الجمعة، 5 ديسمبر 2008

يوسف شاهين وسمعة مصر


المقال التالي نشر في عمود أو زاوية "هواء طلق" الموجودة في الصفحة الأخيرة من صحيفة "القدس العربي" الصادرة في لندن في 31 مايو 1991.
هنا نص المقال، أعيد نشره لأن القضية التي يطرحها لاتزال، بكل أسف، قائمة، يعبر عنها كثير من الكتاب والنقاد رغم كل ما وقع من تغيرات في العالم، في الأفكار والقيم والمفاهيم فالتشكك من الآخر هو السمة التي لاتزال تحكم نظرة قطاعات كبيرة من القوميين- البعثيين- اليساريين- الإسلاميين، أو المنتمين لهذه "الخلطة"العجيبة الهجينة من الفكر السياسي التلفيقي. وإذا كان يوسف شاهين قد تعرض لموجة عاتية من الهجوم والاتهامات قبل نحو 17 عاما، فهناك آخرون يتعرضون حاليا لاتهامات مشابهة بسبب خروجهم عن قاموس الدعاية الرسمية، والأيديولوجية الأحادية التي ترفض الاختلاف. والغريب أن الذين طالبوا بمحاكمة شاهين بدعوى إساءته لبلاده هم أنفسهم الذين عادوا فرفعوه إلى عنان السماء عام 1998 عندما حصل على جائزة تكريم من مهرجان كان، فنسبوها لمصر وليس للفنان الفرد الذي حصل عليها بمجهوده الفردي، رغبة منهم في التمسح بالنجاح الذي يحققه الفنان الفرد. هنا نص المقال للتاريخ وحتى يعرف من يريد أن يعرف كيف كان الموقف الشخصي لكاتب هذه السطور، وماذا كان موقفهم هم، وفي أي خندق كانوا يقفون وقتذاك بكل "شجاعة" و"عنترية" المحمي من السلطة الرسمية والذي يأتمر بأمرها:

((بين وقت وآخر تتصاعد حملات الهجوم والتشكيك كلما ظهر فيلم يصور الواقع المصري كما هو، ويحمل رؤية صادقة لمخرجه. حدث هذا قبل أكثر من عشر سنوات عندما ظهر الفيلم التسجيلي الممتع "القاهرة كما لم يرها أحد" إخراج ابراهيم الموجي. وقد منع عرض هذا الفيلم في مصر كما منع تصديره وعرضه في الخارج. وحدث الشئ نفسه مع فيلم المخرج داود عبد السيد التسجيلي "وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم"، وكانت الذريعة في كلتا الحالتين "الإساءة إلى سمعة مصر".
ولست أدري حقا كيف يمكن أن يسئ فيلم أيا كان، لسمعة بلد وشعب وتراث وتاريخ وثقافة، هكذا وببساطة تامة إذا ما كان يعرض لجانب أو لعدة جوانب في الواقع!
بل ولست أدري كيف يمكن لصحافة تحترم نفسها وقراءها أن تشن حملات على أفضل ما لدينا من فنانين سينمائيين كان آخرهم يوسف شاهين الذي اتهم فيلمه التسجيلي القصير "القاهرة منورة بأهلها" بالإساءة إلى سمعة مصر والتعريض بها وبشعبها، ووصل الحد أيضا إلى أن تساءل "بعضهم" في الصحافة الرسمية المصرية، عن سر الكراهية العميقة والدفينة التي يكنها يوسف شاهين لمدينة القاهرة، مقارنة بمدينة الاسكندرية التي ولد ونشأ فيها وصورها في عدد من أفلامه في صورة "إيجابية" كما رأى ذلك العبقري الذي كتب كلاما من هذا النوع!
وكان صحفي ناشئ يحمل اسم والده الصحفي الشهير، قد نشر مقالا في إحدى الصحف الدولية الملونة ووضعت الصحيفة صورته في قلب المقال وكأن القائمين على أمر تلك الصحيفة يعتبرونه مفكرا من "المفكرين" الذين نبتلى يوميا بمطالعة مقالاتهم الرنانة على صفحات "الملونة"!
كرر الصحفي الشاب في مقاله نفس ما يقال عن فيلم شاهين- رغم اعترافه بأنه لم يشاهده، مشيرا إلى أن الفقر ليس عيبا، موجها اللوم إلى يوسف شاهين لاظهاره الفقراء المصريين في عاصمة المعز، ولكن دون كلمة واحدة في الدفاع عن حق السينمائي في أن يرى ما يرى، وأن يصوره بأمانة على حقيقته.
وإذا كان من المنطقي أن يستخدم وزراء السياحة وموظفو السياحة تعبيرات من نوع "الإساءة لصورة البلاد" وما شابه من تعبيرات أخلاقية ساذجة، فمن الحمق أن يردد "نقاد" أو رجال إعلام كلاما من نفس النوع، غير مدركين أن ما يرددونه هو في حد ذاته، إساءة لسمعة البلاد، فهو يكشف عن نظرة جاهلة ضيقة الأفق للفنون عموما، وللسينما بوجه خاص، طبيعتها ووظيفتها في العصر الحديث.
إن الأعمال السينمائية المتميزة التي تحقق أصداء طيبة في عروضها الجماهيرية أو في المهرجانات السينمائية الدولية، أغلبها يمتلئ بالنقد الاجتماعي والسياسي القاسي الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى نقد مؤسسات الرئاسة نفسها بصورة موجعة، ومع هذا لا ترتفع أصوات المثقفين والصحفيين والكتاب تطالب بمنع هذه الأفلام أو إيقاف تصديرها وعرضها في الخارج، أو محاكمة صناعها، ودون أن يتهم فنان في ولائه لبلده، ويشكك في انتمائه إلى البلد الذي صنع فيه فيلمه. هذا لا يحدث سوى في مجتمعات القهر والإرهاب والفاشية حالكة السواد، فماذا يضير مجتمع ما أن يراه فنان بعين تنقب في الواقع بمساوئه وحسناته. وإذا كان البعض حريصا على "صورة مصر" فلماذا لا يجندون أقلامهم من أجل إيقاف التدهور، ومقاومة الردة الحالية بدلا من توجيه الاتهامات إلى سينمائي يعبر بالكاميرا عما يراه مهما كان قاسيا في رؤيته!
يوسف شاهين ينتمي إلى القاهرة وناسها، وهو عاش ولايزال يعيش بينهم، يصنع أفلاما قد نتفق أو نختلف مع مضمونها وأفكارها، وقد نناقش مدى تماسك بنائها الفني، وقد نجد خياله يمتد إلى آفاق غير مقبولة من جانب البعض منا بحكم نظرتهم الأخلاقية الجامدة، ولكن دعونا لا نصادر حريته وحقه في التعبير، فهو ابن السينما المصرية والعربية، بل وعلم من أعلامها، فإذا أردتم نقد أفلامه فلتفعلوا، فهذا حقكم، ولكن لا يهيلوا التراب عليها، فليس من حق أحد أن يتشكك في ولائه ومصداقيته، فيوسف شاهين ليس عميلا للغرب، وللصهيونية العالمية – كما ردد أحدهم- بل هو عميل مخلص للفن السينمائي، يدرك جيدا مسؤوليته في المجتمع الذي ينتمي إليه)).

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

مغزى الحرب القائمة ضد السينما المستقلة


مقال أمير العمري الجديد المنشور في جريدة "البديل"


في كل بلاد الأرض تدرك "النخبة" معنى ومغزى وأهمية وجود جيل آخر جديد من السينمائيين، وأهمية إتاحة كل الفرص أمامهم، للتجريب والسباحة في مناطق غير تقليدية، في ثقافة الصورة، بعيدا عن كل القيود التقليدية التي يفرضها السينمائي عادة على نفسه لكي يتواءم مع ما يسمى بـ"متطلبات السوق".
ومهرجانات السينما الدولية الكبيرة حقا، تاريخا ومقاما، والتي تريد أن يحسب لها أنها لا تستبعد الجديد مهما كان جامحا في تجريبيته وأفكاره، عادة ما تسمح بمساحة على الهامش لتلك "السينما الأخرى".
منذ عام 1969، أي بعد عام على موجة التمرد والثورة والغضب في فرنسا، بدأ اتحاد السينمائيين الفرنسيين تنظيم وإقامة ما يعرف باسم "نصف شهر المخرجين" على هامش مهرجان "كان" السينمائي، وهي تظاهرة خاصة مستقلة تماما عن المهرجان، أو مهرجان مواز للتجارب الابداعية السينمائية الشابة. ومن قلب هذه التظاهرة خرجت إلى العالم عشرات المواهب السينمائية الأصيلة الجامحة التي سرعان ما ذهبت أفلامها فيما بعد للعرض في برنامج مهرجان كان الرسمي لكي تلقى الكثير من الاحتفاء بها وبأعمالها. ويمنح "نصف شهر المخرجين" جوائزه الخاصة، ويصدر مطبوعاته، ويوجه دعوات خاصة للسينمائيين وينظم مناقشات أفلامهم بعيد عن أروقة مهرجان كان الرسمية.
ويوجد على هامش مهرجان برلين حدث مواز للمهرجان الرسمي هو "الفوروم" الذي أقامه عدد من السينمائيين والنقاد الشباب لعرض الأفلام الطليعية التي قد لا يرحب المهرجان الرسمي بضمها إلى مسابقته.
ويقيم شباب السينمائيين الايطاليين ما أطلقوا عليه تظاهرة "أيام فينيسيا" على هامش مهرجان فينيسيا السينمائي سنويا، وهو حدث مشابه لنصف شهر المخرجين، والفوروم، أي أنه "معرض" لأفلام المخرج المؤلف صاحب الرؤية "المستقلة" التي تختلف وتتباين مع المقاييس السائدة.
ولكن الغريب أن يكون في مصر مهرجان سينمائي دولي كبير منذ 32 عاما هو مهرجان القاهرة السينمائي، دون أن يسمح أبدا في أي وقت، بوجود حدث مواز يقام على هامشه للسينما الأخرى، المصرية على الأقل، التي تعكس هموم وأحلام شبباب السينمائيين الذين يتخرجون من مدرس السينما سنويا، ولا يجدون فرصة حقيقية لإخراج أفلامهم في إطار منظمومة السينما السائدة في مصر.
وعندما يحاول تجمع ما يسمى بالسينما المستقلة في مصر إقامة مهرجان خاص بأفلامهم التي تنتج عادة بدون ميزانيات حقيقية، اعتمادا على العمل التطوعي، أو المغامرة عن طريق التمويل الذاتي المحدود، يتدخل المسؤولون في مهرجان القاهرة السينمائي لوقف هذا الحدث وإبادته من أساسه.
ولا يقتصر تدخل المسؤولين في المهرجان الكبير فقط على رفض وجود مهرجان لا ينافس ولا يهدف إلى انتزاع الأضواء من ذلك الحدث الآخر "الكبير" بل لقد وصل الأمر إلى حد إبلاغ الشرطة لكي تتدخل، كما حدث، وتقوم بقطع التيار الكهربائي عن القاعة التي استأجرها السينمائيون الشباب المستقلون لعرض أفلامهم، في حدث هو الأول في العالم، فهل هذه التصرفات البوليسية الإرهابية في صالح مستقبل السينما!
والغريب أن أي منطق في العالم يقول إن الترحيب بمهرجان مستقل للسينما المستقلة في مصر، يضيف إلى مهرجان القاهرة السينمائي، ولا ينتقص منه، ويقويه ويدعمه، لا يضعفه أو يهز صورته أمام ضيوفه. وكان حري بهؤلاء المسؤولين تشجيع ذلك الحدث الموازي لعله يساهم في إضفاء صبغة ما من الجدية على ما يقام في القاهرة في هذا الوقت سنويا!
كيف يمكن أن نبرر "قمع" الصوت الآخر في مجتمع تتردد فيه ليلا ونهارا فكرة التعددية والليبرالية الاقتصادية وحرية السوق، في حين تريد الدولة، ممثلة في مؤسساتها الرسمية ومن ضمنها مهرجان القاهرة السينمائي، احتكار العمل الثقافي ومحاربة العمل المستقل بدلا من دعمه وإعداده لكي يحل محل المؤسسات الرسمية القائمة التي تنوء بموظفيها!
إن موقف مهرجان القاهرة السينمائي لا يعكس فقط رفضا للجديد، وعداء له، ورغبة في استئصاله، بل في محاولة صارخة وفظة للوقوف أيضا في وجه المستقبل، مستقبل السينما، واحتكار الحديث عنه باسم تشجيع تجارب الديجيتال في نفس الإطار الرسمي المتهالك الذي فشل حتى في العثور على فيلم واحد يليق باسم السينما المصرية للعرض في المسابقة الرسمية لهذا المهرجان العجوز الذي آن الأوان لمراجعة أسسه ولائحته بل ووجوده نفسه بهذا الشكل المتهالك الحالي.
ولا ينفصل هذا الحدث المشين الذي تعرض له السينمانيون المستقلون في مصر عما وقع أخيرا من قيام الشرطة بمداهمة منزل بسيط في بلدة العياط أثناء تصوير فيلم قصير عن الحجاج واحتجاز مخرج الفيلم التليفزيوني البراء أشرف، الذى كان يصور فيلماً تسجيلياً مستقلاً عن طقوس الحج عند المصريين، ومظاهر الفرحة بالحج، وقيام الشرطة بمصادرة الشرائط.
هذه الواقعة قد يفسرها البعض في ضوء أن القانون يشترط الحصول على تصريح بالتصوير، لكن في هذه الحالة تحديدا كان التصوير داخل البيوت وليس في الشارع، وهو أمر لا يستلزم الحصل على أي تصريح. ومن جهة أخرى لماذا لا يطالب هؤلاء بتعديل ذلك القانون البالي المتخلف الذي عفا عليه الزمن، ومن قال إن القوانين صنعت لكي تعيش إلى الأبد رغم تغير العالم من حولنا طولا وعرضا!
إن هذه الواقعة المشينة أيضا تعكس حالة الهلع التي أصابت بعض الأجهزة أخيرا من زحف السينما المستقلة بهدوء وإصرار، لكنها تؤكد على نحو ما أيضا، أن السينما المستقلة قادمة، يؤكد وجودها انتصار فيلم "عين شمس" لابراهيم البطوط، في معركته الدامية مع الرقابة بعد أن رضخت أخيرا للأمر الواقع وقررت السماح بعرضه كفيلم مصري وليس مغربيا، متغاضية عن عدم حصوله على تصريح مسبق على السيناريو أو التصوير، وهو ما يؤرخ لبداية نهاية الرقابة بشكلها القائم المتخلف.

الأحد، 30 نوفمبر 2008

نهاية مهرجان: المهزلة تعيد إنتاج نفسها

أحمد رشوان
محمد خان

في هذا المقال سأهتم فقط بحفل توزيع الجوائز الذي يعتبره البعض أهم أحداث هذا المهرجان ويتشدقون به باعتباره حدثا كبيرا يضم النجوم والأقمار الطبيعية والاصطناعية.
اختتمت الدورة الـ32 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي باعلان فوز الفيلم الاسباني "العودة الى حنصلة" للمخرجة يوتيس جواتيريز بجائزة الهرم الذهبي للافلام الطويلة وفاز الفيلم البلجيكي "الضائع" اخراج جان فرهاين، بجائزة الهرم الفضي. أما جائزة أحسن ممثل فقد ذهبت إلى الممثل اليوناني خوان ديجو خوتو عن دوره في فيلم "خوتلتو" اخراج يانيس سمرجديس، فيما فازت الممثلة الفرنسية يولان مورو بجائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "سيرافين".
أما الملاحظة الرئيسية تتعلق بأمر تكرر حتى بدا كالنكتة هو تقاسم عدد كبير من الأفلام معظم الجوائز الأخرى في المسابقتين السينمائية ومسابقة أفلام الفيديو بطريقة تستعصي على الفهم، فهل هذا ناتج عن وجود عدد كبير من الأفلام الجيدة أم لارضاء أكبر عدد من المشاركين. واغلب الظن أن الرأي الثاني هو الأصح بل والأدق، فمهرجان القاهرة مثله في هذا مثل ما يقام من مهرجانات في نهاية السنة لا يمكنه الحصول على أفلام جديدة لم يسبق عرضها ذات أهمية تذكر.
أما ما أثار الارتباك والفوضى كالعادة فكان الطريقة التي تم بها اعلان الجوائز ثم توزيعها. فقد ساد الاضطراب والفوضى وسوء الاختيار الأمر بأكمله. وكان مقدما الحفل يعلنان بالانجليزية والعربية عن جائزة ما ثم يدعى أحد النجوم أو السينمائيين لتقديم الجائزة فيعيد ويكرر مرة أخرى عبارة سبق ترديدها، بشكل يدعو حقا إلى الملل، ثم ينتظر بعد اعلان الجائزة الأولى إلى أن يتسلمها صاحبها ويلقي خطبة ويقبل كل الرجال بينما يصافح النساء باليد (فهذه ثقافة ذكورية لواطية على الأقل في أنظار الحاضرين من شمال المتوسط)!
ويبدو أيضا أن تعليمات أعطيت للممثلات الأجنبيات لكي يكتفين بمصافحة الوزير ورئيس المهرجان عزت أبو عوف الذي بدا كشاهد لم يشاهد شيئا، وغيره من الرجال على المنصة، ودون أن تقبيل على الخد وإلا قامت قيامة تيار الظلاميين المتسعودين، فالرجال يقبلون بعضهم البعض ثلاث وأربع مرات، بينما يصافحون النساء باليد بطريقة مضحكة حتى لو كانت النساء من الأوروبيات أي ممن يعتبرهم المتسعودون العرب والمصريون من الكافرات المتبرجات اللاتي يستحقن اللعنة في الدنيا وفي الآخرة. ويكفي أن الرقابة تفرق بين ظهور اللحم المحلي "الحلال" واللحم الأوروبي الأمريكي على الشاشة، فبينما تحظر ظهور النوع الأول تماما، لا تمانع في إظهار التوع الثاني دون أي مشكلة فهو في الواقع "حلال" لنا أن نتفرج عليه!
وقد طلبوا من الممثلة السورية ذات الصوت الذي لا وجود له سوزان نجم الدين (أربكان!) وزميلتها راغدة ذات الصوت الذكوري الخشن الصعود إلى المسرح لتقديم جائزة أو أخرى بلغة لا تعرفها الاثنتان ، مما جعلهما تضطربان وترتبكان (من أربكان!) فلم نفهم شيئا مما قالتاه بلغة الجن والعفاريت أي بالانجليزية التي لا تعرفها الاثنتان بالطبع كما هو واضح من التأتأة والتهتهه.
المخرج الفرنسي صاحب فيلم تدور احداثه في الهند، قال إنه لا يعرف الانجليزية وتكلم بلغة بلاده فوجم الجميع على المسرح بما فيهم مقدما الحفل اللذان أخذا ينظران إلى أحدهما الآخر ولسان حال كل منهما يقول: ماذا نفعل في هذه المصيبة الكبرى؟ فلم يكن هناك استعداد للترجمة من الفرنسية للعربية فلم يفهم الحاضرون ما قاله المخرج الفرنسي سوى كلمة شكرا التي كررها بالعربية!
خرجت الأفلام المصرية من المولد بلا أي حمص سواء من المسابقة الرسمية أو مسابقة السينما العربية والفيديو باستثناء جائزة واحدة
حصل عليها المخرج أحمد رشوان عن سيناريو فيلم "بصرة" (مناصفة مع فيلم عيد ميلاد ليلى لرشيد مشهراي) فمبروك للاثنين.
الرقابة كما علمت حذفت مئشهدا كاملا من الفيلم التركي "ثلاثة قرود" بسبب ظهور بعض اللحم التركي "الحلال" عاريا.
صديقنا المخرج محمد خان تورط فيما يبدو في توزيع أكبر عدد من جوائز المسابقة السينمائية، لكنه كعادته ضرب عرض الحائط بحضور الوزير وغيره من كبار المسؤولين المحنطين فظهر بملابس عادية أي ليست رسمية، وإن كانت حكاية التقاسم والمناصفة والانتظار أن ينتهي الممثل شريف منير من سخافاته واستعراضه خفة ظله بقلة ذوق نادرة، قبل أن يعلن عن الجائزة التالية، كل هذا ربما يكون قد سبب بعض الإرباك لمحمد خان أو حتى الضيق!.
أما "الدكتور" عزت أبو عوف الذي وجد نفسه في غفوة من التاريخ رئيسا لهذا المهرجان، فرغم فشله هو ومساعدته المرأة الحديدية التي صدأت، في العثور على فيلم مصري يليق حقا بالاشتراك في المسابقة الرئيسية لمهرجانه، إلا أنه ألقى كلمة امتدح وشكر وأثنى فيها على الذات المصرية بطريقة ممجوجة فتكلم عن أن "المال قد يقدم دعما اضافيا للمهرجانات لكن لدينا التاريخ والثقافة والسينما والحضارة والباذنجان. ونسى أن يضيف.. "والإخوان المتسعودين"!

الجمعة، 28 نوفمبر 2008

أفكار في مهرجان القاهرة السينمائي

مع ناجي فوزي وحسين بيومي

مع محمد خان وأحمد رشوان


أجواء الصحبة في القاهرة تدفع إلى التفكير في المزيد من تحقيق الأفكار المشتركة. قد تكون هذه الأفكار كتاب مشترك أو ندوة مشتركة أو حتى إصدارات مشتركة.
الدكتور ناجي فوزي قال إنه يرغب في مد تجربته السينمائية والنقدية على استقامتها والتفكير جديا في افتتاح مدرسة لتعليم السينما، وهو يبحث حاليا عن تمويل مناسب.
المخرج محمد خان عضو لجنة التحكيم للمسابقة الرسمية لم يحبس نفسه بعيدا عن أصدقائه النقاد والسينمائيين الشباب فجاء إلينا بعد ظهر اليوم وجلسنا نتبادل الأفكار بحرية، كل الأفكار، فيما عدا الاقتراب من موضوع الجوائز: من فاز بماذا ومن لم يفز، فليس لأحدنا في الحقيقة ناقة ولا جمل في هذا الموضوع، بل ولا يبدو أن هناك انشغال بيننا بهذا الموضوع على العكس مما يحدث في مهرجانات أخرى، ربما لأن معظمنا اهتم بمشاهدة أفلام أخرى عدا أفلام المسابقة التي لم تستهوي أحدا كما علمت!
الجوائز تقررت بالفعل وستعلن مساء اليوم في حفل الختام.
صلاح هاشم حاضر طبعا مع الصديق المصور سامي لمع، وصلاح سيعرض الفيلم التسجيلي الذي أخرجه وصوره سامي قريبا في اطار اهتمامات صندوق التنمية الثقافية كما علمت.


المخرج احمد رشوان حاضر بقوة في لمهرجان، وكذلك المخرج ابراهيم البطوط، يشاهدان الأفلام. المخرجة هالة لطفي جاءت إلينا فأضافت متعة كبيرة إلى جلستنا. ملوك البيربوقراطية لم يظهر منهم أحد لحسن الحظ.. يبدو أنهم اكتفوا بالجلوس وراء النوافذ، باستعارة اسم فيلم هيتشكوك العظيم "خلف النافذة".. ولكن مع الفارق!
دارت مناقشة سريعة مع الناقد حسين بيومي حول الفيلم التركي "ثلاثة قرود" الذي يرى البعض أنه "تحفة" حقيقية وهو رأي لم أتفق فيه معهم، بل رأيت قدرا كبيرا من الافتعال ورغبة سخيفة في محاكاة أسلوب السرد عند تاركوفسكي، وهذه مجرد انطباعات لا يحاسبني عليها أحد، ومن بين هذه الانطباعات أيضا أنه فيلم مسطح في صوره ولقطاته، عقيم في موضوعه، ممل في سرده، يمكن أن تدور أحداثه أو موضوعه في فنلندا أو آلاسكا ولكن بالتأكيد ليس تركيا المعاصرة. لكن طالما ظل نقاد باريس يأكلون ويشربون على هذه الأفلام كمل فعلوا مع أفلام الأب الروحي لسينما الافتعال أي الإيراني عباس كياروستامي، فسيظل هناك عدد من المعجبين بأفلام التركي سيلان بيلجي المحظوظ الذي يحصل على الجوائز باستمرار خصوصا في مهرجان كان!

بكر الشرقاوي وسعاد سليمان وصلاح هاشم

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger