الثلاثاء، 21 يوليو 2009

في الطريق إلى مهرجان فينيسيا السينمائي

ملصق فيلم "الحرب العظمى"

لاشك أن المهرجان الأهم والأكبر المنتظر في الثلث الأخير من العام الجاري سيكون هو مهرجان فينيسيا السينمائي، أعرق مهرجانات السينما في العالم والأول في الاحتفال بهذا الفن الذي لم يكن ينظر له كفن راسخ قبل أن يؤسس هذا المهرجان عند بدايته في 1932 له باعتباره فنا يستحق العرض مثله في ذلك مثل الفن التشكيلي.
المهرجان أعلن أن لجنة التحكيم الدولية لأفلام المسابقة الرسمية سيرأسها في الدورة القادمة، السادسة والستين، المخرج الكندي- التايواني الشهير أنج لي الذي حصل على الأسد الذهبي في فينيسيا عام 2006 عن فيلم "جبل بروكباك".
المهرجان يقام في الفترة من 2 إلى 12 سبتمبر، والافتتاح كما سبق أن نوهنا في هذه المدونة، سيكون بالفيلم الإيطالي "باريا" للمخرج جيوسيبي تورنتانوري العائد إلى سينما بعد خمس سنوات من الغياب.

ماريو مونتشيللي

وقد قرر المهرجان الكبير أن يعرض فيلما كلاسيكيا شهيرا في اليوم السابق للافتتاح الرسمي في الأول من سبتمبر سيكون هو فيلم "الحرب العظمى" (1959) للمخرج الإيطالي الكبير ماريو مونتشيللي، وهذا الفيلم يعد إحدى التحف التي أخرجها مونتشيلي والذي سيحضر، وقد بلغ الرابعة والتسعين من عمره الآن، عرض فيلمه الذي تمكنت ستديوهات مدينة السينما في روما أخيرا من استعادته وانقاذ الأجزاء التالفة منه، بمساعدة مصوره العظيم جيوسيبي روتونو الذي تمكن بفضل التقنيات الحديثة في مدينة السينما، من استعادة الطابع الخاص للصورة، والرونق القديم الساحر للأبيض والأسود.
وكان هذا الفيلم، الذي يقوم بدوري البطولة فيه ألبرتو سوردي وفيتوريو جاسمان، قد حصل مناصفة، على جائزة الأسد الذهبي قبل خمسين عاما في مهرجان فينيسيا (1959) مع فيلم "الجنرال فيلا روفييري" للمخرج الكبيرالراحل روبرتو روسيلليني الذي يعد رائد الواقعية الجديدة في السينما الايطالية.
مهرجان فينيسيا أيضا عقد أيضا اتفاقا مع مجلة "فاريتي" الأمريكية الشهيرة المتخصصة لتغطية نشاطات صناعة السينما في العالم، وعلى اصدار طبعة خاصة يومية طوال أيام المهرجان، باللغتين، الإيطالية والإنجليزية. وهذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها المجلة بصفة يومية من فينيسيا.
وكان المهرجان قد تعرض لانتقادات شديدة العام الماضي بسبب ردءاة اختيارات لجان المشاهدة خصوصا فيما يتعلق بأفلام المسابقة، وأعرب كثير من النقاد والسينمائيين عن سخطهم، كما وجهت انتقادات عنيفة لمدير المهرجان ماركو موللر الذي تعد السنة الجارية الخامسة له في ادارة المهرجان.
ولذا ينتظر أن يسعى موللر وفريقه للحصول على عدد من أفضل الأفلام، خاصة تلك التي لم تلحق موعد انعقاد مهرجان كان في مايو الماضي.
المشكلة التي تواجه المهرجان الآن أن أهل صناعة السينما نظموا الإثنين مظاهرة في روما، أمام مبنى البرلمان احتجاجا على قرار حكومة بيرلسكوني بخفض الميزانية المقررة لدعم الفنون بمقدار الثلث تقريبا، وهددت يعض الجهات والشركات السينمائية بمقاطعة مهرجان فينيسيا السينمائي كوسيلة للضغط على الحكومة للتراجع عن قرارها.

السبت، 18 يوليو 2009

فيلم "خفي".. فرنسا- الجزائر: الأنا والآخر والمسكوت عنه

لم يعجبني فيلم مايكل هانيكه الجديد "الشريط الأبيض" الذي فاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان الأخير. وكان رأيي أنه أقل طموحا من ناحية الشكل واللغة والأسلوب بل والموضوع أيضا، من أفلام سابقة له اعتبرها علامات في تكور السينما.
من هذه الأفلام فيلمه البارز "خفي" Hidden أو "دفين" وهو من الإنتاج الفرنسي أخرجه هانيكه الذي يعمل منذ أكثر من خمس عشرة سنة في نطاق السينما الفرنسي عام 2005. وقد حصل على ست من جوائز السينما الأوروبية في تلك السنة منها أحسن فيلم. وهذا ماكتبته عنه في حينه:
للوهلة الأولى يبدو كما لو كنا أمام أحد أفلام التشويق والإثارة البوليسية، فعناصر الفيلم البوليسي المشوق تبدو متوفرة هنا:
* الحبكة التي تدور حول أسرة من الطبقة الوسطى الفرنسية: "جورج" مقدم تليفزيوني ناجح لبرامج الحوارات الحية وزوجته "آن" التي تعمل في إحدى دور النشر الباريسية، وكيف تبدأ هذه الأسرة في تلقي شرائط فيديو تصور المسكن الذي تقطن فيه من الخارج، ثم تتطور أكثر إلى تلقي مكالمات هاتفية غامضة، ثم وصول شرائط تصور أشياء تحمل إشارات إلى الماضي من حياة الزوج "جورج".
* من هنا يبرز التساؤل التقليدي الذي يطرح عادة في الأفلام البوليسية: من الذي يرسل هذه الشرائط وماذا يريد؟
* حالة اضطراب تقترب من "البارانويا" تصيب الأسرة، ثم يبدأ الزوج في البحث عمن يمكن أن يكون وراء تلك التهديدات الغامضة.
* اختفاء الابن الصغير "بييرو" (12 سنة) بعد خروجه من المدرسة وانقطاع أي خبر عنه عن والديه مما يؤدي إلى مزيد من التخبط والاضطراب.
هذه العناصر كلها ليست سوى حيلة خارجية من مؤلف ومخرج الفيلم مايكل هانيكه، لاستدراج المتفرج إلى موضوع فيلمه الذي يتناول قضايا أبعد ما تكون عن ما يطرح عادة في الفيلم البوليسي الذي لا هدف له إلا التشويق في حد ذاته.
ما هو الموضوع إذن؟ ولماذا هذه الطريقة في معالجته؟

أشباح الماضي
شرائط الفيديو التي يتعاقب وصولها إلى عتبة باب مسكن الأسرة تستدعي كوابيس من الماضي المدفون داخل مكنون بطلنا "جورج".
ثقة جورج بنفسه تبدأ تدريجيا في التراجع إلى أن يكاد يصل إلى الانهيار.
علاقة جورج بزوجته تبدو لنا في البداية علاقة متماسكة بين زوجين لا ينقصهما شئ لتحقيق السعادة: البيت الجميل والعمل المثمر والإبن ومجموعة من الأصدقاء من صفوة الطبقة الوسطى الباريسية.
وتحت وطأة ذلك التهديد الخارجي أو ذلك المجهول الذي يقتحم حياتهما بقسوة، تتأزم العلاقة بينهما ويتضح مدى ضعفها رغم تماسكها الظاهري.
جورج تطارده ذكريات من طفولته عندما كان عمره 6 سنوات، وكانت هناك أسرة جزائرية تعمل في خدمة والديه في الريف. وكان للأسرة الجزائرية ولد يدعى "مجيد" هو في عمر جورج تماما.
مجيد يظهر في أحد كوايبس جورج وهو يهوي على رأس دجاجة بمعول حاد فيفصله عن جسدها.
هذا المشهد المروع سنعود في مسار الفيلم فيما بعد عندما يرضخ جورج لإلحاح زوجته ويقبل أن يقص عليها من ماضيه، فنعرف أنه مسؤول عن هذا لأنه أدخل في روع الفتى أن هذه الدجاجة تجلب الشر إلى الأسرة وأن والده يريد منه (أي من مجيد) أن يقطع رأسها لاستئصال الشر نهائيا.
ويعترف جورج أنه اخترع الحكاية، وأنه قال لوالديه حكاية مخالفة عن روح الشر المتأصلة داخل مجيد.
ويروي جورج أيضا كيف التحق والدا مجيد بمظاهرة ضخمة من الجزائريين في باريس لدعم مطلب الاستقلال عن فرنسا وما انتهت إليه من إغراق الشرطة 200 جزائري في نهر السين، بينهم والدا مجيد.


المشكلة الآن أن جورج يشك في أن مجيد هو الذي يطارده بشرائط الفيديو، لتعميق عقدة الإحساس بالذنب لديه، بغرض ابتزازه.
أحد شرائط الفيديو يصور رواقا داخل مبنى سكني في أحد ضواحي باريس، بكاميرا تتحرك إلى أن تستقر على باب مسكن من المساكن.
يفحص جورج وزوجته الشريط مرات على أن يتمكنا من تحديد الشارع، ويذهب جورج يطرق باب المسكن فيجد مجيد في انتظاره.
يرفض الجزائري رفضا تاما اتهامات جورج له، ويؤكد أنه سعيد باللقاء، وأنه لا يريد منه شيئا، لكن حزنا نبيلا كبيرا يشع من عينيه.
يتعمق بنا الفيلم أكثر فأكثر ويكبر السؤال نفسه: من وراء إرسال الشرائط؟
جورج يبدو واثقا إن المسؤول هو مجيد أو ربما ابنه الذي يكتشف وجوده عندما يعود فيما بعد لتهديد مجيد.
أما نحن المشاهدون فيبدو لنا مسار الفيلم يبتعد تماما عن الإشارة بإصبع الاتهام إلى مجيد، بل إن الفيلم لا يبدو معنيا على الإطلاق بالأمر برمته.


مواجهة الذات
المخرج مايكل هانيكه، يستخدم الحيلة لكي يطرح المخفي والمسكوت عنه على المستوى الأعم والأشمل:
عقدة الذنب الفرنسية إزاء الجزائر، العلاقة الشائكة المعقدة بين الشمال الغني والجنوب الفقير: جورج يعيش حياة مرفهة مع أسرته يتمتع بالزوجة والابن والعمل الجيد والشهرة والمال والأصدقاء، في حين يعيش مجيد في مسكن بائس، بلا عمل وبلا أسرة، باستثناء ابنه الوحيد وبدون زوجة.
بعد المدخل الأول المعقد تبدأ أطراف الفيلم في مواجهة نفسها.
جورج يواجه مسؤوليته الآثمة عما وقع في الماضي، موهما نفسه بالطبع بأن ما فات ولى وانقضى وليس هناك أي مبرر للعودة والتكفير عما وقع.
الزوجة "آن" تواجه حياتها التي قامت على الزيف والتظاهر، مع زوج يفضل أن يخفي عنها أشياء تتعلق بحياتهما المشتركة معا وبما يواجهانه من خطر وتهديد.
الابن الذي يعجز عن التحقق وسط والدين انشغلا بأزمتهما عنه فيفضل الهرب من المنزل عن صحبتهما.

مجيد الذي لا يمكنه أن ينسى حتى لو اختار الغفران والاندماج، فهو على الهامش بكل معنى الكلمة. والدة جورج العجوز التي ترقد على فراش الموت لا ترغب في الخروج لأنها تشعر بوحدة أكثر مما تشعر به من وحدة أمام جهاز تستطيع أن تتخلص من سطوته بضغطة بسيطة على "الريموت كنترول". يتجه جورج إلى مسكن مجيد بعد أن اتصل به الأخير يدعوه لزيارته لكي يوضح له أمرا.


نهاية مفتوحة
مجيد يقول لجورج إن لا شأن له إطلاقا بشرائط الفيديو. ويضيف "أردت فقط أن تكون حاضرا"، ويقوم بقطع رقبته بموسى حادة فيتصاعد الدم مغرقا الجدار ويسقط الرجل على الأرض جثة هامدة، في واحد من أكثر المشاهد إثارة للفزع.
وينتهي الفيلم دون أن يصل المتفرجون إلى غرضهم المشروع: معرفة من الفاعل؟
ولا يجيب هانيكه عن السؤال بل يترك نهاية فيلمه مفتوحة، فالهدف ليس معرفة الجاني والقبض عليه وتقديمه لكي ينال جزاءه أما العدالة، فما هي العدالة هنا، وهل الأمر يتوقف عند حدود العامل الشخصي، وهل هناك جريمة أصلا، أم أننا أمام "فكرة" تقوم على عناصر تتوازن مع بعضها البعض لكي نتعرف من خلالها على صورة أعمق واشمل لما يدور في العالم؟
ما هي حقيقة ذلك الإرهاب الذي يتحدثون عنه في الفيلم، من المسؤول عنه، ومن أين أتى، وهل هناك فكرة أحادية مجردة تجيب عن كل شئ.
جورج يتلقى "نصيحة" من رئيسه في العمل بألا يعرض عمله للانهيار جراء ذلك كله.
إنه إذن مهدد. والشاب الجزائري (ابن مجيد) يحاصره في مكتبه قرب النهاية لا لشئ كما يقول له إلا لكي يرى كيف يواجه أمثاله ما حدث، فتكون الإجابة الواثقة من جانب جورج أن ما حدث حدث ولا شأن له به ولا ينبغي أن يكون هذا مدعاة للابتزاز وإلا!
ما هي العلاقة بين وعي جورج المدفون في سبات عميق بصورة إرادية، واللقطات التي يبثها التليفزيون عن وجود القوات الإيطالية في الناصرية وتعيين امرأة إيطالية قائدا عسكريا على الناصرية تحت إشراف البريطانيين!
ما علاقة اللقطات الثابتة الطويلة المصورة لمنزل الأسرة الفرنسية من الخارج، وما يقال من أن السينما هي الحقيقة 24 مرة في الثانية، وإلى أي حد يصدق هذا القول؟

24 كذبة في الثانية
يقول المخرج مايكل هانيكه: "في كل أفلامي أفحص ماهية الحقيقة في السينما والإعلام. وأشك كثيرا في يكون بوسع المرء العثور على الحقيقة من خلال مشاهدة فيلم.
"ودائما ما أقول إن الفيلم الروائي هو 24 كذبة في الثانية، وهي أكاذيب قد تروى بغرض الوصول إلى الحقيقة، بيد أن الأمر ليس كذلك دائما.
"أعتقد أن الطريقة التي استخدمت بها شرائط الفيديو هنا تهز ثقة المتفرج في الواقع. إن المشهد الأول في الفيلم هو واقع مجرد (مسكن الأسرة من الخارج) بينما هو في الواقع صور مسروقة بكاميرا فيديو. إنني واع بالطبع بحقيقة الواقع الذي يُفترض أننا نشاهده من خلال وسائل الإعلام".
في أفلام مايكل هانيكه لا يوجد تفسير درامي سهل واضح معتاد، بل تساؤلات مقلقة ومضنية تنطلق من منطلقات أخلاقية لتصل إلى آفاق تتعلق بالوجود الإنساني نفسه ومغزاه، في علاقته بالآخر.
إنها سينما قلقة معذبة تفتح الأبواب لتدخلك معها، غير أنها لا تكشف لك تماما عما في الداخل.
في المشهد الأخير من الفيلم نرى جورج يعود إلى مسكنه، يتناول قرصين من الأدوية المهدئة، يتصل بزوجته هاتفيا ليقول لها إنه يرغب في أن ينال قسطا من الراحة، ويود ألا يزعجه "بييرو" عندما يعود.
ويتجه إلى نوافذ الحجرة فيسدل الستائر السميكة فوقها، ويدلف إلى الفراش، يغطي نفسه جيدا ويرقد في الظلام.. لقد عاد إلى التقوقع على نفسه ورفض مواجهة الضوء ، وفضل أن تبقى الأشياء مخبأة مدفونة!


((تحذير: جميع الحقوق محفوظة))

الجمعة، 17 يوليو 2009

دهشة اكتشاف السينما في السينماتيك الفرنسية

المبنى الحالي للسينماتيك في بيرسي
بعض الأزياء والمقتنيات القديمة في السينماتيك
هذه مجموعة من اللقطات التي قمت بالتقاطها خلال رحلتي الأخيرة إلى باريس من داخل متحف السينماتيك الفرنسية العريقة التي أسسها الرائد هنري لانجلوا، وتظهر فيها بعض الأجهزة القديمة وأهمها الكنتوسكوب الذي اخترعه أديسون وكان من أوائل أجهزة العرض السينمائي في العالم. والمبنى الذي زرته يقع في حي بيرسي في العاصمة الفرنسية وهو المبنى الجديد الذي انتقلت إليه السينماتيك أي دار التحف والقتنيات السينمائية بعد أن ظل لعقود في موقعه القديم في منطقة تروكاديرو بالقرب من برج إيفل الشهير.
وقمت بزيارة السينماتيك بصحبة الصديق القديم صلاح هاشم المقيم في باريس منذ سنوات طويلة، ودارت بيننا مناقشات عديدة ثرية حول السينما في العالم وموقعنا منها. والتقط صلاح لي مشكورا بعض الصور من داخل السينماتيك أنشر منها واحدة هنا.
وتعد السينماتيك الفرنسية الأعرق والأكبر في العالم وهي تحتوي على أكبر كمية من المقتنيات في أي دار من نوعها كما تضم أكبر عدد من الأفلام من شتى أنحاء العالم. وقد بدأ لانجلوا جمع الأفلام في الثلاثينيات ثم تعرض قسم كبير منها للتدمير على أيدي الألمان النازيين بعد احتلال باريس، فقد أمروا بالقضاء على كل الأفلام التي صورت قبل عام 1937 إلا أن لانجلوا تمكن بمساعدة بعض الأصدقاء من تهريب عدد كبير منها خارج باريس وانقاذها بالتالي من الدمار ثم خصصت الحكومة الفرنسية بعد نهاية الحرب في 1946 منحة صغيرة لدعم السينماتيك كما خصصت لها مقرا مؤقتا تغير عدة مرات إلى أن استقر في تروكاديرو قبل أن ينتقل إلى مقره الحالي في مبنى من تصميم معماري أمريكي في بيرسي.
وقد شهدت السينماتيك عصرها الذهبي في الخمسينيات عندما كانت بمثابة معهد لتعلم السينما من خلال المشاهدة والمناقشة التحليلية للأفلام عندما كان يتردد عليها عدد من النقاد وهواة السينما من أمثال جودار وتريفو وريفيت ورينيه وشابرول وفاديم، وهم الذين شكلوا فيما بعد مجموعة السينمائيين الذين صنعوا حركة "الموجة الجديدة" La Nouvelle Vague الفرنسية الشهيرة التي غيرت الكثير من المفاهيم المستقرة عن الفن السينمائي. وكان قد سبقهم جيل السينمائيين المخضرمين الأساتذة مثل روبير بريسون ورينيه كلير وجورج كلوزو في اكتشاف السينما من خلال السينماتيك.

كينتوسكوب إديسون الشهير


ملصق فيلم "كارمن" الفرنسي (1926) الذي قامت ببطولته راكيل ميللر وأخرجه جاك فيدير

الخميس، 2 يوليو 2009

من رسائل الأصدقاء

الصديق محمد هاشم من القاهرة بعث يطلب رأيي في لجنة تحكيم معينة في مهرجان "كان" يطلق عليها البعض في كتاباته- كما يقول محمد- لجنة التحكيم الإنجيلية، وآخرون يطلقون عليها الوحدوية والكونية إلخ، ويضيف "بدوري أريد أن أعرف منك على وجه التحديد التسمية العربية الصحيحة لها، ولماذا هي متجاهلة دون كل لجان كان، ما هي طبيعتها؟ علمًا بأن هناك الكثير من أعلام السينما فازوا بها، أو بجوائزها مثل تاركوفسكي وأنجلوبولوس"؟
جوابي على محمد هو التالي: نعم هناك لجنة تحكيم تتكون من ستة أعضاء تمثل الاتحاد الكاثوليكي الدولي للاتصال (هذا هو اسمه) والمنظمة البروتستانيتة الدولية للسينما. هذه اللجنة تمنح جوائز لبعض الأفلام على أساس ديني وفني معا.
هذه اللجنة يطلق عليها لجنة وحدة العالم المسيحي Ecumenical Jury وهذا اجتهادي الشخصي في الترجمة لأنني أرى أن الترجمات الأخرى تبدو غامضة (فما معنى الوحدوية أو الكونية!).. المقصود وحدة العالم المسيحي تحديدا لأنها مستمدة من إسم الحركة التي تأسست في القرن التاسع عشر وانتشرت في الأوساط البروتستانتية في أوروبا وكان هدفها الدعوة إلى توحيد الكنائس المسيحية عبر العالم، عن طريق القيام بأنشطة مشتركة بين الكنائس المختلفة تدعم الوحدة المسيحية.
وقد منحت جائزتها في الدورة الأخيرة إلى الفيلم البريطاني "البحث عن إريك" لكن لوتش. كما منحت شهادة تنويه إلى فيلم "الشريط الأبيض" الألماني.
ولا أحد يهتم كثيرا بها لأنها تدخل العامل الديني (الأخلاقي) في قراراتها، ولأن من يحكمون في لجانها من المحسوبين على الكنيسة ومن يدورون في فلكها، وهو ما يراه الكثيرون اقحاما للدين في الفن وهو أمر أصبح منذ عهود طويلة مستبعدا في أوروبا الحديثة، أما عندنا فطبعا هناك من لا يحكمون على الأعمال الفنية إلا من خلال منظور أخلاقي حتى أن البعض أصبح يستفتي الإخوة إياهم، الذين يفتون على الفضائيات مقابل ريالات من الذهب والفضة، في شأن مشاهدة أفلام معينة، وهل هي حرام أم حلال.. والله أعلم!
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger