الجمعة، 31 أكتوبر 2008

مهرجان قرطاج السينمائي 5

مع المخرج قاسم عبد

شئ ما غامض في هذا المهرجان

أستوحي في هذا العنوان اسم فيلم شهير للمخرج الإسباني الراحل لوي بونويل الذي تعلمنا من أفلامه كيف نرى الدنيا بنظرة مختلفة عما هو سائد، نظرة فيها الكثير من السخرية والدعابة والمداعبة أيضا، فأنت تداعب الدنيا لكي تخفف من غلوائها عليك في الكثير من الأحيان.
الشئ الغامض في المهرجان يتمثل في اختفاء الكثير من ضيوفه الذين اعتادوا التردد عليه طوال الدورات الخمس الأخيرة (التي غبت أنا عنها).. هذا طبعا حسبما سمعت من صديق مقرب مني يحضر الدورة الحالية كما حضر إلى قرطاج بانتظام طوال 20 عاما.
السبب لا يمكن أن يكون كما يشيع البعض، أن مهرجان دمشق السينمائي "ملتحم" في مهرجان قرطاج، فسيبدأ يوم 1 نوفمبر أي في نفس يوم اختتام قرطاج!
كثيرون من الذين سيذهبون إلى المهرجان السوري موجودون لكن كثيرين أيضا غائبون خصوصا من الذين اعتادوا ان يلقوا معاملة "خاصة" هنا.
صديق روى لي الكثير عن تلك المعاملة الخاصة وأسرارها وقيام بعض الكهنة بتقديم القرابين وحمل الشموع، لا أعرف لماذا إلا إذا كانت هناك منافع متبادلة سرية لا نعرف عنها شيئا!
أما غياب أنصاف الحاكمين بأمرهم فلا يزال غامضا حتى إشعار آخر، فسوف تتضح كل الحقائق لاحقا.

· الناقد المصري صبحي شفيق الذي كان مفترضا أن يكون هنا ممثلا لجمعية نقاد السينما لم يحضر، وقيل في تبرير ذلك أنه ذهب إلى مهرجان الاسماعيلية (رايح جاي.. حسب تعبير الناقد مصطفى درويش- خارج السجل طبعا!) وهناك نسى صبحي أن هناك مهرجانا آخر في قرطاج يفترض أن يحضر إليه للمشاركة في الاجتماع السنوي للجمعية العمومية لاتحاد النقاد الدولي (الفيبريسي) الذي يستضيفه قرطاج بكرم حقيقي كما يستضيف لجنة تحكيم من الاتحاد. وكان مهرجان الاسماعيلية أيضا قد قرر الالتحام مع قرطاج والاتصال مع أبو ظبي أو ما يسمى بمهرجان الشرق الأوسط الذي تديره مذيعة برامج المنوعات التليفزيونية نشوى الرويني.
·السينما التونسية، أو بالأحرى الأفلام التونسية الثلاثة في المسابقة، خذلت الجميع هنا بقوة، فهناك ضعف واضح في سيناريوهات الأفلام الثلاثة، وبؤس في الصورة وتشتت في الإخراج وفقدان للسيطرة على الموضوع وعلى الممثلين. والأفلام الثلاثة تقليدية تماما، لا توجد فيها أي اكتشافات جديدة من أي نوع، أقصد اكتشافات فنية طبعا. والمشكلة أنها ترتد إلى ما كانت عليه السينما التونسية في الماضي، أي منذ 20 عاما، أي إلى سيطرة اللغة الفرنسية، وفيلمان من الثلاثة هما في الحقيقة من الانتاج الفرنسي. ويستنكر كثيرون هنا أن يكون المخرج مقيما في فرنسا ويصنع فيلما من الانتاج الفرنسي ومكتوبا باللغة الفرنسية ويدور شطر من أحداثه عند "ماما فرنسا"، ويأتي مخرجه ليحصل على دعم مالي من الدولة في تونس!
· السينمائيون الأفارقة كالعادة يشعرون بنوع من الغربة هنا وأنا شخصيا متعاطف معهم كثيرا، فالعرب يبدون كعادتهم أكثر اهتماما بأنفسهم من اهتمامهم بالآخرين. ولاشك أن أحد أهم الأفلام المعروضة في المهرجان الفيلم الاثيوبي "تيزا" لهايلا جيريميا وربما يفوز بجائزة أساسية، يستبعد كثيرون أن تكون التانيت الذهبي.. لا أعرف لماذا.. هل لأنه أفريقي، أو لأن العرف جرى أن يكون الذهب من نصيب العرب، والفضة من نصيب الأفارقة!
· أود تصحيح خطأ فادح ارتكبته هو أن عزت العلايلي ليس رئيس لجنة التحكيم للأفلام الروائية السينمائية الطويلة بل مجرد عضو في لجة يرأسها الكاتب الجزائري محمد مولسهول الذي عرف باسم ياسمينة خضرا أي باسم امرأة كان يستخدمه فترة طويلة ككاتب كنوع من تكريم كل نساء الجزائر كما علمنا.. وهو مصر على استخدامه حتى الآن بشكل رسمي، وللناس فيما يعشقون مذاهب. ياسمينة إذن ليست كاتبة جزائرية بل كاتب، والعلايلي عضو في اللجنة وليس رئيسا لها. ولذا وجب التنويه والاعتذار عن الخطأ.
· خطأ آخر ورد في اسم الفيلم الجزائري الذي اطلق عليه مخرجه مسخرة كما على شريط الفيلم نفسه بينما ذكرت كل المطبوعات أن اسمه مسخرات، وبالفرنسية ماسكاراد Mascarade.. ولا نفهم السبب في كل هذا التناقضات.. وكنت أظن أنه يقصد لابسي الأقنعة أو المشاركين في حفل تنكري لكن اتضح أنه يقصد مسخرة (أو جمع مسخرة!) ووضعها باللغة العربية على شريطه فلماذا يتم توزيع اسم آخر لا علاقة له باسم الفيلم بالعربية.. ولاعجب إذا عرفنا أن اسم الصديق المخرج العراقي قاسم عبد كتب في برنامج المهرجان بالعربية المترجمة عن الفرنسية "كسيم عبيد"!

الخميس، 30 أكتوبر 2008

يوميات مهرجان قرطاج السينمائي 4

محمد بكري مع المخرجين العراقيين محمد توفيق وقاسم عبد


* كل النقاد والصحفيين والسينمائيين يختلفون عادة حول الأفلام، أيها أفضل وأيها أسوا، ولكل رأيه الخاص فيما يتعلق بتنظيم المهرجان ومستوى المسابقة ومصداقية لجان التحكيم، غير أن الجميع يتفقون على أن الميزة الأساسية للمهرجانات السينمائية العربية أنها تجمع الناس، وتقرب بين السينمائيين والنقاد، وتعيد تجديد الصداقات القديمة، وقد تساهم في تصفية "العداوات" القديمة أيضا.
كان الشاعر العراقي السيريالي عبد القادر الجنابي يصدر مجلة جريئة في باريس في أوائل التسعينيات بعنوان "الرغبة الإباحية" أو النقطة الممنوعة، كانت مجلة جادة تماما بالمناسبة وليست من نوع مجلات الاثارة الرخيصة. وكان يتخذ لها شعارا يبدو أيضا سيرياليا لكنه يعكس "موقفا" تشاؤميا قليلا من الحياة وإن لم يكن بعيدا تماما عن الواقع. وكان الشعار يقول ببساطة وبحسم "نحن لا نريد أصدقاء، فلدينا من الأعداء ما يكفي"!
أستخدم أنا هذا القول أحيانا في سياق التعبير عن المرارة بسبب الصدمات واللطمات الكثيرة التي تعرضت لها صداقات كانت فيما مضى تبشر ببعض الأمل في ظروف عالم مختلف. لكن الصداقات القديمة الحقيقية بين البشر الأسوياء الذين لا تربطهم مصالح مؤقتة أو منافع عابرة، تبقى عادة وتقوى وتتواصل رغم الغياب والبعد.
ورغم أنني لم ألتق بالصديق العزيز القديم (ربع قرن من الصداقة) المخرج العراقي قاسم عبد منذ 7 سنوات إلا أنه في الذهن والخاطر، وعندما التقينا مجددا في تونس حيث يشارك فيلمه التسجيلي الطويل "الحياة بعد السقوط" في مسابقة أفلام الفيديو، بدا أن الحوار بيننا كان متصلا، وكنا ببساطة نكمل ما بدأناه من حوارات وتبادل آراء منذ أن بدأت علاقتنا في لندن عام 1984.
قاسم يقضي معظم وقته حاليا في العراق حيث أسس مدرسة لتعليم السينما والتليفزيون، وهو مشروع طموح وإن كنت أشفق عليه كثيرا من "خطورة" التجربة. وقد فقد شقيقا وتعرضت أسرته لأزمات عديدة إلا أنه صامد ويواصل مهمته ببسالة حقيقية. وفيلمه يروي قصة معاناة أسرته فيما بعد سقوط نظام كان ينظر إليه على أنه أس البلاء وسبب الاضطهاد والمعاناة، فماذا جلب النظام التالي الذي خلفه!
* تجولت مع قاسم والمخرج العراقي الصديق محمد توفيق الذي يقيم في كوبنهاجن منذ سنوات طويلة في الشتات مثلنا، وقابلنا في طريقنا الممثل الفلسطيني الكبير محمد بكري بشحمه ولحمه وسط جموع الناس في شارع الحبيب بورقيبة. شئ جميل بالمناسبة، أن يحافظ النظام التونسي الحالي، الذي جاء بعد نوع من الانقلاب على بورقيبة، على اسمه مرفوعا على أهم شارع في العاصمة التونسية أو "شانزليزيه" تونس.
* سألت المخرج التونسي رضا الباهي عن سبب غيابه عن الساحة فقال إنه أخرج 12 فيلما كل منها 26 دقيقة عن الشخصيات السينمائية العربية، وإنه بصدد الاستعداد لتصوير فيلم سينمائي جديد بطولة عمر الشريف.
* راودتني فكرة تأسيس معهد للسينما في جزيرة مالطا وأنا في تونس، على أن يستقبل المعهد طلابا من بلدان المغرب العربي الثلاثة ومن دول أخرى إذا أمكن مثل "الجماهيرية- بعد التغيير".. ولكن رغم براءة الفكرة واعتمادها على فكرة الحرية وإدخال أفلام العالم بعيدا عن سيوف الرقابة وسيوف قطع الرقاب وتأديب العباد، إلا أنها بدت لي مثل الذي قرر أن يذهب لكي يؤذن في مالطة!

الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

يوميات مهرجان قرطاج السينمائي 3

يسري نصر الله
المخرج رشيد مشهراوي في المهرجان

* السينما التونسية في أزمة لاريب في ذلك. الفيلمان اللذن عرضا في المسابقة الرسمية حتى الآن متواضعا المستوى لدرجة كبيرة. ما الذي جرى لكي تصبح الأفلام التونسية ضعيفة وخاوية بهذا الشكل (دون الدخول في تفاصيل نقدية علمية لأن لكل مقام مقال). كان يجلس بجواري وأنا أشاهد فيلم "شطر محبة" للمخرجة كلثوم بورناز المخرج التونسي المخضرم محمود بن محمود الذي صنع عددا من أفضل الأفلام التونسية مثل "عبور" و"شيشخان". وقد أخذ طيلة الوقت يتنهد بألم وتحسر بل ويصيح أحيانا صيحات استنكار ولم يتمكن من اخفاء رفضه للفيلم وضعفه وتهافت مستواه الفني. كان محمود يشاهد الفيلم بعين مخرج، لكنه مخرج يعرف أيضا الواقع التونسي الذي تدور فيه الأحداث، على العكس مني، فقد كنت حريصا كالعادة، على اخفاء المشاعر والانفعالات السلبية تجاه الفيلم لأن المسألة بالنسبة لي ليست "تصحيح" الفيلم بل التأمل في تفاصيله ثم التعامل معه نقديا إذا استطعت أو إذا وجدت مدخلا يضيف جديدا في تناول الموضوع. أما إذا كانت الكتابة لمجرد أن يثبت المرء أنه شاهد هذا وذاك من الأفلام، فليس له محل في قاموسي الشخصي. وأحيانا يصبح تجاهل الكتابة عن عمل ما موقفا مقصودا مرادفا للتجاهل السلبي بالطبع، وهو ما يمكن أن يكون أكثر إيلاما لدى المخرج الحساس من النقد السلبي التفصيلي.
* في مهرجان قرطاج تحدث أشياء غريبة بمقاييس المهرجانات الدولية التي أحضرها، وقد حضرت منها هذا العام 4 مهرجانات هذا العام. إلا أنها ليست غريبة أو لم تعد كذلك في عرف المهرجانات العربية أو التي تقام في العالم العربي (الذي يعيش بلاشك أزهى عصوره لكننا لانريد الاعتراف بهذا لأغراض "شخصية" شريرة بالطبع!).
أنت مثلا يمكن أن تتوجه هنا كما حدث بالفعل، في الموعد المحدد تماما لمشاهدة فيلم ما حسب البرنامج لكنك تفاجأ بأن عرض الفيلم بدأ بالفعل قبل موعد عرضه الأصلي، وأن القاعة ممتلئة عن آخرها. وقد تذهب لمشاهدة فيلم آخر كما حدث معي اليوم، قبل الموعد بنصف ساعة كاملة حتى تضمن مقعدا وسط الجمهور الغفير الذي يتجمع أمام دار السينما بحماس شديد لمشاهدة كل الأفلام، بما فيها الأفلام الوثائقية التي تناول موضوعات غريبة وهو أمر يجعلك أحيانا تتساءل: هل هذا الاقبال اختبار حقيقي لشعبية هذا النوع من الأفلام؟ أم أنه زحام المحتفلين بالعيد.. عيد السينما الذي يحل كل سنتين في تونس، أي أنه مجرد تعبير عن الحرمان، وأن هذه الأفلام نفسها في حالة توزيعها لن تجد جمهورا يدفع ثمن استيرادها وتكاليف عرضها!
أعود إلى لب الموضوع وهو ذهابك قبل نصف ساعة من العرض وانتظارك طويلا طويلا، لكي تفاجأ بأنه لا يمكنك الدخول حتى قبل عشر دقائق من الموعد ولا قبل خمس دقائق، ويحل موعد عرض الفيلم دون أن يسمح لك بالدخول لأن هناك جمهورا مازال داخل السينما.. إلى أن تضج من الزحام والتدافع والحرارة والعرق والتصاق الأجساد والثرثرة وعمال السينما والمهرجان كله والذين أتوا بك إلى هنا، فتحاول أن تشق طريقك بصعوبة وسط الكتلة البشرية لكي تهرب إلى حيث الهواء النقي وتتنفس الحرية.. بعيدا عن أي فيلم، فرأيي أن "الكفاح والنضال" من أجل مشاهدة فيلم، أي فيلم، أصبح أمرا منتهيا، فلا يوجد ما يستوجب التوتر والصداع والارهاق الجسماني، وإلا لأصبح الاستمتاع بالفن والجمال والإبداع والفكر مرادفا للأشغال الشاقة مثلا والعياذ بالله.. أليس كذلك؟
* الممثل الفلسطيني محمد بكري بطل فيلم "عيد ميلاد ليلى" لرشيد مشهراوي وصل إلى تونس لحضور عرض فيلمه في المهرجان.
* يسري نصر الله غائب عن المهرجان، وآخر ما سمعته أنه يستعد لاخراج فيلم عن سيناريو لوحيد حامد.. وضع مائة علامة تعجب أمام هذا الخبر وبدون تعليق.
* أخبرني ابراهيم البطوط اليوم أن الأخ علي أبو شادي المسؤول عن جهاز الرقابة على السينما والفنون والفكر في مصر (وهذا هو الإسم الصحيح للجهاز كما ينبغي أن يكون) توصل أخيرا وبعد الكثير من الإحراج، إلى تسوية نهائية بشأن فيلم "عين شمس" وقرر معاملته كفيلم مصري.. ما الذي حدث بالضبط لكي تغير الرقابة رأيها؟ ربما رفض المغرب اعتبار الفيلم منتجا مصريا!
* صورة لا تنسى ولا يمكن أن تنسى بل ولا يجب أن تنسى: لفتت نظري ونظر الناقد الليبي رمضان سليم والمخرج المصري ابراهيم البطوط، ولابد أنها لفتت نظر كل الناس، فالمقصود أن تلفت أنظار كل الناس على وجه التحديد. هي صورة "الزعيم" موضوعة في أعلى منصة عرض الأفلام والمنصة المسرحية في قاعة المسرح البلدي في تونس حيث نشاهد بعض العروض وحيث تم الافتتاح. الصورة موضوعة في مكان واضح تماما يفرض نفسه عليك، والأكثر إثارة ومتعة للعين والنظر أن العبقري، مدير المسرح، أمر بتسليط إضاءة خاصة عليها مصدرها مصباحان من أعلى اليمين الخلفي واليسار الخلفي، وهما مصدران مخفيان يصعب رصدهما، فهي تبدو وقد أضيئت بقبس من النور، تشد أنظار الجميع وهم يتابعون أي عرض، سينمائيا كان أم مسرحيا، وتجعل الزعيم يبدو رسولا وأميرا للمؤمنين.. إذا آمنوا بالطبع!

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2008

يوميات مهرجان قرطاج السينمائي 2


خميس الخياطي

اليوم الثالث في المهرجان الاثنين 27 اكتوبر. ذهبنا إلى قصر ثقافة ابن خلدون الذي يعد المقر الصحفي الرسمي للمهرجان، وهو وضع لم يتغير منذ 1980 أي منذ أن وعيت على هذا المهرجان وبدأت أتردد عليه. وهناك تجري المناقشات حول الأفلام المعروضة. كانت هناك عند وصولي وأصدقائي مناقشة للفيلم اللبناني "دخان بلا نار" لسمير حبشي في حضور المخرج وخالد النبوي وممثلة لبنانية لا أتذكر اسمها.
لا أفهم كيف يستمر قصر الثقافة بامكانياته الفقيرة المحدودة وجفافه وسلالمه العالية وقاعته الضيقة التي يرن فيها الصوت ويتردد صداه، يستضيف مناقشات الأفلام، في حين أن لدى المهرجان قاعات فخمة وفسيحة ومناسبة أفضل بكل تأكيد سواء في فندق افريقيا أو فندق الانترناشيونال. لقد كنت أحضر المناقشات في قصر ابن خلدون في الثمانينيات عندما كان الجو العام يسيطر عليه النشطاء الطلابيون أصحاب الخطاب السياسي المباشر الذين يرجمون الأفلام بالحجارة، أو يحولونها إلى نماذج لتطبيق نظرية الثورة من عدمه!
وقد انقضت هذه الأيام، وآن الأوان في رأيي أن يتغير مهرجان قرطاج قليلا ويعدل في اتجاهاته وبنيانه نفسه. لازلت مثلا لا أفهم كيف يترك أعضاء لجان التحكيم المختلفة يتصارعون مع الصحفيين وضيوف المهرجان وجمهوره على "اقتحام" قاعات العرض التي تعرض أفلام المسابقات. وفي كل مرة نسمع كلة "كومبليه" ولماذا لا تخصص قاعة للصحفيين والنقاد، ولماذا لا يشاهد أعضاء لجان التحكيم الأفلام في عروض خاصة بهم بعيدا عن الجمهور!
لقد شاهدت عزت العلايلي يشق طريقه بصعوبة من أعضاء لجنته لكي يتمكن الجميع من الدخول بصعوبة بالغة وبعد تدخل درة أبو شوشة مديرة المهرجان، إلى قاعة المونديال لمشاهدة الفيلم الجزائري "مسخرة".
أول من التقيت داخل قصر الثقافة كان صديقي الناقد التونسي الكبير خميس الخياطي الذي لم أره منذ سنوات. وقد حكي لي خميس كيف أنه كان يدير المكتب الصحفي في دورات سابقة وكيف تم استبعاده هذا العام بدون أي سبب. لكنه سعيد بما يصدره من كتب جيدة تثير الكثير من القضايا والنقاش.
جذبني خميس من يدي إلى ركن مهمل تماما من أركان القصر لكي يريني كيف أن المسؤولين أهملوا تماما عشرات اللوحات التشكيلية لفنانين تونسيين مرموقين. هذه اللوحات من مقتنيات الدولة لكنها أصبحت مركونة في الركن المهمل يعلوها التراب وفي حالة بالغة السوء!
التقيت الناقد التونسي الهادي خليل واشتريت كتابه المهم "من مدونة السينما التونسية: رؤى وتحاليل" الصادر حديثا في اكثر من 400 صفحة وفي طباعة أنيقة.
* أصدقاؤنا أعضاء لجنة تحكيم الاتحاد الدولي للنقاد (الفيبريسي) أو الأعضاء الذين يشاركون في حضور الجمعية العمومية للاتحاد يبدون في غاية الحركة والنشاط. لكني لم ألتق حتى الآن بالناقد صبحي شفيق رئيس جمعية نقاد السينما المصريين الذي يفترض أنه يحضر الجمعية العمومية. لا أعرف ماذا جرى لصبحي؟ لكني التقيت أكثر من مرة بالمخرج السينمائي التسجيلي محمود سامي عطا الله، وتمنيت أن يتمكن من الحركة في وسط المدينة الذي يعج الزحام والحركة في حين أن سامي أصبح في سن لا يسمح، وفي حالة مرضية لا تيسر له السير في الشوارع وتسلق السلالم.
* عرفني المخرج المصري ابراهيم البطوط على الناقدة السينمائية من مونتنجرو مايا بوجونيتش وهي شخصية تتمتع باللباقة والفهم والثقافة العالية لما يحدث في العالم. تحدثنا عن فيلم "حلم كاليفورنيا" المعروض في المهرجان في قسم بانوراما العالم، وهو فيلم رائع في سخريته السوداء، وفي لغته وأسلوبه وطاقة الخيال الكامنة فيه. وقد توفي مخرجه ومصوره قبل الانتهاء تماما من تصويره لكنه استكمل بشكل ما وظلت نهايته مفتوحة. وتحدثنا أيضا عن الفيبريسي وما يجري فيه، وضحكنا عندما تذكرنا كيف أن كلاوس ايدير الأمين العام للفيبريسي استقال قبل 8 سنوات ثم أخذ يمدد وجوده بشكل مؤقت إلى أن اصبحت الحكاية أقرب إلى النكتة. مايا علقت قائلة: إن كلاوس مستمر في استقالته طول الوقت لكنه لا يختفي بل موجود ويمارس سلطاته.
* في المساء تبادلت حديثا وديا مع مدير مهرجان روتردام العربي خالد شوكات في بهو الفندق مع عدد من أصدقائه منهم المخرج سعد الوسلاتي مخرج الفيلم الوثائقي "ذاكرة امرأة" الذي سأشاهده اليوم.، وقد عاد لتوه من مهرجان سان فرنسيسكو.
خالد يبدو مهتما كثيرا بالقسم العربي في بي بي سي وما يجري فيه من تحديث بعد انطلاق الخدمة التليفزيونية. الصحفي المصري اشرف البيومي شعلة نشاط كالعادة. موجود في كل مكان، ويلتقي بأناس كثيرين.
* مرة أخرى التقي عزت العلايلي واقول له انني نشرت ما دار بيننا من حديث قصير دون أن انشر انتقاداته الشديدة للمسؤولين عن الثقافة والسينما في مصر وبألفاظ حادة. قال بدهشة: ولماذا لم تنشر.. إنشرها ولايهمك. قلت له إنه عظيم كما كان دائما.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger