بعض الصحف في مصر تخجلني بل وتجعلني أشعر بالقرف والاستياء مما تنشره من ترهات يوما بعد يوم، وكأنها تصدر في بلاد الواق واق، أي بعيدا عن العيون التي تقرأ وتتابع يوميا ما ينشر في شتى أرجاء العالم بفضل التكنولوجيا الحديثة، التي لم يكن لنا أي دور فيها بكل أسف سوى الاستهلاك طبعا.
والبعض الآخر من تلك الصحف تجعلني أستلقي على ظهري من الضحك ليس فقط لرداءة المادة التي تنشرها، بل أساسا بسبب سياسة التحرير التي ترتبط بما عفا عليه الدهر.
على رأس هذه الصحف جريدة "القاهرة" الأسبوعية، لسان حال (تعبير مهذب لكلمة "بوق") السيد وزير الثقافة المصري فاروق حسني المعروف بـ"الفنان".
هذه الصحيفة التي تخسر سنويا ما يعادل مرتبات جميع موظفي وزارة الثقافة، إذا ما استثنينا بالطبع حفنة الكبراء أو المستكبرين، أي كبار كهنة الوزارة، المهيمنين على شؤون تضليل الوعي الثقافي بانتظام في مصر منذ عشرات السنين، انتبهت في الفترة الأخيرة إلى أن هناك حدثا كبيرا يقع قطاع في غزة المتاخم للحدود المصرية.. فماذا فعلت؟
لجأت إلى الطريقة المتبعة منذ مئات السنين في صحف التخلف الحكومية، أي التكليف والتوجيه الرسمي العلوي.. فقد بادر الجنرال صلاح عيسى وهو صحفي يسارجي سابق شاء الانتحار في أحضان السلطة التي كان يعارضها عندما كان "مغررا به" في تنظيمات اليسار السياسي في الستينيات، إلى عقد اجتماع تحريري صاخب أصدر خلاله الأوامر والتعليمات العليا تحت قيادة الجنرال (في الحقيقة والواقع) فاروق عبد السلام الذي تحول إلى "أفندي" منذ سنوات، يعمل مديرا لمكتب الفنان. وطالب صلاح عيسى جمع "الصحفجية" العاملين المغلوبين على أمرهم بشحذ العزائم والهمم، والبحث عن كل ما يتعلق بغزة "ثقافيا" وما يمكن أن يساهم في "تسخين الجبهة الداخلية" بعيدا عن المظاهرات طبعا، على طريقة التوجيه المعنوي لجنرالات وزارة الارشاد القومي في الأزمنة الغابرة الذين قال وزيرهم للرئيس السادات قبيل حرب 1973 إن بوسعه "تسخين" تلك الجبهة في ظرف ساعتين.
والنتيجة- فيما يتعلق بالسينما والفنون على الأقل- فضيحة كاملة بكل معنى الكلمة. فالجريدة، التي تنفق عليها ميزانية طائلة تذهب في معظمها إلى جيوب بعض أصحاب الحظوة، لم تهتم الحصول على وثيقة جديدة مثلا أو شهادة سينمائية مباشرة تستطيع الكتابة عنها وإبرازها، ولم تبادر إلى اكتشاف الجديد فيما يقع ويحدث وتبحث تأثيره على السينما، كما فشلت في رصد ردود فعل السينمائيين والمسرحيين الفلسطنيين أنفسهم وما اذا كان منهم من يصور شيئا هناك في الوقت الحالي (وأنا أعرف أن هناك من يفعل)، وتجاهلت المؤتمرات والمسيرات التي نظمت بين جموع السينمائيين والمسرحيين في مصر رفضا واحتجاجا على الغزو الاسرائيلي، بل وتجاهلت أيضا أي تصريحات متخاذلة في هذا المجال.
لكن "الجنرال" لجأ إلى أسهل الطرق وأكثرها تخلفا: أي تكليف عدد من كتاب ونقاد السينما والمسرح بالبحث في دفاترهم القديمة وإعادة إنتاج ما أكل الدهر عليه وشرب.
والنتيجة أننا أمام سياق مضحك عن "الأفلام التي تناولت قضية فلسطين" من سنة 1948 حتى اليوم. وهل نجح كمال الشيخ في فيلم "فتاة من فلسطين" أم لم ينجح في تصوير القضية، وكيف تناول الفلسطينيون القضية في أفلامهم النضالية، ومن الذي اقترب من الأجانب من التعبير عن القضية في السينما.. و"مأساة فلسطين في قلب المسرح المصري" .. وغير ذلك من ملفات قديمة بالية.
وعندما أرادت الجريدة أن تتفلسف وتقدم كشفا جديدا، بدا وكأنها تهين القضية بأسرها عندما أبرزت ما أطلقت عليه موسيقى "الهيب هوب والراب بين أحضان الدلعونة والميجانة" وكأن ما يشغل بال الفلسطينيين حاليا هو التشبه في موسيقاهم بالأمريكيين من سكان حواري هارلم لأن باحثة فلسطينية متأمركة تسعى لإدخال هذا النوع من الموسيقى إلى أرض فلسطين!
والبعض الآخر من تلك الصحف تجعلني أستلقي على ظهري من الضحك ليس فقط لرداءة المادة التي تنشرها، بل أساسا بسبب سياسة التحرير التي ترتبط بما عفا عليه الدهر.
على رأس هذه الصحف جريدة "القاهرة" الأسبوعية، لسان حال (تعبير مهذب لكلمة "بوق") السيد وزير الثقافة المصري فاروق حسني المعروف بـ"الفنان".
هذه الصحيفة التي تخسر سنويا ما يعادل مرتبات جميع موظفي وزارة الثقافة، إذا ما استثنينا بالطبع حفنة الكبراء أو المستكبرين، أي كبار كهنة الوزارة، المهيمنين على شؤون تضليل الوعي الثقافي بانتظام في مصر منذ عشرات السنين، انتبهت في الفترة الأخيرة إلى أن هناك حدثا كبيرا يقع قطاع في غزة المتاخم للحدود المصرية.. فماذا فعلت؟
لجأت إلى الطريقة المتبعة منذ مئات السنين في صحف التخلف الحكومية، أي التكليف والتوجيه الرسمي العلوي.. فقد بادر الجنرال صلاح عيسى وهو صحفي يسارجي سابق شاء الانتحار في أحضان السلطة التي كان يعارضها عندما كان "مغررا به" في تنظيمات اليسار السياسي في الستينيات، إلى عقد اجتماع تحريري صاخب أصدر خلاله الأوامر والتعليمات العليا تحت قيادة الجنرال (في الحقيقة والواقع) فاروق عبد السلام الذي تحول إلى "أفندي" منذ سنوات، يعمل مديرا لمكتب الفنان. وطالب صلاح عيسى جمع "الصحفجية" العاملين المغلوبين على أمرهم بشحذ العزائم والهمم، والبحث عن كل ما يتعلق بغزة "ثقافيا" وما يمكن أن يساهم في "تسخين الجبهة الداخلية" بعيدا عن المظاهرات طبعا، على طريقة التوجيه المعنوي لجنرالات وزارة الارشاد القومي في الأزمنة الغابرة الذين قال وزيرهم للرئيس السادات قبيل حرب 1973 إن بوسعه "تسخين" تلك الجبهة في ظرف ساعتين.
والنتيجة- فيما يتعلق بالسينما والفنون على الأقل- فضيحة كاملة بكل معنى الكلمة. فالجريدة، التي تنفق عليها ميزانية طائلة تذهب في معظمها إلى جيوب بعض أصحاب الحظوة، لم تهتم الحصول على وثيقة جديدة مثلا أو شهادة سينمائية مباشرة تستطيع الكتابة عنها وإبرازها، ولم تبادر إلى اكتشاف الجديد فيما يقع ويحدث وتبحث تأثيره على السينما، كما فشلت في رصد ردود فعل السينمائيين والمسرحيين الفلسطنيين أنفسهم وما اذا كان منهم من يصور شيئا هناك في الوقت الحالي (وأنا أعرف أن هناك من يفعل)، وتجاهلت المؤتمرات والمسيرات التي نظمت بين جموع السينمائيين والمسرحيين في مصر رفضا واحتجاجا على الغزو الاسرائيلي، بل وتجاهلت أيضا أي تصريحات متخاذلة في هذا المجال.
لكن "الجنرال" لجأ إلى أسهل الطرق وأكثرها تخلفا: أي تكليف عدد من كتاب ونقاد السينما والمسرح بالبحث في دفاترهم القديمة وإعادة إنتاج ما أكل الدهر عليه وشرب.
والنتيجة أننا أمام سياق مضحك عن "الأفلام التي تناولت قضية فلسطين" من سنة 1948 حتى اليوم. وهل نجح كمال الشيخ في فيلم "فتاة من فلسطين" أم لم ينجح في تصوير القضية، وكيف تناول الفلسطينيون القضية في أفلامهم النضالية، ومن الذي اقترب من الأجانب من التعبير عن القضية في السينما.. و"مأساة فلسطين في قلب المسرح المصري" .. وغير ذلك من ملفات قديمة بالية.
وعندما أرادت الجريدة أن تتفلسف وتقدم كشفا جديدا، بدا وكأنها تهين القضية بأسرها عندما أبرزت ما أطلقت عليه موسيقى "الهيب هوب والراب بين أحضان الدلعونة والميجانة" وكأن ما يشغل بال الفلسطينيين حاليا هو التشبه في موسيقاهم بالأمريكيين من سكان حواري هارلم لأن باحثة فلسطينية متأمركة تسعى لإدخال هذا النوع من الموسيقى إلى أرض فلسطين!
والموضوع بأكمله في النهاية من نوع "تخليص الذمة"..
ورحم الله إحسان عبد القدوس صاحب القصة الشهيرة "القضية نائمة في سيارة كاديلاك"!