين!!
والنص عاجز إذا كان مجرد كلمات وجمل ومواد يكتبها المبتدئون أو الراسخون فى فن الصياغات.
■ ■ ■
■ أنتقل الآن إلى سبع خطوات إلى المستقبل «وكفانا ما مضى من عذاب الانتظار، وتكاليفه المادية والمعنوية».
١- خروج الرئيس «حسنى مبارك» من رئاسة الدولة، وابتعاده عن الساحة، دون إضاعة فرصة أو مداورة، وتعلل بالفوضى، وذلك حتى يرتفع ثقل وجوده عن المشهد كله، فاستمرار هذا الوجود تعقيد لا مبرر له، وتعطيل لما ينبغى بعده، فالشعب كله حاضر، والكنيسة مضاءة، والمسجد عامر، والشباب هناك، وأكثر من ذلك فإن ذلك الرئيس لم يعد قادراً على مواجهة طرف داخلى أو خارجى، ولا قادراً على أن يقدم أوراق اعتماده لطرف عربى أو دولى يسمع له أو يقبل منه، كما أن القول بالانتظار والصبر لم يبق له مجال يحتمل الاستمرار، ولا داعى لهذا الوقوف، لأن هذا الوضع ستة شهور من القلق والشك والتربص.
٢- إعلان من القوات المسلحة مسؤوليتها والتزامها بحماية الشعب والتعهد بكامل مطالبه.
٣- إعلان قيام مجلس قانون يمسك فى يده بالشرائع والقواعد، ومعه ما يصلح من الدستور القائم، ومعه أيضاً ما هو مقبول ومعمول به فى عالم النور والحضارة.
٤- إعلان قيام مجلس لأمناء الشعب بتمثيل محقق للشباب.
٥- إعلان فترة انتقالية كافية لحوار جاد لا يضغط عليه دستور تهاوت أسسه بتهاوى شرعية من أصدروه.
٦ - تشكيل حكومة قوية تجمع بين الأفضل ممن يمكن الوثوق بهم ممن يعرفون الحقائق، إلى جانب من يمكن الاطمئنان إليهم ممن يحملون نبض الأمل، فلا يمكن لصالح هذا البلد «ولا هو وقع فى كل الثورات من قبل» أن يكون هناك حائط من الفولاذ بين ما كان فى وطن، وما ينبغى أن يكون فيه.
٧- وأضيف هنا أننى أحترم العسكريين الأربعة الذين وضعتهم الأقدار الآن فى موقع القرار: «عمر سليمان» - و«أحمد شفيق» - و«محمد حسين طنطاوى» - و«سامى عنان».
أحترمهم باعتبارهم من رجال هذا الجيش الذى لم يعد هناك الآن - بجانب أجيال الشباب وقوى الشعب العارف والواثق بنفسه - قوة مؤثرة وفاعلة فى المستقبل غيره.
وأحترمهم وأنا أعرف أن مسيرة التاريخ المصرى والمستقبل هذه الساعة فى أيديهم، وفيها حياة الشعب ودمه، وفيها الوطن ومستقبله.
أقول ذلك وأنا رجل يدرك المحاذير، ويقدر المسؤوليات، ويتفهم - بقدر ما هو إنسانى - مشاق الاختيار ومزالقه فى هذا الظرف من الزمان!!
وتحت درع القوات المسلحة تستطيع جموع هذا الوطن أن تهدأ، ويستطيع العقل أن يؤدى دوره، ويستطيع الأمل أن يجد أفقه بعيداً عن ضياع الساسة وتخبطهم، وصخب الإعلام وألوانه وأضوائه.
فلابد أن تتاح للشعب فرصة أن يتكلم ويُسمع ويطاع ولابد أن ينفتح الطريق للتاريخ.
■ ■ ■
■ أقول ذلك كرجل لا يملك غير فكره.. ولا يطلب دوراً من أى نوع ودرجة، فهو بالطبيعة قرب الغروب وعلى حافته.. ولا يطلب أكثر من أن يطمئن على وطنه ويستريح - قبل أن يغمض عينيه وينام.

الجمعة، 4 فبراير 2011

فوضى ما قبل السقوط


* لواء استخبارات سابق: طلبوا من مبارك الرحيل منذ ليلة الجمعة.. وكان يمكنه تجنيب مصر كل هذه الخسائر


* 1500 جريح و5 شهداء.. ضحايا مذبحة ميدان التحرير


* تسريبات عن صراعات في "هرم السلطة الذي يُعاد تشكيله" وعن استقالة شفيق


* اتهام وزير الداخلية الجديد وأحمد عز وصفوت الشريف وماجد الشربيني بحشد البلطجية

* نقيب جيش يحاول الانتحار بعد هجوم البلطجية على المعتصمين


* دعوات لمظاهرات غاضبة في "جمعة الرحيل"

لم يفهم اللانظام المتخشب مشهد الغضب، شباب غير مُسيس. ملايين منه محبطة، غاضبة وتبحث عن مستقبل لها، بعد أن عايشت رؤوس أجيال طائرة، أهدر اللانظام الحاكم فرص تحققها. بينهم عشرات الآلاف، لا مشكلة مادية لديهم، وآفاق العمل أمامهم مفتوحة.. لكن المستقبل والوطن ليس فقط فرصة عمل وحياة مادية مريحة.
في المشهد، شباب يقف متحدياً أمام مصفحة، أو يلقي بنفسه وسط حشود الأمن المركزي كأنه يفجر نفسه، أو يتمدد على شريط المترو ليوقفه.. ولا يتحرك حتى حين حاول ضابط قيادته ودهسهم، لولا أن عمال المترو والأهالي انتزعوه من مكانه وأوسعوه ضرباً. هل يختلف الحال هنا عن الأفق الذي ينتظره لو استمر هذا اللانظام.. الموت غرقاً في مركب بائس يحاول الهجرة للغرب، أو الانتحار، أو الموت التدريجي.. عاطلاً وعاجزاً.اشتعل مخزون الغضب الجوفي، وتلاقت روافد أنذرتنا لست سنوات بأن نهرا جارفا يبحث عن مجرى.. "يفحته".
"الشعب.. يريد إسقاط النظام"، تاريخياً لم يعتد المصريون على الهتاف سياسياً بالفصحى. الهتاف الذي سيطر على "ثورة اللوتس"، كما أسماها نشطاء قبل انطلاقها، ليس مجرد تحية لثورة شباب "الياسمين" في تونس، والتي سبق نجاحها بأقل من أسبوعين احتشاد أكثر من مليون مصري بميدان التحرير. الهتاف كان تحديداً منذ البداية لسقف المطالب.. التغيير الشامل. وأمامهم "بيان تونسي على المُعلم"، يؤكد أن الشعب.. هو المعلم، ويستطيع التغيير دون انتظار الخارج.. أو "كتل الداخل الصلبة".

لم يفهم اللانظام الحاكم.

****

بعفوية وبعد ساعات من خطابه الأخير منتصف ليلة الثلاثاء/ الأربعاء، أثبت حسني مبارك كذب كل وعوده. صحيح أن مبارك اكتسب قطاعا من الشعب بعد وعوده بعدم ترشيح نفسه، لكنه أعاد معظمهم للأغلبية التي تطالب برحيله.. الآن.

بعد دقائق من خطابه بدأ عشرات البلطجية في التحرش بالمتظاهرين في الميدان التحرير، وفي الثالثة عصر الأربعاء تدفق عدة مئات على الميدان، محملين بالشوم والعصي وبالأسلحة البيضاء.. وعشرات منهم يركبون جمالاً وخيولاً.

****

لـ"بي. بي. سي" عربي وصف أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام ما كانت تنقله الفضائية الإنجليزية على الهواء من هجوم للبلطجية على الميدان: "هذه مظاهرات عفوية، الحزب الوطني لم ينظمها ولو كان يستطيع لفعلها منذ أيام".. "فيه علاقة أبوية بين الرئيس المبارك والأغلبية الساحقة من الشعب، هؤلاء نزلوا للدفاع عن أبيهم".

قبل وأثناء حديث سرايا، ومن بعده مجدي الدقاق، كان المشهد يصف نفسه.. حشود الهمج من أبناء مبارك تتدفق على الميدان والشوارع المحيطة به، كر وفر بينهم وبين المعتصمين. حتى كتابة هذه السطور تركت المذبحة أكثر من 1500 جريح و5 شهداء من المعتصمين العُزل وقتيل من عناصر الشرطة. وفي الخلفية.. ضرب وخطف مراسلين أجانب.

طوال يوم الأربعاء، وفي مواجهة متظاهرين مطالبين بنقل السلطة لنائب الرئيس فورا، قدرتهم وكالات الأنباء مابين 8 و11 ملايين متظاهر، واصل التليفزيون الرسمي دعوة "المصريين الشرفاء" للخروج تعبيراً عن تأييدهم للشرعية والاستقرار، وضد ما رأته نماذج مثل مجدي الدقاق "دعاة الفرقة والأجندات الأجنبية"، ولم يتجمع سوى عشرات أمام ماسبيرو ومثلهم أمام مسجد مصطفى.

الموقف اختلف ظهر الأربعاء. آلاف البلطجية وعناصر الشرطة تهاجم المتظاهرين العُزل، وخلفهم منظومة الداخلية التي يقودها الآن محمود وجدي وزير الداخلية الآتى من سلم الجنائي، وخلفهم دور نُسب لصفوت الشريف وماجد الشربيني أمين تنظيم الحزب الجديد.. وسلفه أحمد عز، ونفس منظومة البلطجة التي استخدموها في الانتخابات الأخيرة، وموظفي شركات البترول.. وموظفين قطاع عام اتصلوا بالفضائيات ليقولوا إنهم أجبروا على النزول لضرب المعتصمين.

اتهم بعض المعتصمين الجيش بخذلانهم، ودافع بعضهم، مثل الناشط محمد عادل، عن موقفه.. مبررا لـ"بي.بي.سي" ما يحدث بالعدد الكبير من المهاجمين.

الجيش هو من شجع المتظاهرين، ضمنياً، على النزول للشوارع في بيانه المُطمئن ليلة الاثنين/ الثلاثاء، مقراً بـ"مشروعية مطالبهم".. ومتعهداً بأنه "لم ولن يستخدم القوة ضد الناس".. ومشدداً على أن دور "جيشكم هو الحماية". كانت المرة الوحيدة في البيانات العسكرية المتتالية التي استعملت صيغة ملكية الشعب للجيش.. "جيشكم.. قواتكم المسلحة". قبل هجوم البلطجية الذين ثبت أن بينهم رجال شرطة برتب متفاوتة.. من مندوبين إلى ضباط مرورا بأمناء، أصدر الجيش بياناً بدا أنه إشارة إلى أن "ورقة" ملايين المتظاهرين قد أدت دورها، وأن "على المتظاهرين العودة لمنازلهم.. لكن ليس جبرا".

في ميدان التحرير وقفت مدرعات الجيش على الحياد، واتهمها المعتصمون بأنها فتحت الطريق للمهاجمين، ووقفت تتفرج على المذبحة التي يتعرضون لها مكتفية، كما أكد مراسل بي بي سي، بحماية منطقة سفارتي بريطانيا وأمريكا. لكن المشهد شديد الدلالة هو محاولة نقيب جيش الانتحار، روى الطبيب (نبيل علي) لبي بي سي: شاهدت بعيني نقيب جيش حاول إطلاق رصاص طبنجته على رأسه، لكن زملاءه سيطروا عليه، كان منهاراً ويبكي.

****

الواضح أن النقيب كان يتمزق بين أمرين.. الأول صدر قبل نزولهم للشارع: حتى لو ضربوك.. ما تردش عليه، وبين الأمر الجديد صباح الأربعاء: كن محايداً وادخل مدرعتك. المؤكد أنه وأغلبية زملائه لا يرون هذا حياداً.
تمزق النقيب بين ضميره ودوره الوطني وبين "توازنات اللعبة السياسية"، يعكس خلافات تسربت حول الموقف من تنحية مبارك، بين الرحيل الآن.. كما تمسك الملايين دافعين أكثر من 300 شهيد خلال أيام الغضب العظيم، وبين من يريدون.. أولاً: إجبار مبارك على قبول مبدأ التنحي، وثانياً: نقلاً متدرجا للسلطة.. ربما لإعادة ترتيب الأوراق.
كل منهم استغل الأوراق المتاحة أمامه.. من الورقة الأمريكية إلى ملايين المتظاهرين. أياً كان ما تسرب، فلن نستطيع توثيق أو قول أغلبه، سنكتفي بما يمكن نسبته لآخرين. للجزيرة تحدث اللواء محمود زاهر عصر ومساء وليلة الاثنين عدة مرات. قدم نفسه على أنه رفيق (عمر سليمان) نائب الرئيس أثناء خدمته في المخابرات العسكرية، طارحاً عدة رسائل أو تقديرات للموقف: رأس المؤسسة العسكرية الآن هو نائب الرئيس والمؤسسة خندقها مع الشعب. حين راجعه المذيع.. كرر ذات التعبير. زاهر تحدث عن "فترة انتقالية ينتخب بعدها الشعب من يراه رئيساً لدولته المدنية"، كاشفاً عن الرئيس مبارك "يُقال له في الغرف المغلقة منذ أربعة أيام إن الموقف هذه المرة مختلف تماماً".. وأن "الرئيس مبارك كان يمكنه تجنيب مصر ما خسرته طوال هذه الأيام".

لكن تسريبات/ تقديرات زاهر قد تكون مجرد أوراق لجذب المتفاوضين، وهي لا تنفي تسريبات مقابلة عن تفاوت في موقف من يمسكون بمفاتيح القوة، آخرها ما قيل عصر الأربعاء عن صدام وقع بين أحمد شفيق رئيس الوزراء وبين الرئيس ونائبه، وأن الخلاف وصل إلى حد إصرار شفيق على الاستقالة من منصبه في أعقاب هجوم البلطجية على المتظاهرين، متحدثاً عن حرقه سياسيا ووطنيا.. خاصة بعد تعهده علنا بحماية المتظاهرين.

****
المتظاهرون هم الورقة المركزية في صراعي الإصلاح.. والسلطة، وحولها "تلعب" باقي الأوراق. اشترط أسامة سرايا ومجدي الدقاق لسحب البلطجية: "واجب كل القوى السياسية أن تحترم نفسها وأن تجلس للحوار وأن تطلب من الناس العودة لمنازلها".
حذرني الزميل الصحفي من بقائنا في الميدان ليلة الثلاثاء/ الأربعاء. أعرف أنه في هذه اللحظة يجلس بجوار أنس الفقي وزير الإعلام. كان يسألني عن موقف المتظاهرين بعد خطاب مبارك بأنه لن يترشح ثانية. وحين قلت له إن آلافًا جُددًا تدفقوا على التحرير بعد صدمة تمسك مبارك بأسلوب التلاعب الذي يحكم به. علق: "ده.. لو استمريتو للصبح".
منذ صباح الثلاثاء، ردا على اتصالاته المتكررة، أحاول إفهامه أن هذه المظاهرات مختلفة، وأنه لا قوى سياسية تقف خلفها.. وهو مُصر على أن للسياسيين، خاصة إفرازات "كفاية"، دورًا مُحركًا لها. الزميل يقود، تحريريا، أهم برامج ماسبيرو، ويشغل منصباً هاما في ترتيبة جريدة الأخبار.
نفي سيطرة أحد على المتظاهرين كرره د.السيد البدوي رئيس حزب الوفد عصر الأربعاء، كان يتحدث باسم تحالف ضم مع حزبه الناصري والتجمع. والأحزاب الثلاثة كانت قد رفضت الحوار مع نائب الرئيس ما لم يتم تفويض مبارك صلاحياته كاملة له.
فهم كثير من المراقبين أن هذا الرفض كان في حقيقته ورقة للضغط على الرئيس ليتراجع عن تمسكه بموقفه، في سياق الصراع على سلطة جديدة تتشكل. بعد خطابه الأخير وافقت الأحزاب الثلاثة على التفاوض، لأنه "كان إيجابيا ويفتح باب مرحلة جديدة لمصر"، وفق تعبير البدوي. الوفد بدأ فعلاً التفاوض مع النائب منذ صباح الأربعاء، لكن البدوي أعلن عصراً عن وقف التفاوض حتى يتم وقف هجوم البلطجية.. "لن نتفاوض ودماء الشباب تسيل".

في مقابل الأحزاب الثلاثة تقف أحزاب الكرامة والجبهة والغد والإخوان وقطاع واسع من الشخصيات العامة رافضين التفاوض قبل نقل صلاحيات الرئيس للنائب.
انقسام سياسي يماثله انقسام في هرم السلطة التي يُعاد تشكيلها، بين فريق يريد حملة تطهير للفساد ومحاكمة القيادات الأمنية التي تعاملت بقسوة مع المتظاهرين ثم فرت متعمدة توريط الجيش، مستنداً على أن حملة الأيادي البيضاء يجب أن تمهد أو تواكب دعوة التفاوض مع المعارضة.. لامتصاص غضب الشارع. الفريق الثاني يُقدم التفاوض مع "المعارضة الرسمية" لاحتواء الغضب الداخلي.. والخارجي بدعم سعودي، بالتوازي مع حملة تشويه إعلامية للمتظاهرين.. تتزامن مع نزول بلطجية الحزب وبقايا الشرطة لمواجهتهم.
انقسام ثالث بين طوائف المجتمع كله: هل حققنا نصراً سياسياً نبني عليه.. ويجب أن نعود لأعمالنا، أم لم يكتمل النصر وأن ما يحدث هو إجهاض لثورة الشباب.
****
سبقتنا ثورة تونس وكأنها بيان على المعلم.. ولم نتعلم منها، الرئيس الذي لم يفهم إلا بعد فوات الوقت.. والقوى السياسية المتصارعة والتي تخاطر بإهدار دماء الشهداء الذين سقطوا في ثورتهم الشعبية.
ورغم كل ما يُقال يظل للجيش المصري مكانة خاصة لدى شعبه، هو ليس فقط "مدرسة الوطنية".. و"حامي حمى الوطن"، بل أيضا "صاحب حلول" على أكثر من صعيد، يقفز اسمه مع تفاقم أي مشكلة.
في تونس، ومع قرار نزوله الشارع رفض الجيش قمع المتظاهرين ولو كان ثمن الرفض إقالة قياداته، وحين نزل.. اقتصر دوره على حماية المنشآت العامة، مع ورود وقبلات انهالت على رجاله من المتظاهرين، مشاهد رأيناها تتكرر في مصر.
في مصر، خلافاً لتونس، يشغل الجيش حيزًا أوسع سياسياً، وهناك شبه إجماع على أنه وحده من يستطيع وقف سيناريو التوريث. حضر الجيش المصري في قلب الجدل السياسي، لكن الاستنجاد لم يعد قاصرا على وقف التوريث، فمنذ اليوم الثاني لغضب أهل السويس تعالت الهتافات التي تستنجد به لإنقاذها من وحشية الشرطة، وانتظرنا حتى الثانية من عصر الجمعة الماضي ليهتف عشرات الآلاف في وسط القاهرة "واحد اتنين.. الجيش المصري فين". فمنذ تجلي زخم موجة الغضب السؤال هو عن "توقيت" نزول الجيش، وبدا أن الأمر مسألة "توقيت" فقط.
التوقيت كان الخامسة مساء الجمعة الماضي، ليحمي المنشآت العامة بعد أن طردت موجة الغضب قوات الشرطة من المدن الأهم في مصر.. القاهرة والسويس والإسكندرية.
يقول مراقبون إن تجربة إدارة الجيش لتداعيات ثورة الياسمين في تونس كانت ملهمة للمنطقة كلها، ويقول تاريخنا المعاصر إن الشعب انحاز لثورة الجيش عام 1952، وأن الشعار القديم الجيش للشعب.. والشعب للجيش، قد تردد ثانية بعد 59 عاماً. شعار اهتز عصر الأربعاء.
الآن لدينا ثلاثة سيناريوهات: 1 ـ فوضى "محكومة".. تمهد لإخلاء الشارع من الثائرين والبلطجية معاً واستعادة دولاب عمل الدولة في وجود رئيس مهزوز ومؤسسة عسكرية قوية. سيناريو مُرجح.. لكنه مهدد بتجدد الثورة ما لم تحدث إصلاحات ملموسة. 2 ـ فوضى "محكومة".. تنتهي بعزل الجيش للرئيس "حقناً للدماء". سيناريو غير مستبعد، لكنه يتطلب توافق أطياف الكتلة الصلبة. 3 ـ فوضى شاملة وحرب أهلية، تنتهي بتدخل حاد لـقطاعات من الجيش، لينقل لانظام مبارك مصر من الدولة الرخوة إلى الدولة الفاشلة، وهو أضعف السيناريوهات.
لننتظر موقف الجيش من تداعيات بلطجة الأربعاء الأسود ومن مظاهرات غضب "جمعة الرحيل"، إن قُدر لها أن تخرج للنور.

الجمعة 4 فبراير 2011

بقلم: محمد طعيمة


مذبحة المتظاهرين بميدان التحرير: شهادة مثقف ثائر

ان ما حدث يوم الاربعاء الثانى من فبراير عام 2011 هو جريمة ضد المصريين المتظاهرين سلميا فى ميدان التحرير وسط القاهرة جريمة و دليلا على اجرام نظام الديكتاتور مبارك.
توقع البعض ان ينخفض عدد المتظاهرين فى الميدان نسبيا بعد مسيرة المليون والتي وصل تعددها الي مايزيد عن الخمسة ملايين تقريبا وبالفعل جاء الاربعاء لينخفض العدد ونفاجأ عند الصباح ببعض المشبوهين يقفون عند بوابات الدخول يهتفون لمبارك ولقد شعرت بالاسي عندما رأيت وجوه مؤيدوه فعلا شعرت بالاسي الذي وصل اليه مبارك وماكان يتحدث عنه ليلة امس من ان التاريح سيفصل بينا لقد سكب الماء علي جبل من الرمل يدعي تاريخه عندما استعان بهولاء المأجورين ليمثلوه ادركنا منذ البداية ان هولاء العشرات حفنه مأجوره مر اليوم وبدأنا نسمع في الثانيه عن انباء تجمع بضع المئات عند ميدان عبد المنعم رياض كنا في البداية نظنهم جاؤا للتظاهر للتشويش و لكنهم بدأو الاحتكاك بنا و تلا ذلك في تمام الثانية والنصف تقريبا جلبة واصوات سياط وفوجئنا بالبلطجية فوف الخيول والجمال يحملون السنج والسياط والعصى و كأن الهجانة التي لم نشاهدها الا في الافلام تعود من جديد ليضربوا الناس بالسياط. نالني احد سياطها ولكن بعد فترة وجيزة سيطر الشباب علي احدهم واخذوا منه حصانه فدب الخوف في قلوب رفاقه وتراجعوا هكذا كان المشهد الاول من الاحتكاك المباشر احتمى الشباب بعدها ببعض العربات وصنعوا من الواح الصاج التي كانت تستخدمها المقاولون العرب في موقع الاحداث حائطا متحرك لصد هجوم بلطجية مبارك الذين جاؤنا بالسنج والجنازير والسياط والاسلحة البيضاء.
بعدهذه الهجمة تراجعوا و تجمعوا ليوحدوا صفوفهم و كانها الحرب و تشكلت لدينا الخطه سريعا فنحن عزل واوحوا الينا بالسلاح عندما اخذوا يهاجموننا بالحجاره .. انها الحجاره.. ولكن للأسف فرض علينا سلوكنا ننظيف الميدان فلم يكن لنا بد من اسنخدام بلاط الميدان وتكسيره الي قطع صغيره تشكلات مجموعات عمل سريعة لتكسير البلاط واخري لحمله ودفعه للرماه وفريق اسنطلاعي يرصد تحركات مجموعات الديكتاتور واخري توزعت علي المنافذ السبعة للميدان علي مستويين يفصل بين كل منهم قرابة 300 متر كل هذا حدث في اقل من لحظات بدأ الشباب يتراصون في صفوف متتالية يحتضن بعضه البعض بصدور عاريه وكانها قصيدة الكعكة الحجرية تتشكل امامي واقعا بيد الشباب المعتصميين بدا الوقت يمر علينا فكانت الفكرة الاولي استدعاء الناس الي الميدان.. ولكن كيف وحظر التجول قد بدأ الان. النظام الفاشي فرضة من الثالثة عصر وحتي الثامنة صباحا لم يكن خيارا الا الدعم المعنوي فأشاع ان مظاهرات مؤيدة تزحف الينا وبالفعل تناقلتها وسائل الاعلام وحدثت مسيرة داخلية لتقنع المرابطين ان المدد وصل وارتفعت معنويات الناس وبدأنا في وضع المتاريس لحماية انفسنا منهم فقد بدي عليهم احتراف الاجرام لما يحملونه من سنج وسيوف ومطاوي كانت في ايديهم ساعات الهجوم وهتفنا جميعا (حسني اتجنن ) كان الاشباك الاول عندساحة المتحف بدأ فعلا بالاضرار به ذهبنا الي الجيش.
 لم يستجب قائد الكتيبة التي كانت تقف عند المتحف في الوقت ذاته وضع احد الضباط في الكتيبة التي تقف في بداية شارع طلعت حرب المسدس في فمه وقال لمن يعلوه اذا لم تأمرني بحماية المتظاهرين ساقتل نفسي و كان الامر ..فحمي شوارع الجامعة الامريكية وطلعت حرب والقصر العيني بشكل ساعد المتظاهرين على تخفيف الضغط عليهم بدأنا ننتقل من شارع الي اخر.
 شاهدت بسالة لم ار لها نظير كانت الاصوات تعلوبالتكبير كالهدير وكان البعض يطرق علي الحديد ليحدث اصوات كاشارات لتجمع الشباب عند منفذ معين وكأنهم يوقظون الموتي من جديد ينفخون فيهم الروح، يقولون ها نحن ابناؤك يا مصر جئنا اليك نجدد ملحمة.
 وفي الوقت الذي كنا نعاني تحت الضغط نبتكر الحيل لدفعنا بعد ان انهكنها التعب كان مذياع مقهي قديم يذيع احاديثه البالية عن دعاة الشغب كان الاعلام الرسمي يقول بكل وقاحة ان الموضوع يتلخض في مجموعتين من البلطجية تتصارع علي الميدان وكان بعض المراسلون يضللون الرأي العام ويزعم بعضهم ان بيننا ايرنيين وافغان وباكستانيين لهذا الدرجة نسيوا وجهنا !!!!!
لم يكن بيننا الا بعض مرسلوا وكالات الانباء الاجنبية فمن أين جاؤا بهذا الوجوه قال بعضهم اننا اخوان في الوقت الذي كنت أري بعيني مثقفين وفنانين وأساتذه جامعة اعرف مواقفهم السابقة ضد الاخوان كل هذه الاكاذيب كانت محاولة منهم لتجييش الرأى العام العالمي ضدنا باستخدام الاسلاموفوبيا لتعطيهم امريكا اشارة بسحقنا وللأسف فان برنامج مثل العاشرة مساء ردد مثل هذه الاكاذيب وهوماجعلنا نصدق ما وصل الينا من ان الابناء الهاربين جمال وعلاء للريس المنتهية شرعيته قد هددوا بعض رجال الاعمال بفتح ملفاتهم وهو ما لاحظناه في تغير لهجة المصري اليوم ايضا وجعلني اردد ما قاله هملت اني اشم رائحة العفن.. عفن.. عفن..
لقد وصفنا الاعلام الرسمي بالبلطجة فاذا كان الاعلام الرسمي يري ان عضو المجلس الاعلي للثقافة وعضو اتحاد الكتاب وعضو نقابة المهن التمثلية والاستاذ الجامعي والمسرحي بلطجي والطبيب الذي كان بجواري بلطجي والشاعر الذي لم اره منذ سنوات وتقابلنا سويا لحظة كان كل منا يلتقط حجر بلطجي ومدير احدي اهم شبكات المعلومات بلطجي واعضاء هيئة التدريس بلطجية والمهندسون والازاهرة والقساوسة والمحامون والاطباءالذي جهزوا مراكز لاسعافنا بشكل سريع بلطجيه وشباب الجامعات بلطجيه وغيرهم وغيرهم لقد ظل مبارك لا بارك الله له يحكمنا من خلال الاعلام مدة حكمه يلعب به و معه لغسل عقولنا لا يظهر الا من وراء حجاب ومن يسعي لكسر هذا الحجاب حتي وان كان في سياق ما ألفناه في حواديتنا الشعبية بأن يعطي المظلوم شكواه للحاكم يكن مصيره كما حدث في بورسعيد .
لقد استخدم بلطجية مبارك ضدنا امس قنابل المولوتوف والقنابل المسيله للدموع .. وفريقا من الهجانة واخيرا الرصاص الحي ... يالهم من متظاهرين حقا !! كان بلطجية مبارك فد كسروا أبواب العمارات المغلفة المواجهة للمتحف المصرى و استخدموها لامطارنا بقنابل الولوتوف و الحجاره و لكننا كنا مصرون على الصمود و الدفاع عن انفسنا. و بعد فترة تمكنا من التفدم و الفبض على البلطجية المتمركزين فوق العمارات و تم احتجازهم دون ايذائهم و سيطر المتظاهرون علي كل المواقع التي استولي عليها بلطجية مبارك من اسطح المنازل و احتجزنا منهم علي ما يقارب من15 فردا وكان مثبت في هوايات بعضهم انهم رجال امن واما الاخرون فكانوا من البلطجبة معتادى الاجرام حتى انه كان واضحا جدا انهم قد تناولوا مواد مخدرة اثرت علي وعيهم بشهادة بعض الاطباء الذين توتجدوا بالميدان .
لقد اعاد مبارك واعوانه تموضع رجال امنه من مزورا الانتخابات الي مزورين لضمير وهتافات الامة خرج رجاله ليهتفوا باسمه ومعهم من تم شرائه من قبل نواب مجلس الشعب واعضاء حزبه الذي سيكون محظورا قريبا ان شا الله اشتروهم بوجبة و50 جنية وزعم بعضهم علي حسب روايتهم ان من دفع لهم كان فتحي سرور كهذا قالوا واخذ نا دراجاتهم البخاريه واعلن البعض عن سيطرتهم علي احدي الدرجات البخارية التي تنتمي للحرس الجمهوري وعربة شرطه اشتدت المواجهات واستطاع المتظاهرون تطهير ميدان التحرير من اعوان مبارك من امناء الشرطة والمرتزقة والسيطرة عليهم وكنا اذا سيطرنا علي احدهم تعلو الصيحات (محدش يضربه ثورتنا ثوره سلمية سلمية حتي بعد ان سقط منا البعض بالرصاص الحي كان بعضنا يلتف حوله من يقبض عليه منهم كسياج لحمايتهم من الغاضبين)
و نتيجة لهذه المواجهات و قع الاف الجرحى من المتظاهرين و لم يعد المستشفى الميدانى الذى اقيم فى أحد المساجد القريبة كافيا لاحتواء المرضى و عشرات الاطباء المتطوعين فقام الاطباء باقامة مستشفى ميدانى فى قلب مكان المواجهات بجوار المتحف المصرى .
و بعد12 ساعة من المواجهات فر الهاربون منهم فوقفوا كوبري اكتوبر بمواجهة عبد المنعم رياض و حوالى الساعة الثالثة صباحا دوت اصوات ست طلقات تخرج لتصيب العزل فهرول المتظاهرون يحملون المصابون بالاعيره النارية فى الراس و البطن و الافدام وبعدها سمعنا طلقات نارية علي اوقات متفرقة احدها طلقات متتالية ربما يكون مصدرها رشاش آلى ورأينا مايشبه القناص فوق فندق رمسيس هلتون.
 وفي تلك اللحظة توجه المتظاهرون لكتيبةالجيش التي كانت تتمركز عند المتحف ولم تبدي اي استعداد للتدخل عدي اطفاء بعض الحرائق التي كانت تشعلها قنابل المولوتوف التي كان يلقيها أنصار مبارك من أسطح الابنية.
ومن كوبري اكتوبراتجه بعضنا الي هذه الكتيبة بدوا بالتفاوض معهم ليطلقوا ولو طلقة واحدة في في الهواء وصرخ فيهم البعض اعطونا اسلاحتكم نحميكم ونحمي انفسنا هنا تدخل الجيش بعدها سيطر نسبيا علي الموقف بعد ان اصابت طلقات مؤيدوا مبارك حوالي 22 فرد سقط منهم قرابة 6 شهداء وظلت فلول منهم تحاول انهاكنا بالاشارات البذيئة تار او بقذف الحجاره وكنا نعلم انها محاولة لانهاكنا.. فهم كما تاكدنا رجال امنه الذين اخفاهم فجأة وعادوا الينا في زي مؤيديه.
 لقد سطر الشباب بدمائهم أمس يوما بطوليا من بطولات هذا الشعب الذي حاول مبارك واعاونه طمس ملامحه علي مدار 30 عام كان الشاب يجرح فيذهب الي احدي نقاط الاسعافات الاولية يدواي نفسه ويستريح دقائق يجفف دمائه ويعود بعدها للمواجهات لم يخرج احد منا دون جرح وكنا نسخر ونقول (من غرزه لعشره متعتبرهوش مجروح) لم يؤثر في نفسنا الا قتل بعض المتظاهرين بدم بارد عندما أطلقوا الرصاص الحي علي صدورهم ورؤسهم.
استقبلنا الفجر وكانه زائر عزيز وجاء نور الصباح ليملأنا امل بان المتظاهرين سيأتون الينا وقد وفينا لهم ولمصر بوعدنا ان مبارك لن يأخذ الميدان الا علي أجسدنا.
بدأنا نراهم وكانهم نبضات امل تاتي الينا يحملون معهم طعاما ودواء وكل مانحتاجه جاؤا ليستلموا مواقعنا وقد وفينا لهم بما وعدنا ونشير الي جروحنا في سخرية ويردد بعضنا (هذا هو مفهوم مبارك للانتقال الآمن للسلطة) لقد كنا ننادي باسقاط النظام ورحيل مبارك و أعوانه من شفيق وعمر سليمان وغيرهم(للملاحظة فقط فان سليمان هو حامل الحقائب الي تل ابيب وهونفس الدور الذي لعبه مبارك في سبعينات القرن الماضي لا نريد حملة حقائب امن اسرائيل يحكموننا مرة ثانية ) اننا اليوم ننادي بمحاكمة هذا النظام وكل رموزه لقد جاء الصباح ومعه نداء واحد.. حاكموا السفاح مبارك و اعوانه.

د/ نبيل بهجت
استاذ المسرح بجامعة حلوان
عضو المجلس الاعلى للثقافة
عضو اتخاد الكتاب
عضونقابة المهن التمثلية
مؤسس ومدير فرقة ومضة
كاتب ومخرج مسرحي
احد شرائح المتظاهرين

الأربعاء، 2 فبراير 2011

مبارك يهدد شعبه


الرئيس غير الشرعي حسني مبارك، ألقى كلمة الى الشعب المصري، لم يترحم فيها على أرواح الشهداء الذين سقطوا ضحايا الثورة الشعبية الكاسحة المستمرة منذ 9 أيام، ولم يعتذر عن قيام قواته المدججة بكل أنواع الأسلحة الفتاكة القذرة، بقتل المتظاهرين والثوار في قلب أكبر عاصمة عربية أمام كاميرات التليفزيون.
لا.. ليس من الممكن أن يعتذر رجل اعتاد ان يأمر فينحني أمامه بعض الأحذية المسماة مستشارين ومساعدين من أمثال زكريا عزمي وأسامة الباز ومصطفى الفقي وغيرهم. لم يعترف مبارك الضابط المحدود الذكاء، الضخم الجثة، العنيد بطبعه كالثور إلا أمام أسياده الأمريكيين، بأنه يواجه رفضا شعبيا، ولم يشأ أن يخضع لإرادة الأمة المصرية بكل طبقاتها، بل كابر كعادته واخذ يهدد شعبه ويتوعده، واصفا ثورته بأنها أعمال نهب وسلب وتخريب للمممتلكات، في حين أنه منذ اختفاء أجهزة أمنه وأمن نظامه السرية والعلنية الجبانة من الشارع،تزايدات أعداد الجماهير المشاركة في الثورة دون أن يقع حادث واحد يهدد صفو الأمن، وهذه وحدها نقطة ينبغي أن يوقف التاريخ أمامها طويلا، فهي ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الثورات في العالم كله. وهي تعكس نضجا ووعيا كبيرين فاجآ العالم، على الرغم من سياسة التجويع والارهاب والحرمان التي مارستها الطبقة الفاجرة التي استأثرت بالسلطة والثروة ونهبت كل خيرات البلاد في عهد الضابط المتعجرف حسني مبارك.
لقد أخذ مبارك يخير شعبه بمنتهى الفجر والوقاحة، بين الابقاء عليه لكي لما يحقق الأمن (عن طريق حملة هائلة متوقع أن يشنها ضد الثوار)، وبين الفوضى الشاملة.. أي أنه يهدد بكل وضوح سافر، بأنه إذا لم يتم الابقاء عليه رئيسا فقد شرعيته، فسوف يحول البلد الى ساحة للحرب الأهلية وليكن ما يكون طبقا لمبدأ "وبعدي الطوفان"، ولذا أصبح مبارك الآن مجرما في حق شعبه وأمته واستحق بالتالي أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger