الأحد، 23 مايو 2010

يوميات كان 11: في انتظار إسدال الستار

من فيلم "عام آخر" لمايك لي

انتهت عروض مسابقة مهرجان كان السينمائي الثالث والستين. الختام اليوم الأحد، بفيلم فرنسي بعنوان "الشجرة" ليس له مستوى يذكر (إقرأ تعليقي على الفيلم في العمود الأيمن).
العروض الأخيرة في المسابقة كانت مثيرة للاستياء ومنها الفيلم التايلاندي "العم الذي يمكنه أن يتذكر ماضيه"، والفيلم المجري "مشروع فرانكنشتاين". وجاء فيلم "الحياة قبل كل شيء" من جنوب افريقيا لكي يعوض رداءة أفلام المسابقة بشكل عام، وهو عمل بسيط وبديع، تتألق فيه طفلة في السادسة عشرة من عمرها في الأداء بدرجة مثيرة للإعجاب، كما يعد الفيلم، الذي يروى دراما تدور في قرية انتشر فيها مرض الإيدز، من أكثر الأفلام شجاعة في تناول هذا الموضوع والتحذير من خطورة تفشي المرض اللعين، مع تصويره بروح نقدية ساخرة، كيف يغرض سكان القرية في الخرافة، ويعتبرون أيضا أنه ينبغي التخلص من المصابين بالمرض، بل ويشعرون بالعار من مجرد أن يوجد مصاب به في الأسرة، ومن ثم ينبذونه بل ويستبعدونه من المجتمع تماما. وفي مقابل ذلك تأتي هذه الفتاة الصغيرة المتعلمة المتفتحة ذهنيا، لكي تتحدى تلك القيم والتقاليد والعادات المتخلفة (التي لا تزال ترتبط بالسحر والشعوذة وطرد الثعابين من البيوت بالاستعانة بالحواة..إلخ).
المؤكد أيضا أن ختامها مسك كما يقولون، فقد كان آخر أفلام المسابقة وهو الفيلم الروسي "حرقته الشمس 2" لنيكيتا ميخالكوف، عملا مبدعا يسعى مخرجه إلى استكمال ما بدأه في فيلمه الأول عن الموضوع نفسه قبل 14 عاما بنفس أبطاله بعد أن كبروا وامتدت الأحداث لتنتقل من فترة التصفيات الستالينية المرعبة في الثلاثينيات، إلى بداية الأربعينيات ثم الاجتياح الألماني للاتحاد السوفيتي في إطار توسع نطاق الحرب العالمية الثانية.
فيلم بديع، فيه الكثير من الإبهار والمشاهد الكبيرة التي تستخدم فيها مجاميع هائلة من الممثلين الكومبارس، بما لا يقل عن أي فيلم من هوليوود. وربما يجد فيه كثيرون بعض المبالغات، وربما توجه انتقادات إلى مخرجه بتمتعه بدعم الدولة بسبب قربه من السلطة، لكن هذا كله يظل خارج الفيلم الذي استمتعت به كثيرا واجده أيضا جديرا بإحدى الجوائز المهمة.
ويبقى بالطبع فيلم "عن البشر والآلهة" الفرنسي الذي تدور أحداثه في الجزائر في التسعينيات (يستحق كما أشرت من قبل مقالا خاصا)، ويتناول قصة الرهبان الكاثوليك الفرنسيين الذين اختطفتهم الجماعة الإسلامية المسلحة وقيل إنها قتلتهم، وفيلم البريطاني مايك لي "عام آخر" الذي يعد استمرارا لنوع الأفلام الاجتماعية التي تقدم لنا مجتمع الطبقة الوسطى الانجليزية من الداخل، باحباطاتها وأحزانها التي تختلط بالسعادة والنجاح والتحقق. وقد ينال الفيلم السعفة الذهبية خصوصا وأن من أبرز عناصره التمثيل، ولا ننسى أن هناك 4 من أعضاء لجنة التحكيم من الممثلين والممثلات!

والفيلمان (عام آخر، وعن البشر والآلهة) على رأس الأفلام المرشحة لنيل السعفة الذهبية. وهناك كثير من النقاد أيضا يرشحون الفيلم الكوري "الشعر" الذي رأيته فيلما أدبيا مثيرا للملل، ولم ألمح فيه تلك الأجواء الخاصة الشاعرية التي أثارت إعجاب البعض، ولكن، كما قلت من قبل، هذه مسألة ثقافة وتكوين وأذواق، هي التي تحكم اختيارات وتفضيلات ناقد عن غيره، والاتفاق ليس واردا كشرط لاستقامة عملية النقد كما يتخيل البعض، بل إن الاختلاف مطلوب لكي نرى الأشياء من زواياها وخلفياتها المختلفة. ولعل من ميزات التواجد في كان، ما يدور يوميا من حوارات بين النقاد الحاضرين، من بلدان وثقافات مختلفة، مما يثري المعرفة بشكل عام.

عباس كياروستامي

ويرى البعض هنا أيضا أن فيلم "نسخة موثقة" لعباس كياروستامي قد يستحق الحصول على السعفة الذهبية، أو أنه كما يرى، قد يحصل عليها ليس لأنه يستحقها، بل لأنه تدشين رسمي لتدجين كياروستامي "الأوروبي" أي بداية الطريق لصنعه أفلام "غير إيرانية" ناطقة بالإنجليزية والفرنسية، وإخراجه بالتالي من عالمه الخاص. وإن كان نقاد فرنسا تحديدا، يهيمون حبا بأسلوب ولغة كياروستامي ويبالغون كثيرا في تفسير خواء أفلامه وفراغها، وجنوحها إلى التجريد، وافتقادها المرعب إلى روح السخرية والمرح، وتركيزها على "الريفي" و"البدوي"، وابتعادها المتعمد، عن تناول أي مشاكل اجتماعية قائمة، وتغييبها المرأة على نحو ما، بحيث يمكن أن نقول إن كياروستامي هو المسؤول عن تيار الالتفاف على الرقابة، وصنع تلك "السينما المحجبة" التي يعتبرها نقاد فرنسا والغرب عموما، معادلا لسينما "الآخر" الغريب، الإسلامي، الذي لا يمكن أن نفهمه أبضا بموجب قوانين المجتمع الحديثة بل يجب أن نخترع له قوانين خاصة.. وسأتناول هذه الأسطورة في مقال تفصيلي فيما بعد.

رشيد بوشارب


فيلم "الطريق الأيرلندي" البريطاني لكن لوتش عن العراق وشركات الأمن الخاصة يرشحه البعض هنا أيضا لنيل جائزة لا أرى في الحقيقة أنه يستحقها، بل كما قلت من قبل، أرى أنه أسوأ أفلام مخرجه السياسية حتى الآن. ويعكس تراجعا في الفكر والخيال، بل إن هناك من يرى أيضا أنه يبرر العمليات الإرهابية الانتحارية على نحو ما. لكن حكمي عليه مبني على أسس فنية وسينمائية محض وليس على رؤيته السياسية.
ومن الممكن جدا أن يحصل الفيلم الاسباني "جميل" لمخرج المكسيكي أليخاندرو جونزاليس ايناريتو على السعفة الذهبية التي يرى البعض أنه كان يستحقها قبل 4 سنوات عن فيلمه الشهير "بابل". ولاشك في جمال فيلمه الجديد (الذي أجلت كتابتي عنه) لكنه ليس بمستوى أفلامه البديعة السابقة مثل "أمروس بيروس" و"21 جراما" و"بابل".
أيا كان الأمر، سيتوقف الجدل بعد إعلان الجوائز في حفل يقام مساء اليوم، وبعد أن تعلن لجنة التحكيم أسماء الأفلام الفائزة، وأتوقع مسبقا، حدوث بعض المفاجآت، كما تعودنا في كان كثيرا، فليس كل ما يرشحه الناقد من أفلام، تكون عادة هي الأفلام التي تفوز بالجوائز كما حدث في السنوات الماضية، بل يمكن أن يحصل على السعفة الذهبية أي فيلم من الأفلام لـ19 التي جاهد تييري فريمو، المدير الفني للمهرجان، من أجل الحصول عليها. لا أعرف لماذا هذا الجهاد كله في الحقيقة، رغم توفر أفلام أخرى كثيرة خارج المسابقة، أفضل من كثير مما عرض في المسابقة، منها "أورورا الروماني، و"الحياة قبل كل شيء" من جنوب افريقيا مثلا.
قلت من قبل إن فيلم "الخارجون عن القانون" للمخرج رشيد بوشارب، جاء مخيبا للآمال، وليس معنى وجود رد فعل عنيف من جانب اليمين واليمين الفرنسي المتطرف ضد الفيلم، أن الفيلم صائب، أو أنه عمل جدير بالتأييد، فكما قلت، التقييم والحكم يتم هنا على أسس سينمائية تتعلق بالصياغة والتجسيد وبناء الفيلم وكيفية تقديمه لنا في صور ومشاهد، ومن حيث المضمون، لا مجال أصلا للمقارنة بأي شكل، بين ما يقوله المستعمرون السابقون الذين يبررون ما ارتكبوه من مذابح بحق الشعب الجزائري، وبين موقف الضحايا الذين تعرضوا لاستعمار استيطاني أراد محو الهوبة بالكامل، ولم يكن ممكنا أن يخرج سوى بالعنف. أما تجسيد الموضوع في السينما، فهو موضوع آخر سنتاوله تفصيلا فيما بعد أن تهدأ الضجة.

السبت، 22 مايو 2010

يوميات كان 10:"حياتنا" وحياة الآخرين!

الفيلم الإيطالي "حياتنا" La Nostra Vita (هناك لعب واضح في العنوان على فيلم فيلليني LA Doce Vita) من الأفلام "البريئة"، والبسيطة الجميلة القليلة في المسابقة. وهو ليس عملا عظيما أو تحفة خالدة، بل فيلم متماسك، يمكنك بالتأكيد، متابعته حتى النهاية باهتمام وترقب وتعاطف أيضا مع أبطاله جمعا، الصالح منهم والطالح.
مخرج الفيلم (وهو نفسه مؤلفه) هو دانييل لوشيتي، الذي أخرج حتى الآن 11 فيلما أشهرها "يحدث غدا" (1991)، و"شقيقي هو الإبن الوحيد".
وفيلم "حياتنا" يروي ببساطة ولكن حساسية خاصة وكثير من التلقائية في الأداء، والبراعة في الصورة والإخراج، كيف تتداخل مصائر الأفراد، وتتشابك وتتعقد، ثم تنفرج في النهاية، وكيف يمكن أن يفاجأ الإنسان وهو بعد في منتصف الطريق، بفقدانه زوجته الشابة الجميلة المتألقة بالحيوية والحياة، التي يختطفها الموت وهي تضع مولودا ثالث، لكي تترك الزوج الشاب/ الأب، وحوله ثلاثة من الأطفال في حاجة إلى رعاية، وهو أيضا لايزال يتلمس طريقه في دنيا المقاولات وبناء المساكن.
صحيح أن الأسرة موجودة: الشقيق والشقيق، كلاهما يساعدان بطلنا ويقفان إلى جواره في محنته الأسرية الشخصية، والمالية أيضا بعد أن تتكالب عليه الديون ولا يعرف كيف يدفع أجور عمال البناء من المهاجرين غير الشرعيين رغم تدني أجورهم. كيف ينتقل إلى علاقة أخرى لكي تستمر الحياة، وكيف ينتقل البطل بصعوبة ومشقة من الطبقة العاملة إلى طبقة المقاولين الصغار، وما هو وضع المهاجرين الأجانب الذين عندما يسقط أحدهم ويلقى مصرعه، يصبح الأمر كأن لم يكن، فليس من الممكن إبلاغ السلطات بالحادث، وإلا ترتبت على ذلك نتائج خطيرة.
ولكن الصحيح أيضا أن المرء لا يمكنه أن يعتمد فقط دائما على الآخرين بل يتعين عليه أن يساعد نفسه.
البناء في الفيلم تقليدي، يعتمد على تفجير أزمة البطل، ولكن بحسابات أخرى غير حسابات الفيلم الدرامي الأمريكي التقليدي الذي يسير في تصاعد محسوب نحو ذروة ما قبل أن تنفك ونصل إلى الحل.
الفيلم يصور العلاقة بين الأبناء والآباء، بين الأب الغائب، والإبن الذي جاء للبحث عن أب بعد أن نما وشب وأصبحت له حياته الخاصة. والمرأة الوحيدة الأجنبية (من رومانيا) التي تبحث عن الأمان في مجتمع إيطاليا الغريب عليها، وتريد أن ترى أيضا ابنها من علاقتها غير الشرعية بأبيه الراحل، وقد عثر على طريق واضح، يسلكه في الحياة يجنبه شر ما حل بأبيه.
كل هذه العلاقات، التي نراها من خلال ثلاث أسر عادية، تعيش مفارقات ومتاعب الحياة العادية اليومية، بكل ما فيه من لحظات سعادة ولحظات شقاء، يتمكن المخرج- المؤلف، من استدراجنا داخلها حتى نجد أنفسنا وقد أصبحنا مشغولين بما يواجهه الأبطال من معاناة أو مشاكل، نشترك معهم في التفكير في طريقة لحل هذه المشاكل، لكن كلنا ثقة بأن الحياة، حياتهم وحياتنا، قادرة دوما، على الاستمرار إلى الأمام. فهي لن تتوقف أبدا.
أدء طبيعي يهز النفس، من مجموعة الممثلين والممثلات الذين تبدو الأدوار وقد صنعت من أجلهم، وتبدو "الكيمياء" التي تربط بينهم، تلعب دورا بارزا في إضفاء الحيوية والانسجام على الفيلم. وإخراج واقعي مشبع بنزعة رومانسية، لا تخلو من المرح رقم قتامة الواقع وتصلبه أحيانا. كما يحدث دائما أيضا في "حياتنا".
تحكم جيد في الإيقاع، وفي النغمات اللونية للصورة، والاختيار الممتاز لمواقع التصوير الخارجي، والموسيقى التي تضفي على الفيلم حياة وتكسبه روحا وتجعله يشع بالأمل رغم كل الاحباطات.
بعيدا عن التصنع والافتعال والضجيج والأسماء الكبيرة، أمنحه شخصيا جائز أحس إخراج.

الجمعة، 21 مايو 2010

يوميات كان 9: العراق والطريق إلى جهنم!

اليوم كان يوم العراق في مهرجان كان السينمائي. فيلمان يتناولان موضوع العراق بشكل مباشر وغير مباشر عرضا داخل مسابقة المهرجان.
الأول الفيلم الأمريكي الوحيد في المسابقة "لعبة عادلة" Fair Game للمخرج دوج ليمان Doug Liman بطولة نعومي واطس (فيلمها الثاني في مسابقة كان) وشون بن.
والفيلم الثاني هو الفيلم البريطاني المنتظر "الطريق الأيرلندي" Route Irish لكن لوتش (حائز السعف الذهبية عن "الريح التي تهز الشعير" (2006).
الفيلم الأول "لعبة عادلة" هو فيلم تقليدي ينحو إلى الإثارة بدون نجاح، بسبب تقليديته واحتوائه على الكثير جدا من التفاصيل (المعروفة سلفا لكل من يتابع الأخبار).
إنه فيلم آخر من تلك الأفلام ذات النظرة "الليبرالية" التي تخرج من هوليوود، وكأنها تسعى إلى غسل عار ما يطهى داخل مطبخ السياسة الأمريكية في واشنطن، أو وكأن الجرح العراقي الذي ينزف يوميا بسبب سياسات واشنطن، يمكن تطهيره في هوليوود!
الموضوع يدور حول عميلة المخابرات الأمريكية فاليري بلام (نعومي واطس) التي كشفت السلطات الأمريكية أمرها وحقيقة كونها جاسوسة تعمل في المناطق الخطرة في حين أنها كانت لاتزال تعمل تحت غطاء يخفي شخصيتها الحقيقية. والسبب: أن زوجها، جوزيف ويلسون، الذي ذهب بطلب من السي اي إيه، إلى النيجر للتحري عن حقيقة بيع شحنات من اليورانيوم إلى العراق، وعاد لكي يكشف زيف ادعاءات الرئيس بوش (الإبن) وإدارته خصوصا بعد أن قدم وزير خارجية بوش وقتها كولن باول، صورا لشاحنات زرقاء قال إنها استخدمت في نقل اليورانيوم أثناء خطابه أمام مجلس الأمن واتخذت تلك الذريعة (مع غيرها) مبررا لضرب العراق في 2003، بدعوى أنه يمتلك بالفعل "أسلحة دمار شامل"، وهو الادعاء الذي ثبت زيفه.

ولعل مما يفقد الفيلم الكثير من المتعة والإثارة بل والاهتمام أيضا، أنه يبدو مخلصا تماما لما ورد عن الموضوع في "الأخبار" أي أنه يسير كما يقال، "على الكتاب"، لا يتجاوز المادة الغزيرة المتوفرة حول الموضوع، مع الدخول في تفاصيل كثيرة تتعلق بعلاقة فاليري بزوجها، وما تتلقاه من تهديدات مباشرة من أعلى السلطات، لإقناع زوجها بالكف عن الظهور الإعلامي ووقف حملته ضد السياسة الأمريكية في العراق، وكيف تهتز علاقة فاليري بزوجها بسبب تشبثه وعناده وإيمانه المطلق بعدالة قضيته، إلى أن تنتهي فاليري إلى الوقوف في صفه تماما، والتقدم بشهادتها أمام الكونجرس، في حين يواصل زوجها الدبلوماسي السابق، المحاضرة في الجامعات ومراكز الأبحاث والظهور الإعلامي.
ولاشك أن أداء شون بن يبدو واثقا ويعكس حنكة وخبرة، خصوصا وأن الشخصية التي يقوم بها تروق له وتتسق مع قناعاته السياسية الشخصية. لكن طابع الفيلم المثير يبدو مفقودا بسبب غلبة الحوار، والرغبة في تقديم صورة لما يقع على الجانب الآخر نتيجة حماقة السياسة الأمريكية في العراق بعد الغزو عندما يتعرض الفيلم بشكل مباشر إلى اختفاء علماء الذرة الامريكيين رغم تعهد أمريكي سري بحمايتهم ونقلهم إلى الولايات المتحدة، بل وهناك أيضا ذكر لدور "الموساد" في هذا المجال، وهي شجاعة لاشك فيها من فيلم هوليوودي.
ويعبر شون بن في الكثير من مشاهد الفيلم عن احتجاجه على السياسة الرسمية عن طريق الخطب الرنانة، والكلمات التي تتضمن الكثير من البلاغة اللفظية، والتي تنتهي في النهاية باالتعبير النمطي المألوف "بارك الله في أمريكا"!
جدير بالذكر أن الممثل المصري خالد النبوي يلعب بكفاءة، دور عالم عراقي يعمل في وكالة الأبحاث النووية، تحاول فاليري الحصول منه على معلومات عن البرنامج النووي العراقي، بأن ترسل إليه في بغداد، شقيقته، وهي طبيبة مقيمة في الولايات المتحدة، فيقول لها مرارا وتكرارا، إن الأمريكيين لاشك أنهم يعلموا أن هذا البرنامج قد دمر بالكامل في 1991، لأنهم هم الذين قاموا بتدميره بأنفسهم.

الطريق الأيرلندي
أما الفيلم الثاني "الطريق الأيرلندي" فقد جاء مخيبا للآمال بل كصدمة لي شخصيا، بسبب قناعتي بقدرة مخرجه كن لوتش، على تقديم سينما رفيعة متميزة، لا تعتمد فقط على الخطاب السياسي النقدي العنيف، بل أساسا، على صياغة الموضوع صياغة تعكس الرغبة في طرق أبواب جديدة في التعبير السينمائي، وترتفع بمستوى لغة السرد وأسلوب الإخراج.
أما الفيلم الذي شاهدناه، فلا يتجاوز مستواه، بكل أسف، مستوى الحلقات التليفزيونية المثيرة التي تعرض على شاشة تليفزيون بي بي سي أو آي تي في، خلال أمسيات الجمعة!
نعم هناك جرأة، وانتقادات شديدة توجه إلى شركات الحماية الأمنية الخاصة ودورها في العراق، وتجاوزاتها التي تصل إلى حد ارتكاب جرائم بشعة ضد السكان المدنيين، بدعوى الدفاع عن النفس، في حين أن عمليات إطلاق النار تتم بشكل عشوائي وبدون مبرر. وهذا تحديدا ما حدث، وما شاهده بطل الفيلم الحاضر/ الغائب "فرانكي".
من هو فرانكي؟ هو شاب من شباب مدينة ليفربول، سبق أن خدم مع زملائه في القوات الخاص البريطانية (إس أيه إس) وذهب إلى العراق للعمل لحساب إحدى الشركات الأمنية البريطانية، أو شركة "مقاولات أمنية" كما يطلقون عليها، وهناك في الطريق من المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد إلى المطار، الذي يعرف بالطريق الأيرلندي ويعد كما يقال "الأخطر في العالم"، يشاهد فرانكي كيف ينقض حراس من زملائه على سيارة تاكسي فيقتلون ويحرقون كل ما فيها من مدنيين عرقيين دون داع أمني حقيقي. ويصور فرانكي الحادث البشع بكاميرا "الموبيل" الخاص به. ويرسل الموبيل إلى صديقة له إسبانية في ليفربول.

لكن الفيلم الآن يبدأ بعد مقتل فرانكي ووصول جثته إلى ليفربول، ووجود زميله السابق "فيرجس" الذي يكاد عقله يطير بفعل الصدمة، ولا يصدق أبدا أن فرانكي لقى مصرعه في هجوم للمتمردين ويشك في أنه تمت تصفيته عمدا بسبب ما شاهده بل والوثيقة المصورة التي أرسلها إلى ليفربول، خاصة عندما تبعث شركة الأمن الخاص أحد عملائها (وهو نيلسون) إلى ليفربول لاسترداد التليفون المحمول وتدميره، لكن فيرجس يحتجزه ويمارس عليه التعذيب الشديد بالإغراق بالماء كما تعلم في العراق، ويبلغ ذروة جنونه وفقدانه السيطرة على نفسه، في تصوير مرعب لتأثير الحرب على الذين يشاركون فيها. هذا المشهد يستمر ما لا يقل عن 7 دقائق على الشاشة، وتتكرر خلاله عملية التعذيب باسقاط الماء على الفم والأنف، مالا يقل عن عشر مرات، وفضلا عما في ذلك من تعذيب للمشاهدين، فإنه ليس من السينما في شيء، بل الفكرة أدبية فقط يمكن قراؤتها في كتاب. وقد انتهى صاحبنا الذي فقد عقله على أي حال، بقتل الرجل بعد أن جن جنونه تماما. ولكن أصبح السؤال البديهي: وماذا عن عقل كن لوتش؟ كيف سمح لنفسه بتصميم واخراج مشهد من هذا النوع، فاقد الإيقاع والخيال ويفتقر إلى أي درجة من درجات التعبير الفني بسبب مباشرته وسخفه، وما يصيبنا من صداع جراء الصراخ المتكرر باستخدام نفس الألفاظ طيلة الوقت!
مشكلة هذا الفيلم الرئيسية في رأيي، تكمن في ضعف السيناريو، وافتقاده إلى منهج أو أسلوب في السرد يتمتع بالتسلسل والجاذبية، ويبقي عقل المتفرج مستيقظا، وهو ما انعكس أيضا على طريقة الإخراج، فبدا أن لوتش، تعجل العمل، ولم يمنح نفسه وقتا كافيا لاختيار المداخل الملائمة إلى الفيلم وإعادة بناء مشاهده فوق طالة المونتاج (إذا كانت لاتزال هناك طاولات من هذا النوع في عصر المونتاج الرقمي!).

على الشاشة، رأينا انتقالات غير محسوبة بدقة، من الزمن المضارع (في 2007) إلى الماضي القريب في العراق، ثم التركيز كثيرا، على مشاهد تدور داخل ديكورات مغلقة، ومن خلال هستيريا الصراخ والشتائم بين فيرجس من ناحية، وممثلي الشركة الأمنية من ناحية أخرى، ثم بينه وبين زملائه، وبينه وبين أرملة صديقه المتوفي، وأخيرا، بينه وبين كل من بالفيلم من شخصيات، ثم بينه وبين نفسه أيضا. والعبرة عادة في تصوير مثل هذا النوع من الشخصيات، بالاقتصاد والإشارة والإيجاز، وليس بالاستطرادات والثرثرة، والإطالة في المشاهد، والافتعال الذي يصل إلى درجة "كوميدية" في تبادل الشتائم باستخدام كلمة واحدة تتكرر بين كل كلمة وأخرى عبر الفيلم كله هي كلمة fucking التي لا يسهل ترجمتها. والمضحك مثلا أن فيرجس يقول صارخا: إن نيلسون- فاكنج fucking- قال لي هذا وذاك. ثم يستدرك ويعيد العبارة على النحو التالي: إن فاكنج fucking نيلسون قال لي كذا وكذا!
فيلم سطحي، يخلو من التأمل والعمق، كما يفتقد إلى المنطق الدرامي السليم، فما الدافع الذي يجعل فيرجس (الذي يبدو الأشد تأثرا بموت فرانكي) ينتهر أول فرصة لكي يضاجع أرملته الشابة الحسناء، حتى لو كان يحبها منذ زمن وسجل اسمها بالوشم على كتفه؟
الذوق السليم لا يجعل مثل هذا المشهد يحدث في مثل هذه اللحظة المشحونة بالتوتر، إلا إذا كان الجنس هنا مجرد وسيلة للتخلص من التوتر عند الإثنين، وإذن نصبح هنا أمام شخصيتين حيوانيتين تفتقدان الحس الإنساني الحقيقي!

أما على الصعيد الأهم، فربما يكمن الضعف في تلك الحبكة التي تقوم على جعل فيلم الفيديو المسجل على تليفون محمول، وجعلها المدخل إلى الدراما والعنف والعنف المضاد، فقد شعرت بأنه مدخل ضعيف لا يحمل فيلما، حتى لو كان مجرد مبرر لتصوير انعكاسات الحرب على الأفراد.
فيلم "الطريق الأيرلندي" هو أضعف أفلام مخرجه منذ سنوات طويلة، وسيكون أيضا أقلها حظا في اختباره الجماهيري عندما يعرض في بلاده، رغم ما حصل عليه من تصفيق من جانب الجمهور الفرنسي في عرضه العام في كان، فهذا الجمهور، معروف عنه تاريخيا، ولعه بالأفلام البريطانية، وبأفلام لوتش، المتمرد منذ ظهوره، على المؤسسة البريطانية الرسمية، ولذلك فهو أقرب إلى عقلية مثقف فرنسي، منه إلى مثقف "إنجليزي" على نحو أو آخر.. ربما!

الخميس، 20 مايو 2010

يوميات كان 8: يوم إبن آوى.. كارلوس

لقطة من الفيلم

نقاد مجلة الفيلم الفرنسي منحوا أكبر تقدير من العلامات للفيلم البريطاني "عام آخر" لمايك لي (6 سعفات) بينما جاء فيلم "جميل" لإيناريتو جونزاليس في المركز الثاني (5 سعفات)، وفي المركز الثالث الفيلم الفرنسي "عن الرجال والآلهة" (4 سعفات). وقد عرض حتى الآن 12 فيلما من بين 19 فيلما هي أفلام المسابقة (منها فيلمان عرضا بالفعل اليوم ولم تظهر نتائج استطلاع نقاد المجلة عليها بعد) وتبقى 7 أفلام تعرض خلال الأيام القادمة.
أما اليوم فقد كان بحق يوم إبن آوى، أو كارلوس الذي طبقت شهرته الآفاق خلال السبيعينات والثمانينيات، وهو يعرف نفسه باعتباره مناضلا ضد الإمبريالية بينما تعتبره أجهزة الاستخبارات الغربية قائدا من قاد الإرهاب الدولي.
عرض أخيرا فيلم "كارلوس" للمخرج الفرنسي أوليفييه أسايس، المصور للتليفزيون في خمس ساعات و33 دقيقة على ثلاثة أجزاء، واستراحة قصيرة بين الجزئين الأول، والثاني من ناحية، والثالث من ناحية أخرى. وامتلأت قاعة لوميير، أكبر قاعات المهرجان بالجمهور رغم الطول المفرط للفيلم بسبب ما أحاط به من دعاية، وما يحيط شخصية كارلوس نفسها في فرنسا، من هالة خاصة، ومشاعر متضاربة تتراوح بين الإعجاب، والكراهية الشديدة. وقد رأيت بنفسي رجلا إلى جواري يهتف بعد انتهاء الجزء اأول من الفيلم "فيفا كارلوس"!
طبعا هذا العمل الطويل (المصنوع على غرار فيلم "تشى" عن جيفارا لستيفن سودربرج)، يسعى إلى تقديم كارلوس الإرهابي الذي يتميز بشجاعة نادرة، وقوة إرادة، وقدرة تنظيمية عالية جعلته يتمكن من القيام بعمليات كبيرة، وينجح في النجاة بجلده في كل مرة، رغم خطورة ما قام به.
ويتوقف الفيلم تفصيلا أمام اعداد وتنفيذ عملية اقتحام اجتماع وزراء البترول في دول الأوبك الشهير في فيينا في ديسمبر 1975 واختطاف الوزراء وعلى رأسهم وزير البترول السعودي الشيخ أحمد زكي اليماني. ولكن الفيلم أولا يعيبه الإيقاع البطيء جدا، والاستغراق في تفاصيل كثيرة ثانوية لا تضيف شيئا إلى الحبكة بل تساهم في تبريد الأحداث وتخل بالتوازن، كما في التفاصيل الخاصة مثلا بعملية إقلاع الطائرة ثم هبوطها في الجزائر وما نتج من مفاوضات، والرغبة في التوجه إلى ليبيا ورفض السلطات الليبية ثم العودة للجزائر.. إلخ
ويعاني الجزء الثاني من الفيلم تحديدا من تشتت الإيقاع، وتكاثر التفاصيل، وعدم القدرة على السيطرة على الشخصيات، فأصبحت هناك شخصيات تخرج فجأة، وشخصيات أخرى تدخل دون تمهيد كاف، مما أدى إلى ارتباك الفيلم.
المخرج أوليفييه أسايس مع أبطال فيلمه في كان

يقوم ممثلون من جنسيات مختلفة بأداء أدوارهم باللهجة الخاصة بهم، فأدوار الفلسطينيين يقوم بها ممثلون فلسطينيون، وأدار اللبنانيين يقوم بها ممثلون من أصل لبناني، وكذلك العراقيوم والجزائريون. وتتردد في الفيلم حوالي ست لغات من بينها العربية إلا انه من غير المفهوم مثلا أن تتحادث شخصيتان من العرب مع بعضهما البعض فيتكلمان بالإنجليزية كما رأينا، في حين أن بطل الفيلم أي كارلوس، يتحدث بعدة لغات وينتقل فيما بينها بطلاقة تامة بما فيها العربية.
مشكلة هذا النوع من الأفلام الأساسية أيضا أنه يحاول إضافة الكثير من التوابل والمبالغات والاختراعات الإضافية التي يمكن أن تضفي نكهة من الإثارة على الحبكة الدلارامية على حساب الحقيقة والتاريخ، وهو ما جعل كارلوس نفسه يحتج على الفيلم بل ويرفع الأمر عن طريق محاميته (وهي في الوقت نفسه زوجته) إلى القضاء الفرنسي.
ومن ناحية أخرى كيف يمكن أن تصنع فيلما تاريخيا عن شخصية "تاريخية" مع الإخلال بالدقة التاريخية، أي بما يتعارض مع حقيقة ما حدث في الواقع.
كارلوس مثلا قاد الهجوم على مقر الأوبك الشهير في فيينا في ديسمبر 1975، حيث احتجز ورفاقه المسلحين 11 وزيرا من وزراء البترول في دول الأوبك على رأسهم الشيخ أحمد زكي اليماني وزير البترول السعودي وقتها ومعهم أكثر من 50 رهينة أخرى، بدعم وتحريض من ليبيا، وليس العراق، ولم يكن صدام حسين حتى قد انفرد بالسلطة بعد، بينما يشير الفيلم ويؤكد في العديد من مشاهده على أن المخابرات العراقية، بتعليمات من صدام، كانت هي التي مولت وخططت لعملية أوبك.
ويقول الفيلم إن طائرة كارلوس (اتي حصل عليها من النمساويين) أقلعت من الجزائر إلى ليبيا لكن السلطات الليبية لم تسمح لها بالهبوط مما أدى إلى عودتها إلى الجزائر، وهو ما لم يحدث، والصحيح أن الطائرة هبطت أولا في ليبيا ثم عاد إلى الجزائر لكي يتم استبدالها بطائر أخرى من نوع بوينج يمكنها التوجه إلى بغداد. ولكن الفيلم يحال إبعاد أي شبهة عن الليبيين، وإلصاقها بصدام حسين.
ويصور الفيلم كارلوس كرجل طامع في المال وأنه حصل على عشرين مليون دولار من السعودية مقابل إطلاق سراح اليماني وغيره من وزراء أوبك، بينما لم تحدث صفقة من هذا النوع أصلا بل أفرج كارلوس مضطرا عن الرهائن بعد أن أدرك فشل العملية وأن السلطات الجزائرية ستقتحمها كما أبلغ ارئيس بومدين.

كارلوس الحقيقي في المحكمة


الحقيقة التاريخية أيضا تشير إلى أن رجال المخابرات الفرنسية الثلاثة الذين طرقوا باب شقة كان يقيم فيها كارلوس في الحي اللاتيني في باريس أثناء اندماجهم في الغناء اللاتيني، وكان معهم الشخص اللبناني الذي أرشد عنه ففتح كارلوس الباب بنفسه، فلما طلبوا منه الاطلاع على جواز سفره، اختفى في الداخل وعاد بعد دقيقتين وهو يحل رشاشا وأخذ يطلق الرصاص فقتل ثلاثة منهم وجرح الرابع، ثم هرب على الفور.
أما في الفيلم فقد تحول المشهد إلى نحو نصف ساعة من التفاصيل والحوارات المملة التي لا طائل من وراءها في غرف الاستقبال بالشقة، وذهب أحد الضباط للإتيان بأندريه اللبناني، وقدم كارلوس كأسا من الويسكي للضابط الذي بقى مع كارلوس وأصدقائه الثوريين، ثم المواجهة بين أندريه اللبناني وكارلوس، وإنكار كارلوس معرفته به، ثم ذهابه للمطبخ وعودته وهو يحمل مسدسا وإطلاقه النار على الجميع، فقتل الأربعة، ثم عاد لكي يتأكد أنه قتل أندريه بأن أطلق رصاصة ثانية على رأسه.
ويختلق الفيلم مشهدا نرى فيه أندروبوف مدير المخابرات السوفيتية، يجتمع في بغداد، بحضور مسؤولين في المخابرات العراقية، مع كارلوس ويطلب منهم بشكل مباشر الانتقام من الرئيس المصري أنور السادات بتصفيته جسديا، انتقاما منه لاتجاهه نحو "الإمبريالية الأمريكية" وإدارة ظهره للروس رغم ما حصل عليه منهم من مساعدات لبلاده، وهو حدث مختلق تماما، لا تشير أي مراجع إليه.
ويعزو الفيلم عملية اختطاف طائرة شركة العال الإسرائيلية واحتجاز ركابها رهائن في مطار عتيبة بأوغندا عام 1976 إلى التعاون بين مجموعة تابعة لكارلوس من الخلايا الثورية الألمانية، والفلسطينيين، في حين أن العملية لا تمت بأي صلة إلى كارلوس.

وبغض النظر عن دقة الأحداث التاريخية بين الفيلم والواقع، فقد تجاهل الفيلم تماما وضع الشخصية في إطار الفترة التاريخية وظروفها، وأدخل موضوع العداء للسامية بطريقة مقحمة، كما استخدم لقطة لياسر عرفات وهو يلقي خطابه اشهير في الأمم المتحدة الذي قال فيه "جئتكم أحمل في يدي اليمنى بندقية، وفي الثانية غصن زيتون، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي" لكن السياق الذي تستخدم فيه اللقطة يجعلها تبدو كما لو كانت تحمل تهديدا بدلا من الرجاء.
ويكاد دور المخابرات الإسرائيلية "الموساد" يغيب تماما عن الفيلم، رغم أنها هي التي وشت بكارلوس للمخابرات الفرنسية وتسببت في وقوع مأساة قتل ضابطين فرنسيين وإصابة الثالث بجروح. رغم أن ضباط الموساد كانوا يراقبون كل شيء وكانوا على مقربة من شقة كارلوس في تلك اللحظة تحديدا، كما هو ثابت من اعترافات ضباط الموساد فيما بعد في كتب منشورة منها "كل جاسوس أمير".
ومع ذلك يبقى من الفيلم محاولته الجادة التعامل مع تلك الشخصية "الأسطورية"، وتقديم معادل درامي لها لا تنقصه الجاذبية الشخصية بل والكاريزما التي لاشك انها كانت تميز كارلوس، عندما كان يتربع بثبات على عرش الإرهاب الثوري في العالم، قبل سقوط ج
دار برلين ثم الاتحاد السوفيتي، عندما أصبح يبيع مواهبه في التخطيط والعمليات العنيفة (كمرتزق)، لمن يدفع، فالتحق بخدمة المخابرات البلغارية والمجرية والالمانية الشرقية ثم السورية، وهو ما يرصده الجزء الثالث من الفيلم، ولكن دون أن يوضح لنا تماما، ما الذي قدمه للمخابرات السودانية في نهاية مشواره، لكي يحصل في البداية على حق اللجوء ويقيم هناك لسنوات قبل أن تسلمه السلطات السودانية للمخابرات الفرنسية في عملية أذهلت العالم عام 1994.
يبقى من الفيلم أيضا ذلك الأداء الممتاز من جانب الممثل الفنزويلي إدجار راميريز الذي يقوم ببراعة وإقناع، بأداء دور كارلوس.
وتجدر الإشارة أخيرا إلى ظهور ستة أفلام سينمائية (منها فيلم وثائقي) عن كارلوس قبل فيلمنا الأخير هذا أو ثلاثية أوليفييه أسايس.

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger