الثلاثاء، 1 فبراير 2011


ميدان الحرية


بقلم: ظبية خميس


 

هذه ليلة تنشق فيها أنفاس الكون وهى تتنفس هتاف ملايين المصرين لتسقط الطاغية.
ملايين أكثر فى الكرة الأرضية يرقبون,يرصدون معجزة البشر فى بلاد تزخر بالمعجزات القديمة,والجميع يدرك أن ثورة المصريين اليوم تفوق أهرامات أجدادهم فى روعتها.
هتاف الحرية والغضب يغلب الخوف والرعب والتعذيب والبلطجة والترويع بإسم الإستقرار والمسكنة والخوف من الغد والخضوع لأبوية سلطوية قاسية فقدت صلاحيتها وتتشبث بالبقاء حول أعناق الدولة والأمة العربية لتخدم الصهاينة ومصالح امريكا وتشارك فى قمع جميع الشعوب العربية وتشرف على خنق الفلسطينين إرضاء لإسرائيل بطاقتها الإئتمانية لشرعية السلطة والمؤسسة التى سقطت ولم يبقى منها الليلة سوى خيالها.
فى أسبوع واحد سقطت معالم زمن ساقط وولد زمن جديد لا نعرف منه سوى أنه زمن سقوط الخوف والإفراج عن الحرية المخطوفة التى تقول لا لكل ذلك الغث الكاذب الذى كان يحيط بالعقول وحواس البشر.
وكم هى بعيدة المسافة اليوم بين عيد الشرطة يوم 25 يناير وجمعة الغضب ومظاهرة المليون التى تسعى إلى جمعة الرحيل اليوم 1 فبراير 2011.
يتتابع الزلزال فى هذا العالم ليقذف بمكننونات الصدور إلى الفضاء الرحب .زلزال ضرب تونس والسودان واليمن ولبنان والجزائر وفلسطين وغيرها وصولا لمصر وسوف يستمر يضرب حتى تخرج المكنونات فى صعد الأرض أجمعين من قلب أمة العرب وحتى حدود لا نعرف لها ترسيما على خارطة الغد.إن زمنا جديدا يعلن عن نفسه وتاريخ جديد ينبثق للإنسانية أجمعين.ومصر كعادتها تقود الطريق من جديد رغم كل عهود الظلام الكثيف الذى كمنت فيه صابرة ولكن ليست غافلة.
راقبت المشهد طويلا وعشته قرابة الربع قرن على أرض مصر.كانت القصور تزحف وكبار اللصوص يتحولون إلى الفئة الحاكمة عازلين دنياهم عن دنيا الشعب فى مناطق يسيجونها وهم يشرفون على ملاعب الجولف وحمامات السباحة ويرتدون الماركات ويصنعون قصورا لإجازاتهم على سواحل مصر فى قرى سياحية وأمكنة يظنونها بمنأى عن الشعب-الرعاع-البيئة- كما ينعتونهم.
يحكمون من يخوتهم وملاعبهم ويتحدثون باللغات الأجنبية ترفعا على لغة العوام,يغرقون فى الفخامة والبذخ ووهم أرستقراطية لا يملكون لها جذورا.
يشربون أنخاب سطوتهم وثروتهم وسلطتهم ويمنون على الشعب ببقايا المائدة العامرة التى يلتهمونها من دم وقوت ذلك الشعب المنهك والكل يبادلهم الأنخاب فى مقابل الأدوار التى يلعبونها بإسم الإستثمار والسياسة والسلام والعولمة ويضربون بهم نموذجا لما يجب أن تكون عليه الدول العربية كدولة صديقة لإسرائيل تدافع عن أمانها وحليفة لأمريكا لا مانع لديها من إغتيال شعب كالعراق وفلسطين ولبنان وغيرها مقابل إرضاء النظام الدولى وعلى الرعاع من شعوبهم أن تفهم أن هذا ثمن الإستقرار والنمو الإقتصادى والمكانة الدولية لكى تكون مصر دولة المؤسسات كما يدعون.
أداروا جامعة الدول العربية بنفس المفاهيم ونفس الوهم المعادى للوطنية والعروبة الحقة والإنتصار لفلسطين بإدارة تأخذ العرب من فشل إلى فشل وحفنة من المرتزقة من قطاع الخارجية المصرية والبيروقراطين ورجال الأمن ونجحوا فى أن يجعلوا منها شاهد ما شافش حاجة وخصوصا فى العشر سنوات الأخيرة حيث تساقطت دول وغزيت أخرى وإشتعلت الحرائق دون رد سوى كلمتى نشجب وندين ونسوا أن يدينوا أنفسهم أولا وأخيرا وهم المشاركين فى كل جريمة وقعت على أراضى العرب ومنذ عقود طالت حتى جعلت منا بقايا بشر وأرواح مطعونة ومهزومة ومشوهة فى مرآة ذاتها ومرايا العالم الذى يرانا ضعافا ومنتهكين.يتفرجون غير عابئين وكل منهم يظن أنه بمعزل عن مصير ذلك الذى كان يشرب معه كأس السلطة منذ قليل قبل أن يسقط من مقصلة أو طائرة فرت به أو سم دس له فى دمه.
وبالغفلة نفسها لم يلاحظوا إمتداد أحياء البؤس والفقر والإهمال والمرض والبطالة التى تفرش صفيحها وطوبها وعشوائياتها من حولهم.لقد إعتبروها غرفة الخدم الخلفية وهى تحوى الملايين من شعوبهم وظنوا أنهم نجحوا فى إذلالهم وتغيبهم بالمخدرات والجريمة والفنون الساقطة وجعلهم يلهثون وراء رغيف العيش والإنشغال بالعراك والمطاوى وغرز المخدرات والبحث عن الدواء والعلاج- وقد غزت أمراض الكبد والبلهارسيا والسرطان أجسادهم.
بفتحون لهم القبور والسجون والشوارع لينام أطفالهم المشردون تحت الجسور والأرصفة.جرفوا القرى والريف وأغلقوا وباعوا المصانع وتفرغوا لإعلانات الشيبسى وشاليهات القرى السياحية.حولوا التعليم إلى مشاريع إستثمار تجارى للخاصة ومدارس جهل وضرب ووجبات مسممة ودروس خاصة وقتل تلاميذ أحيانا للعامة حيث تسقط المدارس المكتظة والمهدمة بإنقاضها على رؤوس أطفال الشعب.
أخرسوا الأصوات الحرة والمفكرين العضوين والفن الحقيقى وخلقوا مؤسسات لرجالهم ونساءهم المتنطعين فى الثقافة والسياسة ليتبوءوا واجهة السلطة ويبرروا ما لا يبرر ويصنعو للسلطان وجاهته وكذبته بدون حياء أو خجل ويصدرونهم للدول المجاورة كى يكرروا سقف تلك الثقافة الكاذبة والديكور اللزم لإثبات وجاهة تحضرهم فى تسطيح أخذ مداه الأجوف لتفريغ العقول والأرواح من المعانى الحقة للثقافة والفكر والفن والأدب.
نعم إن الخدمة التى يسدونها لأسيادهم وللصهاينة تتجاوز بلدا فى حد ذاتها إلى المنطقة كاملة حيث لا بد للعرب من البقاء خرفانا منصاعين يوحدهم الخوف والرعب والطاعة والإنصياع وأى نموذج يخرج من ذلك لا بد من تشويهه ومحاربته.وهم الطمأنينة الكاذبة لمنجز الوهم.
فى جمعة الغضب التى قتلوا فيها الجموع وأطلقوا الرصاص وجاءوو بحظر التجوال والجيش وأطلقوا الشرطة السرية واللصوص والقتلة على المحلات والبيوت والأحياء والمدن والقرى والنجوع ليسلبوا ويحرقوا ويروعوا فى حفلة مجون إمتدت قبل أن ينطق صوت الرئيس المسجل بعد منتصف الليل أنه لا أمان بدونه وأنه باقى على عرشه بعد أن قطع عنهم الإتصال والتواصل مع العالم وحاصرهم وأنه كفيل بمزيد من الترويع والدمار لهم ظن أنه أنجز مهمته وأن أطفال الشوارع هؤلاء الذين يدعون أنهم شعبه سيذهبون للنوم ويشكرون الفرعون ويحمدون الله أنه لا يزال فوق رؤوسهم لزمن يجىء.
لكن الشعب لم يذهب للنوم ولم يختبىء وراء الجدران بل خرج كمارد يكبر ويكبر ويغطى الساحات والميادين وكل شبر من أرض مصر ويمتد ليصل إلى آذان ووجدان العالم وتهز صرخته الكون تلك الصرخة التى ينتهى قبلها تاريخ وحقبة ويبدأ زمن لن يرمم ولكن سيخلق من بطن الظلام شموسا من الحرية يتلقفها العالم فى كل مكان.
هذه ليلة يتعلم فيها البشر العطشى معنى الحرية وكيف الطريق إلى بابها.إنها ليست ثورة الغضب بل ثورة الإنسانية لإحترام آدميتها ولسوف يسمعها الجميع الملوك والخدم والشعوب والسجناء والمصارف والبيت الأبيض وسور الصين العظيم.

السيد الرئيس آوان الرحيل قد أزف.
1 فبراير-2011

** ظبية خميس: شاعرة من الامارات مقيمة في القاهرة




ماذا بعد السقوط

بقلم: أمير العمري

سقوط النظام المصري بات مسألة وقت، حتى لو طالت الايام ولا أظن انها ستطول، فقد تهاوت مؤسساته السياسية العقيمة اصلان ومؤسساته الأمنية وثبت انها كانت نمورا من ورق، وشلت كل مؤسساته الاعلامية والدعائية وانفضح أمرالقائمين عليها وخرست أصوات كهنة النظام التقليديين باستثناء قلة ممن لا يجيدون سوى التمرغ في وحل أسيادهم مثل الكاتب اليساري السابق المنتحر تحت أحذية سادته وأولياء نعمته صلاح عيسى، والذي اصبح يطل علينا عبر كل المحطات التليفزيونية المصرية الارضية والفضائية، وكأنه يريد بذلك أن يضمن له مكانا في مزبلة التاريخ، مع أقرانه من أدنى وأحط الأبواق.
وبات لزاما على تجمع القوى الوطنية الديمقراطية وحركة التغيير ان تستعد ببرنامج عمل واضح، وخطة انتقالية واضحة تفرضها فرضا على الرمز المؤقت الذي سيبقى لضمان "الشكل" الدستوري وعدم حدوث فراغ وهو السيد عمر سليمان الذي يجب أن يختفي من الحياة السياسية تماما خلال ستة أشهر اي بعد إجراء انتخابات ديمقراطية حرة متعددة، وتحويل النظام المصري الى نظام برلماني يصبح فيه الرئيس مجرد رمز للدولة.
ولكن قبل هذا كله يجب السعي من الآن، من أجل تكوين جمعية تأسيسية من خبراء قانونيين وصفوة رجال السياسة من خارج النظام العفن القديم، لوضع دستور جديد للبلاد، يضمن عملية التحول الديمقراطي الحقيقي ويحدد صلاحيات المؤسسات وشكل العلاقات فيما بينها، وقبل هذا كله، يضمن للمواطن حقوقه الأساسية المتعارف عليها في دول العالم الحر.
إن الخلافات التي بدأت في الظهور بين أجنحة معينة داخل الأحزاب التقليدية التي سقط معظمها في وحل النظام وارتضى لسنوات طويلة القيام بدور الاحتياطي له، أو بين أجنحة داخل حركة التغيير الجديدة نفسها، يجب أن تتوقف من اجلالاتفاق على برنامج واضح ومحدد للتغييرات الجذرية التشريعية والاقتصادية التي يجب أن تتبناها الحكومة الانتقالية. وعلى هذه القوى أن تستعد بتشكيل قوى متفق عليه يتسلم سلطة تحت رئاسة السيد عمر سلميان على أن يفهم سليمان بوضوح انه مستمر لستة أشهر فقط بارادة الشعب، وأنه سيرحل بعد اجراء الانتخابات البرلمانية، التي سيتشكل منها مجلس تشريعي ينتخب هو رئيسا رمزيا للبلاد.
أما الشخصية التي يمكن الاتفاق عليها لقيادة الحكومة الانتقالية في الفترة القادمة فلا أجد شخصيا أفضل من الدكتور محمد البرادعي الذي يتمتع بثقة واحترام معظم شباب حركة التغيير (حركة 6 ابريل، الحركةالديمقراطية للتغيير، والجمعية الوطنية للتغيير، وجماعة كلنا خالد سعيد، وحركة 25 يناير وحركة كفاية). على أن يفهم البرادعي أيضا أنه يراس حكومة انتقالية لحين اجراء الانتخابات فقط، واذا شاء فليدخل الانتخابات النيابية سواء كمستقل أو يشكل حزبه السياسي.
وسوف يتعين على الحكومة الانتقالية القادمة أن تقوم على الفور بالغاء قانون الطوارئ والافراج عن كل المعتقلين السياسيين، واتاحة قيام الأحزاب واصدار الصحف دون قيد او شرط سوى الابلاغ فقط، والغاء الحرس الجامعي وعسكرة المجتمع وتحديد دور عصابات مباحث أمن الدولة، والغاء كل القضاء الاستثنائي مثل محاكم أمن الدولة ونظر القضايا المدنية بكل أشكالها أمام القضاء العسكري، ومحاكمة كلالمسؤولين عما جرى من مذابح ضد المعارضة خلال الثلاثين عاما الماضية وكل من تورطوا في نهب الأرضاي والاموال العامة وعلى رأسهم حسني مبارك وولديه جمال وعلاء ومع هروبهم من البلاد. فلا يوجد شيء اسمه الخروج الىمن في الثورات الشعبية.
أما الأمر الذي أجده شديد الأهمية أيضا فهو أنه بات يتعين على اقطاب حركة التغيير أن يكونوا جاهزين أيضا بخطة واضحة لتحويل اجهاز الاعلام المصري المترهل الى إعلام حر، يديره العاملون فيه، وأن تتاح حرية اصدار الصحف بدون قيد أو شرط لكل من يريد، وأن ترفع الرقابة نهائيا على المطبوعات والأفلام وتتكون لجنة لتصنيف الأفلام على أساس الشرائح العمرية المختلفة، وأن يتم حل وزارة الثقافة تماما وتحويل أجهزتها المختلفة بما فيها قصور الثقافة الى مؤسسات المجتمع المدني لكي تديرها، وتشرف عليها، وتستفيد منها الاستفادة الحقيقية التي تخدم الجماهير، بعد أن ظلت منذ نشأتها تسعى الى خدمة النظام القمعي القائم في مصر منذ 58 سنة. 

الأحد، 30 يناير 2011

وقت الثورة.. ويوم الحساب

لم يعد هذا وقت السينما، بل وقت الثورة، والثورة فقط. الثورة التي ستجتاح العالم العربي كله، من تونس إلى مصر إلى اليمن إلى الجزائر ثم إلى سورية وليبيا.. وهي ليس كما قالوا لنا طويلا وكثيرا، ثورة الماضويين الانعزاليين أو الانتهازيين من رموز ما يسمى بالأحزاب السياسية القديمة التي سقطت في عفن النظام الذي صنعها، بل هي ثورة الجماهير التي يقودها المثقفون الشباب، وهي بهذا المعنى ثورة الشباب الحقيقية الأولى التي تشهدها المنطقة العربية.
ستنتصر ثورة الشباب الواعي على الدهماء والبلطجية واللصوص الذين صنتعهم الأنظمة لكي تستخدمهم ضد الحركة الديمقراطية الوطنية. وستنتصر ثورة الشباب والجماهير بلجانها الشعبية التي بدأت تعيد تنظيم الحياة، تحمي السكان، وتنظم حركة الشارع، لأنها من الناس والى الناس، وبعد ان سقطت كل مؤسسات النظام: الأمنية والسياسية وتلاشت وبعد أن فر من البلاد رموز النهب والفساد الذين يطلقون عليهم رجال الأعمال وهم النهابون واللصوص الكبار الذين لم يجدوا أفضل من اللصوص الصغار لحمايتهم فانقلب عليهم هؤلاء اليوم أيضا واقتحموا قصورهم ومنتجعاتهم.
إن السلب والنهب هو من صنع النظام. لكني على ثقة من أن الشباب الواعي العظيم الذي صنع تلك الثورة العظيمة، سينتصر على الجهل، بل وسيقهر الأوليجاركية والطغمة المستبدة التي لا تريد أن تغادر السلطة ولا أن تسلم القرار للشعب بل وتفضل أن تهدم الدولة وتغتال الشعب، كل الشعب على أن تستسلم لارادته، وهو درس لكل شعوب العالم الثالث لكي لا تراهن أبدا على أن أي طغمة استبدادية مدعومة من الغرب (لكونها تلعق أحذية ربيبة الغرب، اسرائيل ليلا ونهارا) يمكن أن تسلم السلطة طواعية، فلا يمكن لطاغية استمرأ الحكم عشرات السنين، أن يستيقظ من النوم فجأة لكي يعترف بأخطائه ويشفق على شعبه ويعترف بأن هؤلاء الناس يستحقون أن يعيشوا حياة ديمقراطية، وأن يتحرروا. فدروس التاريخ كلها تعلمنا أن مثل هؤلاء الطغاة، لا يرحلون عن مقاعد السلطة سوى بالتضحيات وبتقديم الشهداء وعبر أنهار من دماء الأبرياء بكل اسف.
لكن الدرس الآخر الذي يجب أن يترسخ في أذهاننا جميعا أن الطغاة تصنعهم ايضا أقلام أولئك الذين يروجون لهم في الصحف واجهزة الاعلام وهؤلاء يجب أيضا محاسبتهم ومحاكمتهم وجعلهم أمثولة أمام شعوبهم.. كل الذين تواطأوا أو صمتوا أو روجوا ودافعوا عن الظلم والفساد، وكتبوا في مديحه النظريات الفكرية، وكل المثقفين الذين نافقوا وزينوا الشرور لحكام الاستبداد يجب أن يدفعوا الثمن بعد ان جاء "يوم الحساب".
إن مسؤولية ما يحدث الآن في مصر من فوضى وعنف وتخريب وحرائق، هي أساسا واولا مسؤولية حاكم مستبد فرد، لا يريد أن يغادر إلا على أشلاء شعبه، وهي مسؤولية طغمة زينت له الطغيان، ومسؤولية أجهزة عجزت في النهاية حتى عن حماية نفسها، ومسؤولية مجموعة من المثقفين الانتهازيين الذين تصوروا أن وسيلتهم للصعود والحصول على المنافع تعني التخلي الكامل عن النضال وعن مجرد توجيه النقد إلى أنظمة فاسدة، بل والالتحاق للعمل في خدمتها وتلميع صورتها بشتى الطرق، وهؤلاء لا يجب أن يفلتوا من الحساب في يوم الحساب.. يوم حساب الشعوب.
أريد هنا أن أحيي السينمائيين والفنانين المصريين الذين أدركوا أن وجودهم في وسط شعبهم هو الأصل والأساس وأن التاريخ لن يرحم كل من يبيع ضميره الفني لسلطة غاشمة.
تحية صمود الى خالد الصاوي وخالد النبوي ومحمد دياب واحمد ماهر ومنى زكي وجيهان فاضل وخالد أبو النجا وعمرو واكد وعمرو سلامة وبلال فضل ويسري نصر الله وتامر حبيب وكل الذين يشاركون في انتفاضة الشعب المصري.

الأربعاء، 26 يناير 2011

أغرب مظاهرة في القاهرة داخل محطة مترو وعلى القضبان

شجاعة حقيقية أعظم من مائة فيلم

الهجوم على هند صبري



 *بقلم: منى صفوان


موقف "هند" السياسي، و الهجوم عليها، و النيل من وطنيتها، ليس دليلا على غيرة الاعلام المصري على ثورة تونس، بقدر ما هو أمر مربك بشأن هذا التعرض الشخصي لفنانه تونسية تعمل في مصر.
ربما كان على الاعلام المصري، عدم التعرض لموقف "هند" بهذه الحدة، خاصة أن موقفها السياسي كتونسية ، ليس كما يظهر في الاعلام المصري، ولكن يبدو أن هناك متربصين، كانوا بانتظار سبب لإطلاق النار.
فبالنسبة لموقفها السياسي، فهو ليس حجة قوية للاعلام المصري. فهند صبري كانت بالجرأة التي دفعتها لإعلان أسفها، لعدم قدرتها على رفض وضع اسمها ضمن قائمه المثقفين التوانسه المطالبين بتمديد ولاية بن علي، وأكدت أنها كانت جبانة، ولكنها قبل سقوط النظام كانت قد كتبت مقالا بعنوان "أوقفوا إطلاق النار" أعلنت فيه موقفا جريئاٌ مقارنة بغيرها من الفنانين والمثقفين التوانسه.
وان كانت هند مدانة فلطفي بو شناق و غيره من المثقفين التوانسه مدانون أيضا، لان أسماءهم في القائمة. و إن كانت هند جبانة، فمحمد كريشان، وبرغم انه يعمل في الجزيرة، إلا انه أثناء أحداث تونس، كتب مقالا في القدس العربي يتحدث فيه عما يدور في ساحل العاج، فوجه له اللوم، بأنه كان أولى به أن يكتب عما يحدث في بلده، فكتب بعدها مقالا بعنوان " لا تكتب عن تونس" قبل خلع بن علي، أوضح فيه أنه في غنى عن مواجهة النظام والاعلام التونسي، الذي لن ينجو منه وسيتعرض بسبب رأيه لمضايقات.
لهذا تبدو محاكمة هند غير عادلة، والاستفراد بها مقصود. ومن حقها القول: إن كنتم ستحاكمونني فحاكموا 11 مليون تونسي لأننا كلنا كنا خائفين.
وفي مصر، لا يهاجم الاعلام المصري نجوم ونجمات السينما، الذين يجاملون حسني مبارك، ومصر أكثر انفتاحا مما كانت عليه تونس.
وهند لم تعلن موقفا سياسيا مع النظام إلا أن خوفها هو النقطة، التي امسكها الاعلام . وسجلها الشخصي والمهني نظيف، بلا نقاط يمكن أن تؤخذ عليها، برغم أنها دخلت السينما، من بوابة الاداور الجريئة، كونها قادمة من ثقافة مختلفة عن الثقافة المصرية، وأكثر انفتاحا منها، لكن تجاوزت دور ممثلة الإغراء، لتكون ممثلة حقيقية، و ليست فقط مجرد مؤدية لأداور جرئيه.
ولم تتقن اللهجة المصرية فقط، بل أيضا أتقنت تجسيد دور فتاه البلد المصرية، الذي تخفق في أدائه كثير من فنانات مصر، و ينسى الذي يتابعها أنها تونسية ، فهي تفوقت على المصريات أنفسهن.
ولم تظهر في ادوار باهته، وعملت مع كبار المخرجين، ولأنها تحترم موهبتها ، فلم نراها يوما سنيده لتامر حسني أو تشترك في بطوله باهته مع احمد حلمي.
فهي بطلة منذ بدء مسيرتها في الفيلم التونسي "صمت القصور" وعمرها 14 عاما، وحصولها وقتها على جائزة أحسن ممثلة من مهرجان برلين.
هذه التونسية، الحاصلة على شهادة الماجستير في القانون، ترفد الوسط الفني بممثلة شابة واعية مثقفة، متعلمة وموهوبة .
ولكنك قد تجد الكثير مما لا يحبون هند في الوسط الفني، ويتهمونها بالغرور. و يجدون في اعتزازها بموهبتها تعاليا عليهم. وربما هذا أثار حفيظة الوسط الصحفي و الفني في مصر، التي يرفض مثقفوها أي تعال عليهم.
فتهمتها الأصلية، هي الغرور، ليس موقفها السياسي. ولكن كان في ثورة تونس فرصة للنيل منها. هند
ظلمت بقدر حجم موهبتها، ونيل الاعلام منها بهذه الطريقة الفجة، وكأنه حامي الشعب التونسي وثورته، دليل وجود سبب شخصي مستفز، كان يتحين الفرصة للظهور، وأيضا دليل تفوق هند، تفوق لم يحتمله هذا الوسط .
برغم أن "هند" هي التي جاءت لمصر، ووقعت في غرام مصر، وتحدثت بلهجة مصر، ومثلت مصر وباسم مصر، فأنستنا أنها تونسية.

* كاتبة يمنية مقيمة في مصر
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger