الخميس، 25 ديسمبر 2008

«التبديل» لكلينت ايستوود.. خير مطلق وشر مطلق.. وبينهما فوضي




مقال أمير العمري في جريدة "البديل"

كلينت ايستوود ممثل عظيم، شكل جانبا كبيرا من خيالنا ونحن صغار من خلال أفلام "الويسترن سباجيتي"، التي قام ببطولتها وأخرج الفيلم الأول منها "من أجل حفنة دولارات" مخرج كنا نظنه أمريكيا، فقد كان يطلق علي نفسه اسم بوب روبرتسون ثم عرفنا بعد ذلك أنه إيطالي وأن اسمه هو سرجيو ليوني، أحد أعظم السينمائيين في عصرنا، رغم أنه لم يخرج طوال حياته سوي 10 أفلام فقط.
كان ايستوود في الحقيقة صنيعة ليوني، كما أن جانبا كبيرا من النجاح المدوي الذي حققته ثلاثية ليوني الشهيرة يعود أساسا إلي كلينت إيستوود.
هذا الممثل الذي اكتسب مع الزمن خبرة أكبر، وأصبحت له ملامح مميزة في الأداء البسيط غير المتكلف، أصبح أيضا مولعاً بالإخراج منذ وقت مبكر، وقد أخرج حتي الآن 29 فيلما إلا أنه لم يحقق في الإخراج ما حققه في التمثيل رغم تميز عدد لا بأس به من أفلامه كمخرج.
شاهدت منذ أيام فقط فيلمه الأحدث كمخرج "التبديل" Changeling وهو الفيلم الذي عرض في مسابقة مهرجان «كان» الماضية، وكانت له أصداء جيدة.
ولكن يمكنني القول إنه رغم الطموح الكبير من أجل تحقيق عمل ملحمي كلاسيكي كبير إلا أن ايستوود لم ينجح في رأيي في الوصول إلي ذلك بسبب تفكك السيناريو، واعتماده علي التداخل بين الزمان والمكان، خاصة في الثلث الأخير من الفيلم، وهو منهج يجب أن يتم بحذر شديد وبدقة بالغة، حتي يأتي الفيلم متوازنا وواضحا ومفهوما أيضا. أما هنا فالانتقال في الزمن بدا كما لو كان يحدث بدون ضرورة حقيقية، وفقط من أجل الشرح والمزيد من الشرح.

هذا فيلم موضوعه الأساسي عن أم وحيدة فقدت ابنها الوحيد وأعادت لها شرطة لوس أنجلوس الفاسدة (في أواخر العشرينيات من القرن العشرين) طفلا آخر وطالبتها بالاعتراف بأنه ابنها رغم انه ليس كذلك، وكان يتعين عليها أن تواجه مغبة رفضها الانصياع لمطلب الشرطة التي لا تريد أن يفتضح عجزها وفشلها في القيام بواجبها، في وقت كانت سمعتها فيه قد وصلت إلي الحضيض، وهو ما يؤدي بالسيدة (التي تلعب دورها أنجلينا جولي بماكياج وملابس مبالغ فيها كثيرا وبمبالغات شديدة في الأداء أيضا) أن تدفع الثمن، فتودع في مصحة للأمراض العقلية حيث تلقي من العذاب والتعذيب والهوان ما سبق أن شاهدناه في الكثير من الأفلام التي تصور أجواء مشابهة.
لكن الشرطي الشرير الذي يسوقها إلي العذاب يظهر في مقابله بعد ذلك كشرطي شريف يقرر إعادة فتح التحقيق بعد العثور علي صبي يعترف بقتل 20 طفلا مع رجل مضطرب عقليا في مزرعة دواجن بطريقة بشعة، ودفنهم تحت الأرض.
أيضا في مقابل مدير الشرطة الفاسد هناك القس المثالي (جون مالكوفيتش) الذي يقدم برنامجا إذاعيا يوميا يفضح فيه فساد الشرطة، بل يقوم بتصعيد موضوع السيدة كولينز التي تختفي داخل المصحة- السجن، ويقود أيضا المظاهرات التي تحاصر مبني الشرطة، وينجح في العثور علي محام شريف يتنبي قضية المرأة ويخرجها من المصحة ويواجه الشرطة في القضاء إلي أن ينجلي الأمر ويحصل ضابط الشرطة الفاسد ومديره علي ما يستحقانه من عقاب، ويقع قاتل الأطفال في قبضة العدالة وينتهي إلي حبل المشنقة.
إلا أن الفيلم يمتلئ بالاستطرادات الميلودرامية التي لا لزوم لها والتي كان يمكن ببساطة الاستغناء عنها، ويعاني بالتالي من الترهل في الإيقاع، وتكرار الفكرة الواحدة في عدد كبير من المشاهد التي لا تضيف جديدا، وتعدد النهايات بحيث يقع المتفرج في حيرة قبل نصف ساعة من نهاية الفيلم ويتساءل: متي وأين يمكن أن ينتهي الفيلم؟ وكان يمكن اختصار أكثر من عشرين دقيقة من الأحداث الزائدة التي يصورها ايستوود فربما ساهم هذا في اعتدال البناء، كما كان يمكن الاستغناء عن عدد من المشاهد الكاملة، بل الشخصيات التي لا تخدم الفيلم.
الغريب مثلا أن الفيلم يتضمن في ثلثه الأخير مشاهد كاملة للمحاكمتين: محاكمة الشرطة، وقاتل الأطفال. ويتحول بالتالي إلي أحد أفلام المحاكمات التي تعتمد علي المرافعات القانونية والاستجوابات الطويلة الأمر الذي لا يسبب فقط الشعور بالملل، بل يخرج المتفرج تماما بعيدا عن البؤرة الدرامية الأساسية التي يقوم عليها الفيلم، وهي: امرأة وحيدة في مواجهة مؤسسة فاسدة، تصمد وتدفع الثمن ثم تنتصر دون أن تحصل علي الابن المفقود، بل إنه يجعل الشخصية الرئيسية تتحول من المرأة إلي قاتل الأطفال، ويصر علي تصوير مشهد المواجهة بين القاتل المفترض والأم الضحية.
لكن حتي قبولنا كمشاهدين في سياق الفيلم، لما يكشف عنه من مقتل الطفل علي أيدي قاتل الأطفال السيكوباتي الذي لا يوجد تبرير لسلوكه، سرعان ما يخذلنا الفيلم عندما يتراجع أمام الرغبة في تحقيق نهاية سعيدة تمنح الأمل للسيدة كولينز.. في العثور علي ابنها حيا، وهنا تُختلق العديد من المشاهد الزائدة والساذجة أيضا لهروب طفلين أو ثلاثة من القاتل ونجاة أحدهما مع احتمال نجاة الابن المفقود!
كان يمكن أن يصبح فيلم "التبديل" تحفة حقيقية لو أن إيستوود سيطر أكثر علي أحداث وتفاصيل الفيلم منذ مرحلة السيناريو، فاستبعد منها كل ما هو زائد، وركز فقط علي مأساة المرأة الوحيدة مع استبعاد الشخصيات النمطية المكررة، والتخفيف من الحوار وحذف كل مشاهد المحاكمة. ولاشك أن هناك جهدا واضحا في هذا العمل في محاكاة كل تفاصيل الفترة (من 1928 إلي 1938) إبان الأزمة الاقتصادية الكبري (أو التي اعتبرت كذلك قبل أن نصل إلي أزمتنا الحالية!) والتعامل بدقة شديدة مع الديكورات والتفاصيل الخاصة بالمدينة والشوارع والسيارات والملابس وتصفيفات الشعر وتصوير مشاهد المظاهرات وغيرها، ولكن هكذا عودتنا أفلام هوليوود الكبيرة منذ سنوات طويلة.


وقد نجح ايستوود في وضع موسيقي الفيلم الشاعرية الحزينة التي تغلب عليها نغمات البيانو والتي تناسب تماما طابع الفيلم.
وكان من الممكن أن يصبح الفيلم أيضا أكثر إمتاعا وأقل تشتتا إذا ما عرف ايستوود أين يتوقف عند النهاية الطبيعية لمشاهد فيلمه، لا أن يترك العنان لممثليه للاستطراد وتكرار العبارات والصراخ والانهيار علي الأرض، وكأنه يعتصر الأداء اعتصارا من أجل الوصول إلي أقصي ذروة ميلودرامية يمكن أن تنتج عن الأداء.
ونتيجة لذلك يعاني الفيلم من الطول المفرط، ومن الفوضي والتداخل بين الشخصيات، والافتقاد لوجود دوافع حقيقية لدي الشخصيات والوقوع بالتالي في التبسيط والتجريد والنمطية. فالشخصيات تتمحور هنا بين "الأخيار" الأقرب إلي الملائكة مثل القس الذي يبدو عداؤه للشرطة وانسياقه في الدفاع عن قضية المرأة غير مفهوم تماما، وبين "الأشرار" مثل مدير المصحة الذي يبدو نذلا حتي النهاية الدموية، بل خصم عنيف للمرأة طوال الوقت دون مبرر مقبول، والشرطي الذي لا يتوقف لمراجعة نفسه مطلقا، حتي بعد أن اتضح أنه كان مخطئا. فالشخصيات كما قلنا، هي نماذج للخير المطلق والشر المطلق.
وربما ترجع "محدودية" تأثير أفلام ايستوود أيضا إلي أنها تركز، عادة، علي الجوانب الشديدة المحلية في الموضوع، وتأتي بالتالي مفتقدة للطابع الإنساني العام، الذي يغلف أفكاره ويضفي عليها رؤية فلسفية أشمل وأعم، وتخلو أفلامه رغم قوتها، من الأبعاد الإنسانية العامة التي تمس الناس في كل مكان. فالمشكلة أننا بعد نحو ساعتين ونصف الساعة من مشاهدة حكاية "مسز كولينز"، نتأثر حقا، وربما أيضا نبكي وننفعل ونغضب، لكننا نخرج إلي الحياة دون أن يبقي في أذهاننا وذاكرتنا شيء منها يصبح جزءا مؤثرا ينعكس علي تجربتنا الخاصة.

الأحد، 21 ديسمبر 2008

فيلم "بصرة" لأحمد رشوان: حيرة الشباب وحالة العصاب الاجتماعي



تبدو تجربة فيلم "بصرة".. الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج أحمد رشوان، كما لو كانت بحثا في "العصاب" الاجتماعي الذي يسيطر على جيل من الشباب المصري الحالي، أو رحلة بكاميرا دقيقة ملتوية داخل جهاز عصبي لشاب يوهم نفسه بأنه في قلب الأحداث، لكنه في الحقيقة عاجز عن فهمها أو استيعابها أو التعامل الواقعي معها.
إنه يرى كل شئ من خلال عين الكاميرا الفوتوغرافية التي اختارها أداة لمهنته، بينما هو في الحقيقة، يقف على الهامش، كلما أمعن في علاقاته الجنسية كلما ازداد إحساسه بالوحدة.
إن بطل الفيلم "طارق" (الذي يقوم بدوره باسم سمرة) هو المعادل السينمائي لكثير من الشباب الذي يشبهه، والذي يبرر لنفسه منذ بداية الفيلم قضاء ليلة أخيرة مع زوجته السابقة بعد طلاقه منها مباشرة طبقا لما يطلق عليه "قانون الطلاق". قوانين الوجود
وسرعان ما تتوالى "القوانين" التي يبرر من خلالها طارق لنفسه الهرب بعيدا عن الواقع. إنه يعمل بكاميراه في قلب الواقع، يصور المظاهرات المناهضة للحرب في العراق، وربما أيضا مظاهرات الغضب المصري على ما يحدث في الداخل، يبحث عن الوجوه التي يمكن أن تثير في نفسه إحساسا مختلفا بطعم الحياة، لكنه مندفع أيضا من الناحية الأخرى للهرب من الواقع وإحباطاته وسط شلة المخدرات واللهو والصخب والغرق في الجنس.
خلال هذه الرحلة الوجودية التي يقطعها بطل فيلم "بصرة" يحاول القفز فوق الواقع، ليس عن طريق رفضه العنيف له على طريقة بطل "على آخر نفس" لجان لوك جودار، بل عن طريق الاكتفاء بملامسته السطحية له مختبئا وراء العدسة دون أن يدرك أن ما يكمن وراء الصورة أعمق كثيرا مما يوجد أمامها أو على سطحها.

ويصبح بهذا المعنى أقرب إلى بطل انطونيوني في "تكبير" Blow Up لاشك أن هناك بعدا وجوديا في "بصرة" يدور حول مغزى الحياة والموت: الحياة الصاخبة التي لا نعرف لها هدفا، ربما سوى الهرب من الواقع المتأزم، والموت الذي قد يداهمنا فجأة عن غير ميعاد، موت الصديق الشاب "حمادة" تحت وطأة المخدرات بعد أن يؤدي الصلاة الأخيرة مع والده. الفرد والعالم
غير أن الفيلم يدور أساسا حول علاقة الفرد بالآخرين، وبالعالم. وعلاقته بالمرأة: هل يمكن أن تصبح كل امرأة هدفا للمتعة الجنسية، أم أن المرأة يمكن أن تصبح في النهاية صديقة مخلصة أقرب إلى روح الطفولة كما تفعل "هند" التي تريده أن يشارك بصوره ولقطاته في عرض مسرحي تستعد لتقديمه باستخدام العرائس.
هند هذه نموذج آخر مضاد لنموذج الفتاة الأخرى المشغولة أيضا بالجسد، والتي تريد الاستيلاء عليه من الفتاة الأخرى أو النموذج المختلف الذي عثر عليه في المصورة الفوتوغرافية "نهلة" التي لا تعيش اللحظة كما هي بل تحاول أن تكون لها "وجهة نظر" فيها، تريد أن تحافظ على استقلاليتها، وتبقي على ثقتها بنفسها في مواجهة الإلحاح الجنسي لدى "طارق" لقضاء ليلة من المتعة الجسدية قبل توفر الفهم الحقيقي المشترك والإحساس المتبادل بين الجسدين كما تقول له.
ما الذي يشد طارق المصور إلى نهلة؟
نموذج نهلة المتمردة على التقاليد حقا لكنها الحريصة على عدم خيانة الذات، يهزم نموذج "خالد" الذي يبحث عن لحظة "التجلي" الفني من خلال صور ربما لا يشعر تماما بها أو يريد أن يبعدها عنه طوال الوقت، و"لذة" عابرة لا يريد أن يفوت أي فرصة للحصول عليها.
أخيرا تأتي لحظة التوافق بعد أن يقتنع طارق بأنه يحب نهلة، وبعد أن تعود نهلة إليه، لتجده مع هند التي أصبحت بمثابة "ابنته" كما يقول. ولكن هذه اللحظة تأتي وهو يواجه أخيرا مشهد سقوط بغداد على شاشة التليفزيون، وهو المشهد الذي يريد أحمد رشوان أن يجسد من خلاله الشرخ الكبير الذي يعانيه هذا الجيل من الشباب الذي لم يعد شبابا.
هناك تحريك جيد للممثلين، وتصوير جيد لشخصيات متباينة تتجادل وتختلف وتتصارع، لكنه الصراع داخل الوحدة، صراع الأصدقاء الذي يجمعهم رغم تباينه، هم واحد. البعض يضل الطريق، والبعض الآخر يتخلى عن الصحبة لكي يحقق شيئا لنفسه، لكن لحظة وفاة "حمادة" تجمعهم معا.. ويصبح مشهد الجنازة نقيضا كاملا لمشهد اجتماعهم معا في ليلة صاخبة.
رشوان يقدم كل شخصيات فيلمه بحب كبير، فهو لا يدين أحدا، بل ولا يرغب حتى في تقديم تحليل اجتماعي ونفسي للدوافع والظروف والمبررات، بل يكتفي باقتناص الشخصيات من حيث وجدت نفسها أخيرا.. ويضعها في مواجهة نفسها، ومواجهة ما يقع على الصعيد العام.

ورغم توفيقه الكبير في العثور على مجموعة من الممثلين الذين أدوا أدوارهم بحب وحماس كبير للتجربة، ونجاحه في اقتناص الكثير من اللقطات المعبرة بمساعدة مصور موهوب، إلا أنه لم يوفق في فكرة المقابلة بين الأزمة الشخصية لبطله ومشهد سقوط بغداد أو بين حالة "العصاب" الفردي الذي يسيطر على شخصياته، والعصاب العام السياسي في المنطقة، فقد كان هذا التصوير يقتضي مدخلا دراميا شديد الاختلاف.
ولعل البعد السياسي في فيلم رشوان لهذا السبب، هو الأضعف والأقل أهمية. ولعل اختياره مشهد سقوط تمثال صدام حسين تحديدا رمزا لهذا السقوط وتصوير تأثيره على بطله لم يكن موفقا، وفيه هبط أداء باسم سمرة إلى أدنى مستوى له في الفيلم.
كان من الأفضل، في تصوري، أن يكتفي المخرج- المؤلف بالإطار الاجتماعي الذي يغلف حياة شخصيات فيلمه في مصر دون إحالة إلى موضوع العراق كمصدر للتمزق، خصوصا وأن ابطاله بطبيعة الحياة التي يعيشونها، حتى مع قبول أن بطله يقوم بتصوير المظاهرات المناهضة للحرب، بعيدين منطقيا ودراميا، عن التفاعل المباشر مع سقوط بغداد ومع موضوع العراق بشكل عام.
لكن يبدو أن هذه الفكرة تحديدا هي التي راقت للطرف الإنتاجي الذي تكفل تحويل الفيلم من شريط مصور بكاميرا الديجيتال إلى شريط سينمائي.
ولاشك أن أحمد رشوان الذي أخرج عددا من الأفلام القصيرة والتسجيلية الجيدة للسينما والتليفزيون، سيتمكن من الاستفادة من هذه التجربة، وتجاوز أي أخطاء في تجربته القادمة التي نتطلع إليها.

عن موقع بي بي سي العربي

الجمعة، 19 ديسمبر 2008

كلاسيكيات حديثة: الوصية الأخيرة للمعلم



"كلا.. ليس بعد أيها الموت"


تقديم: كتبت هذا المقال عام 1993 بعد أن شاهدت فيلم "مادادايو" للمخرج الياباني الراحل أكيرا كيروساوا مع الجمهور العام، وشاهدت كيروساوا نفسه يدخل إلى قاعة لوميير بقصر المهرجان قبل بدء عرض الفيلم يصحبه بمديرالمهرجان جيل جاكوب، وكان المهرجان قد أعلن من قبل أن كيروساوا لن يحضر إلى كان، وكان حضوره مفاجأة سارة للجميع. وقد وقف الجمهور يحييه ويصفقون لمدة عشر دقائق والشيخ العجوز كيروساوا يرد التحية. وبعد أن انتهى عرض الفيلم أدركت وقتئذ أن الفيلم سيكون الأخير في حياة هذا المخرج العظيم، وأنه يلخص فيه ببساطة شديدة، فلسفته ويرتد إلى براءة الطفل كيروساوا بينما هو يتأهب لعبور عتبات الموت. وكان كيروساوا وقت عرض الفيلم قد أكمل 82 عاما من عمره، ولم يخرج بالفعل أي فيلم بعد "مادادايو"، وتوفي عن 87 عاما عام 1998. وقد ذكرني ما نشره أخيرا الصديق المخرج الكبير محمد خان عن فيلم "مادادايو" بهذا المقال الذي نشر وقتها في صحيفة "القدس العربي". وأعيد نشره هنا بنفس عنوانه الأصلي وكما نشر.

يعود المخرج الياباني الكبير (82 عاما) حامل السعفة الذهبية في مهرجان كان عن فيلمه التحفة "كاجيموشا" (1980) إلى المهرجان هذا العام حاملا معه فيلمه الجديد "مادادايو" الذي يعرض خارج المسابقة والتسابق على جوائز الذهب والفضة، لكي يلقننا درسا في بساطة وسمو اللغة السينمائية التي تولد منها عشرات الأفكار والتأملات والمشاعر، بعيدا عن سينما التقعر والحذلقة واستعراض العضلات.
و"مادادايو" هو التعبير الذي يستخدمه الأطفال في اليابان وهم يلعبون ما يطلق عليه لعبة "الاستغماية" التي تتطلب من الأطفال تغطية عيونهم بأيديهم بينما يختفي واحد منهم في مكان ما، ويصبح مطلوبا من الآخرين العثور عليه. غير أن كيروساوا يستخدم التعبير في الفيلم في مواجة الموت، فإذا كان الأطفال ينادون على الطفل القابع في مكمنه بالتساؤل: هل أنت مستعد؟ لكي يجيئ جوابه: "مادادايو" أو كلا ليس بعد، فإن كيروساوا يجعل الكلمة في فيلمه على لسان الأستاذ الشيخ هازئا من الموت، معبرا عن مقاومته له ورفضه الاستسلام له قبل أن ينتهي من إنجاز ما يتعين عليه إنجازه في الحياة الدنيا، فتلاميذه الذين يحتفلون بعيد ميلاده سنويا يسألونه في صوت واحد: هل أنت مستعد" فيرد هو: مادادايو.. أي كلا.. ليس بعد أيها الموت.
هذا فيلم عن الحياة، وليس عن الموت، وعن الزمن وما نعتقد نحن أنه يفعل بالإنسان من تقدم وهرم واختلال، بينما يجعله في الحقيقة وهو في أواخر العمر، يرتد إلى الطفولة. إنه أيضا فيلم عن العرفان بالجميل، وعن وفاء التلاميذ لأستاذهم الذي أخلص لهم فأخلصوا له بعد أن تخلى الصبا والشباب عنه.. عن الصداقة بين الرجال، وعن العلاقة الدافئة بين الإنسان والإنسان، كما بين الإنسان والحيوان الأليف الجميل، رمز البراءة بل ورمز طفولتنا جميعا.
و"مادادايو" من ناحية أخرى، فيلم عن مأساة اليابان الحديثة، عن الحرب والقنبلة والاحتلال الأمريكي، الذي كان لايزال، عن النفاق الاجتماعي والطموح السياسي الذي يفسد الإنسان.

وفي معظم لقطات هذا الفيلم المصنوع بدقة شديدة من ناحية حساب الزمن اللازم لكل لقطة، ترى عمق المأساة من دون تشاؤم بل على العكس، هناك روح من التفاؤل والمرح والأمل في التجدد والاستمرار واجتياز كل الصعاب. هناك البسمة والأغنية والموسيقى والرقص الجماعي الياباني، ولكن من دون إفراط أو مجانية، فكل شئ موظف – دون أن يكون وظيفيا- للتعبير عن (وليس لخدمة رسالة محددة) أحاسيس وأفكار فنان السينما الكبير الذي يدرك أن الموت كامن يمكنه أن يناله في أي لحظة، غير أن استمراره في العطاء والإبداع أقوى رد على الموت الكامن بالقرب منه: كلا.. ليس بعد أيها الموت.. فعندي لايزال ما أقوله!
في "مادادايو" يقدم كيروساوا لوحة بليغة لشخصية البروفيسور الياباني "هايكن أوشيدا".. أستاذ الجامعة الذي هجر التدريس الجامعي لكي يتفرغ للكتابة، وأصبح من كتاب الأدب المعروفين في اليابان، كما يعرف بحسه الساخر ومرحه واستمتاعه بالحياة (وعلى الأخص، بإفراطه في تناول الشراب).. وإضافة إلى هذا كله، يعرف عنه أيضا إفلاسه الدائم.
يبدأ الفيلم من زمن الحرب العالمية الثانية والبروفيسور يمارس التدريس الجامعي، يقيم علاقة صداقة وطيدة مع طلابه وتلاميذه، يتسامر معهم خارج الجامعة، يدعوهم إلى بيته حيث يتناولون الشراب ويتبادلون الرأي في شتى المواضيع، ثم يترك الجامعة لكي يتفرغ لكتابة المقالات والكتب.
وفي عيد ميلاده الستين يقيم طلابه السابقون حفلا كبيرا يغني هو فيه ويمرح معهم، ثم يبوح لهم بوصيته الأخيرة التي تتلخص في كلمة "مادادايو" التي يحولها إلى أنشودة عذبة قوية يرددها ويرددونها معه: كلا.. ليس بعد أيها الموت.
يقول له طلابه الذين أصبحوا الآن رجالا من ذوي الشأن في المجتمع إنهم يرغبون في تقديم هدية له بمناسبة عيد ميلاده لكي تساعده على التقاعد الكريم. لقد اشتروا له قطعة أرض وشرعوا في تشييد منزل متواضع لكي يقيم فيه مع زوجته التي لم تنجب أطفالا.

وسرعان ما ينتهي تشييد المنزل، وينتقل الرجل للإقامة فيه مع زوجته وهو يشعر بالسعادة الكبيرة بسبب تقدير تلاميذه السابقين له، ويدعوهم ليلة بعد ليلة، لتناول العشاء في منزله، ويقدم لهم ذات مرة، لدهشتهم الشديدة، حساء لحم الحصان الذي يجدونه شهيا، ويروي لهم كيف أنه بينما كان يشتري لحم الحصان توقف أمامه حصان يجره رجل، عرف فيه على الفور حصانا كان يخدم في الجيش أثناء الحرب، وصوب الحصان نظراته عليه وكأنه يسأله: ماذا تفعل أنت في هذا المكان؟
وتستمر مسامرات المجموعة، وتكون الحرب بالطبع قد وضعت أوزارها، لكن الرجل يشعر بغصة في حلقه مما يدور في مجتمع اليابان فيما بعد الحرب العالمية الثانية. وذات أمسية ينشد لهم الرجل أنشودة يسخر فيها من الحديث المتواصل عن الديمقراطية بينما ينتشر الفساد السياسي في البلاد، ويسخر من الحديث عن الحرية بينما اليابان أصبحت دولة واقعة تحت الاحتلال. ونرى مثلا كيف يهرع رجال الشرطة العسكرية الأمريكيين إلى مكان حفل عيد الميلاد لتقصي الأحوال، ظانين أن هناك اجتماعا سياسيا من الاجتماعات المحظورة. كذلك نلاحظ مظاهر البؤس والفقر المنتشرة في اليابان بعد الحرب. لكن ليس هذا هو الموضوع فالموضوع أكثر خصوصية من ذلك، فالرجل لديه قط قام بتربيه صغيرا، وأشرف عليه مع زوجته حتى أصبح لا يطيق فراقه أبدا، بل وظل دائم الحديث عنه مع أصدقائه، يلاعبه ويلاطفه أمامهم، ممتدحا كثيرا مظهره وشكله وشعره المميز وحركاته، بينما يندهش الأصدقاء من انشغال أستاذ وأديب كبير بقط.
وذات يوم يوزر الأصدقاء أستاذهم الكبير فيجدونه حزينا باكيا موشكا على الانهيار النفسي، والسبب في كل هذا الكرب، أن القط خرج في الليلة السابقة ثم هبت عاصفة هوجاء- كما نرى في لقطات العودة للماضي، أعقبها سقوط المطر الغزير فاختفى القط ولم يعد للظهور في المنزل منذ تلك اللحظة. ومن شدة تأثر الرجل يبدأ في البكاء وهو يروي لأصدقائه مدى علاقته الحميمة بالقط الذي يريد استعادته بأي ثمن. ويأخذ في تخيله وهو وسط العواصف والأحجار وفي الأماكن المقفرة البائسة، عديم الحيلة، ضالا جائعا لا يجد من يشفق عليه، والأصدقاء في حيرة من أمرهم أمام الأستاذ الكبير وعواطفه الجياشة تجاه القط الضال.
يحضر فجأة رجل يقول إنه اشترى قطعة الأرض المجاورة لمنزل الأستاذ، وإنه يعتزم تشييد منزل عليها، وينذره بضرورة إغلاق أبواب منزله المطلة على ذلك الجانب. ويحاول الأستاذ استثارة عطف الرجل واستدعاء مروؤته قائلا له إنه يرغب في الاستمتاع بالضوء الذي يأتي من تلك الناحية في سنوات تقاعده. لكن الرجل يتمادى في الوعيد والتهديد رافضا الاستجابة لتضرع صاحبنا. وعندما يعلم مالك الأرض الواقعة في ضواحي المدينة بالأمر، يتراجع عن بيع قطعة الأرض للرجل الشرير تعاطفا مع الأستاذ النبيل الطيب القلب وإرضاء له رغم حاجته الشديدة للمال لكي يشتري منزلا بسيطا في المدينة.
ويتفق الأصدقاء على شراء قطعة الأرض المجاورة تقديرا للرجل الذي قدم كل تلك التضحية ورغبة في تكريم أستاذهم المتواضع، لكن صاحبنا يبدو مهموما أكثر بالقط الذي لم يعد للمنزل. ويسعى الأصدقاء للعثور على القط، ويقنعون الأستاذ بنشر إعلان في الصحيفة المحلية، غير أنه لا يتلقى إلا بعض مكالمات هاتفية تسخر منه ومن تشبثه الطفولي بالقط الضال، كما يتكاثر الأدعياء والكاذبون الذين يزعمون العثور على القط طمعا في الحصول على المكافأة السخية.
ويلجأ الرجل إلى حيلة أخرى، فيقوم بطبع مئات الأوراق التي تحمل أوصاف القط ويذهب بنفسه لكي يوزعها على تلاميذ المدرسة القريبة من منزله. لكن هذا كله لا يجدي فالقط لا يظهر ولا يعثر عليه أحد، ويفقد الأستاذ مرحه تماما، ويظل الأصدقاء يتداولون فيما بينهم في كيفية مساعدته على الخروج من حالة الاكتئاب هذه. وذات يوم، يموء قط في حديقة المنزل، قط آخر جاء بنفسه يطلب الطعام، تناوله زوجة الأستاذ بعض الطعام، يربت الأستاذ على ظهره، ويقرر أن يطلق عليه اسما. لقد جاء هذا القط لكي يبقى، لكي يصبح بديلا عن القط الضائع.
وتنتهي الأزمة التي لم يستطع تلاميذ الرجل وأصدقاؤه فهمها أبدا. ويشرح هو الأمر لهم فيقول: "إن هذا القط بمثابة ابن لي، أرتبط به ولا أقوى على فراقه".
وتمر السنون، ولكن.. "كلا.. ليس بعد أيها الموت". يتجمع الأصدقاء، يحتفلون ببلوغه الثمانين وقد نال الشيب ما ناله من رؤوسهم جميعا، وتهدجت أصواتهم بمرور الزمن، لكنهم ينشدون "مادادايو".. تماما كما يطلب منا كيروساوا الذي يقول في تقديمه لفيلمه هذا: "آمل أن كل من يشاهد هذا الفيلم سوف يغادر قاعة العرض وهو يشعر بالانتعاش، وقد ارتسمت البسمة على شفتيه".
إنها الوصية الأخيرة للمعلم الكبير كيروساوا، يصوغها ببساطة في فيلمه رقم ثلاثين، مبتعدا فيه عن أسلوبه الذي ارتبط به في أفلام مثل "الساموراي السبعة" و"كاجيموشا" و"ران"، لكنه ليس بعيدا تماما عن الأفلام الأقدم له مثل "أن تحيا".
يقوم بالدور الرئيسي هنا الممثل الياباني الكبير تاتسو ماتسومورا الذي قام ببطولة عدد كبير من أفلام كيروساوا، مجسدا شخصية البروفيسور أوشيدا ببراعة مذهلة، منتقلا بين شتى المشاعر والتعبيرات: الأداء الصامت الرصين، المرح، السخرية، الود، الحزن، الحيوية الشديدة المتدفقة، وبراعة اللفظ والكلمات.
أما كيروساوا فيلجأ إلى طريقة سرد قصص الأطفال بل إنه يبدأ الفيلم فعلا بلعبة "الاستغماية" أو "مادادايو" يلعبها الأطفال في الشارع قبل أن يدخل بنا إلى موضوع الفيلم.
لا توجد في هذا الفيلم معارك مبهرة، ولا سيوف ولا مناظر تاريخية أو ملابس وتصميمات معقدة في حركتها كما في "ران" مثلا أو "عرض الدم"، بل عمق في الديكور وبساطة في الخطوط، وإيقاع هادئ رصين يساهم في تعميق إحساسنا بتعاقب الزمن، وهو ما يساعد عليه أيضا اللجوء إلى استخدام المزج، والإظلام التدريجي والظهور التدريجي كوسيلة للانتقال بين اللقطات والمشاهد.
كيروساوا يبدو في هذا الفيلم وقد عاد من حيث بدأ، أي إلى جوهر السينما كفن، وعلى مستوى الفكر، بدا وكأنه يوجه لنا وصيته الأخيرة التي تتلخص في ضرورة التمسك بالأمل والتفاؤل والاستمتاع بالحياة دون أن يغيب عن بالنا أبدا ضرورة العطاء والبذل لمن نحب.
لقد أراد هو تكريم الأديب الذي يحبه، وهو رجل ينتمي لأبناء جيله، لكنه، قام في الوقت نفسه، بتكريم الإنسان في كل مكان.

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

قصة حب ضائعة على الحدود




عرض مهرجان دبي فيلما تركيا من النوع "غير الخيالي" سبق أن شاهدته قبل 11 شهرا في مهرجان روتردام السينمائي الدولي حيث عرض للمرة الأولى هناك بحضور مخرجه. وهو يحمل عنوانا غريبا هو My Marlon and Brando وهو تعبير تقوله البطلة عن حبيبها في اطار تعبيرها عن الحب باستخدام الكثير من الأوصاف التي تعتبر هذا الحبيب هو..كذا وكذا..وروميو وقيس ومارلون وبراندو وكل شئ.
ينتمي هذا الفيلم إلى ما يعرف بسينما الحقيقة التي تتميز باستخدام ممثلين غير محترفين يقومون عادة بإعادة لعب أدوارهم في الحياة حيث يختلطون بشخصيات حقيقية من الواقع، وكاميرا صغيرة تتابع وتسجل وترصد وتستفز، وتصوير في الاماكن الطبيعية، وموضوع حقيقي تماما لا يدخله أي افتعال درامي أو إضافات مثيرة.
والموضوع هو ببساطة قصة حب بين ممثلة تركيةهي عائشة داماغسي التي تقيم في اسطنبول والممثل العراقي الكردي حمة علي الذي يعيش في السليمانية في شمال العراق. وقد سبق أن التقى الإثنان لفترة قصيرة اثناء اشتراكهما في فيلم في تركيا قبل غزو العراق عام 2003، ثم عاد الرجل إلى بلاده، وظلت العلاقة بينهما قائمة من خلال الاتصالات الهاتفية والخطابات وغير ذلك.
الآن تقرر عائشة أنها لا تستطيع احتمال الفراق، وتتصل بحبيبها حمة علي تريد أن تتأكد من أنه مازال يحبها ويرغب في رؤيتها، فيؤكد هو لها حبه بل ويبعث إليها بألف مليون قبلة (على حد تعبيره) ولأسرتها ملايين القبلات، ويقول إنه يرغب في رؤيتها لكنه لا يستطيع الخروج من البلاد بينما تتأهب القوات الأمريكية للغزو.
وتقرر عائشة أن تذهب بنفسها إلى شمال العراق رغم كل المعوقات، لاعنة الحدود والجيوش والحروب، ويمضي الفيلم معها لتصوير المصاعب المستحيلة التي تلاقيها في طريقها، وكيف تفشل أولا في دخول العراق بسبب منع السلطات التركية لها، ورفض العراقيين الأكراد التصريح لها بالدخول، ثم كيف تقرر أن تدخل إلى العراق عن طريق إيران وكيف تعبر الحدود إلى إيران بالفعل وتتوجه مع سائق تاكسي إلى بلدة قريبة بعد أن قضت ساعات في انتظار أن يسمح لها الايرانيون بالدخول.
وتصبح عائشة شاهدة على الفظائع التي تقع بعد اندلاع الحرب، ولا نعرف في النهاية ما إذا كانت قد وصلت إلى حبيبها أم أنها ظلت تهيم على الحدود. ولكن لاشك أن الحبيبين اجتمعا بعد الحرب وإلا ما كان هذا الفيلم الذي ولدت قصته من قصتهما معا.

إنه فيلم من أفلام الاحتجاج السياسي ولكن في أسلوب شاعري رقيق، احتجاج على الحرب وعلى المعاملة التي تلقاها المرأة، وأساسا، هجائية عذبة ضد الحدود التي تفرق بين البشر وتعيق الاتصال فيما بينهم.
ويصور الفيلم أيضا نوعية المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها امرأة وحيدة تعيش بمفردها في تركيا، ثم المضايقات التي تتعرض لها بعد ذهابها إلى إيران.
وقد صور الفيلم في المواقع الطبيعية لأحداثه، ولعب البطلان دوريهما كما سبق أن خبراه في الواقع. واستخدم المخرج في الفيلم رسائل الفيديو الحقيقة والخطابات التي أرسلها الرجل لحبيبته، كما استخدم لقطات لمظاهرات حاشدة اندلعت في تركيا ضد الغزو الأمريكي للعراق شاركت فيها بطلته عائشة.
والفيلم من إخراج المخرج التركي حسين كرابي الذي حصل على تمويل لفيلمه من هولندا وبريطانيا وصوره بكاميرا الفيديو (الديجيتال).
وقد حقق نجاحا كبيرا في الحصول على نتائج نهائية ممتازة من ناحية الصورة، وهو ما يؤكد الدور المتنامي لكاميرا الديجيتال في المستقبل، كما نجح في خلق إيقاع لاهث سريع، وبرع بوجه خاص في التفاصيل الخاصة بالجزء الإيراني، ومزج التسجيلي بالتمثيلي، واستخدم الموسيقى والأغاني العذبة المعبرة بالتركية والكردية من البلدان الثلاثة.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger