الجمعة، 10 ديسمبر 2010

جوائزنا عادت إلينا: مصر تحصد الجوائز الرئيسية في مهرجان القاهرة



لقطة من فيلم "الشوق" الفائز بالهرم الذهبي لأحسن فيلم
 جاءت جوائز الدورة 34 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي معلنة حصول الدولة المضيفة على معظم الجوائز الرئيسية منها الهرم الذهبي لأحسن فيلم التي لم تحصل عليها مصر طوال تاريخ المهرجان حسبما أعلم. وشخصيا لا أعرف أي شيء عن دوافع لجنة التحكيم التي منحت تلك الجوائز للسينما المصرية، ولا عن طبيعة المسابقة التي وصفها الممثل عمرو واكد في حديث صحفي بأنها هزيلة وقال انه لا يسعده الفوز في مسابقة ليست قوية اصلا. وبالتالي لا يمكنني التعليق على نتائج المسابقة والمهرجان الذي لم أحضره ولم اشاهد أيا من الأفلام الفائزة. ولكن الجوائز هي:
* جائزة الهرم الذهبى حصل عليها فيلم "الشوق" بطولة روبى وإخراج خالد الحجر وإنتاج محمد ياسين.

* فاز فيلم "ميكروفون" بجائزة أفضل فيلم عربى وهو من بطولة وإنتاج خالد أبو النجا وشارك فى الإنتاج محمد حفظى وإخراج أحمد عبد الله.

* فازت الممثلة سوسن بدر بجائزة أفضل ممثلة عن دورها فى فيلم الشوق، مناصفة مع الفرنسية إيزابيل أوبير عن فيلم كوباكابانا.

* حصل عمرو واكد على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "الأب والغريب" مناصفة مع اليساندرو جاسمان، الذى شاركه أيضا فى بطولة الفيلم الايطالي.

* جائزة ملتقى القاهرة السينمائى الدولى وقدرها 100 ألف جنيه، فاز بها سيناريو فيلم "69 ميدان المساحة"، تأليف أيتن أمين وإخراج إيهاب أيوب.

* جائزة الهرم الفضى فاز بها فيلم "وكأننى لم أكن هناك" وهو إنتاج ايرلندى مقدونى سويدى من إخراج خوانيتا ويلسون.

* جائزة أحسن مخرج: حصل عليها سفيتوساف اوفتشاروف مخرج الفيلم البلغاري"التعليق الصوتى" والذى حصل أيضا على جائزة الاتحاد الدولى للنقاد "فيبرسى" لتصويره تأثير نظام سياسى ديكتاتور على حياة أشخاص عاديين.

* جائزة أفضل سيناريو وتحمل اسم سعد الدين وهبة حصل عليها الفيلم الإيطالى "الأب والغريب" الذى شارك فى كتابته 4 من كتاب السيناريو هم جيان كارلو دى كاتالدو وجرازيانو ديانا وسيمونا لزو وريكى تونياتزى ليصبح فيلم الأب والغريب هو الأكثر حصولا على جوائز من المهرجان بعد أن حصل على جائزتين لأفضل ممثل.

* جائزة أفضل مخرج لعمل أول وتحمل اسم جائزة نجيب محفوظ حصل عليها انريج كوتكوفسكى مخرج فيلم "ولد من البحر" من بولندا.

* جائزة أفضل إبداع فنى فى الموسيقى ذهبت الى فيلم "أمير" من الفلبين.

* جائزة أفضل سيناريو لفيلم عربى وقيمتها 100 ألف جنيه مصرى مناصفة بين الفيلمين اللبنانى "رصاصة طائشة" تأليف وإخراج جورج هاشم، والفيلم العراقى "ابن بابل" إخراج محمد الدراجى.

* الجائزة الفضية لأفضل فيلم فى مسابقة الأفلام الروائية الرقمية "الديجيتال" وقدرها 6 آلاف دولار أمريكى فيلم "إيمانى" من أوغندا في حين حصل على الجائزة الذهبية وقدرها 10 آلاف دولار أمريكى فيلم "جوى" من هولندا.

وقدم المهرجان شهادة تقدير خاصة من لجنة التحكيم الدولية إلى فيلم "الجامع" إخراج داوود أولاد سياد، وأخرى إلى الممثلة التونسية هند الفاهم عن فيلم "آخر ديسمبر".

الاثنين، 6 ديسمبر 2010

"إجري.. يا لولا.. إجري" على خطوتك الأولى أن تكون صحيحة

بقلم: منى صفوان


(يسعدني أن أستضيف هنا الصحفية والكاتبة اليمنية الصديقة منى صفوان المقيمة في القاهرة، في مقال يعكس رؤيتها الخاصة حول الفيلم الألماني "إجرى يالولا.. إجري"، وهو مقال جيد مكتوب باخلاص وبإحساس خاص بروح الفيلم)

بامكانك ان تغير قدرك المحتوم، حتى لو كان هذا القدر هو الموت المحقق، موتك أنت او موت من تحب. هذه عبارة الخلاصة لفيلم يقيس بضع دقائق في حياة "لولا" و حبيبها "ماني"، بطريقة يمكنها ان تعيد صياغة هذه الحياة.
فالمخرج الذي ابتكر طريقة المقارنة بين ثلاثة احداث، يمكنها ان تحدث لشخص واحد، ارسل رسالة سهلة، تقول انك لو فعلت كذا لحدث لك كذا.
الفيلم الالماني "إجري.. يا لولا.. إجري" Run Lola Run هو قصة الشابة التي يقع حبيبها في مأزق مع رئيس عصابته، لأن عليه أن يسلمه 100 الف مارك كان قد سرقها، ثم نساها في عربة المترو، و قبل مغادرته للعربة يرى حقيبة المال في متناول يد متشرد، فيأخذها بالفعل.
الفيلم يبدأ باتصال يأتي إلى "لولا" من حبيبها " ماني" يحكي لها كل ما سبق، وعلى "لولا" الآن ان تساعد حبيبها، قبل ان يأتي وقت التسليم، وان لم تفعل سيضطر لسرقة المحل الذي امامه، و يعرض نفسه لتهمه اخرى، الان خلال دقائق ربما هي اقل من المفترض، على الفتاة ان توفر مبلغ 100 الف مارك لانقاذ حياة حبيبها و كل ما تفكر فيه الان هو من الذي تذهب اليه!
ومن هنا يبدأ جري "لولا " بكل قوتها لتصل لهدفها. الفيلم اعمق من ان يشرح، لكنه ببساطة فكرته، يعرض ثلاث محاولات لها، بطريقة اخراجية مختلفة، فلو فعلت كذا سيحصل لها كذا ، ففي المرة الاولى تكون النتيجة ان تقتل هي، و في المره الثانية يقتل حبيبها، اما في المرة الثالثة فتحصل على المال و بطريقة مشروعة، وفي نفس الوقت يجد حبيبها الرجل المتشرد و يسلم المبلغ في موعده و بذلك يكونان بأمان و بحوزتهما 100 الف مارك اخرى، هذه النهاية النموذجية للقصة.
وهي نهاية لا تحصل عليها "لولا" الا بعد تكريس فكرة واحدة، هي : ان على خطوتك الاولى أن تكون صحيحة، وأنك ان اجتزت العقبة الاولى ستصل بسرعه، ، وليس عليك سوى أن تجري، و الأمور هي التي ستقود نفسها.
الامر تماما كلعبة الدومينو التي اظهرها المخرج في لقطه ذكية و خفيفة في بداية الفيلم، ثم اختفت في الاعادات التالية للاحداث.
لعبة الدومينو المشهورة، تعتمد على سقوط القطعة الاولى، ثم من بعدها تسقط كل القطع تباعا في مسار واحد له فروع، الفروع في الفيلم كانت هي قصص الاشخاص الذين تلقاهم"لولا" صدفه اثناء جريها، و ما الذي يحدث لهم بمجرد ان تجري الى جوارهم، و كيف تتغير حياتهم للأحسن او للأسوأ بحسب الانطلاقة التي تبدأها " لولا".
قطع الدومينو المتساقطه تسقط بسرعه تضاهيها سرعة "لولا" ، الفيلم ينفذ سريعا اليك، و يوجه لك رسائل قوية، متلاحقة، ويوضح كل شيء لك مع مرور الوقت، فمتى على "لولا" استخدام قوتها و حماسها و صراخها، متى عليها ان تقامر، و ما الذي عليها ان تفعله والذي يجب أن تتجنبه.
لقد حصلت على المال مرة حين هددت والدها مدير البنك، واستولت على المبلغ.
ومرة ساعدت حبيبها " ماني" في سرقة المتجر و قتل الشرطي، الذي يحرسه. القتل والسرقة طريقتان، كلاهما منبوذ لتحقيق الهدف، نتيجتها ان تقتل هي في احدها، و يقتل حبيبها في المره الثانية.
لكن حين تدخل دون سابق تفكير الى كازينو قمار و تقامر لتفوز، وهي ليست عضوا في هذا النادي و ليست من رواده، و ليس مرحبا بها، انها الغريبة على هذا العالم الذي ليست جزءا منه لكنها تريد منه شيئا، وكل ما يهمها ان تفوز بالملبغ دون ان تقتل او تسرق، الفيلم لا يعطي للقمار قيمة اخلاقية، بقدر ما يظهر مشهد القمار والكازينو برمته. انه لوحة سريالية ويغنيه بكثير من الرموز ليوصل فكرته، بأن الحياة هي مغامرة و مقامرة، ومهما كان اعتراض من حولك على قدرتك او حماسهم لهدفك، و مهما كان استيائهم لوجودك وهذا ما حدث لها في الكازينو، ولأنك الغريب عنهم ولست منهم ، فهذا لم يهز " لولا" التي غادرت الكازينو وسط ذهولهم، ومعها ال 100 الف مارك .
انها ذاتها طريقة قطع الدومينو التي بسقوطها تحرك كل مرة ففي الوقت الذي ساقت فيه الاقدار المتشرد في طريق حبيبها، ليسترد منه المبلغ و بسهوله، اما كيف وصل المتشرد للمكان الذي يقف فيه حبيب "لولا" في انتظارها، فهذه هي حكمة الفيلم. وتسقط قطع اخرى في جهات مختلفة، و مفترقة عن بعضها، لتصل كلها لنقطة و احدة بعد ذلك.
فحين كان على " لولا" ان تسير في طريق معين هذ المرة غير الطريق الذي كانت تسلكه كل مرة، لا تخترق صفوف الراهبات، فتسير الى جوارهن. و تصطدم بالشاب على الدراجة الذي كان في كل مرة يضايقها، و هذه المرة يصمت و يغير مساره و يقف في محل لشرب القهوة، مصادفا المتشرد الذي يشتري منه الدراجة، فيسير بها باتجاه المكان الذي ينتظر فيه حبيب " لولا" ، التي بدورها بدلا من ان تعرقل سيارة الاسعاف التي تصطدم بلوح زجاجي يحمله العمال على الطريق، تختار هذه المره ان تصعد الى سيارة الاسعاف فتجد الممرض يحاول انقاذ حياة رجل يمد لها يده، وتمد له يدها، وكانها جاءت لتكون الى جواره، فتنتظم دقات قلب المريض و تنقذ حياته. ... هكذا تسقط قطع الدومينو تباعا بترتيب لتصل لهدف واحد...
الآن ... تنزل "لولا" من سيارة الاسعاف و تجد " ماني" ينزل من سيارة رجل العصابة و قد سلمه حقيبة المال و يجري باتجاه حبيبته سعيدا، بينما هي تقف في ذهول صامت.
و حين يمشيان معا في طريق العودة يسألها.." ما هذا الكيس الذي في يدك؟".
تلتفت اليه و تصمت، نعرف نحن ان في الكيس المبلغ الذي كان يبحث عنه وهو ملكهما الآن، و بذلك تصلنا الحكمة التي اردها هذا المخرج من فيلمه، الذي عليه ان ينتهي هنا، وفعلا يفعل، لنلمح لماذا اخرجه بهذه الطريقه المتسارعة الايقاع.
لقد دمج المخرج بين رسوم الكارتون وبين الأحداث، و الصق اكثر من صورة في كادر واحد، واعتمد على تلاحق الصور وتقطيعاتها، في اكثر من موقف حتى لا يسترسل فيه، ووظف الموسيقى في مكانها، اما ليعبر عن موقف مسترخي في حدث يبدو مشدود الاعصاب، أو عن علاقة حميمة جدا بين الشابين في استخدام الضوء الأحمر ليعطي مبررا لجري "لولا" طول الفيلم، لانقاذ حبيبها، دون ان يغوص في تفاصيل علاقة عاطفية او مشاهد حميمية.
انها قصة حب ولكن بشكل مختلف تماما، و فيلم سريع الايقاع لا يسرف في لقطاته، ولا يخل بها .
يبقى الفيلم خفيفا و ساحرا ، ومحافظا على ايقاعه السريع برغم انه يقارب الساعتين، و يعطي بعدا للسينما الالمانية التي أعيدت لها الروح بهذا الفيلم، بعد توقف مربك لها .
فهذا الفيلم الالماني الذي حصد جائزة الاوسكار عن احسن فيلم اجنبي، العام الفائت، اعاد الاحداث ثلاث مرات كل مره يستخدم زاوية مختلفة للكاميرا، وعدسة مختلفة، لحدث واحد بحركة تؤكد ان زواية النظر او التعامل مع حدث واحد يمكنها ان تختلف وان تحدث نتيجه مختلفة .
الفيلم، عرضه الاسبوع الماضي "نادي السينما" في المسرح المكشوف لاوبرا القاهرة ، و نال اهتمام النقاد و الصحفيين، وخلال الندوة التي اعقبت الفيلم و ادارها الناقد رفيق الصبان كان واضحا ان نجوم الفيلم، هم الفكرة و المونتاج وانه فيلم اخراج من الدرجة الاولى، لا يعظم الأداء التمثلي المبهر، فهو لا يعتمد على تعبير الممثلين او نجوميتهم بل على طريقة عرض الاحداث.
من شاهد الفكرة، كان معجبا بسيناريو ستيف كلوفيكس الخفيف واجتمعت الاراء حول فلسفة عبثية الاقدار التي يمكن التحكم بها، كما تحكم المخرج الكبير ديفيد ياتس في فيلمه وأعاد الاحداث ثلاث مرات ليوصل الفكرة، وجعل بطلة فيلمه " فرانكا بو تنيتا" تجري دون توقف.. لتقطع كل هذه المسافه... جريا.

الجمعة، 3 ديسمبر 2010

كلمات ساخنة: على هامش هذا المهرجان


ادعاء رعاية الفنون تمثيلا لسلطة مفلسة

* أفضل ما يمكن أن يفعله وزير الحظيرة (وهذا هو الإسم الذي نعتمده في هذا الموقع لفاروق حسني الذي يجثم على صدر وزارة الثقافة في مصر) هو ان يترك مهرجان القاهرة السينمائي وشأنه، ويبتعد تماما عن الظهور في حفلي الافتتاح والختام لكي لا يسيء إلى سمعة هذا المهرجان الذي يعاني منذ سنوات بعيدة من سوء السمعة على أي حال، بسبب التدخلات الإدارية، والصبغة الرسمية التي تضفيها الدولة عليه قسرا، ويكتفي فقط بظهور عمر الشريف كرئيس شرف للمهرجان، وإعفاء الممثل نصف المغمور نصف المعروف، عزت أبو عوف، من مهمة تبدو أوسع كثيرا منه ومن قدراته ومعارفه، وإلغاء منصب نائب رئيس المهرجان، وهو منصب مبتدع لا مثيل له في العالم، الذي تحتله "امرأة من الصفيح الصديء" تدعى سهير عبد القادر، وصرف الست سهير إلى البيت حتى تتمكن من قضاء وقت أطول من أسرتها التي حرمت منها ومن تميزها في فنون طهي الطعام.

* المخرج الصديق ابراهيم البطوط يقترح إغلاق حي كامل من أحياء القاهرة على المهرجان كطريقة لجعله أكثر حيوية، كان
تغلق منطقة وسط القاهرة مثلا أمام حركة المواصلات وتصبح منطقة مخصصة للمهرجان فقط وبؤرة لتجمع عشاق السينما، بحيث تظهر أجواء المهرجان فيها، وهو ما يؤكد رؤيتي الشخصية الثابتة في ان مهرجانات المدن الكبرى أقل نجاحا من مهرجانات المدن الصغيرة أو المنتجعات مثل كان وفينيسيا- الليدو، وكارلو فيفاري وغيرها، ولكن ياعزيزي ابراهيم أنت تعرف جيدا أن السلطة "الفاشية" لا يمكن ان تسمح بهذا، فقد دمرت ميادين وساحات القاهرة وقضت على المساحات الخضراء التي كانت تميزها، لكي تحول بينها وبين أن تصبح مناطق لتجمع الشباب، وحولتها إلى مجرد أشكال تفتقر للجمال وتخدم فقط وسيلة تسيير السيارات، ووضعت على جانبيها المتاريس تحسبا لأي هبة جماهيرية، ووضعت أسرابا من سيارات الأمن المركزي بجوار المتحف المصري مثلا لترويع الجماهير، بل وجعلت منطقة المتحف بأسرها ثكنة عسكرية. وليس من المتصور أن يقوم نظام عسكري تافه يكره الجمال ويعادي الثقافة بتفريغ جزء من العاصمة من السيارات (وسيارات الأمن المركزي أيضا!) لكي ينعم الناس بالثقافة والفن!
قبح البلاستيك
* أكثر ما لفت نظري في الكلمة التي ألقتها الممثلة الفرنسية الموهوبة جوليت بينوش عند ظهورها في حفل الافتتاح تجاهلها للسينما والمهرجان والبشر ولكل ما لا صلة بمصر المعاصرة، وعدم توجهها بالشكر لأي من المسؤولين الرسميين الذين يفرضون أنفسهم على المهرجان فيسيؤون إلى سمعته أكثر ويجعلونه مهرجانا "لعساكر الفكر"، بل تحدثت فقط عن إعجابها بشعار المهرجان أي بتمثال نفرتيتي، أي أنها مرة أخرى، لخصت مصر في الماضي الذي كان، في ملكة فرعونية لا ينتمي لها بكل تأكيد، عساكر التتار الذي يحكمون قبضتهم بشكل غير شرعي على السلطة في مصر منذ ستين عاما، ويديرون كل شيء فيها بما في ذلك شؤون الثقافة، معتمدين في ذلك على بعض أزلامهم وصنائعهم من المتثاقفين. ومن ينظر إلى تلك "الشريحة" ممن يدعون أنفسم وأنفسهن "فنانين" في حفل الافتتاح لا يشعر سوى بالخجل وبالعار، تماما كما هو إحساسك وأن ترى أن رئيس اتحاد نقابات الفنانين سبق أن صدر ضده حكم في جريمة مخلة بالشرف!

الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

لعنة الحياة الطويلة: الميتة التراجيدية لماريو مونتشيللي

عاش المخرج الإيطالي العظيم ماريو مونتشيلي 95 عاما (من مواليد 1915). وأنهى حياته بالانتحار مساء الإثنين بعد ان ألقى بنفسه من شرفة في مستشفى بروما كان يعالج به من مرض سرطان البروستاتا.
وهكذا لقي مونتشيللي مصير والده الذي أنهى حياته بالانتحار عام 1946.
مونتشيللي صاحب الأفلام البديعة التي وضعت السينما الإيطالية على خريطة السينما في العالم ربما أكثر من أي مخرج سينمائي آخر في ايطاليا، لاشك أنه كان يعاني من تلك اللعنة التي يصاب بها البعض عندما يعيشون حياة طويلة ممتدة ولكن بلا أمل في استعادة القدرة على الإبداع، على العمل، وعلى الحركة كما كانوا وهم يتمتعون بالصحة والعافية. ولاشك أن الاكتئاب وراء الدافع إلى انتحار مونتشيللو، وإحساسه بالأسى على مصيره الشخصي وعلى ما حل بالعالم من حوله، وهو مصير مشابه، لمصير الكاتب الياباني الكبير كاواباتا (حائز جائزة بول في الآداب عام 1968) الذي انتحر عام 1972.
حصل مونتشيللي على جائزة الأسد الذهبي من مهرجان فينيسيا السينمائي عن مجمل أعماله عام 1990، كما رشح للأوسكار عن فيلم "صفقة كبرى في شارع مادورنا" الذي اقتبسه لوي مال في فيلم Crackers عام 1986، وتحول بعدها الى مسرحية موسيقية أيضا قدمت في برودواي، ثم بوب فوس في فيلم "الصفقة الكبرى" عام 1986.
كرمه مهرجان فينيسيا في 2009 عندما عرض فيلمه الكلاسيكي الكبير "الحرب العظمى" (1959) في اليوم السابق للافتتاح الرسمي، وهذا يعد إحدى التحف التي أخرجها مونتشيلي والذي جاء الى المهرجان وهو في الرابعة والتسعين من عمره، لحضور عرض فيلمه الذي تمكنت ستديوهات مدينة السينما في روما من استعادته وانقاذ الأجزاء التالفة منه، بمساعدة مصوره العظيم جيوسيبي روتونو الذي تمكن بفضل التقنيات الحديثة في مدينة السينما، كما استعادت الطابع الخاص لمشاهده ولقطاه، والرونق القديم الساحر للتصوير بالأبيض والأسود.
وكان هذا الفيلم، الذي يقوم بدوري البطولة فيه ألبرتو سوردي وفيتوريو جاسمان، قد حصل مناصفة، على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا 1959 مناصفة مع فيلم "الجنرال فيلا روفييري" للمخرج الكبيرالراحل روبرتو روسيلليني الذي يعد رائد الواقعية الجديدة في السينما الايطالية.
مونتشيللي الذي قدم الكثير من كبار نجوم السينما الايطالية مثل فيتوريو جاسمان وتوتو ومارشيللو ماستروياني وكلاوديا كاردينالي، وقدم اجمل الكوميديات، كان أيضا متمردا عظيما على النظام السياسي العتيق في بلاده. وكان دائم السخرية والهجوم على رئيس الحكومة الايطالية بيرلسكوني في السنوات الأأخيرة، كما قام بتحريض الطلاب العام الماضي على التمرد ضد اللوائح الجديدة للتعليم.
وكان آخر أفلامه فيلم "أزهار الصحراء" عام 2006.
ولاشك أن مونتشيللي الذي لم يستطع البقاء على قيد الحياة عاجزا بفعل المرض، عن الإبداع، مفضلا أن يأخذ حياته بيده، قد نقش اسمه بحروف من الذهب في تاريخ السينما إيطاليا والعالم.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger